إن الحديث عن أمن الشرق الأوسط في عالم متغير ليست مهمة سهلة، فقد ارتبط أمن هذه المنطقة المهمة المضطربة عبر التاريخ بسياسات القوى العظمى المهيمنة على العالم وبطبيعة النظام العالمي المهيمن، غير أن السياسة العالمية المتغيرة بدأت تحدث تحولًا في مشهد العالم والمنطقة، من شأنه يسبب ارتباكًا إستراتيجيًّا في العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
فليس من السهل تحديد إطار لنموذج الأمن الإقليمي الذي سوف يعمل بطريقة أكثر فاعلية في الشرق الأوسط، مع ذلك فإن التعلم من تجربة عملية هلسنكي واتفاقيتها بين عامي (1973 و1975) يمكن أن يساعد في التعرف على أهمية التزام دول المنطقة بمبادرة معينة، فقد عززت تلك العملية السلام في أوروبا وحملت جميع الأطراف على الالتزام بمبادئها التوجيهية العشرة التي تشمل: عدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام السيادة والتسوية السلمية للنزاعات، فإن الالتزام بهذه المبادئ هو ما نحتاجه في منطقتنا.
أما عن الكتاب فهو مقسم إلى سبعة فصول، الفصل الأول فيه موضوع للبروفيسور/ أنتوني كوردس “أستاذ كرسي فخري في الإستراتيجية – مركز الدراسات الدولية الإستراتيجية – الولايات المتحدة”.
حيث يقول إن الولايات المتحدة لا زالت في ظل إدارة جو بايدن، تسعى لإعداد إستراتيجية جديدة للأمن القومي وإستراتيجية للدفاع الوطني، وقد سبق أن أصدرتهما إدارة ترامب بين عامي (2017 و2018) على التوالي مع التركيز على بروز الصين بوصفها قوة عظمى منافسة، وعلى التهديدات الوطنية التي تشكلها (روسيا، وإيران، وكوريا الشمالية)، وتسعى هذه الجهود في الوقت نفسه إلى إنشاء مناطق إقليمية واسعة للأمن والاستقرار والتعامل مع ثلاثة تهديدات أمنية عالمية عامة هي: مكافحة الإرهاب والتطرف، ومنع انتشار الأسلحة النووية، والنزاعات الأهلية .
ومن المهم التشديد على أن إدارة بايدن تُبنى على أساس ضعيف؛ لأنها لم تترجم وثائق إستراتيجيتها الجديدة من خطط إستراتيجية عامة إلى أولويات إستراتيجية وإقليمية واضحة أو إلى أهداف وخطط ملموسة لتنفيذ هذه الإستراتيجيات الجديدة.
فقد أجرت إدارة ترامب تعديلات كبيرة في العلاقات الأمريكية مع إسرائيل، ولكنها أكملت فتراتها وغادرت السلطة من دون معالجة القضايا الرئيسة المتعلقة بـ (ليبيا، وسوريا، والعراق، واليمن، وخصوصًا إيران)، وانسحبت إدارة ترامب من خطة واضحة للتعامل مع التهديد النووي الإيراني، والتهديد المتزايد المتمثل في تزايد قدرة إيران ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في الوقت نفسه، غادر الرئيس ترامب المنصب في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة تسريع انسحاب القوات المقاتلة المنتشرة في العراق وسوريا، وكذلك سحب القوات الموجودة في بعض مناطق الشرق الأوسط.
أما عن تصورات إدارة بايدن لمهددات المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، فيسلط الكاتب الضوء على التهديد المستمر الذي تشكله إيران على الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فلدى إيران متطلبات عالمية وإقليمية في دعمها للشيعة في الخارج وتوسيع نفوذها في الدول المجاورة، وفي حين أن طهران مشغولة بتراجع اقتصادها فإن هذا سيحفزها على تقوية دبلوماسيتها أيضًا، ومبيعاتها العسكرية، ودعمها لشركائها ووكلائها، بما في ذلك (العراق، وسوريا)، وتطوير برنامجها النووي. ويرى التقييم الأمريكي أن إيران مستعدة لتصعيد التوترات في مواجهة عداء (الولايات المتحدة، وإسرائيل، ودول الخليج)، فإنه ما لم تخفف الولايات المتحدة عقوباتها لديها، وما لم تقم بمعالجة التوترات مع إيران عبر المفاوضات الدبلوماسية من خلال خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن علاقات إيران بـسوريا، وحزب الله والحوثيين والميلشيات والفصائل المتعددة في العراق، ستبقى تمثل مشكلة كبرى خاصة في ضوء التقدم المتواصل في الصواريخ الإيرانية والطائرات المقاتلة المسيرة وقدرة إيران في الحرب البحرية غير النظامية.
أما الفصل الثاني: فهو بعنوان “التحولات الدولية والشرق الأوسط الكبير” للدكتور/ علي الدين هـــــلال ” أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة”.
حيث يشير د. هلال إلى تغير العالم في العقود الثلاث الأخيرة وتغير معه الكثير من توازنات القوى الدولية والإقليمية، ومن أهم هذه الظواهر: انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وبداية مرحلة من سيطرة القطب الواحد، وتصاعد دور التنظيمات والميليشيات التي تستخدم العنف والإرهاب، وقد أحدثت هذه التحولات حالة من الاضطراب العالمي، وأدى هذا الاضطراب إلى اتساع مساحة الاختلاف حول القواعد المنظمة للسلوك الدولي، وخصوصًا بين الدول الكبرى، واتسعت الهوة بين النصوص القانونية التي تحكم عمل مؤسسات النظام الدولي وواقع توازن القوى وأنماط التفاعلات بين القوى الكبرى .
وشاع استخدام تعبير الاضطراب العالمي مع ازدياد أزمات العالم ومشاكله في القرن الحادي والعشرين، التي لم تقتصر على الموضوعات السياسية والجيوستراتيجية، بل امتدت لتشمل: قضايا الأمن الصحي ومكافحة الأوبئة، والأمن البيئي وتداعيات تغير المناخ، والأمن الغذائي خاصة نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وأدى مجمل هذه التطورات إلى موجة من الكتابات التي ارتأت أننا إزاء “مولد نظام دولي جديد”، بينما شككت كتابات أخرى في مدى توافر ظروف وشروط الانتقال من النظام الدولي الراهن الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية بمؤسساته وأبنيته إلى نظام جديد .
وفي هذا السياق، تسعى الدراسة إلى تحديد أهم معالم التحولات الدولية وتداعياتها على التوازن بين القوى الكبرى، وسياسات هذه الدول تجاه الدول العربية وفي منطقة الشرق الأوسط، أي بإضافة (تركيا، وإيران، وإسرائيل)، وتأثيراتها في أنماط العلاقات بين دوله.
ويشير الكاتب أيضًا إلى تبني معظم الدول العربية والدول النامية عمومًا موقف عدم التأييد الكامل لأحد طرفي الصراع في أوكرانيا، وعدم تطبيق العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، ظهرت اقتراحات بضرورة إعادة إحياء سياسة عدم الانحياز التي طرحتها (يوغوسلافيا، ومصر، والهند) في ستينيات القرن الماضي، كنهج لسياسات الدول النامية عمومًا ، وقد ظهر أيضًا مفهوم ” الاستقلال الإستراتيجي ” للوفاء بالمعنى نفسه، وهو أن تكون سياسات الدول الخارجية ومواقفها الدولية نابعة من مصالحها الوطنية، وليست امتدادًا تلقائيًّا لمواقف إحدى الدول الكبرى، واعتقد أنه سواء أخذنا بهذا التعبير أو غيره فإنه الأكثر موثوقية في السنوات القادمة.
أما الفصل الثالث: فهو بعنوان “المتغير والثابت في النظام الأمني الإقليمي” للدكتور/ أحمد يوسف أحمد ” أستاذ العلوم السياسية – جامعة القاهرة “
حيث يقول الدكتور أحمد: “إن النظام الإقليمي المقصود به في هذه الدراسة هو النظام الإقليمي الشرق أوسطي”، والمعروف أنه يتضمن نوعين من المكونات: أولهما، المكون العربي الذي يضم دولًا تجمع بينها روابط واضحة مستمدة من التلاصق الجغرافي والتاريخي المشترك، وإذا كانت الدول العربية الداخلة في إقليم الشرق الأوسط لا تمثل كافة وحدات النظام الإقليمي العربي، فإن نماذج التفاعلات في هذا النظام كان لابد من أن تؤخذ في الحسبان عند التحليل؛ لأن ما يجري في إقليم الشرق الأوسط يتأثر بهذه النماذج بغض النظر عن انتماء عدد من الدول العربية لإقليم الشرق الأوسط من عدمه .
هذا وقد أظهرت تحليل الأوضاع في الشرق الأوسط أن ثمة إطارين للنظام الأمني في منطقة الشرق الأوسط: أحدهما عربي، والثاني شرق أوسطي مع محاولات للتغلغل من القيادة الغربية للنظام العالمي في الإطارين معًا، وإن بدت بوضوح في الإطار الشرق أوسطي باعتبار أن القوى الغربية- وبالذات الولايات المتحدة – صاحبة مبادرات وفاعلية أساسية فيه، كما بدأت من مشروعات قيادة الشرق الأوسط عام 1951، وحلف بغداد 1955، ومبدأ أيزنهاور عام 1957، وصولًا إلى تحالف الشرق الأوسط في ظل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” 2017، وتحدد الحديث عنه في ظل الرئيس بايدن، وبالذات بعد تفجير الأزمة الروسية – الأوكرانية في فبراير 2022، على نحـــو ما أظهره التحليل الذي أكد أيضًا ضعف أداء المنظومة الأمنية العربية .
ويُلاحظ أن النهج الذي أفضى إلى بعض التحولات في إقليم الشرق الأوسط لم يكن نهجًا عربيًّا جماعيًّا، وهو نهج مغاير للنهج الذي كان قد اقترحه الأمين العام الأسبق للجامعة العربية السيد/عمرو موسى، في قمة سرت 2010، بتأسيس رابطة الجوار العربي، وعلى الرغم من أنه كان واعيًا بالصعوبات التي يكتنفها إنشاء مثل هذه الرابطة وتقديمه تصورًا معينًا للتغلب عليها، بأن المقترح دخل في الحلقة المفرغة لما يُسمى ” آلية وأد محاولات التطوير في الجامعة العربية من خلال اللجان والتحفظات”.
وفي ظل هذه التطورات، بدا أن ثمة مشهدًا محتملًا، سواء لمستقبل النظام الإقليمي العربي تحديدًا أو لمستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط كله، وهو أن تكون بصدد مجموعة ” نظم إقليمية ” يتحلق كل منها حول قوة مركزية من القوى الثلاثة في الإقليم، وهي (تركيا، وإيران، وإسرائيل)، بحيث يغيب النظام العربي تمامًا في هذا المشهد ويصبح لكل نظام من هذه النظم ترتيباته، وربما منظومته الأمنية الخاصة بها.
وهو سيناريو كانت الخلافات البينية، سواء بالنسبة إلى الدول العربية أو ما بين القوى الإقليمية الثلاثة التي تعززه، وربما كل منها يحصل على دعم دولي مختلف بدرجة أو بأخرى، فيحصل النظام المتحلق حول إسرائيل على دعم أمريكي قوي، وذلك المتمحور حول إيران يحصل على دعم روسي وصيني مثلًا، وربما تحاول تركيا الاستمرار في لعبة التوازن بين الدول الدولية الكبرى.
أما الفصل الرابع: فموضوعه عن “النظام الإقليمي العربي والتسوية السلمية من كامب ديفيد إلى الاتفاق الإبراهيمي” للدكتور/ البدر الشاطري ” أستاذ في كلية الدفاع الوطني – أبو ظبي”.
حيث يعالج هذا الفصل تطورات النظام العربي الإقليمي والتسوية السلمية التي أنهت حالة الحرب بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وطبَّعت العلاقات بينها، وينطلق البحث من خلال إطار نظري وتاريخي يتتبع تطور النظام الإقليمي في المنطقة، سواء كان النظام شرق أوسطيًّا أو عربيًّا، وتقوم الدراسة بتحليل النظام الإقليمي ليس في مركزه فحسب ولكن في محيطه الذي يشمل (تركيا، وإيران، وإسرائيل)، كما تتناول الدراسة الدول العظمى مثل: الولايات المتحدة وتأثيرها في تطور هذا النظام.
والسؤال الرئيس الذي تحاول هذه الدراسة الإجابة عليه هو: ما المتغيرات التي لحقت بالنظام الإقليمي العربي، وأفضت إلى تطبيع العلاقات بين الدول العربية مثل مصر والأردن في السابق، وبعض الدول العربية حديثًا؟ كما أنها ستحاول تلمس الإجابة عن مدى تأثير عمليات التطبيع في المسيرة السلمية والمفاوضات النهائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهل ستمتلك الدول العربية التي طبَّعت مع إسرائيل دوافع لدعم العملية السلمية؟
ولاشك في أن موضوع الاتفاقات الإبراهيمية، لم يتبلور بعد لاستشراف مستقبل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل كافٍ، بحيث يستطيع الباحث أن يستشف من عملية التطبيع الأخيرة، أن هناك بوادر قد تظهر حول بعض الإرهاصات التي قد تؤدي إلى توسع عملية السلام في المنطقة.
هذا ويلعب النظام الإقليمي الشرق أوسطي والتنافس المحتدم بين أركانه، دورًا مهمًّا في توجيه السياسة الخارجية لأطراف النظام العربي، فبالرغم من أن للدول إرادتها الحرة في اختيار سياساتها، فإن النظام الإقليمي (العربي، والشرق أوسطي) يهيكل هذه الخيارات، بل إن النظام الإقليمي يسمح بخيارات ويستثني خيارات أخرى، ومثلما هو الحال في أي بُنى سياسية أو اجتماعية، فإن تجاوز هذه البنى له تكاليف سياسية واجتماعية، وعليه فإنها تحد من سلوك الدول كما تحد من سلوك الفرد.
وفي النهاية، يرى الكاتب أن قضية التطبيع بين العرب وإسرائيل قضية ستتطلب وقتًا غير قــصير، وما دامت الأرض محتلة وشعوب عربية تنوء تحت الاحتلال الإسرائيلي، فإن عملية التطبيع على مستوى الشعوب ستظل بطيئة- وخصوصًا أن إسرائيل في حالة اشتباك دائم مع الفلسطينيين، حتى يومنا هذا فضلًا عن (لبنان، وسوريا).
وبالنسبة للفصل السادس: فموضوعه بعنوان “تجارة الطاقة عامل ساهم في السلام في الشرق الأوسط” للدكتور/ عمر العبيدلي وأسنا واجد (مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”).
حيث تعاني منطقة الشرق الأوسط صراعات عنيفة مزمنة كان لها آثار مدمرة على شعوبها، سواء من حيث الإصابات البشرية، أو من حيث التكاليف الاقتصادية، ومما يؤسف له أن معظم المؤشرات السائدة تشير إلى تزايد تلك الصراعات، سواء من حيث رقعة انتشارها أو حجمها، وهذه الاتجاهات ترجعها الباحثة إلى القلق الذي تحول جزئيًّا إلى المنافسة الهامة التي يحدثها تغير المناخ على الموارد الشحيحة من الطاقة والمياه. ووفقًا لذلك، ينبغي للأطراف كافة أن ترحب بالوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى تخفيض مستدام في مخاطر العنف.
وتعد التجربة الناجحة للغاية، تجربة الاتحاد الأوروبي، بالنظر إلى غياب الصراعات العنيفة، ومثالًا إيجابيًّا للنظر فيه على مستوى الشرق الأوسط، فبغض النظر عن حجم الدمار الذي خلقته الصراعات التي شهدتها المنطقة في القرن الماضي وأكثر، فإنه لا يقارن بما شاهده الأوربيون في الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها، وعليه يفترض لشعوب الشرق الأوسط، أن تشعر بأن هناك ضوءًا في نهاية النفق.
هذا وتبين هذه الدراسة أيضًا ما اتخذته بعض الحكومات من خطوات تمهيدية عدة في مجال تجارة الطاقة، بالإضافة إلى أن هذه الحكومات تمثل بلدانًا كانت في حالة صراع لمدة طويلة، وتماشيًا مع النظرية الليبرالية الكلاسيكية للعلاقات الدولية فإن هذه الخطوة التجارية الإيجابية تبعتها خطوات سياسية إيجابية بما في ذلك الزيارات المتبادلة وتعميق العلاقات الدبلوماسية.
أما الفصل السابع والأخير: فعنوانه “مأزق التنمية في الشرق الأوسط وآليه جديدة للتعاون العربي – الصيني” للدكتور/ فانكينج تشينج -باحث صيني.
حيث يشير إلى أنه في سياق إعادة توجيه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، تعد عودة الشرق الأوسط إلى المشهد السياسي الدولي أمرًا مبشرًا على المدى الطويل، أما على المدى بين القصير والمتوسط، فإن الواقع قاسي حسب قول الكاتب ويحتمل أن تواجه المنطقة مزيدًا من الاضطرابات. وتخلص هذه الدراسة إلى أنه، من منظور العلاقات بين القوى الإقليمية والتنمية الوطنية، سيكون الوفاق بين مختلف بلدان الشرق الأوسط ونموها المستقبلي هما الاتجاه المهيمن في المستقبل المنظور ومقارنة بالمتغيرات التاريخية في الشرق الأوسط، فإن مصير التغير الراهن ستقرره أساسًا بلدان المنطقة وشعوبها.
وتعمد الدراسة أيضًا إلى اختيار تأثير هذه المتغيرات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط في معدل ونمط التعاون بين (الدول العربية، والصين) وبناء عليه، يقسم الباحث دراسته إلى ثلاثة محاور، المحور الأول: يتحدث فيه عن مأزق الشرق الأوسط منذ الربيع العربي، والمحور الثاني: يتحدث عن الواقع الجديد الناتج عن التطور السياسي في الشرق الأوسط، أما الثالث: فيكون الحرص عن تعميق التعاون بين الدول العربية والصين.
ثم يضيف الكاتب بعد ذلك إن سياسة الصين في الشرق الأوسط تتسم بخصائص ترتبط بالوضع القائم، وهي سياسة ستختلف على نحو جذري من السياسات التي اعتمدتها القوى الرئيسة الأخرى تجاه الشرق الأوسط على مر تاريخه، فبدلًا من حماية الحلفاء واحتواء الأعداء، ستحتفظ الصين بعلاقات صداقة وتعاون مع بلدان المنطقة جميعًا، ولكنها ستأمل أن يستكشف كل بلد مساره التنموي الخاص، وبدلًا من تكريس الشرق الأوسط بوصفه ساحة من أجل القوى الكبرى، سوف تدعو الصين القوى الكبرى إلى وقف التدخل في شؤون الشرق الأوسط. وتتسم السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط بكونها أحد موروثات الحرب الباردة والتفكير القائم على الهيمنة، مع الاعتماد الكبير على العسكرة المفرطة، أما سياسة الصين في الشرق الأوسط فستكون نتاجًا لحقبة جديدة، واستمرار وتطوير لسياسة ” الانفصال الشامل” التي اعتمدتها بعد الحرب الباردة، ويتسق الشرق الأوسط المسالم والنامي والمستقل والمنفتح مع مصالح الصين الأساسية، ومقارنة بالقوى الكبرى الأخرى فإن الإدارة الرئيسة لسياسة الصين تجاه الشرق الأوسط القوة الناعمة التي تضم معًا الموارد (الدبلوماسية، والعلمية، والاقتصـــــــــــادية)، ولا تطمع الصين في الهيمنة على الشرق الأوسط؛ ذلك لأن الشرق الأوسط يجب أن تحكمه دول المنطقة، وحقبة الهيمنة الأجنبية يجب أن تنتهي .