2018العدد 176عروض كتب

المشهد العربى والتحولات الدولية والاقليمية

هذا الكتاب يجمع عدة اوراق قدمت الى  المؤتمر القومي العربي وامانته العامة خلال فترة اكتوبر 2015 الى مايو 2017 ، تناولت المشهد العربي والإقليمي والدولي والتحولات البنيوية التنى اثرت في مسار الامور ، وهذه الاوراق هى بدورها نتيجة قراءات متأنية للمشهد الدولى الاقليمى والعربى امتدت على مدى عقدين من الزمان ، حيث تم رصد في مطلع الالفية الحالية تحولات انذرت بافول المشروع الامبراطورى الامريكى ، لكن رغم اهمية ذلك الاستشراف لمستقبل الولايات المتحدة الا ان التحولات في العالم ليست متأثرة فقط بالتحولات داخل الولايات المتحدة او متعلقة بها بل تعود ايضا الى ظروف ذاتية خاصة تلك الدول والمجموعات ، فظاهرة مجموعة البريكس ” وهو اسم مختصر لحروف اسماء الدول صاحبة اسرع نمو اقتصادى في العالم وهى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا ” ، وعلى سبيل المثال ، تشكل نموذجا من التفاعل السلبى مع الهيمنة الامريكية وتطلعات ذاتية نحو المزيد من الاستقلالية ، باعتبار ان ظاهرة العولمة التى اخذت بعدا اعلاميا واسعا بعد سقوط الاتحاد السوفياتى انتجت بنية فكرية ثقافية مناهضة لموروث سياسى وثقافى خاص  بكل دولة في العالم حيث الهوية الوطنية والسيادة تخضعان لضرورات ترسيخ العولمة والقضاء على الحدود ، وخاصة في حركة رؤوس الاموال .

والكتاب يحتوى على اربعة فصول والفصل الاول عنوانه المشهد الدولى والاقليمى والعربى ، حيث يشير فيه  الكاتب ان المشهد الدولى يتميز بمسار تراجعى لقوى كانت تتحكم بالمسار العالمى ، اى الغرب ، ومسار صاعد لمجموعة دول كانت في مرتبة ادنى ، لكنها استطاعت ان تفرض واقعها وتتصدى لهيمنة الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص وعند الحديث عن الغرب ، فالمقصود به هو الولايات المتحدة ، والى حد ما الاتحاد الاوروبى ، ومن داخل الاتحاد الاوروبى ثلاث دول هم المانيا والمملكة المتحدة وفرنسا ، لما لها من تأثير مباشر ، وان كان محدودا على مسار الامور في الاقليم ، اما فيما يتعلق بالمحور الصاعد فهو محور دول البريكس الذى ستنضم اليه دول محور المقاومة في تقدير الكاتب في وقت لاحق .

ويتحدث الكاتب في الفصل الاول ايضا عن المسار العام للولايات المتحدة داخليا وخارجيا في ان واحد ، ومواطن القوة والضعف ، وهناك استفاضه في ذلك الموضوع لان الولايات المتحدة عضو بارز  لمشاكل العالم والمنطقة ، وبالتالى ، فان الاستفاضة في شرح التراجع الامريكى ضرورة لفهم وتقدير ما يمكن  للولايات المتحدة ان تقوم به ، ثم يعالج مواقف الولايات المتحدة لقضايا دولية واقليمية ومحلية ، وهناك اشارة ايضا لمواقف الاتحاد الاوروبى وبعض الدول المؤثرة في مختلف الملفات الساخنة في المنطقة .

ثم هناك تناول لدول البريكس وخاصة روسيا والصين والمواقف تجاه الازمات الساخنة في المنطقة خاصة في سوريا واليمن والعراق ومصر ، فتتصدر روسيا مجموعة دول البريكس في دعم الدولة السورية في مواجهة شتى التنظيمات المتشددة ، والتى تدعم خارجيا من بعض دول المنطقة ، ومن جهة اخرى تعتبر روسيا ان الحل السياسى في سوريا يجب ان يحافظ على وحدة الاراضى ، وان يضم الدولة والمعارضة التى تري ان تشارك في العملية السياسية ، اما مستقبل الرئيس السورى فيحدده الشعب السورى عبر صناديق الاقتراع ، وليس في اروقة الامم المتحدة .

وبالنسبة للملف العراقى ، فيرى الكاتب انه  عاجلا ام اجلا قد تضطر روسيا للتدخل العسكرى في العراق ، وذلك بالتنسيق مع الحكومة العراقية .

اما عن فلسطين فوجهة النظر الروسية ، ومعها الصين والهند ، هو الالتزام بالقرارات الدولية خاصة في اطار حل الدولتين للقضية الفلسطينية، وهنا يظهر بوادر الخلاف في مستقبل قد لا يكون بعيدا عن محور المقاومة الذى يطالب بتحرير كامل التراب واسترجاع الحقوق الفلسطينية كافة ، ما فيها حق العودة ، ولروسيا والصين والهند مصالح كبيرة مع اسرائيل ، فالجالية الروسية في اسرائيل تتجاوز المليون شخص ، كما ان عددا من حقول الغاز في اراضيها مستثمرة روسيا .

اما مصر فالقيادة الجديدة حسب قول الكاتب بعد سقوط الاخوان المسلمين تريد نسج علاقات جديدة مع روسيا ، وعلى ما يبدو ، تستجيب روسيا للمبادرة المصرية ، خاصة ان الموضوع المشترك في مكافحة التطرف الدينى يفرض تعاونا اكبر بينهما ، قرار اعادة تسليح الجيش المصرى بالسلاح الروسى يشكل تحولا استراتيجيا للدولتين ، حتى هذه الساعة يمكن اعتبار ذلك التحول مبادرة مصرية استجابت لها روسيا .

اما ليبيا فكان خداع او غدر الولايات المتحدة في الموقف تجاه ليبيا ذروة الاستهتار بروسيا فاصبحت نقطة تحول في السلوك الروسى المتشدد في الملف السورىة والملف الاوكرانى نتيجة ذلك ، ومعبرا عن المصلحة القومية الروسية ، فليس لروسيا علاقات مع الحكومة الليبية الحالية ولا يمكن توقع عودة روسيا الى ليبيا في المدى القريب ولكن عبر اقامة جبهة عريضة تقودها لمحاربة التشدد والتى ستضم لمصر ، يمكن استشراف عودة روسيا الى ليبيا .

اما عن المشهد الاقليمى فهناك ثلاث دول في المشهد الاقليمى هم :- اسرائيل ، تركيا ، ايران ، اسرائيل وتركيا في حالة تنسيق في الحد الادنى ، وفى حالة تحالف مع الحد الاقصى ، وكلتا الحالتين لهما  تداعيات موقفهما على المشهد العربى سياسيا وعسكريا وامنيا واقتصاديا ، فبالنسبة لمواطن القوة في اسرائيل فتتمثل في جيشه، وقدرتها التكنولوجية ، وايضا عقيدتها الصهيونية التى تعتبر حافزا حاسما في جلب الكفاءات الغربية اليهودية الىها ، فضل عن اعتبارها من عناصر قوة الدعم الغربى شبه المطلق لها، كما ان  اهم عناصر قوة اسرائيل هو الضعف العربى .

وبالنسبة لتركيا فتكمن مواطن قوتها في الحجم الجغرافى والسكانى والاقتصادى وايضا تسويق صورة نمط حكم الاسلام المستنير ، اما ايران فقد اصبحت قوة اقليمية عظمى بعد ما نجحت في دخول النادى النووى العالمى ، وايران مرشحة للعب دور اساسى في مسار الامور في المنطقة مما يقلق اسرائيل ومعه بعض الدول العربية ، خاصة بعد نجاح المفاوضات مع مجموعة دول 5+1 .

اما المشهد العربى فقراءتة تفيد ان الصورة النمطية السابقة والقائمة حتى الان عند عدد من المراقبين ، هى حول التبعية للقرارات الخارجية بشكل عام ، والقرار الامريكى بشكل خاص ، فهذه الصورة لم تعد تعكس يقين الموقف ، فالدول العربية بمختلف تشكيلاتها  الملكية او الجمهورية ، تحظى باستقلالية اكبر مما كانت عليه ، والخلاصة التى يراها الكاتب ان التراجع الغربى بشكل عام والامريكى بشكل خاص ، قد يعكس تغيرا ملموسا في موازين القوى على الصعيد العالمى ، وعلى الصعيد الاقليمى، والتغيير في موازين القوى قد يمهد لقيام نظام اقليمى جديد يخدم مصالح دول وشعوب المنطقة اكثر مما يخدم المصالح الخارجية.

