الساحر الذي تساعده إيزيس أو أوزيريس، ليس شخصية خيالية من ألف ليلة وليلة، لكنه لاعب كرة حقيقي تعلم الجري على ضفاف النيل، كانت هذه بعض أبيات من الشعر نشرتها صحيفة إنجليزية في سبتمبر 1911؛ للاحتفاء بحسين حجازي بعد مباراة بين دولويتش هاملت الذي يلعب له حجازي ونادي نانهيد، وكان المصري “حسين حجازي” هو أول لاعب كرة قدم عربي يلعب في أوروبا، فعلى الرغم من عشق حسين لكرة القدم وتيقن الجميع من موهبته سواء كقائد لفريق مدرسة السعيدية أو أحد لاعبي أول فريق كروي للنادي الأهلي، أصرت والدته على إرساله لدراسة الهندسة في جامعة لندن، ورغم الغربة والدراسة لم ينسَ حسين حجازي أو يبتعد عن كرة القدم، فانضم لنادي محلي اسمه دولويتش هاملت وأثار منذ مباراته الأولى إعجاب واحترام الكثيرين.
وبعد تألقه وأهدافه في مبارياته المتتالية مع دولويتش هاملت، عرض عليه مسؤولو نادي فولهام الانتقال لناديهم واللعب معهم في الدوري الإنجليزي، وحين عرف مؤسس نادي دولويتش هاملت بهذا العرض، ذهب إلى حسين حجازي يناشده البقاء مع دولويتش هاملت، وفوجئ بالنجم المصري يؤكد له أنه على الرغم من أمنيته اللعب في الدوري الإنجليزي؛ حيث المزيد من الشهرة والأضواء إلا أنه لا يستطيع نسيان فضل دولويتش هاملت الذي كان أول من فتح له أبوبه ليلعب الكرة في إنجلترا، وكان الرد مفاجئًا لمؤسس دولويتش هاملت، الذي قال: “إن حسين حجازي هو أشرف من لعب الكرة على الأرض الإنجليزية، ولم تشهد ملاعبنا من هو أكثر احترامًا منه”. وهكذا، بالإعجاب والانبهار بالموهبة الكروية، ثم الامتنان والاعتزاز بالأخلاق والاحترام بدأت حكاية اللاعبين العرب مع إنجلترا أولًا ثم أوروبا فيما بعد، فقبل أن يعود حسين حجازي إلى مصر، سافر مع فريق واندررز الإنجليزى إلى إسبانيا ولعب معه مباراتين، إحداها كانت أمام أتلتيكو بيلباو، وكان “ألفونسو” ملك إسبانيا حاضرًا في الملعب، وشاهد حسين حجازي يلعب ليقول بعد انتهاء المباراة: “إن حسن حجازي أحد أعظم اللاعبين الذين رآهم في حياته”، وأطلق الملك الإسباني على حسن حجازي لقب “ملك كرة القدم”.
ولم يعد حسين بعد ذلك مرة أخرى إلى أوروبا إلا كقائد للمنتخب المصري المشارك في دورة أنتيويرب الأوليمبية 1920. وفي 28 أغسطس 1920، لعب المنتخب المصري مباراته الرسمية الأولى أمام إيطاليا، وكانت المرة الأولى التي يلعب فيها منتخب عربي مباراة كرة قدم فوق أرض أوروبية، ورغم خسارة المنتخب المصري تلك المباراة إلا أن بعض لاعبيه بدأوا يلفتون انتباه الكثيرين، وزاد الإعجاب بهؤلاء اللاعبين حين فازت مصر في مباراة تالية على يوجوسلافيا، وكان أبرز هؤلاء اللاعبين هو توفيق عبدالله، الذي نتيجة لموهبته وتألقه لم يعد إلى مصر مع المنتخب بعد انتهاء الدورة الأوليمبية إنما سافر إلى إنجلترا، فقد تعاقد معه نادي “ديربي كاونتي” الإنجليزي ليصبح أول لاعب مصري وعربي في التاريخ يحترف في الدرجة الأولى للدوري الإنجليزي، وفي دراسته المهمة عن تاريخ لاعبي الكرة المصريين المحترفين في إنجلترا قال “نيك هاريس” صاحب الدراسة: “إن توفيق عبدالله لعب مباراته الأولى مع ديربي كاونتي في أكتوبر 1920، أمام مانشيستر سيتي، وأجاد توفيق للعب وأحرز هدفًا وظهر بعدها على غلاف مجلة توبيكال تايمز الأسبوعية، التي كانت أول مجلة إنجليزية متخصصة في مجال كرة القدم، كانت المرة الأولى التي يظهر فيها لاعب كرة مصري وعربي على غلاف أي مجلة أجنبية خارج مصر، وبعد ديربي كاونتي لعب توفيق عبدالله لنادي كودين بيث في أسكتلندا، ثم موسم آخر مع نادي بريد جيند تاون في ويلز، ثم اختتم رحلة احترافه مع نادي هارت بول يونايتد الإنجليزي، وبعدها انتقل محترفًا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1924، حيث لعب هناك لأربعة أندية، وفاز عام 1925 بلقب هداف الدوري الأمريكي لكرة القدم، واعتزل 1933، ومارس التدريب في الولايات المتحدة ليصبح أول مدرب كرة عربي في الغرب”.
وكان حسين حجازي وبعده إبراهيم توفيق هما أول من فتح أبواب الكرة الأوروبية أمام اللاعبين العرب، أول من سار في هذا الطريق الذي كان مجهولًا غير ممهد لتبدأ رحلة طويلة كانت إحدى نتائجها كل هؤلاء النجوم العرب، الذين تصفق لهم أوروبا اليوم وتحترم مواهبهم االكروية مثل: محمد صلاح، ورياض محرز، وأشرف حكيمي، وياسين بونو، وحكيم زياش، ويوسف النصيري، ومنير الحدادي، وسعيد بن رحمة، … وكثيرين غيرهم. وما بين حجازي وتوفيق إلى صلاح ومحرز توالت أسماء ووجوه وكانت أولى هذه الأسماء التي رحل أصحابها المصريون إلى أوروبا بعد نجاحات حجازي وتوفيق مثل: محمد لطيف في نادي جلاسجو رينجرز، ومصطفى كامل منصور في نادي كوينز بارك، ومثلما كان من الطبيعي أن تكون إنجلترا هي المقصد الكروي الأوروبي الأول للاعبين المصريين، باتت فرنسا في المقابل هي المقصد الكروي الأول للاعبي الكرة في بلدان المغرب العربي، وكان المحترف المغربي الأول في فرنسا هو “العربي بن مبارك”، الذي يمكن اعتباره أول نجم كروي مغربي وعربي يحقق نجاحات رسمية وكبرى في أوروبا، فبعد ولادته في الدار البيضاء، ورغم اليتم ورعاية جدته له في أحوال مادية صعبة دفعته لترك المدرسة والعمل بإحدى ورش النجارة، أصر العربي الصغير على لعب الكرة في دروب الدار البيضاء وينضم لنادي الاتحاد المغربي لتلتقطه أعين الكشافة الكرويين الفرنسيين، فانضم العربي في 1938 إلى أوليمبيك مارسيليا وتألق معه في الدوري الفرنسي وسجل له 12 هدفًا وقاده للمركز الثاني في جدول المسابقة، ولم يكمل العربي رحلته؛ حيث قامت الحرب العالمية الثانية وعاد العربي للمغرب مرة أخرى، وبعد نهاية الحرب عاد العربي إلى فرنسا ولعب لنادي ستاد فرانس في باريس وقاده لمزيد من الانتصارات تحول بعدها من نادٍ مغمور إلى نادٍ شهير، ومنحه الفرنسيون لقب “الجوهرة السوداء” قبل أن يحمل هذا اللقب النجم البرازيلي بيليه، وانتقل العربي في 1948 إلى إسبانيا ليلعب لنادي أتلتيكو مدريد مقابل 17 مليون فرنك فرنسي وهو رقم ضخم ذلك الوقت، وقاد العربي أتلتيكو مدريد للفوز بالدوري الإسباني ليصبح أول لاعب عربي يفوز بإحدى دوريات أوروبا، وفاجأ العربي بن مبارك الجميع بقيادة أتلتيكو مدريد للفوز بكأس إسبانيا ثم الفوز بالدوري في الموسم الثاني على التوالي.
ولم يضم نادي مارسيليا فقط العربي بن مبارك، لكنه ضم أيضًا في 1939 لاعبًا آخرًا من الجزائر اسمه “أحمد بن بيلا”، الذي كان من عشاق كرة القدم والموهوبين فيها أيضًا، ولعب ابن بيلا في الفريق الأول لمارسيليا، وسجل هدفًا لمارسيليا في كأس فرنسا أمام نادي أنتيب جوان في مدينة 1940، وانتهت حكاية ابن بيلا مع مارسيليا بعد خسارة مارسيليا لنهائي كأس فرنسا أمام ريسينج باريس، فلم يستكمل ابن بيلا مشواره مع كرة القدم واختار بدلًا من ذلك أن يحمل السلاح دفاعًا عن استقلال الجزائر. وبمناسبة أحمد بن بيلا لابد من التوقف قليلًا أمام الإعلام الغربي الذي نجح منذ شهر ديسمبر 2017 في إقناع العالم كله وإقناعنا أيضًا نحن العرب بأن نجم الكرة الليبيري “جورج ويا” هو أول لاعب كرة في التاريخ يصبح رئيسًا لبلاده، وصدق الكثيرون ذلك بمن فيهم العرب أنفسهم، وتحولت الكذبة إلى حقيقة من فرط ترديدها وتكرارها، لكن لم يكن جورج ويا مع كل الاحترام لمشواره الكروي هو أول لاعب كرة في العالم يصبح رئيسًا لبلاده، سبقه إلى ذلك أحمد بن بيلا لاعب الكرة الذي أصبح في 1963 رئيسًا للجزائر.
وهكذا، من حسين حجازي وتوفيق عبدالله إلى العربي بن مبارك وأحمد بن بيلا، بدأ لاعبو الكرة العرب في أندية أوروبا وملاعبها وإعلامها الكروي يصنعون واقعًا جديدًا، ويرسمون صورة مختلفة للعرب في عيون الأوروبيين العاديين في بيوتهم وشوارعهم وملاعبهم بعيدًا عن السياسة وحسابات وقيود أهلها، ففي ذلك الوقت كانت البلاد العربية تعاني احتلالًا واستعمارًا، وكان الانطباع الأوروبي العام عن العرب أنهم شعوب بدائية غير متحضرة غارقة في الفوضى وتنقصهم ثقافة وأخلاق الغرب، فأصبحت المهمة الأولى لنجوم الكرة العرب هي تغيير هذه الصورة الأوروبية الخاطئة والظالمة، والمؤكد أنهم نجحوا في ذلك ومن خلالهم أعاد الأوروبيون اكتشاف حقائق كثيرة عن العرب وعن أخلاقهم والتزامهم قبل مواهبهم ونجاحهم في الملاعب، وكان ذلك أهم كثيرًا من الإشادة الأوروبية الهائلة والدائمة بما يملكه العرب من مواهب كروية وما يقدمونه في ملاعب أوروبا
وهناك مباراة مهمة للغاية ورغم أهميتها وكل معانيها ودلالاتها سقطت تمامًا من الذاكرة الكروية والسياسية العربية، وهي المباراة الخيرية التي أقيمت لجمع التبرعات لمصلحة ضحايا زلزال مدينة الشلف وقع في 9 سبتمبر 1954، زلزال دمر تسعين بالمئة من بيوت المدينة، وزاد عدد ضحاياه عن 1400 شخص وآلاف الجرحى والمصابين، فتقرر في نفس السنة وبالتحديد 7 أكتوبر إقامة مباراة لكرة القدم بين منتخب فرنسا ومنتخب المغاربة، وضم منتخب المغاربة لاعبين جزائريين يلعبون في فرنسا منهم: عبد الرحمن أبوبكر، ومصطفى زيتوني، ومختار عريبي، وعبد العزيز بن تيفور، ولاعبين مغاربة بقيادة النجم العربي بن مبارك ومعه لاعبين من المغرب يلعبون أيضًا في فرنسا مثل: عبد الرحمن محجوب، ومحمد عبد الرزاق، وسالم بن ميلود، وشارك من تونس قاسم حسونة أيضًا، وكانت المرة الأولى التي تتضامن فيها الثلاثة بلدان مغاربية كرويًّا من أجل عمل إنساني شديد النبل، ورغم أنها لم تكن مباراة رسمية إلا أن صحافة فرنسا بالغت في الاهتمام بها واثقة من فوز الفرنسيين على العرب، لكن المفاجأة كانت فوز العرب بثلاثة أهداف مقابل هدفين فرنسيين، والأهم من الفوز في الملعب كان تأكد الفرنسيين والأوربيين وراءهم من أخلاق العرب وإنسانيتهم، وأنهم مهما اغتربوا وقادتهم مواهبهم وأقدامهم لأراضٍ بعيدة يبقى ارتباطهم بأوطانهم قائمًا ودائمًا وصادقًا أيضًا. وبعد أقل من شهر على هذه المباراة، بدأت الثورة المسلحة في الجزائر، وكان “رشيد مخلوفي” أحد أبرز وأهم النجوم العرب في أوروبا في خمسينيات القرن الماضي، وبلغ من التألق حد أن تصفه الصحافة بأنه أحد أهم صانعي الألعاب في أوروبا، وأيضًا “مصطفى زيتوني” صخرة دفاع نادي موناكو، وعبد العزيز بن تيفور، ومحمد معوش، وهؤلاء هم النجوم الجزائريون الذين رفضوا اللعب مع فرنسا نهائيات كأس العالم 1958؛ تضامنًا مع الجزائر وجبهة التحرير، ورغم تأكيد الصحافة الفرنسية وقتها أنه لولا غياب هؤلاء كانت فرنسا ستفوز بكأس العالم، إلا أن كثيرين احترموا هذا القرار والارتباط بالوطن مهما كانت التضحيات والثمن.
وبعد مشاهد وحكايات نجوم الكرة العرب في أوروبا في زمن الاحتلال الأوروبي لبلدان العرب، التي نجح بها نجوم الكرة في تغيير الكثير من رؤية الأوروبيين للعرب، ثم مشاهد وحكايات نجوم الكرة العرب في زمن الثورات العربية التي زادت من احترام أوروبيين كثيرين للعرب_ جاء مشهد وصول صالح سليم بالقطار لمحطة مدينة جراتس في النمسا في فبراير 1963؛ ليضيف حكاية جديدة بمعنى جديد ومختلف لحكايات نجوم الكرة العرب في أوروبا، فقد تولى فريتز بيمبرل تدريب نادي جراتسر إيه كيه، ولما كان فريتز سبق له تدريب الأهلي المصري ويعرف جيدًا موهبة صالح سليم الاستثنائية، فقد أرسل له خطابًا قال فيه: “إن إدارة النادي تركت له حرية اختيار اللاعبين الأجانب الذين يريدهم معه في الفريق، لكنه أخبرهم أنه لا يحتاج إلا للاعب واحد فقط من مصر اسمه صالح سليم”. وبالفعل وافق صالح وسافر من القاهرة إلى العاصمة النمساوية فيينا ومنها بالقطار إلى مدينة جراتس، وحين توقف القطار فوجئ مسؤولو النادي بعشرات الطلبة العرب الذين يدرسون ويقيمون في المدينة والمدن المجاورة جاؤوا لتحية صالح سليم، وكان أجمل ما في هذا المشهد هو أن هؤلاء الطلبة كانوا من بلدان عربية بينها بعض الخلافات والحساسيات السياسية التي انهارت أمام قوة وسحر كرة القدم، وزاد التفاف الطلبة العرب حول صالح سليم منذ مباراته الأولى في النمسا، التي سجل فيها بمفرده ستة أهداف في مرمى نادي فرونلايتن، وسيصبح ذلك قاعدة كروية عربية شهيرة فيما بعد في مختلف بلدان أوروبا، فكل لاعب كرة ينجح ويتألق في أوروبا كان يتحول تلقائيًّا لرمز للانتصار على أوروبا فوق أرض أوروبا، وأن العرب ليسوا أقل من الأوروبيين ويستطيعون النجاح مهما كانت القيود والظروف. وما جرى مع صالح سليم في النمسا في الستينيات، تكرر بصورة أكبر وأعمق وأجمل مع مصطفى دحلب في فرنسا في السبعينيات، ففي 1974 تعاقد النجم الجزائري مع باريس سان جيرمان، وتخيل الكثيرون وقتها أن مصطفى سيغدو مجرد لاعب عربي آخر تعاقد معه النادي الفرنسي الكبير، ولم يتوقع أحد أن مصطفى سيصبح بعد سنوات أحد أساطير النادي وتم اختياره بوصفه ثاني أفضل لاعب في تاريخ النادي وثالث هداف له
وحين بدأت ثمانينيات القرن العشرين، كانت بداية لعصر جديد للاعبي الكرة العرب في أوروبا، فالشاشات العربية التي بدأت تنقل مباريات أوروبية وأندية تضم نجومًا عرب، والإعلام الكروي العربي أصبح أقوى وأوسع انتشارًا وتخلى عن محليته وبات يتابع ما يجري كرويًّا في العالم وأوروبا على وجه التحديد، وتزامن كل ذلك مع استعداد أندية عربية لإرسال لاعبيها للشمال وحرص لاعبين كثيرين على السفر واللعب والتألق في بلدان أوروبا. ومن أجل ذلك باتت هذه الثمانينيات بداية حقيقية للتواجد الكروي العربي في أوروبا، وتوالت أسماء كثيرة مثل نجوم المغرب: بادو الزاكي، وعزيز بودربالة، وكريمو، والمصري: مجدي عبدالغني، والجزائري: رابح ماجر، الذي كان أول لاعب عربي يفوز بدوري أبطال أوروبا مع نادي بورتو البرتغالي في 1987، وكان رابح هو صاحب هدف البطولة الذي أحرزه بالكعب، وأصبح رابح ماجر أيضًا أول لاعب عربي يفوز بالسوبر الأوروبي، وأيضًا بالإنتركونتننتال أو البطولة التي يعرفها الجميع الآن بكأس العالم للأندية.
ولم تتوقف هذه الموجة العربية الكروية بانتهاء ثمانينيات القرن الماضي، فجاءت سنوات التسعينيات ليزداد عدد النجوم، وعلى سبيل المثال، تألق من الجزائر: عبد الحفيظ تسفاوت، وموسى صايب، وعلي بن عربية الذي كان أفضل لاعب في الدوري الفرنسي 1998، ومن المغرب: نور الدين نايبت، ومصطفى حجي، وصلاح الدين بصير، ومن مصر: هاني رمزي، ومجدي طلبة، ومن تونس: عادل السليمي. وإلى جانب الموهبة الكروية لكل هؤلاء اللاعبين العرب وانبهار الجمهور الأوروبي بها مثل موهبة نور الدين نايبت، فخلال فترة احترافه كان من أقوى المدافعين في أوروبا، وثاني لاعب مغربي بعد العربي بن مبارك يفوز بالدوري الإسباني وأيضًا كأس وسوبر إسبانيا مع ديبورتيفو لاكورونيا، كانت هناك أيضًا إشادات كثيرة بالالتزام والأخلاق مثلما جرى لهاني رمزي في ألمانيا، ومجدي طلبة في اليونان، التي لا تزال تتذكر وتعتز بمجدي طلبة حتى الآن.
وحين بدأت الألفية الجديدة، بدأ معها عصر السوشيال ميديا، التي غيرت الكثير من ملامح وقواعد كرة القدم سواء (المحلية، أو الدولية)، وبالسوشيال ميديا تغيرت رؤية عموم العرب لنجوم الكرة العرب في أوروبا، فقبل السوشيال ميديا كان هناك أسوار عالية كثيرة بين هؤلاء النجوم وجماهيرهم العربية، لا يرونهم إلا في الملاعب عبر شاشة التليفزيون ولا يعرفون عنهم وعن حياتهم إلا ما قد تنشره صحف ومجلات هناك ويتم ترجمته ونشره عربيًّا، لكن بعد السوشيال ميديا تهدمت أسوار كثيرة وزادت المتابعة بعدما أصبح ممكنًا متابعة كل شيء عن هؤلاء النجوم، زادت الأسماء والوجوه: حاتم الطرابلسي، وياسين الشيخاوي من تونس. ميدو، ومحمد زيدان، وكوكا، ومحمد النني، ومحمود حسن تريزيجية من مصر. مجيد بوقرة، ورفيق صافي، وإسماعيل بن ناصر، ورامي بن سبعيني من الجزائر. محمد اليعقوبي، ويوسف النصيري، ويوسف العربي من المغرب. وأحمد بن علي، وجمال محمد، ومحمد الشبلي، وحمدو المصري من ليبيا. وديالو جويديلي، وعبدول با من موريتانيا. وموسى التعمري، وطاهر بواب من الأردن. وسنحاريب ملكي من سوريا. وجوان عمري، ورضا عنتر، ويوسف محمد من لبنان … وآخرون كثيرون من مختلف البلدان، لكن يبقى من الضروري التوقف أمام حارس المرمى العماني علي الحبسي، ويعد الحبسي أحد أوائل لاعبي بلدان الخليج العربي الذين خاضوا تجربة الاحتراف الأوروبي، وكانت البداية في 2003 حين احترف الحبسي في نادي لين النرويجي، حيث فاز بلقب أفضل حارس مرمى في النرويج موسمين متتاليين، وانتقل الحبسي بعد ذلك من النرويج إلى إنجلترا ولعب هناك في أكثر من نادي قبل أن يحمل شارة الكابتن لنادي ريدينج في مباراته ضد ليدز يونايتد كأول حارس مرمى عربي يحمل هذه الشارة في أوروبا. ومن بين نجوم الكرة الخليجيين الذين رحلوا إلى الشمال: السعوديان فهد الغشيان الذي لعب في هولندا، وسامي الجابر في إنجلترا، والعراقيان علي عدنان في إيطاليا، وضرغام إسماعيل في تركيا، وإلى جانب هؤلاء وغيرهم من العرب الذين لعبوا الكرة في أوروبا، هناك من لعبوا في بطولة أمم أوروبا الأخيرة ولهم جذور عربية: الفرنسي “كيليان مبابي” وجذور جزائرية، والإسباني “لامين يامال” وجذور مغربية، والإيطالي “ستيفان شعراوي” وجذور مصرية، والألماني “وليام صليبا” وجذور لبنانية، والسويسرى “زيكي أمدوني” وجذور تونسية.
ويبقى في النهاية النجوم المعاصرون، الذين أكدوا كل الصور الجميلة للعرب في أوروبا ليس فقط بمواهبهم وانتصاراتهم في الملاعب، ولكن بالسلوك والالتزام والانضباط، وفي مقدمة هؤلاء، المصري: محمد صلاح، والجزائري: رياض محرز، والمغربيان: حكيم زياش، وياسين بونو، … وكثيرون غيرهم حتى إن لم يكونوا بنفس الشهرة والمكانة، لكنهم جميعًا كانوا امتدادًا لأجيال متتالية من النجوم العرب، نجوم ولاعبون كان لهم دورهم في تغيير الصورة النمطية عن العرب لدى الأوربيين، ومع هؤلاء النجوم واللاعبين العرب، أدرك وتيقن الأوروبيون أنه ليس صحيحًا كل ما يقال عن العرب، وربما كان ذلك أهم وأجمل وأغلى من أي بطولة أو انتصار كروي حققه كل هؤلاء النجوم واللاعبون.