شهدت العلاقات الدولية تطور ظاهرتين بشكلٍ مضطرد وهما (الإرهاب والمقاومة المسلحة)، وعلى الرغم أنَّ العنف يعتبر القاسم المشترك بينهما، إلَّا أنَّهما ظاهرتان مختلفتان من الأساس ، فالعنف الممارس من قبل أفراد المقاومة عنف مشروع يستند إلى القانون الدولي والشرعية الدولية، أما الإرهاب فهو عمل غير مشروع ينتهج الاغتيال والقتل والتدمير من أجل الترويع والخوف وإثارة حالة من عدم الاستقرار لتحقيق أهداف (سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية… وغيرها)، ومع ذلك برزت محاولات لوصف بعض حركات المقاومة بالمنظمات الإرهابية قصد تشويه صورتها والحد من تأييدها على المستوى العالمي والمحلي .
وعلى اعتبار أنَّ المقاومة الفلسطينية لم تقم بتوسيع استراتيجية عملها من خلال وضع استراتيجية جديدة بعد التطورات التي عرفها المجتمع الدولي – بعد أحداث 11 سبتمبر 2001- الأمر الذي جعلها تقع ضحية للترويج الإعلامي الإسرائيلي- الأمريكي، وبالتالي التأثير سلبًا على صورة المقاومة الفلسطينية، حيث جاءت هذه الأحداث لتعطي فرصة أكبر لإسرائيل؛ لكي تعمل على تضييق الحدود الفاصلة بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة، حيث استغلتها لضرب المقاومة الفلسطينية .
ومما لاشك فيه أنَّ المحاولات الأمريكية والإسرائيلية ستبقى مستمرة لتشويه صورة المقاومة المسلحة، بل وإلصاق تهمة الإرهاب بحركاتها التي تهدف إلى التخلص من الاحتلال، وبالتالي إطلاق التعريفات الغامضة والممنهجة التي تجعل من المتعذر التمييز بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة وهذا سيؤثر بالتأكيد على أداء حركات المقاومة الفلسطينية وقدراتها على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي .
أما عن الكتاب فهو مقسم إلى ثلاثة أبواب:
الباب الأول: تتحدث فيه الكاتبة عن إشكالية الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة من حيث القانون الدولي حيال تعريف الإرهاب وأشكاله، حيث كان الاختلاف في وجهات النظر إنطلاقًا من مقولة “أنَّ المناضل إرهابي بنظر بعضهم ومقاتل من أجل الحرية في نظر البعض الآخر”، وعليه تتساءل الكاتبة عن الطبيعة القانونية للإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة؟ وما نتيجة الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة على القضية الفلسطينية؟
وللإجابة عن تلك الأسئلة ترى أنَّه قبل التعرض للحدود الفاصلة بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة أنَّ تقف على مفهوم كل منهما، فضلًا عن بيان أنَّ بعض الأعمال الإرهابية يعتبر مقاومة مسلحة، أي الوقوف على حالات الاستخدام المشروع وغير المشروع للقوة، خاصةً وأنَّه قد أصبح من الصعب التفرقة فيما بين الأعمال الإرهابية وأعمال المقاومة المسلحة على ضوء الحملة التي تقودها إسرائيل ضد حركات المقاومة الفلسطينية، ومن هنا يتوجب التعرض لمفهوم الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة كما ذكرت قبل ذلك .
وتتطرق الكاتبة بعد ذلك إلى القرارات الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أنَّ جميع القرارات الصادرة في هذا الشأن والخاصة بالإرهاب الدولي والمقاومة، أكَّدت بوضوح على حق الشعوب باستخدام القوة في سبيل تقرير مصيرها وتمييزه عن الإرهاب الدولي، وفي هذا المجال تشير إلى أنَّ الجمعية العامة ناقشت اتفاقية شاملة لمكافحة الإرهاب، ويبدو من ملامح الخلاف -التي لا تزال قائمة حول تعريف الإرهاب الدولي- أن تستلزم من الأعضاء التوصل إلى حل لهذا الخلاف، وقد يُلاحظ أيضًا في هذا الصدد أنَّ القرارات السابقة تميزت بعدم اتباع اتجاه واحد من حيث استراتيجيتها، حيث تأثرت بعدة عوامل، فبعد ما كانت في المرحلة التالية لإنشاء هيئة الأمم المتحدة تتسم بالموضوعية في معالجتها لظاهرة الإرهاب الدولي وإن كانت تتصف بنوع من الذاتية في أحيانٍ أخرى، غير أنَّ الوضع تبدل بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى يومنا هذا، حيث تميزت تلك القرارات بالتعسف الواضح متخذة شعار الولايات المتحدة الذي يتمثل في محاربة الإرهاب أداة ووسيلة في إصدارها، مما أدى إلى طرح فكرة مدى شرعية قرارات أجهزة منظمة الأمم المتحدة _خاصةً تلك التي تصدر عن مجلس الأمن باعتبارها قرارات ملزمة ، خاصةً إذا استندت إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
ثم تستعرض الكاتبة بعد ذلك مفهوم المقاومة المسلحة، حيث تعتبر المقاومة المسلحة أحد صور العنف التي أفرزها التاريخ نتيجة الاحتلال، فتعتبر المقاومة المسلحة أحد أساليب تقرير المصير بواسطتها تباشر قوات التحرير القتال بالوسائل العسكرية المتاحة ضد المستعمر أو المحتل الذي ينكر على الشعوب الحق في الحصول على استقلالها والتحرر من الهيمنة الاستعمارية، لكن هذا الخلاف سرعان ما يزول عند الرجوع إلى قواعد القانون الدولي، إذ نجد أنَّ قواعده لم تحرِّم جميع أنواع العنف المسلح وإنَّما ميزت بين العنف المشروع وغير المشروع .
أمَّا عن الأسباب السياسية الخاصة بتوظيف عملية الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة فتتعلق بهدف انتهاك مبادئ وقواعد القانون الدولي على النحو التالي:-
- توظيف عملية الخلط نتيجة استغلال الضعف السياسي للدول .
- تأثير المصالح على الموقف السياسي للدول .
- إضعاف دور المنظمات الدولية وتسييس القرارات الصادرة من أجهزتها .
- الازدواجية في التعاطي مع الإرهاب الدولي .
- وصف حركات التحرر الوطني بالمنظمات الإرهابية .
وعلى كل فإنَّ البحث في نتائج الإرهاب والمقاومة المسلحة دون البحث في أسبابها وأهدافها عمل على الخلط بينهما، وقد تم توظيف الخلط بهدف تحقيق أهداف ومصالح خاصة مما جعل من الدولة صاحبة السلطة التقديرية في تصنيف الأعمال ولهذا تم خلط الأوراق، حتى أصبح المجرم المعتدي بطلًا يُكرم في المحافل الدولية، في حين أصبحت الضحية التي تدافع عن وطنها وأرضها إرهابية .
وإنطلاقًا مما تقدم، فإنَّ الطابع السياسي في تصنيف أعمال المقاومة على الصعيد الدولي يطغى على التصنيف القانوني، والحقيقة أنَّ تعريف الإرهاب وتمييزه ما زال خاضعًا لاعتبارات سياسية، فليس هناك تعريف واحد له، بالرغم من الإجماع الدولي على إدانته وهذا ما يجعل المجال مفتوحًا أمام بعض الدول في توزيع تهمة الإرهاب ونشر اللوائح المصنفة له على أسس سياسية لا على أسس قانونية موحدة .
ثم تنتقل الكاتبة بعد ذلك بحديثها إلى أثر الخلط على المقاومة المسلحة الفلسطينية، حيث حاولت إسرائيل عبر تاريخها الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة، وذلك بالعمل على تشويه صورة المقاومة الفلسطينية، وكان للتحالف العضوي بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية أثره في نجاح تلك المحاولات، فعملت إسرائيل على تشويه المقاومة الفلسطينية وتفسيرها على أنها عنف غير مشروع، وقد أثار ذلك الخلط عددًا من الأمور التي ألقت بآثارها السلبية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى ما رتبه الجدال حول الوسائل المستخدمة من قبل المقاومة الفلسطينية، وقد تصادف أنَّ تلاقت ثلاثة عناصر أساسية ومؤثرة ألقت بثقلها على القضية الفلسطينية وهي أصداء وتداعيات أحداث 11 سبتمبر 2001، ووجود تحالف اليمين المتطرف الإسرائيلي “الليكود” في سدة الحكم بزعامة شارون، بالإضافة إلى تيار المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية.
وخلاصة كل ذلك أنَّ الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة هو خلط مقصود الغرض من ورائه التأثير على شرعية المقاومة المسلحة بما في ذلك القضية الفلسطينية مع أنَّ هذه الأخيرة تثبت شرعيتها طبقًا لقواعد القانون الدولي، ومع ذلك فإنَّ عملية دعم المقاومة المسلحة والاعتراف بشرعيته تضيق في ظل عملية الخلط بين الإرهاب والمقاومة المسلحة .
ومن هنا تظهر أهمية وحتمية إزالة اللبس عن الخلط المتعمد بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة ووضع الحدود الفاصلة بينهم، والتي سيتضح من خلالها مدى التلاعب بمعايير الشرعية الدولية من خلال قلب المفاهيم بإضفاء الشرعية على الإرهاب ومحاولة طمس الشرعية و المقاومة المسلحة بما في ذلك المقاومة الفلسطينية .
أمَّا الباب الثاني: فيبدأ بما انتهينا منه في الباب الأول وموضوعه هو ضرورة التمييز بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة وانعكاساته .
ويبرز الكاتب موقف المجتمع الدولي من التمييز بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة، حيث أكَّدت الاتفاقيات الدولية والإقليمية والقرارات على مستوى المنظمات وخاصةً منظمة الأمم المتحدة على تدعيم شرعية المقاومة المسلحة والتمييز بينها وبين الإرهاب الدولي ، كما لا يمكن انكار ما بذله الفقهاء من جهود في محاولة التمييز بينها وبين الإرهاب الدولي .
هذا وقد اهتمت الدول بوضع اتفاقيات دولية؛ لمنع ومعاقبة الأعمال التي توصف بالإرهاب، كما تطرقت أيضًا إلى الإجراءات الوقائية والجنسية التي يجب الالتزام بها لمنع الإرهاب، لكن ما يعاب على تلك الاتفاقيات أنَّها لم تشر إلى شرعية أعمال الكفاح المسلح وهذا ما فتح المجال أمام بعض الدول الغربية لاستغلال ذلك الوصف ضد عمليات المقاومة المسلحة، التي تقوم بها حركات التحرر ووصفها بالإرهاب، كما وضعت منظمات مثل (حزب الله، حماس، الجهاد الإسلامي) ضمن قائمة المنظات الإرهابية؛ لأن تلك الحركات وأنشطتها المسلحة تمثل تهديدًا لها، مع العلم أنَّ القانون الدولي سواء في صورته الاتفاقية أو العرفية يضفي المشروعية على أعمالها، غير أنَّ (الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل) عملتا على وصفها بالحركات الإرهابية وهدفها بذلك التغطية على أعمال إسرائيل الإرهابية خاصة بعد 11 سبتمبر2001، كما ذكرنا قبل ذلك، حيث عقدت الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل تحالف استراتيجي من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية .
لكن في المقابل، هناك دول أخرى وهي أغلبية وبصفةٍ خاصة الدول العربية والإسلامية تساند الاتجاه الذي يضفي المشروعية على أعمال المقاومة المسلحة ويسعى إلى التمييز بينها وبين الإرهاب الدولي، وبذلت وما زالت تبذل جهودًا وفق هذا الإطار بالاستناد إلى المواثيق الدولية وأحكام القانون الدولي _خاصةً وأنَّ المبادئ التي وردت في بعض المواثيق الدولية أبرزت بشكلٍ صريح التمييز بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة .
وبالنسبة للدول العربية فقد دعت للتفرقة بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة لذا نصت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام 1998 في بابها الأول على “أن الجرائم الإرهابية لا تعتبر من الجرائم السياسية”، كما أكَّدت على “أنَّ تقرير المصير بمختلف الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح لا يعد إرهابًا شريطة أنَّ يتم هذا الكفاح وفقًا لمبادئ القانون الدولي، واعتبرت أنَّ الكفاح الذي تمارسه المقاومة الفلسطينية ضد المحتل الإسرائيلي عملًا مشروعًا لا يمكن إدراجه ضمن وصف الإرهاب الدولي” .
أمَّا عن آراء الفقهاء في التمييز بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة ، فقد ذهب اتجاه من الفقه إلى “أنَّ الإرهاب من المسائل التي تثير الخلط واللبس عند التعامل معه خاصةً بعد ذكره كثيرًا من قبل السياسيين والإعلاميين، ولذا تتعدد تعريفاته بتداخل العناصر المكونة له، حيث أصبح وصف الإرهاب سلاحًا دعائيًا لتشويه صورة المستهدف وتبرير الإجراءات الانتقامية ضده، ويكفي أنَّ يشار إلى التناقض في استخدام السياسيين والإعلام بالولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل لمفهوم الإرهاب عند إشارتهم لحركة المقاومة الفلسطينية وغيرها من حركات التحرر في العالم” .
وتؤكد الكاتبة هنا أنَّ هناك حدًا فاصلًا بين ما يمكن اعتباره إرهابًا وما يمكن اعتباره مقاومة مسلحة وهذا الحد الفاصل هو المشروعية، فأعمال المقاومة مشروعة استنادًا إلى مبادئ القانون الدولي، أما أعمال الإرهاب تتعارض مع القانون الدولي وتلقى المعارضة والإدانة من قبل القائمين على تطبيقه، لكن على الرغم من هذه الفوارق الواضحة التي تستند في معظمها إلى الشرعية الدولية، ما زالت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل وبعض الدول والهيئات التي تجري في فلكها تصف أعمال حركات التحرر بالإرهاب ولا تميز بين الاحتلال ومقاومة الاحتلال _ بل لقد اتهم بعض الساسة الأمريكيين الأمم المتحدة أنها بتأييدها لحق حركات التحرر الوطني بالكفاح المسلح -تطبيقًا لحق الشعوب في تقرير المصير- تكون قد شجعت على الإرهاب .
ثم تستكمل الكاتبة حديثها في هذا الصدد وتقول أنَّه “على الرغم من أنَّ قرارات الأمم المتحدة، التي أكدت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، كما حظى النضال الفلسطيني بالتأييد الدولي سواءً على مستوى دول عدم الانحياز أو منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الإفريقي) أو المؤتمر الاسلامي، وفي العديد من المؤتمرات الدولية، ويرجع ذلك إلى عدالة القضية التي يدافع عنها الفلسطينيون وعدوانية إرهاب الكيان الإسرائيلي، إلَّا أنَّ الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة قد أثَّر سلبًا على المقاومة، سواءً على مستوى المواقف الدولية وحتى على مستوى الساحة الفلسطينية، وتحديدًا على مستوى فصائل المقاومة الفلسطينية وتكييف الهجمات الإسرائيلية التي دفعت بكل ثقلها للقضاء على أفرادها وقيادتها تحت ذريعة “حرب معاقل الإرهاب”، وبحجة الدفاع الشرعي.
ومن هذا المنطلق، تتساءل الكاتبة عمن هو الإرهابي ؟ هل هو الشعب الفلسطيني وفصائله التي تخوض معركة من أجل تحرير فلسطين وعودة الشعب الفلسطيني لوطنه أم حكومة (بن جوريون وبيجن ورابين وبيريز ونتانياهو وشارون وسواهم)؟
وترى أنَّ للإجابة على هذا السؤال يجب البحث عن انعكاسات التمييز بين الإرهاب الدولي والمقاومة على الشعب الفلسطيني _ في المقابل يجب التعرض لانعكاسات التمييز على المحتل الإسرائيلي وتفنيد ادعاءاتها بحقها في الدفاع الشرعي ، انطلاقًا من الأحداث التي يجسدها واقع ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلــــــــــة .
ثم تلخص الكاتبة كل ذلك في عدة نتائج توصلت إليها على سبيل المثال، أنَّ المشكلة الأساسية التي يواجهها المجتمع الدولي تتعلق بعدة عوامل لتعريف الإرهاب، حيث جاءت معظم الاتفاقيات بمحاولة وصف وتعداد لبعض صور الإرهاب دون محاولة وضع تعريف شامل له، وبذلك يؤخذ على الاتفاقيات قصورها في وضع حد لظاهرة الإرهاب أو التخفيف من آثاره السلبية، فغياب مثل هذه التعريفات ترتب عنه إشكالية تمييز المقاومة المسلحة عن الإرهاب الدولي .
بالإضافة إلى أنَّ مكافحة الإرهاب يجب أنَّ يستند على قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية، ومن جهة أخرى يجب أنَّ تتم بعيدًا عن سياسة إملاء قواعد السلوك على الآخرين بالقوة، التي قد تصل في أحيانٍ كثيرةٍ إلى حد الإرهاب -كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل – ولن يتأتى ذلك إلَّا من خلال وضع اتفاقية دولية تتضمن تعريفًا محددًا ودقيقًا للإرهاب الدولي بعيدًا عن الاعتبارات السياسية للدول .
وتُشكّل أحداث 11 سبتمبر 2001، عاملًا هامًا في التأكيد أنَّ هناك من يحاول الوقوف ضد التوصل إلى تعريف الإرهاب _خاصةً (الولايات المتحدة وإسرائيل) ، وذلك بهدف استمرار الخلط بينه وبين المقاومة ، وكذلك لاستمرار استخدام ذريعة لمكافحة الإرهاب في تبرير أعمال العدوان؛ لأن من مصلحتها ترك المصطلح مبهم حتى لا تجرم أفعالهم من جهة، وحتى يتم القضاء على المقاومة الفلسطينية من جهة ثانية، ويتم التغاضي عن الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين من جهة ثالثة .
وأنَّ هناك فرقًا كبيرًا بين أعمال العنف الإسرائيلي وأعمال العنف الفلسطيني -الذي تمارسه حركات التحرر بل هو مقاومة مشروعة لتحرر الأرض وتقرير المصير- وبالتالي يتوجب على المجتمع الدولي دعم القائمين به وليس منعهم بحجة محاربة الإرهاب الدولي كما هو واقع الحال في فلسطين .
وفي النهاية نؤكد أنَّه لا يكفي إعلان مشروعية كفاح حركات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل يجب التأكيد على وجوب دعم الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وأنَّ وقف الإرهاب الدولي لن يتحقق إلَّا بوقف أسبابه من عدوان واحتلال، وتفرقة وتمييز عنصري بين الشعوب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك حقوق الإنسان وعدم احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وهذا لن يتحقق بدوره إلَّا بنهوض المجتمع الدولي بواجباته الإنسانية والتزاماته القانونية نحو القضية الفلسطينية ووضع حد للممارسات الإرهابية الإسرائيلية .