بدأت السينما المصرية في تزامن مع السينما العالمية، أي ما يقرب من 125 عامًا، ولهذا كانت حاضرة بشكلٍ قوي في كل المهرجانات الدولية منذ دوراتها الأولى، باعتبارها من السينمات المعدودة في العالم كله في ذلك الوقت.
البداية كانت مع فيلم “وداد” عام 1935 لـ أم كلثوم وإخراج فرانز كرامب، والذي شارك في مهرجان فينيسيا في دورته الرابعة كأول فيلم مصري يُعرض خارج مصر، ثم فيلم “دُنيا” للمخرج محمد كريم، والذي شارك في الدورة الأولى لمهرجان كان عام 1946، و يُعد المخرج الكبير يوسف شاهين الأكثر تواجدًا في المهرجانات الكبرى حيث كان حريصًا على التواجد بأعماله في المهرجانات المختلفة، والبداية كانت في عام 1951 بفيلم ” ابن النيل”، والذي شارك في مهرجان كان واستمر شاهين في المشاركة في المهرجانات الكبرى بأفلامه حتى عام 2008 عندما شارك في مهرجان فينيسيا بأخر أفلامه “هي فوضى”، والذي أكمله تلميذه خالد يوسف بعد وفاته.
حصل شاهين على جائزة التانيت الذهبي من مهرجان قرطاج عام 1970 عن فيلم “الاختيار”، وجائزة الدب الفضي من مهرجان برلين عام 1979 عن فيلم “إسكندرية ليه” وفي عام 1997 على جائزة خاصة عن مشواره مع مهرجان كان “خمسين سنة كان” على هامش مشاركته في المهرجان بفيلم “المصير”
أيضًا المخرج الراحل شادي عبد السلام رغم قصر حياته الفنية إلا أنها كانت عامرة بالإبداع والخلود، حيث قدم فيلمين الأول “الفلاح الفصيح” وهو فيلم قصير وحصل به على جائزة “السيدالك” من مهرجان فينيسيا عام 1970، وجائزة النقاد من مهرجان قرطاج في نفس العام، الفيلم الثاني وهو الأشهر “المومياء” والذي شارك في عِدة مهرجانات كبرى وأشاد به الجميع إلا أنه لم يحصل على أي جائزة تُذكر.
نتيجة التوازنات السياسية والتقارب بين المنطقة العربية والكتلة الشرقية، كان البعض يُفضل المشاركة في مهرجانات مثل( موسكو، نيودلهي، طوكيو) على المشاركة في (كان أو برلين، أو فينيسيا)، بالإضافة إلى أن شروط المشاركة في هذه المهرجانات كانت أسهل في قبول الفيلم مهما كان مستواه أو عيوبه الفنية، حتى قبول الفيلم كان هدفه تقارب و توازنات أكثر منها أسباب فنية، ولهذا حرص عدد كبير من صُناع السينما على التواجد، حيث شاركت السينما المصرية أكثر من دورة بأفلام مثل (جميلة، أين عمري؟، قنديل أم هاشم، أم العروسة، زوجة رجل مهم…وغيرها أفلام كثيرة)، لكنها حتى في هذه المهرجانات لم تستطع الحصول على جوائز رغم تعدد المشاركات، وربما الجائزة الوحيدة التي حصلنا عليها كانت لصالح فيلم “سواق الأتوبيس” حيث حصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان نيودلهي عام 1983، ونفس الفيلم حصل على جائزة الإخراج من مهرجان قرطاج في نفس العام (التانيت الفضي)، وفي عام 1984 حصل فيلم “خرج و لم يعد” على الجائزة الفضية كأحسن فيلم و حصل يحيى الفخراني على جائزة أفضل ممثل من مهرجان قرطاج أيضًا، وفي عام 2010 ومن قرطاج أيضًا فاز فيلم “ميكروفون” بجائزة أفضل فيلم (التانيت الذهبي) للمخرج أحمد عبد الله السيد.
ومن هنا يتضح لنا أن كم الجوائز لم تكن مناسبة لحجم التواجد ولا لتاريخ و قِدم السينما المصرية؛ عدد محدود من الجوائز في مائة عام وأكثر هي عمر السينما المصرية، بالطبع هناك أسباب عديدة لعدم حصول السينما المصرية على جوائز والاكتفاء بالتواجد فقط وقبل ذِكر هذه الأسباب لا يمكن أن نغفل ما تكبدته السينما المصرية من خسارة كبيرة بعد خروج الأجانب من مصر في فترة الخمسينيات والستينيات ومنهم من كان يعمل في صناعة السينما، حيث توقفت السينما عن التطور لفترةٍ كبيرة حتى ظهرت أجيال جديدة تحمل أفكارًا و رؤىً مختلفة للسينما ومعها ما حدث للسينما في العالم من تطور.
أسباب عدم حصول الفيلم المصري على جوائز أو حتى مشاركة جيدة في المهرجانات الكبرى:
- كثير من صُناع السينما لا يهتمون إلا بتقديم عمل سينمائي متوسط الجودة وبأقل تكلفه ممكنة هدفه شباك التذاكر وإيرادات موسم العيد والصيف فقط، وأي أخطاء فنية يعتقدون أن الجمهور لا يهتم بها بقدر ما يهتم بنجمه المُفضل وقصة العمل، أما عناصر الفيلم (سيناريو مُحكم، إخراج، تمثيل، صوت، إضاءة، ديكور) لا يلتفت لها الجمهور، كما أن كثيرًا من هؤلاء الصُناع لا يهتم بأمر المهرجانات والجوائز نهائيًّا بنفس الاهتمام بشباك التذاكر والإيرادات، والسبب رغبته في استرداد ما أنفقه على الفيلم في أسرع وقت، بينما العرض في مهرجان أو أكثر يؤدي لتعطيل دورة رأس المال لمدة عامين على الأقل وبالطبع لا يريد ذلك.
- عدم الاهتمام بوضع موسيقى تصويرية خاصة بكثير من الأفلام المصرية بل تم اقتباسها من أفلام عالمية أو حتى من أفلام مصرية أخرى، حيث تصدرت كلمة “الموسيقى من المنتخبات العالمية” تترات العديد من الأفلام المصرية وهو ما حرم أفلام جيدة من الفوز بجائزة أو حتى دخول المهرجان؛ حيث تم الرفض فور مشاهدة الفيلم واكتشاف أن الموسيقى مُقتبسة.
- أيضًا كان دائمًا لدينا مشكلة فنية في الإضاءة مما جعل المخرجين يلجؤون لتصوير مشاهد الليل في النهار، ومشكلة فنية أخرى في شريط الصوت أنه ليس بالجودة التي تشترطها اللجنة الفنية للمهرجانات خاصة الكبرى.
- أفلام عديدة مصرية حققت نجاحًا كبيرًا تجاريًّا وفنيًّا، هي في الأصل مُقتبسة من أفلام أجنبية بالصورة والحوار، وبالتالي لا يمكن لها أن تشارك في مهرجانات دولية.
تدريجيًّا ومع دخول صناعة السينما في أزمة إنتاج، أصبح التركيز والاهتمام كله على الفيلم التجاري بحثًا عن ربح التوزيع خاصة في منطقة الخليج “السوق الأكبر للفيلم المصري”، ومن هنا اختفى الفيلم الجيد “فنيًّا” وأصبح التركيز أكثر على الأفلام المنسوخة من أفلام أمريكية بغرض الإبهار وتحقيق نجاح تجاري مضمون بغض النظر عن أي قيمة فنية للفيلم و زاد انتشار هذا النوع من الأعمال مع بداية الألفية، حيث غاب التنوع الذي كان موجودًا في السابق- أفلام مُقتبسة بجانب أفلام مؤلَّفة ذات قيمة فنية-، لكن ما حدث في بداية الألفية هو نوع واحد من الأفلام (المنسوخ التجاري البحت)، و من هنا اختفت المشاركة المصرية في المهرجانات الدولية سواءٌ الكبرى أو حتى الصغرى، حتى إننا في مرات عديدة لم نجد فيلمًا مصريًّا يمثل مصر في مهرجان القاهرة أو الإسكندرية !
مؤخرًا ومع جيل جديد من المُبدعين بدأ الأمل يتجدد ومعه تجددت المشاركة والجوائز، في عام 2018 فاز فيلم “يوم الدين” بجائزة النقاد “فرانسوا تشاليه” من مهرجان كان، وفي نفس العام فاز بـالتانيت الفضي من مهرجان قرطاج، وفي عام 2020 شارك فيلم قصير “ستاشر” للمخرج سامح علاء في مهرجان كان وحصل على السعفة الذهبية للمرة الأولى في تاريخ السينما المصرية، وفي عام 2021 شارك فيلم “ريش” للمخرج عمر الزُهيري في مهرجان كان وحصل على جائزة النقاد، و حصل أيضًا على عدد من الجوائز من مهرجانات أخرى، والغريب أن كلا الفيلمين تعرَّضا للهجوم من الإعلام والجمهور، الأول بتهمة إهانة الإسلام والثاني بتهمة إهانة الدولة ! وكأننا لا نعرف كيف نفرح بإنجازاتنا؟ ولا نعرف كيف نُقدر مبدعينا؟!، وهي مشكلة أخرى يواجهها صُناع السينما خاصة الجادة والمختلفة.
الأمر مختلف تمامًا في السينما العربية والتي رغم حداثة عهدها مقارنةً بالمصرية، فقد كانت الأكثر جدِّيَّة والأكثر تواجدًا في المهرجانات الكبرى وحصولًا على الجوائز.
السينما الجزائرية عندما بدأت بعد الاستقلال مباشرةً كان الهدف الأول لصُناع السينما هو تأريخ لكفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال وما واجهه من قمعٍ وعذاب.
فيلم “معركة الجزائر” إنتاج عام 1966، والذي صور مُعاناة الشعب الجزائري مع الاحتلال الفرنسي، حصل الفيلم على جائزة النقاد من مهرجان كان، و جائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية في نفس العام، وأيضًا فيلم “ريح الأوراس” الذي حصل على جائزة أفضل فيلم من مهرجان كان عام 1967، كما حصل على جائزة أفضل سيناريو من مهرجان موسكو في نفس العام، وفي عام 1975 حصل فيلم “وقائع سنين الجمر” على السعفة الذهبية من مهرجان كان كأول فيلم أفريقي وعربي يحصل على السعفة الذهبية، بعد ذلك تراجعت السينما الجزائرية كثيرًا بسبب الإرهاب وأصبحت تعتمد على الإنتاج المشترك مع مؤسسات أوربية كما واجهت مشكلة في العرض داخل الجزائر، وأكتفت بالعرض في المهرجانات و عدد من دور العرض في أوربا، ويُعتبر ظهور اليوتيوب ثم المنصات فرصة جيدة لأن يشاهد الأفلام الجزائرية عدد أكبر من المهتمين بها سواءٌ في الجزائر أو خارجها، و رغم كل القيود التي تعاني منها السينما الجزائرية إلا أنها ما زالت تحقق النجاح والتواجد القوي في المهرجانات الكبرى، كما نجحت في نشر قضية الاستقلال وما عاناه الشعب الجزائري في سنوات الاحتلال وهو ما ساعد شعوب أخرى في قضية التحرر و الاستقلال.
وللسينما التونسية أيضًا حضوٌر جيدٌ في المهرجانات الكبرى، حيث فاز فيلم “ربح السد” عام 1986 بـالتانيت الذهبي من مهرجان قرطاج، وفي عام 2015 حصل فيلم “على حلة عيني” على التانيت البرونزي من مهرجان قرطاج الدولي، وفي عام 2001 حصل فيلم “نحبك هادي” على جائزة أفضل فيلم من مهرجان برلين، وهي أهم جائزة حصلت عليها السينما التونسية حتى الآن.
وفي السينما المغربية لدينا فيلم “عُطيل” لـ أورسن ويلز، والذي حصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1952، وهي الجائزة الأهم والأكبر في تاريخ السينما المغربية.
السينما اللبنانية هي الأقدم والأعرق في المنطقة العربية بعد مصر، لكن ظروف الحروب الأهلية والاحتلال منعها من الاستمرار و مواصلة الإنتاج، واضطر عدد من الفنانين وصُناع السينما في لبنان للسفر إلى مصر والاستقرار هناك لتقديم فنهم هناك بعد أن تعذر تقديمه في لبنان، ورغم ما تواجهه السينما اللبنانية من صعوبات في التمويل و توفر دور العرض؛ بسبب ظروف الحرب الأهلية و حرب تحرير الجنوب، إلا إنها وبفضل جهود فردية و طموح صُناع السينما استطاعت تحقيق نجاحات كبيرة ربما لم تحققها دول أقدم وأعرق منهم في صناعة السينما، من هذه الأفلام :
فيلم “بيروت الغربية” إنتاج عام 1998، والذي تناول الحرب الأهلية، حصل الفيلم على جائزة فرانسوا شاليه من مهرجان كان في نفس العام، وحصل فيلم “هلا لوين؟” لـ نادين لبِكي على جائزة أفضل فيلم من تورينتو عام 2011، كما حصل فيلم “عندما تتكلم مريم” الحائز على جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثلة من مهرجان قرطاج عام 2002 وفيلم القضية 23 إنتاج عام 2017، فاز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي في حفل الأوسكار الـ 90، كما حصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان البندقية في نفس العام.
يعتبر فيلم “كفر ناحوم ” لـ نادين لِبكي إنتاج عام 2018 أشهر وأهم ما قدمت السينما اللبنانية، شارك الفيلم في مهرجان كان ونافس على السعفة الذهبية وفاز بجائزة لجنة التحكيم، كما فاز بأكثر من جائزة من عِدة مهرجانات، ويُعد أعلى فيلم عربي حقق إيرادات ونجاح خارج حدود الوطن العربي، حيث حقق إيرادات أكثر من 68 مليون دولار عند عرضه في دول أوربا وأمريكا، كما حقق عند عرضه في الصين 54 مليون دولار.
السينما السورية التي بدأت في عشرينيات القرن الماضي لها تواجد أيضًا في المهرجانات الكبرى، حيث حصد فيلم “أحلام في المدينة” عام 1984 جائزة (التانيت الذهبي) أحسن فيلم من مهرجان قرطاج في نفس العام، وفي عام 2018 حصل فيلم “الكهف” على جائزة أفضل فيلم وثائقي من مهرجان كان، وفي عام 2019 حصل على أفضل فيلم وثائقي من مهرجان تورنتو، كما حصل على (جائزة إيمي) أفضل تصوير، وترشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.
وأيضًا السينما الفلسطينية رغم ما تواجهه من قيود في التمويل والعرض إلا أنها استطاعت تحقيق خطوات جيدة وهامة بفضل جهود فردية لصُناع سينما كِبار مثل هاني أبو أسعد، والذي استطاع الوصول بالسينما الفلسطينية وقضية الشعب الفلسطيني ومعاناته إلى كل شعوب الأرض عن طريق أفلامه.
فيلم “الجنة” الآن إنتاج عام 2007 أهم وأشهر أفلام السينما الفلسطينية، والذي فاز بجائزة الجولدن جلوب لأفضل فيلم أجنبي وفي نفس العام ترشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، وفيلم “عُمر” إنتاج عام 2013 فاز بجائزة لجنة التحكيم من مهرجان كان، كما فار فيلم “3000 ليلة” إنتاج عام 2015 بجائزة أفضل فيلم بمهرجان تورنتو، وفيلم “إن شئت كما في السما” إنتاج 2019 فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان كان عام 2019 وفي نفس العام فاز بأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية في حفل الأوسكار الـ 92 ، وأخيرًا فيلم “غزة مونامور” إنتاج 2020 فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان تورنتو.
ونجحت السينما الفلسطينية في عرض القضية الفلسطينية وحق أصحاب الأرض ومعانتهم مع جيش الاحتلال والجدار العازل الذي أخترق أراضيهم وبيوتهم وفرّق بين أفراد العائلة الواحدة.
في عام 2019 قدّمت السينما السودانية بعد توقف زاد عن عشرين عامًا، فيلم “ستموت في العشرين”؛ حيث عانت السينما السودانية من مشاكل عِدة مرة ضعف التمويل و قلة دور العرض، ومرة سيطرة التيار الديني على الحكم و موقفه من الفن بشكلٍ عام، إلا أنها عادت و بقوة من خلال هذا الفيلم والذي استطاع الحصول على عِدة جوائز هامة منها جائزة أفضل فيلم (أسد المستقبل) من مهرجان البندقية الدولي، و جائزة التانيت الذهبي كأفضل فيلم من مهرجان قرطاج في نفس العام، ثم جائزة أفضل فيلم (نجمة الجونة) من مهرجان الجونة، ورغم أنه أقل المهرجانات أهمية إلا أن الجائزة كانت هامة للفيلم وللسينما السودانية بشكلٍ عام.
والمشاركة في المهرجانات لها شروط مُعلنة وأخرى غير مُعلنه وبالطبع كان لها تأثير كبير على تواجد السينما العربية في المهرجانات الدولية.
الشروط المُعلنة هي :
- أن يكون إنتاج نفس العام.
- لم يسبق له المشاركة في أي مهرجان قبل ذلك.
- ألا يُعرض تجاريًّا قبل دخوله المهرجان.
- أن يحصل على قبول اللجنة الفنية في المهرجان والتي تُجيز قبوله بعد التقييم الفني .
هذه الشروط لا علاقة لها بالمحتوى الذي لا يتم التدخل فيه إلا في حالات مُحددة:
- أن يكون السيناريو مُتقدم للحصول على منحه إنتاجية، هنا يتم النظر للمحتوى إن كان متوافقًا مع توجهات الجهة المانحة أم لا ، بمعنى قد يكون هناك توجه خاص في هذا العام بأعمال العنف ضد المرأة أو أصحاب الهمم أو مرضى التوحد أو أيٍّ من الحالات الإنسانية، وبالتالي أي عمل يتوافق مع هذه الأفكار يتم قبوله في حال أن مستواه الفني جيد، كما حدث مع فيلم “يوم الدين” عندما حصل على دعم جزئي من مهرجان كان؛ لأن قصة العمل تدور حول مريض جُذام ورحلته من قريته الفقيرة إلى مستعمرة الجُذام للعلاج و ما يواجهه في هذه الرحلة من صِعاب.
- هناك بعض المهرجانات يُسيطر عليها اليهود، وبالطبع ترفض الأعمال التي تتحدث عن النازية بشكلٍ إيجابي أو تُكذب الهولوكوست أو تهاجم الديانة اليهودية، كما أنها تتدخل أحيانًا ضد الأعمال الفلسطينية التي تُندد بالاحتلال، لكن هذا الأمر ليس في كل المهرجانات -خاصة الكبرى بدليل حصول أفلام فلسطينية على جوائز عِدة من مهرجانات رغم أن محتواها عن معاناة الشعب الفلسطيني مع جيش الاحتلال.
بعد أن استعرضنا الجوائز الهامة التي حصلت عليها السينما العربية في تاريخها من البداية وحتى الآن، ولم نغفل إلا الجوائز الأقل في الأهمية من مهرجانات صغيرة كما في طشقند أو المكسيك أو مهرجانات في نفس المستوى، نخلص في النهاية إلى:
أن الجدية والطموح حققت نجاحًا كبيرًا رغم ضعف الإمكانات والمعوقات التي تواجه كلًّا من (السينما الجزائرية واللبنانية والفلسطينية)، سواءٌ كانت إرهاب أو حروب أو احتلال؛ حيث حققت ما لم تحققه سينما عريقة مثل السينما المصرية التي ما زال كثير من صُناعها يقدمون الأفلام التجارية المباشرة بهدف الإيرادات فقط، دون الاهتمام بتقديم سينما جادة مختلفة تحمل أفكارًا أكثرَ عمقًا، تخرج إلى خارج حدود شباك التذاكر وحدود الوطن لعالم أكثر رحابة واختلاف، سينما تبحث عن الخلود والتاريخ.
أن حجم التواجد والجوائز لا يتناسب مع تاريخ وأهمية السينما العربية بشكلٍ عام ولابد من مراجعة جادة للمحتوى وما يجب أن نقدمه للعالم وللأجيال الجديدة التي أصبحت أكثر ثقافة وانفتاحًا من الأجيال السابقة.