سطَّرت الحضارة المصرية القديمة للإنسانية تاريخًا عريقًا، وخلفت وراءها آثارًا وعلومًا ومعمارًا وفنونًا، كانت ولا تزال مصدر إبهار لكل شعوب العالم في الماضي والحاضر، وقد جذب تاريخ هذه الحضارة الباحثين والمهتمين من كل أنحاء العالم لدراسة مقوماتها وتطور الحياة فيها عبر آلاف السنين، محاولة لسبر أغوار منجزها الإنساني، واكتشاف الأسرار التي ارتبطت بها.
وعلى الرّغم من هذا فقد وصلت إلينا هذه الحضارة صامتةً لم يُستدل على صوتها المسموع في بحوث علماء المصريات والباحثين في اللغويات بشكلٍ علمي قاطع، سواء ما يتعلق بمنطوق اللغة المصرية القديمة أو بصوت موسيقاها، التي تكشف لنا النقوش المرسومة على جدران المعابد والمقابر والآلات الموسيقية الموجودة منذ آلاف السنين على أهمية الموسيقى في حياة قدماء المصريين. ومن ثم يبقى منطوق قراءات الباحثين للنصوص القديمة، وكذلك محاولاتهم للكشف عن الشكل الصوتي للموسيقى في إطار علم الآثار التجريبي المبني على الافتراض دون جزم، وقد يعزو ذلك لغياب التدوين الموسيقي ضمن الآثار المكتشفة إلى جانب حقيقة أن وجود الآلة في حد ذاتها غير كافٍ لتحديد صوت الموسيقى وشكل الألحان التي تعزف عليها.
إلا أن هذا الأمر لم يقف عائقًا أمام الإبداع الموسيقي المتحرر من قيود البحث العلمي وموضوعيته؛ فعلى الرغم من عدم وجود مرجعية مسموعة لشكل الموسيقى)[1](، ظلت الحضارة المصرية القديمة مصدر إلهام للعديد من الأعمال الموسيقية في الغرب والشرق على مر العصور الموسيقية المختلفة، نستعرض في هذا المقال بعض هذه التجارب الموسيقية؛ لنحاول أن نستخلص جوانب التشابه والاختلاف فيما بينها.
استلهام الحضارة المصرية القديمة في بعض أعمال الموسيقى الفنية الغربية:
يمكن ملاحظة أن أغلب الأعمال الموسيقية التي استلهمت موضوعها من الحضارة المصرية القديمة، أو بمعنى أدق اتخذت من مصر القديمة خلفية أو مكانًا لأحداثها_ كانت في مجملها أعمال موسيقية درامية (أوبرا، باليه، موسيقى مصاحبة لمسرحية)، تشكلت في ثلاثة اتجاهات أساسية كالآتي:
أولًا: استلهام قصة دينية دارت أحداثها في مصر :
وأهمها قصة النبي موسى وخروجه ببني إسرائيل من مصر، ويُلاحظ أن المبدعين قد استخدموا في هذه الأعمال طابع الموسيقى الكلاسيكية الأوربية الدينية، والتي تختلف فيما بينها تبعًا للعصر الذي أُلفت فيه وأسلوب المؤلف الموسيقي الذي أبدعها. والواضح أن هذه الأعمال لا تختلف في أسلوب تناولها عن الأعمال الدينية الأخرى، التي تدور أحداثها في أماكن مختلفة بمعنى أن المكان هنا لم يكن عاملًا مؤثرًا في تشكيل طابع الموسيقى، بل جاءت الموسيقى محايدة متصلة بأسلوب المؤلف المعتاد في تناوله للأعمال الموسيقية الدينية الأخرى. ولا شك أن حداثة علم المصريات واقتصار ما هو معلوم عن الحضارة المصرية حتى القرن التاسع عشر، على ما ذكر في(الكتب المقدسة، والكتابات اليونانية، والرومانية القديمة)، والتي تصف مصر من منظور الكاتب دون أن يعايشها المبدع أو يتفاعل مع آثارها بشكلٍ مباشر، كان له أثرًا واضحًا على أسلوب التناول الموسيقي ذي الصبغة الدينية الأوروبية، ومن أمثلة المؤلفات التي تناولت القصص الدينية نذكر: أوراتوريو )[2](“إسرائيل في مصر” للمؤلف الألماني/الإنجليزي “جورج فريدريك هاندل” (1685- 1759)، الذي استخدم فيه أجزاء موسيقية من أعمال سابقة له، وكذلك أوراتوريو “موسى في البحر الأحمر” للمؤلف الإيطالي “فرانشيسكو ماريا فيراتشيني” (1690-1768) ، وأورتوريو “موسى في سيناء ” للمؤلف الفرنسي “فيلسيان ديفيد”(1810-1876).
وهناك بعض الأعمال التي تناولت القصة الدينية، ولكن في عمل دنيوي لا يعكس الطابع الديني للقصة، ومن أمثلتها أوبرا “موسى في مصر” للمؤلف الإيطالي “جواكينو روسيني” (1792-1868)، التي قدمها في البداية على نص إيطالي ثم أعدَّ نسخة موسعة على نص فرنسي وأسماها “موسى وفرعون”، ويلاحظ أن روسيني بنى الحبكة الدرامية في النسختين على قصة حب متخيلة بين ابن الفرعون وإحدى فتيات بني إسرائيل، ومحاولته لمنع والده الملك من السماح بخروجها هي وأهلها مع النبي موسى. وبشكلٍ عام استخدم روسيني لغة موسيقية محايدة ارتبطت بأسلوبه الإيطالي الرومانتيكي المتميز بجمال اللحن واستعراض قدرات الصوت البشري، وخاصة في تناول الجانب الشاعري للقصة العاطفية، ولم تتضمن معالجته أية محاولة لتقديم أي شكل تصوري يعبر عن طابع الموسيقى المصرية القديمة المرتبطة بمكان الأحداث .
