يُمثِّل اغتيال الاحتلال الإسرائيلي للقائد العسكري في حزب الله “فؤاد شُكر”، باستهداف الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية “بيروت” في 30 يوليو 2024 م_ تطورًا خطيرًا في مستوى المواجهة بين الطرفين، وتهديدًا – في الوقت نفسه – بتوسيع رقعة الصراع، إذا ما قرَّر “حزب الله” الرَّد بقوة غير متوقعة، وباءت الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية النشطة للتهدئة بالفشل.
وتُدلل الشواهد، المدعومة بتأكيد “حزب الله” نفسه، بأن ردَّه على عملية اغتيال قائده “شُكر” قادمة لا محالة؛ لأن فيه- من ضمن أسباب أخرى- تعزيزًا لمصداقية المقاومة، وقطعًا على مسعى الاحتلال الإسرائيلي لفرض قواعد اشتباك جديدة، في ظل وجود محددات وازنة تطل بثقلها على طبيعة الرد وحجمه وتوقيته وتداعياته، عما إذا كان منفردًا أم مشتركًا بالتنسيق مع أطراف أخرى.
وقد يأخذ الرد شكلًا محدودًا مع استمرار التوتر، وهو احتمال مُرجَّحٌ نظرًا لقيود الخروج عن نطاقه، أو تصعيدًا أعلى يُنذر بحرب شاملة بين الطرفين، وربما بتوسُّع رقعة الصراع العسكري، وهو مُحتمل إذا ما قررت إيران الرَّد على جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنيَّة”، التي وقعت على أراضيها، فجر 31 يوليو 2024 م، بعد ساعات فقط من مشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب “مسعود بزشكيان”، مما يهدِّد باشتعال المنطقة ويجعلها على حافة الانزلاق نحو حرب إقليمية لا يريدها أحد.
لبنان والاحتلال الإسرائيلي: سيناريوهات المواجهة:
تتزايد التوترات بين (حزب الله، والاحتلال الإسرائيلي)، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 م، عبر مواجهة منخفضة الحدَّة بطول الحدود لأشهر متواصلة، لكن الوتيرة ارتفعت بمستوى أكبر بعد قصف قوات الاحتلال منشآت وأهداف مدنية في جنوب لبنان، مما أدى لارتقاء القيادي في حزب الله “فؤاد شكر”، ورد “حزب الله” بإطلاق وابل صواريخ ضربت المصانع والأهداف العسكرية والمناطق المدنية في الجانب الإسرائيلي، بالتزامن مع توعده بالرد على واقعة الاغتيال، وفق تأكيد أمينه العام “حسن نصر الله” في 1/8/2024 م، بأن الرد “آتٍ لامحالة، وسيكون جديًّا وحقيقيًّا ومدروسًّا”، مع العودة إلى المواجهات على الحدود في إطار مواصلة إسناد غزة، وليس “ردًا على اغتيال شُكر الآتِ حتمًا”.
ومن ثم جاء تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بنهاية المرحلة المكثفة من الحرب في قطاع غزة، مما يُعني إما الاستعداد لوقف إطلاق النار في غزة، وهو أحد شروط التهدئة مع “حزب الله”، أو توجيه دفة المعركة نحو الجبهة اللبنانية، بما يضع احتمالين: الهدنة، أو مزيد من الحرب.
أولًا: التصعيد بقدر محسوب:
يرتبط هذا الاحتمال بحسابات “حزب الله” التي تأخذ بعين الاعتبار قيود الوضع المتردي في لبنان، والتقدير الإيراني للوضع في المنطقة، والموقف الأمريكي، ونذر الانزلاق لحرب شاملة، إلا أن كل الشواهد، ومنها تأكيد الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله”، تدل بأن الرد قادم لا محالة؛ لأن مصداقية المقاومة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا رهن التنفيذ.
يمتلك “حزب الله” القدرات العسكرية التي تمكنه من الوصول إلى أهداف: اقتصادية، ومدنية، وعسكرية حيوية في عمق الكيان الإسرائيلي، وقد يسعى “حزب الله” لمعاقبة الاحتلال وإثبات قدرته على اختراق الحدود وتسيير طائراته وصواريخه داخل العمق الإسرائيلي، أمام عجز “القبة الحديدية الإسرائيلية” عن وقفها، أو توجيه ضربات لأهداف حيوية وعسكرية، أو استهداف قيادات سياسية إسرائيلية أو ضرب أهداف سياسية بعيدًا عن الأهداف الاقتصادية والحيوية، لكن من دون أن يترتب على ذلك خسائر بشرية كبيرة أو الانزلاق نحو حرب شاملة بين الطرفين.
وقد يأخذ الرد هنا شكل الهجوم السيبراني المُوجَّه ضد أهداف حيوية إسرائيلية، مثل: خطوط الاتصالات والكهرباء، أو شكل الهجوم بالمسّيرات والصواريخ ضد حقول الغاز الإسرائيلية أو أهداف أخرى، ويرجع ذلك إلى اعتبارات ميدانية وتجارب جديدة استطاع خلالها “حزب الله” تصوير كل فلسطين المحتلة باستعمال الطائرات المسيَّرة “الهدهد”، وهي محاولة منه لاستعراض قدرته على اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية وبلوغ عمق كيانه المُحتَّل.
وبذلك، قد يفضل “حزب الله” التصعيد المحكوم بقدر محسوب يمكنه السيطرة عليه والحفاظ على حجم عملياته بأقل مما قد يؤدي إلى حرب شاملة، بحيث تمثل هدف تحركاته في الرد على التصعيد الإسرائيلي بتدابير مقابلة، بهدف التأسيس لردعٍ جديد.
وقد تزيد وتيرة التصعيد أو تقل خلال الأشهر المقبلة، إلا أن إطالة أمدّ المناوشات أو الردود المقابلة، ومع تجاوز بعض الخطوط الحمراء وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، سيؤدي إلى زيادة فرص اندلاع الحرب الشاملة، والتي ستكون مُدمرة للطرفين.
ويدخل في حساب الرد العسكري لـ “حزب الله” عدة محددات، تتعلق بالوضع المتردي في لبنان، وعدم رغبته في الدخول بحرب شاملة مع الاحتلال، وموقف الولايات المتحدة في ضوء ما تم إعلانه عن الاتصال بين الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، و”نتنياهو”، في 1 أغسطس 2024 م، والذي جدد فيه “بايدن” التزامه بأمن الاحتلال الإسرائيلي ضد التهديدات من: إيران، وحماس، وحزب الله، والحوثيين، بالتزامن مع قيام واشنطن بزيادة وجودها العسكري في (الخليج، وشرق المتوسط، والبحر الأحمر).
وفي الجانب المقابل، ورغم أن “نتنياهو” كان يأمل من خلال جريمتي اغتيال (شُكر، وهنية) زيادة شعبيته المعطوبة في الداخل الإسرائيلي، وانتزاع صورة انتصار ما زال عاجزًا عن تحقيقه في الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أشهر طويلة، بحيث يمكنه استخدامه مبررًا لمواصلة الحرب بطريقته إلى حين فرض تصوره لما يُسمى اليوم التالي، أو ربما المُضي في اتفاق الهدنة الذي طرحه الرئيس “بايدن”، في مايو 2024 م، والذي وضع عليه شروطه، ويعارضه أكثر أعضاء حكومته تطرفًا، إلا أن عملية الاغتيال تهدد – في الوقت نفسه – برد “حزب الله” غير المتوقع، أو ربما الانجرار لحرب شاملة.
