تاريخيًا، كانت العلاقات التركية الإيرانية دائمًا مختلطة، حيث تميزت بفترات من التعاون والمواجهة، أنشأ البلدان تقليدًا دبلوماسيًا تأرجحت فيه العلاقات مثل البندول بين التعاون المحدود والتنافس الخاضع للتحكم، لكن في كل الأحوال كان الاقتصاد الركيزة الأساسية لهذه العلاقات- لا سيما في أوقات التنافس؛ سببًا رئيسًا لهذا التأرجح في العلاقات بين البلدين من التعاون والتنسيق لتقاطع المصالح أحيانا والتنافس في ذات الوقت يرجع إلى تاريخ البلدين والنزعة نحو استعادة أمجاد الامبراطوريتين (الفارسية والعثمانية) على نحو خلق التشابك والتعارض في المصالح والأهداف.
وبتتبع تاريخ العلاقات الإيرانية التركية، تتجلى محددات عملت كأُسس للتعاون فيما بينهما، يرجع بعضها للسياق الإقليمي وما يشهده من تدخلات قوى خارجية؛ ونظرًا لأن النظام الإقليمي الشرق أوسطي يتسم بتدخل القوى العظمى فيه، ولعبت الولايات المتحدة الأمريكية دورًا منذ السبعينات، لذا لا يمكن فصل العلاقات الإيرانية التركية عن تأثيرات الدور الأمريكي في المنطقة، لذا تسعى لدراسة إلى تحليل العلاقات الإيرانية التركية مع مجيء الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، والذي يعكس سياسة خارجية تختلف عن سلفه دونالد ترامب، كما أن الشرق الأوسط يشهد حالة من السيولة والتغير تخلق مصالح وتهديدات متغيرة للفاعلين من الدول الإقليمية، كما أن إيران شهدت مجيء رئيس جديد ينتمى للتيار المتشدد، وتسيطرعلى تشكيلة الحكومة الصبغة العسكرية والمتشددة، ومن ثم تزايد أكبر لدور الحرس الثوري الإيراني، فهل تدفع كل هذه المتغيرات إلى نمط تعاوني أو تصارعي للعلاقات بين تركيا وإيران. وعلى الأغلب تدخل العلاقات بين أنقرة وطهران هي الأخرى مرحلة جديدة، وربما تستعد تركيا لمزيد من العلاقات المتضاربة مع إيران؛ بسبب المزيد من التغييرات المنهجية وإعادة الاصطفافات الإقليمية، العوامل التي جعلت العلاقات أكثر تعاونًا على مدى السنوات الأربعة إلى الخمسة الماضية، تتغير وتفسح المجال لمزيد من الصراع، وفي المقابل فإن العلاقات التي شهدت صراعًا تشهد الآن محاولات للتهدئة والصلح على غرار ما تدفع به قمة بغداد للتعاون والشراكة، والتي جمعت القوى الإقليمية المتنافسة والمتصارعة معًا، فضلًا عن ظهور أفغانستان إحدى الساحات المرشحة للتنافس أو التعاون الإيراني التركي بعد الانسحاب الأمريكي وسيطرة جماعة طالبان.
أولًا: العوامل التي دفعت للتقارب التركي الإيراني:
ساهمت عوامل عدة في تعزيز التقارب بين البلدَين، وتتمثل في مستويات التشكيك والعداء المختلفة تجاه الدور الأميركي في المنطقة ولاسيما سوريا، كما تتشارك النخب الإيرانية ولتركية ذات الرؤية للنظام العالمي، حيث يُنظر إلى صعود آسيا وصعود الصين على أنها فرص أكثر منها تهديدات. وتفسر كل منهما هذه الاتجاهات – فضلًا عن النشاط الإقليمي المتنامي لروسيا- على أنها علامات على الظهور الدائم لنظام عالمي متعدد الأقطاب، يشكل هذا الفهم الآن الحسابات الاستراتيجية لصانعي السياسة التركية والإيرانية الأتراك، وأن إعادة تموضع بلادهم في هذه البيئة متعددة الأقطاب يعد لصالحهم على المدى الطويل.
كما تتشارك تركيا وإيران الشعور بالخطر المتنامي الذي يُعتقَد أن حزب العمال الكردستاني يجسده مع فروعه في المنطقة، والموقف الموحد من قطر ودول الخليج على قطر، والعداوة المشتركة تجاه (المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر) بما عرف فيما بعد أنه تحالف ضد الدول الحاضنة لتيار الإخوان المسلمين، وأخيرًا لعب الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” على المشاعر القومية ودفع بخطاب السياسة الخارجية بشكل متزايد على أساس معاداة الغرب؛ بهدف خلق تأثير ملتفٍ حول العلم في السياسة الداخلية. مع ابتعاد تركيا عن حلفائها الغربيين، أصبح من الأسهل إقامة علاقات أكثر ودية مع إيران.
على جانب آخر، تُعد العلاقات الاقتصادية بين البلدين مهمة لكلٍ منهما،-لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة التي شهدتها تركيا وإيران، لاسيما خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”.
واليوم تتغير هذه العوامل على المستوى العام، وتعيد تركيا تعديل سياستها الخارجية، فقد أصبح من الواضح أن الخطاب المعادي للغرب المستخدم للاستهلاك المحلي قد وصل إلى مستوى أصبح مكلفًا للغاية في الشؤون الخارجية. والأهم من ذلك، أن رحيل دونالد ترامب، الذي أعطى أردوغان شيكًا على بياض، يدفع تركيا أيضًا إلى إعادة التكيف. في عهد بايدن، تحتاج تركيا إلى معالجة القضايا الخلافية مع الولايات المتحدة وكذلك مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، تسعى تركيا حاليًّا إلى التقارب مع (مصر ،المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل). في حين تم إحراز تقدم ضئيل فيما يتعلق بمصر، فإن سياسة التقارب هذه مع الأنظمة غير المعادية للغرب في المنطقة ستقوض في نهاية المطاف مرحلة التقارب بين تركيا وإيران. كما إن وصول رئيس أكثر محافظة في إيران لن يؤدي إلا إلى تسريع وتيرة ذلك، حيث لدى المحافظين تصور أعلى للتهديد فيما يتعلق بالتقارب التركي مع الأنظمة غير المعادية للغرب في المنطقة، وفيما يخص السياسة الخارجية التركية القائمة على التاريخ العثماني.
التنسيق:
في السياق الجيوسياسي الأكبر للشرق الأوسط، في ظل دعم تركيا لتنظيمات الإسلامية وتوظيف العامل الإيديولوجي، اعتبرت أن التعاون الوثيق بين كلٍ من (المملكة العربية السعودية ،الإمارات ومصر)، تهديدًا أكبر من التطلعات الإقليمية لإيران ، لذا رأت تركيا أن سياسات هذا المعسكر تجاه النظام الإقليمي لا تستثني إيران وشبكة الميليشيات التابعة لها فحسب، بل تستبعد أيضًا تركيا وحلفاءها الإسلاميين السياسيين. في هذا الإطار سهّل التعاون والتنسيق بينهما كل من الموقف الخليجي من قطر آنذاك، والاستفتاء على الاستقلال في كردستان العراق والتطورات ذات الصلة في الجغرافيا السياسية الكردية الإقليمية.
بالنسبة للأزمة الخليجية مع قطر، لم تتعامل أنقرة مع هذه الأزمة باعتبارها تمثل مشاحنات بين قطر وجيرانها، وإنما اعتبرتها نمطا من التحالفات الجديدة، التي تشهدها المنطقة ومظهرًا من مظاهر الصراع من أجل نظام إقليمي جديد بازغ موجه ضد مشروع أنقرة الإقليمي، نتيجةً لذلك، دعمت تركيا وإيران قطر بشكل لا لبسَ فيه خلال هذه الأزمة.
تعد قضية اللاجئين الأفغان، إحدى القضايا المرشحة للتنسيق بين البلدين، إذ يتشاركان التقدير بأن السيطرة السريعة لطالبان على أفغانستان تمثل فرصة للدولتين من أجل تعزيز نفوذهما، وذلك في نفس الوقت الذي يرفضان فيه مزيدًا من تدفق اللاجئين، وعبروهم من إيران عبر تركيا على أمل الوصول في طريقهم إلى أوروبا، وإن كان كلاهما يستضيف بالفعل أعدادًا كبيرة من اللاجئين – 3.6 مليون سوري في تركيا و 3.5 مليون أفغاني في إيران. ويقومان بتوظيف ورقة اللاجئين للضغط على الاتحاد الأوروبي في قضاياه الخاصة.
تقاطع المصالح:
تعد الحرب السورية مجالًا يمثل تنافسًا إيرانًيا تركيًا، وميدانًا لتقاطع المصالح لاسيما مع قضية الأكراد، فقد أدى اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، ودعم إيران للرئيس السوري “بشار الأسد”، والموقف المناهض الذي اتخذته تركيا الداعية للإطاحة بالحكم السوري، إلى وضع تركيا وإيران على طرفي انقسام مختلفين،وأحدث بينهما توترًا كبيرًا، ورغم انخراط كل منهما في مسار عمليات سياسية بالتعاون مع روسيا إلا أن نجاح طهران وفق هذا التعاون في إعادة سيطرة الأسد على مناطق واسعة من البلاد، وفي تعزيز موقع الأكراد في شمال سوريا، قد اضطُّر أنقرة إلى إعادة التفكير في سياستها، باعتبار حاجتها أنها بحاجة إلى تعاون إيراني وروسي لمنع السوريين الأكراد من التقدم في اتجاه تحقيق الاستقلال، حيث لا ترغب أنقرة في رؤية سيناريو الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق يعيد نفسه في شمال سوريا.
لكن نجد أن أهمية إيران في عملية “أستانا” تضاءلت مع تحول العملية بشكل متزايد إلى تعاون تركي- روسي، وهو ما سيزيد من التنافس _لاسيما في ظل الدور الحصري للحرس الثوري الإيراني على المجال العسكري السوري.
تشكل المصالح الاقتصادية الدعامة الرئيسية للعلاقات بين البلدين، وكل منهما يمثل شريانًا اقتصاديًا مُهِّمًا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، وتدهور علاقات تركيا بالغرب. وتتزامن المصالح التركية والإيرانية في مجالات الطاقة والتجارة؛ خاصة بسبب اعتماد تركيا على النفط والغاز الإيراني وواردات إيران من البضائع التركية. وقد تم تقليص شراء تركيا للنفط الإيراني وواردات إيران من المنتجات التركية منذ عام 2018؛ بسبب العقوبات التي أعاد الرئيس دونالد ترامب فرضها على إيران – خاصة بعد أبريل 2019 – عندما ألغت الولايات المتحدة الإعفاء الممنوح لتركيا وسبعة مستوردين رئيسيين آخرين للنفط الإيراني. وفي عام 2019، انخفضت حصة النفط الخام والمنتجات النفطية في الواردات التركية من إيران بنسبة 63٪ وانخفض الفائض التجاري التقليدي لإيران بنسبة 79٪. في الوقت نفسه. أدى “الضغط الأقصى” الذي تمارسه واشنطن على طهران إلى تقليص قدرة إيران على شراء البضائع التركية.
وصدرت إيران سلعًا بقيمة ملياري دولار إلى تركيا في عام 2020، فيما بلغت قيمة الواردات من تركيا 2.254 مليار دولار.
كان المستهدف لحجم التجارة بين البلدين 30 مليار دولار سنويًا قبل العقوبات، ومع ذلك؛ وبسبب الضغوط الاقتصادية والعقوبات، حدث انخفاض في مشتريات النفط من إيران خلال السنوات الثلاثة الماضية، بينما أدت جائحة فيروس كورونا إلى خفض حجم التجارة بين البلدين في عام 2020.
خلال شهر أبريل2021، تم التوقيع على مذكرة تفاهم خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وتركيا المشتركة في 28 أبريل. وركزت على مجالات مختلفة، بما في ذلك (التجارة ، الجمارك، الطاقة، الصناعة، التكنولوجيا، النقل، تكنولوجيا المعلومات،الصحة، التعليم، البيئة، الهندسة الحضرية، الزراعة والغابات، البث التلفزيوني والإذاعي، المرافق، الوظائف والرفاهية، وكذلك الثقافة والسياحة). في نفس الوقت الذي زاد فيه حجم التجارة الثنائية بين إيران وتركيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
مع ذلك، في المرجح أن تشهد العلاقات الاقتصادية أفاقًا أكثر انفتاحًا في حال عودة الولايات المتحدة في ظل ولاية بايدن إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، التي انسحب ترامب منها الولايات المتحدة في عام 2018، وتم الإلغاء التدريجي للعقوبات المفروضة على إيران. ومن ثم فقد شهدت التفاعلات الاقتصادية التركية الإيرانية مرة أخرى تحسنًا فلا يزال من المرجح أن تكون إيران موردًا رئيسيًا للطاقة لتركيا، وستستمر البضائع التركية في احتكار حصة كبيرة من السوق الإيرانية؛ بسبب الملاءمة الجغرافية وانخفاض تكاليف النقل.
التنافس التركي الإيراني:
بصرف النظر عن الإقليمية التي دفعت بالبلدين للتقارب على مدار العشر سنوات الأخيرة، فإن سياسات البلدين متعارضة بشكل مباشر في سياقين آخرين: في القوقاز والعراق.
في القوقاز: عززت تركيا تعاونها مع أذربيجان إلى مستوى أعلى من التعاون العسكري خلال الحرب الأذرية الأرمنية على ناغورنو كاراباخ، وتعد القضية الأذرية موضوعًا كامنًا ومستمرًا ولكنه شديد الحساسية في السياسة الإيرانية؛ لذا وجهت اتهامات تركيا لإيران في ديسمبر 2020، عندما ألقى أردوغان قصيدة قومية في باكو دعت إلى اتحاد الأذربيجانيين (أي اتحاد يضم جمهورية أذربيجان ومنطقة أذربيجان الإيرانية).
لذا يؤدي استمرار مشاركة تركيا المتزايدة وتدخلها العسكري في المنطقة إلى إفساد العلاقة بينهما، إذ أنها مسألة تتعلق بالأمن القومي الإيراني، وبوجود إجماع واسع بين مختلف الفصائل السياسية في إيران حول هذا الموضوع، حيث تشعر طهران بالقلق بشكل خاص من أن تركيا تستغل هويتها العرقية، التي تتشارك فيها مع العديد من الدول في آسيا الوسطى والقوقاز؛ لتوسيع نفوذها.
العراق: أدى التعاون بين تركيا وإيران ضد محاولات الاستقلال الكردي عام 2017 إلى التنافس بين البلدين، حيث تدخلت تركيا بشكل متزايد في شمال العراق في معركتها ضد حزب العمال الكردستاني، وتمكنت من إخضاع المناطق الجبلية في شمال العراق على طول الحدود التركية العراقية فعليًا للسيطرة العسكرية التركية، وتحاول تركيا تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، هنا ظهرت معادلة قوة جديدة تقف فيها تركيا إلى جانب حكومة إقليم كردستان ضد الميليشيات المدعومة من إيران والمتحالفة فعليًا مع حزب العمال الكردستاني، وفي ظل حرص إيران على الحفاظ على مكاسبها في العراق، ونظرًا لقدوم رئيس مرتبط بالحرس الثوري وتوقعِ مزيدًا من عسكرة السياسة الخارجية الإيرانية، فإن الصراع بين تركيا وإيران أصبح أكثر حتميةً في ضوء دعم الحرس الثوري للميليشيات العراقية المرتبطة بإيران؛ لذا من المرجح أن تستمر هجمات الوكلاء الإيرانيين على القواعد التركية في العراق دون أن تصل إلى مرحلة التصعيد المباشر.
أن مسار تحرك السياسة التركية والإيرانية إقليميًا قد يكون مثار تنافس إقليمي بين البلدين، فجهود تركيا في تسليح نفسها وزيادة قدرتها على إنتاج أسلحة متطورة بمفردها نابعة جزئيًا من سباق التسلح الإقليمي بشكل عام، ومن شعورها بخطر الصواريخ الإيرانية بشكل خاص، وقد يكون تطوير صواريخ تركية بعيدة المدى يمثل ردًا على قدرات إيران الصاروخية في هذا الشأن.
وكون أن تركيا عضوًا في حلف الناتو وبالتالي حليفًا للولايات المتحدة (العدو الأساسي لإيران). على الرغم من أنها اتخذت مؤخرًا موقفًا متحديًا تجاه الولايات المتحدة في العديد من القضايا، بما في ذلك شراء أنظمة دفاع جوي من روسيا والتصرف بقوة في سوريا على الرغم من التحفظات الأمريكية، فإنه يصعب على إيران التأكد من أنه في حالة حدوث ضغط، فإن تركيا ستتخلى عن التحالف مع الولايات المتحدة من أجل إيران، وهو الأمر الذي يعكس قرار أنقرة بخفض واردات النفط الإيراني تحت تهديد العقوبات الأمريكية بما يمثل رسالة معاكسة تمامًا.
في الآونة الأخيرة، كانت هناك عدة مؤشرات على محاولة تركيا والمملكة العربية السعودية تحسين علاقاتهما، بالإضافة إلى بعض الخطوات المتواضعة التي اتخذتها تركيا بهدف اختبار الوضع مع إسرائيل ومصر، لم تسفر أي من هذه المحاولات عن أي شيء ملموس حتى الآن، لكن إذا تمكنت هذه المحاولات من تحقيق بعض النتائج – على المسارين السعودي التركي – فسيؤثر ذلك سلبًا على العلاقات التركية الإيرانية، وإن كان بطريقة محدودة.
أفغانستان: خلق الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وسيطرة طالبان مساحة جديدة للسياسة التركية والإيرانية، التي قد تتنافس لاسيما أن وضع أفغانستان الجديد سيجبر إيران على إعداد استراتيجية دفاع جديدة، كما أعادت نشر قواتها العسكرية التابعة للحرس الثوري والقوات المسلحة النظامية على طول الحدود مع أفغانستان، كما تستهدف إيران أن تجعل أفغانستان وآسيا الوسطى أهم الأسواق للبضائع الإيرانية فضلًا عن حماية الشيعة الأفغان، و”لواء فاكميون الأفغاني” التابع لإيران، وقد أعلن إبراهيم رئيسي مؤخرًا أن إيران ستركز في سياستها الخارجية على آسيا ومنطقة الشرق الأوسط، في ذات السياق تحاول تركيا أن توظف أفغانستان كورقة لتحسين علاقتها بالولايات المتحدة والناتو من خلال المطالبة بحماية أمن مطار كابول، تسعى في محاولة دورها في آسيا، وهو ما سيضاعف مساحات التنافس مع إيران_ لاسيما لو تحسنت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة.
خاتمة:
بشكل عام، من المقرر أن تتدهور العلاقات بين إيران وتركيا في الفترة المقبلة؛ لتصاعد دور الحرس الثوري في السياسة الخارجية التركية؛ ولأن السياق الإقليمي المتغير سيجبر البلدين في اتجاهين متعاكسين. ومع ذلك، سيظل هناك تنافس لكنه سيكون محدودًا، ستعمل إيران وتركيا على إبقاء أي اشتباكات تحت السيطرة، علاوة على ذلك، إذا تم رفع أو تخفيف العقوبات الأمريكية ضد إيران؛ فستكون التجارة مرة أخرى الركيزة الأساسية للعلاقة حتى خلال فترة التنافس.
وبِناءً على ما سبق، فإنه إذا كانت الدلائل تشير إلى إمكانيه تدهور العلاقات بين أمريكا وتركيا في المرحلة المقبلة؛ وذلك لأن السياق الإقليمي المتغير قد يجبر البلدين علي السير في اتجاهين متعاكسين خاصة في ضوء تصاعد دور الحرث الثوري في السياسة الخارجية الإيرانية، فإن المتوقع أن يكون التنافس بينهما في إطار محكوم يعكس حرص الطرفين علي إبقاء علاقاتهما تحت السيطرة، هذا فضلًا عن أنه في حالة رفع أو تخفيف العقوبات الأمريكية علي إيران، فإن الغالب أن تكون التجارة هما الركيزة الأساسية للعلاقات التركية الإيرانية حتى في ضوء التنافس.