يشكل شُحُّ المياه في المنطقة العربية تحديَّا كبيرًا للتنمية المستدامة؛ إذ يؤثر تفاقمه على الأمن المائي، الأمر الذي يؤثر بالتبعية على الأمن الغذائي وأمن الطاقة والتنمية الاقتصادية وسُبل العيش وصحة الإنسان، ومن هنا يرتبط الأمن المائي بالأمن الوطني الإقليمي، هذا السياق يوضح تحديد الروابط بين التعاريف المتداولة لأمن المياه وأهداف التنمية المستدامة بالإضافة إلى أهمية الأمن المائي في التنمية المستدامة وضرورة تعميم الأمن المائي في خطة التنمية الوطنية.
كما إن هناك علاقة مباشرة بين الأمن القومي العربي ومسألة تأمين مصادر المياه، وإذا كان الأمن العام لدولة ما هو الإجراءات التي تتخذها تلك الدولة لتحافظ على كيانها ومصالحها في الماضي والمستقبل، فإن فهم الأمن على أنه موضوع الدفاع العسكري داخليًّا وخارجيًّا هو أمر سطحي وضيق؛ لأن الأمن العسكري هو وجه سطحي لمسألة الأمن الكبرى.
ومشكلة المياه في الوطن العربي ذات أبعاد كثيرة؛ فالوطن العربي يقع في الحزام الجاف في العالم، وتقل فيه الموارد المائية المتجددة عن 1% من المياه المتجددة في العالم، ونصيب الفرد العربي من المياه 1744 متر مكعب سنويًّا في حين إن المعدل العالمي يصل إلى 12900 متر مكعب سنويًّا.
وتجدر الإشارة أن الموارد المائية ومصادر المياه في الوطن العربي تتمثل في الأمطار والمياه السطحيـــــــــــة ” الأنهار”، هي الأهم؛ فالمياه السطحية الحالية المتاحة في الوطن العربي تبلغ 127,5 مليار متر مكعب سنويًّا، تحوز ثلاثة أقطار عربية حوالي 71% منها (مصر، والسودان، والعراق)، ومن المفروض أن يكون ضعف المتاح حاليًّا يستغل عن طريق مشروعات الري والسدود.
ومن المفهوم أننا أمام بحث ينشر مفاهيم التنمية المستدامة والأمن المائي والقومي وعلاقة كل تلك المفاهيم بالمشاكل التي تواجهها البلدان العربية خاصة (مصر، والعراق)؛ بسبب إقامة السدود على (نهر النيل، ونهر الفرات)، وعرض للاتفاقيات الدولية، ومحاولة عرض الحلول لمواجهة تلك المشكلات المائية التي تهدد أمن البلاد.
أما الفصل الأول من الكتاب المكون من جزأين، فيناقش بداية بالتحليل الأمن المائي العربي للتنمية المستدامة؛ حيث يشير الباحث إلى أن مفهوم التنمية المستدامة ورد لأول مرة في تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية “WCED” عام 1987، وعرَّف التنمية في هذا التقرير على أنها تلك التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة في تلبية حاجياتهم، كما عُرِّفت التنمية المستدامة بأنها التنمية القائمة على تشجيع أنماط وسلوكيات إنتاجية ضمن حدود إمكانية البيئة.
ومع التعريفات المتعددة للتنمية المستدامة فقد توصلت الدراسة في أن التنمية المستدامة هي التي تلبي احتياجات الجيل الحالي من غير إسراف دون التهاون باحتياجات الأجيال القادمة.
أما عن أبعاد التنمية المستدامة، فلابد من التسليم بأن المجتمع الدولي يختلف في مطلع القرن الواحد والعشرين عما كان عليه العقد الأخير من القرن العشرين؛ حيث كانت عدة قوى دولية تتقاسم هذا المجتمع مما يترك أبعادًا تؤثر على التنمية.
كثيرًا ما تؤدي ظروف البلدان النامية إلى استنفاذ مواردها بمعدلات غير مقبولة مع عدم وجود أي بديل لمواجهة النمو السكاني كما في بعض بلداننا العربية، وبالتالي هذا الأمر يتطلب وضع إستراتيجيات مستقبلية مبنية على أبعاد ومقومات التنمية المستدامة، ولأهمية ذلك فقد أصبحت التنمية المستدامة محور الحديث في أوساط المجتمع، وبرزت لها الأبعاد والمقومات منها: البعد الاقتصادي والمالي؛ حيث لا تتحقق التنمية المستدامة إلا بتأييد نظام اقتصادي يرفض نماذج التنمية المفروضة والبعيدة عن ذات المجتمع وغير الملائمة للهوية الثقافية له من جانب، وسياسة ذاتية التعميم من جانب آخر، فمشاركة المجتمع في القرارات المتعلقة بالتنمية أحد الشروط الأساسية لنجاح الخطة الاقتصادية، وأيضًا لتحقيق ذاتية التنمية المستدامة. وثاني بُعد هو: البعد البشري والاجتماعي؛ فغياب البعد الاجتماعي في عملية التنمية المستدامة هو السبب في فشل الكثير من برامج الدول التي عملت على تحقيق التنمية المستدامة، ويركز البعد الاجتماعي على تنمية الموارد البشرية، على الرغم من اختلاف إستراتيجية التنمية البشرية من بلد لآخر إلا أن معظم بلدان العالم النامي يواجه تحديات متماثلة في ضوء الزيادة السكانية، فمن الصعوبة بمكان رفع مستوى المعيشة للسكان ( إسكان، وصحة، وتعليم، … وغير ذلك مما هو ضروري)، إلا أنه في الواقع الاهتمام بالنواحي الصحية يلعب دورًا هامًا في عملية التنمية البشرية الآن، وجود الرعاية الصحية والعلاج تُعد عملية تشغل بال الأجيال الحاضرة، ولا يمكن تأجيلها والاحتفاظ بها للأجيال القادمة.
والبعد الثالث: هو البعد البيئي؛ حيث تعتمد التنمية المستدامة على إدارة الموارد الطبيعية والبشرية وتحافظ على مصالح الأجيال الحالية واللاحقة، وهذا هو التحدي الذي يواجه الأفراد والمجتمعات، ويتطلب بذل الجهود لتوعية السكان لحماية الموارد الطبيعية من الضغوط البشرية.
ثم ينتقل الباحث بحديثه إلى الأمن المائي المصري والعراقي ومصادر تهديده؛ حيث يعتبر الأمن المائي من القضايا الإستراتيجية المرتبطة مباشرة بالأمن القومي بشكل عام، وقد أصبح مفهوم الأمن المائي ذا أهمية خاصة في الفكر الإستراتيجي؛ لوجود علاقة مترابطة بين الأمن المائي والاستغلال الوطني من الناحية السياسية والاقتصادية.
فحيثيات بناء (سد النهضة الإثيوبي، وسد إليسو التركي) تتشابه مع بعضها البعض، وهو تحكم تركيا في منبع نهر دجلة وإثيوبيا في منبع نهر النيل، فتركيا قامت ببنا سد (إليسو) على مقربة من حدودها مع العراق لأسباب سياسية، وتستخدم ملف المياه كوسيلة ضغط على العراق، وتدعي أن أنهار (دجلة، والفرات) هي أنهار وطنية داخلية وليست دولية، وبالتالي لها الحق في إقامة السدود متى شاءت ومن دون تدخل من قبل أي دولة، وعليه ترى أن بناء سد إليسو وهو ضمن مشروع الغاب العملاق مشرق الأناضول، وهو يتضمن إنشاء 22 سدًا على نهري (دجلة، و الفرات) وروافدها، وهذا ما يتسبب في جفاف متعمَّد لعدد من الأنهار والروافد كما في حالة نهر الفرات.
وعلى كلٍ فتركيا تعتبر نهر دجلة ثروة مائية يجب الاستفادة منه وتصدير مياهه للخارج، وبذلك تعد المياه سلعة إستراتيجية تجارية تباع وتشترى كأي سلعة أخرى بعيدًا عن القوانين الدولية التي تنظم العلاقات الدولية بين الدول حول الأنهار المشتركة.
وكذلك تنطبق نفس الحالة على مياه النيل والتعنت الإثيوبي إزاء مياهه المتدفقة لدولتي المصب (مصر، والسودان)، على الرغم من الاتفاقيات الدولية السابقة الموقعة منذ عهد الاستعمار، والتي أعطت الحق لمصر في الاستفادة من مياه النيل، إلا أن المتابع لقضية بناء سد النهضة يلحظ أن إثيوبيا لا تعترف بكل الاتفاقات الدولية والتي تنظم حقوق دول المصب بالمياه المشتركة، فضلًا عن عدم إبلاغ مصر بنية إثيوبيا بناء السد، الذي من دون شك سيؤثر على حصة مصر المائية من نهر النيل مما يؤدي إلى بوار مساحات كبيرة جدًا من الأراضي الصالحة للزراعة، فضلًا عن تشريد سكان ضفتي النهر وزيادة نسبة التلوث فضلًا عن تبوير الأراضي الزراعية.
وهنا تبرز مشكلات وتحديات اقتصادية عدة تواجه (العراق، ومصر) نتيجة تلك السدود.
ثم يحدثنا الباحث بعد ذلك عن الدور الإسرائيلي في منطقة حوض النيل؛ حيث يقوم الأمن القومي الإسرائيلي على مرتكز أساسي وهو إنشاء دولة إسرائيل الكبرى، كما قال بن جوريون: “إن خريطة إسرائيل ليست خريطة بلادنا، فلدينا خريطة أخرى نسعى لتحقيقها هي أن تكون دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل”، ولكي تحقق ذلك توطد علاقاتها مع جميع الدول خاصة دول إفريقيا مستغلة ضعفها السياسي والاقتصادي، وعلى مر التاريخ فإن قضية المياه هامة لإسرائيل وتهدد الوجود الإسرائيلي، ولذلك فالصراع والحرب على المياه العربية مكون أساسي في الفكر الصهيوني، وقد سعت إسرائيل على الاستيلاء على المياه منذ احتلالها للأراضي العربية.
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل قد طرحت مشروع الأمن المائي لإسرائيل، والذي تنشر كدراسة مستقلة عام 1991، ويؤكد الإسرائيليون على الربط بين تحقيق السلام وإنهاء حالة الحرب بين الأطراف العربية من جهة وإقرار مشروعهم المائي من جهة أخرى، ومن أهم ركائز المشروع الإسرائيلي الخاص بالمياه هو نقل مياه النيل إلى صحراء النقب؛ حيث تزعم إسرائيل أنه هناك فائض متوقع من المياه في مصر، وأمام هذه المزاعم تسعى إسرائيل بمساعدة أمريكية للسيطرة على المياه العربية بكافة الطرق من أجل تمويل مشروعاتها الكبيرة ومستوطناتها بالمياه اللازمة على حساب الأراضي الفلسطينية. والجدير بالذكر أيضًا أن الحرب التي تشنها إسرائيل أيضًا تقوم على العناصر الآتية:
- اتباع سياسة التحريض الدائم والمستمر لدول الجوار الإستراتيجي والمشاركة في أحواض الأنهار؛ لإشعارها بالظلم الناتج عن التوزيع غير العادل للمياه، وقد برز ذلك واضحًا في دول حوض النيل مثل: (كينيا، ورواندا).
- وفي السياق ذاته، تسعى إسرائيل على محاصرة النظم العربية في إفريقيا وذلك من خلال إقامة محور مضاد يضم دول القرن الإفريقي وشرق إفريقيا (إثيوبيا، كينيا، جنوب السودان، تنزانيا).
- تقديم إسرائيل مساعدات لإثيوبيا ليس فقط في مقابل هجرة يهود الفلاشا لإسرائيل، وإنما يرى البعض أنه مقابل تقديم تسهيلات لإسرائيل في جزيرتي (أهلك، وفاتيما) في البحر الأحمر، وهو ما يعني إعادة بناء قواعد عسكرية لإسرائيل بالقرب من باب المندب، كما كانت قبل اندلاع حرب أكـــــــتوبر 1973.
أما الفصل الثاني من الكتاب: فقد خصصه الباحث للحديث عن مستقبل الأمن المائي العربي في ضوء التحديات المعاصرة، واختص الكاتب في هذا الفصل بالحديث عن الأمن المائي (المصري، والعراقي)، ويتحدث فيه عن أسباب تعثر المفاوضات بين (مصر، إثيوبيا)؛ حيث يمثل ملف سد النهضة أحد أكثر الملفات التي تعكس تراجع إلى حد ما ثقل ودور مصر إفريقيًّا، كما تجلى ذلك في حديث لإحدى الصحف مثل صحيفة الإندبندت البريطانية عن اهتمام بعض الدول المجاورة لدعم مصر، مقابل التباطؤ في التعامل في ملف بخطورة السد، ومقابل ترك المساحة واسعة لإثيوبيا لبناء سمعة ونفوذ كبيرة بين شعوب إفريقيا بسياسات أكثر شعبية، وقد تجلى مظاهر ذلك في وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي بين المتظاهرين السودانيين والمجلس العسكري في السودان لصالح حل سياسي توافقي يرضي المدنيين والعسكريين على السواء. وإلى جانب كونه استمرار لسياسة تجاهل مصر إفريقيًّا منذ عهد الرئيس الأسبق “حسني مبارك”، يأتي هذا التباطؤ في سياق عدد من القيود على تحركات الدبلوماسية المصرية، ونذكر منها:
تداخل وتشابك مصالح دول حوض النيل بشكل يعقد خريطة التفاوض والتحرك المصري المتأخر بشأن سد النهضة والسياسة المائية عمومًا، وأيضًا الدور الكبير لإثيوبيا في السياسات الإفريقية، واتساع شبكة علاقاتها ومصالحها ضمن القارة، بالإضافة إلى ضعف إمكانية التدخل العسكري؛ لكثرة القوى الدولية المرتبطة بمشروع السد، وللمخاطر الفنية والبينية المحتملة التي قد تمتد على مصر والسودان نفسيهما، مع تصاعد ضغوط الندرة المائية في دول حوض النيل نفسها؛ بسبب التغير المناخي، مع تصاعد احتياجاتها التنموية من المياه والغذاء والطاقة في نفس الوقت، بشكل يدفعها إلى المزيد من التشدد في مطالبها ومفاوضاتها مع الجانب المصري، ما تجلى في اتفاق التعاون الإطاري.
أما عن الخيارات الإستراتيجية لمصر، بالنظر إلى المخاطر والتهديدات المحتملة للسد وبخاصة الإستراتيجي منها، المتصل بهيمنة إثيوبيا على موارد مصر المائية_ نجد أن أمام مصر نوعين من خيارات المواجهة التي يجب أن تنفذها على التوازي: أولها، المواجهة التقنية مع رفع كفاءة استخدام الموارد المتاحة باستخدام أنظمة الري والزراعة الحديثة، مع رفع كفاءة توزيع الموارد المتاحة بتعديل التركيب المحصولي باتجاه المحاصيل الأقل استهلاكًا للمياه والأعلى إنتاجية لظروف البلد واستخدام المياه الجوفية وتحلية مياه البحر.
ثانيها: المواجهة الإستراتيجية التي تتمحور حول نوعين من السياسات الهادفة بالأساس لمواجهة الهيمنة الإثيوبية على النيل، وضمان قدر من توازن القوى بين البلدين في مجال السياسات المائية وهي:
- إيجاد مصالح مشتركة مما يفرض منطق تبادل المصالح المشتركة، ويفيد في هذا مثلًا ضعف كفاءة سد النهضة من جهة هدفه الأساسي المتعلق بإنتاج الطاقة، مع فائض الطاقة الكبيرة لدى مصر؛ حيث يمكن أن يفيد التبادل هنا في إطالة فترة ملء السد، في إيجاد مصالح مشتركة بين البلدين من خلال نوع من التسوية، المياه مقابل الكهرباء.
- خلق أوراق مضادة من خلال استغلال نقاط ضعف الخصم كون إثيوبيا دولة حبيسة بحاجة إلى منافذ على البحر، وصراعها مع جاراتها الأصغر (إريتريا، وجيبوتي)، بما يمكن مصر من تهديد مصالحها التجارية حال هددت مصر بمصالحها المائية.
ويرى الباحث في النهاية أنه يجب على مصر ألا تستبعد خيار الحرب، إذا ما اضطرها ذلك التعنت الإثيوبي، ففي المفاوضات الدولية ينتصر صاحب السقف الأعلى، كما أن التهديد باحتمالية الحرب والإضرار بالاستقرار، والضجيج الإعلامي والزخم السياسي المصاحب لها، يمثل بذاته عنصر ضغط على كافة الأطراف الإقليمية والدولية للتوقف عن اللامبالاة بالحقوق المصرية، وإجبارها على التدخل لتحقيق تسوية أكثر إنصافًا، خصوصًا مع عدالة القضية المصرية.
أما عن أزمة السدود التركية على نهر الفرات، فيحدثنا الباحث إن تركيا تُعد من أهم دول المنبع بالنسبة للموارد المائية العربية، فمن أراضيها ينبع نهرا (دجلة، والفرات)، اللذان تقومان عليهما الحياة في العراق، وأيضًا يعتبر نهر الفرات مصدرًا أساسيًّا للمياه في سوريا، ونفذت تركيا عدد من الإنشاءات على النهرين ضمن مشروعها المسمى مشروع شرق الأناضول (GAP)، ونجم عن ذلك تراجع ملحوظ في كميات المياه الواردة عبر النهرين، وقد مثل ذلك مخالفة صريحة للاتفاقات الثنائية وقواعد القانون الدولي، التي تضع جملة من الضوابط لتحقيق الانتفاع المنصف المعقول من مياه النهر الدولي من الدول التي تستخدم مياهه.
وقد ألقت المشاريع التركية المائية بظلالها على العلاقات التركية العراقية، على الرغم من عقد عدة جولات من المفاوضات بين الجانبين؛ إذ إن ذلك لم يمنع تركيا من تنفيذ مخططاتها دون الاكتراث بمصالح الآخرين، وقد قدم العراق شكاوى واحتجاجات وتهديدات لم تَحُل دون مواصلة العمل على المشروع التركي، بل إن البلدين لم يتوصلا إلى اتفاق أو معاهدة لتقسيم مياه النهرين، وذلك لعدة اعتبارات منها:
- افتقاد التنسيق بين سوريا والعراق.
- غياب القانون الدولي الذي يحدد تقاسم الموارد المائية المشتركة وإداراتها.
- دخول العراق في حروب إقليمية فرضت عليه إقامة علاقات طيبة مع تركيا، مما يحول دون الرد بفاعلية ضد السياسة المائية التي تنتهجها تركيا.
وهكذا برزت من خلال ذلك مشكلات سياسية وأمنية ترتب عليها نزاعات حول الموارد المائية، وتحولت لوسائل ضغط تستغلها تركيا في تصرفاتها إزاء جيرانها المشتركين معها في الأنهار، لكن تركيا تناست أن لدى سوريا إدراك واضح لتوافر ورقة خطيرة لديها تتمثل في القضية الكردية، وأنها تسعى إلى أن تقايض بها أو تستخدمها كوسيلة ضغط على تركيا، لذلك سعت تركيا دومًا لإضعاف الموقف العراقي السوري من المشكلات التي تتعلق بالمياه والأمن، حتى برزت الدعاوى التركية التي تتهم سوريا وأطرافًا أخرى بأن تقديم يد العون لتمرد أكراد تركيا يهدد جهودها في تطوير مشروعه في جنوب شرق الأناضول، ويُشار إلى أن الدعم السوري للأكراد كان بمثابة رد مباشر من سوريا على القرار التركي بربط الموارد المائية المتوفرة بغزارة في نهري (دجلة، والفرات) بمشاريع ضخمة يمكن أن تؤثر بعيدًا إلى ما وراء الحدود التركية، أي أن سوريا كانت توظف ورقة الضغط الكردية وتستخدمها لترغم تركيا على أن تنظر بعين الاعتبار لمطالبها ومطالب العراق المائية.