شكلت زيارة الرئيس الصيني في النصف الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي للمملكة العربية السعودية وعقدُه ثلاث قمم مع قادة الخليج والدول العربية_ مؤشرًا مهمًّا على إصرار الفاعلين في الخليج والعالم العربي على صناعة مسار سياسي جديد في العلاقات الدولية، وترسيخ التوجهات الجديدة التي برزت ملامحها منذ بداية الحرب الأوكرانية، والتفاعلات التي جرت على هامشها، والتي كان من أهمها زيارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، ومحاولته الضغط على دول الخليج لتغيير سياساتها الطاقوية بما يتناسب ومصالح الدول الغربية، بالإضافة إلى فعاليات سياسية عربية وإقليمية.
وقد طرحت التطورات التي شهدتها المنطقة السؤال حول ما إذا كانت المنطقة العربية تمرّ بتغيرات بارزة في أنماط التعاون والصراع مع اللاعبين الإقليميين والدوليين، وما إذا كانت الأطراف العربية تختبر خيارات جديدة في علاقاتها الخارجية، بعد أن استقر الفاعلون في المنطقة لعقود طويلة في العلاقة مع تكتلات جيوسياسية محدّدة، وضمن تراتبيات وشروط غالبًا ما حدّدها اللاعب الخارجي؟.
السياق والدلالات:
فرضت التغيرات الجارية في السياسة الدولية والصراع الجيوسياسي على الدول العربية- وخاصة التي تقع في مركز الاهتمام الدولي، أن تطوّر وتعدّل توجهات سياستها الخارجية على وقع ديناميات البيئة العالمية المتحوّلة على ضوء التغيرات التي يشهدها النظام الدولي، وخاصة بعد حرب أوكرانيا، وحالة ” اللايقين” التي يعيشها النظام الدولي في فترة طالما جرى وصفها بـ”الانتقالية” من عالم القطبية الأمريكية إلى نظام مفتوح، ووفقًا لتوقعات “إيان ريمر” رئيس شركة أوراسيا غروب: “أن الجغرافيا السياسية في المستقبل لن تستند إلى نظام عالمي واحد، بل على أنظمة متعددة ومتعايشة، في ظل وجود جهات فاعلة مختلفة تقوم بدور القائد لإدارة مختلف أنواع التحديات”.
وفي ظل هذا السياق العالمي والإقليمي المتغير، تتطور الشراكة بين الصين وروسيا ودول عربية عديدة، في وقت يبدو فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت العمل على فك ارتباطها بالمنطقة، ما يعنيه ذلك من احتمال إخراج المنطقة من دائرة الفعالية الدولية والتأثير على مكانتها الإستراتيجية في ظل توجه الإدارات الأمريكية إلى اعتبارها منطقة هامشية، وما يستتبع ذلك من مخاطر أمنية محتملة، الأمر الذي يدفع صانع القرار العربي إلى البحث عن خيارات بديلة، وبذلك يبدو هذا المسار الجديد بمثابة خيار إستراتيجي يرمي إلى تعديل وضع الدول العربية عبر إعادة تأطير اتجاهات العرب الدولية وتقليص آثار التحولات الأمريكية (الأمنية، والسياسية). ولكن من زاوية أخرى، فإن هذا التطور يأتي على خلفية متغيرات السياسة الخارجية لعدد من الدول العربية بهدف التكيف مع الظروف المتغيرة- وخاصة مع تعزيز أدوار ومكانة روسيا والصين في المنطقة، والتعاطي مع التوازنات الجديدة بوصفها شبكات أمان في عالم يتغيّر بسرعة.
ويُعد توازن القوى إحدى الإستراتيجيات القديمة في التفاعلات الدولية وتشكيل التحالفات، إذ طالما عمدت القوى الصغيرة والمتوسطة إلى إقامة علاقات مع فاعلين كبار لتقوية أوراقها التفاوضية وتحسين مواقعها، غير أن هذا الاتجاه كان يتعزز بشكلٍ أكبر عند أي تحوّل في هيكلية النظام الدولي، وتحوله من نظام أحادي إلى نظام ثنائي أو ثلاثي القوّة، وهو ما بدأت ملامحه في الظهور في هذه اللحظة الدولية، التي يعبر عنها صعود الصين بوضوح، وخاصة في ظل اتجاه المركز الجيواقتصادي للتجارة أكثر صوب الشرق.
ويلعب تغير المعادلة الجيوسياسية لما بعد الربيع العربي دورًا مهمًّا في تشكيل التوجهات العربية الجديدة في السياسة الخارجية، إذ شهدت تلك المرحلة انهيار أنظمة عربية عديدة، وخروج دول عربية مثل (العراق، وسوريا، وليبيا) من المعادلة الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى صعود أدوار الفاعلين من غير الدول ونتج عن ذلك زيادة الاختراق الإقليمي للأمن القومي العربي وتحوّل اللاعبين الإقليميين إلى فواعل سياسية في المنظومة العربية، الأمر الذي استلزم ضرورة البحث عن مقاربات جديدة للخروج من هذا الواقع الخطير.
إعادة هيكلة السياسات الخارجية:
تعكس تحركات السياسة الخارجية العربية في السنتين الأخيرتين الحسابات المتغيرة للدول العربية، وقد دشّنت بعض الدول العربية العقد الثالث من هذه الألفية بالانفتاح على الخصوم والمنافسين (إيران، وتركيا) ضمن نهج جديد يقوم على بناء الجسور مع المحيط، وخفض التصعيد وانتهاج سياسة “صفر مشاكل” مع الجيران والأطراف الإقليمية، وذلك لتجنب أي مواجهات جديدة في المنطقة.
وتشكل الحرب في أوكرانيا نقطة تحوّل مختلفة لتوازن القوى مع زيادة إدراك الأهمية العالمية للجهات الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وثمة إستراتيجية عربية واضحة للاستفادة من هذه التحولات في النظام الدولي، حيث تشير البنية المتغيرة للسياسة العالمية إلى أن القوّة ستوزّع بين أكبر عدد من الجهات الفاعلة التي تأتي معظمها من خارج المجتمع الغربي، وهو ما يشكل حافزًا لبعض الدول العربية، التي تملك أوراق قوة، مواصلة صعودها بوصفها قوى إقليمية مع زيادة انتشارها عالميًّا، وذلك في إطار عملية إعادة تنظيم أوسع للنظام الدولي.
وقد دفع هذا المتغير العديد من الدول العربية، إلى إعادة هيكلة سياساتها الخارجية، سواء على مستوى قضايا السياسة الخارجية وأهدافها، أو على مستوى العلاقات مع الفاعلين الدوليين، وقد تراكمت عدة متغيرات كانت تدفع باتجاه إعادة هيكلة السياسات وتبني توجهات سياسية جديدة تقوم على عدة أسس:
أولًا: المصلحة الوطنية، إذ شرعت الأطراف العربية- وعلى رأسها دول الخليج- بإعادة تعريف مصالحها والتموضع على رقعة الشطرنج الدولية؛ لخدمة أمنها ومصالحها الإستراتيجية في ظل التحولات والدينامية الدولية الجديدة، وخاصة في ظل ازدياد وزن هذه الدول في منظومة العلاقات الدولية، بالنظر لأهميتها في سوق الطاقة الدولي.
من هنا كان البعد المصلحي أساسيًّا في صنع التوجهات السياسية، صحيح أن هذا العامل كان على الدوام مؤثرًا في السياسات الخارجية عمومًا، لكن غالبًا ما كان يجري إخضاعه لحسابات معينة ويراعي التوازنات الدولية، وبالتالي كانت بعض الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية تعطي الأهمية الأكبر للعلاقات التحالفية والجوانب الأمنية، بيد أنه في إطار التوجهات الجديدة أصبح بعد المصلحة الوطنية هو الأساس، بدليل السياسات النفطية التي تبنتها دول الخليج رغم اعتراض الحليف الأمريكي بذريعة اقترابها من المصالح الروسية.
ثانيًا: اتباع سياسة الحياد، نجحت الدول العربية -إلى حدٍ كبير- في تطبيق إستراتيجية التوازنات، وتجلَّى ذلك بوضوح في أزمتين عالميتين متزامنتين” أوكرانيا وتايوان” إذ كانت ثمة ترجيحات تذهب باحتمال ربط الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية مواقفها بالموقف الأمريكي، وأن هذه الدول تميل دائمًا نحو السياسة الأمريكية، بيد أن الدول العربية – وخاصة دول الخليج- تخلت عن تحفظها التقليدي المُعتاد وأعلنت موقفها بصراحة، وهو ما اعتبره بعض المراقبين جديدًا ولافتًا في السياسات الخليجية، ومؤشرًا عمليًّا إلى ما أعلنته دول الخليج مرارًا من أن سياساتها الخارجية تبحث بالأساس عن التنمية والأمن.
لا شك أن نهج الموازنة الذي تتبعه القوى الفاعلة في الشرق الأوسط يُتيح لها هامشًا أكبر من التحرّك لتجنب الانخراط في تنافس القوى العظمى على حساب مصالحها الوطنية، فضلًا عن ذلك، تتعزز نظرة في المنطقة بأن الصراع بين القوى الكبرى يُشكل فرصة لها لإيجاد وضع استثنائي خاص بها في العالم الجديد على قاعدة التوازن في السياسات الخارجية
ثالثًا: المصالح الاقتصادية، تحتل المصالح الاقتصادية درجة عالية من الأهمية في التوجهات العربية الجديدة، وذلك من خلال التركيز على المصالح الاقتصادية والتنموية، بخاصة مع ارتفاع أسعار النفط والغاز، والذي يضمن للدول العربية المصدرة عائدات مالية تمكن من تنفيذ مشاريع ورؤى اقتصادية مخطط لها؛ لذا فالقاعدة العامة التي باتت تحكم السياسة العربية هي إقامة وتطوير علاقات تشاركية مع مختلف الدول، وتشكّل الظروف الدولية الراهنة فرصة لتعمق التكامل الاقتصادي بين المنطقة والكتل الاقتصادية الدولية على كافة الأصعدة وليس في ملف الطاقة فقط.
وتظهر المدخلات الاقتصادية حجم تطور العلاقة بين (الصين، والدول العربية)، إذ أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للكثير من الدول العربية، وخاصة بعد جائحة كورونا، فعلى سبيل المثال: بلغ حجم التبادل التجاري بين (الصين، ودول الخليج) حوالي 162 مليار دولار في عام 2020، كما تبدو الخطط الصينية بالتقارب مع دول الخليج حثيثة؛ إذ إن الصين كقوة اقتصادية عالمية بحاجة إلى الاستمرار في تأمين مصادر الطاقة، ودول الخليج تلبي هذه الحاجة الصينية، حيث تمثل نسبة تلبية الخليج لحاجيات الطاقة الصينية حوالي 40 بالمئة.
كذلك تشكل مبادرة الحزام والطريق لدول الخليج فرصة سانحة للاستثمار الاقتصادي، وهو ما سيكون له أثر في إثراء التنمية الاقتصادية الخليجية، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة والبنى التحتية والاستثمار الداخلي، وتعد دول الخليج محورًا مهمًّا لنجاح مبادرة الحزام والطريق، لكونها على مسار هذه المبادرة، حيث إن موانئ الخليج ستكون محطات رئيسة للسفن التجارية الصينية المتجهة إلى مختلف دول العالم.
رابعًا: سياسات تحوّطية، فرضت التغيرات في البيئة الدولية، إتباع الدول العربية سياسات تحوّطية، بهدف حماية نفسها ضد التهديدات والتغير المتواصل في ميزان القوى العالمي، من خلال بناء علاقات مع القوى الدولية المؤثرة، وتهدف السياسات التحوطية إلى استثمار العلاقة مع الأطراف الدولية الأخرى كدعم إضافي سياسي واقتصادي، وكوسيلة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لتعديل سياساتها، وخاصة بعد أن أصبح التنافس بين القوى العظمى دينامية مهمة على المسرح العالمي وتشكل النظام العالمي.
خامسًا: ترتيب الأولويات، انبنت التوجهات العربية الجديدة على قاعدة إعادة ترتيب الأولويات وفقًا للمصالح العربية، مع مراعاة الأسس والمبادئ الخاصة بالأمن والاستقرار في العالم، وفي مقدمتها عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول، وترى الدول العربية أن أولويتها الحالية، تكمن باستثمار الظرف العالمي لتحقيق المصالح الاقتصادية والتنموية أولًا، مع قناعتها بأن المؤشرات تدل على تراجع المخاطر الإقليمية- على الأقل في المرحلة الحالية- نتيجة إما استغراق هذه الأطراف بانشغالات داخلية وأزمات دولية كـ(حالة إيران) أو تبنيها توجهات جديدة تقوم على تهدئة اللعب مع الأطراف الأخرى مثل: تركيا التي تتوجه إلى تصحيح علاقاتها بالمحيط الخارجي، وخاصة الدول العربية.
ما يمنح الأطراف العربية- وخاصة الخليجية- إدراكها مدى الحاجة الدولية لها في هذه المرحلة، وكذلك قناعتها بأن هذه الأطراف تدرك أن الدول العربية تشكل مفاتيح مهمة للسياسات الدولية في منطقة واسعة من الشرق الأوسط وإفريقيا، وخاصة بعد النجاحات التي حققتها الكثير من الدول العربية في الانتشار في إفريقيا والمحيط الهندي، وتنويع مسارات تحركها الإقليمي.
هل تتبلور هذه التوجهات في إستراتيجية موحدة؟.
السؤال المطروح الآن ما إذا كانت هذه التوجهات سيُجرى بلورتها في إطار إستراتيجية موحدةّ، وخاصة وأن هذه التوجهات تبدو من الناحية الشكلية منسقّة بين أطرافها وتقوم على أسس صلبة، والأهم في هذا السياق، أنها توجهات ستؤدي تفاعلاتها إلى إحداث تأثير في السياسات الدولية والمناخ الدولي الراهن في ظل الاستقطاعات الحاصلة وإعادة صياغة التحالفات بناء على التطورات الدولية الراهنة، بما يعني أن التوجهات العربية سيترتب عليها تكاليف وأثمان معينة.
شهدت المنطقة العربية- على مدى الشهور الماضية- انعقاد اجتماعات دولية وإقليمية عديدة، تركز اهتمامها على مناقشة توجهات الإقليم العربي ودول الجوار إزاء القضايا الدولية، وقد أوحت هذه الاجتماعات بوجود توجه نحو تكوين شبكات/ تحالفات إقليمية، سواء لأهداف أمنية أو اقتصادية، وقد تلازم تتابع الاجتماعات مع تصاعد البيئة التنافسية الإقليمية، الأمر الذي أثار السؤال حول فرصة تحقيق تكامل نسق إقليمي. وقد عبّرت اجتماعات الرياض -على خلفية لقاءات الرئيسين (الأمريكي، والصيني)، وقمة أبو ظبي التشاورية في 18 يناير/ كانون الثاني، التي جمعت قادة دول (الإمارات، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان، ومصر، والأردن) عن هذا التوجه، في حين أثار إطار مؤتمري (بغداد للشراكة، والشام الجديد) المفاضلة ما بين الاستجابة للانضواء في تحالفات دولية أو التوجه إلى تطوير إطار إقليمي.
لقد أسست تطورات المرحلة الماضية مناخًا مناسبًا لبلورة أنماط جديدة من التعاون الإقليمي، وخاصة في الإطار العربي، ما يعطي التوجهات الجديدة للسياسات العربية إمكانية تحوّلها إلى سياسات راسخة في إطار إستراتيجية موحدة، وخاصة بعد تحوّلها إلى عناوين سياسة عربية مقبولة، أو اضطرار الفاعلين الآخرين للتفاعل معها وقبولها نظرًا لاستنادها إلى أوراق قوّة تتمثل بوزن العرب في سوق الطاقة الدولية والموقع الإستراتيجي الحاكم.
لكن تفرض السياسة الواقعية ومسألة مراعاة التوازنات التي قام عليها النظام الإقليمي العربي، والرغبة في عدم تفكيك المعادلات، وخاصة الأمنية منها، لما سيكون له تأثير على الاستقرار في المنطقة_ على صناع القرار صياغة نمط من الاستجابات بشكلٍ دقيق، بحيث لا تظهر هذه التوجهات وكأنها انقلاب على المعادلات القديمة بشكلٍ نهائي، وخاصة وأن التشبيك في العلاقات بين الجزء الأكبر من العالم العربي والولايات المتحدة الأمريكية ينتشر على مساحة واسعة من المستويات الاقتصادية والأمنية وحتى السياسية، الأمر الذي يتطلب إدارة متوازنة للعلاقات بين الطرفين.
وبِناءً على هذه المعطيات، يُرجح أن تستفيد الأطراف العربية تفاوضيًّا، في حال توظيف توجهاتها الجديدة، الأمر الذي يمنحها وزنًا أكبر في معادلة العلاقات الدولية، ويُكسِبها مرونة في صناعة التوازنات التي تروم إليها، وهذا الاتجاه هو الغالب، أي ممارسة التوجهات كواقع سياسي وكترجمة للمتغيرات الناشئة في البيئة الدولية، وما يدعم هذا الاتجاه أن التوافق بين الفاعلين العرب ما زال مقتصرًا على قضايا محددة، بالإضافة إلى وجود تضارب أحيانًا داخل الإطار العربي فيما يخص التفاصيل، وقد أثبتت القمة العربية الأخيرة في الجزائر هذه الحقيقة وخاصة فيما يتعلق بملف عودة سوريا للجامعة العربية.
الخلاصة:
ترتب على التوجهات السياسية الصاعدة لدى الدول العربية، الذهاب باتجاه تطوير شبكة علاقات دولية تعود نتائجها بالنفع على أمن الدول العربية القومي ومصالحها الداخلية والخارجية، والأهم بما يدعم خططها التنموية في التحول من النفط إلى الرقمنة، ويعد هذا التحوّل تطورًا إيجابيًّا في سياق المتغيرات التي تشهدها البيئة الدولية، حيث يدرك صانع القرار العربي أن العالم يتغير، وأن القوّة أصبحت أكثر توزيعًا وانتشارًا، وهذا يمنح فرصة للمفاضلة بين الفرص التي تتيحها هذه الأوضاع في ظل طلب واسع على العلاقة مع القوى العربية من قبل الفاعلين الدوليين الكبار.
وعلى مدار العامين الماضين، قامت العديد من الأطراف العربية بإعادة صياغة توجهاتها السياسية والتكيّف مع معطيات اللحظة الدولية الراهنة، ويمكن القول أنه جرى في معظم البلدان العربية تأسيس بنية تحتية لإنجاح التوجهات الجديدة وتقوية مفاعيلها، على المستويين (الإقليمي، والدولي)، الأمر الذي منح الدول العربية قدرة تفاوضية بدت ثمارها بالظهور من خلال سعي اللاعبين الدوليين الكبار إلى تعزيز العلاقات مع العالم العربي وتقديم عروض إيجابية.
العامل الإيجابي في هذه التطورات، والذي يشكّل قيمة إضافية للمزايا الإستراتيجية العربية العديدة_ إدراك صانع القرار العربي أهمية ما يملكه من أوراق قوّة ورغبته في توظيفها في اللعبة الجيوسياسية العالمية.