ورغم تعالي أصوات المسؤولين العسكريين الإسرائيليين بوتيرة أكبر لشن غزو بريٍّ ضد لبنان، والقيام بضربة استباقية وعدم انتظار الرد الذي يثقل كاهلهم ويستنزف قدرتهم على التحمل، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ليس مستعدًا لهجوم بري في لبنان؛ إذ يدخل في حساب مؤسسته العسكرية والسياسية محاذير قدرات “حزب الله” والترسانة الهائلة من: الصواريخ، والقذائف، والأسلحة المضادة للدبابات، والمسّيرات الهجومية المتطورة، وقربها من الحدود، بما يعرض العديد من المدن بالداخل الإسرائيلي للتدمير، إلى جانب امتلاكه شبكة أنفاق تمتد تحت الأرض حول لبنان، وهي أكثر اتساعًا من أنفاق حركة “حماس”، فضلًا عن إمكانية حصوله على إمدادات من إيران، عبر طرق إمداد أنشأتها في (العراق، وسوريا)؛ لتدعيم قواته حال اندلاع الحرب الشاملة.
ويفرِض ذلك حالة ضغط متواصل على “الأمن الإسرائيلي”؛ حيث ستنهار “القبة الحديدية الإسرائيلية” رغم تطورها، في حال قرر “حزب الله” إطلاق كل صواريخه في كل مكان وفي آنٍ واحد، وإذا اندلع القتال في أرض مفتوحة، فسيصبح بإمكان مقاتليه استهداف وتدمير قوات الاحتلال على بعد كيلومترات، وحتى لو توغلت الأخيرة، المُنهكة من حرب غزة، في جنوب لبنان لمسافة 10 أو حتى 20 كم من الحدود، فسيظل “حزب الله” قادرًا على إمطار الكيان الإسرائيلي بوابل صواريخه.
ولأن للحرب تداعياتها القاتمة؛ سيُلحِق الاحتلال الإسرائيلي بلبنان أضرارًا هائلة، وقد يعرِّضه للتدمير الكامل في حال نشوب الحرب الشاملة والهجوم البري، وسيتسبب ذلك في خسائر بشرية فادحة، لكن الاحتلال الإسرائيلي يُدرك -أيضًا- أن ما واجهه داخل قطاع غزة أمام صلابة المقاومة الفلسطينية طيلة أشهر الحرب الطويلة من دون تحقيق أهدافه، لن يُقارن بالحرب مع “حزب الله” الذي سيفعل الأمر نفسه، لاسيما في منطقة الشمال؛ لأنه سيعتمد على قوته النيرانية الهائلة لتدمير البنية التحتية الأساسية للجانب الإسرائيلي تقريبًا، بما فيها المصافي النفطية والقواعد الجوية ومنشأة “ديمونة” للأبحاث النووية.
وحتى لو انتهت “المذبحة” المتبادلة باتفاقية هشة أخرى لوقف إطلاق النار، فلن تكون اتفاقية مُطمئنة للمستوطنات هناك، كما سيتكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر أخرى فادحة وضاغطة عليه، وليس مستبعدًا -أيضًا- أن يكون الموقف الإسرائيلي (الدبلوماسي، والاقتصادي، والعسكري) بعد الصراع أسوأ من قبله، بما يجعل تكلفة الحرب أكبر بكثير من فوائدها بالنسبة إليه.
ثانيًا: اتساع رقعة الصراع العسكري:
يرتبط هذا الاحتمال بالضرورة بحسابات إيران، وردها المتوقع على اغتيال القائد الفلسطيني الشهيد “إسماعيل هنية”؛ حيث لن يكون في مقدورها، نتيجة حجم الضربة التي وقعت على أراضيها وأسفرت عن اغتيال أحد أبرز ضيوفها المشاركين في مراسم تنصيب رئيسها الجديد_ إلا أن تقوم برد من نوع ما.
ومن شأن دخول إيران على خط المواجهة مع “حزب الله”، سواء بعمل مشترك أم منفرد، من خلال ضربها أهدافًا إسرائيلية أو رد الأمريكيين عليها، أن يوسع رقعة الصراع، وعند اشتباك أطراف أخرى معها في (سوريا، والعراق، وجماعة الحوثيين في اليمن) ضد الاحتلال الإسرائيلي، فإن ذلك ينذر بالانزلاق نحو حرب إقليمية لا يريدها أحد.
وقد يكون الرد- ضمن هذا الاحتمال- من خلال تنسيق عالي المستوى مع جميع محاور المقاومة (لبنان، واليمن، والعراق، وسوريا، وغزة)، بما يضمن الضرب المتزامن والمكثف للنيران البعيدة والقريبة وبكافة أنواعها من عدة جبهات؛ لتحقيق إغراق ناري غير مسبوق في مناطق محددة بالداخل الإسرائيلي، مع التركيز على القواعد العسكرية الحساسة كأولوية في الاستهداف، أو أن يرد كل طرف بمفرده إنما بشكل منسَّق، أو الذهاب نحو ضربة نارية موسعة، مع محاولة الغزو البري في أجزاء من شمال فلسطين المحتلة، بما لا يستوعبه الاحتلال الإسرائيلي، ومما قد يضطره إلى ردة فعل شديدة نحو (لبنان، وإيران، وباقي الجبهات).
وبين الرد والرد المضاد، مع احتمالية اصطفاف (روسيا، والصين) إلى جانب حليفتهما إيران، فإن ذلك سيؤدي لاحتمالية اشتعال المنطقة والذهاب نحو حرب إقليمية شاملة في منطقة الشرق الأوسط.
ولا شك أن اتساع رقعة التصعيد الإقليمي سيؤثر على الاقتصاد العالمي؛ فمنطقة الشرق الأوسط غنية بموارد الطاقة، لاسيما النفط والغاز الطبيعي، وتضم بعض أهم ممرات الملاحة الدولية، ويمر عبرها جزء كبير من ناقلات النفط والسفن التجارية. ومن شأن التصعيد أن يضع مضيق هرمز، الممر المائي الحيوي الضيق عند مصب الخليج العربي وطريق الشحن الرئيس الذي يتعامل مع قرابة 30% من تجارة النفط العالمية_ في قلب الصراع.
ولطالما هددت إيران أمن الملاحة البحرية في مياه الخليج العربي عبر استهداف ناقلات النفط العابرة له، فضلًا عن توعدها الدائم بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي، واستخدامه كورقة ضغط تجاه المنظومة الأمنية الخليجية وضد العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، ورغم أن إيران لم تقم بذلك فعليًّا، إلا أنه ليس مستبعدًا أن تلجأ لعرقلة الشحن العالمي إذا ما تم استهدافها من قبل الاحتلال الإسرائيلي أو الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالمثل، فإن التهديد سيطال مضيق باب المندب، وهو البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، ويعتبر أحد أهم خطوط الملاحة العالمية، ويخضع لسيطرة جماعة “أنصار الله” المسلحة، الحوثيين الموالية لإيران. وقد تراجعت حركة الملاحة فيه؛ بسبب هجمات تشنها جماعة الحوثي على السفن العابرة والمرتبطة بـ(الاحتلال الإسرائيلي، والولايات المتحدة، وبريطانيا)؛ احتجاجًا على حرب الإبادة ضد قطاع غزة.
وقد يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بموارد النفط بالمنطقة وحركة التجارة العالمية، وقد تتوقف صادرات النفط إذا طال التهديد البحر الأحمر الذي يعتبر المعبر الرئيس لحركة التجارة العالمية وصادرات النفط.
ومع ذلك، فإن قواعد الاشتباك بين (حزب الله، والاحتلال الإسرائيلي) توحي بأنهما لا يريدان التصعيد إلى حرب إقليمية في المنطقة، وسط تأكيد الساسة الإسرائيليين عدم رغبتهم في توسيع نطاق الحرب إقليميًّا؛ ربما لأن جيش الاحتلال منهك بعد انخراطه في عمليات قتالية لشهور طويلة دون توقف في غزة؛ ولتفاقم مشكلات الانقسام الداخلي الحاد بسبب مساعي اليمين الديني المتطرف لفرض رؤيته العدوانية على مسار المواجهة ضد الجبهات المتعددة، فضلًا عن ضغوط مطالبة المستوطنين باتخاذ حكومة “نتنياهو” خطوات عملية لإعادتهم إلى منازلهم بعد قيامها بإخلاء المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة وبطول الحدود اللبنانية، وإجبار نحو 60 ألف مستوطن إسرائيلي لترك منازلهم بعدما أضحت المنطقة محظورة عليهم، وسط حالة توتر وقلق شديديّن باتت تهيمن على الداخل الإسرائيلي، مصحوبة بشلل كبير أصاب المطارات والموانئ والمصانع، انتظارًا لتنفيذ “محور المقاومة” تهديده بالرد على الاغتيال لقادته.
وفي الجانب الآخر، فإن الولايات المتحدة تستعد للانتخابات الرئاسية، وأي تطور في المنطقة سيؤثر على الداخل الأمريكي، بالإضافة إلى أن إرهاصات الحرب الإقليمية المُوسعة ستمتد لتشمل المصالح الأمريكية في المنطقة ومصادر النفط والمضائق المائية، بما يعرضها للخطر الشديد.
إلا أن عدم تدحرج التصعيد لحرب إقليمية مرتبط بحجم رد “حزب الله”، وطبيعة السلوك الإيراني، وبالموقف الإسرائيلي، عما إذا كان معنيًا بالتهدئة أم افتعال حرب واسعة لجر إيران والمنطقة إليها، كما أنه مرتبط أيضًا بالقناعة الأمريكية بمدى قدرة الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على الأحداث وعدم التدخل فيها.
ثالثًا: احتمال التوجه نحو الاحتواء والتوصل لاتفاق:
قد يمثل رفع مستوى التصعيد المرحلة التي تسبق عملية التهدئة؛ حيث تخشى أطراف إقليمية ودولية عديدة من فقدان السيطرة كليًّا على الوضع واتساع نطاق المواجهة ودخول المنطقة في مواجهة شاملة تنجر إليها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
وبالتالي، قد تزداد الضغوط على “حزب الله”، وأيضًا إيران؛ لضبط النفس وعدم التصعيد، بالتزامن مع ضغوط مماثلة على نتنياهو للقبول “بصورة الانتصار”، الذي حاول انتزاعه من خلال الهجمات التي حصلت في (بيروت، وطهران)، والتوجه لإبرام اتفاق ينهي الحرب في قطاع غزة. وقد يكون التوصل إلى هذا الاتفاق هو الخيار الوحيد المناسب له إزاء فشله في تحقيق أي من هدفيّ الحرب وهما: القضاء على حركة “حماس”، وإطلاق الأسرى، في الوقت الذي تتزايد فيه ضغوط الشارع والمؤسسة العسكرية التي باتت تلحُّ في طلب هدنة نتيجة التعب والإنهاك المستمرين.
وقد يتزامن مع ذلك ممارسة مزيد من الضغوط الإقليمية والدولية على حكومة “نتنياهو”؛ لتحمل رد “محور المقاومة”، وعدم توجيه ضربات مضادة قاسية، والذهاب في اتجاه اتفاق الهدنة منعًا لسيناريو التصعيد.
وفي المحصلة: فإن حرب الإبادة التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي شنَّها ضد قطاع غزة، قد دخلت مرحلة جديدة من الصراع بجريمتيِّ اغتيال (شُكر، وهنيّة)، بما يجعل كافة احتمالات التصعيد مطروحة وقابلة للتحقق، طالما لم تتوقف حرب غزة، واستمرت حكومة “نتنياهو” بسلوكها المتطرف في المنطقة، مما يجعل المشهد الإقليمي قاتمًا وقابلًا للانفجار في أي وقت. أما الانزلاق نحو الحرب الإقليمية الشاملة فهو سيناريو خطير ومُرِّوع لا يريده أي طرف، بطبيعة الحال.