2020العدد 181دراسات

دول آسيا الوسطى بين التغلغل الإسرائيلي ومحدودية الحضور العربي

تُعد منطقة آسيا الوسطى والتي تتشكل من خمس دول هي: أوزبكستان، كازخستان، طاجيكستان، قرغيزستان ، تركمنستان، منطقة تنافس استراتيجي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك نظرا لأهميتها الجيوسياسية الكبيرة فضلاً عن كونها تطل على بحر قزوين الغني بالنفط والغاز. وقد كانت هذه الدول تابعة للاتحاد السوفيتي سابقا، ثم نالت استقلالها بعد انهياره. وبعد استقلال هذه الدول سارعت دولة الكيان الصهيوني باختراق منطقة آسيا الوسطى والتغلغل فيها، وكانت لديها استراتيجية متكاملة حيث سخرت كافة الوسائل الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستخباراتية وأيضًا الثقافية من أجل النفاذ إلى دول المنطقة لإقامة شراكة استراتيجية معها.

وبينما اهتمت إسرائيل منذ وقت مبكر باختراق هذه المنطقة نجد أن الدول العربية قد تأخرت كثيرا في الاتصال والتعاون مع دول آسيا الوسطى، نظرا لعدم وجود رؤية واستراتيجية محددة ومدروسة تجاه هذه الدول، الأمر الذي أفضى في مجمله إلى محدودية الحضور العربي في هذه المنطقة.

  • الأهمية الاستراتيجية لدول آسيا الوسطى:

أدى انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي إلى جملة من التحولات الجيوسياسية أفضت إلى ظهور مجموعة من الدول الجديدة تنوء بإرث ثقيل من الدولة السوفيتية، وتحاول جاهدة التأقلم مع النظام العالمي من بينها جمهوريات آسيا الوسطى في منطقة جيوسياسية شديدة التعقيد، تنطوي على الكثير من الفرص والمزايا، كما تحمل الكثير من المخاوف والتهديدات. ومما لا شك فيه أن مكانة آسيا الوسطى ليست حديثة طارئة فرضتها الظروف المستجدة في فترة ما بعد نهاية الحرب الباردة، فمنذ القرن الثالث قبل الميلاد اكتسبت هذه المنطقة أهميتها الاستراتيجية من خلال ما كان يُعرف بطريق الحرير الممتد من الصين إلى البحر المتوسط، والذي تحول اليوم إلى ممر مهم لخطوط نقل البترول وأنابيب الغاز. وتتمثل دول آسيا الوسطى في خمس دول هي: أوزبكستان، كازخستان، طاجيكستان، قرغيزستان، تركمنستان(1).

وتتمثل الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في كونها تقع في موقع متوسط بين روسيا وتركيا والصين وإيران، إذ تُعد قلب آسيا القريبة من مجموعة من الكتل الجغرافية والتكتلات السياسية، وهي في نفس الوقت تُشكل منطقة عازلة تحد من الاحتكاك المباشر بين هذه القوى الآسيوية الإقليمية. وتتمتع منطقة آسيا الوسطى بمساحة كبيرة حوالي 4 ملايين كم2 أي أكثر من مساحة دول أوروبا وتسكنها شعوب ولغات وأعراق متنوعة. وتتيح السيطرة على موارد آسيا الوسطى التحكم في إمدادات النفط والغاز والمعادن والموارد الزراعية إلى روسيا والصين وشبه القارة الهندية ودول الاتحاد الأوروبي. كما تتيح السيطرة على ممرات آسيا الوسطى السيطرة على الممرات البرية والجوية التي تربط بين شبه القارة الهندية وروسيا والصين، وغير ذلك من الطرق والممرات التي تتيح ضبط التفاعلات والعلاقات البينية التي تربط بين الأقاليم المحيطة بمنطقة آسيا الوسطى(2).

وتتمثل أيضا أبرز الاعتبارات لما تتمتع به منطقة دول آسيا الوسطى من أهمية استراتيجية في إطلال معظم دولها على بحر قزوين الغني بالنفط والغاز، إذ تتعدى احتياطاته أكثر من 150 مليار برميل من النفط، وتُقدر احتياطاته من الغاز الطبيعي بأكثر من 75 ألف مليار متر مكعب(3).

ويعتبر المخزون الهائل من النفط والغاز والفحم واليورانيوم والذهب والفضة وباقي المعادن الاستراتيجية أكثر ما يميز المنطقة، إذ تمتلك كازخستان ربع احتياطي العالم من اليورانيوم، وتمتلك تركمنستان رابع احتياطي للغاز الطبيعي في العالم. وتُعد أوزبكستان ثالث أكبر منتج للقطن في العالم وتمتلك رابع أكبر احتياطي عالمي من الذهب وعاشر احتياطي عالمي من النحاس، إضافة إلى الكميات الضخمة من النفط والغاز في بحر قزوين.

كما تعتبر دول آسيا الوسطى أيضا سوقا تجاريا مهما ومناطق صرف مالية كبيرة، حيث إن أغلب دولها قد نالت استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، مما جعلها سوقا متعطشة للاستثمارات المختلفة، وأسواقا مفتوحة للعديد من المنتجات. ولعل سعي تلك الدول الناشئة حديثا لإعادة بناء جيوشها قد جعلها أيضا سوقا مفتوحة لاستيراد السلاح والخبرات العسكرية والأمنية(4).