اما الفصل الثانى من الكتاب فعنوانه حال الامة ، تقدير موقف ومنطق الصراعات في الوطن العربى .

يقول الكاتب ان حال الامة العربية حال حرب وتقلبات تنذر بتغيرات جذرية في الدول ، فالوطن العربى من مشرقه الى مغربه ، مرورا بالجزيرة العربية ، مسرح لصراعات مختلفة ، منها ذات طابع دولى ومنها ذات طابع اقليمى ، ومنها طابعها عربى ، وكثير منها مزيج من الثلاث ، وهذه الصراعات معظمها مزمن في الجوهر وان تغيرت الى حد كبير ادوار اللاعبين الدوليين والاقليميين والعرب .

ولا يمكن انكار دور الولايات المتحدة اسرائيل في تأجيج صراعات قديمة وخلق صراعات جديدة ، الا ان الفكرة الاساسية المطروحة هنا هى ان القسط الاكبر من الصراعات العربية من صنع عربى ، والمفتاح الرئيسى لمعظم الصراعات القائمة ، هو ان القضية الفلسطينية التى كانت ، وما زالت ، وستستمر الى يوم الحسم او النصر النهائى في استرجاع فلسطين .

ثم يتحدث الكاتب بعد ذلك عن الصراع العربى الاقليمى ، حيث يتمحور الصراع العربى الاقليمى في عدد من الساحات العربية ، الساحة الاولى ، هى الصراع العربى الاسرائيلى ، الصراع الام لمعظم الصراعات العربية والعربية الاقليمية والدولية .

اما الصراع الثانى فهو الصراع العربى التركى في ساحات متعددة كالساحة المصرية والساحة السورية ، وساحة الجزيرة العربية ،

اما الصراع الثالث فهو صراع المملكة العربية السعودية مع ايران في كل من الساحة العراقية والسورية واللبنانية واليمنية ، وما يرافقه من محاولات نسج تحالفات بين مصر والسعودية بمشروع الجسر الذى يربط ” اسيا بافريقيا ” .

ثم يتحدث الكاتب بعد ذلك عن الصراعات العربية العربية حيث انه انعكاس لصراعات دولية اقليمية في الساحات العربية ، كما هو ايضا صراع ذاتى فالصراع القائم هو النسخة المحدثة لصراعات الخمسينات والستينات بين محور حركة التحرر العربية انذاك بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر وما كان يسمى بالرجعية العربية .

اما اليوم ، فالصراع بين محور عربى معتدل ومحور مقاوم رافض للتبعية للخارج ، ومناصر لقضية فلسطين وطامح الى اقامة وحدة عربية ، وبين محور دول تريد تصفية القضية الفلسطينية وبعيد عن الشأن القومى الوحدوى ومنغلق في قطرية دوله ، ولا ترى اى حرج من التبعية للخارج سواء كان للغرب او اليوم اسرائيل الذى يحميها في هدر الثروة الريعية وتقويض تنمية الدول العربية المنافسة لها .

ثم يقول انه لابد من ابراز المشروع النهضوى العربى كبديل عن المشاريع التى تقسم وتفتت الامة فالخطاب العروبى يجمع بينما الخطاب السياسى الدينى لن يكون الا مذهبيا ، وبالتالى تفريقيا ، وتجسيد العروبة كما نفهمها لن يكون الا مذهبيا ، وبالتالى تفريقيا ، كما انه لن يكون الا عبر اعلان اقامة دولة الوحدة العربية .

اما الفصل الثالث من الكتاب فعنوانه المستجدات في المشهد الدولى والاقليمى العربى .

في هذا الجزء يستعرض الكاتب المستجدات في الولايات المتحدة ، والاتحاد الاوروبى ، ومجموعة البريكس وهذه المستجدات تقارب من منظور القوة والضعف ، فالتحولات بين مجموعة الدول الصاعدة ( البريكس ) ومعها محور المقاومة ( سورية ، حزب الله ، وايران ) وبين الكتلة الغربية اى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى ، تحولات حسب رأى الكاتب لمصلحة الكتلة الاولى فالشرق يصعد والغرب يتراجع ، فالولايات المتحدة مثلا هناك خيال اسمه  ” الحلم الامريكى ” والواقع ان ذلك الحلم اصبح في يد فئة قليلة التى تتمتع بحياة الرفاهية الاقتصادية وتمركز الثروة والنشاط الاقتصادى ،لكن السبب الاهم كما يراه الكاتب هو رداءة النخب السياسية الحاكمة والطامحة للحكم من ديمقراطيين وجمهوريين ، سواء كانت بسبب قلة المعرفة والجهل المتفشى ، وقلة الخبرة ، وهكذا انهارت الامبراطورية القديمة ، وهكذا تراجعت الحضارة العربية الاسلامية وهذا حسب شرح ابن خلدون .

اما المستجدات في اوروبا فهى تقسم على ثلاث محطات الاولى هى قديمة نسبيا ، استمرار الازمة الاوكرانية وتفاقمها سياسيا وميدانيا وعجز الاتحاد الاوروبى عن مواجهتها سواء عجز موضوعى او بسبب فقدان الرؤية والقدرة والارادة ، والثانية هى موجة المهاجرين والنازحين من دول شمال افريقيا وسوريا وافغانستان الساعين لحياة افضل او الهاربين من اتون الحروب والسموم التى اطلقتها سياسات الولايات و الاتحاد الاوروبى والحلف الاطلسى في دول شمال افريقيا ( ليبيا مثلا ) وشرق البحر المتوسط ( سوريا ) ووسط اسيا ( افغانستان) .

والثالثة هى قرار الناخبين البريطانيين الخروج من منظومة الاتحاد الاوروبى فكانت الصدمة في نتائج التصويت ليست فقط على الحكومة البريطانية ولكن عند الادارة الامريكية التى تعتمد عليه  كحليف موثوق ومطيع داخل الاتحاد الاوروبى .

وبالنسبة للمستجدات في البريكس فقد اتسمت سياسة كل من روسيا والصين بالمزيد من التصدى لسياسات الولايات المتحدة عبر تصعيد عسكرى في سوريا وفى بحر الصين .

اما عن المستجدات العربية ، وبالنسبة لفلسطين فنقطتان اساسيتان في المشهد الفلسطينى ، احداهما سلبية والثانية ايجابية ، فالنقطة السلبية تكمن في استمرار الانقسام الفلسطينى على صعيد الفصائل والنخب الحاكمة ، من الصعب للمواطن العربى المستاء من هذا الانقسام ان يتفهم استمراره الذى يعطى لاعدائه الذريعة المطلوبة للاستمرار بالتوسع والقمع للشعب الفلسطينى ، اما الايجابية فتكمن في حيوية الشعب الفلسطينى ، خاصة عند ابناءه من صبايا وشباب ، والانتفاضات الثانية رغم انقسام الفصائل .

اما العراق فقد استعادت الحكومة العراقية مناطق عديدة من سيطرة داعش ، وخاصة في غرب العراق وهناك اشارة ايضا الى موجة الاحتجاجات ضد الفساد القائم داخل النخب الحاكمة ، فهذه الاحتجاجات الشعبية الضخمة تنذر بانفلات الوضع .

وسوريا استعادت مناطق عديدة من سيطرة جماعات التعصب والتوحش ومعها تحالف يضم القوات الروسية وقوات حزب الله والحزب السورى القومى الاجتماعى ومجموعات الحرس الثورى الايرانى واخرين على ما يبدو ان الحل السياسى الذى كان يعمل على عليه  بمبادرة من روسيا وبالتفاهم مع الولايات المتحدة لم يكتب له النجاح حتى الان

وبالنسبة لمصر فالمستجدات فيها هو التقارب بين روسيا والصين على الصعيد الدولى ، وحثيثا من سوريا على الصعيد العربى ، فالتقارب مع سوريا قد يبشر باستعادة مصر لدورها العربى واعادة الاستقرار والتوازن في المنطقة .

اما ليبيا فالوضع ملتبس رغم الجهود التى تبذل لايجاد حكومة تستطيع بسط سيطرتها على البلاد كما ان الجماعات المسلحة ما زالت تحظى بدعم خارجى ، ما يعزز عدم الاستقرار .

اما الفصل الرابع من الكتاب فعنوانه التحولات العالمية والاقليمية والمشهد العربى وهنا يضيف الكاتب ان القاعدة الفكرية وان جاز التعبير لمنطق الصراعات الداخلية ، فالدول العربية تشهد حراكا وتثبت فشل نموذج الدولة القطرية التى نشأت بعد الحرب العالمية الثانية والتى كان دورها الوظيفى استمرار تأمين مصالح القوى الاستعمارية ، انذاك ، ومن ثم مصالح الامبريالية فيما بعد ، ومؤخرا مصالح الهيمنة الامريكية فى سياق العولمة ومستلزماتها ، وذلك فى تحويل المجتمعات العربية الى مجتمعات استهلاكية فاقدة للهوية الوطنية والقومية ، وفاقدة للارادة المستقلـة ، ومتخليه نهائيا عن فلسطين .

كما ان النتيجة العملية هى اضعاف الدولة المركزية ومؤسساتها لمصلحة قوى محددة او اقلية مالية واقتصادية معنية فقط بمصالحها وليس بمصلحة الوطن ، فما بالك بمصلحة الامة!.

والفتنة التى يحاول التحالف الامريكى الصهيونى بمساعدة تركيا وبعض الدول الاخرى على اشعال التعصب الطائفى ( ضد الوجود المسيحى ) او المذهبى ( الفتنة السنية الشيعية ) ، او العرقية ( اثارة التنافر بين الامازيج والمكونات العربية فى المغرب العربى الكبير ) ، فانها تهدف الى مزيد من التفتيت داخل المجتمعات الواحدة ، سياسات النخب الحاكمة فى الدول التى تشهد مظاهر الفتنة ، لم ترتق الى مستوى المواجهة ، فما زالت معتمدة على الحلول العسكرية والامنية ، والاخيرة ، وان كانت ضرورية الا انها غير كافية ، فما زالت المواجهة الفكرية فى النخب الحاكمة ضعيفة لا تريد الصدام مع الدول المروجة للفتنة ، ولا يمكن وأد الفتنة الا عبر خطاب يجمع المكونات المتنوعة فى مخحتلف انحاء الوطن العربى .

هذا الخطاب هو جوهر الخطاب العروبى الذى يحمل خلاله المشروع النهضوى العربى .

فمثلا الصراع فى فلسطين يعكس الصراعات التى تدور فى المنطقة والعالم والمعركة فى فلسطين ليست معركة بناء دولة او سلطة بل معركة تحرير ارض ، والشعب الفلسطينى هو الشعب الوحيد الذى يواجه اخر دولة استعمارية فى العالم ، والعالم الغربى بحكوماته ما زال يدعم اخر المستعمرات الباقية فى العالم ، الولايات المتحدة ترمى بثقلها لانهاء الصراع ، وتراهن الولايات المتحدة والكيان الصهيونى على موافقة من بعض الدول العربية .

وهناك ايضا المشهد السورى الذى يتطور بشكل سريع على الصعيد الميدانى ، فمن جهة نشهد تقدم وانجازات الجيش السورى الذى يخوض مع حلفاؤه حربا كونية للسنة السابعة على التوالى ، ومن جهة اخرى نرى التورط العسكرى لكل من الولايات المتحدة وتركيا فى المعارك فى امكنة مختلفة فى سورية ، تعكس اولا حالة استياء من سير الامور بالنسبة الى اهدافهم المعلنة وغير المعلنة ، وثانيا حالة التخبط الكبيرة ، فسياسة شفى الهاوية التى تتبعها الولايات المتحدة وحلفاؤها قد تتحول بسرعة الى مجابهة اقليمية واسعة وربما عالمية .

واخيرا مصر فدورها ضرورى فى الوطن العربى لاعادة التوازن مرة اخرى وايضا دورها ضرورى للامن القومى العربى ، فخروج مصر من ساحة الصراع مع الكيان الصهيونى اوجد فراغا لم تستطع اى دولة عربية اخرى شغره، لذلك يرى الكاتب ضرورة حسم الخيار فى الاستمرار باتفاقية كامب ديفيد والخروج منها ، واذا تعذر الامر عل القيادة المصرية لاسباب موضوعية ، كالضيق الاقتصادى ، يمكن تفريغ كامب ديفيد من مضمونه ، فقناعة الكاتب هى ان القيادة المصرية معها الدولة العميقة التى تتماهى مع القوات المسلحة ، اى تسير معها فى اتجاه واحد .

عماد الدين حلمي عبد الفتاح

الأمانة العامة لجامعة الدول العربية – القاهرة

اظهر المزيد

عماد الدين حلمي عبدالفتاح

الأمانة العامة لجامعة الدول العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى