لم يكن الفرنسي “جول ريميه” يتخيل و يتوقع أن تكون قطر هي الدولة الرابعة – بعد اليابان، وكوريا الجنوبية، وجنوب إفريقيا – حين بدأ يحلم بتنظيم بطولة كأس العالم منذ أصبح رسميًّا رئيسًا للاتحاد الدولي لكرة القدم في 21 مارس 1921، ولم يتخيل كثيرون وقتها أن جول ريميه سينجح في تغيير شكل كرة القدم في العالم واتحادها الدولي أيضًا، فمنذ أن كان ريميه شابًا رأى في البداية كرة القدم لعبة للفقراء يحتقرها الأغنياء، ورأى أيضًا بعد سنوات كرة القدم حين أقبل عليها الأغنياء وأرادوا احتكارها وأن يحرموا منها الفقراء، فقرر أن يسعى لأن تصبح كرة القدم وسيلة لعالم أكثر إنسانية وعدالة تسقط معها وبها أي فوارق سياسية واقتصادية واجتماعية، ولتحقيق ذلك، دعى جول ريميه بلدانا كثيرة لتنضم للاتحاد الدولي ليكون صوتًا لكرة القدم في العالم كله وليست أوروبا وحدها فاكتسبت اللعبة شعبيتها العالمية الهائلة، وحين بدأ جول ريميه التفكير في إقامة بطولة عالمية لكرة القدم بعيدًا عن الدورات الأوليمبية، حاربته اللجنة الأوليمبية الدولية وعارضه الإنجليز، ولم يتردد جول ريميه في خوض هذه الحرب ولم يخشَ غضب كل أصحاب الأسماء الكبيرة، فقد كان صاحب قضية حقيقية مؤمنًا بحق الجميع في لعب كرة القدم والمشاركة في بطولاتها والاستمتاع بها .
وبعدما بدأ جول ريميه كأس العالم في أوروجواي 1930، ثم إيطاليا 1934، ثم فرنسا 1938، وعادت بعد الحرب العالمية الثانية إلى البرازيل 1950، سويسرا 1954، السويد 1958، شيلي 1962، إنجلترا 1966، المكسيك 1970، ألمانيا الغربية 1974، الأرجنتين 1978، إسبانيا 1982، المكسيك 1986، إيطاليا 1990، الولايات المتحدة 1994، فرنسا 1998، ولم يتحقق حلم جول ريميه إلا في 2002 حين استضافت قارة آسيا كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان، وكانت المرة الأولى التي ينكسر فيها الاحتكار الأوروبي اللاتيني لكأس العالم، وبعد ثماني سنوات كانت المرة الثانية التي ينكسر فيها الاحتكار الأوروبي اللاتيني حين استضافت قارة إفريقيا كأس العالم في البطولة التي نظمتها جنوب إفريقيا 2010، ورغم ذلك، ظل بعيدًا جدًا أن يأتي كأس العالم لبلاد العرب تحقيقًا لحلم مؤسس البطولة جول ريميه، وحاول العرب كثيرًا (المغرب ثم مصر، وتونس، وليبيا) قبل أن تنجح قطر في تحقيق الحلم المونديالي العربي وتفوز بحق تنظيم كأس العالم 2022، وخاضت قطر المنافسة على استضافة هذه البطولة أمام كل من (الولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا، واليابان، وكوريا الجنوبية). وفي الثاني من ديسمبر 2010، ومن داخل مقر الفيفا في مدينة زيوريخ السويسرية، تم إعلان فوز قطر بمونديال 2022 الذي أصبح المونديال الأول والمونديال الأخير أيضًا، أول مونديال يقام على أرض عربية، وأول مونديال يقام في مدينة واحدة تجمعت فيها ملاعب جميلة ومجهزة لاستضافة مباريات 32 منتخب، وأول مونديال يقام في الشتاء بعد أن اعتاد العالم رؤية هذه النهائيات في الصيف كل أربعة أعوام . وفي المقابل، سيكون مونديال 2022 في قطر هو آخر مونديال تشارك فيه منتخبات تمثل 32 دولة حيث بداية من مونديال 2026 سيزيد العدد إلى 48 دولة، وهو أيضًا آخر مونديال يقام في دولة واحدة هي قطر، وبداية من مونديال 2026 سيقام كل مونديال في أكثر من دولة، وبعد (الولايات المتحدة، والمكسيك، وكندا) التي تستضيف مونديال 2026 ستقام بعده بطولات كأس العالم في أكثر من دولة حسب تصريح رسمي لـ”جياني إينفانتينو” رئيس الفيفا. كما أن مونديال 2022 قد يكون آخر مونديال يقام بعد أربع سنوات مضت على المونديال الذي سبقه وقبل أربع سنوات من المونديال الذي يليه؛ حيث لا تزال هناك فكرة بإقامة هذا المونديال كل عامين وليس كل أربعة أعوام.
ومن كتاب جميل بعنوان رحلات على بساط كرة القدم للصحفي الألماني “ماتياس كروج”، نعرف حكاية قطر مع كرة القدم، ولم يكن ماتياس صحفي جاء من أوروبا مؤقتًا ليجمع حقائق ومعلومات عن لعبة في بلد لم يعرفها إلا من الكتب وإجابات الناس على أسئلته، إنما ولد ماتياس في قطر وعاش فيها مع والده يواكيم كروج، الذي سافر إلى قطر 1982 مدربًا لألعاب القوى واستقر فيها هو وأسرته، وعاش ماتياس في الدوحة وقضى سنين طفولته وصباه وشبابه في مدارس الدوحة وملاعبها، وحين زار نجم التنس الألماني الكبير “بوريس بيكر” الدوحة كان ماتياس هو حامل الكرات في الملعب، وشاهد أهم وأجمل مباريات المنتخب القطري لكرة القدم وانتصاراته وبطولاته، وأصبح ماتياس شاهدًا على كل التطور الرياضي الذي عاشته قطر كدولة قادرة على اللعب والانتصار أو دولة باستطاعتها استضافة البطولات والدورات الرياضية الكبرى. ونجح ماتياس عبر هذا الكتاب في شرح كل ما جرى رياضيًّا في قطر عبر ثلاثين عامًا انتهت باستضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022، كأول دولة عربية تستضيف البطولة الرياضية الأكبر والأهم في العالم، وكيف تحولت ملاعب الدوحة الرملية بخطوطها البدائية إلى بعض أحدث وأجمل ملاعب العالم؟ وكيف تغيرت بلد كانت تحتفل بأي زيارة ودية لفريق كروي أوروبي أو لاتيني لتصبح العاصمة المؤقتة لكرة القدم في العالم طيلة 28 يومًا من 20 نوفمبر حتى 18 ديسمبر 2022؟
وإذا كان ماتياس كروج قد حكى في كتابه شهادته الشخصية عن ثلاثين عامًا أصبحت بعدها الدوحة عاصمة جديدة لكرة القدم العالمية، فإن التاريخ يبقى شاهدًا على رحلة طويلة للعرب مع كأس العالم، رحلة استمرت 88 عامًا، وفاضت بالدراما والإثارة والمفاجآت والحكايات والنجوم والفرحة والانكسار، رحلة عاشتها 9 بلدان عربية: مصر في البداية، ثم لحقت بها المغرب، وبعدها تونس، ثم الجزائر، ثم الكويت، ثم العراق، ثم الإمارات، ثم السعودية، ثم جاءت قطر بما هو أكبر من المشاركة في بطولة أو أكثر إنما باستضافة البطولة نفسها لأول مرة على أرض عربية، وإذا كانت مصر هي أول دولة عربية تشارك في 1934، فقد كانت المغرب أول دولة تحقق التعادل في 1970، لكن تونس كانت صاحبة أول انتصار عربي في تاريخ كأس العالم في 1978، وكانت المغرب أول دولة عربية تتخطى الدور الأول في بطولة كأس العالم في 1986، وكررت السعودية هذا الإنجاز في 1994، لكن تضاعفت قيمة هذا الإنجاز حيث حققته السعودية وهى تشارك لأول مرة في بطولات كأس العالم، وحققت الجزائر أيضًا هذا الإنجاز في 2014.
وأصبحت الجزائر أول دولة عربية تتأهل في بطولتين متتاليتين لكأس العالم في (1982، و1986)، وكررت هذا الإنجاز مرة أخرى في (2010، و2014)، وحققت المغرب ذلك في (1994، و1998)، لكن السعودية وحدها هي الدولة العربية التي تأهلت وشاركت في أربع بطولات عربية متتالية في (1994، و1998، و2002، و2006). وأصبحت السعودية مع المغرب وتونس هم أكثر الدول العربية مشاركة في كأس العالم بست بطولات لكل دولة، تليهم الجزائر التي شاركت في أربع بطولات، ثم مصر وشاركت في ثلاث بطولات، ثم المشاركة في بطولة واحدة لكل من: الكويت، والعراق، والإمارات، ومعهم قطر التي لن تشارك فقط في بطولة 2022 إنما ستكون أيضًا صاحبة الأرض والبطولة.
وغير الدول العربية التي شاركت بمنتخباتها، هناك دول كان ممثلوها في بطولات كأس العالم هم حكامها الذين أسهموا في إدارة مباريات كأس العالم، فكانوا حكامًا من (البحرين، وليبيا، وسوريا، والسودان، والأردن، ولبنان)، وانضم هؤلاء إلى حكام الدول التي شاركت في كأس العالم بمنتخباتها أيضًا، وبدأ التحكيم العربي في كأس العالم بالحكم المصري “يوسف محمد” في بطولة 1934، وتوالت مشاركات الحكام العرب ونجاحاتهم حتى أصبح المغربي “سعيد بلقولة” أول حكم عربي يدير مباراة نهائية لكأس العالم في بطولة فرنسا 1998، وزاد عدد الحكام العرب في بطولات كأس العالم حتى بلغ عددهم 13 حكمًا عربيًّا في بطولة 2022 في قطر (3 حكام للساحة، و7 حكام مساعدين، و3 حكام لتقنية الفيديو)، ومع هؤلاء الحكام العرب في بطولة 2022، ستشارك أربعة بلدان عربية في البطولة للمرة الثانية بعد بطولة 2018، وقبل ذلك كانت بطولة 1986 هي التي شهدت مشاركة ثلاثة بلدان عربية.
ولم يشارك العرب في بطولات كأس العالم فقط بمنتخباتهم وحكامهم، إنما كانوا من أكثر شعوب العالم حرصًا على الفرجة على كل بطولة لكأس العالم، وحتى في أشد الأوقات اضطرابًا سياسيًّا أو اجتماعيًّا، كانت أيام كل بطولة لكأس العالم تتحول إلى هدنة لتبقى أيامًا لا خلاف فيها أو صراعات إنما فقط كرة القدم وبهجتها والفرجة عليها. وأصبحت معظم الجماهير العربية أيضًا منحازة تلقائيًّا للبرازيل، ووفقًا لدراسات كروية اجتماعية كثيرة جدًا، لم تكتسب البرازيل شعبيتها الكروية العالمية والعربية أيضًا بنجومها في الملاعب الذين لا أول لهم أو آخر، أو لأنها الدولة التي تستطيع أن تحيل أي مباراة كرة إلى حفل فني استعراضي مبهر وأنيق، أو المنتخب الذي فاز بكأس العالم أكثر من أي منتخب آخر؛ ولكن لأن البرازيل التي ليست غنية اقتصاديًّا وليست قوية عسكريًّا استطاعت الفوز على كل الأغنياء والأقوياء، وهذا هو أحد أسرار الشعبية الكروية الطاغية للبرازيل في قارتي (إفريقيا، وآسيا)، حيث انجذب الكثيرون للبرازيل شاعرين بأنها تلعب بالنيابة عنهم جميعًا، وتنتصر لنفسها ولهم على أوروبا، وبالتالي لم يعد المنتخب البرازيلي تدريجيًّا هو الفريق الذي يلعب باسم البرازيل، إنما أصبح فريقًا يلعب باسم ملايين آخرين عرفوا أن منتخباتهم لن تستطيع تحقيق انتصارات يحققها منتخب البرازيل، فأصبح أهل الكرة في بلدان كثيرة، وفي مقدمتهم العرب، يشجعون منتخب بلادهم وأيضًا منتخب البرازيل.
وكانت رحلة العرب مع كأس العالم حافلة بالحكايات والمفارقات، فقطر التي لم يسبق لها أن شاركت في بطولات كأس العالم أصبحت الدولة العربية الوحيدة التي تنجح في استضافة البطولة نفسها، ومصر التي كانت أول من شارك من العرب بدت كأنها فتحت أبواب كأس العالم أمام دول عربية أخرى لتشارك أكثر من مشاركات مصر، وباستثناء السعودية ونجاحاتها، يبقى عرب إفريقيا هم الأكثر مشاركة ونجاحًا من عرب آسيا، وقد بدأت رحلة العرب مع كأس العالم في السادس من إبريل 1934 في ملعب تماريم بالقدس، حين فاز المنتخب المصري على المنتخب الفلسطيني وتأهل لكأس العالم في إيطاليا 1934، وافتتحت مصر مشوار العرب في بطولات كأس العالم وكانت مباراتها في استاد “جيورجيو إسكاريللي” في مدينة نابولي في السابع والعشرين من مايو 1934 هي أولى مباريات العرب في كأس العالم، وهي المباراة التي خسرتها مصر بهدفين مقابل أربعة أهداف للمجر، ولم تشارك مصر في هذه البطولة كممثلة للعرب بمنتخبها فقط، إنما كان هناك أيضًا الحكم يوسف محمد، الذي كان أول حكم عربي يشارك في كأس العالم وأدار في بطولة 1934 مباراة سويسرا وتشيكوسلوفاكيا، التي فازت بثلاثة أهداف مقابل هدفين لسويسرا.
ولم تستطع مصر العودة من جديد لكأس العالم في البطولة التالية في فرنسا 1938، وغاب العرب جميعهم عن بطولة 1950 في البرازيل، و1954 في سويسرا، و1958 في السويد، و1962 في شيلي، حتى جاءت بطولة 1966 في إنجلترا التي عاد إليها العرب بالحكم المصري “على قنديل”، الذي أدار مباراة كوريا الديمقراطية أمام شيلي، وانتظر العرب بطولة 1970 لإنهاء غياب منتخباتهم عن كأس العالم، ففي تلك البطولة التي استضافتها المكسيك، وفي الثالث من يونيو 1970، تأهلت المغرب كثاني دولة عربية تشارك في كأس العالم، وحين تعادلت في مباراتها الثالثة مع بلغاريا كانت أول نقطة يحصل العرب في تاريخ كأس العالم، وفي تلك البطولة أيضًا أدار علي قنديل مباراة المكسيك والسلفادور، لكن في البطولة التالية 1974 في ألمانيا الغربية، عاد الغياب العربي من جديد ولم يمثلهم في البطولة إلا الحكم المصري “مصطفى كامل محمود”.
وفي بطولة 1978 التي استضافتها الأرجنتين، كانت تونس هي الدولة العربية الثالثة في كأس العالم، وفي مباراتها الأولى أمام المكسيك وبالتحديد في الثاني من يونيو 1978، وفي استاد “جيجانتي دي أرويوتو” في مدينة روزاريو، نجحت تونس في تحقيق أول انتصار عربي في تاريخ كأس العالم بعد فوزها على المكسيك بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وشارك في هذه البطولة أيضًا الحكم السوري “فاروق بوظو”، الذي أدار مباراة ألمانيا الغربية والمكسيك، وأجاد بوظو لدرجة أنه كان أول حكم في هذه البطولة ينال الدرجة النهائية في تقييم الحكام المشاركين حين لم يرتكب أي خطأ ولم يعترض أحد على أي قرار له طيلة المباراة.
وفي بطولة 1982 التي استضافتها أسبانيا، أصبحت الجزائر رابع دولة عربية في كأس العالم، وفي إستاد “مولينون” في مدينة شيخون، حققت الجزائر أولى مفاجآت البطولة حين فازت في مباراتها الأولى على ألمانيا الغربية حاملة اللقب وبطلة كأس العالم 1974، وتوقع الجميع تأهل الجزائر للدور الثاني إلا أنها كانت ضحية اتفاق ألماني نمساوي حتى تتأهل البلدان وتخرج الجزائر، وتحدث العالم كله عما جرى، واضطر الاتحاد الدولي لكرة القدم بعد هذه البطولة إلى تعديل جدول مباريات البطولات التالية لتقام المباراتان الأخيرتان في كل مجموعة في توقيت واحد تلافيًا لأي خداع وتحايل وتلاعب بالنتائج.
وفي نفس البطولة، كانت الكويت أول دولة من عرب آسيا تشارك في كأس العالم، ومع الجزائر والكويت كان هناك “يوسف الغول”، الحكم الليبي الوحيد الذي شارك في كأس العالم، وأدار الغول في هذه البطولة مباراة الاتحاد السوفييتي ونيوزيلندا، وكان هناك أيضًا الحكم الجزائري “بلعيد لقمة”، والحكم المساعد البحريني “إبراهيم الضوي”، الذي شارك في إدارة مباراة المجر والسلفادور، وانتهت بفوز المجر بعشرة أهداف مقابل هدف واحد.
وفي بطولة 1986 التي استضافتها المكسيك، كانت المرة الأولى التي تشارك فيها ثلاثة بلدان عربية (الجزائر، والمغرب، ولأول مرة العراق)، وتصدرت المغرب مجموعتها وتأهلت للدور التالي كأول دولة عربية تحقق هذا الإنجاز، وخسرت المغرب مباراتها في دور الـ 16 أمام ألمانيا الغربية، وشهدت هذه البطولة أيضًا مشاركة الحكم السعودي “فلاح خزام الشنار”، والحكم السوري “جمال الشريف”، أما الحكم التونسي “علي بن ناصر”، فكان هو الذي أدار مباراة إنجلترا والأرجنتين في دور الثمانية، واحتسب الهدف الذي أحرزه بيده النجم الأرجنتيني الكبير “مارادونا”، وكانت ولا تزال من أكثر حكايات كأس العالم تداولًا واختار مارادونا ما جرى عنوانًا لمذكراته وهو (يد الله)، واعتذر علي بن ناصر فيما بعد مؤكدًا أنه لم يرَ مارادونا يستخدم يده لإحراز الهدف، واعتزل بعدها التحكيم
وفي بطولة 1990 التي استضافتها إيطاليا، شاركت مصر ومعها لأول مرة الإمارات العربية المتحدة، وكان هناك أربعة حكام عرب في البطولة: الجزائري “محمد حنصال”، والمغربي “ناجي جويني”، والسوري “جمال الشريف”، والبحريني “جاسم عبد الرحمن مندي”.
وفي بطولة 1994، التي استضافتها الولايات المتحدة الأمريكية، شاركت المغرب ولأول مرة السعودية، وكانت المرة الأولى التي تقع فيها بلدان عربيان في مجموعة واحدة ، وبالتالي كانت مباراة البلدين هي أول مباراة عربية خالصة في كأس العالم، وأقيمت هذه المباراة في إستاد “جيانت” في نيوجيرسي يوم الخامس والعشرين من يونيو 1994، وفازت فيها السعودية على المغرب بهدفين مقابل هدف، وفازت السعودية في مباراتها الثالثة على بلجيكا بهدف لسعيد العويران، وتم اختيار هدف سعيد العويران كأحد أجمل أهداف البطولة، ومن الأهداف المميزة في تاريخ كأس العالم وبالتأكيد هو أجمل هدف عربي في تاريخ كأس العالم.
وتأهلت السعودية لدور الـ 16 لتصبح ثاني دولة عربية تتأهل لهذا الدور في تاريخ كأس العالم، لكن السعودية هي أول دولة عربية تتأهل لدور الـ 16 في أول مشاركة لها في تاريخها، وشارك في هذه البطولة ثلاثة حكام عرب: التونسي “ناجي جويني”، والسوري “جمال الشريف”، والإماراتي “علي بو جسيم”، الذي أدار مباراتين منها مباراة تحديد المركز الثالث التي فازت بها السويد على بلغاريا.
وفي بطولة 1998 التي استضافتها فرنسا، وشاركت فيها (السعودية، والمغرب، وتونس)، ومعهم أربعة حكام عرب: المصري “جمال الغندور”، والسعودي “عبد الرحمن الزيد”، والإماراتي “علي بوجسيم”، الذي أصبح أول حكم عربي يدير في كأس العالم مباراة في قبل نهائي البطولة، وكانت بين (البرازيل، وهولندا)، التي انتهت بالتعادل وفازت البرازيل بضربات الجزاء الترجيحية، أما الحكم العربي الرابع في تلك البطولة فكان المغربي “سعيد بلقولة”، الذي أصبح أهم وأشهر حكام العرب في تاريخ كأس العالم بعدما أدار المباراة النهائية بين (فرنسا، والبرازيل)، وفيها فازت فرنسا بكأس العالم لأول مرة في تاريخها، ومات بلقولة بعد هذه المباراة بأربعة أعوام نتيجة إصابته بمرض السرطان.
وفي بطولة 2002 التي استضافتها اليابان وكوريا الجنوبية، شاركت السعودية وتونس، ومعهما خمسة حكام عرب: الكويتي “سعيد المانع”، والإماراتي “علي بوجسيم”، والتونسي “مراد الدعمي”، والمغربي “جمال القزاز”. أما المصري “جمال الغندور” فكان صاحب الضجة التي ارتبطت بمباراة إسبانيا وكوريا الجنوبية في دور الثمانية للبطولة، حيث لا تزال إسبانيا حتى الآن تتهم جمال الغندور بأنه كان منحازًا لكوريا الجنوبية وهي تلعب على أرضها، وجاملها بعدم احتساب هدفين لإسبانيا لتخرج من البطولة وتبقى كوريا الجنوبية، وغير الأربعة حكام، كان هناك خمسة حكام مساعدين عرب: الأردني “عوني حسونة”، واللبناني “حيدر كوليت”، والسعودي “على الطريفي”، والمصري “وجيه فرج”، والتونسي “توفيق العجنقي”.
وفي بطولة 2006 التي استضافتها ألمانيا، شارك نفس الثنائي العربي (السعودية، وتونس) للمرة الثانية على التوالي، وللمرة الثانية أيضًا تشارك دولتان عربيتان في مجموعة واحدة. وأقيمت المواجهة التونسية السعودية في ميونيخ يوم 14 يونيو 2006، وانتهت بتعادل الفريقين بهدفين لكل منهما، وأحرز النجم الكبير “سامي الجابر” الهدف السعودي الثاني وكان أيضًا الهدف الثالث لسامي الجابر في بطولات كأس العالم، الهدف الأول كان في مرمى المغرب في بطولة 1994، والهدف الثاني كان في مرمى جنوب إفريقيا في بطولة 1998، وبهذه الأهداف الثلاث أصبح سامي الجابر العويران أكثر لاعب عربي تسجيلًا للأهداف في كأس العالم، وشارك في هذه البطولة الحكم المصري “عصام عبد الفتاح”، ومساعد الحكم الإماراتي “عيسى غلوم”.
وفي بطولة 2010 التي استضافتها جنوب إفريقيا، شاركت الجزائر وحدها ممثلة للعرب، ومعها الحكم السعودي “خليل الغامدي”، وثلاثة حكام مساعدين: الإماراتي “خليل المرزوقي”، والمغربي “رضوان عشيق”، والتونسي “بشير حساني”.
وفي بطولة 2014 التي استضافتها البرازيل، وللمرة الثانية على التوالي، كانت الجزائر ممثلة وحيدة للعرب، وتأهلت الجزائر لدور الـ 16، وخسرت في هذا الدور أمام ألمانيا، وشارك في هذه البطولة الحكم البحريني “نواف شكر الله”، وأربعة حكام مساعدين: اثنان من البحرين هما (إبراهيم صالح، وياسر تلفت)، والمغربي “رضوان عشيق”، والجزائري “عبد الحق التشيالي”.
وفي بطولة 2018 التي استضافتها روسيا، تأهلت أربعة بلدان عربية للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم( مصر، والسعودية، وتونس، والمغرب)، وللمرة الثالثة يشهد كأس العالم مواجهة عربية خالصة، وفي المرات الثلاثة كانت السعودية حاضرة أولًا أمام المغرب ثم أمام تونس، وهذه المرة أمام مصر. وكانت المواجهة هي المباراة الثالثة للدولتين وفيها فازت السعودية على مصر، وشارك في هذه البطولة أربعة حكام: الإماراتي “محمد عبدالله حسن”، والبحريني “نواف شكرالله”، والجزائري “مهدي عبيد”، والمصري “جهاد جريشة”، وثمانية حكام مساعدين: اثنان من الإمارات هما (محمد الحمادي، وحسن المهري)، والبحريني “ياسر تلفت”، والقطري “طالب المري”، والتونسي “أنور هميلة”، والجزائري “عبد الحق الشيالي”، والمغربي “رضوان عشيق”، والسوداني “وليد أحمد”.
وفي بطولة 2022 التي تستضيفها قطر، تشارك للمرة الثانية على التوالي أربعة بلدان عربية: السعودية، والمغرب، وتونس، بالإضافة إلى قطر صاحبة الأرض والبطولة، ويشارك أيضًا ثلاثة حكام عرب: الإماراتي “محمد عبدالله”، والقطري “عبد الرحمن الجاسم”، والجزائري “مصطفى غربال”، وسبعة حكام مساعدين: من الإمارات (محمد الحمادي، وحسن المهري)، ومن قطر (طالب المري، وسعود أحمد)، ومن الجزائر (مقران غوران، وعبد الحق الشيالي)، ومن مصر “محمود أبو الرجال”، وأيضًا يشارك في تقنية الفيديو حكمان مغربيان( رضوان جيد، وعادل زوراق).
وفي مقابل نجاح قطر في استضافة بطولة 2022، كانت هناك محاولات عربية سابقة لم تكتمل، أبرزها كانت المحاولات المغربية، وبدأت المغرب محاولتها لاستضافة بطولة 1994، والتي نافست عليها الولايات المتحدة الأمريكية، والمحاولة الثانية كانت أمام فرنسا لاستضافة بطولة 1998، والمحاولة المغربية الثالثة كانت لاستضافة بطولة 2006، التي فازت باستضافتها ألمانيا، أما المحاولة المغربية الرابعة فكانت محاولة عربية جماعية شاركت فيها (المغرب، ومصر، وتونس، وليبيا) ؛لاستضافة بطولة 2010 التي كانت أول بطولة لكأس العالم تقام في القارة الإفريقية، وفازت جنوب إفريقيا باستضافة أول بطولة في إفريقيا.