ماذا فى جعبة أول امرأة يرشحها حزب رئيسى لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؟ أشياء كثيرة تؤرقها أفصحت عنها بعد عزوف دام ربع قرن من الحياة العامة وبعد تحررها من القيود السياسية،لتفضخ خفايا الحملات الانتخابية.
ففى هذا الكتاب موضوعات شتى منها هزيمتها القاسية أمام ترامب وعقدة الذكورة فى المجتمع الأمريكى، أنتقادها اللاذع لشخصية ترامب المتناقضة وحُب الظهور لديه وقلة معرفته لبديهيات السياسة وإثارة ترامب لقضية بريدها الإلكترونى كما أثيرت قضية تورط ترامب مع الروس، عبر ترامب شخصيا وعبر مستشاريه الذين ثبُت ارتباطهم المالى بعدة جهات روسية، وأيضا علاقتها المتوترة ببوتن، مقابل علاقتها الجيدة بأوباما وتأثير كل منهما فى نتائج الانتخابات وأيضا حديثها وقناعتها بأن تدخل مدير الFBI جيمس كومى قبل أيام من الانتخابات رجح كافة ترامب فضلا عن القرصنة الروسية ونشر وثائق ويكيلكس وتأثير شعبيتها فى الانتخابات بتداعيات هجوم بنغازى عام 2012 الذى راح ضحيته السفير الأمريكي أربع أمريكيين.
ففى بداية الكتاب تذكر حجم آلامها وهى تشاهد دونالد ترامب يقسّم اليمين، بصفته القائد الأعلى المقبل وكانت قد عملت بلا كلل خلال حملتها كى لايحدث ذلك قط لقناعتها أنه يمثل خطرا مباشرا لا يمكن إنكاره على بلدها بصفة خاصة وعلى العالم بصفة عامة.
فتقول: أنه عندما أعلن ترامب ترشحه الفعلى عام 2015 ظنت،مثل الكثير غيرها أنها مزحة، وقد تحول من شخصية دائمة الحضور فى صحافة الفضائح الصفراء، إلى يمينى غريب الأطوار، رهينة هوس دونكشوتى بشهادة ميلاد الرئيس أوباما وكان يمارس السياسة لعقود عدة، ولكن كان من الصعب أن يأخذ على محمل الجد، فكانوا دائما يردد أن البلد ذاهب إلى الجحيم إلا إذا بدأ الناس بالإصغاء إليه .
فقد ترشحت السيدة هيلارى كما تقول للرئاسة لاعتقادها أنها ستقوم بعمل جيد، مقارنة بكل المرشحين الممكنين، اعتقدت أنها المرشحة التى تملك الخبرة الأوسع، ولديها إنجازات رئيسة وبرنامج طموح وقابل للتحقيق. بالإضافة إلى شدة الحزم الضرورية لإنجاز العمل فى واشنطن.
كانت الأوضاع فى أمريكا أفضل بكثير مما كانت عليه فى أى دولة عظمى، ولكن كان هنالك الكثير من عدم المساواه، والقليل من النمو الاقتصادى، فقد بدا التنوع ميزة تحفز على الإبداع وتبث الحيوية، ولكن سرعة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية أقصت الذين لم يتمكنوا من مواكبة التطورات الهائلة بالسرعة المطلوبة فشعروا بالعزلة. وتضيف أن موقعنا فى العالم قويا، ولكن كان علينا التعامل مع خليط متفجر من الإرهاب والعولمة والتطور التقنى الذى يغذيها.
فقد كانت تعتقد أن الخبرات التى راكمتها في مجلس الشيوخ ووزارة الخارجية تؤهلها لمواجهة تلك التحديات وكانت جاهزة لذلك إلى أقصى الحدود كما أنها كانت تحمل أفكارا ستجعل أمريكا بلدا أقوى وستحسن حياة ملايين الأمريكيين. بأختصار كانت تعتقد أنها ستكون رئيسة اسثنائية مع ذلك لم يتوقف الآخرون عن طرح السؤال الآتى (لماذا تريدين أن تكوني رئيسة؟ لماذا؟ بصراحة،لماذا؟ ) وهذا يعنى ضمنا أنّ ثمة طموحا غامضا وعطشا للسلطة كان يدفعاها إلى الترشح.
فكان الناس مقتنعين أنها سترشح نفسها وفى نفس الوقت وجدوا الأمر غريبا وراحوا يبحثون عن الأسباب الخفية التى تكمن خلف ذلك.
وقد فكّرت بعد خسارة الانتخابات، أنه يمكن أن يكون سبب خسارتها يرجع إلى أنها امرأة، حيث لم يكن وما كان مألوفا رؤية النساء يترشحن لمنصب الرئاسة، وربما يرجي ذلك إلى أسلوبها فى القيادة الذى لم يكن يمثل روح العصر أو إلى أنها لم تشرح أسباب ترشحها بصراحة.
وهنا نشرح كيف قررت ترشيح نفسها منذ البداية ولماذا؟
أتسمت المشكلة الأولى أمامها بأنها ذات طابع تاريخى فقد كان من الصعب جدا أن يحتفظ أى من الحزبين فى البيت الأبيض (بالرئاسة) لأكثر من ثمانى سنوات على التوالى لم يحدث ذلك سوى مرة واحدة فى العصر الحديث عندما خلف بوش الأب، رونالد ريجان 1989، ومنذ فوز نائب الرئيس مارتن فان بورن خلفا لاندرو جاكسون عام 1836، لم ينجح أى مرشح ديمقراطى من خارج الإدارة فى خلافة رئيس ديمقراطى أنهى ولايتين متتاليتين.
فمنذ أزمة العامين 2008-2009 المالية ظلت مشاعر الغضب والاستياء المكبوتة حاضرة بقوة مع العلم، أن الأزمة قد حدثت فى عهد إدارة جمهورية، لكن عملية التعافي فى أثناء رئاسة الديمقراطيين كانت بطيئة جدا.
يُضاف إلى ذلك ظاهرة التغيير من وإلى كلينتون التى يجب أن تأخذ فى الاعتبار كان الخبراء قد بدأوا يشتكون من أن الانتخابات ستكون صراعا مرهقا بين العائلتين المعهودتين كلينتون وبوش. وأيضا لم يسبق فى تاريخ البلد أن رشح حزب أساسى أمرأة لتمثيلة فى الانتخابات الرئيسية.
كان الرئيس أوباما يدرك جيدا حجم التحديات التى تواجه الديمقراطيين، لم يعتبر قط أن إعادة انتخابه أمرا مؤكدا. فعلى الرغم من أنه تمكّن عام 2012 من إحراز فوز ساحق ومشروع، كان يعرف أيضا أن إرثه السياسى يرتبط إلى حد بعيد بفوز الديمقراطيين فى انتخابات 2016، لقد أفهم السيدة هيلارى، أنها فى رايه أفضل فرصة تسمح لحزبهم بالاحتفاظ بالبيت الأبيض والمُضىّ فى مسيرة التقدم، وطلب منها أن تحضّر للترشح سريعا، فقد كانت تعرف أن الرئيس أوباما يثمن كثيرا نائبه جو بايدن وكان قريبا جدا من الترشح؛ مما جعل ثقته بالسيدة هيلارى تعنى الكثير لها وتتخذ أهمية كبرى فى نظرها .
فقد كانت تلاحظ تقدير الرئيس أوباما لها حين كلفها بوزارة الخارجية، ولم يقبل بأى شكل من الأشكال سماع كلمة رفض .
وتقول بعد ذلك أن أكثر اثنين كانا مقتنعين بأنها أفضل من أى شخص آخر لتبوء منصب الرئاسة هما بيل كلينتون وباراك أوباما الذي كان مقتنعا أنها ستفوز في الوقت الذي كانت تدرك فيه أن الجمهوريين ابتعدوا كثيرا عن مركز السياسة الأمريكية الحيوى أكثر مما فعل الديمقراطيون .
رغم ذلك ترى السيدة هيلارى أن الولايات المتحدة بلد عقلانى جدا، كانت الأجيال السابقة قد واجهت أزمات أسوأ كثيرا من كل الذى شهدت، من الحرب الأهلية إلى الكساد الكبير، ومن الحرب العالمية الثانية إلى الحرب الباردة، وقد ردت تلك الأجيال باختيار وانتخاب قادة حكماء وموهوبين ونادرا ما أنجر الأمريكيون خلف المتطرفين أو غرتهم الأيدولوجيات عن بعض هذه الفئات، ولم يحدث ذلك على الإطلاق لفترة طويلة، وعلى الرغم من عبث تسمية مرشح كل منهما فقد تمكن الحزبان الأساسيان الرئيسيان فى غالبية الأحيان، من استبعاد المرشحين الأكثر تطرفا، فلم تكن قد انتخبت قط قبل عام 2006 رئيسا يرفض بشكل جارح التزام معايير الديمقراطية الأساسية وقواعد اللياقة وتقول أنها إذا كانت المرشحة الأكفأ ولديها أفكار جيدة للمستقبل ودافعت عن ترشحها جيدا أثناء الحملة وفى النقاشات وبرهنت أنها قادرة على العمل مع الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء؛ فإن من حقها الاعتقاد بقدرتها على الفوز، والحكم بشكل فعال وترى السيدة هيلارى بحسب تجربتها، أن عليها إتقان لعبة التوازنات في عالم السياسة، خاصته بإعتبارها امرأة .
ثم تنتقل بعد ذلك بحديثها إلى موضوع النزاع والانقسام، فتقول أن السياسة عملية تولد الانقسام والقطبية لا تنفك، تكبر وتتفاقم فى أمريكا من سنة إلى سنة، ولكن بالتحديد ما هو الشيء الذى فعلته لم يكن مقبولا؟ أترشحت للانتخابات؟ أم أنها اشتغلت على إصلاح نظام الرعاية الصحية؟ إحدى القضايا الأكثر إثارة للنزاع فى أمريكا، وهل هو التصويت فى مجلس الشيوخ؟ كل زملائها التسعة والتسعين كانوا يفعلون ذلك، إما أكثر أفعالها إثارة للجدل على حد رأيها هو إعطاء صوتها لصالح الرئيس “بوش” فى شن حرب على العراق، وأيضا أنها لم تكن الوحيدة التى فعلت ذلك، فهى تشعر بالريبة التى يشعر بها بعض الناس نحوها سببها بشكل جزئى التحقيقات المنحازة حسب قولها التى على مر السنين حول مسئوليتها فى فضيحة “وايت ووتر وترافل جيت” أو قضية بريدها الإلكترونى التى كلفت مبالغ كبيرة على حساب دافعى الضرائب الأمريكيين ولم تسفر عن شيء.
ومن جهة أخرى ترى أن النظرة إلى المرأة فى المجتمع الأمريكى نظرة غير مسئولة بإعتبار أنها لا تستطيع تحمل المسئوليات الكبرى أو تسن القوانين أو تُعد الجيوش والأساطيل، ولم تقف خلف المنابر والمنصات لحشد الجماهير، فالقيادة للرجال والكلام للرجال، وهم الذين يمثلوننا أمام العالم وأمام أنفسنا .
باختصار أن حضور المرأة فى مناصب قيادية أو انخراطها حتى فى عراك سياسى خارج عن التقاليد، لم يصبح شيئا طبيعيا بعد .
ثم تشير الكاتبه أن حياتها السياسية كان بها الكثير من المواقف التى تفخر بها كمواطنة ملتزمة وناشطة مهمة فخلال حياتها السياسية وفى موقع المسؤولية عندما كان عليها مواجهة اللوبيات وانتقادات المتظاهرين والمحتجين، فعندما كانت تغضب من التظاهر تُذّكر نفسها بالفرق بين الجلوس فى الطرف الأخير من الطاولة والنزول إلى الشارع بلافته أو مكبر صوت كانت تعرف أن الناشطين الذين يصعبون الأمور على من يقومون بعملهم محاولين دفع الأشياء إلى الأمام، عبر وضع المسؤولين أمام مسئوليتهم، ليس هذا النوع مهما فحسب بل مهمة حيوية فى ديمقراطية سليمة، إلا أنها لا تحترم الناشطين الذين يقاطعون الانتخابات ويضيعون أصواتهم بدلا من التزامهم بإحداث بناء جديد حقيقى.
وهنا تذكر أحد المواقف عندما كانت وزيرة للخارجية التقت بمجموعة من الناشطين المصريين الشباب الذين ساعدوا على تنظيم التظاهرات فى ميدان التحرير، التى صدمت العالم بإطاحتها بالرئيس الأسبق “محمد حسنى مبارك” أوائل عام 2011، كانوا منتشين بالنصر، لكنهم لم يولوا اهتماما كبيرا بتأسيس أحزابا سياسية ووضع البرامج وترشيح الممثلين عنهم، أو بناء التحالفات؛ فكان مبدؤهم “السياسة ليست لنا”، وكانت قلقة من ذلك الرد والموقف مستقبلا وكانت تعتقد أنهم يسلّمون بلدهم لأكثر القوى تنظيما فى مصر وقتها وهم الأخوان المسلمين، وقد تبين بعد سنوات قليلة أن مخاوفى كانت مبررة .
ثم تنتقل الكاتبة بحديثها إلى الديمقراطية الأمريكية، وتقول أنه فى عام 2016 تعرضت الديمقراطية لهجوم من خصم أجنبى عازم على تضليل المواطنين وتأجيج انقساماتهم والتلاعب بالانتخابات لمصلحة مرشحه المفضل، ونجح ذلك الهجوم على حسب قولها لأن جهازهم المناعى كان قد تآكل بشكل بطيء على مر السنين، وقد فقد الكثير من الأمريكيين إيمانهم بالمؤسسات التى اعتمدت عليها الأجيال السابقة للحصول على معلومات هادفة، بما فى ذلك الحكومة، والمجتمع الأكاديمى والصحافة، الأمر الذى جعلهم عرضة تضليل معقدة .
وهناك أسباب عديدة وراء حدوث ذلك، وقد تعاظمت الجهود فى العام 2016 على يد مرشح رئاسى تبني نظريات المؤامرة، وهو مرشح يتجنب الانتقاد بمهاجمة الآخرين عبر وقائع ملفقة وموهبة غريبة فى القفشات المهينة وقد أسهم فى المزيد من تعمية الرأى العام والأخبار والبرامج الترفيهية وتليفزيون الواقع .
ونتيجة لذلك، وفى الوقت الذى وصل فيه “فلاديمير بوتين” إلى الحكم كانت الديمقراطية الأمريكية بالفعل أوهن مما كنا ندركه .
وتكمل حديثها حيث تقول: والآن بعد أصبنا الروس بالعدوى، أيقنوا مدى ضعف دفاعاتنا فإنهم سيواظبون ولعلّ دولا أجنبية أخرى ستنضم لهم وسيواصلون استهداف أصدقائنا وحلفائنا .
وتضيف أيضا أنها تعاملت مع الكثير من القادة لكن بوتين يشكل حالة بحد ذاتها، حيث لا يزال بوتين يُبيّت غضبا لما يعتبره إذلالاً لما حدث فى تسعينات القرن الماضى عندما فقدت روسيا مواقع نفوذها فى الحقبة السوفياتية، وتولت إدارة كلينتون، وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” ورعى الأمريكان حلف شمال الأطلسى” الناتو”وازداد الأمر سوءا بين السيدة هيلارى والرئيس بوتين خلال الفترة التى تولّت فيها منصب وزيرة الخارجية الأمريكية .
وتقول أيضا أن بوتن تعلم من جهاز الاستخبارات ( الكى جى بى ) أن يكون متأهبا تجاه الجميع، فمشكلات روسيا فى تسعينات القرن الماضى وكذلك الثورات الملونة فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، وسلسلة الثورات الشعبية التي أطاحت الأنظمة التسلطية في الكثير من دول التكتل السوفيتّى سابقا، جعلته ينتقل حسب قولها من الارتياب إلى جنون الارتياب، ووصل به الأمر إلى اعتبار المعارضة الشعبية تهديدا وجوديا، وحين علّقت السيدة هيلارى وعلق غربيون آخرون الدعم للمجتمع المدنى فى روسيا، رأى فى ذلك مؤامرة لتقويض فكرة0
وعقب العمليات الروسية في أوكرانيا، عبّرت عن هواجس لبعض زملائها السابقين فى الأمن القومى، فقد طوّرت روسيا_كما يبدو_قدرات جديدة فى الحرب السيكولوجية والمعلوماتية وحلفاء أمريكا ليسوا مهيئين لمجاراة الحدث أو الاستجابة له وما أثار حفيظة السيدة هيلارى هو رؤية الأموال الروسية، والدعاية، وكل الأشكال الأخرى من الدعم، تساعد الأحزاب القومية اليمينية، بما فى ذلك حزب الجبهة الوطنية فى فرنسا وحزب البديل فى ألمانيا وحزب الحرية النمساوى، وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” رعى الكرملين قادة منظمات أمريكية يمينية على غِرار الاتحاد القومى الأمريكى للاسلحة NRA0 .
أما عن العلاقة القريبة والمتفاهمة بين ترامب وبوتين فإن هناك ثلاثة تفسيرات منطقية لهذه العلاقة :
أولا: لدى ترامب امتنان غريب تجاه الديكتاتوريين والرجال الأقوياء فقد اثنى على كيم كونج أون، حاكم كوريا الشمالية المجرم، لمهارته فى التمسك بالسلطة والتخلص من المعارضين .
ثانيا: على الرغم من قلة اهتمام ترامب بمعظم مسائل السياسة الخارجية ومعرفة لها، فان لديه ترامب نظرة عامة طويلة الأمد تتمشى مع أجندة بوتين .
ثالثا: لدى ترامب روابط مالية مكثفة بروسيا ففى العام 2008 أخبر دون جونيور نجل ترامب المستثمرين فى موسكو أن الروس يشكلون شريحة مهمة ومتنوعة فى الكثير من أصول أمريكا المالية .
إلا أنه بعد أربعة أيام من انتهاء الانتخابات الأمريكية وفوز ترامب تبجّح _حسب قول الكاتبه_ نائب وزير الخارجية الروسى فى مقابلة له بأن حكومته كان لها تواصل مع البطانة المقربة من ترامب خلال الحملة، وسعى جماعة الكرملين وترامب على حد سواء إلى التنصّل من هذا الإقرار المثير، لكن كان قد أحدث تأثيره بالفعل، وبعد أيام قليلة، أمر الرئيس أوباما جماعة الاستخبارات، أى مجموع وكالات الاستخبارات الحكومية المختلفة السبعة عشر، بتنفيذ مراجعة كاملة حول التدخل الروسى فى الانتخابات .
وسرعان ما كان يظهر كل يوم كشف جديد حول نطاق العملية الروسية والتواصل السري مع حملة ترامب، وتحقيق فيدرالى متواصل يتحرى كل ذلك وبدأت جلسات الاستماع في الكونجرس وتنافست صحيفتا النيويورك تايمز والواشنطن بوست لتحقيق سبق صحفى، فقد سبب للصحافة الكثير من العناء إلا أنها لم تكن مجرد مرشحة سابقة تسعى إلى استبيان بسبب خسارتهـــــا، بل كانت أيضا وزيرة خارجية سابقة حول الأمن القومى للبلاد.
وتتسائل الكاتبة مرة أخرى لماذا خسرت الانتخابات الأمريكية؟ ولماذا فاز ترامب؟ فراجعت مواطن ضعفها والأخطاء التى ارتكبتها وفكرت كذلك فى الرياح المعاكسة القوية التى واجهتها بما يشمل ارتفاع السياسات القبلية فى أمريكا وفى أنحاء العالم، وقلق بلد يبحث عن التغيير، والتغطية المفرطة لرسائل بريدها الإلكترونى، والتدخل الأخير الذى لم يسبق له مثيل لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالى، وحملة التضليل المتطورة، والموجهة من الكرملين، وسيل الأخبار الملفّقة، ليست هذه أعذارا، إنها أمور حدثت شِئنا أم أبينا.
ومع ذلك وعلى ما ناقشته فى الكتاب تعتقد أنه من المنصف القول أن عدم تطابق جوهرى ساد بين أسلوبها فى التعامل مع السياسة، وما أراد الكثير فى البلاد سماعه عام 2016، فقد تعلمت أفضل الخطط والاقتراحات قد تحط على آذان صمّاء عندما يكون الشعب مصابا بخيبة أمل من نظام سياسى محطم، ويشعر بالاشمئزاز من السياسيين، حيث يغضب الشعب ويبحث عمن يحمله اللائمة، لا يرغب فى سماع خطتك المؤلفة من عشر نقاط لتوفير فرص العمل ورفع الأجور. فهو يريدك أن تغضب أيضا .
وترى أن كثيرا من ناخبى ترامب كانوا يصوتون ضدها أكثر مما كانوا يصوتون (53% الى 44%) فى استطلاع للرأى، أجراه “مركز بيو” للبحوث فى سبتمبر 2016 قال عدد كبير من الناس أنهم يعتقدون أن ترامب غير مؤهل أو يفتقر إلى الخبرة ليكون رئيسا، لكنّهم صوّتوا له على أية حال ومن أصل 61% من جميع الناخبين الذين قالوا أنه غير مؤهل، انتخبه مع ذلك 17% ومن 63% قالوا أنه لا يتمتع بمزاج صحيح صوت 19% له، ووجدت استطلاعات الرأى أن 18% من جميع الناخبين نظروا لها ولترامب بصورة سلبية لكنّهم اختاروه بنسبة 47% مقابل 30% لها، فلابد من كراهيتهم لها كانت أقوى من مخاوفهم ومن مؤهلاته ومزاجه .
والعامل الثانى والرئيسى فى نظر السيدة “هيلارى” الذى تسبب في سقوط الركيزة الأساسية فى نهاية السباق هو المؤامرة الروسية لتخريب حملتها ودعم انتخاب ترامب، ووصفها مايكل موريل المدير السابق بالوكالة الاستخبارية المركزية” “CIA بأنها المعادل السياسى لاعتداءات الحادي عشر من سبتمبر .