يربط بين الإرهاصات الأولى لفكرة عقد منتدى النقب، وتوجيه الدعوات لحضوره، وصولًا لمتن كلمات المشاركين وتصريحات الغائبين، وصولًا للنتائج المرجوة والخطط المستقبلية_عدة خطوط متوازية لا يمكن أن تلتقي حتى على المدى المتوسط والطويل، فما هي المآلات؟ وكيف ينظر كل طرف فاعل إلى هذه الخطوة غير المسبوقة؟ وما هو المرجو من تداعياتها الإقليمية والاجتماعية والأمنية والسياسية؟
يمكن القول بدايةً أن التحرك ارتكز على تصورات متباينة؛ فإسرائيل دخلت هذا المسار سعيًا لتدشين رابط يجمعها بدول عربية مؤثرة مرتكزًا على التحدي الإيراني، وكذلك على تعاون اقتصادي إقليمي ومؤسسٍ على فرضية أساسية هي انشغال موسكو و واشنطن في الأزمة الأوكرانية، لكن على أرض الواقع يجد المراقب أن مقدار الاهتمام أو التوجس من الخطر الإيراني المحتمل متفاوت وكذلك سبل التصدي له، فضلًا عن أن الاتفاق بين الغرب وإيران قد يتعرض لنكسة وينهار في اللحظة الأخيرة.
ونفس الأمر ينطبق على التعاون الاقتصادي؛ فعلى أرض الواقع هناك تفاوت في الدخول وعدد السكان، كما ثبت أن السعي لسد الفراغ في الشرق الأوسط يفتقر لتوافق سياسي، ناهيك عن أن التجربة العملية أثبتت عدم دقة فرضية انشغال الروس وأيضًا الأمريكيين عن المنطقة بالشكل الكامل، فالروس اشتبكوا مع الجانب الإسرائيلي على خلفية مقارنة وزير الخارجية “لافروف” أصول هتلر اليهودية المزعومة بأصول الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” اليهودية، كما وجهت موسكو انتقادات قوية للاحتلال الإسرائيلي وتكرار تجاوزاته. واشنطن من جانبها ثبت احتياجها المستمر للعواصم العربية، وهو ما عبرت عنه زيارة قائد المنطقة المركزية “مايكل كوريلا” للقاهرة وعدة عواصم سعيًا لضبط الانفلات من وجهة نظر واشنطن وتعارض المصالح، وهي الزيارة التي تلتها مباشرة زيارة لمستشار الأمن القومي الأمريكي “جيك سولفان” مما يوحي بأن هناك مراجعات واستكمال لحلقات تفاوضية تفصيلية وفنية معقدة.
أولويات إسرائيل وأهدافها من الملتقى:
ترغب تل أبيب في تأسيس قواعد جديدة للعلاقات مع الدول العربية قائمة على تجاوز المشكلة المستعصية على الحل لعقود، وهي القضية الفلسطينية والانطلاق إلى آفاق التطبيع الكامل والتعاون والتنسيق الأمني ضد الإرهاب وضد أطماع إيران التوسعية وأذرعها في المنطقة، مع توجيه الجهود كذلك بشكلٍ متعاظم إلى التعاون الاقتصادي والتكنولوجي، وكلها أولويات تطمئن الرأي العام الإسرائيلي القلِق من تراجع التواجد الأمريكي القوي في المنطقة، تل أبيب تسعى لتعويض خسائر الكورونا، وارتفاع أسعار النفط وسلع أساسية، بجذب رؤوس أموال (إماراتية، وبحرينية)، وتتطلع لمباركة ودعم مصري لتلك الخطوات.
ووفقًا لمدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية والسفير السابق لدى واشنطن “د. دوري جولد”، فإن “الأمل هو أن يسفر المنتدى عن تغيير في التوجه في المنطقة من الجهاد إلى التعاون”، لكن هل تم إنجاز الهدف أو الاقتراب من تحقيقه؟
واجه المسعى أو التصور الإسرائيلي لمخرجات المنتدى عقبات عديدة حتى قبل وفي أثناء انعقاده؛ فقبل المنتدى: رفضت الأردن تلبية الدعوة العلنية على خلفية إصرار تل أبيب على تجاهل مسؤولية الأردن عن الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، وإصرار الاحتلال على تحجيم أعداد من يسمح لهم بالصلاة في الحرم القدسي وتكرار انتهاكات المتطرفين للحرم وتدنيسه، وقبل المنتدى ترددت مصر كثيرًا في قبول الدعوة مما يدل على تفاوض حول تفاصيل ومطالب أساسية بدونها لا يمكن الحضور.
وخلال المنتدى وقع هجوم واسع بالقرب من مقر انعقاد المنتدى، وبعد المنتدى: ساءت العلاقات الثنائية مع المشاركين في ظل تكريس الاحتلال لتصعيده ضد المقدسيين في شهر رمضان.. مما جعل الدول المشاركة تصدر بيانات قوية ضد هذه السياسات.
الرسائل الإسرائيلية على هذا النحو هي للداخل سواء المعسكر المناصر أو معسكر المعارضة، ومفادها قدرة الائتلاف الحاكم المتنافر التوجهات على الاستمرار والتقدم، وهي رسالة يوليها نفتالي بينيت أهمية كبرى في ظل تكرار هجمات فلسطينية موجعة في قلب المدن الإسرائيلية في ظل غياب قدرة إسرائيلية على ردعها أو إجهاضها قبل وقوعها مع ملاحظة أن التصعيد شمل: القدس المحتلة، والضفة الغربية، وقطاع غزة، بالإضافة لأراضي الـ48. ويمكن استخلاص بعض التوجهات الإسرائيلية من دراسة أعدها المحلل والدبلوماسي “عوديد عيرن” (سفير إسرائيل لدى الأردن ولدى حلف الناتو ورئيس مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي سابقًا) أشار فيها إلى “تخوف دول المنطقة من عزوف أمريكي عن التدخل المباشر في الشرق الأوسط امتد لعقدين كاملين خاصة حينما رفضت واشنطن التدخل لصد ثورة يناير أو التدخل بشكلٍ أقوى ضد بشار الأسد، أو حتى ضد التمدد الإيراني في المنطقة”.
أولويات وأهداف مصر:
على الرغم من أن مصر استضافت قمة ثلاثية قبل المنتدى بأسبوع في شرم الشيخ، فإن ترتيبات هذا اللقاء الثلاثي كانت بمثابة انعكاس على قدرٍ كبير من التباين في المواقف، وركض إسرائيلي للأمام بعيدًا عن المطالب المصرية المتعلقة بالأمن القومي المصري أو رد بعض حقوق الفلسطينيين، فاللقاء في شرم الشيخ كان من المقرر أن يكون بعيدًا عن كاميرات الإعلام وبالفعل لم يصل وفد إعلامي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي “نفتالي بينيت”، وإن كان قد تم التجاوز عن هذا الفيتو تدريجيًّا بسلسلة من التسريبات المتسارعة عن اللقاء من الإعلام الإسرائيلي ثم الإعلان من جانب مصر ونشر صور للقاء.
ومن نقاط الاتفاق الضمني القليلة في المنتدى هو التوافق على عدم معاداة روسيا أو التورط في خطوات عدائية ضدها رغم الضغط الأمريكي، وينعكس هذا على حرص مصر وخلفها الدول العربية إلى حدٍ كبير على ممارسة قدر مطلوب من التوازن في هذا الملف حرصًا على مصالحها. وفي المقابل بدت تل أبيب كذلك حريصة على عدم إغضاب الدب الروسي القابع على حدودها الملتهبة مع سوريا، وهو ما دفع تل أبيب لتبني دور الوسيط أو ساعي البريد في الأزمة الأوكرانية؛ لتجنب التورط في خطوات عدائية مباشرة ضد موسكو.
مواقف وأولويات مصر برزت من خلال كلمة الوزير “سامح شكري” والتي تضمنت: “إن قمة النقب أتاحت الفرصة لمناقشة عملية السلام، والحديث مجددًا عن مبدأ حل الدولتين على حدود 1967، كذلك ما يجري في القدس المحتلة”، والتشديد على “إدانة كافة أشكال العنف والإرهاب، لافتًا إلى حاجة المجتمع الدولي إلى التركيز على الحوار ومواجهة التحريض على الإرهاب، ومنع التدخلات الخارجية التي تؤثر بالسلب على أمن واستقرار المنطقة، ووقف الأعمال والتصرفات أحادية الجانب التي يمكن أن توتر الأوضاع، وخاصة في هذا الوقت الحساس”، وهي إشارات يمكن أن تكون بمثابة إصبع اتهام وتحذير ضد ممارسات المستوطنين، وكذلك تدخلات في الملف الليبي، وملف سد النهضة، وكل هذا يعني أن العقل الجمعي المصري والخبرات الدبلوماسية المصرية حريصة على دعم الشعب الفلسطيني -انطلاقًا من مسؤولية تاريخية وبحكم إدراك أن التوصل لحل عادل لها يعد محورًا أساسيًّا لاستقرار المنطقة- وبشكلٍ موازٍ تعمل على حماية مصالحها الحيوية في ليبيا، وفي مياه النيل وثرواتها في شرق المتوسط، وهو ما تحققه بالاشتباك مع الأحداث بطريقة محنكة لا تتجاهل المخاطر وتحافظ على المصالح القومية والعربية مع منح الحوار والمسار التفاوضي فرصًا عديدة لتجنب المواجهات المنهكة قدر الإمكان.
أولويات وأهداف الإمارات:
تعمل الإمارات في السنوات الأخيرة بدأب على (تصفير المشاكل) وتمهيد الأجواء لاستمرار نهضتها الاقتصادية والثقافية وتأمين قدراتها العسكرية كعامل ردع واستقرار؛ ولذا تعي أولوية لجهود إزالة العقبات -خاصة من جانب تل أبيب- أمام صفقات أسلحة أمريكية حديثة وضخمة للإمارات رغبة في التصدي لمخاطر الشطط الإيراني ورغباته التوسعية وصد أذرعته التي تحاول التخريب وممارسة الإرهاب في العمق المدني الإماراتي، وقد لاحظت أبو ظبي مماطلة ومواقف متناقضة وتسويفًا من جانب تل أبيب وواشنطن في هذا الصدد ففي حين أكد مسؤول رسمي إسرائيلي أن موقف تل أبيب لم يتغير بعد توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية في البيت الأبيض، وأن إسرائيل لا تزال ترفض بيع أسلحة تغير التوازن لأية دولة في الشرق الأوسط، فإنه سبق لنتنياهو -رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة الحالي- أن أكد عدم ممانعته أو تحفظه على صفقة إف 35 للإمارات.
ويمكن التكهن وفقًا لبعض المعطيات والمواقف المتزامنة أن أبو ظبي أظهرت خلال اللقاء الثلاثي في شرم الشيخ حرصًا على حضور مصر للقاء النقب، وبالتالي الضغط على الجانب الإسرائيلي في التفاوض المصري الإسرائيلي حول نقاط عالقة ومحل خلاف بين القاهرة وتل أبيب. ويمكن القول في هذا السياق أن لقاء شرم الشيخ الذي سبق منتدى النقب بأيام بحث أيضًا كيفية التوصل لصيغة تصد التمدد الإيراني المحتمل في المنطقة في أعقاب رفع العقوبات المحتمل وشطب الحرس الثوري من قوائم الإرهاب، خاصة وأن وسائل الإعلام الإسرائيلية سارعت بالتنويه عن عقد اجتماع شرم الشيخ قبل أن تصدر بيانات من مصر والإمارات في هذا الصدد؛ في سبيل السعي لملء الفراغ الناجم عن غياب الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، وهو ما تمت ترجمته من خلال زيارة الرئيس السوري “بشار الأسد” لأول مرة لأبو ظبي بعد سنوات من القطيعة.
ويجدر بنا هنا التنويه إلى أنه رغم تحفظ أبو ظبي على التطبيع بعد “أوسلو” فقد مهدت جيدًا للعلاقات الراهنة من خلال سفير الإمارات في واشنطن “يوسف العتيبة”، الذي سبق وأن نشر رسالة بالعبرية مفادها: “اختاروا بين الضم، وبين مسيرة العلاقات الطبيعية معنا”، وكان من الواضح للمحلل المدقق أن الحديث هنا عن أطراف عربية كبيرة ومؤثرة أخرى ترفض الضم والتصعيد.
أولويات وأهداف الولايات المتحدة:
ربما تكون الأولوية لدى الإدارة الأمريكية في هذا المنتدى هي ترتيب الأوراق في الشرق الأوسط بما لا يعيق جهود اتفاق الغرب مع إيران أو يكبل تل أبيب عن مواجهات محدودة ضد إيران وأذرعها، سواء من خلال حرب الناقلات أو استهداف متكرر لميليشيات وخبراء تابعين لإيران في سوريا، وهو أمر في غاية الصعوبة خاصة في ظل اعتداءات إرهابية للحوثي على أهداف اقتصادية مدنية في الإمارات والسعودية.
وعلى نفس المنوال تواجه واشنطن صعوبة في جعل منتدى النقب رافعة تتجاوز بها مشاكلها الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع سعر النفط، وهواجسها الأمنية من الاضطرار إلى الدخول في مواجهات مباشرة ضد روسيا وحلفائها سواء في الشرق الأقصى أو قلب أوروبا، وهو ما يستدعي -من وجهة نظر واشنطن- تحالفًا سياسيًّا اقتصاديًّا وأمنيًّا واسعًّا خاصة مع أطراف مؤثرة في المشهد ويمكنها التحكم في الممرات المائية الدولية بين الشرق والغرب.
وهو ما انعكس على كلمة وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” في المنتدى حين أعرب عن: “تضامن بلاده مع إسرائيل والشركاء في المنطقة ضد الإرهاب والعنف”، معتبرًا أن “لقاء النقب لم يكن ممكنًا في السابق وسيتم توسيعه في المستقبل”، مشددًا على “ضرورة مواجهة تهديدات إيران وأذرعها في المنطقة”، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة معنية في المقام الأول بتوازن بين غيابها على أرض المنطقة واقترابها من التوقيع على اتفاق نووي مع إيران وبين طمأنة هواجس الأطراف الإقليمية.
أولويات وأهداف البحرين:
يجب الالتفات جيدًا إلى أن أهداف وأولويات المنامة لم تتغير كثيرًا منذ توقيع الاتفاق مع إسرائيل في سبتمبر 2020؛ فبجانب التواصل الرسمي المباشر والتعاون في المجال الطبي والعلمي مؤخرًا عبر عنها بشكلٍ مباشر وزير خارجية البحرين “عبد اللطيف الزياني” حين شدد في الملتقى على “ضرورة الوقوف ضد الإرهاب في كل أشكاله، وأن توقيت قمة النقب مهم بسبب سلوك ميليشيات إيران في المنطقة”، مشيرًا إلى “العمل على تحقيق الأمن المشترك في المنطقة”، مؤكدًا على “دعم حل الدولة الفلسطينية المستقلة”.
ويمكن القول بأن المنامة المعروف عنها تطبيق شعارات التسامح وقبول الآخر ترى أن هذا الاتفاق بينها وأبو ظبي من جانب وإسرائيل من جانب لا يعني التعايش مع الاحتلال، وعملت على التصدي لخطة بسط السيادة الإسرائيلية على ثلث الضفة، ونجح بالفعل مسعاها مع الإمارات في إجبار رئيس الوزراء -وقتها- بنيامين نتنياهو عن وعد انتخابي صريح في هذا الصدد، ومن المؤكد أن البحرين ترى أن هذا النموذج يمكن تكراره بما يحقق النفع للفلسطينيين وللمنطقة أو في الصيغة الأدنى يعيد بعض الحقوق ويقلل الخسائر.
الأردن ومواقفها المتحفظة على المشاركة:
مثل الغياب الأردني الفلسطيني لطمة لتصور إسرائيل عن المنتدى، خاصة وأن محاولات إقناع الأردن بالانضمام وقبول الدعوة تم تداولها في وسائل الإعلام كعنصر ترضيه من جانب إسرائيل، لكن الصلف الإسرائيلي إزاء المقدسات في رمضان وما يصاحبه من ترتيبات مثل تغيير السجاد الخاص بالحرم وعدم التضييق على المصلين أو الانتقائية في دخولهم للحرم ووفق السن والجنس، في مقابل السماح باقتحامات اليهود المتطرفين للحرم وحماية استفزازاتهم وهو ما تمت ترجمته لاشتباكات واسعة النطاق أسفرت عن استشهاد شاب فلسطيني لأول مرة منذ سنوات متأثرًا بإصابته بالرصاص داخل الحرم. ومن المؤكد أن الملك عبد الله يمسك في يده مجموعة من الأوراق تساعده عند مواجهة الأزمات الطارئة، لكنه بالقطع -مثل السعودية ومثل السودان- لا يتحمس كثيرًا لتطبيع يتجاهل حلولًا منصفة للقضية الفلسطينية أو على الأقل إرادة للتقدم في هذا الملف الأساسي، مع ملاحظة أن تعاون ودعم إسرائيل قائم دومًا على وعود.. لا تحل مشاكل مع الولايات ومع العالم، ولا تسعى لأي خطوة ملموسة دون مقابل، والأردن كبقية العواصم العربية يرى أن احترام الرأي العام الداخلي له الأولوية.
خلاصة ونتائج:
الارتباك والحيرة سادا الحدث، حتى وهو في طور الإعداد؛ فجهود إقناع الأردن ومصر بالحضور والمشاركة طالت حتى اللحظة الأخيرة، وقبلت مصر على مضض بينما رفضت الأردن الحضور وفضلت ترتيب لقاء عاجل مع الرئيس محمود عباس أبو مازن في نفس التوقيت الأمر الذي اعتبره البعض ردًا على المنتدى، ومن المتوقع أن يستمر هذا النهج مستقبلًا في ضوء:
- غياب الهدف الواضح من اللقاء لدرجة أن وسائل الإعلام وعددًا من المراقبين تعاملوا مع كلمة وزير الخارجية الإسرائيلي على أنها البيان الختامي وأنها تمثل رأى الدول الست، لكن المدقق سيجد اختلافات جذرية بين الكلمة ومضمون كلمات كل وزير على حدة.
- خفض سقف التوقعات الإيجابية للقاء حقيقة غياب المملكة العربية السعودية أيضًا عن أي نشاط رسمي تشارك فيه إسرائيل- خاصة وأن الرياض رقم لا يمكن تجاهله عند الحديث عن التخطيط لتعامل موحد إزاء إيران، أو عند الحديث عن تعاون اقتصادي إقليمي شامل.
- جرى الحديث عن رغبة في إقرار دورية اللقاء وتوسيع المنتدى في المستقبل، لكن يثير الشكوك في نجاح هذه المساعي في تحقيق تقدم عدم إعلان الوزراء الستة المشاركين عن أي اتفاقات اقتصادية أو أمنية أو سياسية.
- غياب الممثل الفلسطيني عن المنتدى وتهميش الملف لن يتم تجاوزه بغطاء التعاون الاقتصادي أو الأمني أو التنسيق لمواجهة خطر إقليمي حقيقي مشترك متمثلًا في الخطر الإيراني.
- لا يمكن اعتبار عقد اللقاء إنجازًا فقد سبق الحدث ترتيب جولات تفاوضية واحتفالية لم تسفر عن أي تقدم لما غابت الأرضية المشتركة للتحركات المستقبلية، والكابح الأخطر لهذا المنتدى هو تشرذم الرؤى واختلاف الأولويات، وتكرار استفزاز تل أبيب لمشاعر الرأي العام الداخلي العربي – سواء تلك التي تكررت في القدس أو اغتيال المراسلة المخضرمة “شيرين أبو عاقلة”، والاعتداء على المشيعين لجنازتها.
- بعد التصعيد الروسي بات الغرب في حاجة للدول العربية المؤثرة بحكم الموقع أو بحكم حجم إنتاج النفط وبالتالي التحكم في أسعاره، بجانب قيمة مضافة للإمارات بوصفها عضوًا في مجلس الأمن، وهو ما يمكن استثماره لبلورة فرص حقيقية لتحريك القضية الفلسطينية من مستنقع الجمود وإحياء التفاوض الجاد.
- يجب أن يوضع في الحسبان في ضوء الولادة المتعسرة لمنتدى النقب، وعدم بلورة أي صيغ تعاون أو اتفاقات ملزمة بين أطرافه أن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بكل تأكيد لن تكون سهلة، وتستوجب الاستفادة من خبرات تراكمية وتنسيق كامل بين كل الأطراف العربية والصديقة.
- في النهاية يمكن توظيف الاجتماع لكي يمثل اختراقًا للداخل الإسرائيلي يُحيي -بصيغة أو بأخرى- مبادرة السلام العربية، ويكشف أكذوبة عدم وجود شريك للتفاوض معه حول السلام، وهو شعار رفعه اليمين الإسرائيلي وروَّج له سنوات استطاع فيها قتل الوقت وتشييد المزيد من المستوطنات وتكريس الانقسام الفلسطيني.