بعد حرب عبثية استمرت قرابة ثمان سنوات كشفت حجم المؤامرة وراء استهداف تشريد شعب وتفتيت دولة. وفي الوقت الذي وصلت الأزمة السورية إلى لحظة فاصلة، واقتراب التسوية السياسية تحاول دول الجوار (إيران- تركيا – إسرائيل) تطوير وتوسيع نطاق مصالحها ونفوذها على حساب سورية الدولة ومصير شعبها، فإيران تتبع سياسة تدخلية (تصدير الثورة)، والاستثمار في ماضٍ فارسي إمبراطوري. وممارسة حق التغيير في منطقة جوارها العربية، التي تمثل سوريا فيها العمق الاستراتيجي.. وإسرائيل تواصل بدورها ضغوطها على سورية لتجريدها من حلفائها، ولتحقيق سياسة الوفاق معها بالإرغام لعلها تسلم – في النهاية – بأمر الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان.
وتركيا تسعى بدورها لتمرير مشروعها العثماني الجديد مرتكزة على حركات الإسلام السياسي في المنطقة العربية – على أمل أن تصبح القوة الإقليمية الكبرى والمهيمنة فيها. وكأننا على هذا النحو، أمام مشهد لثلاث ورثة “مدعين” يتصارعون حول تركة أو غنيمة واحدة (سورية الإقليم).
أولاً: كيف أسهمت تركيا في تحويل سلمية الانتفاضة إلى عسكرتها؟
اتسمت العلاقات بين البلدين – كما هو معروف- طوال عهد حافظ الأسد بالتوتر إن لم يكن بالعداء، بسبب علاقة تركيا الوثيقة بإسرائيل، وقضايا المياه والسدود، وعلاقة سورية بحزب العمال الكردستاني (التركي) واحتضانها لزعيمه أوجلان وبعض أنصاره. وكادت العلاقات بين البلدين أن تصل إلى حافة الحرب بينهما، إلا أنه تم تدارك الوضع، بتدخل مصري وانتقلت العلاقة إلى مرحلة من التهدئة بتوقيع “اتفاق أضنه” عام 1998 الذي أنهى علاقة سورية بهذا الحزب وفتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين([1]).
وبتولي بشار الأسد رئاسة الدولة السورية عام (2000) انتقلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة جديدة توجت بزيارته لأنقرة (عام 2004)، ورد أحمد نجدت سيزر رئيس التركي (وقتئذ) هذه الزيارة عام 2005 وتم خلال ذلك توقيع عدة اتفاقات تعاون في مختلف المجالات، عبرت معها العلاقات الثنائية إلى مرحلة أكثر تطورًا، نتيجة اعتماد رؤية أحمد داود أوغلو المتعلقة “العمق الاستراتيجي” وسياسته “تصفير النزاعات”، والتي حظيت فيها منطقة الشرق الأوسط (بلاد الشام) والعراق بأهميته خاصة، واتجاه السياسة الإقليمية التركية إلى تبني مفهوم يقوم على تعدد وتنوع المحاور فيها بهدف جعل تركيا (دولة مركزية) ووضع نهاية لما يسميه “اغتراب” دول الجوار، على نحو لا تكون عائقًا أمام إعادة تموضع تركيا في الشرق الأوسط، وبالتخلي عن العقلية التي رأت أن السياسة الخارجية التركية يجب أن تنطلق من الاعتبارات الداخلية (الأمنية) التي رأت في دول الجوار مصادر للتهديد لا الفرص([2]) .
ثم دخلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة أكثر تطورًا بإنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي عام 2009، وأجريت في نفس العام مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين.
وفي الواقع أننا أمام دولة يحاول ساستها انتزاعها من إملاءات جغرافيتها، ومن ضغوط أسرها التاريخي، الذي ربطها بدول المنطقة العربية لعدة قرون، وقد أدت حقبة كمال أتاتورك وما بعدها إلى فك ارتباطها مع العرب وقضاياهم وسعيها بالمقابل للارتباط بالاتحاد الأوروبي الذي مثل الخيار الاستراتيجي الرئيسي للدولة التركية والذي قوبل برفض واضح من هذا الاتحاد، فبدأت تركز اهتمامها على المنطقة العربية بصفة عامة وسوريا بصفة خاصة، التي تشترك معها بحدود برية تقدر بـ 822 ك، وتحتل فيها سوريا موقع البوابة المفتوحة على جنوب تركيا، ويمثل هذا الموقع أهمية كبيرة في المجال الاقتصادي والتجاري، والمعبر الطبيعي الرئيسي لتركيا للدول المجاورة لسورية ولدول الخليج العربية.
ثم جاءت مرحلة ثورات الربيع العربي، فغيرت تركيا من سياستها الإقليمية وبدأت تخطط لمزيد من التدخل في شئون المنطقة العربية، والتي انتقل خلالها مرحليًا الإسلام السياسي من منطقة الهوامش إلى المركز، وبدأت تركيا تقوم بدور “الأب الروحي” للحركات الإسلامية في المنطقة، وباحتضانها التيار الإسلامي المعارض في سورية، على أمل أن تصبح أنقرة صاحبة النفوذ والكلمة الفصل مستقبلاً فيها حال تمكن هؤلاء من الوصول إلى السلطة، كما فعل رفاقهم – وقتئذ – في مصر وتونس وليبيا، وهو ما كان يتسق مع الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط – وقتئذ- التي كانت ترى تركيا كنموذج لـ”الإسلام المعتدل” واستخدام هذه الرؤية في إقامة شرق أوسط جديد يتم فيه إضعاف البعد العربي وبعناوين الديموقراطية وحقوق الإنسان.
يضاف إلى ذلك أن تركيا رأت أن انفراد إيران بالنفوذ في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين، بالإضافة لوجود نفوذ إيراني كبير في سوريا، سوف يطوق تركيا بهلال نفوذ إيراني يمتد من حدود أرمينيا إلى ساحل المتوسط. لذلك عندما اندلعت الانتفاضة السورية (2011) لاحت لتركيا فرصة ذهبية لتصحيح موازين القوى لمصلحتها، وبدأت تخطط لإسقاط النظام السوري المؤيد لإيران.
وخلال الأشهر الأولى للانتفاضة السورية، بادرت تركيا إلى استغلال حالة الارتباك التي يمر بها النظام السوري للدفع به في اتجاه تشكيل حكومة سورية تضم ممثلين عن تنظيم “الإخوان المسلمين”، بما يضمن لتركيا نفوذًا واسعًا داخلها، لكن هذه المحاولة فشلت برفض سوريا القاطع والصريح لها، الأمر الذي دفع أنقرة إلى إشهار عدائها للنظام السوري، عبر احتضانها للمعارضة السياسية والعسكرية السورية([3]).
وفي مقابلة تلفزيونية بتاريخ 2/5/2011 حذر فيها أردوغان الرئيس السوري من عواقب الاستمرار في قتل المدنيين، كما حصل عام 1982 في حماة، وأنه إذا تصاعدت الأمور، فإن تركيا ستكون مضطرة إلى القيام بما يجب القيام به، ومضيفًا في تصريح آخر بتاريخ 7/8/2011 أن ما يحدث في سورية ليس مسألة خارجية، بل مسألة داخلية بالنسبة لتركيا([4]). واستنكر الرد السوري هذا التحول في مواقف تركيا، وبدأ الحديث عن انضمام تركيا إلى المحور الأمريكي، واستحضرت الخلفية “الإخوانية” لأردوغان وعدد من أعضاء حزب العدالة والتنمية([5])، وانتهى الأمر بالقطيعة الكاملة بين البلدين بعد إعلان أردوغان يوم 22/9/2011 ضرورة تنحي بشار الأسد لحل الأزمة السورية.
وفي الواقع “بأنه بعد ستة أشهر فقط من بداية الانتفاضة الشعبية السورية السلمية، عملت تركيا على أن يكون لجماعة الإخوان المسلمين الدور الأكبر في الائتلاف السوري المعارض وفي تشكيل تنظيم عسكري إخواني لمواجهة النظام السوري على أمل إسقاطه سريعا”ً([6]) .
وتزايد احتضان تركيا لمؤتمرات المعارضة السورية على أراضيها والتدخل بشكل واضح في الشأن السوري الداخلي، من ذلك مثلا أنه بعد إعلان المقدم حسن هرموش، أحد ضباط الفرقة الحادية عشر انضمامه إلى ما أسماه “لواء الضباط الأحرار”، بدأت عملية اقتلاع أهل منطقة جسر الشعور في 4/6/2011، وتهجير أغلبهم إلى منطقة الحدود التركية – السورية، وتم استيعابهم في المخيمات التي نصبتها الحكومة التركية في وقت مبكر (أوائل إبريل 2011). وبنشوء مخيم النازحين السوريين في جسر الشغور، بدأ فصل فرعي جديد في لعبة كبرى، مثلت فيها هذه المخيمات، ما أسماه أحد الكتاب السوريين “جوكر أردوغان”، وباتت تركيا تملك ورقة إضافية بوصفها من أكبر اللاعبين في الشأن السوري، ومن أقواهم تأثيرًا وتدخلها ميدانيًا في الأراضي السورية([7]). وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في 5/6/2017 كانت المظاهرات تعم جسر الثغور، ورافقتها تظاهرة صغيرة على الحدود السورية- التركية مؤلفة من 100 متظاهر تستصرخ رئيس الوزراء أردوغان بهتافات “أردوغان، أردوغان” على طريقة “وا معتصماه واه معتصماه”.
وفي تقدير كاتب آخر، “أن السلوك التركي بدا كما لو أنه يفتعل قضية إنسانية لم تكن موجودة بعد، في ذلك التاريخ المبكر بغية توظيفها سياسيًا من أجل الضغط على النظام السوري، والتي وصلت في النهاية إلى تكرار مطالبة أردوغان بشار الأسد بالتنحي عن منصبه في سبتمبر2011([8]).
واتسع نطاق دعم تركيا للانتفاضة السورية لاعتقاد رئيس الوزراء التركي وقتئذ رجب طيب أردوغان، أن نظام بشار الأسد يشرف على السقوط لأن الأزمة السورية سرعان ما تشهد فصلها الأخير. وفي زيارته لمحافظة أروفه جنوب تركيا وبصحبته رئيس الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة أحمد معاذ الخطيب لأحد أكبر المخيمات التركية لللاجئين السوريين، صرح أردوغان “أنه تلقى إشارات قوية تؤكد قرب سقوط نظام الأسد([9]). وضمن هذا التوقع قامت تركيا بزيادة دعمها لفصائل الجيش السوري الحر وأصبحت أهم مركز لتجمع فصائل المعارضة السورية ونتيجة لدعم تركيا المتواصل لها امتلكت قدرة التأثير على توجهاتها([10]).
كما استغلت تركيا ورقة السلاح والإغاثة منذ بداية 2012، والتي شهدت الثورة السورية فيها تحولاً مفصليًا في مسارها، حيث أصبحت العسكرة هي الظاهرة الرئيسية لهذه الثورة، وتحولت تركيا إلى أهم مدخل لتوريد السلاح إلى سورية، مقارنة بدول حدودية أخرى، لدرجة أصبحت معها ديمومة هذه الثورة من دون الحدود التركية، التي أصبحت مفتوحة لتدفق السلاح إلى داخل سورية، أمرًا يصعب تحقيقه([11]) .
ثانياً: علاقة تركيا/ أردوغان بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية
بعد سقوط حكم الإخوان في مصر، أصبحت تركيا أشد تصلبا تجاه خيار إسقاط النظام في سوريا، واستخدمت من أجل ذلك كل الوسائل والأدوات، وفتحت أبوابها لكل القوى الجهادية والتكفيرية بكل مسمياتها وأنواعها، وفي مقدمتها تنظيم داعش (الدولة الإسلامية) وجبهة النصرة وكلاهما كان ضمن تنظيم القاعدة. وكان أردوغان يتطلع لإعادة كتابة التاريخ التركي، ومن ضمنه استعادة اللغة العثمانية، وتداعبه فكرة عودة “السلطان” والهيمنة الإقليمية. وضمن هذا الإطار كان حديث أردوغان عن حقه في التدخل في شئون سوريا على أساس أنها كانت سابقًا جزءًا من الولايات العثمانية، ولم يتردد في الاستعانة بالتنظيمات الإرهابية لتحقيق أهدافه التوسعية في المنطقة العربية، فالغاية تبرر الوسيلة، وهي السعي لإلحاق الهزيمة بالنظام السوري.
وبدأت تركيا في عملية جذب لمختلف التنظيمات الإرهابية إلى أراضيها، ومن ثم ترسلهم إلى سوريا والعراق. ونشرت شبكة “سكاي نيوز” البريطانية وثائق تثبت أن الحكومة التركية قامت بختم جوازات سفر المقاتلين الراغبين في عبور الحدود التركية للانضمام لداعش في سوريا، كما حصلت على جوازات سفر بعض المتطرفين عليها ختم الخروج من الحدود التركية.
كما كشفت المعارضة التركية عن أن حكومة العدالة والتنمية فتحت الحدود على مصراعيها لتدفق الإرهابيين إلى سوريا وسلحتهم بلا حدود، وأن شركات الدواء الخاصة والمقربة من حكومة حزب العدالة والتنمية، هي من سلمت غاز السارين للإرهابيين في سوريا لاستخدامه ضد المدنيين لاتهام حكومة دمشق بحادثة خان شيخون الكيميائية الإجرامية لتأليب المجتمع الدولي ضدها.
وبدأت تركيا تغير من سياستها وتوجهاتها الخارجية بعد فشل الانضمام للاتحاد الأوروبي، فتوجهت للعالم العربي والإسلامي، واستغلت ماضيها الحافل بسرديات الغزو والاحتلال لدول المنطقة العربية في القرون الوسطى، وتوجهت الآلة الإعلامية التركية نحو الشباب العربي بالتركيز على “حنينه” لهذا الماضي، و”وهم الخلافة” و”المجد العثماني”([12]). وساعدت تركيا على تغذية وتعزيز قوة “داعش” عبر تهاونها في التعامل مع هذا التنظيم، وعدم اتخاذ خطوات جدية لمواجهته ومنع انتشاره في المنطقة. فالمقاتلون المنتمون إليه من جميع أنحاء العالم كان يسافرون أولاً إلى تركيا، ثم منها للعراق وسورية لتشكيل العمود الفقري، والقوة الضاربة للتنظيم. ففي عام 2013 وحده مثلا، عبر 30 ألف متطرف عبر الأراضي التركية، ولم تقم بتشديد الرقابة على حدودها إلا بحلول أغسطس 2015، فضلاً عن أن جرحى هذا التنظيم كانوا يتلقون العلاج في مستشفيات شرق تركيا، كما كانت تفعل إسرائيل، بالإضافة إلى تورط شخصيات تركية في شراء النفط السوري والعراقي التي كانت داعش تسيطر على مصادره، وتقوم ببيعه عبر عدة نقاط على الحدود التركية مما ساهم في توفير الدعم المالي لخزانة التنظيم، وذلك وفقًا لتقرير الأمم المتحدة المؤرخ نوفمبر 2014. كما تشير بعض التحقيقات إلى أن تركيا كانت ضمن أهم مراكز تصنيع العبوات الناسفة التي يستخدمها أعضاء التنظيم([13]).
ومما يثير الشك والريبة في المواقف التركية من “داعش” ما لوحظ في الاجتماع الذي عقد في جدة 11/9/2014 وشارك فيه عشر دول في التحالف الدولي ضد داعش، وحضره ممثل لتركيا، وفي الوقت الذي أكدت فيها هذه الدول التزامها بالوقوف ضد هذا التنظيم، فإن الجانب التركي رفض – آنذاك – توقيع البيان الختامي لهذا الاجتماع بحجة وجود رهائن أتراك في أيدي داعش. وفي المؤتمر الدولي حول السلام والأمن في العراق الذي عقد في 15/9/2014 ، ظلت أنقرة على تحفظها من الانضمام للتحالف الدولي، وركزت على موضوع آخر وهو ضرورة إسقاط بشار الأسد، واستمرت أنقرة في سياسة الغموض تجاه “داعش” كما رفضت السلطات التركية مثلا، ولعدة أشهر السماح بمرور الأسلحة والإمدادات لمدينة كوباني، “عين العرب” السورية، التي تحاصرها قوات “داعش”، وكانت هذه المدينة محطة أساسية في المقاومة ضد هذا التنظيم الذي تم طرده في يناير 2015، وأدى الوقت الضائع إلى إعطاء “داعش” فرصة زمنية للتمدد والتوسع الجغرافي. لكن توسيع دور الأكراد في محاربة التنظيم عمق مخاوف تركيا، وأثار الموقف التركي على هذا النحو اتهام أنقرة بالتواطؤ المتعمد مع “داعش”.
وجاء شاهد من أهلها على التورط التركي في دعم التنظيمات الإرهابية، فقد قدمت صحيفة “جمهورييت” التركية أدلة على تورط أنقرة في إرسال السلاح للمناطق السورية([14]).
وقد قامت الأطراف الإقليمية، وفي مقدمتها تركيا، بأدوار لا يستهان بها في مد أمد الأزمة السورية. وسعت تركيا إلى ترويج صورة لنفسها بحسبانه نموذجًا إسلاميًا معتدلاً، يمكن أن تقتدي به الدول العربية، خاصة فيما يتعلق بالجمع بين نموذج اقتصادي ناجح، وحكومة إسلامية جاءت للحكم من خلال انتخابات ديمقراطية، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية التركي السابق في مايو 2011، حيث أكد أن العرب يحاولون استلهام النموذج التركي، فهو ربيع عربي وربيع تركي في الوقت ذاته على حد قوله.
وتتحمل تركيا تحت رئاسة أردوغان، على هذا النحو، المسئولية التاريخية عن تضخم أعمال “داعش” كما تشارك دولة قطر في هذه المسئولية بتمويلها عمليات “داعش” في سوريا وليبيا([15]).
ولهذا تزايدت الاتهامات الدولية لتركيا بدعم الإرهاب داخل سوريا، وشنت أغلب وسائل الإعلام الغربية حملات على المواقف التركية وبصفة خاصة على رئيس الاستخبارات التركية خاقان فيدان، الذراع اليمنى لأردوغان، واتهمته بدعم تدفق المتطرفين “الجهاديين التكفيريين إلى سوريا”، كما سمح للجيش السوري الحر” بتنظيم نفسه على الأراضي التركية وإجراء التدريبات فيها، كل هذه التصرفات والتحركات التركية وغيرها تكشف عن مخطط تركي يسعى لاستعادة الهيمنة على سوريا ودول الجوار([16]) .
ثالثاً: المأزق الكردي في تركيا وانعكاساته في المنطقة:
طوال عدة عقود ظلت المسألة الكردية تلقى بظلالها على مسار السياسة الإقليمية لتركيا، بل وعلى علاقاتها الدولية، كاشتراط الاتحاد الأوروبي ضمن أمور أخرى تحسين معاملة الأكراد لبدء النظر في تطوير العلاقات بينهما. وأصبحت المسألة الكردية ظاهرة سياسية وأمنية مناطقية في جنوب شرقي تركيا. ولها امتداداتها في دول المنطقة.
وتاريخيًا فقد الأكراد وحدتهم الجغرافية وصاروا مشتتين على أربع دول هي تركيا التي تضم الجزء الأكبر من المساحة الجغرافية لكردستان التاريخية 194000 كم2 والعدد الأكبر من الأكراد الذي يقدر عددهم بـ 15 مليون أو ما بين 20-30% من إجمالي السكان إضافة لإيران (125000كم) والعراق (72000 كم) وسوريا (18000 كم). وعندما انهارت السلطنة العثمانية في بداية العشرينات من القرن الماضي، برزت المسألة الكردية إلى الوجود، وظلت من القضايا الأساسية التي رافقت فترة تأسيس الجمهورية التركية حتى يومنا هذا. فرغم أن الميثاق الوطني التركي الذي كان الثوار الأتراك قد أصدروه، أكد على احترام حقوق الأقليات إلا أنه بمجرد أن استتب لهم الأمر، قلبوا ظهر المجن لكل من الأكراد والأرمن، وبدأوا سياسة تهدف إلى صهر الأقليات في الجسم التركي الكبير، فجاء الدستور التركي خاليًا من أي ذكر لحقوق أو امتيازات للأقليات غير التركية، ومن هذا المنطلق أطلق على الأكراد تسمية جديدة حيث عرفوا بـ “الأتراك الجبليين الذين نسوا لغتهم التركية”، واستهلت تركيا العلمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك مرحلتها السياسية بتهميش حقوق الأقليات، واستمرت سياسة كبح جماح الأكراد بالقوة، ولكنها لم تنجح في القضاء على التطلعات القومية لأكراد تركيا([17]) الذين سبق أن قاموا بسبع عشرة ثورة بين عامي 1925-1938.
وفي غضون ذلك دمرت القرى الكردية، وقتل الآلاف وشردوا واتجهت هذه الأزمة لتنحو منحى سياسيًا وأمنيًا خطيرًا في مستهل عقد الثمانينات، بعد ظهور حزب العمال الكردستاني، لشعور الأكراد بانتقاص الدولة التركية لحقوقهم الثقافية، مقارنة بما يتمتع به المواطنون الآخرون، وأدى ذلك إلى حد مطالبة بعض الشرائح الكردية بإقامة دولة كردية على الأراضي التركية وأصبحت القضية الكردية مع مرور الزمن، تأخذ أبعادًا أكبر يصعب إدارتها فضلاً عن انعكاساتها السلبية على علاقات تركيا الإقليمية([18]) .
ولم يكن حال أكراد إيران أفضل من حال أكراد تركيا وفي العراق تطورت المسألة الكردية إلى نشوء نواة لكيان فيدرالي كردي بصورة رسمية منصوص عليها في الدستور العراقي، وهو ما دفع أردوغان إلى التصريح في 9/1/2007 “إن تقسيم العراق أمر خطير جدًا وغير مقبول ، وهي مسألة لها عندنا أولوية حتى على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي”([19]).
وفي سورية حمّلت تركيا أكراد سورية مسئولية الحفاظ على أمن حدودها مع تركيا، وطالبتهم بمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وبدأت الاستعداد لشن عمليات عسكرية شاملة داخل الأراضي السورية. وتنظر تركيا إلى وحدات حماية الشعب (السورية) كامتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور والذي يخوض تمردًا مسلحًا في تركيا منذ أكثر من أربعة عقود. وفي تقدير البعض أن تركيا تحاول تصدير أزماتها الداخلية إلى المنطقة، من خلال مشروع توسعي يسعى لـ “تتريك” المناطق السورية التي يسيطر عليها الجيش التركي مرحليًا وتغيير ديموغرافيتها([20]).
ويلاحظ أنه في مرحلة المطالبة بالاستقلال في الحالة السورية، رفض الوطنيون السوريون الحديث عن وجود مشكلة كردية في سوريا معتمدين على حقيقة أن الغالبية من الأكراد المتواجدين في سوريا هم بالأصل نازحون من تركيا في فترات متفاوتة، وهذا الوضع ربما جعل الحركة الوطنية السورية لا تفكر بجدية في هذه المسألة أو احتمال تطورها، كما أن العدد الصغير نسبيًا من الأكراد في سوريا (يقدروا حاليًا بمليون ونصف المليون)، كان هو الآخر عاملاً مساعدًا ساهم في بلورة الموقف السوري، فالمنطقة السورية كانت ومازالت تضم العديد من الأقليات الإثنية والمذهبية. والأكراد السوريون أغلبهم سنة وقلة منهم شيعة أو علويون. ورغم أن ما يفرق بين الأكراد والأغلبية العربية هو عامل اللغة، إلا أن “الكردية” ليست لغة واحدة ولكنها مجموعة متفرقة من اللهجات، وأغلب الأكراد يتحدثون العربية بطلاقة.
واندمج أكراد سورية بدرجات عالية، وإن كان بدرجات متفاوتة، في الكيان الاجتماعي السوري نتيجة المشترك الديني والمصالح الاجتماعية والاقتصادية. وتبدو ذروة ذلك في النصف الأول من القرن العشرين، فنجد أن من بين ثماني شخصيات سياسية وعسكرية تولت رئاسة الجمهورية، أربعة منهم أكراد([21]).
وعلى الرغم من المعاناة الكردية جراء السياسات المتعسفة من السلطات السورية المتعاقبة، لاسيما خلال حكم البعث، حافظت التوجهات السياسية للأكراد على طابع نضالها السلمي الديمقراطي، وظلت تؤكد على عدم الرهان على العامل الخارجي، وإن كانت السلطة البعثية الحاكمة كان يراودها الشكوك في هذا الشأن.
وتهدف المخططات التركية إلى حرمان وحدات حماية الشعب (السورية) من السيطرة على (الممر الحدودي الشمالي في سوريا)، عن طريق دعم التنظيمات المتطرفة والاستعانة بها لمحاولة عزل هذه الوحدات. ومنطق أردوغان هنا بسيط، هو أن تسعى تركيا لفرض سيطرتها على الشمال السوري، عن طريق وكلائها من السنة، بما في ذلك المتطرفين. فبوابة أردوغان إلى سوريا تعتمد على إثارة العداء العربي الكردي في هذه المنطقة بتحريض العرب السوريين ضد أكراد حزب الاتحاد الديمقراطي([22]).
ومازالت تركيا تسعى إلى إقامة “منطقة آمنة” على حدودها مع سورية، واكتسب هذا التوجه زخمًا كبيرًا بعد إعلان واشنطن عن عزمها الانسحاب من سورية، مما أدى إلى نوع من صراع الأدوار بين القوى المتدخلة في الشأن السوري، وأعلن أردوغان عن عزم بلاده إقامة منطقة آمنة في شمال سورية بعمق 32 كيلو مترًا في الأراضي السورية. كما صرح أردوغان في 13/2/2017 “أن هدفنا (إقامة) منطقة مساحتها أربعة أو خمسة آلاف كلم مربع خالية من الإرهاب بزعم حماية النازحين السوريين في تلك المنطقة وأن تطلق فيه حرية الحركة للجيش التركي([23]).
وتجدر الإشارة هنا إلى تجربة إقامة المنطقة الآمنة في العراق في شمال وجنوب العراق والذي أصدر مجلس الأمن قراره رقم 688 في 5/4/1991 الذي ألزم السلطات العراقية في أعقاب حرب الخليج الثانية، بعدم عرقلة جهود الإغاثة الدولية في مناطق الأكراد، بإقامة منطقة آمنة لهم تقع شمال خطة العرض 36 شمالاً ومنطقة آمنة أخرى في الجنوب تحت دعوى حماية الشيعة، حيث تم فرض منطقة محظورة على الطيران العراقي جنوب خط العرض 32 شمالاً. وبذلك اختزل العراق – عمليًا – إلى كيان ضيق يقع ما بين الخطين 32 ، و36 وأدت محصلته في النهاية إلى تقليص سلطة ونفوذ صدام حسين على الأراضي العراقية وفقدانه السيطرة وترغب أنقرة في استنساخ (منطقة آمنة) قريب من النموذج الذي طبق في العراق. وقد أثار اقتراح تركيا بشأن المنطقة الآمنة ردود فعل رافضة على مستويات متعددة. فرئيس مجلس سورية الديمقراطية إلهام أحمد صرحت “أن هذه المنطقة بحاجة إلى منطقة آمنة برعاية دولية وتحت إشراف قوات أممية، كما رفضت فرض هذه المنطقة إذا كانت تحت النفوذ التركي والفصائل الموالية لها. لأنها لن تكون آمنة على العكس ستتحول إلى مساحة تسودها الفوضى العارمة، كما هو الحال في المناطق الخاضعة لسيطرة “درع الفرات” ومدينة عفرين([24]). وحذر القائد العام لوحدات حماية الشعب الكردية سيبان حمو من أن تركيا إذا نجحت في ذلك فإن “شهيتها الاستعمارية” قد تنفتح باتجاه المزيد من أراضي الدول العربية.
وأضاف “تركيا تهدف إلى ضم وتتريك ما يقرب من 60 ميلاً من العمق السوري من محافظات حلب والرقة وإدلب وغيرها. وصولاً للحدود العراقية. هي بالأساس تعتبر هذه المناطق جزءًا من الأراضي التركية وحدودها القومية فيما يعرف بالميثاق الملي عام 1920. إنهم يرون أن الوقت الراهن قد يكون الفرصة الملائمة لتحقيق هذا الهدف([25]).
كما تضمن البيان التأسيسي الأول لمؤتمر القبائل والعشائر السورية الذي عقد 25/1/2019 “…أن سورية وطن لجميع أبنائها، إنها ستبقى بحدودها الطبيعية، ولن تسمح بتغيير أو رسم خرائط إصلاح أو تبديل أو مشروعات “مناطق آمنة” وغيرها من مسميات. كما ترفض وجود أي قوى أجنبية على الأراضي السورية سواء كانت تركية أو أمريكية والموالين لها”([26]).
وانتقدت الحكومة السورية يوم 25/1/2019 ما أعلنته أنقرة من مبررات لتدخلها العسكري في سورية ومشيرة إلى اتفاق أضنة الموقع بين البلدين عام 1998. ومتهمة أنقرة بخرقه منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. وبالمقابل تستند أنقرة إلى أن هذا الاتفاق يمنحها حق التدخل في الأراضي السورية ضد حزب العمال الكردستاني وحلفائه في حالة عدم تحرك الحكومة السورية ضدهم. وقالت مصادر الخارجية السورية إن سورية مازالت ملتزمة بهذا الاتفاق، الاتفاقات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكال كافية من قبل الدولتين.
وفي لقاء بين بوتين وأردوغان قدم الرئيس الروسي عرضًا بديلاً، وهو تفعيل “اتفاق أضنه”، وانتشار قوات الحكومة السورية على الحدود ضمن السيادة السورية بينما ترفض أنقرة تواجد هذه القوات، كما لو كان الحديث عن أرض تركية وليست سورية. وعرضت روسيا مشاركة قوات الشرطة العسكرية الروسية في الإشراف على هذه المنطقة، وقد ساهم الخلاف بين أنقرة وواشنطن حول مضمون (المنطقة الآمنة في زيادة الافتراق الاستراتيجي بينهما. وبعد اجتماع وزيري الدفاع التركي والأمريكي مؤخرًا في واشنطن (23/2/2016) كشف البيان الصادر عن مباحثاتهما عن النقاط التالية:
- ستبقي واشنطن بضع مئات من جنودها في شمال شرق سوريا كجزء من قوة دولية لإقامة ” منطقة آمنة” فيها.
- الهدف من هذه القوة تحقيق الاستقرار في المنطقة الآمنة وستشكل بالدرجة الأولى من حلفاء الناتو.
- ستسير قوات أمريكية دوريات منها للمراقبة.
لكن تركيا تريد الانفراد بالسيطرة على المنطقة الآمنة. وهناك خشية من أن الخلاف بين أنقرة وواشنطن حول تفاصيل ومواصفات “المنطقة الآمنة” أن يُدخل مسار القضية السورية في نفق مظلم وطويل نتيجة تباين وجهات نظر الأطراف المعنية بها، في وقت تشهد الساحة السياسية تخلخل في العلاقات التركية الأمريكية لأسباب متعددة، في مقدمتها اعتقاد أنقرة بوجود دور أمريكي في محاولة الانقلاب الفاشلة، فضلا عن اتجاهها لشراء أسلحة روسية وغير ذلك من نقاط الخلاف.
وفي تقدير البعض “أن مشروعية ذرائع تركيا للتدخل في شمال سورية، مشكوك فيها، لأنها تنطلق أساسًا من خلل تاريخي في التعامل مع الأكراد بصفتهم مواطنين من الدرجة الثانية، ممنوع عليهم التعبير عن قوميتهم أو الحديث بلغتهم، على الرغم من التصحيح الشكلي والجزئي عام 1991 عندما سمحت باستخدام اللغة الكردية في شكل محدود، لكن التوجس من الأكراد بقي قائمًا والطوق الأمني مفعلاً والحصار السياسي مشددًا”([27]).
لقد كان التخوف التركي من تأسيس دولة كردية على امتداد حدودها ملمحًا جوهريًا للسياسة التركية ضد الأكراد العراقيين في التسعينات. والآن امتد ليشمل أكراد سوريا. وتخشى أنقرة من أن استقلال أكراد سوريا – أو الحديث عن مصطلح الفيدرالية في سورية – وقبلها الحكم الذاتي لأكراد العراق – سيعزز مطالب أكراد تركيا بالحكم الذاتي([28]).
ملاحظات ختامية
- يتوقف ممارسة دولة ما لدور إقليمي نشط وفاعل في محيطها الجغرافي على مدى توافر مقومات القيام بهذا الدور، وقدرتها على تحمل تكاليفه، ومدى قبوله من الأطراف الإقليمية المعنية. ونحن في الواقع أمام مشهد لفشل استخدام فائض القوة لتركيا، وإضاعتها لمكاسب “العمق الاستراتيجي” ونظرية “تصفير المشاكل”، ففي تقدير البعض “أصبح لأنقرة – على هذا النحو – عدو في دمشق، ومشكلات في العراق، وتنافس مع طرف عربي يسعى لتوفير الأمن والأمان للسنة في المنطقة (مصر والسعودية)، ومنافس آخر يسعى إلى تقديم نفسه كقوة إسلامية مؤثرة في الشرق الأوسط (إيران) ونصف حليف ونصف عدو في الوقت نفسه (إسرائيل) وإجمالاً مستوى علاقات متدنية مع قوة إقليمية عربية (مصر) وعلاقة متوترة ومتقلبة مع حليف دولي (أمريكا)([29]).
- وبعد اتباع تركيا لسياسة “تصفير المشاكل” والعمل على بقاء تركيا على مسافة واحدة مع كل الأطراف والسعي لحل مشاكلها مع الأطراف العربية بالتفاوض والوسائل السلمية، أصبحت مشتبكة بل ومنغمسة في مشاكل المنطقة بها وخلفها وباتت أسيرة لتطلعات وطموحات زعمائها، التي تسعى لعودة سياسة الهيمنة الإقليمية التركية، مستفيدة ومستغلة لحركات الإسلام السياسي. فتركيا أردوغان تستعمل الإسلام السياسي لتعزيز السيطرة التركية على المنطقة العربية وليس بالضرورة لنشر الإسلام أو تعزيز حظوظه، أو بمعنى آخر فإنها تعمل على تسييس الدين([30]). وطموح أردوغان الذي يظن نفسه باعث السلطنة العثمانية من مرقدها، يوظف تدخله في الشأن السوري لتعزيز شعبيته داخليا، بعد أن تراجعت ودون إدراك لصعوبة إعادة التاريخ ولو بصيغ مستجدة.
- مكن الغياب العربي الإرادي واللاإرادي طوال المرحلة السابقة، والحالة الضبابية لثورات الربيع العربي، و المواقف والأجندات العربية المتضاربة تجاه سورية، بل ومشاركة بعضها – للأسف الشديد- مع الأطراف الإقليمية في مخططاتها التدميرية فيها مما أدى إلى زيادة أطماع الأطراف الإقليمية. ولم يتوافر حتى الآن حد أدنى من القواسم المشتركة العربية لعمل عربي مشترك وفاعل في سورية يوقف تفتيت بلد عربي وتشريد شعبه، وهو ما سيدفع العالم العربي ثمنه غاليًا. وقد شجع الغياب العربي قوى إقليمية على محاولة ملء هذا الفراغ وفي مقدمها تركيا، وحفزها على التغول في المنطقة العربية بصفة عامة وسورية بصفة خاصة.
- إن الصراع الكردي – التركي المتصل أساسًا بمعضلة الهوية التركية ومكوناتها، والذي أدى لجعل منطقة شرق تركيا منطقة حرب ذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى من الأكراد بذريعة محاربة الإرهاب، وهي مشكلة تركية داخلية بالأساس، وقضية لم تبدأ بسوريا، ولا تنتهي عند سورية، ولا هي بين الأكراد والعرب وحدهم، ومحاولة أردوغان تصدير المشاكل الكردية إلى خارج الحدود التركية لن يجدي، وسوف تظل أبرز مشاكل تركيا، مالم تجد حلولاً محلية تلبي مصالح مختلف الأطراف، ومن خلال الإقرار بالحقوق المشروعة للأقليات. والتماس الحل الجذري للمسألة الكردية التركية، لن يتم بمزيد من تجاوز هذه الحقوق واستخدام الوسائل القمعية، وإنما بمزيد من الانفتاح واحترام حقوق الإنسان، وبالعودة للرؤى المتفتحة بالابتعاد عن العامل الأمني لحل هذه المشكلة.
([1]) تم تدارك هذا الوضع نتيجة تدخل مصر في عهد الرئيس (السابق) حسنى مبارك، وتخلي سوري عن احتضان أوجلان وخروجه منها إلى أن تم القبض عليه في كينيا وترحيله إلى تركيا ومازال مسجونًا حتى الآن.
([2]) أحمد داوود أوغلو، العمق الاستراتيجي: توقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة محمد صابر ثلجي، د. طارق عبد الجليل، ط 2 (الدوحة مركز الجزيرة للدراسات، بيروت : الدار العربية للعلوم – ناشرون ، 2011، ود. إبراهيم البيومي غانم، “أحمد داوود أوغلو وتحولات السياسة التركية تجاه مصر والعالم العربي، ورقة قدمت إلى المؤتمر الثالث: مصر وتركيا وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، مركز بحوث دراسات الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية، جامعة عين شمس، 17 مايو 2010.
([3]) د. عزمي بشاره، سورية : درب الآلام نحو الحرية، محاولة في التاريخ الراهن، ( أذار / مارس 2011 – أذار – مارس 2013) المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – الدوحة – الطبعة الأولى – أغسطس 2013.
([4]) المرجع السابق ص 501.
([5]) علي حسين باكير، الأبعاد الاستراتيجية للسياسة الإيرانية والتركية حيال سورية في خلفيات الثورة السورية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة 2013، ص 646
([6]) د. حسن أبو طالب، “الدور الإقليمي التركي والأزمة السورية: الفشل المركب وضياع الهيبة”، في رؤى مصرية، مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية، القاهرة، العدد 19 أغسطس 2016 ص 41.
([7]) محمد جمال باروت، العقد الأخير في تاريخ سورية: جدلية الجمود والإصلاح، المركز العربي للأبحاث دراسة السياسات، الدوحة – قطر، الطبعة الأولى مارس 2012، ص 271-274.
([8]) عزمي بشارة، مرجع سبقت الإشارة إليه ص 499
([9]) محمد علي فرحات، “أردوغان والإسلام السياسي العربي”، صحيفة الحياة اللندنية، بتاريخ 10/3/2016
([10]) عزمي بشارة، مرجع سبقت الإشارة إليه ص 508.
([11]) المرجع السابق ص 511.
([12]) محمد نجم، مسارات وارتدادات أزمات تركيا الاقتصادية”، مجلة شئون تركية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، العدد العاشر، خريف 2018، ص 61.
([13])Colin P, Clarke. Turkey’s Double ISIS Standard, Foreign policy.12 April. 2018.
جلون بي كلارك، “المعيار المزدوج.. التعامل التركي مع تنظيم “داعش” ترجمة آمنة فايد، مجلة شئون تركية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية القاهرة، العدد العاشر، ص 30 ، وفقا لتحليل الأكاديمية العسكرية الأمريكية “ويست بوينت West Point” لأكثر من 4.600من تسجيلات لأفراد داعش، والتي تمت كتابتها بين أوائل 2013 وأواخر عام 2014، أن 93% من المقاتلين الأجانب المسجلين قد دخلوا إلى سوريا عن طريق ست مدن حدودية مختلفة، وهي: يايلاداغي، وأتميا، وأعزاز، الري، وجرابلس، وتل أبيض. بالنسبة لكثير من المقاتلين الأجانب كانت أسطنبول هي النقطة الأولى للدخول.
([14]) جمهورييت تنشر أدلة على تورط أنقرة في إرسال السلاح لسوريا، موقع إيلاف، 29مايو2015.
([15]) مكرم محمد أحمد، “ماذا تبقى من داعش”، الأهرام، القاهرة ، 12/2/2019.
([16]) في هذا الشأن انظر: طلال عتريس، “الرهانات الإقليمية لتركيا وإيران بعد الربيع العربي”، مجلة شئون عربية القاهرة، العدد 161 – ربيع 2015 ص 47-48. و “أحمد دياب، “الأدوات المحلية للقوى الإقليمية غير العربية وفعالية دورها في المنطقة”، مجلة شئون عربية القاهرة، العدد 161 – ربيع 2015 ص 74-75.
و بشير عبد الفتاح، “السياسة التركية في محيط إقليمي متغير”، شئون عربية القاهرة ، العدد 107 ربيع 2014 ص 85.
([17]) د. مصطفى اللباد، “العامل الكردي في السياسة التركية” ، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، العدد 169 يوليو 2007، ص 190 وما بعدها، والمرجع 97. وتجدر الإشارة إلى أن معاهدة يفر التي عقدت عام 1820في نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت تعطي الأكراد حق إنشاء دولة في كردستان، إلا أن ذلك تم إلغاؤه في معاهدة لوزان عام 1923.
([18]) اعترف العراق بوجود قومية كردية من خلال قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان، الذي صدر في عهد صدام حسين، في 11 مارس 1974، بالقرار رقم 247 بتعديل الدستور المؤقت. انظر “قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان”، منشورات وزارة الإعلام العراقية، السلسلة الوثائقية ،العدد (33) بغداد 1974 ص 7.
([19]) د. محمد نور الدين، :”السياسة الخارجية التركية.. أسس ومرتكزات” في (تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج)، الدار العربية للعلوم – ناشرون، مركز الجزيرة للدراسات ، الدوحة / بيروت 2010، ص 136 وما بعدها.
([20]) صرحت إلهام أحمد رئيس مجلس سوريا الديمقراطية في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط 22/1/2009.”أن حزب العمال الكردستاني تنظيم كردي تأسس في تركيا ضمن ظروف منع الحقوق المشروعة للشعب الكردي، إذن المسألة هي أزمة تركية داخلية بامتياز تنتظر حلاً عادلاً، والسؤال يتطلب معرفة أسباب ظهور هذا الحزب ومعالجة القضايا التي يطالب بها. فإذا قامت الدولة التركية بحل القضية الكردية لديها، هذا يعني أن مشكلتها مع حزب العمال الكردستاني أيضًا تنتهي، بالتالي لن تبقى مشكلة تركية مع أكراد سوريا لأن جوهر القضية بالنسبة إلى الحزب الحاكم في تركيا هم الأكراد أنفسهم.”
([21]) لمزيد من التفاصيل في هذا الشأن انظر: آزاد أحمد علي، دور أكراد سورية في المتغيرات السياسية والانتفاضة الراهنة”، في (خلفيات الثورة: دراسات سورية) المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت 2013، ص 335 وما بعدها.
([22]) محمد محمود السيد، أردوغان في سوريا على إنقاص العداء العربي- الكردي، مجلة شئون تركية مركز الأهرام للدراسات السياسية، والاستراتيجية القاهرة، العدد العاشر، ص 10.
([23]) صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 19/1/2019، ص 6
([24]) المرجع السابق.
([25]) صحيفة الأهرام، القاهرة، عدد 19/1/2019، ص6.
([26]) صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 27/1/2019.
([27]) صحيفة الحياة ، لندن، 5/10/2017.
([28]) محمد جمعه، “الصراع الكردي – التركي: طموح أردوغان وأثر انتشار الصراع في سورية” ، مجلة رؤى مصرية، مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية ، القاهرة، العدد 19- أغسطس 2016، ص 33.
([29]) أحمد كاتب، “القيد الأمريكي: احتمالات بروز قيادة إقليمية في الشرق الأوسط” ، ملحق تحولات استراتيجية والعائد الإقليمي: أدوار القوى المحورية في مرحلة السيطرة الدولية” ملحق مجلة السياسة الدولية عدد أكتوبر 2014، ص 198.
([30]) لبيب قمحاوي، “إمبراطورية أردوغان قيد التشكيل”، صحيفة الشروق، القاهرة، 30/7/2016.