وفي تجربة أخرى للمؤلف النمساوي “أرنولد شونبرج” (1874-1951)، الذي قام بتأليف أوبرا “موسى وهارون” عام 1930 في المرحلة المتأخرة من حياته، وكان يعتزم أن يؤلفها كأوراتوريو وتغيّر رأيه في اللحظة الأخيرة، ولكن ظل المحرك الأساسي لاختيار القصة هو محرك ديني يحاول فيه شونبرج عرض أفكاره باستخدام أسلوبه المميز في التأليف الاثنا عشري (الدوديكافوني))[3]( .
ثانيًا : استلهام قصة تاريخية أو لها أصل تاريخي من الحضارة المصرية القديمة:
لا شك أن تاريخ الحضارة المصرية ذاخر بكثير من القصص التي ارتبطت إما بأساطير شهيرة مثل: قصة إيزيس وأوزوريس، أو بالشخصيات التاريخية للفراعنة أو الملوك أو الملكات من فترات زمنية مختلفة، كانت هذه القصص دائمًا مصدر إلهام جاذب للمؤلفين الموسيقيين، وفي هذا السياق يُلاحظ أن كثيرًا من المؤلفين قد تناولوا إما قصصًا تاريخية حدثت بالفعل أو اتخذوا من حدث له أصل تاريخي أساسًا لقصة خيالية؛ ليكون فيها مكان الأحداث (مصر القديمة) منطلقًا لأسلوب تناول القصة موسيقيًّا .
ومن أمثلة ذلك نشير إلى مسرحية “تحتمس، ملك مصر”، التي كتبها “توبيوس فيليب جيلبر”، وألَّف لها المؤلف النمساوي الشهير “فولفجانج أماديوس موتسارت” (1756 -1791) الموسيقى المصاحبة لها بأسلوب أوبرالي عام1779، بنى جيلبر قصته على شخصية تاريخية معروفة ولكنه نسج حولها قصة من وحي الخيال وإن كانت أسماء شخوصها تاريخية)[4](، بينما جاءت المعالجة الموسيقية بأسلوب موتسارت الرشيق المتأنق الذي استخدمه في إبداع أعماله السيمفونية ولا توجد أية إشارة موسيقية لمكان الأحداث، ولهذا فقد استخدمت الموسيقى بعد سنوات قليلة لتصاحب مسرحية أخرى تدور أحداثها في الهند.
وفي سياق معالجة موسيقية مختلفة، حاول فيها المؤلف الموسيقي استحضار الشكل الصوتي للموسيقى المصرية القديمة من وجهة نظره، من خلال ترجمة الصور البصرية لرسوم المعابد موسيقيًّا_ تتسم تجربة المؤلف الإيطالي “جوزيبي فيردي” في كتابة أوبراه الشهيرة “عايدة “؛ فعندما عرض كاتب النص “كامي دي لوكل” على فيردى قصة “عايدة”، التي كتبها عالم المصريات الفرنسي “أوجست مارييت”، تحمس فيردى للقصة ووجد في موضوعها المصري القديم لونًا جديدًا لم يقدمه من قبل، كما لمس بخبرته الفنية الإمكانيات المسرحية والموسيقية العالية بها، ولهذا وافق على تكليف الخديوي إسماعيل بتأليف أوبرا على هذه القصة لكي تُقدم في افتتاح دار الأوبرا الخديوية.)[5](
استوحى مارييت قصة عايدة من بعض ظواهر الحياة والعادات المصرية القديمة التي ظهرت في نقوش المعابد مثل: طقوس الكهنة، ومواكب النصر، وعادة “دفن الأحياء” (التي عوقب بها البطل في نهاية الأوبرا). وقد نسج حولها قصة عاطفية ربطها بالحرب التاريخية بين (مصر، والحبشة).
وقد عبر فيردي عن الأجواء المصرية القديمة للقصة وحاول فيها استحضار شكل موسيقي يحقق الدلالة البصرية للرسوم الموجودة في المعابد والمقابر، تجلى ذلك في ثلاثة مشاهد أساسية عالج كل منها بطريقة مختلفة لتلائم طبيعة المشهد كالآتي :
أولًا: في ختام الفصل الأول: ويدور في معبد إيزيس، حيث تجري الاحتفالات بتنصيب راداميس قائدًا للجيش. أضفى فيردي ملمحًا غرائبيًّا في إنشاد الكاهنة بمصاحبة آلة الهارب، التي اختارها لتشبه بصريًّا الآلة المرسومة على المعابد، واختار أن يأتي صوت الكاهنة من خارج خشبة المسرح في مقابل ابتهال الكهنة الرصين الوقور يقودهم كبير الكهنة رامفيس على خشبة المسرح يباركون اختيار رادميس لقيادة الجيش المصري في حربه مع الحبشة.
ثانيًا : في بداية الفصل الثاني (مشهد أمنيريس ووصيفاتها): أضفى فيردي طابعًا حميميًّا يغلب عليه الرنين الصوتي الرقيق الأنثوي الأقرب إلى رنين موسيقى الحجرة باستخدام بعض الآلات الأوركسترالية التي تشبه الآلات المصرية القديمة مثل: الهارب، وبعض آلات النفخ وخاصة الفلوت وهو الأقرب للناي عند قدماء المصريين .
ثالثًا: ختام الفصل الثاني وهو مشهد النصر: وفيه يحتفل المصريون بانتصار رادميس في المعركة، وهنا اختار فيردي ألحانًا صرحية تدعمها النحاسيات والتي تتلاءم مع الطابع المعماري الضخم لمعابد وساحات القدماء المصريين، والمتخيل منها لطبيعة الصوت المصاحب لموكب الملك والاحتفالات المقترنة بالنصر، وقد تنوعت الموسيقى في هذا المشهد تبعًا لتغير الأحداث فيه حيث بدأت قوية بمارش النصر ورقصات الباليه المصاحبة، ثم تحولت إلى شجية بظهور الأسرى واستجدائهم الرحمة من الملك الذي عفا عنهم. وبشكلٍ عام و إن غلب على الطابع الموسيقي في الأوبرا أسلوب فيردي الرومانتيكي الإيطالي إلا أن عايدة لها مذاق موسيقي متميز إذا ما قورنت بباقي أوبرات فيردي التي تدور في أجواء مكانية وزمانية مختلفة.
وقد يكون اقتراب فيردي من تصوير الأجواء المصرية القديمة، وارتباط ذلك بالدلالة البصرية التي تعكسها النقوش والآثار بشكل مغاير لمعاصريه أو من سبقوه يرجع لطبيعة القصة التي كتبها مارييت كعالم آثار متعايش مع طابع هذه الحضارة وعناصرها .
ولا شك أن أكثر القصص التاريخية استلهامًا في الموسيقى قصة “الملكة كليوباترا” التي تم تناولها في أعمال موسيقية متعددة خلال العصور الموسيقية المختلفة من أبرزها أوبرا “يوليوس قيصر” لجورج هاندل والأوبرا الجادة “كليوباترا” للمؤلف الإيطالي “دومينيكو شيماروزا”، وكذلك الأوبرا الفرنسية “كليوباترا”عام 1914 للمؤلف الفرنسي “جول ماسينيه”، وأوبرا “ليلة كليوباترا” للمؤلف الأمريكي “هينري كيمبل هادلي” متأثرًا باتجاه الواقعية في الأوبرا في القرن19 . وأغلب هذه الأعمال غلب فيها استخدام لغة المؤلف المميزة بشكل محايد عن محاولة الإيحاء بالمكان لما تميزت به القصة من تفاصيل درامية تجمع بين العاطفة وأجواء الحرب والصراع والخيانة والنهاية المأسوية.
ثالثًا: استلهام الحضارة المصرية القديمة لعرض فكرة فلسفية معينة مرتبطة بها:
قد تكون تجربة موتسارت في اختيار مصر القديمة بمعابدها العظيمة مكانًا لأحداث أوبراه الألمانية “الناي السحري” انعكاسًا لاعتناقه السري هو وصديقه إيمانويل شيكانيدر (كاتب النص) للماسونية الحرة، وهو مذهب تلعب فيه الحضارة المصرية القديمة جزءًا من الأفكار الراسخة فيه، وقد استخدم “شيكانيد”،و”موتسارت” الإشارة الرمزية لذلك سواء في النص أو الموسيقى؛ حيث تبدأ الأوبرا بافتتاحية أوركسترالية تستهلها ثلاثة تآلفات بطيئة تشير إلى دخول البطل، وكذلك نجد في القصة ثلاث ساحرات، وثلاثة أبواب نظرًا لأهمية رقم3 في الماسونية.
وتعبر أوبرا الناي السحري عن الصراع الأبدي بين الخير والشر، بين العقل والخرافة، كيف يمكن للإنسان أن يصل إلى السمو عن طريق العقل والحكمة وتحدي الصراعات والعقبات التي تقابله، وقد تناولها موتسارت بأسلوبه المعتاد الذي يمثل السهل الممتنع. وعلى الرغم من اختيار مصر القديمة مكانًا للأحداث لم تخرج المعالجة الموسيقية في مجملها عن الطابع الموسيقي المميز لأسلوب موتسارت، الذي جمع فيه بين البساطة التي تميز أوبراه السنجشبيل الألمانية وبين أفكاره الفلسفية المتخفية وراء إشارات ورموز في النص والموسيقى- وخاصة التي يتضمنها الفصل الثاني- ومنها آريا الكاهن ساراسترو التي يتضرع فيها لإيزيس وأوزوريس ليلهما الأمير البطل الطريق الصحيح للوصول لغايته، وفيها إشارة واضحة للحضارة المصرية القديمة، وإن استخدم فيها موتسارت طابع الإنشاد الكورالي الكنسي المميز للموسيقى الكلاسيكية في القرن الثامن عشر.
ومن التجارب المعاصرة التي استخدمت شخصية مصرية من التاريخ المصري القديم للتعبير عن فكرة فلسفية معينة جاءت أوبرا ” أخناتون” للمؤلف الأمريكي “فيليب جلاس” 1937، رائد مذهب المينمالية )[6]( في الموسيقى الغربية المعاصرة، وهي الأوبرا الثالثة التي قدمها أخناتون عام 1984ضمن الثلاثية الأوبرالية “أعمال غيرت التاريخ بقوة الأفكار”)[7](، يرمز جلاس بهذه القصة للدين؛ حيث تناولت أوبرا أخناتون حياة الفرعون المصري أخناتون الذي تبنى فكرة التوحيد التي غيرت العبادات في مصر القديمة من تعدد الآلهة إلى عبادة إله واحد هو آتون، عالج جلاس أحداث الأوبرا بشكل يشبه الدراما الإغريقية المُتمثلة في الانتقال من عصر إلى آخر (عصر حكم أخناتون والوقت الحاضر)، وذلك من خلال شخصية الراوي والتي يجسدها رجل يرتدي ملابس معاصرة يقف بجانب المسرح ويتحدث بتعليقات من آن لآخر خلال المشاهد وتقوم هذه التعليقات بربط النصوص و المشاهد معًا فنجده ينتقل بعد وفاة أخناتون للعصر الحاضر حيث يقوم بقراءة النقش على قبر آي قائد الحرس، وقد اختار جلاس أن تتحدث شخصية الراوي بلغة حديثة مثل: الإنجليزية أو الألمانية غير مُغناة.
على حين جاءت باقي النصوص الأساسية المغناة داخل مشاهد الأوبرا مأخوذة من نصوص أصلية من كتاب الموتى المصري، ومن قصيدة أخناتون نفسه، وكذلك مقتطفات من المراسيم ورسائل من عصر العمارنة (فترة السبعة عشر عامًا من حكم أخناتون) بلغة قديمة ماعدا ترنيمة واحدة لأخناتون يغنيها بلغة الجمهور الحاضر.
وتتسم تجربة جلاس بمحاولة جديدة بين المبدعين في التعامل مع النصوص المصرية القديمة باستخدام المنطوق الصوتي الإصطلاحي الذي ابتدعه الباحثون في علم المصريات ليسهل معه قراءة النصوص، وفي تناوله الموسيقي لهذا النص لم يشر جلاس أنه يحاول به إحياء الموسيقى ذاتها؛ حيث يغلب على الموسيقي أسلوبه المميز القائم على نماذج لحنية بسيطة تتكرر بشكلٍ تراكمي .
ويمثل المشهد جنازة والد أخناتون” أمنحتب الثالث”، اللحظة التاريخية التي تنطلق منها قصة الأوبرا، ويبدأ بعدها حكم أخناتون بكل أحداثه وملابساته ويصف المشهد الطقوس الجنائزية التي يقودها كهنة آمون، الذين يغنون نصًا مأخوذًا من كتاب الموتى المصري.
استلهام الحضارة المصرية القديمة في الإبداع الموسيقي المصري :
ظهر اتجاه عام في مصر للاهتمام بالموضوعات والقصص المستمَدة من التاريخ المصري القديم في القرن التاسع عشر، وخاصة مع ازدهار المسرح الغنائي في مصر في العقود الثلاث الأولى من القرن العشرين، والذي واكب اهتمام أدبي بالقصص المستوحاة من التاريخ المصري القديم .
ولاشك أن هناك العديد من التجارب الموسيقية في إطار الموسيقى التقليدية والجماهيرية الرائجة، وكذلك الفنية المعاصرة التي اختارت موضوعها من التاريخ المصري القديم، وغالبًا كان أغلبها في إطار النوع الثاني الذي يتناول فيه المبدع قصة تاريخية حدثت بالفعل أو من قصة مستوحاة من التاريخ كما حدث في أوبرا عايدة لفيردي . والملاحظ أن المسرحيات الغنائية التي تناولت قصصًا من التاريخ المصري القديم وخاصة قصة “كليوباترا ومارك أنطونيو”، قد اتخذت قصة الحب والتضحية هدفًا دراميًّا لها، ولم تحاول إيجاد رؤية فنية تستحضر موسيقيًّا ما تراه من نقوش وآثار، بل قدمت هذه القصص باللغة الموسيقية المرتبطة بالسياق الشائع لهذا الفن.
ومن أمثلة ذلك أوبريت “كليوباترا ومارك أنطونيو”، الذي قدمته فرقة منيرة المهدية عام1927، ولحن بعضه سيد درويش الذي وافته المنية قبل أن يتمه فأكمله محمد عبد الوهاب، ويُلاحظ أن الفقرات الغنائية)[8]( المتوافرة من هذا الأوبريت على الإنترنت لا تختلف كثيرًا عن السياق اللحني الشرقي التقليدي الذي يحمل عناصر التطريب دون محاولة للإشارة الموسيقية لزمن الأحداث أو مكانها.
وبنفس الأسلوب جاءت طقطوقة “إحنا أبونا توت عنخ أمون”، التي غنتها منيرة المهدية على نص محمد يونس القاضي ولحن محمد القصبجي عام 1922، بمناسبة اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ أمون، وحتى في تلحين محمد عبد الوهاب لقصيدة ” أنا أنطونيو” لأمير الشعراء أحمد شوقي في الأربعينيات وهي مختلفة عن ألحانه لمسرحية “كليوباترا”، إلا أنه اختار السياق الخطابي الشرقي المميز لأسلوبه الموسيقي المتأنق وإن غلَّفه بطابع أكثر درامية مما غنته منيرة المهدية فيغلب عليه سمة إلقاء الشعر بتنغيم راقٍ بعيد عن محاولة تمثُل الإطار الزمني والتاريخي الذي تنتمي إليه القصة. وفي نفس السياق جاءت رؤية عبد الوهاب الفنية ومعالجته في قصيدة “كليوباترا” 1944، التي أبدعها الشاعر علي محمود طه، وصاغها عبد الوهاب لحنيًّا بأسلوب القصيدة المعتاد، فاختار بيتًا واحدًا “يا حبيبي هذه ليلةُ حُبِّي ..” ليصبح مذهبًا يعيده في ختام كل كوبليه أو مقطع شعري.
وعلى صعيد آخر ظهراستلهام الحضارة المصرية القديمة في أعمال مدرسة التأليف الموسيقي المصري المعاصر؛ فقد استهلها مؤلف من الجيل الأول هو حسن رشيد)[9]( (1896-1969) عندما قام بتأليف أوبرا ” مصرع أنطونيو ” عام 1947على نص المسرحية الشعرية “مصرع كليوباترا” لأحمد شوقي (1868 -1932) . والمستمع للفقرات الموسيقية التي قدمت من هذه الأوبرا سيجد أن الطابع اللحني والتلوين الصوتي وأسلوب الأداء الغنائي يغلب عليه طابع الغناء الأوبرالي سواء في آريا ” إيزيس ينبوع الحنان”، التي تغنيها كليوباترا تضرعًا لإيزيس أو “روما حنانك” يغنيها أنطونيو. بينما حملت افتتاحية الأوبرا تلوينًا أوركستراليًّا غربيًّا في المجمل مع بعض اللمسات الشرقية التي يعكسها شكل اللحن في مستهل الافتتاحية، والتي تبدأ هادئة ثم يتصاعد الانفعال للتعبير عن حدة الصراع بين أنطونيو وأعدائه، استخدم فيه رشيد طابع المارش مع لون الآلات النحاسية القوية، وبالتالي وإن عبَّر عن القصة بشكلٍ درامي إلا أن محاولة تمثل الواقع الزمنى غير واضحة.
وقد بدأ اهتمام الجيل الثاني من المؤلفين المصريين باستلهام موضوعات أعمالهم من التاريخ المصري القديم ومحاولة استحضاره صوتيًّا بأسلوب مميز لكل مؤلف وإن كان هناك خيطًا مشتركًا بين الرؤى الفنية المختلفة، ومن أبرز التجارب الإبداعية لهذا الجيل نذكر بعض أعمال اثنين من أهم مؤلفي الجيل الثاني هما عزيز الشوان)[10]( (1916-1993)، وجمال عبد الرحيم (1924-1988).
أبدى عزيز الشوان اهتمامًا كبيرًا بتاريخ مصر بكل مراحله (القديم، والقبطي، والإسلامي، والحديث)، وقد انعكس اهتمامه بالتاريخ المصري القديم ذلك على بعض أعماله الموسيقية نذكر منها سيمفونيته الثالثة التي أطلق عليها “طرد الهكسوس”، وكذلك باليه “إيزيس وأوزوريس”، الذي سُجل كاملًا عام 1969 بأوركسترا ليبزيج في ألمانيا الشرقية. ولا شك أن أبرز أعماله في هذا المجال هو اللوحات السيمفونية “أبو سمبل”، وهو عمل أوركسترالي تناوله بشكلٍ أقرب إلى القصيد السيمفوني فصاغه في حركة واحدة، وبناه على عدة أقسام داخلية يرتبط كل منها بمشهد تخيله بين جدران هذا المعبد ليعيدنا إلى أجواء العصور المصرية القديمة.
ارتبطت ظروف تأليف هذا العمل بلحظات فارقة في تاريخ مصر المعاصر في الوقت الذي هددت آثار النوبة بالغرق من مياه السد العالي، لذا فقد دعى ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك إلى حملة دولية لإنقاذ آثار النوبة وبذل مجهودًا كبيرًا في بداية الستينيات لجمع التمويل اللازم لهذا المشروع تحت رعاية منظمة اليونسكو، وبعد أن نجحت مساعيه أراد توثيق هذه اللحظة تاريخيًّا، فدعى مجموعة من المفكرين والمبدعين والمثقفين لزيارة معبد أبو سمبل قبل نقله، وكان من ضمن المدعوين “عزيز الشوان”، والذي أبدع عملًا موسيقيًّا كان تأريخًا فنيًّا لهذا الحدث.
بنى الشوان عمله على عدة أقسام كل منها يصور مشهدًا من مشاهد المعبد، استخدم فيها رنينًا أوركستراليًّا يلائم أجواء المعابد الفرعونية الشاهقة؛ فيبدأ العمل بصوت الطبول يتصاعد تدريجيًّا ليعقبه ترديد الكورال لاسم أبوسمبل مستهلًا مارش فخم للفرعون، تتحول بعده الموسيقى إلى جو هادئ بفقرة يسمع فيها آلات النفخ الخشبي والهارب لتعبرعن رقص وصيفات الملكة ثم تتبعها فقرة آهات من الكورال، ويتخلل العمل فقرة تعبر عن معركة حربية يخوضها الفرعون برنين صوتي متوتر وقوي تتصاعد بعده الموسيقى لتصل إلى ذروة انفعالية تعود بعدها الموسيقى إلى هدوئها بألحان غنائية تقاسمية تتناوبها الوتريات والنفخ تليها فقرة خماسية المقام تعكس طابع الموسيقى المميزة للنوبة، يعود بعدها لحن المارش الاحتفالي، ويختتم العمل بقوة حيث يعيد الكورال كلمة أبوسمبل ونسمع معها لحن البداية.
وعلى جانب آخر قدم جمال عبد الرحيم العديد من الأعمال الموسيقية التي استوحى فيها تاريخ قدماء المصريين، أُلِّفت أغلبها في الأصل كموسيقى مصاحبة لأعمال تسجيلية أو درامية ثم أعدها للعزف كمقطوعات كونسير، ومن أهم أعماله في هذا المضمار: متتابعة للأوركسترا على أساس موسيقى الفيلم التسجيلي “الحياة اليومية لقدماء المصريين” عام 1961، والبالاد السيمفونية “إيزيس” للأوركسترا 1973، ومارش “موكب أحمس” من موسيقى عرض موال مصر 1972، وكذلك الموسيقى المصاحبة للفيلم التلفزيوني الصامت “أوزوريس” عام 1974 الذي أعد موسيقاه بعد ثلاثة أعوام في شكل باليه من ثلاثة مشاهد صمم رقصاته “جونديل إيلينيدس” ليقدم في أكاديمية هانوفر1986)[11](، وأخيرًا موسيقى مسلسل “لا إله إلا الله ” والذي تناول قصة أخناتون عام 1986.
وتعد رقصة إيزيس آخر مؤلفاته التي كتبها 1988، واشتقها من موسيقى مسلسل “لا إله إلا الله”، وكتبها لمجموعة آلية صغيرة مكونة من: آلة الفلوت، والهارب، ومجموعة من الآلات الإيقاعية التي يتوالى ظهورها بشكل ثنائي. وفي هذا العمل اختار جمال عبد الرحيم الآلات التي تعكس الشكل البصري للرسوم المصرية القديمة، واستخدمها بلغته الموسيقية المعاصرة؛ لإبداع ألوان صوتية غير شائعة بين معاصريه، ويبرز فيها صوت الفلوت مع مصاحبة الهارب وأداء الدف لمصاحبة إيقاعية يعبر به عن ما يمكن أن نتخيله من رقص الوصيفات أمام مليكتهم، ومن آن لآخر يحمل لحن الفلوت طابع تقاسيمي يضفي أجواءً مخملية مميزة. وفي معالجته لموسيقى باليه “أوزوريس” الذي استلهم تصميم رقصاته من شكل الحركات المرسومة على جدران المعابد، نوّع عبد الرحيم في تلوينه الأوركسترالي بين لون صوت آلات (الهارب، والفلوت، والإيقاع) تنقلنا ما بين أجواء الحب المتبادل بين إيزيس وأوزوريس والرخاء الذي ساد حكمهما وبين أصوات آلات الإيقاع برنين عالٍ متوتر في لحظات المعركة والصراع.
وهناك تجارب للجيل الرابع من المؤلفين كانت أكثر جرأة في التناول الموسيقي للموضوع المستوحى من تاريخ المصري القديم، ومن أبرزها تجربة تعاون فيها المؤلف شريف محي الدين)[12]( مع مركز التراث الحضاري والطبيعي “CULTNAT” التابع لمكتبة الإسكندرية في كتابة موسيقى لمجموعة من الأفلام الوثائقية عن بعض إصدارات المركز من التاريخ المصري القديم مثل: معبد دندرة وكتاب الموتى. وقد تناول محي الدين كأول مؤلف مصري نصوصًا من كتاب الموتى لحنيًّا بالمنطوق الافتراضي للغة المصرية القديمة، واستخدم فيها ألوانًا صوتية تضفي أجواء تستدعي المحتوى البصري للحضارة المصرية القديمة وإن استخدم لغة موسيقية مستوحاة من التراث الشعبي المصري الحالي. وفي تجارب أخرى للمؤلف محمد سعد باشا)[13](، الذي قام بتلحين نصوصًا مصرية قديمة مأخوذة من بردية شكاوى الفلاح الفصيح في العمل الغنائي”رنزي” عام 1997، وله أيضًا تجربة في تأليف باليه “كليوباترا” ([14])، الذي تُحكى فيه القصة التاريخية تفصيلًا خلال 25 مشهدًا جمع فيها مصمم الرقصات بين أسلوب الرقص الكلاسيكي والتشكيلات المستوحاة من الرقص المصري القديم، وفي نفس الوقت جاءت بعض المشاهد أشبه بفانتازيا خيالية مثل: مشهد إيزيس وكليوباترا في الفصل الأول. أما في الموسيقى فقد بنى سعد باشا موسيقى الباليه على لغة موسيقية تجمع ما بين استخدام عناصر اللغة الموسيقية المعاصرة بشكلٍ سلس وبين ملامح استوحاها من بعض عناصر الموسيقى الشعبية المصرية، وخاصة في التناول الإيقاعي القائم أحيانًا على موتيفات إيقاعية متكررة تتصاعد في قوتها لتجسد مشاهد الصراع، وقد استخدم سعد باشا تلوينًا أوركستراليًّا ثريًّا يبرز فيه الآلات المستوحاة من الآلات المصرية القديمة مثل: الهارب، وآلات النفخ الخشبي، وكذلك استخدام مميز لآلة البيانو في استهلال المشاهد، وكذلك آلات النفح النحاسية والإيقاع . وقد أشار المؤلف أنه لم يلجأ إلى الإيحاء بشكلٍ مباشر لموسيقى توحي بزمن الأحداث بقدر ما حاول أن يعبر عن الموقف بلغة موسيقية متنوعة المصادر يغلب عليها استخدام الموتيفات اللحنية والإيقاعية المتكررة بشكلٍ يراه أقرب لجوهر الموسيقى الشعبية المصرية .
ولاشك أن من أشهر التجارب الراهنة في مصر، التي ارتبطت بالتاريخ المصري القديم، كانت الموسيقى المصاحبة لموكب المومياوات التي أبدعها هشام نزيه([15]) للكورال والأوركسترا والأصوات الفردية وقادها نادر عباسي، وقد تكون أنشودة “إيزيس” من أشهر فقرات العمل غنتها السوبرانو “أميرة سليم” تناول فيها نزيه نصًّا مصريًّا قديمًا بالمنطوق الاصطلاحي وصاغه بشكلٍ لحني استوحاه من الترانيم القبطية القديمة وصاحبه بصوت آلة الناي والدف وأصوات كورال النساء، مع اختيار منطقة صوتية خفيضة يدور فيها اللحن وسياق مختلف عن باقي الفقرات مما أضفى إحساسًا بخصوصيته ظن به البعض أنه ينتمي للموسيقى القديمة على الرغم من كونه من خيال المبدع صاغه بحرفية بطريقة رسخته في أذهان المستمعين.
الخلاصة :
تؤكد التجارب السابقة- بما لا يدع مجالًا للشك- أن استلهام التاريخ العريق للحضارة المصرية القديمة في الأعمال الفنية هو أمر إبداعي ذاتي حاول فيه المؤلف الموسيقي من وجهة نظره ترجمة الموروث البصري إلى شكل سمعي مناسب ينقلنا إلى زمن سحيق لا نعلم عن صوته الكثير، وهي رؤى حرة لا قيود عليها طالما أنها لا تتدعي أنها تحاكي الأصل، بل تحمل إشارات له يمكن أن تساعدنا على معايشة الموضوع. ومع اختلاف الزمن والمكان والثقافة الموسيقية التي ينتمي لها المبدع تنوعت أساليب الاستلهام موسيقيًّا، بحيث يمكن استخلاص سمات الاستلهام موسيقيًّا بإحدى الاحتمالات الآتية :
- إما محايدة التصور الموسيقي وارتباطه الكامل بأسلوب المؤلف المعتاد دون أي إشارة لطابع المكان أو الزمان .
- أغلب الأعمال الموسيقية، التي استلهمت القصص الدينية، ارتبطت موسيقاها بطابع الموسيقى الكنسية الأوربية بوقارها ورصانة طابعها؛ لارتباط ما يعلمه الأوربيون عن الحضارة المصرية حتى القرن التاسع عشر بالقصص الدينية في الكتب المقدسة أو بكتابات قديمة دون أية معايشة مباشرة لآثارها.
- هناك العديد من المبدعين حاولوا استحضار تصور صوتي للموسيقى المصرية القديمة باستخدام الآلات الموسيقية الحالية الأقرب شبهًا بتلك الموجودة على جدران المعابد، أو عُثر على بعضها كآثار أودعت في المتاحف. غلبت على المعالجة الموسيقية في معظم التجارب نوع من التنميط في اتجاهين أساسيين :
الأول: الإيحاء بالأجواء الحميمية لمشاهد الملكات أو الأميرات والوصيفات، استخدام الهارب، والفلوت (أو الناي في حالة بعض المعالجات المصرية الحديثة)، وآلات الإيقاع وخاصة الدف برنين صوتي رقيق شفاف .
الثاني: التعبير عن المشاهد الجماعية التي تحيط بموكب الفرعون أو الملك سواء الاحتفالية أو الخاصة بالصراع والحرب باستخدام النحاسيات، وزيادة حدة التوتر الانفعالي بتوظيف التناول الإيقاعي بقوة وإلحاح .
- اهتم بعض المبدعين في منتصف القرن العشرين – مع تطور علم المصريات وانتشاره- بتناول النصوص المصرية القديمة بمنطوقها الاصطلاحي وتلحينها موسيقيًّا للإيحاء بطابع مميز للأعمال المستلهمة وقد اختلف أسلوب تلحينها من مبدع إلى آخر.
وعلى الرغم من كل ما سبق لا نستطيع أن نجزم بمدى اقتراب أية معالجة سابقة من الصوت الحقيقي للموضوع المستلهم من الحضارة المصرية القديمة، وخاصة أن هذا الصوت من المؤكد أنه اختلف وتطور عبر العصور المختلفة لهذه الحضارة العريقة التي امتدت آلاف السنين، وإن كانت صوتيات اللغة المصرية نفسها لا تزال محل افتراض واختلاف بين الباحثين وعلماء المصريات، فإضافة النص للعمل الموسيقي لا يكفي للتأكيد على واقعية المعالجة واقترابها من الأصل وإن كان عاملًا مساعدًا لإضفاء قدر من الاقتراب من الطابع العام للحضارة المصرية، وخاصة مع فهمنا لمعنى النص.
المصادر:
- حنان أبو المجد “عزيز الشوان” من كتاب التأليف الموسيقي المصري المعاصر، الجيل الأول سلسلة بريزم 1997.
- سمحة الخولي(تحرير): الكتاب التذكاري لجمال عبد الرحيم ترجمة حنان أبو المجد. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة 2002.
- عواطف عبد الكريم: ” جمال عبد الرحيم ” من كتاب التأليف الموسيقي المعاصر ، الجيل الثاني من سلسلة بريزم 2003.
- هالة فؤاد مخلوف: ” تقنيات المينمالية في أوبرتي “إينشتاين على الشاطئ” و”أخناتون” لفيليب جلاس”دراسة مقارنة” بحث ماجستير كلية التربية الموسيقية 2015.
- Philip Glass, Words Without Music New York: Liveright Publishing Company, 2015
([1]) كما يحدث عند استلهام موسيقى موجودة بالفعل أو لها مصادر سمعية أو مدونة يمكن الاعتماد عليها مرجعًا للاستلهام، كما حدث في اتجاه الغرائبية exoticism في القرن التاسع عشر، عندما استلهمت الموسيقى غير الغربية مثل (الهندية، أو الصينية، أو موسيقى شمال أفريقيا) في أعمال المؤلفين الموسيقيين الفرنسيين.
([2]) الأوراتوريو هو عمل موسيقي درامي يتناول أحد القصص الدينية يتشابه في أغلب عناصره الفنية مع الأوبرا فيما عدا التمثيل والملابس والمناظر.
([3]) أحد أساليب التأليف الموسيقى التي ظهرت في القرن العشرين ورائدها أرنولد شونبرج، تعتمد على الاستخدام المتساوي للاثنتى عشر نغمة دون التأكيد على أي إطار سلمي أو مقامي يميز اللحن.
([4]) تدور القصة حول الملك تحتمس الذي خلف والده رمسيس في حكم مصر، لكن رمسيس استولى على العرش من الملك الشرعي”مينا” المتنكر في زي رئيس الكهنة، سيثوس، تنشأ علاقة حب بين تحتمس والكاهنة سايس، واسمها الأصلي “ثارسيس” ابنة مينا، تتطور الأحداث فيكشف “مينا” عن هويته الحقيقية ويتنازل في نهاية القصة عن تاجه إلى تحتمس وثارسيس وتنتهي القصة نهاية سعيدة.
([5]) حالت الظروف دون تحقيق ذلك وقدمت أوبرا “ريجوليتو” في الافتتاح بدلًا منها، وبعد عدة أشهر قدمت “عايدة” لأول مرة على نفس المسرح في24 ديسمبر1871، ليحقق العرض نجاحًا هائلًا ويحدث ضجة إعلامية كبيرة.
([6]) مذهب موسيقي ظهر في الستينيات من القرن العشرين يقوم فيه المبدع ببناء عمله على عناصر موسيقية بسيطة يعالجها بالتكرار والتراكمي والحذف والإضافة.
([7]) هي عمل مكون من ثلاثة أوبرات كل منها تتناول شخصية تاريخية ترمز لجانب فلسفي : الأوبرا الأولى هي أوبرا ” أينشتين على الشاطئ “والتي تتناول شخصية إينشتاين وترمز للعلم أما الأوبرا الثانية هي” ساتيجراها ” تدور أحداثها حول الزعيم مهاتما غاندي، وكلمة ساتياجراها هي الشعار الذي اتخذه غاندي في حياته و تعني (الحقيقة الراسخة). والثالثة هي أوبرا أخناتون.
([8]) https://www.youtube.com/watch?v=pCRYlblhhcY
([9]) مؤلف من رواد التأليف الموسيقي المصري المعاصر ينتمي لعائلة أرستقراطية، درس الغناء الأوبرالي في أثناء دراسته الجامعية للزراعة بإنجلترا، اهتم بالتأليف للصوت البشري وخاصة في الحفلات التي شارك فيها هو وزوجته المؤلفة الموسيقية “بهيجة رشيد”، والتي أقامتها الجمعية المصرية لهواة الموسيقى برئاسة عالم الفيزياء المصري “مصطفى مشرفة”.
([10]) مؤلف موسيقي مصري ينتمي إلى الجيل الثاني من مؤلفي الموسيقى المصريين، درس التأليف الموسيقي على أساتذة أجانب مقيمين في مصر، واستكمل دراسته وممارسته للتأليف في روسيا في الخمسينيات، وقدم العديد من المؤلفات أبرزها: (أوبرا أنس الوجود، وكونشيرتو البيانو) .
([11]) من الكتاب التذكاري لجمال عبد الرحيم 2002.
([12]) مؤلف موسيقي وقائد أوركسترا، درس التأليف على جمال عبد الرحيم وتقلد كثيرًا من المناصب الثقافية الهامة في مصر في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين أبرزها: إدارة النشاط الفني بمكتبة الاسكندرية .
([13]) مؤلف موسيقي وقائد أوركسترا ورئيس قسم التأليف بالكونسيرفاتوار درس التأليف على راجح داود والقيادة على أحمد الصعيدي. بدأ نشاطه الموسيقي عام بتقديم العديد من الأعمال السيمفونية وموسيقى الحجرة، وقد قدمت أعماله في مصر والعديد من الدول العربية والأوربية .
([14]) باليه من فصلين كتب بتكليف من فرقة الأوبرا المصرية عام 2019 عن فكرة لأرمينيا كامل وتصميم رقصات لخوزيه بيريز.