  • مراحل التغلغل الإسرائيلي في منطقة آسيا الوسطى:

تجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت معظم المؤشرات تدل على أن إسرائيل قد بدأت تغلغلها في آسيا الوسطى مع انهيار الاتحاد السوفيتي، فإن الواقع يُقدم لنا صورا لمقدمات تاريخية تسبق هذا الحدث بكثير، وذلك من خلال اليهود المتواجدين في المنطقة منذ العهد السوفيتي، والهجرة اليهودية من الاتحاد السوفيتي السابق إلى الكيان الصهيوني. ففي أوزبكستان –والتي تعتبر الدولة الثانية تقدما بين دول آسيا الوسطى- استطاعت مكاتب الهجرة التي فتحت علنا أن تحمل من يهودها (البالغ عددهم 120 ألفا) 70 ألفا إلى إسرائيل وخلال فترة زمنية قياسية(5).

ويمكن تقسيم التغلغل الإسرائيلي في منطقة آسيا الوسطى إلى ثلاث مراحل والتي كان لها الدور الأساسي في تحديد ورسم العلاقات الثنائية وهي:

  • المرحلة الأولى: (1948-1985):

اعتبرت المنطقة كلها خلال هذه المرحلة منطقة محرمة على الكيان الصهيوني، إذ تميزت بوقوف المنطقة موقف الخصم تجاه إسرائيل، وذلك تبعا لمقتضيات الحرب الباردة والعلاقات السوفيتية الأمريكية، وكذلك العلاقات العربية-السوفيتية والصراع العربي الإسرائيلي. ولم تكن لدول هذه المنطقة –كونها كانت تابعة للسياسة المركزية للاتحاد السوفيتي- أية علاقات مع الكيان الصهيوني، كما لم يكن لديها القدرة والحرية على تغيير شكل ونمط العلاقة لو أرادت، وذلك نظرا لمركزية العلاقات الخارجية التي كان الكرملين يتحكم بها ويسيطر عليها. وعلى الرغم من ذلك نجد أن المساعي الإسرائيلية لتشجيع هجرة اليهود الروس إلى الكيان الصهيوني قد ساهمت في مرحلة لاحقة في اختراق إسرائيل لدول المنطقة وتمكينها من التغلغل السياسي والاقتصادي والثقافي متزايد الاتساع والعمق.

  • المرحلة الثانية: (1985-1991):

شكلت المرحلة الثانية على قصرها وعلى الرغم من ضعف القبضة المركزية السوفيتية نقطة تحول في تاريخ العلاقة بين دول آسيا الوسطى وإسرائيل، حيث لعبت سياسة آخر رئيس للاتحاد السوفيتي قبل انهياره “ميخائيل جورباتشوف” دورا مهما في تسويق الكيان الصهيوني، وتقديمه كدولة طبيعية لدول المنطقة. وفي ضوء تحسن العلاقات بين موسكو وتل أبيب فقد بدأ الأمر ينعكس أيضا على علاقات دولة إسرائيل بدول منطقة آسيا الوسطى(6).

  • المرحلة الثالثة: (بعد عام 1991):

وتعتبر هذه المرحلة الأكثر تأثيرا والأعمق نفوذا حيث شكل انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي نقطة انطلاق للمرحلة الثالثة والتي جاءت في مصلحة إسرائيل التي اعترفت بدورها باستقلال دول آسيا الوسطى، واهتمت بوضع استراتيجية متكاملة لاختراق هذه الدول بأكملها من خلال بناء علاقات معها على كافة الأصعدة. وقد لعبت تركيا آنذاك دورا كبيرا في فتح الباب للنفوذ الصهيوني في دول آسيا الوسطى، حيث استطاعت العديد من الشركات الإسرائيلية بدعم وغطاء من الشركات التركية أن تبدأ مشاريع ضخمة في تلك الدول.

  • استراتيجية التغلغل الإسرائيلي:

اعتمدت الاستراتيجية الإسرائيلية لاختراق دول آسيا الوسطى على التركيز في المرحلة الأولى على التغلغل الاقتصادي من خلال إقامة المشروعات العملاقة وتقديم المساعدات الاقتصادية وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية معبدة الطريق أمام الشركات الإسرائيلية ورجال الأعمال الصهاينة لغزو تلك الجمهوريات، هذا بالإضافة إلى تقديم إسرائيل نفسها كوسيط نشيط لجذب رؤوس الأموال الغربية والأمريكية إلى تلك البلدان، وفتح أبواب واشنطن وغيرها من العواصم الغربية أمامها. فبعد أقل من ثلاثة أشهر على انهيار الاتحاد السوفيتي كانت إسرائيل قد نظمت في العاصمة الأوزبكية طشقند أول مؤتمر اقتصادي مشترك بينها وبين دول آسيا الوسطى في مارس 1992 لبحث احتياجات تلك الدول من المشروعات والمساعدات الاقتصادية والدور الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل في تلبيتها. وخلال الشهور والأعوام التالية كانت هذه المشروعات قد بدأ يجري تنفيذها بالفعل(7).  

وهكذا بدأت الوفود الحكومية في إسرائيل بالقيام بزيارات رسمية لدول آسيا الوسطى في سباق من الزمن لتثبيت أقدامها في مشروعات استثمارية قوية وصلت لحد الهيمنة في أهم المجالات مثل الطاقة (النفط والغاز الطبيعي)، المعادن والثروة الباطنية، الزراعة والثروة الحيوانية، الصناعة، الاتصالات، البنوك والأنظمة المالية والمصرفية، والإدارة والتنمية البشرية، الفضاء والأبحاث العلمية وغيرها من المجالات.

ولم تكتف إسرائيل بمجرد التواجد الاستثماري، لكنها سعت جاهدة إلى تواجد حقيقي ورسمي يسمح لها بتنفيذ أجندتها فيما بعد على كافة المستويات، ولتثبيت هذا التواجد اتخذت الحكومة الإسرائيلية عدة إجراءات منها:

  • إنشاء غرفة للتجارة والصناعة خاصة فقط بالعلاقات مع دول آسيا الوسطى.
  • تأسيس بنك للمعلومات الاقتصادية ودليلاً للمجالات التي يستطيع الإسرائيليون الاستثمار فيها.
  • سن قوانين لحماية تلك الاستثمارات والإعفاءات الجمركية وغيرها.
  • تبادل العلاقات على المستوى الرسمي مع تلك الدول، ومن ثم بدء الوفود الحكومية في إسرائيل بتكثيف الزيارات الرسمية للمسئولين في هذه الدول.
  • تنظيم هجرات يهودية من بعض تلك الجمهوريات إلى إسرائيل لاستغلال الموروث الديني في بناء جسور من العلاقات السياسية والاقتصادية(8).
  • إشراك الخبرات الإسرائيلية في المشاريع الاقتصادية من خلال تولي خبراء إسرائيليين إدارة المشاريع المشتركة وتطوير البنية الاقتصادية.
  • إنشاء خطوط نقل الغاز من دول آسيا الوسطى والعمل على إيجاد منافذ لتوريد المنتجات النفطية خارج المنطقة العربية.

وقد أدت هذه الإجراءات في مجملها إلى جذب المزيد من الشركات والاستثمارات الإسرائيلية إلى دول آسيا الوسطى، وخلال سنوات قليلة ارتفع حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وتلك الدول.

ومن ناحية أخرى، سخرت إسرائيل كافة الوسائل السياسية للنفاذ إلى دول آسيا الوسطى من بينها إقامة العلاقات الدبلوماسية مع تلك الدول من خلال فتح سفارات لها في هذه الدول. هذا بالإضافة إلى تبادل الزيارات الرسمية بهدف ترسيخ العلاقات السياسية بين الجانبين. فعلى سبيل المثال قام “نور سلطان نزار باييف” رئيس جمهورية كازخستان بزيارة إسرائيل في فبراير عام 1993 بناءً على دعوة من حكومة “رابين” التي سعت إلى إقامة علاقات وثيقة مع جمهورية كازخستان. وفي عام 1994 قام نائب رئيس الوزراء التركمانستاني بزيارة رسمية إلى إسرائيل، وقام وقتئذ “شمعون بيريز” برد الزيارة. كما دأبت إسرائيل أيضا على المشاركة في قمم دول آسيا الوسطى(9).

ولم يقف الأمر عند البعدين الاقتصادي والسياسي فحسب، بل ارتكزت الاستراتيجية الإسرائيلية أيضا في تحقيق أهدافها على البُعد العسكري الذي يصاحبه بُعد استخباراتي، لاسيما وأن المنطقة قريبة من إيران العدو التاريخي لإسرائيل. وقد ساعد على هذا التواجد العسكري والاستخباراتي ما قامت به الإدارة الأمريكية من حروب ضد ما أسمته “الإرهاب” أو “الأصولية الإسلامية”، الأمر الذي ساهم في توفير مظلة جديدة لإطلاق يد الكيان الصهيوني في نشاط عسكري استخباراتي محموم في آسيا الوسطى. في وقت بدأت فيه واشنطن في تأسيس قواعد عسكرية في أوزبكستان وغيرها من الدول ضمن استراتيجية تستهدف توسيع الهيمنة الأمريكية في آسيا وبسط نفوذها(10). وعليه فقد سعت إسرائيل إلى عرض خدماتها الأمنية والاستخباراتية لمساعدة أنظمة الحكم في تلك الدول لمجابهة الحركات الأصولية، إذ بدأت في عقد التسعينات من القرن المنصرم في تنظيم دورات لتدريب كوادر أجهزة المخابرات في دول آسيا الوسطى على أساليب مكافحة ما سُمي “بالإرهاب”. كما قامت الشركات الإسرائيلية الضخمة بدور محوري في تزويد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في العديد من دول آسيا الوسطى بالتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك وضع أنظمة مراقبة حديثة بهدف معاونة الأنظمة السياسية في تلك الدول على تتبع وملاحقة العديد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان والصحفيين داخل وخارج أوطانهم، الأمر الذي أدى إلى تورط تلك الأنظمة السياسية في انتهاكات لحقوق الإنسان. فقد سجلت تقارير أعدتها منظمة “هيومان رايتس ووتش” “Human Rights Watch” الدولية تدهورا في أوضاع حقوق الإنسان في كل من كازخستان وأوزبكستان، بما في ذلك تزايد فرض القيود على حرية الرأي والتعبير(11).

وقد لجأت إسرائيل أيضا إلى أدوات القوة الناعمة وفي مقدمتها التبادل الثقافي، حيث تم افتتاح فرع للوكالة اليهودية “سحتوت” في العاصمة الأوزبكية طشقند لتنظيم هجرة اليهود الأوزبك إلى إسرائيل، وكان عدد هؤلاء يبلغ نحو (120) ألفا، وتم بالفعل تهجير أكثر من سبعين ألفا منهم. كما تم افتتاح مركز ثقافي صهيوني في طشقند يعمل بنشاط على الترويج للثقافة والأفكار الصهيونية، فضلاً عن تعليم اللغة العبرية.

وهكذا استطاعت إسرائيل أن تحقق تغلغلاً سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا في دول آسيا الوسطى، وذلك من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف على كافة الأصعدة(12).

  • أهداف الكيان الإسرائيلي في منطقة آسيا الوسطى:

سعت إسرائيل لتحقيق مجموعة من الأهداف من خلال تغلغلها الاستراتيجي في دول آسيا الوسطى والتي تتمثل فيما يلي:

  • سياسيا:
  • تحييد دور العرب والمسلمين في آسيا الوسطى والحد من تطوير علاقتهما المشتركة، خشية أن تكون لهذه العلاقات تداعياتها السلبية على إسرائيل، وأن تفضي إلى أن يكون الميزان العسكري في غير مصلحة إسرائيل(13).
  • وصول إسرائيل إلى مركز نفوذ في الشرق الأوسط يتيح لها التأثير في تشكيل الاستراتيجيات في مناطق العالم وعدم حصر نفسها في الإطار الجغرافي للشرق الأوسط وحده(14).
  • إضعاف نفوذ إيران في تلك المنطقة واستخدام دول آسيا الوسطى كورقة ضغط على طهران لتهديدها.
  • سعي الكيان الإسرائيلي وبدعم أمريكي وغربي إلى تقييد الدور الروسي في منطقة آسيا الوسطى، والظهور كقوة إقليمية تلعب دورا مؤثرا في المنطقة معززة بذلك نفوذها العالمي(15).
  • التأكيد على دورها الوظيفي المنوط بها لصالح الغرب والولايات المتحدة، وذلك بالعمل على منع التوسع الصيني في المنطقة وتقييد دور الصين كقوة عظمى(16).
  • سعي إسرائيل إلى الربط بين دول آسيا الوسطى والشرق الأوسط، إذ أن جذب دول آسيا الوسطى في المشروع الشرق أوسطي يستحدث واقعا جديدا في الشرق الأوسط لعلاج الخلل الكائن فيها من خلال ضم دول غير عربية مثل دول آسيا الوسطى والقوقاز من الشرق وأثيوبيا من الجنوب.
  • تعزيز هوية إسرائيل وشرعيتها والعمل على تحسين صورتها لدى الأوساط الآسيوية.
  • اقتصاديـا:
  • الاستحواذ على مواقع الثروة ومصادر الطاقة وذلك في ضوء الثروات الهائلة والمعادن الاستراتيجية التي تمتلكها تلك الدول الخمس.
  • سعي إسرائيل إلى خلق فضاء اقتصادي خلفي لها في آسيا من خلال تعزيز علاقاتها التجارية مع دول آسيا الوسطى(17).
  • سعي إسرائيل إلى أن تكون محطة لاستيراد نفط آسيا الوسطى وبحر قزوين.
  • تأمين خط “جيهان” النفطي إذ تسعى تل أبيب لتأمين منابع النفط التي تغذي خط الأنابيب الذي يمتد من أذربيجان ثم جورجيا حتى ميناء جيهان التركي ثم إلى ميناء “عسقلان” المحتل.
  • ربط اقتصاد دول المنطقة بالاقتصاد الإسرائيلي وذلك بهدف تقويته من خلال فتح أسواق تلك الدول لمنتجاته واستثماراته والتحكم في تلك الدول اقتصاديا.
  • أمنيـا وعسكريـا:
  • يُعد الوجود الإسرائيلي من الناحية الجغرافية مهم جدا في تلك المنطقة، فإسرائيل ترى في آسيا منطقة عمق، وذلك لامتداد البحر الأحمر كشريط له إطلالة عسكرية.
  • محاربة أي نموذج “أصولي إسلامي” يكون مقربا من فكر القاعدة أو من الفكر السلفي الجهادي، إذ تُشير وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها إلى أن مواجهة خطر الحركات الجهادية قد باتت تمثل قاسما مشتركا بين إسرائيل وتلك الدول.
  • تكثيف التواجد الإسرائيلي العسكري والأمني في تلك الدول والاستفادة من بيع الأسلحة والتعاون الاستخباري معها.
  • إقامة تدريبات ومناورات وتبادل خبرات فنية وعسكرية مع دول المنطقة(18).
  • تبديد أي محاولة من هذه الدول لتصدير تقنيات نووية أو حتى أسلحة ورثتها عن الإمبراطورية السوفيتية السابقة إلى دول أو مجموعات إرهابية معادية مثل إيران، أو حتى باكستان أو تنظيمات إرهابية مثل القاعدة.
  • ثقـافيـا:
  • العمل على توظيف العامل الثقافي والجاليات اليهودية في آسيا الوسطى بما يُسهم في تعزيز العلاقات السياسية والثقافية والتجارية مع تلك الدول، وذلك من خلال تنظيم هجرات يهودية من مواطني هذه الدول إلى إسرائيل(19).
  • العوامل التي ساعدت الكيان الإسرائيلي على التوغل في منطقة آسيا الوسطى:

وتتمثل العوامل التي ساعدت على تعبيد الطريق لإسرائيل لاختراق منطقة آسيا الوسطى فيما يلي:

  1. ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية بالدور الصهيوني في دول آسيا الوسطى ومساهمة الإدارات الأمريكية المختلفة في دعم مشاريع التعاون الإسرائيلية مع دول المنطقة سياسيا واقتصاديا، مستغلة تعطش هذه الدول للانفتاح على الولايات المتحدة والغرب والتخلص من التبعية لموسكو(20). ومما لا شك فيه أن هذا الدور الأمريكي الداعم يأتي في إطار الاستراتيجية الأمريكية للهيمنة على المنطقة كخلفية من خلفيات استراتيجياتها الهادفة إلى محاولة الهيمنة على العالم، والحيلولة دون هيمنة روسيا على النفط والعمل على تحييد دور إيران، والحيلولة دون امتداد النفوذ الصيني من الشرق(21).
  2. عدم وجود عداء تاريخي بين إسرائيل ودول آسيا الوسطى، مما جعل فرص وإمكانات التعاون المشترك بين الجانبين ممكنة، خاصة في ظل ما شهدته هذه الدول من ضعف في هيكلها الأمني والسياسي والاقتصادي في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلال تلك الدول. الأمر الذي شكل فرصة ذهبية لإسرائيل لزيادة تقاربها من تلك الدول لتلبية احتياجاتها من حيث التعاون العسكري، والاستثمارات الاقتصادية أو تزويدها بالمعونة الفنية التي هي في أمس الحاجة إليها(22).
  3. محدودية الدور العربي والإسلامي في المنطقة، فعلى الرغم مما تمثله منطقة آسيا الوسطى من أهمية استراتيجية وجيوسياسية كبيرة وخاصة للمنطقة العربية، إذ تُعد المنطقة امتدادا طبيعيا للأمن القومي العربي، فضلاً عن ثرواتها الثمينة، إلا أن مستوى العلاقات بين المنطقة والمحيط العربي مازال ضعيفا والحضور العربي هناك مازال محدودا، الأمر الذي مهد الطريق لإسرائيل لتثبيت أقدامها في المنطقة(23).
  4. التقارب الإسرائيلي التركي الذي مهد الطريق لدخول تل أبيب بقوة إلى تلك الدول خاصة وأن أنقرة لديها علاقات قوية مع هذه الدول، وتنظر إلى كثير منها على أنها جزء من الأمة التركية، إذ ينطق معظمها باللغة التركية. هذا بالإضافة إلى حرص أنقرة على تعزيز علاقاتها مع الدولة العبرية ومن ثم سعيها إلى تسهيل عملية التغلغل الإسرائيلي في دول آسيا الوسطى. وتأمل إسرائيل في أن تفتح أنقرة الطريق أمامها إلى هذه الدول، مقابل فتح الطريق التركي للولوج في منطقة الشرق الأوسط، كما تسعى أنقرة إلى إرساء قواعد نظام إقليمي في آسيا الوسطى تحت زعامتها وقيادتها بحكم خبراتها التاريخية ونفوذها السياسي وثقلها الدولي وباعتبارها الوريث الحضاري والثقافي لهذه المنطقة حتى انهيار الإمبراطورية العثمانية(24).
  5. مهدت الجاليات اليهودية في دول آسيا الوسطى الطريق للتغلغل الصهيوني، وذلك في ظل ما تتمتع به هذه الجاليات من قوة سياسية ومالية. وقد اهتمت إسرائيل بتلك الجاليات اليهودية وسعت إلى تهجيرهم إلى إسرائيل، لمعالجة الخلل الديمغرافي هناك، حيث شهد عام 1989 تدفقا كبيرا من الهجرة اليهودية من دول آسيا الوسطى، حيث بلغ عدد المهاجرين 1.45 مليون مهاجر إلى إسرائيل. الأمر الذي سهل فيما بعد على تل أبيب إيفاد بعض المختصين إلى دول هذه المنطقة من قدامى اليهود المهاجرين الذين يعرفون هذه البلاد ويتقنون لغتها ويعرفون كيفية التعامل معها وكيفية اختراقها(25).

وفي ضوء ما تقدم استطاعت إسرائيل تأسيس شراكة استراتيجية مع دول آسيا الوسطى ترتكز بالأساس على تطوير شراكات اقتصادية، بالإضافة إلى تطوير علاقاتها السياسية والعسكرية والاستخباراتية والثقافية مع هذه الدول. وهكذا نجحت دولة الكيان الصهيوني في اختراق الأنظمة السياسية لهذه الدول مستغلة حاجتها إلى إعادة بناء قدراتها الأمنية والعسكرية لتعزيز حكمها بما في ذلك التصدي لحركات الأصولية الإسلامية المعارضة لها والتي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة(26).

  • دول آسيا الوسطى ومحدودية الحضور العربي:

ترتبط دول آسيا الوسطى بالعالم العربي من خلال العديد من القواسم والمشتركات التاريخية والثقافية والحضارية أبرزها رباط الدين الذي تحول إلى وشيجة ثقافية لا تزال تجلياتها حاضرة حتى اليوم. وجدير بالذكر أن آسيا الوسطى وإن لم تكن في تماس جغرافي مباشر مع أي من البلدان العربية، إلا أن جمهورياتها ليست بعيدة عنها، بل إن بعض هذه الجمهوريات أقرب إلى بعض الدول العربية من بلدان عربية أخرى. ولا تعود الأهمية الاستراتيجية لآسيا الوسطى بالنسبة للعالم العربي إلى قرب موقعها الجغرافي فقط، بل تعود أيضا إلى ما تملكه من موارد الطاقة الهائلة مثل النفط والغاز الطبيعي. هذا فضلاً عن كونها منطقة تجارية مهمة للاستثمارات العربية وسوقا واسعا للسلع والمنتجات العربية(27). كما تتمتع منطقة آسيا الوسطى أيضا بأهمية جيوسياسية كبيرة بالنسبة للمنطقة العربية، إذ تُعد هذه المنطقة امتدادا طبيعيا للأمن القومي العربي(28).

وبينما اهتمت إسرائيل ومنذ وقت مبكر باختراق دول آسيا الوسطى بأكملها، وكانت لديها استراتيجية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية وعسكرية وثقافية، نجد أن الدول العربية قد تأخرت كثيرا في الاتصال والتعاون مع تلك الدول، نظرا لعدم وجود رؤية واستراتيجية مدروسة ومخططة. وقد أفضى ذلك في مجمله إلى محدودية الحضور العربي في منطقة آسيا الوسطى على كافة الأصعدة(29).

فعلى الصعيد السياسي، يرتبط حوالي نصف الدول العربية بعلاقات دبلوماسية مع أربعة من دول آسيا الوسطى (كازاخستان، أوزبكستان، طاجيكستان، تركمنستان)، ومن الملاحظ أن التمثيل الدبلوماسي غير مقيم في عدد غير قليل من الحالات. فعلى سبيل المثال تتبادل كازخستان التمثيل الدبلوماسي مع 9 دول عربية منها خمسة تمثيل مقيم هي: مصر والسعودية والإمارات وسوريا وليبيا وأربعة غير مقيم هي: البحرين وسلطنة عُمان وقطر والكويت.

من ناحية أخرى ورغم التعاون الاستراتيجي بين إسرائيل ودول المنطقة اتخذت معظم جمهوريات آسيا الوسطى مواقف داعمة ومؤيدة للقضايا والحقوق العربية في المحافل الدولية، وبصفة خاصة القضية الفلسطينية بما في ذلك دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وفقا لقرارات الشرعية الدولية(30).

من ناحية أخرى نجد أن دول آسيا الوسطى قد حرصت على أن تنأى بنفسها عن المشاركة في أية قرارات أو مبادرات جماعية ضد إسرائيل، ومما يدلل على ذلك عزوفها عن المشاركة في أنشطة منظمة التعاون الإسلامي خلال فترة الرئاسة الإيرانية للمنظمة ما بين 1997-2000، الأمر الذي عكس مدى حرصها على إبعاد تداعيات الصراع العربي-الإسرائيلي عن أي إطار للتعاون بينها وبين إسرائيل(31).

وتتوافق مواقف دول آسيا الوسطى مع نظيرتها العربية فيما يتعلق بالحد من الانتشار النووي وإنشاء مناطق خالية من السلاح النووي، بالإضافة إلى أهمية تضافر الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب ومواجهة الإسلاموفوبيا، والعمل على تحسين الصورة النمطية للمسلمين لدى الرأي العام الدولي.

ومما يدلل على هذا التوافق بين الجانبين ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة من حيث إدراج التنظيمات الإرهابية الشهيرة في جنوب ووسط آسيا على قائمة دولة الإمارات للتنظيمات الإرهابية التي تم إصدارها في شهر نوفمبر عام 2014. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة ضربة قوية لمنظمة “حركة تركستان الشرقية الإسلامية” و”الحركة الإسلامية الأوزبكية” تلك التنظيمات الإرهابية التي تمثل تهديدا جوهريا لأمن واستقرار منطقة آسيا الوسطى(32).

وعلى الصعيد الاقتصادي، توضح مؤشرات التعاون الاقتصادي العربي مع دول منطقة آسيا الوسطى أن التفاعل مازال أقل بكثير من الإمكانيات المتاحة، ومن تطلعات دول هذه المنطقة وطموحها. إذ يبدو حجم الاستثمارات العربية محدودا للغاية، وتعتبر الإمارات ومصر وقطر والسعودية وسلطنة عُمان من أبرز المستثمرين العرب في المنطقة.

فعلى سبيل المثال لا تتجاوز الاستثمارات العربية في طاجيكستان 2% من حجم الاستثمار الأجنبي فيها. وفي أوزبكستان تعمل 68 شركة بمشاركة مستثمرين من الإمارات، ورغم هذا يبلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية الموظفة في اقتصاد أوزبكستان 31.5 مليون دولار فقط.

وفيما يتعلق بحجم التبادل التجاري بين دول المنطقة والعالم العربي، فهو محدود ويكاد ينعدم مع بعض الدول. فعلى سبيل المثال ورغم أهمية جمهورية كازخستان نجد أن تجارة الدول العربية مجتمعة معها تمثل 1% فقط من إجمالي تجارة كازخستان وفق تقديرات عام 2008. ورغم كون الإمارات هي رابع أكبر شريك تجاري لتركمنستان، إلا أنها لا تستأثر سوى بـ 4.3% من صادراتها و7.9% من وارداتها وذلك وفق تقديرات عام 2011. وقد سجلت تجارة الإمارات أكبر شريك تجاري عربي مع أوزبكستان تليها مصر، ثم الكويت والسعودية على التوالي. ويمكن تفسير محدودية التبادل التجاري بين الطرفين لعدة أسباب من بينها مشكلة النقل، فدول المنطقة حبيسة وليس لها منافذ على البحار المفتوحة، وتعثر تجربة خطوط الطيران المباشرة بين بعض الدول العربية ودول المنطقة، عدم توافر المعلومات الكافية عن أسواق تلك الدول واحتياجاتها ومتطلباتها، والمنافسة الشديدة التي تواجهها منتجات الدول العربية في أسواق هذه الدول من جانب الدول الأخرى، لاسيما الصين وتركيا وكوريا، وضعف التسويق والإعلان عن المنتجات العربية هذا إلى جانب عدم وجود بنوك مشتركة.

وعلى الصعيد الثقافي، تقتصر العلاقات الثقافية بين الجانبين على قيام بعض الدول العربية بافتتاح مؤسسات ثقافية وتعليمية في عدد من دول المنطقة مثل جامعة نور-مبارك للدراسات الإسلامية في ألماتا بكازخستان والتي افتتحت عام 2001، والمركز الإسلامي القطري “نور أستانة” الذي تم افتتاحه عام 2005. وعلى صعيد آخر ساهمت بعض الدول العربية في إقامة مؤسسات وتمويل مشروعات اجتماعية مثل التمويل السعودي لإنشاء مركز لجراحة القلب في أستانا/كازخستان، وتمويل الكويت لمشروع توفير مياه الشرب لمنطقة بحر آرال بكازخستان. يضاف إلى ذلك تقديم المنح الدراسية لأبناء المنطقة من قبل الأزهر الشريف والجامعات الإسلامية السعودية والقطرية.

وعلى الرغم من القواسم الثقافية المشتركة والتقارب الديني والحضاري بين الجانبين، إلا أن الدول العربية قد أضحت عاجزة عن تأسيس علاقات استراتيجية مع دول آسيا الوسطى. في الوقت الذي نجحت فيه إسرائيل في اختراق هذه الدول وإقامة شراكة استراتيجية معها على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستخباراتية والثقافية(33).

  • رؤية مستقبلية:

لقد بات واضحا أن الدور الصهيوني المقبل في آسيا الوسطى هو في حقيقة الأمر دور مستقبلي له الكثير من الأبعاد الاستراتيجية، الأمر الذي قد يُلقي بظلاله على مستقبل العلاقات بين دول آسيا الوسطى والبلدان العربية. وعليه فإنه يمكن تصور سيناريوهين مستقبليين في هذا الشأن.

  • السيناريو الأول: يرجح تأثير التغلغل الإسرائيلي سلبا على العلاقات بين دول آسيا الوسطى والبلدان العربية:

ويرتكز هذا السيناريو على أنه من بين أهداف إسرائيل بالتضامن مع الولايات المتحدة هو منع تسرب تقنية الصواريخ وغيرها من الأسلحة التقليدية والموارد والخبرات النووية الموروثة عن العهد السوفيتي إلى البلدان العربية، حرصا على احتفاظ إسرائيل بتفوقها العسكري النوعي وإطباق العزلة على البلدان العربية ومنعها من الدخول في النادي النووي، بما في ذلك تطوير قدراتها وخبراتها النووية.

ولا شك أن هذا المتغير سيؤثر في العلاقات بين البلدان العربية ودول آسيا الوسطى، حيث ستميل الأخيرة إلى تسخير خبراتها لإسرائيل، لاسيما أن إسرائيل والولايات المتحدة قد عملا على استخدام وسائل الترغيب تجاه دول آسيا الوسطى، ومن ضمنها دعمها بالمساعدات الاقتصادية.

ومن بين الأهداف التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها أيضا ضم دول آسيا الوسطى بالتدريج إلى منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها عنصرا جديدا مهما للمشروع الأمريكي-الإسرائيلي المُسمى بـ “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد”، وتبذل إسرائيل كل ما بوسعها من أجل دخول هذه الدول إلى الشرق الأوسط وذلك وفقا للشروط التي تعكس مصالحها ومن بينها بقاء هذه الدول علمانية. كما تسعى إسرائيل أيضا إلى توظيف علاقاتها الاستراتيجية مع دول آسيا الوسطى للتصدي للنفوذ الإيراني المتصاعد في المنطقة.

ومن المرجح أن تؤدي هذه التوجهات الإسرائيلية إلى حدوث اختلال واضح في موازين القوى في المنطقة، خاصة حال حدوث أي مواجهة سياسية أو اقتصادية بين دول آسيا الوسطى المؤيدة لإسرائيل وإيران، الأمر الذي ينعكس في مجمله سلبا على الأمن القومي العربي وعلى العلاقات بين دول آسيا الوسطى والعالم العربي.

  • السيناريو الثاني: يتعلق بعدم تأثير التغلغل الإسرائيلي على علاقات دول آسيا الوسطى والعالم العربي:

ويرتبط تحقيق هذا السيناريو بوجود إرادة سياسية جادة لدى البلدان العربية للتواجد والحضور الفاعل في منطقة آسيا الوسطى، وذلك وفق استراتيجية مُحكمة لتنشيط علاقاتها مع تلك الدول على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. ويمكن للبلدان العربية أن يكون لها شأن في هذا المجال إذا أحسنت تقديم خبراتها في المجالات الزراعية والتجارية والاقتصادية لهذه الدول، ناهيك عن إمكانية التعاون مع هذه الدول في المجال النفطي والاستفادة من الخبرات العربية في هذا المجال. كما يمكن للبلدان العربية أيضا توظيف المشتركات الثقافية والدينية من أجل تعزيز العلاقات مع هذه الدول(34).

والواقع أنه قد لا يتفق بعض الخبراء والمحللين السياسيين مع الرؤية بأن فرصة العرب داخل آسيا الوسطى قد سحبتها إسرائيل من تحت أقدامهم، وذلك في ضوء وصول التغلغل الإسرائيلي إلى مستوى قد بات يُهدد العلاقات بين تلك الدول والعالم العربي. إلا أنه من ناحية أخرى فمن المرجح أن تفعيل الوجود والحضور العربي في آسيا الوسطى ليس بالأمر السهل لأنه يحتاج إلى وضع استراتيجية عمل حقيقية لتأطير التعاون مع هذه الدول بما في ذلك تأسيس آليات عمل مشتركة للتعاون بين الجانبين. كما يتطلب الأمر أيضا تضافر جهود كافة المؤسسات العربية الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية، بهدف تعزيز العلاقات مع هذه الدول وتوظيفها بما يخدم القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.


(1) عدنان عدوان، مخاطر التغلغل الصهيوني في آسيا الوسطى، مجلة الوحدة الإسلامية، كانون الثاني 2017، العدد (181)، www.tajamoo.com

(2) د. حنان أبوسكين، بين الصراع والتعاون: التنافس الدولي في آسيا الوسطى، المركز العربي للبحوث والدراسات، 10 يونيو 2014، www.acrseg.org

(3) عدنان عدوان، مخاطر التغلغل الصهيوني في آسيا الوسطى، مرجع سابق.

(4) د. مصطفى يوسف اللداوي، الكيان الصهيوني في القوقاز وآسيا الوسطى، طبيعة وأهداف التواجد، تشرين ثاني 2013، مجلة الوحدة الإسلامية، العدد 143، www.wahdaislamyia.org

(5) محمد أحمد يوسف، جريدة البيان بتاريخ 25 يناير 2002، www.albayan.com

(6) د. مصطفى يوسف اللداوي، الكيان الصهيوني في القوقاز وآسيا الوسطى، مرجع سابق.

(7) صلاح الصيفي: التغلغل الاقتصادي لإسرائيل في منطقة دول آسيا الوسطى، الإسلام اليوم، 6/8/2007، www.islamtoday.net

(8) علاء فاروق، إسرائيل ودول آسيا الوسطى: مصالح متبادلة أم استغلال صهيوني؟ 26 سبتمبر 2001، جريدة الحقول، www.alhoukoul.com

(9) التغلغل الإسرائيلي في دول آسيا الوسطى وانعكاساته على علاقاتها مع المنطقة العربية، مجلة المعركة، عدد 9 يوليو 2016، الإعلام المركزي، مفوضية الشؤون الإعلامية، تيار المقاومة والتحرير، فلسطين، www.alma3raka.net

(10) علاء فاروق، إسرائيل ودول آسيا الوسطى: مصالح متبادلة أم استغلال صهيوني، مرجع سابق.

(11)  Oded Yaron, Israeli High-tech companies helping Central Asian regimes spy on citizens, report says, Haaretz, 20/11/2014, www.haaretz.com

(12) صلاح الصيفي، التغلغل الاقتصادي لإسرائيل في منطقة آسيا الوسطى، مرجع سابق.

(13) عدنان عدوان، مخاطر التغلغل الصهيوني في آسيا الوسطى، مرجع سابق.

(14) أحمد حسين الشيمي، آسيا الوسطى حضور إسرائيلي وغياب عربي، شبكة الألوكة www.alukah.net

(15) تأثير النفوذ الإسرائيلي على أوراسيا، www.alwaght.com

(16) د. مصطفى يوسف اللداوي، الكيان الصهيوني في القوقاز وآسيا الوسطى، مرجع سابق.

(17) د. محمود الفطافطة، إسرائيل ودول آسيا الوسطى، البدايات وآفاق الشراكة الاستراتيجية، قضايا إسرائيلية، العدد 71، مركز مدار، www.madarcenter.org

(18) تأثير النفوذ الإسرائيلي على أوراسيا، مرجع سابق.

(19) د. محمود الفطافطة، مرجع سابق.

(20) د. مصطفى يوسف اللداوي، الكيان الصهيوني في القوقاز وآسيا الوسطى، مرجع سابق.

(21) التغلغل الإسرائيلي في دول آسيا الوسطى وانعكاساته على علاقاتها مع المنطقة العربية، مرجع سابق.

(22) صلاح الصيفي، التغلغل الاقتصادي لإسرائيل في منطقة آسيا الوسطى، مرجع سابق.

(23) علاء فاروق، إسرائيل ودول آسيا الوسطى: مصالح متبادلة أم استغلال صهيوني، مرجع سابق.

(24) التغلغل الإسرائيلي في دول آسيا الوسطى وانعكاساته على علاقاتها مع المنطقة العربية، مرجع سابق.

(25) د. تركي صقر، بعد أفريقيا… مخاطر التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى، جريدة تشرين بتاريخ 26 كانون الأول 2018، www.tishreen.news.eg

(26)  Marlene Laruelle, Israel and Central Asia: Opportunities & Limits for Partnership in a Post-Arab Spring World, The German Marshall Fund of the United States “Foreign Policy & Civil Society Program”, 9th July 2012, www.gmfus.org.

(27) إبراهيم عرفات، الدول العربية وجمهوريات آسيا الوسطى.. خلفيات مهمة، موقع الجزيرة، www.aljazeera.net

(28) علاء فاروق، إسرائيل ودول آسيا الوسطى: مصالح متبادلة أم استغلال صهيوني، مرجع سابق.

(29) د. أحمد ثابت، آسيا الوسطى بين التنافس الدولي والتغلغل الإسرائيلي، 2002.

(30) العلاقات العربية مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان، ديسمبر 2013، وثائق لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

(31)  Marlene Laruelle, Israel and Central Asia: Opportunities & Limits for Partnership in a Post-Arab Spring World.

(32) د. مروة نظير، أسباب وآليات التوجه الخليجي نحو آسيا الوسطى، 23 ديسمبر 2014، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، www.futureuae.com

(33) العلاقات العربية مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان، وثائق لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مرجع سابق.

(34) التغلغل الإسرائيلي في دول آسيا الوسطى وانعكاساته على علاقاتها مع المنطقة العربية، مرجع سابق.

اظهر المزيد

سامية بيبرس

وزير مفوض- الامانة العامة لجامعة الدول العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى