تحظى المناطق الإستراتيجية باهتمامٍ كبيرٍ في مختلف مناطق العالم، ومن هذه المناطق منطقة الشرق الأوسط، التي تقع في قلب العالم وتحتوي على موارد غنية من أهمها مصادر الطاقة مثل: النفط، والغاز الطبيعي،… وغيرها من خيرات، بالإضافة إلى أهميتها الحضارية والدينية والإستراتيجية، فكانتَّ محط أنظار القوى التي تحكم العالم عبر التاريخ والعصور، ومع ظهور النظام العالمي الجديد 1990، وما لحقه من توابع أحادية القطبية ازدادت أهمية الشرق الأوسط -خاصة في هذه المرحلة بعد أحداث 11 سبتمبر وبدايات الربيع العربي؛ نظرًا لعودة روسيا إلى ميدان الصراع في سوريا فأثرت على ميزان القوى داخل سوريا بصفة خاصة وفي المنطقة بصفة عامة، وأصبحت التفاهات الدولية بين روسيا وأمريكا هي التي تهيمن على الصراع وتؤطره بما يخدم مصالحهما بعيدة عن أي اعتبارات ومصالح الشعوب.
ومع تزايد اهتمام دول الخليج للدور الصيني في الشرق الأوسط- لاسيما استضافة السعودية القمم الصينية التي توجت بالتعاون الاقتصادي معها، وأخيرًا إتمام الاتفاق مع إيران، كلها متغيرات من شأنها دعم الشرق الأوسط للتمتع بأكبر قدر من الاستقلالية والتأثير الإقليمي؛ لأن لديهم خيارات أكثر للتحالف مع عدد من الشركاء الإستراتيجيين الفاعلين.
وبالنسبة إلى الكِتاب فهو مقسم إلى تسعة فصول: الثلاثة فصول الأولى، يتحدث فيهم بدايةً د. زكريا حسن حسين أبو دامس (دكتور وأستاذ مساعد -الأردن)، عن الدور الأمريكي المهيمن على الشرق الأوسط، وأيضًا المتغيرات التكنولوجية ودورها في تسارع الأحداث وتغيراتها وأيضًا دور ثورات الربيع العربي في المشهد وإرباك حسابات أمريكا في المنطقة.
هذا وقد خَلُصَ الكاتب في دراسته إلى أن النظام الدولي يعيش أزمة أخلاقية رهيبة فقد فيها كل معاني الإنسانية والسير بازدواجية المعايير وعدم العدالة بين الشعوب وأهم توصياته لاعتدال الأمر مرة أخرى هي:-
- أن جدلية التنافس والصراع على الشرق الأوسط هي جدلية منذ القدم مرت بها المنطقة زمنيًّا عبر كل العصور مما يعني أن هذه المنطقة ستبقى محط أنظار الجميع لأهميتها وخيراتها.
- أن طبيعة التفاعلات الدولية الجديدة أفرزت أنماط جديدة من بواعث التهديد والاضطراب، مما يفسر حالة انتقال محور القوة بسبب ما لحق به من تطورات تكنولوجية جديدة جعلت العالم قرية صغيرة يصعب التحكم في كثير من الأشياء.
- ضرورة إقامة تكتلات سياسية واقتصادية واجتماعية فيما بين الدول العربية، تنتج لهذه الأمة الوحدة من جديد وتبث الروحانية فيها وتعيد المجد لها بالخلاص من التبعية للقوى الكبرى.
ثم تُحدثنا بعد ذلك د. ليلى مداني ( أستاذ محاضر بجامعة محمد بوقرة – الجزائر)، عن الأهمية الجيواسترتيجية للشرق الأوسط، فهي دراسة في بروز المصالح والأهمية الجيواقتصادية، حيث تقول الكاتبة: “إن المنطقة التي تندرج ضمن مصطلح الشرق الأوسط لا تزال غامضة الحدود؛ حيث تضيق وتتسع حسب الأولويات والمصالح الجيواقتصادية والجيوسياسية للقوى الكبرى، فمجموع الدول التي تندرج ضمن مصطلح الشرق الأوسط غير متجانسة الخصائص بوجود دول غير عربية كـ(تركيا، وإسرائيل، وإيران)، وغير إسلامية كـ(الكيان الإسرائيلي)، وقد ذهب البعض إلى اعتبار الشرق الأوسط كمصطلح يضم مجموعة من الدول هو تعبير إستراتيجي استعماري يهدف إلى طمس الحقائق التاريخية والحضارية المرتبطة بالمنطقة، كما أنه يضيق ويتسع على خريطة العالم وفق مصالح وأهداف الدول الاستعمارية التي لديها مصالح إستراتيجية في المنطقة، وهناك فجوة كبيرة في الثروة بين مختلف المناطق التي تندرج ضمن مصطلح الشرق الأوسط، بل هناك عدم تجانس في الثروة حتى داخل المنطقة الواحدة كشبه الجزيرة العربية مثلًا، وأيضًا تعاني دول الشرق الأوسط من وجود أزمات وجودية والتي تشكل تحديات خطيرة لمستقبل الكثير من دول المنطقة المهددة بالتفكك خاصة (اليمن، وليبيا، وسوريا، وحتى العراق)، إلى جانب مجموع الدول الأخرى التي عرفت أزمات سياسية أقل حدة” .
هذا بالإضافة إلى تعدد المتنافسين على الشرق الأوسط حيث لم تعد محل اهتمام أمريكي فقط بل مختلف القوى خاصة بعد اكتشاف كميات ضخمة من الغاز شرق المتوسط ونتيجة سياسة الصين الاستثمارية التوسعية باتجاه إحياء طريق الحرير.
ثم تتناول بعد ذلك أ.سامية بنت يحيى (باحثة في الإدارة الدولية جامعة باتنة – الجزائر) الموقع التركي الإيراني في المنطقة، حيث تقول: “إن منطقة الشرق الأوسط نالت الاهتمام الكبير لدى مخططي السياسة التركية، وبرزت تلك السياسة المتبعة في التوجه نحو توظيف الموارد التركية وطاقاتها الاقتصادية في بناء صرح سياسي إقليمي جديد قائم على التعاون مع الدول الإقليمية، إذ تأمل تركيا من وراء استبدال التنافس التقليدي بين الأطراف الساعية إلى فرض الزعامة الإقليمية القائمة على الهيمنة بنمط أكثر حداثة يمكن أن تصبح بموجبه تركيا أكثر أهمية”.
كما تمتلك إيران المقومات الأساسية في أداء دور إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وَفقًا لعدد من الأسس التي قامت عليها الإستراتيجية الإيرانية المتمثلة في المصالح القومية الإيرانية، التي تستثمر المواقع الإستراتيجية والموارد الاقتصادية كأدوات في الحفاظ على هذه المصالح، بما يعزز قوتها وتأثيرها الإقليمي الذي يمكنها من السيطرة والتأثير على المعابر المائية في الخليج وفرص أيديولوجيتها.
ويعتبر ما يُسمى بالربيع العربي التي اندلعت أحداثه في 2011 نقطة تحول إستراتيجية فاصلة في تاريخ الشرق الأوسط في العصر الحديث بما حمله من تغيرات وتحولات كبرى ما زالت تتداعى أحداثها ووقاؤعها على الصعيد الدولي والإقليمي حتى الآن.
لقد أعطى الربيع العربي التنافس السياسي والأيديولوجي بين (تركيا، وإيران) زخمًا أكبر، فقد أدى سقوط الأنظمة في (تونس، وليبيا، ومصر)، بالإضافة إلى الانتفاضات في (سورية، واليمن) إلى تقويض النظام السياسي في الشرق الأوسط؛ حيث سعت كل من (تركيا، وإيران) إلى استغلال النظام الجديد الناشئ في المنطقة لتحقيق مصالح لكل منهما في الشرق الأوسط إلى حد توتر العلاقات بينها بسبب عدد من القضايا.
نظرت أنقرة وطهران إلى الربيع العربي بشكلٍ مختلف تمامًا؛ حيث سعى القادة الإيرانيون إلى تصوير الربيع العربي على أنه صحوة إسلامية مستوحاة من الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، التي أطاحت بالشاه، بينما اعتبرت تركيا الربيع العربي تعبيرًا عن رغبة الشعب لنشر الديمقراطية وتحقيق الشفافية، وربما فرصة لتعزيز النفوذ الإقليمي لتركيا.
أما على المستوى الاقتصادي، فلا تزال إيران تتمتع بالقدرة على تقديم نفسها كمورد بديل للطاقة إلى الاتحاد الأوروبي، وتركيا من ناحية أخرى، لكن مع صعود اليمنيين المناهضين لإيران في الولايات المتحدة، ليس هناك أمل للاستثمارات الأوروبية لزيادة الفوائد الاقتصادية للصفقة النووية. على النقيض من ذلك تسعى تركيا دائمًا إلى تعزيز وضعها الجيوسياسي، والوضع العابر؛ من أجل تسهيل نقل الغاز الإيراني إلى الأسواق الغربية، وتعتبر فرصة تجارية، وأن كلًا من (إيران، وتركيا) بحاجة إلى إيجاد بديل لتحقيق نمو اقتصادي أعلى.
أما بالنسبة للفصول من الرابع إلى السادس: فتتحدث فيهم بداية د.حنان رزايقية (دكتور في كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية -جامعة الجزائر) عن توجهات السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط في ظل إدارتي “باراك أوباما” و”دونالد ترامب”؛ حيث تقول الكاتبة: “إن تغير السياسات الأمريكية في عهد أوباما إلى عهد ترامب هو تغير في الوسائل وليس في الأهداف، فلا يمكن فصل توجهات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في ظل إدارة أوباما أو إدارة ترامب عن المبادرات الأمريكية السابقة، فاختلاف نهج إدارة ترامب عن نهج إدارة أوباما لا يعني تغير ثوابت السياسة الخارجية لدى أي إدارة، ولكن الاختلاف يكمن في طرق استعمال وسائل السياسة الخارجية، فمنهم من يرى أن الإدارة الأمريكية هي الأنجح، ومنهم من يرى أن الإدارة السياسية والدبلوماسية هي الأفضل” .
السياسة الخارجية الأمريكية هي محصلة تفاعل مجموعة من العوامل التي تساهم في رسم توجهات هذه السياسة في منطقة معينة، فبالنظر إلى موضوع هذه الدراسة نجد أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط -وبالتحديد في ظل إدارتي الرئيس أوباما، والرئيس دونالد ترامب -لا تُعبر عن تصورات الرئيسَين للمنطقة فقط، وإنما هناك العديد من الاعتبارات التي تلعب دورًا في تحديد هذا التوجــــــه، التي من أهمها التزامات الإدارات السابقة، وهو ما وجدت إدارة الرئيس أوباما والرئيس ترامب نفسيهما مقيدتين لاتخاذ إجراءات تتواءم والالتزامات المفروضة عليهما.
بالنسبة لسياسة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط حسب قول الكاتبة فقد تميزن بالتذبذب والتردد، فإدارة الرئيس أوباما كانت غير حاسمة في الكثير من القضايا الخارجية، وهذا راجع إلى الإرث المُثقَل بالأزمات التي ورثها من الإدارة السابقة، لذلك فهو لم يتخلَ عن أسس السياسة الخارجية، وعدَّل الأساليب والسياسات اللازمة لتطبيقها ميلًا إلى وسائل الترغيب أكثر من وسائل الترهيب والبعد تمامًا عن التهديد باستخدام القوة المسلحة.
أما بالنسبة لسياسة الرئيس ترامب في الشرق الأوسط فقد تميزت عن سياسة أوباما، فهو يواصل في سياسة فك الارتباط وعدم التدخل بأزمات المنطقة، غير أنه يخالف سياسة أوباما في التعامل مع الملف الإيراني الذي تم إلغاء سياسة الحوار معه، كما أن وصول ترامب للحكم عزز بشكلٍ كبير الدور الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط في مقابل إضعاف مختلف القوى الإقليمية الأخرى.
أما الدكتور زكريا حسن حسين أبو داس (دكتور وأستاذ مساعد – الأردن)، فيتحدث عن الوجود الإسرائيلي وأثره على استقرار المنطقة، وتكمن إشكالية الدراسة في أن هناك علاقة مسببة بين وجود إسرائيل وأزمات المنطقة ومشكلاتها، فارتباط هذه الإشكاليات والأزمات سببه وجود إسرائيل، مما أدى هذا إلى حالة صراع دائم ومزمن في المنطقة، وهناك تساؤلات يطرحها الكاتب في هذه الدراسة ويحاول الإجابة عليها منها: هل طبيعة أزمات المنطقة ومشكلاتها مرتبط بوجود إسرائيل؟ وما دور شعوب المنطقة وأنظمتها في المحافظة على بلادهم وتجنبها الأزمات؟ وهل ستبقى المنطقة في حالة صراع وأزمات في ظل وجود إسرائيل؟.
وخلص الكاتب في دراسته إلى عدة استنتاجات تجيب على هذه التساؤلات منها :-
- أن وجود إسرائيل في قلب الوطن العربي قد تسبب في كل المشكلات والأزمات التي نعيشها في المنطقة مع تلاقي مصالح الغرب المستعمر بكل قواه مع المصالح الصهيونية.
- ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع الكيان الإسرائيلي والانحياز إلى مصالحها.
- لقد أسهم وجود إسرائيل في المنطقة إلى استمرار التجزئة العربية وعدم تحقيق الوحدة، وأن ما حدث بفلسطين هو موجه نحو الأمة العربية، وممارسات إسرائيل ضد الشعوب العربية يثبت الدور الوظيفي الذي قامت به ومن أجل إسرائيل من بث الخلافات والتفرقة بين العرب.
ثم ننتقل إلى موضوع آخر وهو دور الولايات المتحدة في العلاقات السعودية الإيرانيــــــــــــــــــــــــة (2003-2018)، وكتبت الموضوع نسرين بنت ميهوب (باحثة دكتوراة دراسات آسيوية – كلية العلوم والسياسات الدولية – جامعة الجزائر) وتقول الكاتبة: “إنه رغم اختلاف سياسات الرؤساء الأمريكيين خاصة منذ عام 2003، إلا أن هناك ثلاثة أهداف رئيسة للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، تتمثل في حماية الأمن القومي الأمريكي وضمان وجود وأمن إسرائيل، وتأمين مصادر الطاقة والممرات البرية والبحرية لنقلها، وقد شكلت كلٌ من (السعودية، وإيران) ركيزتين في تنفيذ السياسة الأمريكية عبر مراحل مختلفة، وبينما تحولت العلاقات الأمريكية الإيرانية من التحالف إلى العداء، بعد قيام نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979، فقد حافظت العلاقات السعودية الأمريكية على استقرارها، واستمر التحالف الأمريكي – السعودي في مواجهة العداء الإيراني”.
وكلما زاد التهديد الإيراني وفقًا للمنظور الأمريكي زاد حجم التباعد والتنافس والصراع بين السعودية وإيــــران، وهو ما تجلَّى في عهد الرئيس الأمريكي “جورج بوش” الابن وترامب، وكلما اتجهت العلاقات الإيرانية الأمريكية نحو الانفراج والتقارب، توترت العلاقات السعودية الأمريكية وظهر هذا بصفة خاصة في عهد الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” .
وعلى ذلك يتضح تأثير التوجهات السياسية الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط على العلاقات السعودية الإيرانية، وهذا ما يؤكد أن العامل الخارجي المتمثل في البيئة الدولية الإقليمية هو أكثر تأثيرًا على العلاقات السعودية الإيرانية من المحددات المرتبطة بالمتغير الأيديولوجي أو المذهبي.
إلا أنه في النهاية جاءت الوساطة الصينية لتقرب وجهات النظر وتمهد لعودة العلاقات السعودية الإيرانيــــة؛ لتنتهي سنوات القطيعة بين الدولتين، وبعد عدة جولات من المفاوضات خاضها الطرفان منذ عام 2019 برعاية العراق ثم سلطنة عمان، بالإضافة إلى لقاء وزيرا خارجية البلدين على هامش مؤتمر بغداد بدورته الثانية في الأردن عام 2022 .
أما بالنسبة للفصول من السابع إلى التاسع: فهناك موضوع بعنوان “المقاربة الروسية في الشرق الأوسط حوار مع السياق الحالي والمستقبل القريب” للأستاذة سامية بن يحيى (باحثة في الإدارة الدولية – قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية– جامعة بتنة– الجزائر) .
حيث تشير الدراسة إلى أن سياسة روسيا في الشرق الأوسط هي جزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى إنشاء نظام دولي يحمي روسيا من التدخل الغربي في شؤونها الداخلية ويضمن لها المساواة على قدم المساواة مع الولايات المتحدة في الممارسة العملية، من جهة تسعى موسكو إلى إنشاء متغير إقليمي لاعتقادها أنه أفضل نموذج للنظام الدولي، وتواجد روسيا في الشرق الأوسط أيضًا يعد تحديًّا أمنيًّا هائلًا وحتى الآن لم يتم تسجيل معارضة لخطورة موسكو من التواجد الجدي في منطقة الشرق الأوسط، فيسود الارتباك بسبب الافتقار إلى فهم تعقيدات الإستراتيجيات والإجراءات الروسية، إضافة إلى الافتقار الواسع للوعي بالفروق الدقيقة الكثيرة في الشرق الأوسط، هذا بالإضافة إلى أن سورية تمثل مزايا النهج التكتيكي والمعاملات وحدود السياسة والقدرة الروسية.
وكانت لصراعات روسيا في الشرق الأوسط منذ عام 2000، بمثابة بحث عن أهميتها كلاعب إقليمي من جهة تحييد مصالحها الأمنية والاقتصادية، وقد أتاحت نتائج الربيع العربي فرصة لروسيا لإيجاد صلة بالقوة في المنطقة؛ حيث لم تعد روسيا راضيةً عن لعب دور اسمي في المنطقة فقط، وإنما تريد أن تؤكد نفسها كقوة وتعتقد أنه يجب أن يكون لديها القدرة والإرادة السياسية لممارسة التأثير خارج حــــــدودها.
وقد نجحت روسيا في تقليل النفوذ الغربي والأمريكي في بلاد الشام وإنشاء معادلة إستراتيجية جديدة في (الشرق الأوسط، والبحر الأبيض المتوسط، وأوروبا) من خلال تدخلها في سورية والتوسع الدراماتيكي الذي تلا ذلك بشكلٍ عام في الشرق الأوسط، ومع تزايد الثقة بدأت روسيا في الترويج لنفسها كوسيط في نزاعات الشرق الأوسط بما في ذلك اليمن، فهي مصممة على استبدال الولايات المتحدة بصفتها المفاوض الرئيس في النزاعات الإقليمية.
وتواجه روسيا تناقضات وتحديات داخلية وإقليمية تهدد استدامة تواجدها في الشرق الأوسط، تعززها نتائج معادلة توازن القوى الإقليمي العالمي مستقبلًا في المنطقة.
وأخيرًا هناك موضوع أُنهي به عرضي لهذا الكتاب القيِّم وهو بعنوان “السياحة الإماراتية والريادة الاقتصادية في المنطقة – المعطيات والعوامل” للباحث مجادي رضوان ( باحث دراسات عُليا – جامعة مولاي الطاهر – سعيدة – الجزائر)، حيث يقول الكاتب: “إن الإمارات العربية المتحدة تعتبر من دول الخليج التي يقوم اقتصادها على صادرات البترول وإيرادات الريع، فهي تتموقع في محور طاقوي ونفطي غير متجدد جعلها أكثر عرضة للأزمات المالية والاقتصادية العالمية والمحلية، وفي ظل المكانة المرموقة في الاقتصاديات العالمية؛ نظرًا لمؤهلاتها المالية والمادية جعلها تفكر في كيفية الحفاظ على قوتها من خلال وضع إستراتيجية اقتصادية متكاملة عن طريق التوجه إلى تثمين القطاع غير النفطي، وانتهاج مجموعة من الآليات والسياسات العامة والبرامج والخطط التنموية التي ساهمت في تطوير وتطويع موارد القطاع غير النفطي، وترقية النشاطات السياحية في المنطقة، فقد ساهم القطاع السياحي في الإمارات بشكلٍ كبير في تنظيم إيرادات نشاطاته وتحويلها إلى الميزانية العامة للدولة، مما ساعد على تجاوز الأزمات المالية والعجز في الموازنات العامة، كما أثر إلى حدٍ بعيد في الاقتصاد الوطني وارتقى إلى مصاف الدول المتطورة اقتصاديًّا بحيث دفع إلى تحقيق التنمية الحضرية الصناعية والتكنولوجية خدمة لفئات المجتمع على مستوى البلد والمستوى العالمي”.
فالاهتمام الكبير للإمارات العربية المتحدة بالقطاعات الداعمة لقطاع السياحة، واحتلالها المراتب المتقدمة عالميًّا في منطقة الشرق الأوسط، جعلها مقصدًا إقليميًّا ومحورًا إستراتيجيًّا في جلب الاستثمارات واتفاقات رؤوس الأموال مقارنة مع الدول الأخرى في المنطقة، وهنا تكون دولة الإمارات العربية المتحدة قد تجاوزت التخطيط التقليدي للسياسات الاقتصادية، وانتهجت طريقًا مستدامًا ومتنـــــــوعًا (القطاعات غير النفطية) من أجل تحقيق الريادة الاقتصادية وقدرتها على المنافسة الإقليمية والعالمية.