2024العدد 198ملف دولى

إلى أين ستقود إستراتيجية الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل دوليًّا وإقليميًّا

يشكل الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل حقيقة معروفة ومستقرة منذ إنشاء الدولة العبرية، وخاصة منذ ستينيات القرن الماضي، ومع ذلك مرت هذه العلاقات بأطوار مختلفة من مستويات الدعم وصل إلى آفاق عالية في مراحل دون أخرى ومن أبرزها حرب 1973، وخلال محطات عديدة لصراعات إسرائيل الإقليمية، ولكن من المؤكد أن حالة التأييد غير المسبوقة والاستثنائية في الحرب الحالية الجارية في غزة تشكل أعلى مراحل هذا التأييد، مع ملاحظة أن امتداد الحرب زمنيًّا قد أدى إلى بعض التحولات التي تستحق التقييم الدقيق أولًا لاختبار مدى الاستمرارية والتراجع في حالة الشراكة الأمريكية غير المسبوقة مع إسرائيل ثم محاولة استشراف نتائج هذا التورط الأمريكي.

وقد بالغ بعض المراقبين العرب بشأن تصاعد الانتقادات الأمريكية ضد إسرائيل، وخاصة بعد جريمة مصرع عدد من منسوبي المطبخ المركزي العالمي، وكانت جرائم الاحتلال الإسرائيلي تتكشف كذلك في غزة وخاصة في مجمعاتها الطبية، وخرجت انتقادات واضحة من الرئيس بايدن شخصيًّا ومن بعض كبار المسؤولين، وكان أهمهم زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النوب “شومر”، والذي يركز عليه الإعلام بوصفه أكبر شخصية يهودية منتخبة في البلاد، ولكن جاء التصعيد الإيراني -الإسرائيلي؛ لينهي هذه الموجة من الانتقادات وليتم الافراج عن صفقة جديدة ضخمة من المساعدات لـ (إسرائيل، وأوكرانيا، وتايوان).

ثم جاءت الموجه الرئيسة التالية التي تؤشر إلى نوع من المراجعة مع إعلان واشنطن الواضح معارضتها لاقتحام رفح، وأنها تصمم على قيام إسرائيل بمراعاة المدنيين في غزة، والانطباع بأن واشنطن تشترط موافقتها على خطة ضمانات للمدنيين، وقد أعقب دخول رفح بعض المواقف الجديدة لواشنطن وشملت تأجيل صفقة من القنابل الثقيلة تبلغ 1800 زنة ألفي رطل، و1700 قنبلة زنة 500 رطل، وهو ما أثار ردود إسرائيلية غاضبة. وفضلاً عن ذلك، سبق امتناع واشنطن عن التصويت على قرار لمجلس الأمن بإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وبالطبع أثار هذا غضب إسرائيل أيضًا، ولكن المتابعين الذين توقفوا عند صفقة القنابل سابقة الذكر لم يعلقوا على قرار أمريكي آخر منتصف مايو بتقديم أسلحة جديدة قيمتها مليار دولار، بل أكثر من هذا احتشد النواب الجمهوريون ومعهم عدد من الديمقراطيين لإصدار قرار بالأغلبية يصادر حق الإدارة الأمريكية في منع الأسلحة عن إسرائيل.

ومن ناحية أخرى تواصل إسرائيل – حتى كتابة هذه السطور -عملياتها العسكرية بمعدلات بدأت أقل تهورًا ثم تصاعدت ولكن دون أدنى تراجع، بينما تواصل إدارة بايدن إصدار تصريحات غير مترابطة حول اعتراضات لها، وفي نفس الوقت تأييد لأهداف إسرائيل من القضاء على حماس، كما أنه من الواضح أن بايدن يتعرض لموجة متواصلة من ضغوط الحزبين (الجمهوري، والديمقراطي)، وفي نفس الوقت عدم ارتياح الجناح التقدمي بالحزب لهذه الخطوات غير الكافية.

علاقات استثنائية:

وفي الحقيقة، يعرف تاريخ العلاقات الدولية دومًا حالات من رعاية دولة عظمى لدولة أصغر، كما يعرف تحالفات ممتدة زمنيًّا، ولكن في أغلب الأحوال تكون هذه الرعاية أو التحالفات مرتبطة بمصالح قد تتغير بمرور الزمن، ومن منطلق التاريخ قد لا تبدو العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل طويلة، في ضوء عمر دولة إسرائيل ذاتها، ولكنها بدون شك أثبتت مدى عمقها وأنها ربما تتجاوز أي علاقات أمريكية خارجية أخرى.

تشير مراجعة الوثائق والدراسات الأمريكية خلال حربي (1967، و1973)، أن بعض مسؤولي الخارجية والدفاع الأمريكيين كانوا يمارسون قدرًا من الضغط لمحاولة التأثير في اتجاه سياسات أكثر توازنًا وحرصًا على المصالح الأمريكية مع العالم العربي، والعودة إلى كتابات كيسنجر تحديدًا تكشف أنه عمل بمهارة على تهميش هذه الاتجاهات وعدم تمكينها من التأثير في حجم المساعدات الضخمة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973. وفي الحقيقة، أن وجود اتجاهات داخل الإدارات الأمريكية المتعاقبة تحاول عمل قدر من التوازن وتهدئة الانحياز الأمريكي كانت حاضرة على استحياء دومًا، وأظن أنها لازالت متواجدة حتى منذ مداولات إنشاء إسرائيل وإعلان الاعتراف بها؛ حيث حاولت بعض الشخصيات تأجيل اعتراف واشنطن بإسرائيل، ولكن الرئيس الأمريكي آنذاك فضل الاعتراف بعد ساعة واحدة من إعلان إسرائيل، مستشرفًا دينامية وظاهرة ستترسخ تدريجًا منذ ذلك الوقت، وهي هامشية، أي قوى تحاول التأثير في اتجاه توازن السياسة الأمريكية، بل أكثر من هذا، عمل كيسنجر بشكل خاص على إرساء سياسات تصب في صالح إسرائيل في الأجل الطويل، وبشكل خاص عدم السماح بدور أممي في تسويات أو أي عمليات سلام إسرائيلية عربية، وأن تقتصر على الدور الأمريكي المنحاز وحده، كما لعب “شولتز”، وزير الخارجية عصر ريجان، دورًا مشهودًا أيضًا في تهميش موظفي الخارجية الأمريكية الذين يطرحون الرؤى المتوازنة، وليس فقط المتعاطفة مع الحقوق العربية والفلسطينية.

والحقيقة، أن معنى ما سبق، والذي ربما عرضنا في مقالات سابقة لبعض أبعاده، أن ساحة أجهزة صنع القرار الأمريكية قد ترسخ فيها العلاقة العضوية بإسرائيل، التي تستند إلى تأثير المسيحية الإنجيلية المحافظة من ناحية، ومن ناحية أخرى قوة ونفوذ اللوبي اليهودي الذي يمارس قدرًا كبيرًا من السيطرة والنفوذ ضد أي مساس بهذه العلاقات الاستثنائية.

وتشير النماذج التاريخية السابقة، مثل الانتفاضات الفلسطينية التي كانت قد أثرت سلبًا على صورة إسرائيل، أنها تعرف جيدًا كيف تتغلب على هذه السلبية، وكثيرًا ما تخرج أقوى من ذي قبل، وهو ما يؤكده نموذج قصف المطبخ العالمي، وكيف نجحت إسرائيل بالتصعيد مع إيران في تجاوز الانتقادات الأمريكية وتحسين مصالحها مرة أخرى.

عبء إسرائيل على السياسة الأمريكية الخارجية والداخلية:

مما لا شك فيه أنه رغم أن واشنطن لازالت تحتفظ بنفوذ لا يمكن تجاهله لدى العديد من دول المنطقة، إلا أن هناك ثمنًا باهظًا في صورتها الخارجية، ونتائج يمكن رصدها لهذه العلاقة الاستثنائية دوليًّا وأمريكيًّا:

أولًا: الدعم الأعمى الأمريكي ومنظومة الأمم المتحدة وتناقض المصالح الأمريكية:

من الدقيق القول إن ما تعانيه منظومة الأمم المتحدة، وبشكل خاص عملية حفظ السلم والأمن الدوليين، من تراجع وتخبُّط لا يرجع إلى عنصر واحد أو إلى إخفاق بعينه للمنظومة، وإنما لأسباب عديدة وتجارب مريرة يمكن تلخيصها في مسألة حق النقض للخمس الكبار في مجلس الأمن، وحالة المعايير المزدوجة التي تتسم بها السيطرة الغربية والأمريكية -خصوصًا على المنظمة- وللإنصاف أنها بدرجات موجودة أي المعايير المزدوجة في السلوك الدولي بشكل عام مثل: (الصين، والهند، وروسيا)، وربما يكون الفارق هو في حدة التناقضات الغربية.

ولكن بدون شك كانت القضية الفلسطينية والانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل تاريخيًّا النموذج البارز للظلم والمعايير المزدوجة وحالة عدم التصديق التي تعاني منها السياسات الأمريكية في العقود الأخيرة بشكل خاص، ولعلنا جميعًا نتذكر أنه في أثناء التعبئة الأمريكية العالمية ضد روسيا، لم تُواجه بعراقيل أو بعدم تحمس من أطراف كثيرة إلا بسبب شدة المظلومية التاريخية في القضية الفلسطينية، ولعل تحليل اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي العربية تكشف بوضوح حالة تشفي قطاعات من الرأي العام الأمريكي في الغرب وعدم التعاطف مع القضية الأوكرانية.

والخلاصة، إن المشكلة الأكبر من هذا أن منظومة النظام الدولي الراهن بأكملها والتي تكرس هيمنة الولايات المتحدة، تتعرض لتحديات كبيرة من توجهات وسلوك الولايات المتحدة ذاتها، وتجعل من استمراريتها أمرًا هشًّا وغير قابل للاستمرارية.

ثانيًا: تدمير مصداقية أيديولوجية حقوق الإنسان الأمريكية:

أدعت السياسة الأمريكية تاريخيًا أنها المدافع الأول عن قضية حقوق الإنسان في العالم، ولو تركنا جانبًا مبادئ حقوق الإنسان التي طرحها الرئيس “وودرو ويلسون”، في العقد الثاني من القرن الماضي، لوجدنا أن تبلور مفاهيم طرح المسألة كمحور للسياسة الخارجية والطرح الغربي، بدأ مع الرئيس الديمقراطي “جيمي كارتر”، واستمرت بعد كأيديولوجية أمريكية بدرجات متباينة، ثم جاءت كالمضمون الأساسي لأيديولوجية إدارة بايدن الحالية وعنوان المواجهة والتباين مع الخصمين (الصيني، والروسي) في الاستقطاب الدولي الراهن، وهي الإدارة التي تطرح نفسها كالأكثر ليبرالية في التاريخ الأمريكي الحديث.

وفي الواقع، أن اتهام واشنطن بالمعايير المزدوجة بسبب موقفها المنحاز لإسرائيل، وفي قضايا عديدة، هو اتهام أيضًا يتردد منذ عقود وليس جديدًا وحتى أُثير خلال الحرب الأوكرانية، ولكن النموذج الراهن بما يتضمنه من حجم تجاوزات إسرائيلية وورطة أمريكية شديدة، خلال أغلب مراحل الحرب العدوانية الحالية في غزة وتفاصيلها المذهلة، ترسخ من صورة سلبية للغاية من الدعاوى الغربية والأمريكية في قضية حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية، وتفرغ هذه القضية من مضمونها ويزيد هذا تعقيدًا في ضوء مشاهد الاضطرابات الجامعية التي سنعود إليها لاحقًا.

ثالثا: الرأي العام العربي:

تاريخيًّا كانت صورة الولايات المتحدة متباينة في المنطقة، وتحظى بقدر من القبول لدى الدول المعتدلة، وبقدر كبير من الرفض لدى الرأي العام في الدول المعارضة للسياسات الأمريكية، وتدريجًا تراجعت مساحة التحفظ تجاه السياسة الأمريكية نسبيًّا دون أن تختفى تمامًا، وتصور البعض أن صورة واشنطن تحسنت نسبيًّا، ولكن في الحقيقة أن مراجعة مناخ الإعلام العربي ووسائل التواصل الاجتماعي بعد الحرب الأوكرانية كانت تكشف قدرًا ليس ضئيلًا من التحفظ لدى الشارع العربي تجاه الولايات المتحدة، واتضح حجم هذا بشكل حاد مع العدوان الإسرائيلي في غزة؛ ليتأكد أي مراقب موضوعي أن مساحة قبول واشنطن لدى الرأي العام العربي ضئيلة أكثر مما راهن أنصار التطبيع مع إسرائيل والتجاوب مع الضغوط الأمريكية بهذا الصدد. والواضح من كافة المؤشرات أن صورة واشنطن قد تراجعت كثيرًا؛ بسبب حجم التورط الأمريكي الأعمى في دعم إسرائيل، والنتيجة أنه رغم تجاوب حكومات عربية مع المساعي الأمريكية للتطبيع، ورغم أن صورة الحياة الأمريكية لازالت المفضلة لدى قطاعات واسعة من الشعوب العربية، إلا أن حجم التحفظات تجاه السياسات الأمريكية بسبب القضية الفلسطينية أيضًا واسع لدى القطاع الأكبر من الرأي العام العربي.

رابعًا: خسائر اقتصادية أمريكية في المنطقة:

تشير كثير من بيانات الشركات الأمريكية إلى تراجع في مبيعاتها؛ بسبب حملات المقاطعة الواسعة ضد عدد من الشركات الأمريكية الداعمة لإسرائيل، ورغم أنه من السابق لأوانه التأكد من أن هذه الخسائر أو تراجع المبيعات سيستمر لفترة زمنية طويلة أو كإجراء عقابي تالي لمعاقبة الولايات المتحدة على انحيازها الظالم للجانب العربي، إلا أن ما هو واضح الآن هو وجود خسائر لهذه الشركات الأمريكية وتحسبًا لما هو تالٍ بهذا الصدد.

تأثير الانحياز الأمريكي لإسرائيل على الداخل الأمريكي:

 نقطة البدء أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية هي نموذج فريد وقضية داخلية أمريكية، وأنه لا يمكن استشراف المستقبل دون فهم هذه الأبعاد التي لخصناها كما سبق في بُعدين: التيار الإنجيلي الأمريكي، الذي يوصف بالصهيونية المسيحية، والبُعد الثاني: هو نفوذ ورسوخ اللوبي أو جماعة الضغط اليهودية التي نجحت في ترسيخ مكانة خاصة وعلاقة فريدة.

ومع ذلك، لا يمكن اعتبار أن خصوصية هذه العلاقات ونفوذ جماعة الضغط هذه كانت دومًا مثلما هي الآن؛ فقد مر عليها تحولات وتوجهات مختلفة، ولكن ما هو واضح أنها وصلت إلى درجة كبيرة من الرسوخ والاستقرار في العقود الأخيرة، وهو ما يفسر شدة الانحياز الأمريكي في الأوضاع الراهنة- خاصة في الشهور الأولى من الحرب.

والملاحظ مع ذلك، ومع الامتداد المستمر للحرب وجرائم العدوان الإسرائيلي فمن الواضح أن الإعلام الأمريكي تحرك قليلًا من توجهات منحازة حادة داعمة لإسرائيل خلال الشهور الأولى للحرب إلى مواقف أهدأ قليلًا، وظهرت انتقادات متعددة للأداء الإسرائيلي ولإدارة بايدن، ولكنها لم تتحول إلى اتجاهات أو حملات قوية، وهو ما يمكن تفسيره في ضوء أن الإعلام الأمريكي ببساطة خاضع لسيطرة اللوبي اليهودي الصهيوني- والذي لم تهتز سيطرته حتى الآن- ومن ثم الهوامش التي يتم رصدها لا تشكل بعد ظاهرة راسخة يمكن التعويل عليها بشكل دائم.

ولكن بدون شك أن أهم التحولات الجارية حاليًّا تدور حول اتساع الاحتجاجات في جامعات القمة الأمريكية، وبدء تغير لا ينبغي المبالغة في شأنه في مستويات الدعم العسكري الأمريكي، وخاصة مسألة وقف صادرات القنابل الثقيلة التي أشرنا إليها سابقًا، والتي عوضتها واشنطن بصفقة أخرى تالية.

وفيما يتعلق بظاهرة التحولات في بعض قطاعات الجامعات الأمريكية، فهي ظاهرة تستحق الرصد، وكان لافتًا أنها بدأت بشكل خاص في جامعات النخبة التي تفرز قيادات المجتمع الأمريكي وعلى رأسها (هارفارد، وكولومبيا)، وامتداد الظاهرة في قرابة مائة جامعة أمريكية، وتباين التفاعلات ما بين توترات قادت إلى استقالات لبعض رؤساء الجامعات، وفي حالات أخرى تدخل للشرطة، وفي ثالثة مواجهات بين هؤلاء المحتجين وشباب آخر مؤيدين لإسرائيل، وتباين ملحوظ في ردود فعل الساسة الأمريكيين ما بين إدانة حادة من المرشح الجمهوري “ترامب”، وقيادات جمهورية وكذا من إسرائيل، ومواقف على قدر من التفهم من بعض رموز التيار الليبرالي واليساري المحدود كالنائب “بيرت ساندرز”، وبعض النواب ذوي الخلفية المسلمة والعربية. وفي الحقيقة أن ما حدث ولازال حتى إعداد هذا المقال، يشكل ظاهرة تستحق مزيدًا من الدراسة وخاصة أن تداعياتها وردود الفعل تجاهها لم تتبلور حتى الآن.

 ولكن مؤكد أيضًا أن بعض الكتابات والدراسات الرصينة رصدت تحولًا في أجيال الشباب الأمريكي الجديدة تُجاه إسرائيل، إلى حد أن حذرت كتابات يهودية من أن يكون هذا مقدمة لتغيرات عميقة في توجهات الأجيال الجديدة الأمريكية، وخاصة المتحررة منها، والتي تشكل العصب الحالي للحزب الديمقراطي الأمريكي، وفي مقابل هذا ترى بعض التعليقات أن الظاهرة عابرة وستتمكن إسرائيل من تقليص آثارها بمرور الوقت.

ومع أهمية هذه الظاهرة في جميع الأحوال، يصعب حتى الآن كما سبق تقدير وزنها وتأثيرها المستقبلي أخذًا في الاعتبار أن كثيرًا من قيادات الحزب الديمقراطي الحالي ومن بينها أوباما كانت من الأجيال التي تأثرت بموجات الشباب اليسارية الأمريكية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ويتحدث البعض عن أن الرئيس بايدن نفسه من الذين تأثروا بهذه التيارات، ولكن من الواضح من تصاعد حملة اللوبي اليهودي ومواقف كثير من القيادات الديمقراطية والجمهورية، فضلًا عن استغلال ترامب للأمر لانتقاد بايدن _أن محاولات الأخير لعمل قدر من التوازن في السياسة الأمريكية قد لا تسير بعيدًا.

خاتمة:

في التقدير، أنه من الصعب التيقن بعد من الآثار طويلة الأجل التي سيتركها العدوان الإسرائيلي الراهن بما يواصل إنتاجه من تجاوزات على صورة الولايات المتحدة ومصالحها ونفوذها الخارجي وشواهد تحولات في الرأي العام الدولي لصالح الشعب الفلسطيني، ويعقد من هذا اليقين أيضًا حالة السيولة الدولية المستمرة الجارية ما يجعل من السابق لأوانه الحكم النهائي على الأمور، وخاصة في ضوء عدم اتضاح نتيجة الحرب حتى الآن، وفي ضوء خبرة اللوبي اليهودي الصهيوني في التحكم في المسارات السياسية والإعلامية الأمريكية، وقدرته على تشويه الحقائق والوقائع وتوجيه الدفة لصالحه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى