2020العدد 183ملف ثقافي

وطنيات محمد عبدالوهاب

يمتد تراث” محمد عبدالوهاب ” من الأغنيات الوطنية إلى ستة عقودٍ من العقد الثالث ابتداءً من 1933م حتى العقد الثامن من القرن العشرين أي  قرابة (ستين) سنةً متواصلة منها (تسع وأربعين ) أغنيةً غنّاها بصوته، إلى جانب (سبع )أغنياتٍ غنّاها لدول عربية ،كما لحّن قرابة (عشرين ) أغنيةً لغيره من المطربين ويكون مجموع ما لحّن من أغنيات وطنية قرابة ( 167 )، وهو عدد لم يقترب من أي ملحن آخر في مجال الأغنية الوطنية.

وبدأ هذا المبحث بسرد أسماء الأغنيات التي غنّاها بنفسه مع اسم مؤلفها وسنة تلحينها:

الثلاثينات :

1933م  حب الوطن “أمين عزت الهجين”- 1935م)تحية العلم _أيّها الخفّاق) “أحمد رامي” – 1936م أيّها النيل ” بشاره الخوري”

الأربعينيات:

1941م (نشيد الجهاد _هتف الداعي) – 1942م الكرنك “أحمد فتحي”– 1943م دمشق “أحمد شوقي” – 1943م مين زيك عندي يا خضرة “عبد المنصف محمود” – 1944م اجري يا نيل “حسين السيد” – 1945م الآم الخلف “أحمد شوقي” – 1948 م فلسطين “على محمود طه”– 1948 م مصر نادتنا “محمود حسن إسماعيل”.

الخمسينيات:

1952م نشيد الحرية “كامل الشناوي” – 1953م نشيد الوادي (عاشت مصر حره والسودان) “مأمون الشناوي” – 1945 م تسلم يا غالى “عبدالمنعم السباعي” – 1954م دعاء الشرق “محمود حسن إسماعيل” – 1954م الروابي الخضر “أحمد خميس” – 1954م يا مصر تم الهنا “عبدالمنعم السباعي” – 1954م النهر الخالد “محمود حسن إسماعيل” – 1954م يا نسمه الحرية ” أحمد شفيق كامل” – 1954م أقبل السعد “مصطفى عبدالرحمن” – 1955م أنده على الأحرار “عبدالمنعم السباعي” – 1955 م نشيد القسم “محمود عبدالحي” – 1955م الصبر والإيمان “حسين السيد”_ 1956 م يا بلادي “حسين السيد” – 1956م تحت القنابل” أحمد شفيق كامل”– 1956 م اليوم فتحت عني “حسين السيد”– 1956م السعد جالك “عبدالمنعم السباعي” – 1956م  قولوا لمصر تغني معايا “أحمد شفيق كامل”– 1957 م النور والحرية “أحمد شفيق كامل”– 1958م أغنية عربية (كان وهمًا) “كامل الشناوي ” – 1958م بطل الثورة “حسين السيد” – 1960م صوت الجماهير “حسين السيد”.

الستينيات:

1960م الله تالتنا “حسين السيد ” _1960م ساعة الجد “حسين السيد” – 1961م نشيد ناصر “حسين السيد” – 1961م الجيل الصاعد “حسين السيد” – 1962م دقت ساعة العمل “حسين السيد” – 1965م والله وعرفنا الحب “حسين السيد” – 1966م نشيد أرض النور “حسين السيد” – 1967م الغد الكبير “لأخويين رحباني” – 1967 م حي على الفلاح “منصور رحباني ومحمد عبدالوهاب” – 1968م حرية أرضينا “صالح جودت” – 1969م أرض الشهيد “عبدالمنعم الرفاعي”– 1969  م أيّها الساري “عبدالمنعم الرفاعي” – 1969 م طريق واحد، أصبح عندي الآن “نزار قباني”.

أغنيات خاصة:

ومن ضمن أغنياته الخاصة للبلاد العربية والشخصيات العربية الكبيرة غنى “محمد عبدالوهاب “الأغنيات  التالية:

1945م- الملك فاروق “صالح جودت”، وبدايتها المعروفة هل السلام في مواعيدك زاهر وجميل؟ – 1947م لفاروق أيضًا نظم “صالح جودت” الشباب ومطلعها قالوا لي ِإيه الشباب- 1947 م التاجين (يا رفيع التاج) من آل سعود “صالح جودت” – 1962م  كل أرض عربية أغنية خاصة لليبيا “عزيز أباظة” – 1969 م عرش وشعب بمناسبة العيد الأربعين لملك المغرب الحسن نظمها الشاعر المغربي “محمد الطنجاوي ” وغنتها في الحفلة المرة الأولى المطربة المغربية “نعيمة الجعيدي” _1985م الخمسون لملك الأردن الحسين في ميلاده الخمسين نظمها “عبدالمنعم الرفاعي” وغنتها “ياسمين الخيام”.

وطنيات محمد عبدالوهاب بصوت غيره:

وقد لحن” محمد عبدالوهاب “قرابة عشرين أغنيةً وطنية لكبار المطربين والمطربين الشباب:

غنت له نجاة

1964م  مع نصر الأمة العربية يا كويت نظم “أحمد شفيق كامل”

1965م  ولد العم يا جمال نظم” أحمد شفيق كامل”

1966م  صرخة الأحرار نظم “جمال حماد “

1960م  شاركت في غناء الوطن الأكبر نظم “أحمد شفيق كامل “

1961م  شاركت في غناء نشيد الجيل الصاعد “حسين السيد”

1963 م شاركت في غناء نشيد صوت الجماهير “حسين السيد”

عبدالحليم حافظ غنى الأغنيات التالية:

1956م  الله يا بلادنا الله نظم “أنور عبد الله”

1961م  ملحمة ذكريات نظم “أحمد شفيق كامل”

1963م  يا حبايب بالسلامة نظم “حسين السيد”

1958م  غني يا قلبي وقول مبروك (للوحدة مع سوريا) نظم “أحمد شفيق كامل”

كما شارك في غناء الأناشيد القومية التالية كمطرب أساسي: (الوطن الأكبر – الجيل الصاعد – صوت الجماهير).

وغنّت له” أم كلثوم” أغنيتين كبيرتين .تغييرات من أهم ما لحّن لها محمد عبدالوهاب: أصبح عندي الآن بندقية (طريق واحد) نظم “نزار قباني” سنة 1969م، وأغنية على باب مصر نظم “كامل الشناوي” بمناسبة بناء السد العالي سنة 1964م وغنّت له وردة إحنا الشعب كما غنّت له “فايدة كامل” يا سادات.

وقد لحن محمد عبدالوهاب للمطربين الشباب مجموعة من الأغنيات الوطنية نال منها “محمد ثروت” حصة الأسد: مصريّتنا حماها الله “محمد عبدالوهاب” ،عاشت بلادنا “محمد عبدالوهاب” ، عينيا السهرانين “إبراهيم موسي” والنشيد الجماعي الأرض الطيبة(صوت بلادي) بالاشتراك مع “محمد الحلو، توفيق فريد ، إيمان الطوخي ، سوزان عطية وزينب يونس”. من نظم “حسين السيد”.

الأناشيد الوطنية الجماعية:

ومن بين أهم أعماله الوطنية والتي تعتبر أهم الأعمال الوطنية الموسيقية والغنائية العربية قاطبةً، لحّن “محمد عبدالوهاب” خمسة أناشيدٍ بقالبٍ جديدٍ على تاريخ تطور الغناء العربي وهى الأناشيد التي يشارك فيها عدد من كبار المطربين والمطربات . وكان أول هذه الأناشيد بمناسبة جلاء القوات البريطانية عن قناة السويس وعن مصر سنة 1956 م نشيد قولوا لمصر نظمه “أحمد شفيق كامل” وشارك “محمد عبدالوهاب” الغناء فيه المطربون” محمد عبدالمطلب ، سعد عبدالوهاب ، عبدالغني السيد وعبدالعزيز محمود” ويلاحظ عدم إشراك أصوات نسائية فيه . وفي سنة 1960 م، ومن نظم “أحمد شفيق كامل” يتحفنا “محمد عبدالوهاب” بنشيد قومي عبقري ( الوطن الأكبر ) الذي أصبح عنوانًا للوحدة العربية والنشيد شبه الرسمي للجامعة العربية وقد غنى هذا النشيد :”عبدالحليم حافظ ، فايدة كامل ، وردة ،ونجاة “سنة 1961م  يظهر النشيد القومي الثاني من نظم “حسين السيد ” ( الجيل الصاعد) شارك في الغناء مع الملحن “محمد عبدالوهاب” كل من: “عبدالحليم حافظ ، وردة ، نجاة ، فايزة أحمد وشادية” سنة 1963 م يظهر ثالث هذه الأناشيد العظيمة التاريخية (صوت الجماهير) وشارك في الغناء مع “محمد عبدالوهاب” إلى هذا النوع من الأناشيد إلى سنة 1980 م بنشيد الأرض الطيبة (صوت بلادي ) بتركيبة موسيقية فريدة من نوعها يتلاقى فيها النشيد بعناصره الفنية الكلاسيكية، فالقسم الأول من النشيد وينشده الكورال يتلاقى مع الطابع المغرق في الشعبية و المحلية من ناحية الإيقاع( المقسوم) والمقام (البياتي) فيحدث بذلك تلاقي بشكل تصادمي بين الحضارتين الموسيقيتين الغربية والعربية، ويشارك في غناء هذا النشيد” محمد ثروت ، محمد الحلو، وتوفيق فريد” مع “إيمان الطوخي ، سوزان عطية، وزينب يونس” وأخر أغنية وطنية جماعية كانت (الإنسان والفن ) ،وشارك في غنائها “وردة وياسمين الخيام “مع” محمد قنديل وهاني شاكر”.

الشعراء في وطنيات “محمد عبدالوهاب”.

يتقاسم وطنيات” محمد عبدالوهاب” أكثر من عشرين شاعرًا معظمهم مصريين، وقد تقاسم الشعراء هذه الأغاني كالتالي:

 1-أمين عزت الهجي:( حب الوطن). 2- أحمد رامي : تحية العلم(أيها الخفاق). 3- بشارة الخوري(الأخطل الصغير): (أيّها النيل). 4- مأمون الشناوي: (نشيد الجهاد ، نشيد الوادي ،عاشت مصر حره والسودان ،و زود جيش أوطانك). 5- أحمد فتحي :(الكرنك) 6- أحمد شوقي : (إلام الخلف ، دمشق). 7- عبد المنصف محمود:( مين زيك عندي يا حضرة). 8- حسين السيد: (اجري يا نيل ، الصبر والإيمان ، يا بلادي، اليوم فتحت عينيا، حرية ، بطل الثورة ، يا إلهي ، الوطن الأكبر ، صوت بلادي ، الجيل الصاعد ، صوت الجماهير ، الإنسان والفن يا ،حبايبنا بالسلامة ،وعرفنا الحب ، أرض النور (كل أخ عربي). 9- على محمود طه: (فلسطين). 10- محمود حسن إسماعيل: (مصر نادتنا ، دعاء الشر، النهر الخالد). 11- أحمد خميس (الروابي الخضر، يا ليالي الشرق). 12- عبدالمنعم السباعي : (يا مصر تم الهنا ، السعد مالك، يا مصر زيك). 13-أحمد شفيق كامل: “نشيد الوطن الأكبر ، يا نسمة الحرية ، ذكريات، والعم جمال ،مع نصر الأمة العربية يا كويت). 14- مصطفي عبدالرحمن:) أقبل السعد). 15- محمود عبدالحي: (نشيد القسم). 16- نزار قباني: (أصبح عندي الآن بندقية). 17- كامل الشناوي: ( أغنية عربية(الوحدة مع سوريا) ، على باب مصر (بناء السد العالي) ، كل أرض عربية (الكويت) ). 18- الأخوان رحباني: (الغد الكبير). 19- منصور رحباني مع محمد عبدالوهاب : (حي على الفلاح). 20- عزيز أباظة: (عهد اليسر لليبيا). 21- عبدالمنعم الرفاعي : (الخمسون للملك حسين ،أرض الشهيد ، أيها الساري ). 22- محمد الطنجاوي : (عرش وشعب لملك المغرب). 23-  صالح جودت : (حرية أراضينا ، الملك (هل السلام في مواعيدك؟ لفاروق) ، الشباب(قالوا إيه الشباب) لفاروق ،التاجين (لمصر والسعودية) ). 24- أنور عبدالله: ( يا بلادنا ، 25- جمال حماد:( صرخة الأحرار).

تصنيف الوطنيات حسب الموضوع والشكل:

  1. الوطنية التقليدية وقد جاءت طبعًا في الفترة التي كان يتسم بها أسلوب “محمد عبدالوهاب” التلحيني بالطابع التقليدي وفترة الانتقال للمرحلة التطويرية الكبيرة التالية له، أول هذه الأغنيات هي (حب الوطن فرض على ) من مقام البياتي. وفى خضم المرحلة التطويرية الكبيرة في أواخر الثلاثينيات (الصبا والجمال ، قيس وليلي) ، وبداية الأربعينات (الجندول، الكرنك ، دمشق ، كيلوبترا) يفاجئنا هذا الملحن المدهش بأغنية تقليدية مغرقة بالأسلوب القديم التقليدي في التلحين أسلوب العشرينات وكأنه يودع بأغنيته هذه (مين زيك عندي يا خضرة)، أسلوبه التقليدي القديم إلى الأبد. والمقصود هنا بالخضرة طبعًا علم مصر القديم الأخضر قبل ثورة يوليو.
  2. الأناشيد وهي كثيرة في تراث وطنيات “محمد عبدالوهاب” اختار هنا أهمها وأشهرها :أيها الخفاق (نشيد العلم 1935 م) وضع فيه “محمد عبدالوهاب” عصارة أسلوبه التطوري المتأثر بشكل خلاق بالموسيقي الكلاسيكية الغربية _خاصةً الغنائية الأوبرالية منها وبالذات بأسلوب فردي (ملك الأوبرا الإيطالية) التي كانت أعماله تقدم باستمرار في دار الأوبرا المصرية القديمة ( 1869 م- 1971 م)، فكان “محمد عبدالوهاب” مطّلع عليها بشكل متواصل،  ومن الأناشيد الكبيرة التي لحّنت قبل الثورة متنبئة بها: (نشيد الحرية)، وقد مُنعت إذاعته في إذاعة القاهرة حتى ظهر “على الأشير “بعد قيام ثورة يوليو، وهو مليء بالتجديد والتوزيع المبهر بواسطة الآلات النحاسية نذكر هنا نشيد الجهاد (هتف الراعي ونادى للجهاد)، ويستعمل فيه الملحن طريقة مبتكرة لأول مرة في الغناء العربي في أداء كورال الرجال: فيقسم الكورال لجزأين : جزء يغني المذهب(قلبي يمني لساني روحي فدى أوطاني) على الطبقات العليا ،أما الجزء الثاني: فيغني اللحن على الطبقات السفلى، فيأتي هذا التوزيع مع لحن المذهب الرائع؛  ليزيده مهابة تضيف هنا نشيد( يا بلادي) المليء بالتوتر والشحن العاطفي والوطني -خاصةً في جملة المذهب(مصر يا فخر الأوطان اسمك على كل لسان) وطريقة استعمال الكورال في صرخات يا بلادي يا بلادي هذا الى جانب التوزيع والإيقاع المتوثب ما يزيد النشيد شحنات تحريضية رائعة.( نشيد ناصر) يحتوي على عنصر جديدا ابتكره هذا المجدد الدائم وهو استعمال طريقة الهتافات في تلحين كلمة ناصر والرد عليها : (كلنا بنحبك ، و حنفضل جنبك).
  3. الوطنيات الرومانسية يبرز من هذه النوعية عاملان : فلسطين الأقرب إلى الأسلوب الرثائي ؛ لفقدان أرض عزيزة وغالية والأغنية الثانية جاءت في نفس السنة 1948 م (مصر نادتنا )، وكأنها جاءت ردًا على كارثة فقدان فلسطين الأغنية مشبعة بالرومانسية وتذكر بالموازي لها في الموسيقي الأوروبية الوطنيات الرومانسية “لشوبان”.
  4. الوطنيات الجماعية نوع جديد يبتدعه المبدع الأكبر “محمد عبدالوهاب”: الغناء الذي يشارك فيه عدة مطربين من المشاهير مع مشاركة كورال وأوركسترا كبير. بدأ هذا النوع بنشيد (قولوا لمصر تغني معايا بعيد تحريرها). المشاركون في الغناء مذكورون في مكان آخر من هذه الدراسة، أما طريقة تلحين النشيد فهو مكون من مذهب قوي ينشده الكورال وتأتي المقاطع مقسمة على لحنين مختلفين كلام كل مقطع يعني على كلا اللحنين. وتتوالى هذه النوعية من الأناشيد لتصل إلى ذروة نضجها الفني والوطني في : (الوطن الأكبر ، صوت الجماهير ،و الجيل الصاعد)، فيشارك في غنائها أهم الأصوات على الساحة الفنية : “عبدالحليم حافظ ، صباح ، وردة ، نجاة ، فايزة أحمد، وشادية”، ويتابع “محمد عبدالوهاب” هذه النوعية من الأناشيد الجماعية مع مطربين شباب فيشتركوا في غناء نشيد الأرض الطيبة (صوت بلادي) وأسماء المشاركين في الغناء مذكورون في مكان آخر من المبحث.
  5. الوطنيات القصائد تشارك القصائد في تكوين الكثير من نوعيات وطنيات محمد عبدالوهاب،  تظهر قصيدة دمشق سنة 1943 م، وهي قصيدة نظمها شوقي سنة 1926 م، وذلك بعدما دك الأسطول الفرنسي مدن سوريا ونشبت ثورة التحرير فيها، ولحّنها “محمد عبدالوهاب” سنة 1943 م عندما هاجم الأسطول الفرنسي مجددًا سوريا بمدافعه، وتعتبر هذه القصيدة من أهم القصائد التي لحّنها “محمد عبدالوهاب “، ودمج فيها عنصر جديد في التلحين العربي وهو العنصر الخطابي عند بيت دم الثوار تعرفه فرنسا وتعلم أنه نور وحق، فعند حرف ت تعلم والنون في (إنّه) والنون في (نور) يعيد الملحن المغني هذه الحروف على حرف موسيقي واحد وكأنه خطيب يضرب بقبضته المنبر الذي أمامه، ومن القصائد الكبيرة “لشوقي” لحّن” محمد عبدالوهاب” إلام الخلف إليها الشاعر في أثناء خلافات ظهرت بين مصر والسودان ، موجه القصيدة للملك فؤاد الأول وهذا واضح في بيت:

أبا الفاروق أدركها جراحًا        أبت الأعلى يدك التئامًا

فحولها الملحن إلى فيا فاروق من القصائد الوطنية الرائعة، يجب ذكر طريق واحد (أصبح عندي بندقية وتحمل عناصر مختلفة في بوتقةٍ واحدةٍ: عنصر النشيد الموجود بوضوحٍ في التوزيع خاصةً في الآلات النحاسية المستعمل فيه العنصر الدرامي في اللحن والإيقاع المصاحب للمقاطع الأوركسترالية؛ لتقوية روح العزيمة والمضي قدمًا .

  • الوطنيات الملحمية تتركز هذه الوطنيات في ثلاث أغنيات: (دعاء الشرق ، أغنية عربية ،وعلى باب ) ، ففي دعاء الشرق يتركز العنصر الملحمي في المقاطع الأوركسترالية المكتوبة في غاية العمق الدرامي وفى رد الكورال الهادئ في بداية القصيدة والتي يتردد عدة مرات في خلال الأغنية مشكلًا كباري مرحلية يقوم عليها بناء القصيدة ،أما الغناء الفردي فيقوم بدور الراوي. أغنية عربية تعتبر من أعظم ما لحّن “محمد عبد الوهاب، فإلى جانب اللحن الثرى جدًا جاء الكورال والتوزيع ليزيدا الجرعة الدرامية إلى أقصى حد ليصل إلى ذروته . في المجمل عرف الشعب طريقة توحد شعب بلاده وتأتي قصيدة على باب مصر في نفس هذا الاتجاه الملحمي في البناء الموسيقي ، فيقوم التوزيع الأوركسترالي الكبير وغناء الكورال الحازم بالوصف الملحمي ويقوم الغناء الفردي بالسرد التاريخي.
  • الوطنيات ذوات الطابع الشعبي: وبرز في هذا النوع بطل الثورة وهي وبشكل واضح ترجمة موسيقية لهتافات مظاهرات شعبية .وتلعب اللوازم الأوركسترالية المصاحبة للغناء الفردي دور الداعم والمقوي لهذا العنصر الشعبي في أغنية دقت ساعة العمل يستعمل الملحن الكورال لأداء الهتافات الشعبية في المظاهرات في جملة والأحرار هم الشعب والثوار هم الشعب.
  • الوطنيات الوصفية ثلاث روائع تأتي في هذا التصنيف : (الكرنك ،الروابي الخضر والنهر الخالد)، الكرنك موضوعها تاريخي يصل الماضي بالحاضر مرورًا ب(حلم لاح العين الساهر مرورًا بجند الغالب وآمون وصوت الراهب)، ووصل الإلهام اللحني السامي في هذه الأغنية إلى ذروته وإلى ذروة و عبقرية “محمد عبدالوهاب” الموسيقية الفنية تلحينًا وغناءً فنسمع مقاطع أوركسترالية سمفونية بكل معني الكلمة بالرغم من ضعف الأوركسترا المتمثل بعدد العازفين القليل لكن ذلك لا يؤثر إطلاقًا على الطابع الدرامي العميق الذي يكتنف الأغنية من أولها إلى آخرها، بل يأتي هذا لإظهار عبقرية محمد عبدالوهاب اللحنية التي كانت سابقة لمستوى التنفيذ الأوركسترالي بالرغم من عبقرية العازفين المشاركين في تنفيذ العمل، ويُتحفنا “محمد عبدالوهاب “_ في نفس السنة_ (1954 م) بتحفتين :(النهر الخالد والروابي الخضر) بعد الكرنك باثني عشرة سنةً ، فتأتيان مليئتين بالألحان الثرية والبناء الموسيقي الشامخ. فيأتي الّلحن في النهر الخالد مقدمة موسيقية مذهلة يلعب فيه انشلو و لأول مره في الموسيقى العربية دورًا  في بداية المقدمة بشكلِ مرسلٍ ثم يأتي الكمان في القسم الموقع ليلعب لحن المقدمة نفسه، المقطع الأول يبدأ بعزف منفرد والقانون الثاني يبدأ بعزف منفرد على العود، ويفاجئنا الملحن بالمقطع الأخير الذي لا يحتوي على أيه لوازم موسيقية، فكله مغنى من أوله لآخره. وتمتاز الروابي الخضر بجملها العريضة الواسعة سعة النيل خاصةُ في مقدمة الأغنية ولا ينسي الملحن في رحلته هذه في أرض مصر وعند جملة فأفاقت مصر شطآنًا وعشبًا ونخيلًا أن يستعمل جملة يا نخلتين في العلالي الفولكلورية.

خلاصة :

أما بعد فهذه كما ذكرنا في العنوان دراسة تصنيف لوطنيات” محمد عبدالوهاب ” دون الدخول في بعض التفاصيل إلا في القسم الأخير، وأرجو أن تتاح لي الفرصة بتناول الموضوع بكل تفاصيله انطلاقًا من اعتقادي الراسخ بأن شهرة “محمد عبدالوهاب” كمطرب قد طغت على قيمته الفنية الكبيرة كملحّن ومجدد عبقري ، هذه القيمة التي ما زالت تنتظر الباحثين والمنظرين الموسيقيين العرب لنفض التراب عنها وجعلها القاعدة لتطور الموسيقي العربية المنتظر.

اظهر المزيد

سليم سحاب

قائد اوركسترا وناقد وباحث ومؤرخ موسيقي - لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى