2018العدد 174ملف عربي

هل يستطيع الوطن العربي استنهاض مصادر قوته ؟ التمسك بالعروبة كمثال

هل هناك حاجة ملحة للحديث عن “العروبة”. في الواقع أنه “عند لحظات التحدي الكبرى، عندما يقف الوطن العربي أمام الأسئلة المصيرية والجوهرية، قد يكون مطلوبًا العودة للبديهيات، حيث المربع رقم واحد، لأن الحقائق القديمة تظل دائمًا وأبدًا قادرة على إثارة الدهشة ([1]). والحقيقة الأولى تبدأ بمحاولة البحث عن الجوهر القومي الذي تستند إليه أمة العرب”.

إن منطقتنا العربية تضم الكثير من مصادر القوة. فبجانب موقعها الاستراتيجي الاستثنائي، وامتلاكها لأهم مخزون لمصادر الطاقة في العالم، فضلاً عن مواردها المادية الطبيعية والبشرية، بالإضافة إلى رصيدها المعنوي باعتبارها مهد الديانات السماوية الثلاث، إضافة إلى رابطة ولاء قومي واحد وهي رابطة العروبة،  الناجمة عن شعور شعوب هذه المنطقة بالانتساب والانتماء إلى كيان جماعي واحد وهو الأمة العربية.

“فالوطن العربي رقعة جغرافية واسعة ازدهرت فيها حضارات تاريخية عديدة متعاقبة والسؤال المطروح هو كيف أمكن اختراق هذا العالم العربي بيسر وسهولة في مسلسل الهزائم والتحديات الوجودية والاجتماعية، فانكشف الغطاء عن عالم عربي يتفتت ويبحث بائسًا عن جذوره وهويته وعن طريقه ومستقبله” ([2]).

والمخططات التي وضعت لمحاربة الانتماء العروبي خلال القرن العشرين كله، مازالت مستمرة حتى الآن، وانتقلت من التنظير إلى التطبيق الذي لا يحتاج لجهد كبير لتبيانه، من ذلك ما كتبه فؤاد عجمي في مقاله الشهير “نهاية العروبة”  (The End of Pan-Arabism) والمنشور في “Foreign Affairs” (عدد شتاء 1978–1979) والتي تضمنت قوله “إن ثمة فكرة سيطرت على الوعي السياسي للعرب المعاصرين تقترب الآن من نهايتها، إذا لم تكن قد أصبحت بالفعل من ضمن مخلفات الماضي، تلك أسطورة العروبة، وأن شمولية العروبة مستقاة إلى حد كبير بين شمولية الإمبراطورية العثمانية، التي ظلت الدول العربية جزءًا منها على امتداد أربعة قرون، وقد آن الأوان للعرب أن يشيعوا جنازة العروبة”.

وبدوره ألم يقل مناحم بيجين في مذكراته “التمرد”: “حتى ولو أقمنا معاهدة سلام مع دولة عربية أو أكثر فإن هذا لا ينهي رسالتنا الأساسية ألا وهي إنهاء حضارة العرب وإقامة حضارة اليهود” ([3]).

وعسى أن نستفيق لحجم الكارثة القومية الناجمة عن “سفر الخروج” عن مسار العروبة والتزاماتها، ومتسائلين هل يستطيع العرب استنهاض انتمائهم القومي العروبي؟ وهل استنفذت العروبة معظم رصيدها الشعبي، أم ما زال من الممكن تنشيط وإثارة الوعي بها؟ وفي تناولنا  لهذه الجوانب وغيرها سنبحث في النقاط التالية:

أولاً: في دلالة مفهوم العروبة

العروبة في أبسط تعريف لها، “هي الشعور بالانتماء إلى كيان جماعي واحد هو الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وهي التي تبلورت تاريخيًا على مدى الأربعة عشر قرنًا الأخيرة بفعل الإسلام كدين وحضارة، وبفعل تدخل اللغة العربية كأداة خطاب وتواصل، وبفعل الجوار الجغرافي، والتفاعل الاجتماعي، كموحدات للضمير والمصالح، وبفعل التحديات الخارجية التي خلقت وحدة الهموم والمصير” ([4]).

“والعربي لا تكتمل عروبته إلا إذا كانت اللغة العربية وعاء فكره وثقافته، وكانت العروبة محط انتمائه الوطني والقومي وأن اللغة العربية والثقافة والانتماء القومي لهي منارات القومية العربية” ([5]).

وعقيدة العروبة على هذا النحو هي انتماء وحركة، لأن العقيدة إذا وقفت عند حد الإيمان بها، فإنها لا تنتقل إلى مرحلة العمل السياسي الذي يؤدي إلى السعي الحثيث إلى تحويل العقيدة الفكرية إلى عمل سياسي ملموس ([6]).

وبمعنى آخر يمكن أن تتحقق العروبة دون أن تكون هناك فكرة قومية عربية فالأول يعبر عن وجود اجتماعي وحضاري قائم على حقيقة ثابتة وهي الأمة العربية، وقد وجدت تاريخًا ولم تكن هناك قومية عربية والتي ظهرت متأخرة كحركة سياسية تهدف إلى تأكيد الوجود القومي العربي والسعي لاستكمال عناصره السياسية والاقتصادية ([7]).

فالعروبة تعكس تماثلًا ثقافيًا ولغويًا وتاريخيًا وروابط عاطفية بين المتحدثين بالعربية. فهي حالة ثقافية. أما القومية فهي العروبة مضافًا إليها عامل الرغبة القومية في التوحد السياسي وهي بهذه المثابة وظيفة سياسية. وبعد انفصال الوحدة المصرية السورية (1958–1969)، ثم هزيمة يونيو 1967، ثم نكبة احتلال العراق للكويت، تراجعت أحلام الوحدة العربية والقومية العربية، وبقيت العروبة بكل ما تحمل من معانٍ ومقاصد، وظلت – في تقدير البعض – كامنة في وجدان كل عربي ([8]).

والعروبة تشكل – على هذا النحو- رصيدًا معنويًا غير عادي، يتمثل في ارتباط شعوب المنطقة العربية بعلاقة انتساب وولاء قوميين نابعين من وحدة اللغة والتاريخ والمشاعر والمصير المشترك.

والصفة القومية للنظام الإقليمي العربي، هي سمة تميزه عن النظم الإقليمية الأخرى، فهو يتمتع بدرجة عالية من التماسك الثقافي واللغوي والاجتماعي، وهي سمات لا تمنع وجود سمات وطنية خاصة في كل دولة عربية، وهي سمات – إذا حسن توظيفها – تعمل على إثراء الانتماء القومي والوطني معًا. والانتماء المشترك يرتب التزامات ونتائج سياسية على المنتمين إليه، وتجعل التفاعل بين أجزاء هذا النظام الإقليمي له “قيمة رمزية” خاصة، ومن المفترض أنها تفرز قواعد للسلوك والالتزام السياسيين العربيين، وفي مقدمتها مبدأ الشرعية القومية للعمل المشترك ([9]).

وإذا كانت السمة الرئيسية للنظام العربي هي سمته القومية، فإنه مما يلفت النظر أن العقيدة القومية لهذا النظام ليست محل تشكيك، حتى من قبل الذين يشككون في جدواها أو في مضمونها، ولا شك أن هذه العقيدة القومية هي التي هيأت وتهيئ للنظام العربي، جدارًا من المناعة والضمان من تحديات عديدة إذا التزمت الدول العربية بها ([10]).

وقد أريد للعروبة أن تكون حصنًا دفاعيًا جماعيًا عن المصالح الكلية العربية، انطلاقًا من قناعة أصحابها بأن “عروبتهم” جديرة بالمهمة وقادرة على الاضطلاع بأعبائها ([11])، شريطة الوفاء بالتزاماتها.

نخلص مما تقدم عن العروبة، أنها الرابطة التي تربط بين العرب وتشعرهم بوحدة الانتماء إلى أمة واحدة هي الأمة العربية، بغض النظر عن اسم الدولة التي يحملون جنسيتها بصورة رسمية وعن الديانة التي يدينون بها. هذا ما التقى حوله أكثر المفكرين القوميين العرب، وأن العروبة لا تميز بين أبنائها لا في الأصل ولا في الدين ولا في الكون ولا في الجنس، ويركزون كمقومات للعروبة، على اللغة العربية، وعلى الأرض كواقع مادي وعلى إرادة الانتماء كواقع نفسي اجتماعي عند العرب التي، تستلزم بالضرورة وحدة الهدف عندهم ووحدة المصير، وهذا يعني التحالف مع نفس الأصدقاء ومحاربة نفس الأعداء ومجابهة نفس الأخطار، مما يرسخ التكوين النفسي المشترك للعرب ويقوي، بالتالي شعورهم بعروبتهم وبانتمائهم إلى أمتهم العربية ([12]). ولكن ما علاقة اللغة بمفهوم العروبة ؟.

هناك من يرى كساطع الحصري أن اللغة هي الأساس، فهي روح الأمة وحياتها، وهي بمثابة محور القومية وعمودها الفقري. أما التاريخ فهو بمثابة شعور الأمة وذاكرتها، ويضيف أصحاب هذا الرأي إلى ذلك قولهم “إن الأمة التي تنسى تاريخها تكون قد فقدت شعورها وأصبحت في حالة السبات، وإن لم تفقد الحياة… ولكنها إذا ما فقدت لغتها تكون عندئذ قد فقدت الحياة وفي عداد الأموات، فلا يبقى سبيل إلى عودتها إلى الحياة، فضلاً عن استعادتها الوعي والشعور القوميين” ([13]).

ويتبنى جمال الدين الأفغاني نفس الرأي، فهو يرى “أن اللغة هي الوطن وأن إضاعتها تسليم للذات ([14]). وهذه المدرسة ترى أن اللغة العربية ليست مجرد شكل، بل رمز يعبر عن معاني متعددة، والتفريط بها يعبر عن انهزام نفسي، واستلاب حضاري، وعدم ثقة بقدرة الثقافة العربية على مواجهة متطلبات التطور الحضاري.

وهناك من يضع اللغة ضمن ما يسمونه بـ “الموحدات العريضة”. فهذه الموحدات هي أساسًا الإسلام، كدين ونمط حياة، واللغة كأداة تخاطب وكقالب للإدراك والتفكير، والتراث الثقافي والقيمي المشترك، كرابطة مجتمعية ([15]). اللغة الفصحى أو الفصيحة هي لغة الأجداد ولغة التراث على مر الأجيال، وهو رابط يجمع بين العرب في أقطارهم من المحيط إلى الخليج ([16]). وهي – على هذا النحو – تشكل الحصن الحصين وخط الدفاع الأمين عن الأمة العربية.

وقد سعت بريطانيا خلال فترة احتلالها لبعض المناطق العربية، لإضعاف اللغة العربية، بهدف إضعاف مقومات الترابط القوي في العالم العربي والتي لا تتفق بدورها مع المصالح الاستعمارية، فعملت على تشجيع وتقوية اللغة العامية، حتى تفقد اللغة الفصحى قوتها كعنصر توحيد ([17])، وهو ما يذكرنا بموقف مماثل للإمبراطورية العثمانية من اللغة العربية.

وبدوره عبر عباس محمود العقاد عن استهداف الغرب اللغة العربية بقوله: إنها حملة على كل شيء يعنينا وعلى كل تقليد من تقاليدنا الاجتماعية والدينية، وعلى اللسان والفكر والضمير في حزمة واحدة، فزوال اللغة العربية لا يبقي للعربي أو المسلم قوامًا يميزه عن سائر الأقوام ([18]).

غير أن هناك من يرى أنه لا ينبغي عدم المبالغة في تفسير دور العامل اللغوي، فالإرادة السياسية تُفعَّل بأكثر من عامل أو رابطة اجتماعية، وهي التي تقرر في النهاية حدود العلاقة بين هذه العوامل أو الروابط في الكل المجتمعي ([19]).

وفي الواقع فإن أهمية اللغة العربية تبرز في أنها لغة القرآن الكريم الذي أكد ذكرها في أكثر من آية، وأكثر من موضوع، من ذلك: ما جاء في سورة يوسف: ﴿ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ   ﮭ  ﮮ﴾. وما جاء في سورة فصلت: ﴿ ﭘ  ﭙ   ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ     ﭞ﴾.

وهو ما يفسر أحد أهم الأسباب، إن لم يكن أهمها على الإطلاق في كيف حافظ هذا الجانب الروحي على اللغة العربية وحماها من الانقراض، لأنها لغة القرآن الكريم. فاللغة العربية استمرت دون انقطاع لعدة قرون وظلت تقوم بوظائفها في وحدة التفكير وفي المبادئ والمثل، ولذا فإنها أحد المصادر الهامة لقوة الأمة العربية.

نخلص مما تقدم أن النظام الإقليمي العربي يتسم بعدة سمات من بينها:

1- درجة مرتفعة من التجانس اللغوي والثقافي والديني يترتب عليها نمو إحساس قوي بالذاتية الواحدة، والإحساس القوي بالكيان الواحد.

2- قوة الروابط المعنوية بين أعضاء هذا النظام بدرجة تفوق مثيلاتها بين الدول في أي نظام إقليمي آخر.

3- أن التجانس اللغوي والثقافي أسهم في نمو الإحساس بالقرابة ووجود هوية عربية واحدة، ولذا فإن التفاعل بين الدول العربية، لم يكن ينظر إليها عادة على أنها علاقات دولية بالمعنى المتعارف عليه، ولكنها كانت علاقات ذات طبيعة خاصة ([20]).

وإذا كانت هذه المقولات حول العروبة والنظام الإقليمي العربي مقبولة من حيث الصدق التاريخي والاتساق المنطقي، وقوتها الوجدانية لدى الجماهير العربية من الخليج إلى المحيط، فلماذا لم تجد هذه القناعات المبدئية في ممارسات الدول العربية الفعلية صداها على أرض الواقع العربي السياسي؟ وافتقدت معادلها التعاوني والتضامني المأمول فيه وهو ما سنناقشه في البند ثالثًا.

ثانياً: القول بوجود تناقض بين العروبة والإسلام

ترى بعض فصائل الإسلام السياسي، بصورة عامة، أن في الروابط الوطنية والقومية عصبيات تهدد وحدة الأمة التي يدعو إليها الإسلام والتي تجمعها رابطة الدين ([21])، بينما يرى البعض الآخر عكس ذلك بالقول إن الإسلام والعروبة متلازمان تلازم المنشأ والضرورة. وكلاهما يعطي الآخر من أسباب المنعة والقوة ما يعود على الأول بالوفرة والمتعة ([22]).

والقول بتناقض العروبة والإسلام يوضع أحدهما في تباعد عن الآخر، في حين أن التجربة التاريخية والإنسانية تؤكد على أن المحتوى الحضاري للعروبة إسلامي ([23])، ودعاة العروبة لا يرفعون دعوتهم القومية في مواجهة الجامعة الإسلامية، وإنما يرفعونها في وجه الدعوة إلى الإقليمية والانحصار  داخل الكيانات العربية المجزأة، فهي دعوة “تَوحّد” وتجميع تعلو على الإقليمية الضيقة، وليس خصمها الإسلام، بأي معيار من معايير الخصومة.

والإسلام هنا ليس فروضًا دينية فحسب وإنما هو عادات وتقاليد وسلوك، فهو الصيغة المثلى للمجتمع العربي، ولا يمكن فصله عن العروبة. والدعاة القديمون – تاريخيًا – في موقف الدفاع عن العروبة والحضارة العربية وجدوا أنفسهم في مواجهة حملة ضارية تهدف إلى التقليل من شأن الأمة العربية، واتهام العرب – عبر تاريخهم كله – بالعجز والخواء الحضاري. وعندما تتأمل في بواعث هذه الحملة نجد أنها في الحقيقة موجهة للإسلام، تتستر تحت شعار “الهجوم على العروبة” ([24]). والإسلام الذي يضعونه في مواجهة العروبة بدلالتها السياسية هو الإسلام السياسي، وليس الإسلام الوسطي بمضمونه البعيد عن دعاوى الظلامية. ومحاولات بث التناحر بين الفكرة العروبية والفكرة الإسلامية كان الهدف منها افتعال جبهة خارجية للصدام بينها، لإشغال العالمين العربي والإسلامي معًا بمعارك جانبية، بإبراز التطرف باسم الدين تارة والتشدد باسم القومية تارة أخرى، وهو ما شاهدناه مثلاً في أساليب إخراج ظاهرة “داعش” والتنظيمات التكفيرية الأخرى، التي كان هدفها شيطنة صورة العرب والمسلمين معًا.

وقد تكررت محاولات افتعال الصدام والتعارض بين الإسلام والعروبة بقصد إضعافهما معًا. وافتعال النزاع في الشخصية العربية بين أرومتها وتراثها يهدف إلى تجزئة المجتمع العربي إلى شطرين متحاربين، هما القوميون والإسلاميون مما يجعل هذا الصراع يتخذ طابع الانتحار الجماعي، ويهيئ المجتمع العربي لكل أنواع الغزو الخارجي ([25]).

من المفترض أن الانتماء للعروبة يرتب واجبات والتزامات على أبناء الأمة العربية شعوبًا وقادة بمقتضاها يتعاونون ويتناصرون ويتضامنون، باعتبار أن قضاياهم القومية مشتركة، والأخطار التي تهدد بعضهم تمثل تهديدًا للعرب الآخرين، فالمصير واحد ومشترك. وبالتالي يقتضي الأمر أن تتواءم التوجهات السياسية والأمنية، لكل أقطار العروبة، دون أن يعني ذلك التطابق بطبيعة الحال، ولكن تحقيق التنسيق والتضامن والتعاون في المواقف العربية.

وعلينا أن نتذكر أن القضية ليست قضية اختيار لازم بين “العروبة” و”الإسلام” فالأولى حقيقة تاريخية وواقع ثقافي سياسي، الإسلام عقيدة ونظام حياة ومصدر قيم وأخلاق وعلاقات. والعربي المسلم يستطيع، دون أن يقع في التناقض، أن يكون مسلمًا حسن الإسلام، وأن يظل عربي الثقافة واللسان وعربي التوجه السياسي. ومدركًا لخصوصية الرابطة الثقافية التي تربطه بالعرب جميعًا، مسلمين وغير مسلمين.

ولقد أثبت الإسلام أنه قادر على الانفصال عن العروبة والإبقاء على ذاته في آن. فهناك دول إسلامية كثيرة لا ترتبط بالعرب والعروبة. بينما نجد أن العروبة خرجت من أحضان الإسلام، والإسلام هو الذي صنع قوة العرب وليس العكس. ومحاولات محو الطابع العربي هو إضعاف للإسلام، وبالمثل تشكل مخططات إضعاف الثقافة الإسلامية والشعور بالانتماء للإسلام الحضاري تهديدًا حقيقيًا للثقافة العربية وبالتالي إضعاف العروبة والإسلام معًا.

والدعوة للتمسك بالعروبة وتمجيد العرب ليست موقفًا عنصريًا يزعم تفوق “الجنس العربي” على سائر الأجناس، وإلا كان بحق مناقضًا لما حرص الإسلام على تقريره من وحدة “النوع الإنساني” ورفض العنصرية بكل صورها ([26]).

فالفكرة القومية عند العرب كانت دائمًا متصفة بالتسامح الديني والتآلف العرقي، والتآخي المذهبي والتعددية، بينما كانت الفكرة القومية عند الفرس مثلاً مغلفة دائمًا بالعرقية والتي أدخل عليها الشاه الطابع الآري ([27]).

ثالثاً: مسيرة  العروبة بين ماضٍ متلبس وحاضر مأزوم

من المفترض أن الانتماء للعروبة يرتب واجبات والتزامات على أبناء الأمة العربية شعوبًا وقادة بمقتضاها يتعاونون ويتناصرون ويتضامنون، باعتبار أن قضاياهم القومية مشتركة، والأخطار التي تهدد بعضهم تمثل تهديدًا للعرب الآخرين، فالمصير واحد ومشترك.

فالعروبة تعبر في أحد معانيها، عن علاقة كل دولة عربية بالوطن العربي، بمعنى علاقة الجزء بالكل الذي تفرضه عضوية الجغرافيا والتاريخ، والحضارة والهموم والآمال المشتركة، فكلاهما يدعم الآخر ويزيد من قوتهما ومناعتهما.

والمتتبع لمسيرة العروبة يجد أنها كانت مسيرة متعرجة عرفت أوقات الصعود (المحدودة) وأوقات الهبوط (وما أكثرها) ويعود ذلك وإلى حد كبير إلى مواقف منتسبي العروبة وقادتهم، إضافة بطبيعة الحال، إلى التآمر الداخلي والخارجي ضدها.

وخلال فترات الهبوط سقطت بعض حمولات العروبة، فاختفى تقسيم ما كان يعرف بالعرب “المحافظين” والعرب “التقدميين”، والعرب “الممانعين” و”المتعاونين” و”ثوريين” و”رجعيين” ولكن الأهم أن حمولة التبشير بالوحدة العربية التي يتضمنها مفهوم العروبة باعتبارها انتماء وحركة، انحسرت مع تراجع العروبة وتنامي التيار الإسلامي الأصولي، كما اختفت فكرة الدولة القاعدة أو القائدة وحل محلها صور من أشكال القيادة الجماعية، ولكنها لم تدم إلا لفترات انتقالية محدودة. وبهذا التطور ابتعد النظام العربي كجماعة سياسية واقترب من الجماعة الثقافية، أي كميدان لاتساع مشاعر الانتماء القومي الواحد وتواضعت الأهداف السياسية للنظام العربي مرحليًا.

والانتساب للعروبة ليس مجرد رابطة شكلية بل رابطة معنوية، ترتب التزامات على المنتسبين إليها شعوبًا وحكومات، وفي مقدمة هذه الالتزامات الابتعاد عن التصرفات السياسية التي من شأنها الإضرار بالقضايا العربية القومية، كما أن الشعور بالهوية والانتماء للعروبة يفترض على الدول العربية وقادتها مراعاة التضامن في المواقف التي تتطلب ذلك،  ففي الماضي كنا أكثر وعيًا بالتزامات العروبة وحرماتها وبالتالي تم تجاوز الخلافات العارضة في حالة الأزمات الخطيرة التي تتعرض لها الأمة العربية. فعلى سبيل المثال، نجد أنه على الرغم من حالة الجفاء التي كانت سائدة بين القاهرة والرياض بسبب حرب اليمن في الستينات، شارك الملك فيصل إلى جانب الرئيس جمال عبد الناصر، في قمة الخرطوم (أغسطس 1967) التي أعقبت هزيمة يونيو 1967، وأطلقت اللاءات الثلاث الشهيرة لهذه القمة:”لا صلح، ولا تفاوض، ولا اعتراف بإسرائيل قبل الانسحاب من الأراضي المحتلة في الخامس من يونيو 1967، وتقرر تقديم دعم مالي لدول المواجهة العربية.

ويقول التاريخ “القريب”، إن النوايا العربية النخبوية، كانت صادقة في تطلعها للنهضة الشاملة، وفي تعيينها “للعروبة” كمركز لهذه النهضة غير أن بعض الأنظمة العربية المستبدة، استعملتها لتحقيق مآرب ذاتية لقادتها لا علاقة لها بالفكر العروبي المستنير ([28]).

والقول بأن العروبة وتوابعها كانت السبب في المصائب التي حلت بالعرب، يتناسى أن السبب الحقيقي هو وجود بعض أنظمة الحكم التي استبدت وهُزِمَت، وأساءت إساءة بالغة للفكر العربي، واستغلت شعاراته أسوأ استغلال.

والمغالطة الأولى في هذه المقولة كون العروبة هوية أمة وليست صرعة زي نرتديه ونخلعه حسب المزاج، والأنظمة تلك لم تمارس عروبتها وفق منطق ومقتضيات العروبة في أحيان كثيرة، و من ثم فلا تحاسب العروبة على أفعالها في قليل أو كثير ([29]). ولا يتسع المجال لعرض مآل العروبة وما صادفها من أزمات، وسنكتفي ببعض المحطات.

من المعروف أن العروبة برزت كتيار سياسي قوي في الستينات، كانت بذرة العروبة نابعة، بشكل أساسي بالانتماء لأمة عربية واحدة وأخذ هذا الإحساس بالانتماء مظاهر ومسميات كثيرة فمثلا حينما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 تظاهر عمال النفط السعوديون وقام السوريون بتفجير أنابيب البترول التي تمر بأراضيهم، وتوحد الوطن العربي مع مصر في مواجهة العدوان، وكان ذلك ناجمًا عن الشعور الواحد بالانتماء للعروبة والمصير المشترك.

ولكن تيار العروبة أصيب بنكسة بعد انهيار الوحدة المصرية السورية (1961) أثرت على حيويتها جماهيريًا، ثم شهدت المرحلة 1961–1967 منافسة وصدامًا حادًا بين النظام الإقليمي العربي والنظام الشرق أوسطي وكان ميزان القوى بينهما هشًا باستمرار، وانتهى عام 1967 بهزيمة لأكثر الدول العربية دعوة للوحدة العربية (جمهورية مصر العربية)، وأضعفت رؤية التيار الناصري العروبية وعطلت طموحاته، ثم جاءت حرب أكتوبر 1973 لتشكل نهوضًا قوميًا مؤقتًا للنظام العربي. وشكلت هذه الحرب وهج العروبة في أعلى صورها، وأثبتت قدرة العرب على التخطيط والحشد والقتال والتضحية والأداء الدبلوماسي العربي رفيع المستوى، وأعادت صعود التيار القومي مرحليًا وقدمت دليلاً على ما يمكن لإستراتيجية عربية تكاملية أن تحقق على الصعيد العربي، وبالمقابل تمثلت حالة انتهاك محرمات العروبة في أسوأ صورها، في إقدام صدام حسين على احتلال دولة الكويت (أغسطس 1990)، تحت شعار زائف “للعروبة” وأحدث بذلك انقسامًا خطيرًا ليس فقط بين الأنظمة العربية بل تجاوزه إلى فقدان الثقة في مفهوم العروبة نفسه وانحسار مصداقية النظم التي كانت تدعي تمثيلها لقلاع القومية العربية وأثارت علامات الاستفهام حول مفهوم الأمن القومي العربي والذي من المفترض أنه كان يمثل جوهر العروبة وعمودها الأساسي، فأصبح موضع شك عميق، وظهرت نزعة قوية للابتعاد عن نظام الأمن القومي العربي واضطرت دول الخليج إلى اللجوء لعدد من الدول الغربية والولايات المتحدة لسد هذه الثغرة الأمنية. وأدت الخلافات العربية-العربية المتواصلة إلى اختفاء البوصلة الواحدة، بوصلة العروبة، التي حفظت للعرب تماسكهم كأمة، رغم تفرقهم كأنظمة وأقطار.

ولم يتعظ بعض المسؤولين العرب من مآسي الماضي ودروسه، فتكررت مشاهد الخروج عن التزامات العروبة بقيام أطراف عربية بالمشاركة مع قوى وتنظيمات متطرفة في تدمير كيانات عربية، ولعل الحالتين السورية والليبية تمثلان نموذجين لهذه الحالة.

ومن هنا ليس من المبالغة القول إن ما أصاب العرب من مآسٍ وانهيارات وانحسار الفكر القومي، يرجع في جانب كبير منه إلى تآمر العرب على أنفسهم، وما سمحوا به للآخرين بفعله بهم. وأدى ضعف الروابط القومية إلى ترهل النظام العربي وأصبح اختراق مجاله السياسي والقفز فوقه أمرًا معتادًا، بل السعي لتفكيكه وتذويبه داخل أنظمة إقليمية أوسع نطاقًا لا تتسم الإطار الثقافي والقومي والضمير العقيدي كمشروع الشرق الأوسط الكبير وغيره.

ويلاحظ أن بعض الدول العربية تجاوزت التزاماتها العربية حتى في إطار جامعة الدول العربية. فهي بيت العرب الكبير، هي الرمز المؤسسي للنظام الإقليمي العربي، والمنبر القومي له، والعضوية فيها ترتب التزامات واجبة الأداء، ولكن بعض الدول العربية تقاعست عن القيام بها، فعلى مستوى تنفيذ القرارات فإن اتخاذها بالإجماع غالبًا، تعلم بعض الدول العربية أنها لن تنفذها، مما يقوض من مصداقية العمل العربي المشترك، ولم تجد أغلب القرارات التي اتخذت بالإجماع فرصتها في التطبيق.

إن مدى فاعلية جامعة الدول العربية ترتبط بمحصلة مواقف الدول الأعضاء فيها، ولذلك فإن المواقف التي تمثل تخليًا عن التزامات العضوية تشكل مصدرًا لثلاث فجوات رئيسية في بنية النظام الإقليمي العربي، وهي فجوة التراضي، وفجوة الالتزام، وفجوة الفعالية.

“والمقصود بفجوة التراضي هو وجود خلافات عميقة في التوجهات الإستراتيجية والإجرائية بين دول عربية رئيسية نحو عدد من القضايا الجوهرية، الأمر الذي يقود إلى شلل في المؤسسة الرئيسية للنظام العربي: أي الجامعة العربية التي أقيمت على أساس قاعدة الإجماع من حيث الأساس.

وتعرف فجوة الالتزام بأنها هذا المدى الكبير من عزوف الدول العربية الأعضاء في نظام الجامعة عن تنفيذ ما تعهدت به ووافقت عليه من قرارات ومؤتمرات القمة ومجلس الجامعة والاتفاقيات والمواثيق التي عقدت في ظل أو تحت إشراف جامعة الدول العربية.

أما فجوة الفعالية فهي أكثر تعقيدًا في تعريفها، لأن جزءًا هامًا منها ينشأ عن فجوتي التراضي والالتزام. غير أن المقصود بالمصطلح في هذا المقام هو عجز النظام العربي ذاته عن مقابلة المهام والتحديات المطروحة عليه في إطار المستوى الراهن من التعهدات وحتى لو تم تنفيذها بسبب عدم كفاية القوة والجهود الجماعية المتضمنة في هذا المستوى لتحقيق أهداف النظام بنجاح والتغلب على التحديات والعوائق التي تواجهه، وخاصة في ميدان الأمن القومي” ([30]).

ويلاحظ انخفاض مستوى تبادل المصالح العربية في الإدراك الرسمي لأكثرية الدول العربية ويشكل هذا الإدراك تحت تأثير التحديات والسلبية ووصل التوحد مع النظام العربي إلى أدنى مستوى ([31]).

إن معوقات التضامن العربي عديدة، وإعادة التضامن يحتاج لفترة طويلة، لكن ثمة إمكانية لبناء تضامن مؤقت لمواجهة الأخطار المحدقة بكل أجزاء الوطن العربي، بتحريك قيم الانتماء العربي وغيرها من القيم من دائرة الكمون إلى دائرة الفعل، لاسيما على المستوى الشعبي ورصيده لم ينفذ بعد. وفي تقدير بعض الكتاب كمحمد السيد سعيد، أن النظام الإقليمي العربي أصبح منذ فترة في مفترق طرق بين الاضمحلال والنهوض، دون أن يعني ذلك أن هناك فرصًا متساوية أمام النظام بين النهوض والاضمحلال ([32]). ألم يكن المفكر القومي اللبناني منح الصلح محقًا حينما وصف هذا الواقع بأنه هجرة من “العروبة” ([33])، وكان وراء تساؤل وقلق مبرر لرياض نعسان أغا، حينما عنون مقال له بـ “ماذا يبقى لنا إن شطبنا هوية العروبة والإسلام” ؟ ([34]).

ملاحظات ختامية

 لا ندعي أن دراسة واحدة كافية لتغطية هذا الموضوع المتشابك والمتعدد الأبعاد، ولكننا نعتبرها كمدخل أو زيارة جديدة لاكتشاف ما حدث لمفهوم العروبة، ويسمح لنا بعدد من الاستنتاجات الختامية.

1- لم يكن أحد يجرؤ وقت المد القومي العروبي على المساس به وعندما بدأ موسم الهجرة من العروبة تزايدت الهجمات عليها. نتيجة عدم وفاء العرب بالتزاماتها فقد هان العرب على العرب فاستهان بهم الآخرون.

2- ورغم جراح العروبة، وما أصابها من مخططات خارجية لإضعاف مقوماتها، نعتقد أن ما تبقى منها يبدو صامدًا رغم كافة المخططات التي استهدفتها ([35])، ونتاج تيار العروبة تراكمي، وهو وإن كان قد تراجع مرحليًا، فإنه لم يختف كمقوم أساسي في الكيان العربي، ومازال يقاوم. ولا شك أن استعادة قوة الوعي به سيأخذ وقتًا ليس بالقصير. والمهم المثابرة على الهدف والإيمان به والإحساس بالمسئولية القومية.

3- وتظهر التجربة التاريخية أن النهوض بالشعوب يستدعي أول ما يستدعي المراهنة على القوى المعنوية وإشراك جميع الشعوب في المسئولية وفي صياغة مستقبلها. ومازالت العروبة، رغم كل العقبات تتمتع في الوجدان الشعبي برصيد عفوي لم ينفذ بعد، ولا يخضع لقرار أو لمرسوم حكومي يتحكم فيه أو يطوعه حسب الظروف.

4- وأخيراً فإن ثمة ميدانًا سار فيه العمل العربي المشترك في السنوات الأخيرة سيرًا متثاقلاً رغم أهميته، ونعني به العناية بغرس الاتجاهات العربية القومية لدى الناشئة منذ نعومة الأظفار وفي المراحل المختلفة ([36]).

إذ يلاحظ غياب سياسة ثقافية قومية تقوم على ترسيخ قيم الكرامة الذاتية والاعتزاز بالتراث الحضاري العربي المشترك، والتواصل بين الشعوب العربية، بما يعزز الشعور بالعمق التاريخي والإستراتيجي العربيين، ويدعم الشعور بالقدرة على رد التحدي والتحكم بالمصير المشترك ([37]).

ومن هنا تجئ أهمية القرار الذي تبنته القمة العربية الـ 29 بتاريخ 15/4/2018 في الظهران بالتوافق حول قمة عربية ثقافية والتي تأمل في حالة انعقادها أن يتضمن جدول أعمالها بندًا يتعلق بإعادة الاعتبار لمفهوم “العروبة” المستنيرة، وأن تسهم هذه القمة في التمهيد لإخراج أمتنا من حالة “النوم الحضاري” الراهنة وتجديد المشروع النهضوي العربي، وإبراز دور عناصر الثقافة العربية المشتركة في تعزيز التقارب بين الشعوب العربية ([38]).

ولعلنا نتذكر هنا “فضل المشترك الثقافي” على النظام العربي فبعض المفكرين العرب يرون أنه أفضى مباشرة إلى نماذج من التفاعلات الثقافية الكثيفة التي تمثل “بنية ثقافية” للنظام وتارة أخرى يعزز تماسك النظام بما يفضي إليه من تفاعلات اقتصادية كالحركة العمالية العربية العابرة للحدود مثلا ومردها اللغة المشتركة” والتي ساعدت على تعزيز تماسكه السياسي. فالنظام العربي ليس في واقع الأمر سوى حقيقة ثقافية” ([39]).

وفي الختام،  وإجابة على السؤال الذي طرحناه في عنوان هذا المقال وهو “هل يستطيع الوطن العربي استنهاض مصادر قوته ؟”، نقول: نعم، لو حسنت النوايا وصدقت العزيمة، والتصميم على إنقاذ الوطن العربي من السقوط إلى الهاوية، بالتقيد بالتزامات العروبة التزامًا صادقًا، قولاً وعملاً، لاسيما والوطن العربي أصبح يواجه تحديات وجودية مصيرية أن نكون أو لا نكون. واستعادة الوعي بالعامل القومي العروبي يأتي في مقدمة العناصر لإخراج الأمة العربية من مأزقها الراهن. ولنتذكر معًا أن الهوية قد يضعف الإحساس بها أحيانا ولكنها لا تموت.


([1]) يوسف القعيد، “عرب هنا .. وعرب هناك يعذبهم حلمهم العربي .. كيف يستعيد العرب مشروعهم القومي؟”، شؤون عربية، العدد 110، صيف 2002، ص110.

([2]) د. أحمد كمال أبو المجد، حوار لا مواجهة، كتاب العربي، العدد السابع، الكويت، 15/4/1985، ص138 وما بعدها.

([3]) يوسف القعيد، مرجع سابق، ص120.

([4]) د. سعد الدين إبراهيم، مصر تراجع نفسها، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1983، ص196.

([5]) د. سليمان حزين، أرض العروبة: رؤية حضارية في المكان والزمان، دار الشروق، القاهرة 1993، ص19.

([6]) المرجع السابق، ص13.

([7]) جلال السيد، حقيقة الأمة العربية وعوامل حفظها وتمزقها، دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت، 1973، ص419. وتعود بداية تبلور مفهوم العروبة في فترة الإمبراطورية العثمانية المحتضرة، لاسيما بعد الجهود العثمانية لتتريك شعوبها ومحاولة منع استخدام اللغة العربية في الإدارة والتعليم في منطقة الشام، وقد رد السوريين على هذا التحدي بالمطالبة بقدر أكبر من الاستقلال الذاتي للولايات العربية.

([8]) الطيب سيد، “لماذا نجح المشروع القومي الصهيوني وفشل المشروع القومي العربي؟، حوار العرب، مؤسسة الفكر العربي، بيروت، العدد الثالث، فبراير 2005، ص34.

([9]) د. مجدي حماد، جامعة الدول العربية: مدخل إلى المستقبل، عالم المعرفة، الكويت، 2004، ص87 وما بعدها.

([10]) المرجع السابق.

([11]) أحمد جابر، “العروبة سؤال العرب الدائم”، مجلة حوار العرب، مؤسسة الفكر العربي، بيروت، العدد الثالث، فبراير 2005، ص4.

([12]) د. نجاح محمد، الحركة القومية العربية في سورية، الجزء الأول، دمشق، دار البعث، 1987، ص18. وانظر أـيضًا د. أنيس صايغ، تطور المفهوم القومي عند العرب، دار الطليعة، بيروت، 1960. وأيضًا د. منيف الرزاز، تطور معنى القومية، دار العلم، بيروت، 1960.

([13]) ساطع الحصري، آراء في الوطنية والقومية، محاضرات في نشوء الفكرة القومية، أبحاث مختارة، 1961- 1964، دار القدس، بدون تاريخ، ص36-37.

([14]) نجيب توفيق، عبد الله النديم خطيب الثورة العرابية، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1954، ص134.

([15]) د. سعد الدين إبراهيم، مرجع سابق، ص270.

([16]) جوزيف إلياس، “لغة الضاد… إلى أين؟” مجلة حوار العرب، العدد الثالث ، فبراير 2005، ص163.

([17]) ذوقان قرقوط، تطور الفكرة العربية في مصر 1805- 1936، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1972، ص2-4.

([18]) نقلاً عن نفوسة زكريا سعيد، “الفصحى واللهجات العامية وأثرها في توحيد الثقافة و×××”. في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مؤتمر الوحدة والتنوع في الثقافة العربية المعاصرة، القاهرة، 1972، ص104.

([19]) دكتور ناصيف نصار، تصورات الأمة المعاصرة، دراسة تحليلية لمفاهيم الأمة في الفكر العربي الحديث والمعاصر، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، الكويت، 1986، ص541.

([20]) د. محمد السعيد إدريس، النظام الإقليمي للخليج العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص260-264.

([21]) حبيب حداد، “محنة الصراع بين الأصالة والمعاصرة في المجتمعات العربية”، المستقبل العربي، بيروت، العدد 438، أغسطس 2015، ص119.

([22]) حسين رشيد خريس، “بين العروبة والإسلام”، شؤون عربية، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، العدد 2، إبريل1981، ص139 و 146.

([23]) د. مجدي حماد، مرجع سابق، ص113. ويضيف البعض إلى ذلك أن التيار القومي الثوري كان ينظر إلى الأمة العربية كجماعة نضال قومي ضد الإمبريالية الغربية بهدف تحقيق وحدة واستقلال هذه الأمة وتشكل نظام سياسي قومي واحد. أما التيار الإسلامي الثوري فينظر إلى هدف الأمة كطليعة لجماعة جهادية تمتد إلى العالم الإسلامي كله مهمتها هي نقل الدعوة والرسالة الإسلامية إلى العالم أجمع، ولا يهتم هذا التيار إلا عرضًا بمهمة بناء نظام سياسي إقليمي. انظر: د. محمد السيد سعيد، مستقبل النظام العربي بعد أزمة الخليج، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 158، فبراير 1992ـ ص293.

([24]) د. أحمد كمال أبو المجد، حوار لا مواجهة: دراسات حول الإسلام والعصر، كتاب العربي السابع، سلسلة فصلية تصدرها مجلة العربي، الكويت، 15/4/1985، ص139.

([25]) محي الدين صابر، ملامح الشخصية العربية في التيار الفكري المعادي للأمة العربية، مجلة الوحدة،  المجلس الأعلى للثقافة العربية، الرباط، الطبعة الأولى، 1991، ص259.

([26]) د.أحمد كمال أبو المجد، مرجع سابق، ص139.

([27]) رياض نجيب الريس، العرب وجيرانهم، رياض الريس للكتب والنشر، ب.د.ت، ص83-84.

([28]) أحمد جابر، مرجع سابق، ص43.

([29]) كمال خلف الطويل، “أباطيل شاعت”، المستقبل العربي، بيروت، العدد 438، أغسطس 2001، ص108.

([30]) د. محمد السيد سعيد، “هياكل العمل العربي المشترك: تجاوز أزمة النظام العربي”، في (النظام العربي في بيئة متغيرة، 1989).

([31]) د. محمد السيد سعيد، مستقبل النظام العربي بعد أزمة الخليج، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، فبراير 1992، ص291.

([32]) المرجع السابق، ص257-258.

([33]) منح الصلح، مصر والعروبة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1979، ص91.

([34]) د. رياض نعسان أغا، ماذا يبقى لنا إن شطبنا هوية العروبة والإسلام؟، حوار العرب، العدد 3، فبراير 2005.

([35]) يرى بعض المفكرين العرب، أن من مؤشرات ذلك يتمثل في مرور أكثر من سبعة عقود على بقاء جامعة الدول العربية، الرمز المؤسسي للنظام الإقليمي العربي، وهو في حد ذاته يعكس إقناعًا بجدوى الرابطة العربية بين الدول الأعضاء، ومن ثم جدوى الإبقاء عليها حتى ولو كان الرضا غير مكتمل. في هذا المعنى انظر: د. أحمد يوسف أحمد، “جامعة الدول العربية: حديث الستين عامًا، مجلة شئون خليجية، عدد 41، ربيع 2005، ص11.

([36]) د. عبد الله عبد الدايم، العمل العربي المشترك في مجال التربية، مجلة “شئون عربية”، يونيو 1986، ص53.

([37]) برهان غليون، نقد السياسة، الدولة والدين، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 1991، ص175– 176.

([38]) زياد الدريس، “القمة العربية. هل ستصنع فارقًا”، الحياة 23/5/2018.

([39]) د. أحمد يوسف أحمد، “الوحدة الثقافية: حدودها وقيودها”، شئون عربية، العدد 141، ربيع 2010، ص56-57.

اظهر المزيد

د. مصطفى عبدالعزيز

دبلوماسي سابق وكاتب مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى