2021العدد 185ملف ثقافي

الأدب والعلم … تعانق أم تنافر؟

رغم أنَّ كثيرًا من نقاد الأدب يتوسلون بعطاء العلوم الإنسانية في فك شفرات وتأويل وتحليل النصوص الأدبية؛ إلَّا أنَّ بعضهم يجفلون من أن يكون الفن منطويًا على أفكار، وينزعون بالكلية إلى فنون محضة، خالية من أي فكرة، وبعيدة عن أي عطاء علمي، وكأنَّ هذا من الممكن تحقيقه بالفعل، أو حتى ممكن وجوده في الواقع المعيش.

ويتكئ هؤلاء في حكمهم على أنَّ الفن ذاتي، وتحضر فيه الصنعة ووسيلته الحدس والوجدان والبصيرة ويتغير بتغير المستعمل ويبحث عن الجمال، وهو يتناول الحياة كما نتمنى أن تجري أو نتخيل جريانها، وينشغل بالصورة الإجمالية أو الكليات. أمَّا العلم فهو جماعي ويحضر فيه الحكم الجازم، ووسيلته العقل ويبحث عن المنفعة، وهو قابل للقياس ويتناول الحياة كما تجري، وينشغل بالتفاصيل الدقيقة.

وعلى هذا المنوال – تشارك الفلسفة الفن في هذه النظرة عند هؤلاء النقاد، إذ أنَّها تنزع هي الآخرى إلى الذاتية، ففي نظر الفيلسوف والأستاذ بجامعة السوربون (مرسيل كونتش) فإنَّ كل فلسفة نتاج صاحبهاعلى العكس من النظريات العلمية البحتة التي ليس بوسعنا أن نقول أنَّها نتاج صاحبها وحده.

فالفلسفة يتَّسع موضوعها متحللًا من ضيق يقتضيه طرح فروض ما لإثباتها أو نفيها، “ولها إطارها النسقي أو المذهبي الشامل الذي بوسعه أن يسترفد مادته من العلم والتاريخ والفن والتجارب الشخصية، وكل ما يمكن أن يستخلص منه تجريد أو تعميم، ويلتئم في مركب متسق، أو وحدة نظرية”([1]).

ولذا نقول(فلسفة أفلاطون)و(فلسفة ديكارت)، لكن لا يمكن أن نقول (الميكانيكا الكوانتية) هي نتاج (هايزنبرج) وحده – لاسيما أنَّه قد أقر بهذا حين قال في مقدمة أحد كتبه: “من المباحثة تشكَّلت مادة هذا الكتاب الذي يحاول أن يُفهِم القارئ كيف يتشكل العلم من المباحثة؟”

ويمضي (كونش) متسائلًا: هل في إمكاننا تصور أنَّ (ديكارت) ألَّف كتاب (مقال في المنهج) بعد أن يكون قد تباحث مع هذا أو ذاك؟ فأقوال (ديكارت) نفسه تُبيّن أنَّ الأمر كان على العكس من ذلك تمامًا، فهو يقر بعزلته في ألمانيا حين كان يكتب كتابه هذا، الذي ساهم في تغيير وجهة العقل الأوروبي، وكيف أنَّه كان يختلى بنفسه في غرفة؛ ليتفرغ للتباحث مع أفكاره.([2])

لكنَّ الدراسات النقدية حول (التناص) خاصةً ما أنتجته الأديبة وعالمة اللّسانيات والنفس – الفرنسية من أصل بلغاري – (جوليا كريستيفا)، وكذلك الدراسات النفسية عمَّا يستقر في اللاشعور ويؤثر فينا، ويخرج منَّا في المواقف والمواضع والتفكير، بوسعهما أن تجعلا مسألة (الذاتية) المحضة في الفن أو في الفلسفة أشبه بالوهم إلَّا إذا كنَّا نتحدث عن الأمر من زاوية نسبية، فنقول أنَّ نسبة الإبداع الذاتي في الفن والفلسفة أكبر بكثير من نسبتها في العلم الذي يقوم على المباحثة والتراكم.

لقد سبق أن نصح (عباس محمود العقاد) الذين يريدون أن يبدعوا في الشعر بأن يحفظوا ألف بيت ثم ينسونها، وبعدها يكتبون ما يريدون. أمَّا (يوسف إدريس) فحكى ذات يوم عن الطريقة التي يستحضر بها الإلهام كي يكتب قصصه البديعة بأنَّه يغرق في قراءة الشعر، حتى يستجلب اللَّحظة المناسبة للكتابة، فإن جاءت نحى ديوان الشعر جانبًا، وبدأ في كتابته السردية. وكثيرٌ من الروايات الشهيرة في تاريخ الأدب ألهمت كثيرًا من الأدباء بعد قراءتها، بل إنَّ رواية (مائة عام من العزلة) لـ(جابرييل جارثيا ماركيز)، التي ألهمت كثيرًا من كتاب (الواقعية السحرية)، جاءته بعد أن قرأ رواية المكسيكي  خوان رولفو (بدرو باراموا)، وذلك حين دخل عليه ناشر الرواية ورماها في وجهه وقال له: “إقرأ هذه الملعونة لعلك تتعلم الكتابة”.

لا يقف الأمر بالطبع عند نصيحة (العقاد) أو طريقة (إدريس)، فهناك ما هو أعمق من هذا بكثير حين نحلل تأثر النصوص الأدبية شعرية ونثرية، واللَّوحات الفنية بشتى المدراس التي تم توزيعها عليها، بكل ما أبدعه الأدباء والفنانون السابقون، وبحصيلة إطلاع الأدباء على علوم ومعارف شتى تزيد من وعيهم بالشخصيات والمواقف والأماكن التي يصورونها في أعمالهم. 

كما تُعد الثقافة الشفاهية والسماعية مصدرًا آخر لهم، فأي أديب أو فيلسوف تعرض منذ أن وعى بمن حوله – وهو ما يتحقق للفرد ابتداءً من سن الخامسة – لخبرات عديدة، إذ سمع ورأى الكثير، واختزن كل هذا في ذاكرته، واستدعاه في الوقت المناسب، سواء كان واعيًا هو أم غير واعٍ، بتلك الخبرة التي تراكمت لديه عبر السنين وعلمته كيف يرى الأشياء والأشخاص والظواهر بعين مختلفة عن غيره؟، لكنها ليست عين ذاتية محضة في كل الأحوال إنَّما فيها إسهام لآخرين مروا بحياة الأديب أو الفيلسوف، فالمعرفة ليست بين دفتي كتاب فحسب، بل هي أيضًا على ألسنة الناس، وفي تصرفاتهم ويمكن التقاطها بسهولة.

إنَّ اللَّحظة الجمالية للفنان أو الأديب لا تأتي بغتة، أو وفق تصور ميكانيكي فيبدع هو النصوص التي نقرأها، إنَّما الإبداع لديه يشبه الجهد الذي يبذله الصوفي في التدرج نحو المعرفة الكاملة، بل تبدو عملية الإبداع أعقد من أن تُنسَب إلى العفوية والذاتية وحدهما، فهناك حركة رأسية فيها من فكرة، أو صورة مبهمة في رأس الكاتب إلى نص يودع في كتاب أو إلى تقييم ضمني في ذهن القارئ إلى جانب الحركة الأفقية للنص بما هو مؤتلف من كلمات وجمل وفقرات متتابعة، وبذا فعملية الإبداع أشبه بالبذرة التي تدخل في مرحلة جنينية قد تكتمل في أسابيع وقد تطول سنين، وطيلة هذه المدة يتغذى الجنين بكل ما يصلح لنموه، ويتخذ الشكل الذي يناسب طبيعته واستعداده.([3])

ولم يقف الأمر في الحديث عن ذاتية الأدب إلى مبدعي النصوص فحسب، بل امتد إلى ناقديها أيضًا، فقد كثر ورود كلمتي (الذاتية) و(الموضوعية) في معرض الحديث عن (النقد الأدبي)، فبات يقال (ناقد موضوعي) و(ناقد ذاتي)، لكن الحقيقة يحتاج الفطري لدى الناقد والذي ينبع منه الجانب الذاتي إلى مكتسبات تفرض الجانب الموضوعي. فمع تعقد الحياة وتعقد النص المُبدع، أصبح هناك تأثير لعوامل أخرى في نظرة الناقد للنص منها ثقافته العامة، ودراسته للأدب والفلسفة وتاريخ النقد، والإلمام بمختلف العلوم والفنون، ومعرفته باللغات، وبعد كل هذا مزاولة العملية النقدية والتدرب عليها والتدرج فيها بصبرٍ وثباتٍ.([4])

وفضلًا عن الجانب المتعلق بـ(الذاتي والموضوعي)، هناك من يطالبون بالفصل بين الفن والعلم من زاوية الفروق القائمة بينهما في الأداة: إذ أنَّها هي العقل بالنسبة للعلم، والوجدان بالنسبة للفن. وكذلك فرق في الغايات، وفرق في النظرة والمنهج: فالعلم يعتمد على الحواس ويُخضع كل شيء للتجريب والفن يعتمد على الحدس. وفرق آخر في اللغة: فلغة العلم غير قابلة للتأويل، أمَّا لغة الفن فحمالة أوجه، والعلم كمي، والفن كيفي. وفرق كذلك في معيار الصدق والتثبت: فهو في العلم خارجي يعتمد على القياس الموضوعي، وفي الفن ذاتي داخلي وباطني. وهناك فرق في الثبات: فالعلم لديه مُكنة أكثر في مواجهة الإنكار والتشكيك والتناقض، بينما الفن محل اختلاف طيلة الوقت، ولا يستقر على حال.([5])

وفي المقابل فهناك من يركزون على وجود صلاتٍ ووشائج بين الفن والعلم من زاوية تقاطعهما وليس تطابقهما أو تماثلهما، وبالتالي فإنَّ الفصل بينهما غير طبيعي وغير حقيقي إنَّما التمييز بينهما ضروري، بحيث نعرف حدود التباعد وحدود التلاقي.

بل هناك من ينظر إليهما بوصفهما مركب واحد مع ثورة الاتصالات والتقنيات، وفي رأي هذا الفريق فإنَّ ما هو فنّ يُصلِحُ لأن يكون علامات متقدّمة يهتدي بها العلم، ففنون (البلاغة والأدب والعمارة والموسيقى والرّسم والتّصوير والنّحت) تصير علومًا- لاسيما أنَّ الفن لم يعد مجرّد لهو ومتعة، وليس مجرّد خلق لأشياء وعلاقات جميلة، وإن كان ينطوي عليها جميعًا، بل هو أيضًا يحمل رؤى إنسانيّة ومضمونًا اجتماعيًّا ويُعبّر عن موقف محدّد من الحياة.([6]) وعلى الطرف الآخر فإنَّ علوم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والفلك تستفيد من الفنون، وقد استعان بعض رواد علم النّفس مثل: (كارل غوستاف يونغ وسيجموند فرويد) بالفنّ في بناء حججهم.

ويتحدث المختصون في العلوم البحتة عن فضل الجمال والخيال عليهم، ففي محاضرة ألقاها سنة 1918 م ، قال(ألبرت أينشتاين) الذي كان يَشرِد في مراهقته متخيلًا أنَّه راكب شعاع الضوء وسابح في الفضاء:” إنَّ لي من شخصية الفنان ما يكفي لأنسج من خيالي ما أريد. هناك في الإبداع العلمي عنصرًا لا يمكن القبض عليه، إنَّها حالة شعورية في الباحث قريبة من حالة العاشق غير صادرة عن قرار عقلاني أو برنامج معين، بل عن حاجة شخصية”. وأزيد من هذا نجده يعترف بفضل الأدب الروائي عليه، ويقول: ” لو لم أقرأ قصة الجريمة والعقاب لـ(دوستويفسكي)، ربما لم أكن قد توصلت إلى النظرية النسبية.”([7])

وكان (نيوتن) يتحدث عن الإشراقات التي تأتيه فجأة بعد أن يظل مشغولًا بمسألة ما زمنًا طويلًا، دون أن يصل إلى نتيجة، وفجأة ينجلي له كل شيء. وتحدث (داروين) في نهاية كتابه (أصل الأنواع عن الجمال والجلال) الذي آتاه من عمق التفكير في المسألة التي شغلته.

 ورغم مثابرته لم يتوصل عالم الذرة (نيلز بوهر) في أبحاثه إلَّا لنتائج متناقضة تبعث على اليأس، لكنه حين قرأ من باب الترويح عن النفس، كتاب (ألبيرجليرز و جان ميتزنجرDu Cubisme ) أو التكعيبية في الرسم أشرقت مخيلته بنظرية المتمم في فيزياء الكم، وهي قفزة كبرى في تاريخ العلم. بينما كان عالم البيوكيمياء( روبرت روت) لا ينتظر الترفيه عن نفسه باللعب والتوصل إلى شيء مصادفة بل كان يؤمن بأنَّ  اللعب والتجريد وبناء النماذج وتمييز الأشكال والأنماط هي نفسها عند الصغار، وعند كبار العلماء والفنانين .

وفي الاتجاه الآخر، لم يكن (ليوناردو دافينشي) رسامًا عظيمًا فحسب، بل كانت له إسهاماته العلمية – لاسيما في مجال ميكانيكا السوائل مثلًا وفي الطيران وغيرهما. وكان (جاليليو) متدربًا في الرسم الرؤيوي(Visualization ) وحتى سن الخامسة والعشرين كان يُدرِّس الرسم الهندسي إلى تلامذة فن العمارة، وكان ولعه بالتحديد هو نفسه فن الظلمة والضوء وتوزيعهما في اللوحة. وقرأ الفنان الفرنسي (مارسيل دوشان) بعض الأعمال عن النظرية النسبية وتأثر بها، وهذا بان جليًا في لوحته (العارية التي تهبط الدرج).

ويقول عالم الفيزياء الأمريكي (جيمس تريفيل): “يبدو- ولأسباب لم تتضح لي تمامًا- أنَّ ثمة اعتقادًا تاريخيًا بضرورة وجود صراع دائم بين العلم والفنون. وإذا تأملنا هذا الرأي فسنكتشف أنَّه أمر يصعب فهمه، إذ نعرف في النهاية أنَّ كلًا من المبحثين زاخر بمبدعين على مستوى رفيع عاكفين على أداء مهام شبه مستحيلة، وهي محاولة استكناه معنى الكون، وهنا قد يرى المرء أنَّ الأوْلَى أن يتحقق نوع من التعاطف المتبادل بين الاثنين على أقل تقدير”.([8])

ويرى (تريفيل) أنَّ المفاهيم المألوفة المعتدلة عن الجمال كان لها دائمًا دور مهم في العلوم، وأنَّ توافر فهم العلم يمكن أن يؤدي عمليًا إلى تحسين التقييم الجمالي لدى الشخص العادي عن سحر الطبيعة وأعمال الفنانيين، كأن يعلم الرائي أن قاع البحر ملئ معلومات عن الشعب المرجانية، وأصناف الأسماك البديعة، ويقول (تريفيل): “إنَّ علم الجمال لا يمثل فقط جزءًا مهمًا من العلم، بل إنَّ نمط المعارف التي نسميها المعارف الأولية العلمية يمكن أن يمثل هو أيضًا جانبًا مهمًا من الخبرة الجمالية ذاتها”.([9])

وينبهنا (آرثر ميلر) أستاذ تاريخ العلوم والفلسفة في جامعة لندن إلى أمر غاية في العمق والأهمية في هذا المضمار، وهو أنَّ (أينشتاين، وبابلو بيكاسو) كانا في وقت واحد يعالجان خاصية المكان أو الفضاء، وكيفية التطلع إليه بطرق مختلفة من قبل عدد من المشاهدين، وبذا اكتشف (أينشتاين) النسبية، وتوصل (بيكاسو) إلي التكعيبية.أمَّا الماركسيون فينبهوننا إلى أنَّ الفن والعلم جزء من البناء الفوقي الذي يخدم البناء التحتي القائم على العلاقات المادية.

وينصح (دين سيمونتون) أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا الأمريكية بترك مساحة للخيال فيقول: “يجب أن تعرف مادتك، لكن لا يجب أن تعرفها جيدًا. يجب أن تكون لك خبرة، لكن تجنب الاختصاص الزائد. كن مستعدًا لخرق القواعد العامة والحكمة السائدة، كن مستعدًا لنعتك بالجنون كل شيء جديد يبدو جنونًا”.

ويطلب (إدوارد سعيد) من الناقد أن يمارس عمله خارج إطار الإجماع المتحكم في ميدان النقد، والذي يتوزع على أشكال أربعة هي: (النقد العملي الذي نجده في مراجعة الكتب، والتاريخ الأدبي الأكاديمي، والتقويم والتأويل من زاوية أدبية، والنظرية الأدبية)، ويستعين في البرهنة على وجهة نظره تلك بما جرى لـ(إرخ فورباخ) حين أقدم على تأليف كتابه (المحاكاة)، فلم تمكِّنه الظروف التي أحاطت به من الحصول على ما يريد من مراجع ومصادر لتأليف كتابه، وهو موقف عبَّرعنه قائلًا: ([10])

“وقد أذكر أيضًا أنَّ كتابة الكتاب كانت خلال الحرب، وفي إسطنبول حيث أنَّ المكتبات غير مؤهلة لإجراء الدراسات الأوروبية، وبما أنَّ الاتصالات الدولية كانت معوقة كان لزامًا عليَّ أن أستغني عن كل الدوريات تقريبًا، وعن أحدث الاستقصاءات تقريبًا أيضًا، كما كان لزامًا عليَّ في بعض الحالات الاستغناء عن طباعة نصوص طباعة موثوقة. ونظرًا لذلك فإنَّه من الممكن وحتى من المحتمل أن أكون قد تجاهلت بعض الأشياء التي كان يتوجب عليَّ أن أُمعِّن النظر فيها، وأن أكون قد أكدت أحيانًا على شيء دحضه أو عدله البحث الحديث .. ولكن من الناحية الأخرى فإنَّ من الممكن جدًا أن يكون الكتاب مدينًا بوجوده لهذا النقص نفسه المتمثل بغياب مكتبة غنية ومتخصصة. فلو أُتيح لي أن أتعرف على ذلك العمل الذي تم إنجازه – موضوعات عديدة جدًا- لما توصلت على الأرجح إلى اتخاذ قرار بالكتابة”.

وإذا كان الأمر بهذا التواشج والترابط بين الفنون والعلوم البحتة، فإنَّ من باب أَوْلى، أن يزداد هذا الترابط مع العلوم الإنسانية. فمثلًا قد يندهش كثيرون في هذا المساق من انشغال علماء الجغرافيا بالأدب حين يرسم ملامح الأمكنة. فـ “خلال العشرين سنة الأخيرة أصبح الجغرافيون يهتمون على نحو متزايد بالأشكال الأدبية المتنوعة كطرق للبحث عن معنى المَشَاهِد”.([11])

وقد استعمل الجغرافيون الأدب بوصفه مصدرًا أو مُعطى لتبيان الأماكن والأفضية، ولم يقلّل من أهمية هذا المصدر لديهم الحديث عن (ذاتية الأدب وفنيته)، بل إنَّ هذه (الأدبية) أو (الفنية) ساهمت إلى حدٍ كبيرٍ في تحديد جغرافية بشرية مفعمة بالمشاعر حول الأماكن، تتعدى ما يرصده ويصوره الجغرافيون، بفصل انشغال الروائيين بتصوير المكان، وميادين الصراع والحدود، ووجهات النظر والآفاق، ولذا تقدم أي رواية ألوانًا من المعرفة الجغرافية، فضلًا عن إسهامها في تعميق الأفكار حول الجوانب الإنسانية في الأقاليم والأمة، وهو مجال انشغال علم الجغرافيا البشرية، والجغرافيا الثقافية.

ويتجاوز الأدب وصف الأماكن الموجودة إلى اختراع أماكن في بعض الأحيان، مثلما فعل (نجيب محفوظ) في (ملحمة الحرافيش) و(محمد البساطي) في روايته القصيرة (الخالدية).

ويُمكن للأدب إضافة أبعاد أخرى إلى الأماكن الحقيقية، علاوة على أنَّه يمثل جزءًا أصيلًا من تشكيل أخيلة الناس الجغرافية، من خلال ما كتب عن:( المدينة والريف، وعن الطبيعة وطبائع البشر)، وبذا صارت الأماكن هادفة، ومتفاعلة مع البنى الاجتماعية بعد أن منحها الأدب طرقًا للنظر إلى العالم الذي يظهر على أنَّه سلسلة من مشاهد الذوق والتجربة والمعرفة.([12])

وشكَّلت الرواية التاريخية إسهامًا قويًا في الدراسات التاريخية منذ أن نشأ هذا اللون من فن الرواية في مطلع القرن التاسع عشر، وإن كان هناك من يعود به إلى بعض كتابات القرن السابع عشر، وهناك من يعتبر الأعمال التي ظهرت في القرون الوسطى والمعدة للتاريخ الكلاسيكي مقدمات للرواية التاريخية، بل وإلى قرون أبعد من ذلك بكثير في ملاحم الهند والصين.([13])

والرواية التاريخية هي في حد ذاتها إحدى أدوات تصوير التاريخ ‏الأكثر تفصيلًا وصدقًا؛ لأنها “رواية تقرب الماضي إلينا، وتسمح لنا بأن نعيش وجوده الفعلي والحقيقي”([14])، حتى لو لم تتقيد بمعطيات التاريخ في كثير من الأحيان، فمطالعة رواية (الحرب والسلام) لـ (تولستوي)، و(ويفرلي) لـ (والتر سكوت) إلى جانب روايات الفرنسي (ألسكندر دوماس)، وروايات أدباء عرب مثل: (جورجي زيدان ،علي الجارم ، محمد فريد أبو حديد، سعيد العريان، جمال الغيطاني، عبد الرحمن منيف، واسيني الأعرج ،وأمين معلوف) تمنحنا ما هو أبعد مما سجله المؤرخون عن الحوادث والوقائع التي يرتبط أغلبها بالسلطة الحاكمة.

لقد تزامن صعود الرواية في أوروبا مع صعود (علم التاريخ)، واتكأ الاثنان على سعي الإنسان وراء جذوره، فتعاملت الرواية مع إنسان دنيوي متعدد الطبقات، ونقَّب التاريخ عن آثار الإنسان في ماضٍ تخلص من الأساطير التي تلتف حوله، وسار الاثنان على التوازي في ركاب التحولات الاجتماعية الكبرى بفعل الثورة العلمية والتقنية وصعود البرجوازية والنزعة القومية وصولًا إلى مجتمع جديد يناضل في سبيل الحرية والعدالة والمساواة، دون أن يتخلص من ادعاء (الرجل الأبيض) بأنَّه سيد العالم.([15])

وفي عبارة شارحة للعلاقة بين الاثنين يقول (فيصل دراج): “يتوزع علم التاريخ والرواية على موضوعين مختلفين، يستنطق الأول الماضي، ويسائل الثاني الحاضر، وينتهيان معًا إلى عبرة وحكاية، بيد أنَّ استقرار الطرفين منذ القرن التاسع عشر في حقلين متغايرين لم يمنع عنهما الحوار، ولم ينكر العلاقة بين التاريخ والإبداع الأدبي” ([16])، ففي حقيقة الأمر ظل ينظر إلى التاريخ – ولقرون طويلة- على أنَّه نوع من الأدب يدرس للتسلية وإمتاع النفس واستلهام العبر، ([17]) وذلك قبل أن يتحول إلى علم له منهج وأدوات للبحث فيه.

وقد بلغ إسهام الرواية في إجلاء التاريخ درجة متقدمة إلى حد أن يقول أحد المؤرخين العرب الثقات: “إذا كان السرد التاريخي والحكي الروائي ينبعان من نبعٍ واحدٍ؛ فإنهما يؤديان الوظيفة الاجتماعية – الثقافية نفسها أيضًا. فالرغبة في المعرفة رغبة إنسانية تكاد أن تكون رغبة غريزية لدى البشر، وإذا كان السرد التاريخي يُلبي رغبة الإنسان على مستوى الفرد وعلى مستوى النوع في معرفة ما جرى في الماضي، ومعرفة أصول الأشياء والظواهر والجماعات البشرية، فإنَّ الحكي الروائي يحقق المطالب الإنسانية في المتعة والمعرفة معًا، ولعل هذا ما يجعلنا نقول:” أنَّ التاريخ يحمل في بنيته جزءًا روائيًا مهمًا وحيًّا مهما حاول المؤرخون حجبه وراء أستار الأكاديمية والتحليلات والمقارنات والهوامش وكل أشكال البحث العلمي وقوالبه، كما أنَّ الرواية تحمل عناصر تاريخية واضحة في بنائها”.([18])

وفي مسار العرب الأقدمين كان هناك وظيفتان للتاريخ: الأولى: دينية أو شرعية- لاسيما في سيرة الرسول والصحابة. والثانية: للإمتاع والمؤانسة، والعبرة التي تنطوي عليها الأخبار والحكايات. ([19])

 أمَّا العرب المعاصرون فقد ظهرت لديهم وظائف أخرى للتاريخ – شأنهم شأن غيرهم. أمَّا في الأدب فقد “شاعت الروايات التاريخية خلال فترات معينة من القرن الماضي، كمحاولة للبحث عن الذات القومية القوية المنتصرة، أو البحث عن دواءٍ شافٍ للمحن التي تتعرض لها الأمة، أو لأجل التمني والحلم بالانتصار خلال فترات الانهزام، وتجاوزت ذلك في العصر الحالي حيث أصبحت تجسّد قضايا عالمية معاصرة بإسقاط ذاك الماضي على الحاضر وتفسيره”.([20])

وحدا هذا التداخل بين الأدب وعلوم أخرى مجلة (موزايك) الكندية الفصلية، التي صدرت عام 1967 م، إلى أن تَغير عنوانها من (مجلة الدراسة المقارنة للآداب والأفكار) إلى (مجلة الدراسة البينية للأدب)، وأصبحت هيئة تحريرها تضم متخصصين في الموسيقى والأنثروبولوجيا والقانون والفنون الجميلة وعلم المكتبات والعمارة والتاريخ والاقتصاد والصيدلة والعقيدة واللغة والفيزياء وعلم الاجتماع وعلم النفس والسينما. ولهذا لم يكن من المستغرب أن تصدر أعدادًا جاءت عناوينها على النحو التالي: (السينما والأدب، الموسيقى والأدب، الحرب والأدب، الأدب والقانون، والعلاقة بين الحمية (الرجيم) والأدب .. وهكذا. ([21])

لكن الأمر تعدى مجرد التداخل بين حقلين علميين ومعرفيين، إلى التعويل على الأدب في تغيير الواقع، أو طلب (النكهة الأدبية) خارج الأدب، كما يقول (مصطفى ناصف): “قاومنا بالأدب وتاريخه التعليم الأزهري الديني، وقاومنا بالأدب اهتمامات أخرى كثيرة، بل خُيِّل إلينا أنَّ مبتدأ كل نهضة أدب وشعر” ([22]). فهناك مَنْ أفرط في الاتكاء على الأدب، أو بمعنى أدق سلطان البلاغة، في إمكانية التصدي لما يواجهنا من مشكلات وتحدّيات، وهذا إن كان وهمًا في جانب منه فإنَّه في جانب آخر دليل على الدفع بالأدب، ردحًا من الزمن؛ ليواجه المساقات والمسارات العلمية والحياتية الأخرى.

وعود على بدء فإنَّ الترابط والتداخل بين الفن والعلم يرجع إلى فجر الحضارة الإنسانية، إذ تبيّن جداريات وُجدت بالكهوف – تعود إلى أكثر من ثلاثين ألف عام وغيرها- هذا الترابط والتواشج بين المجالين، ولم يجر الانقطاع بينهما إلَّا في مطلع القرن التاسع عشر جراء المبالغة في الفصل بين (العمل اليدوي والعمل الآلي)، وبين (المادة والروح) وبقية الثنائيات المرافقة للعلوم الإنسانية كعلم الاجتماع والفلسفة، ونَجَمَ عن هذا تباين كبير بين (المنظور المادي البحت، والنظرة الروحية المحضة)، وامتدَّ هذا إلى الإنتاج الرأسمالي المُعقد، مقابل الإنتاج الزراعي والحرفي البسيط، لكنَّ هذا الانقطاع بدأ ينهار نتيجة تطور العلوم والتكنولوجيا نفسها.([23])

ومع تقدم وزيادة تعقيدات الحياة أخذت الحواجز والفوارق بين المجالات المختلفة من هذه الحياة في البدء بالتداخل والذوبان مع بعضها الآخر،([24]) حتى وجدنا بعض الباحثين يرون أنَّ تقنيات الحاسوب أقرب اليوم إلى الفن منها إلى العلم.

ربما قاد التأثير السلبي للأيديولوجيات على الفن إلى خلق مخاوف مرضية لدى النقاد من طغيان الأفكار على شروط الفن وطرائقه، أو توظيفه في خدمة أغراض تنال من جماله واحتفائه بالخيال، فبات فريق منهم يعتقد في أهمية ابتعاد العلم الإنساني عن الفن؛لأن كلًا منهما يُفسد الآخر؛ أو على الأقل لأن لكل منهم مساره وطرق التعبير عنه ومآلاته.

وهناك مَنْ يتوهمون أنَّ الفنان لا يمكن أن يفكر بطريقة علمية، وأنَّ العالِم ليس بوسعه أن يتذوق الجمال، ويبنون على هذه الأوهام تصوراتهم عن الفن والعلم، فيجعلون بينهما خِصامًا دائمًا أو محتدمًا على أقل تقديرٍ.

من هذا المنطلق يتعقب بعض النقاد أي حضور للعلم أو للفكر في أي عمل أدبي، ويرون هذا عيبًا شديدًا، بينما يتعقب بعض العلماء أي حضور للجمال في عمل علمي ويرون في هذا خطأً فادحًا.

ويتحدث هذا الفريق عن الفن الخالص، وذاك الفريق عن العلم المحض، وكأنَّ الفن بلا علم والعلم بلا فن، وتعدى هذا حدود الجدل القديم حول ما إذا كان (الفن للفن) أم (الفن للمجتمع) إلى رؤية حادة ترى أنَّ:” الفن الجيد يخلو من البرهان، والعلم النافع يخلو من الجمال” مع أنَّ مفهوم الإبداع في المجالين يُظهر أنَّ كلًا منهما مدين للآخر. والإبداع العلمي يختزن في داخله المكونات نفسها التي في الإبداع الفني، وكلاهما إنتاج اجتماعي في حقيقة الأمر.

إنَّ النقاد يتحدثون عن (المعمار الروائي) مثلًا، ويستعملون كل ما جاد به العلم في هندسة البناء، وتحضر في رؤوسهم عطاءات علوم اللغة والنفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد والفلسفة التي تطورت عبر ضبط مناهجها ومسارات براهينها، ومع هذا ينفرون إن تحدثوا أو كتبوا عن رواية أو قصيدة أو قصة من الإشارة إلى وجود فكرة فيها( ظاهرة أو كامنة) وإن بادروا وتناولوا هذه الفكرة، فإنهم يدخلون إليها من باب القدح أكثر من باب المدح.

إنَّ علم النفس والاجتماع مثلًا يمكنهما أن يساعدا الناقد في معرفة تأثير البيئة الاجتماعية وظروف النشأة على تكوين الأديب وتطوره، ويمكن للأبحاث في مجال الإبداع أن تساعد الأديب نفسه على التركيز والإلهام والوثوب إلى آفاق رحبة.([25])  وساهمت الأعمال الفنية والنصوص الأدبية ذاتها في تطوير علوم اللغة والاجتماع فظهر (علم اجتماع الأدب، وعلم اجتماع الرواية)، وغاص علماء النفس وراء السمات النفسية لشخصيات روائية وقصصية، واستفاد الأدباء مع ظهور الرواية المعرفية من عطاءات مختلف العلوم الإنسانية والطبيعية، وكان أدب الخيال العلمي دومًا أمام التجارب المعملية بسنواتٍ طويلةٍ.

وهذا التداخل أو تبادل المنافع بين الفنون والعلوم ساهم في تطوير مناهج البحث والدراسة التي أصبحت تعتمد على (البصيرة إلى جانب البصر، والحدس مع البرهان، والتحليل الكيفي مع الكمي)، ولذا فإنَّ الناقد الحصيف عليه ألا يستنكف من البحث عن تأثير الفكرة على النص، والعلم على السرد، والتفكير العلمي على البناء، وألَّا يتوهم بأنَّ الفنان والعالِم لا يمكنهما أن يلتقيا، فإذا كان هذا حاصلًا بين العلوم البحتة والفن، كما وضحنا سابقًا، فما بالنا بالعلوم الإنسانية، وإذا كانت مقتضيات الدراسة قد أدت إلى تفرع العلوم والرؤى وتوزعها، فإنَّ الأمر في الواقع جدٌ مختلفٌ، إذ أن التفاعل بين المجالين قائم ودائم، وهذا ما التفت إليه النقد الثقافي الذي يتسع مساره، وتُرسخ خطواته بمرور الوقت.

بل ينتقل بنا سعيد يقطين من النقد الأدبي إلى الفكر الأدبي باحثًا عن بنى وأنساق له، تتأسس على خلفيات علمية وفلسفية وتقنية، وتقوم على ركائز رئيسية أولها: الانتقال من الانطباع إلى المنهج في تحليل الأدب. وثانيها: ربط الفكر الأدبي بالعلوم الإنسانية وفق رؤية معرفية جديدة تتجاوز الاختزال أو التطبيق الحرفي. وثالثها: يتمثل في الدفاع عن مكانة الأدب في المجتمع بوصفه ركن صلب في إحداث تطور حقيقي للإنسان، وليس فقط تحقيق المنجزات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا يتطلب تطوير صور إبداع الأدب وقراءته وصناعته وترويجه. أمَّا الرابع: فيرتبط بالانفتاح على تقنيات المعلومات والتواصل ([26]). وبعد تحديده هذه الركائز الأربع يقول: “إنَّ الارتقاء بالأدب إلى مكانة سامية من الاعتبار والتخطيط لا يمكن أن يوازيها غير تأسيس فهمنا وقراءتنا له على أرضية علمية، تسهم في الإرتقاء بتطوير جامعاتنا ومدارسنا وإعلامنا إلى مستوى أعلى، وبذلك سيتساوى الأدب والعلم، ويسهمان معًا في تشكيل فضائنا الثقافي على دعامتين أساسيتين، لابد من تضافرهما، لأي تحول منشود أو تطور مقصود” .([27])

 إنَّ هذه التبادلية بين العلم والفن، والتي لا تنكر إلَّا من جهلٍ أو رغبة في تحديد معالم صارمة منضبطة للعلوم الإنسانية، يجب أن يعيها كل من يتصدى لدراسة أي فرع من الإنسانيات، فيزاوج بين العقل والحدس، وبين البصر والبصيرة، وأن يسعى إلى امتلاك خيال فنان وهو يقلب ما لديه من معلومات في الحقل العلمي الذي يتخصص فيه حتى يكون بوسعه أن يضيف جديدًا إليه.


(*) روائي وخبير في علم الاجتماع السياسي – مصر

([1]) صلاح قنصوة، (في فلسفة الفن)، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2016 م) ، ص: 18

([2])مرسيل كونتش، (سعادة الفيلسوف في عزلته)، ترجمة: أحمد حميدة، الملحق الثقافي لصحيفة “الاتحاد” الإماراتية، 21 يوليو2016 م.

([3]) شكري محمد عياد “دائرة الإبداع”، (دبي: مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، 2008م) الطبعة الأولى، ص: 112 ـ 114.

([4]) د. على جواد الطاهر “مقدمة في النقد الأدبي”، ( دبي: مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، 2003م) الطبعة الأولى، ص: 341 ـ 344.

([5]) د. سامي الشيخ محمد، “العلم والفن .. المفهوم والفروق” صحيفة “دنيا الوطن”، 17 مايو 2008 م،

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2008/05/17/133628.html

([6]) معن زيادة، “الموسوعة الفلسفيّة العربيّة .. الاصطلاحات والمفاهيم ” ( بيروت: معهد الإنماء العربي، 1986م) الطّبعة الأولى، المجلد الأول، ص662.

([7]) لمزيد من التفاصيل حول علاقة العلم بالفن، أنظر:

Sian Ede, Art and Science, I.B. Tauris, Co. Ltd, London, 2005.

([8]) جيمس تريفيل، “لماذا العلم؟”، ترجمة: شوقي جلال، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب) سلسلة (عالم المعرفة) العدد ( 372)  فبراير 2010، ص: 97.

([9]) المرجع السابق، ص: 98.

([10]) إدوارد سعيد، “العلم والنص والناقد”،  ترجمة: عبد الكريم محفوض، (دبي: مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، 2016 م) الطبعة الثانية، ص: 9 و 10.

([11])مايك كرانغ، “الجغرافيا الثقافية: أهمية الجغرافيا في تفسير الظواهر الإنسانية”، ترجمة: د. سعيد منتاق، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،2005 م)  سلسلة (عالم المعرفة) الطبعة الأولى، ص: 65.

([12])المرجع السابق، ص: 66 و67 و83.

([13])جورج لوكاتش “الرواية التاريخية” ترجمة: د. صالح جواد الكاظم، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1986) الطبعة الثانية، ص: 12.

([14])المرجع السابق، ص: 63.

([15])د. فيصل دراج، “الرواية وتأويل التاريخ: نظرية الرواية والرواية العربية”، (دبي: مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، 2012) الطبعة الثانية، ص: 5.

([16])المرجع السابق، ص: 9.

([17])د./ حسن عثمان، “منهج البحث التاريخي”، (القاهرة: دار المعارف، 2015) الطبعة الحادية عشرة، ص: 9.

([18]) د. قاسم عبده قاسم، “الرواية العربية .. زمن الازدهار”، مركز عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية،ـ 7 أغسطس 2014 م

([19]) وجيه كوثراني، “تاريخ التأريخ .. اتجاهات ـ مدراس ـ مناهج”، (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013 م الطبعة الثانية، ص: 391.

([20]) سليمة بالنور “الرواية التاريخية بين التأسيس والصيرورة”، مجلة “عود الند” العدد ( 93) صيف 2016 م.

([21]) د. جابر عصفور، “آفاق العصر”، (دبي: مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، 2005 م) ، الطبعة الأولى، ص: 35 و 36.

([22]) د. مصطفى ناصف، “الدراسة الأدبية والوعي الثقافي”، (دبي: مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، 2004 م) الطبعة الأولى، ص: 249.

([23]) أمين نجيب، “العلم والفن شريكان في مملكة الإبداع”، مجلة القافلة، مارس وأبريل، 2006 م.

([24]) علي السمين، “ما بين الفن والعلم”، صحيفة الجزيرة، 21 أكتوبر 2012 م.

([25]) انظر في هذا الشأن: د. مصطفى سويف، “العبقرة في الفن”، (القاهرة: دار القلم، 1960) الطبعة الأولى.

([26]) د. سعيد يقطين، “الفكر الأدبي العربي .. البنيات والأنساق”، (الرباط: دار الأمان، 2014 م) الطبعة الأولى، ص: 16 و 17.

([27]) المرجع السابق، ص: 17.

اظهر المزيد

د. عمار على حسن

روائي وباحث في علم الاجتماع السياسي - القاهرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى