ما يميز السنوات العشرة الأخيرة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة بعد أحداث الربيع العربي، هو الانتقال إلى مستوى آخر من الصراعات يمزُج بشكلٍ غير مسبوق بين الفاعلين غير الدوليين والقوى الخارجية، ويتميز بعدم ثبات التحالفات واستقرارها.
وبانتشار الجماعات الإرهابية والقتال العابر للحدود الوطنية والصراعات القائمة على أساس الفروقات الإثنية والقبلية والجماعية الدينية المتطرفة، والمحصلة النهائية تكمُن في تغيير نمط الصراعات الداخلية والصراعات الحدودية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقد واصلت الإستراتيجيات العسكرية المتنافسة إنزالها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باستمرار وجودها في المنطقة العربية، من خلال المساعدة في تفجير الأوضاع الداخلية وتفريخ المزيد من النزاعات المسلحة، والحروب الأهلية وخلق بؤر التوتر في مختلف أرجاء الوطن العربي؛ بحثًا عن التموقع مجددًا كلاعبين دوليين وإقليميين في المنطقة والحرص على رسم معالمها المستقبلية عبر منطق المواجهة والتنافس تارة ومنطق التحالفات تارة أخرى.
وبينما سقطت العديد من الأنظمة العربية في امتحان وفخ التغيير غير المدروس، وفشلت في تأمين الانتقال الديمقراطي في بلدانها، وتسارعت وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية الرافضة لفساد وعنف الأنظمة وأدَّت في العديد من البلدان العربية إلى التحول لمستنقعات الفوضى وبؤر توتر واضطراب كما هو الشأن في (سوريا، واليمن، وليبيا) أو عودة الدول العميقة إلى الواجهة بعد فترة بسيطة من حكم الإسلاميين في كل من (مصر، وتونس) .
وبالنسبة للكتاب فهو مقسم إلى ستة فصول:
الفصل الأول والثاني: يشير الكاتب فيهما إلى دخول الخلافات العسكرية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرحلة جديدة من الأزمات الإقليمية التي تتأثر سلبًا وإيجابًا بعوامل وميكانيزمات التفاعل الدولي والإقليمي، وبالعوامل الداخلية التي فجرت في الكثير من دول ما اصطلح عليها بدول الربيع العربي_ واقعًا مأزومًا أدخل المنطقة في دوامة الفوضى والحروب غير المتناهية ، والتي يتعذر تفكيكها وحلها عسكريًّا وسياسيًّا كالأزمة (السورية، واليمنية، والليبية)، والفوضى الطائفية في العراق واستئساد الميليشيات العسكرية التي أصبحت طرفًا في المعادلة، وتشكل مفهومًا جديدًا في استغلال المجال والتوسع الترابي أو المجالي في المناطق التي يصعب السيطرة عليها من قبل الدولة المركزية .
وتنعكس الصراعات العسكرية في تغيير طبيعة النزاعات المسلحة من الحروب النظامية إلى حروب متنافرة في الشكل والمحتوى من جهة الإستراتيجيات والأهداف، كما تستعمل آليات صراع غير تقليدية على مفهوم التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط؛ نظرًا إلى ما تتمتع به هذه المنطقة من إمكانات وقدرات ذات تأثير كبير على المصالح الإستراتيجية الدولية، ومن ثم التوازنات الدولية والإقليمية، إذ شهدت منطقة الشرق الأوسط صيغًا توازنية كثيرة كانت كل منها تعبيرًا عن الظروف والمتغيرات التي سادت في كل مرحلة على حدة .
فبعد الحرب الباردة وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ، شهدت منطقة الشرق الأوسط تغيرات كبيرة سياسيًّا وعسكريًّا، رافقها مشاريع وترتيبات جديدة حاولت الولايات المتحدة إدراجها إلى المنطقة من أجل تطويعها للإستراتيجية الأمريكية القائمة، والتي كانت لها آثار خطيرة انعكست بصورة مباشرة على التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط .
وعلى كلٍ لا يمكن فصل ما يحدث من صراعات مسلحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن التحولات الحاصلة في الانساق الداخلية والخارجية لطبيعة النظام الدولي والإقليمي على حدٍ سواء فمن الملاحظ أن منطقة الشرق الأوسط لم تفرز قوى إقليمية مستقلة، وإنما ظهرت تلك القوى نتيجة تأثيرات متداخلة ومعقدة لعوامل داخلية وخارجية، ومن ثم فإن أقوى اللاعبين السياسيين في الشرق الأوسط هم من خارج النسق الوطنية، بل هم لاعبون من خارج الدائرة الجغرافية للمنطقة، ولهم تأثير قوي على مجريات التحولات والأحداث في المنطقة كـ(الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا) باعتبارها القوى الاستعمارية السابقة .
إضافة إلى ذلك هناك دول محورية في الشرق الأوسط قُدِّر لها أن تكون في موقع جغرافي يؤهلها للعب دور محوري قادر على التحكم في توجهات وطموحات بقية اللاعبين السياسيين في المنطقة، بالإضافة إلى امتلاكها الأدوات المؤثرة في لعبها هذا الدور مما يزيد من توغلها وهيمنتها على المنطقة .
كل ذلك ينذر باشتعال صراع للمحاور الجيوبوليتيكية في مواجهة القوى الإقليمية؛ ليصبح بذلك النسق الشرق أوسطي الجديد فوضويًّا بالدرجة الأولى .
ثم يضيف الكاتب أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستظل المجال الجغرافي الذي يمر بأكبر قدر من التغيير خلال السنوات الخمسة أو العشرة المقبلة، حيث تجتاز المنطقة موجات متنامية من الهشاشة الأمنية وعدم الاستقرار المزمن والصراعات الإقليمية المحتملة، إضافة إلى تهاوي البنيات المؤسساتية سياسيًّا وأمنيًّا، فإن التوقعات الاقتصادية بدورها تبدو قاتمة بشكلٍ لم يحدث من قبل مع تفكك بعض الدول التي كان لها دور أساسي في تحقيق التوازنات السياسية والعسكرية وأيضًا الاقتصادية مثل (سوريا، والعراق) .
ومن الراجح أن تستمر الفجوات بين دول الشرق الأوسط ودول الخليج المنتجة للنفط، والتي تقدم فرصًا أكبر لشبابها، فضلًا عن استقطاب المواهب من البلدان الأخرى؛ ذلك لأن الدول المنتجة للنفط ما زالت تتمتع برفاهية وأمن مجتمعيين، ومرشحة بقوة للقيادة الإقليمية، في حين تظل بحاجة إلى التعاطي من المطالب المتزايدة في الداخل بتوسيع دائرة المشاركة السياسية، وتخصيص مجال أوسع لفعاليات المجتمع المدني .
أما الفصل الثالث والرابع: فيشير فيهما الكاتب إلى المرحلة الجديدة من نزاعات الشرق الأوسط التي تزامنت مع تفكك النظام العالمي، ففي مرحلة ما بعد الحرب الباردة التي نعيش في ظلها اليـــــــــوم، لم يعد المجتمع الدولي مستعدًا أو قادرًا على الاستجابة بشكلٍ فعال للنزاعات الدولية، ناهيك عن أيٍّ من بعثات الأمم المتحدة الأربعة لحفظ السلام التي أنشئت منذ العام 2012، ولم تعد قادرة في الوقت الراهن على الوقاية والحد من الحرب الأهلية التي يشهدها العالم .
فقد خلقت الحروب الأهلية في (سوريا، واليمن، وليبيا، والعراق) منذ العام 2011 أضرارًا كارثية ولعل ما يقارب 600 ألف شخص لقوا حتفهم، من بينهم على الأرجح أكثر من نصف مليون سوري و17 مليون شخص نزحوا من ديارهم إلى (الأردن، وتونس وما بعدها).
وبسبب بروز تنظيم الدولة الإسلامية وعودة انبعاث تنظيم القاعدة، فقد زادت بشكلٍ فج عدد الهجمات الإرهابية الانتحارية حول العالم خلال السنوات الماضية .
وسط هذه التطورات الهيكلية، تم تقديم عدد من الدراسات الأكاديمية لموضوعات تحليلية عن مشاكل الشرق الأوسط، وتم اختزالها إلى ثلاث مشاكل مفاهيمية تسلط الضوء على ديمومة النزاعات في الشرق الأوسط:
المشكلة الأولى: خاصة بترسيم الحدود ( أو مبدأ عدم قابلية تقسيم الدولة )، فنظرًا إلى أن الحروب الحديثة بين الدول تنتهي في غالب الأحيان من دون المساس بوحدة وسلامة أراضيها، يصعب إيجاد حل وسطي متأرجح بين الانتصار والهزيمة في الصراعات الداخلية .
والمشكلة الثانية: هي الالتزام بالاتفاقيات الرامية إلى تسوية النزاعات فمثلًا في فترة من الفترات تكون فيها الحكومات ضعيفة، ولكن حين تستجمع هذه الحكومات قواها لا يكون لديها أي حافز يذكر للالتزام بالاتفاق .
المشكلة الثالثة: وهى مرتبطة بوجود أطراف قادرة على نقض القرارات، فإحدى النتائج المترتبة عن وجود أطراف قادرة على نقض القرارات هي أن العمليات متعددة الأطراف وواسعة النطاق على غرار تلك التي وضعت قيد التنفيذ في كل من (سوريا، وليبيا) محكومة على الأرجح بالفشل، فعندما يجلس جميع الأطراف على الطاولة وقد يغدو من المستحيل تحقيق التوافق، ويبدو أن المقاربة الفضلى تتمثل في الحرص على أن تقتصر المفاوضات المتعددة الأطراف فقط على مجموعة أساسية من الأطراف القادرة على نقض القرارات، على أن تبدأ ربما القوى الخارجية ثم تنتقل إلى الفصائل والأطراف المنتصرة بشكلٍ واقعي .
ومن جهة أخرى، فما زلنا أمام نظام إقليمي عربي قابل للتشكُّل يولد من رحم النزاعات والصراعات السياسية والعسكرية التي غمرت المنطقة العربية بعد عام 2011، والتي ضاعفت من أزمة نظام الأمن الإقليمي العربي، مقارنة بمثيلاتها مع الأطراف خارج النظام .
فالمرحلة الراهنة تشهد وجود فاعلين من غير الدول، تتشكل على أسس (طائفية وإثنية، وسياسية، وحزبية، وأيديولوجية) ، ومن الصعب على القوى الدولية أن تقوم بإعادة ترسيم الحدود دون التنسيق المباشر مع هذه القوى، كما أنه من الصعب الجمع بين هذه التنظيمات على طاولة واحدة للاتفاق على شكل الحدود الجديدة ، كما أنه من المرجح أن تقوم هذه القوى المحلية بإعادة ترسيم الحدود بمعزل عن التوافق الدولي على شكل الحدود.
ثم يتحدث الكاتب بعد ذلك عن موضوع بعنوان “دور الحرب غير النظامية والجماعات المسلحة في تغيير السياسات وموازين القوى”، حيث عرفت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فصلًا جديدًا من النزاعات أهمها تنامي خطر الجماعات المسلحة غير النظامية أو ما يصطلح عليه اسم الحرب غير المتكافئة أو غير المتماثلة، حيث أصبح شائعًا ذلك المصطلح خلال الحرب على العراق وظهور العديد من التنظيمات الإسلامية المتطرفة في كلٍ من (العراق، وسوريا،… وغيرها) من المناطق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتمددها جغرافيًّا في مناطق آسيوية وإفريقية، وهنا يعرفنا الكاتب بشكلٍ دقيق عن ماهية هذه الحروب، وهل تلعب دورًا محوريًّا في صناعة النزاعات والصراعات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إطار المستجدات التكنولوجية المتعاظمة؟ ، هل يؤدي بها التطور إلى الاختفاء أم إلى صيغة مختلفة ذات قالب وأسلوب وتوصيف مختلف أم ستسير عبر التطور في سياق مرحلة انتقالية معقدة طويلة في اتجاه التشغيل التكنولوجي الآلي؟ .
وكيف لنا أن نتفهمها ونستعد لمواجهتها ونتحوط من مخاطرها في المنطقة العربية؟.
أما الفصلان الأخيران (الخامس والسادس) : يتحدث فيهما الكاتب عن الصراع على المواقع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن أبرزها الصعود المتتالي لموجات الصراع (الطائفية، والدينية) وتوظيف التمايزات الدينية، القبلية العرفية والطائفية كمغذٍ جديدٍ لخلق واقع عسكري وسياسي مغاير على الأرض. ويمكن تشخيص الصراعات الطائفية بأنها صراعات قائمة على الهوية، وهذه الصراعات عبارة عن نزاعات اجتماعية قائمة على التمايزات الثقافية والدينية .
هذا وتعرف معظم مناطق العالم الإسلامي موجات من التطرف غير مسبوق، كما أنه في البلدان التي عرفت حضارات ما قبل الإسلام ، كما هو الحال في (إيران، وتركيا، ومصر) .
ومن المرجح أن يكون التحدي الذي يطرحه التطرف الإسلامي معقدًا؛ بسبب تداخل العديد من العوامل المؤثرة؛ حيث أن الشرق الأوسط غدا موضوعًا للموجة الثالثة من تحولات الجغرافية السياسية، وسيستفيد داعش وتنظيمات أخرى من الجماعات العنيفة من التراجع التدريجي للقوة الأمريكية على الصعيد العالمي، وتقلص اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط، وترك المجال للقوى الهجينة غير المهيكلة للتحكم في استقرار المنطقة بمواجهات يغيب عنها الكثير من سمات المواجهة وانعكاسات ذلك على ترتيب الأوضاع الداخلية والخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .
إن تجارب أمريكا الفاشلة والمكلفة في (أفغانستان، والعراق، وليبيا)، تجعل واشنطن مترددة في المشاركة بشكلٍ مباشر في تدبير شؤون المنطقة، وبدلًا من ذلك، فإن عقيدة الإدارة الأمريكية تفضل استخدام هجمات الطائرات دون طيار والغارات الجوية المحدودة التأثير في الزمان والمكان لمحاربة الإرهاب، وتبيع الأسلحة للدول الإقليمية لتحقيق التوازن بين الأطراف المتنازعة، كما تدعو السياسة الأمريكية أيضًا إلى ما يسمى سياسة المحاور الإقليمية في القارة الآسيوية، التي توفر اقتصاداتها النامية فرصًا جيدة لصفقات تجارية ضخمة .
ومن العوامل الأخرى المعقدة أيضًا، احتمال نشوب صراع ثلاثي في المنطقة حيث يسعى (الإيرانيون، والأتراك، والعرب) إلى إحياء أمجاد الماضي، وسيتحول الإيرانيون بشكلٍ متزايد إلى الفارسية الشوفينية، والأتراك إلى العثمانية العرقية، والعرب لإسقاطهم، فقبل اندلاع الانتفاضات العربية عام 2011، كانت (إيران، والسعودية) منخرطين بالفعل في حرب باردة إقليمية جديدة، حيث انحاز للسعودية (مصر، والأردن، ودول الخليج العربي)، وانحازت إيران إلى سوريا، وكذلك مع الفصائل الشيعية الفلسطينية واللبنانية وحماس وحزب الله، كما تدهورت العلاقات السعودية – الإيرانية وتحولت إلى حروب بالوكالة وسط أزمات سياسية متطورة في (البحرين، وسوريا، والعراق)، وفي نهاية المطاف اليمن .
وعلى كلٍ يُستخلص من ذلك أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحولت إلى منطقة مشتعلة بالنزاعات والصراعات المسلحة والعنيفة، كما أصبحت تشغل صدارة مناطق العالم من حيث كثافة وحدة الصراعات المسلحة، إذ يطوي الإقليم ومحيطه الجغرافي ثمانية من بين أكثر عشرة صراعات حدة على مستوى العالم .
كما تحولت رقعة جغرافية موضوع تقاطبات وتحالفات هجينة يكتنفها التنافس الكبير بين الفواعل الدولية والإقليمية .
فقد تصدر الصراع السوري الخريطة المضطربة للشرق الأوسط، وعلى الرغم من انحسار سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من الأقاليم العراقية، فإن الصراعات في العراق لا تزال تشغل المرتبة الثانية من حيث الكثافة .
أما الصراع الأهلي في اليمن فيشهد انسدادًا في أفق التسوية في ظل الانقسامات التي ضربت معسكرات الاصطفاف التقليدية، واحتدام الصراع بين الفواعل الداخلية والخارجية. وفي ليبيا تعثرت جميع جهود التسوية والتوفيق بين حكومة الوفاق الوطنية الليبية وحكومة طبرق المدعومة من مجلس النواب الليبي المنتخب، والجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
من المرجح أن تشهد منطقة الشرق الأوسط تصاعدًا في حدة الصراعات الداخلية ، في ظل تعثر تسوية الصراعات، وتمددها خارج نطاق حدودها التقليدية باتجاه دول الجوار.
إجمالًا فطبيعة النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عرفت أشكالًا جديدة من الحروب المعقدة التي لا تنتهي بصيغة رابح أو خاسر، وعن فرض الطرف الرابح شروطه على الطرف الخاسر، وإنما تتشعب وتتداخل مخرجاتها النهائية لتسفر عن تداعيات متواصلة قد تصل إلى استنزاف دول وشعوب المنطقة لفترات طويلة، وعن إبقاء مكونات الصراع تحت العديد من المسميات بداية بالحرب الأهلية وتفجير الأوضاع من الداخل بإسقاط العديد من الأنظمة السياسية في الدول العربية كـ(تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، والجزائر، والسودان) .
ولا يمكن الجزم بوجود وصفات جاهزة لإنهاء النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن يظل الأمل في ترتيب الأوضاع الداخلية، وإعادة الثقة للمجتمعات والأفراد، من خلال التعايش والوفاق السلمي والحوار الجاد بين كل المكونات السياسية، ورفض التطرف بكل أنواعه وإصلاح المؤسسات الدستورية، وتعزيز الاختيارات الديمقراطية ومع الاختراق الخارجي، وتجاوز تضارب الأجندات الوطنية وصراع التحالفات .
وأخيرًا فإن أهمية هذا الكتاب ترجع إلى النظرة التحليلية المسهبة للصراع التي لا تكاد تنتهي في بنيات المنطقة (السياسية، والعسكرية، والعرقية، والمذهبية، والطائفية، والاقتصادية، …وغيرها) .
والمؤلف في تركيزه على الصراع لا يدَّعي أنه حتمي أو أنه لن ينتهي، بل يعتبره نتيجة منطقية لتطور القضايا السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن ثم فإنه يمكن أن يتغير إلى مسار سلمي عام، إذا انعدمت أسباب وجوده وجرت معالجة استمراره .