المصادفات الجميلة تصنع أحيانًا نجاحات أجمل، ففي 1956، وفي إحدى مدارس فاس بالمملكة المغربية، شاهد المدرسون بالمصادفة تلميذة اسمها “زهرة اليزيدي” تجيد الجري بسرعة وقوة، التفتوا إليها واهتموا بها وساعدوها وفتحوا أمامها الأبواب، ولم يكونوا يعرفون وقتها أنهم عن طريق زهرة الصغيرة يبدؤون تاريخ الرياضة النسائية في المغرب. وبعد عام واحد، تكررت نفس المصادفة في إحدى مدارس القاهرة1957، شاهدت مدرسّة الألعاب تلميذة اسمها “أمينة محمود”، وهي تجري فأدركت أنها مشروع بطلة، وبالفعل اصطحبت هذه المدرسِّة الطفلة الصغيرة إلى أحد الأندية وساعدتها وشجعتها على ممارسة الرياضة حتى كبرت هذه الطفلة، وأصبحت بطلة ثم كانت أول لاعبة مصرية تشارك في الدورات الأوليمبية، وكانت دورة ميونيخ 1972. وبعد زهرة وأمينة ، تكررت المصادفات وتوالت الحكايات ونالت المرأة العربية حقوقها الرياضية، وأصبحت قادرة على اللعب وعلى الانتصار والبطولة أيضًا، ولم تتأخر أي دولة أو قيادة عربية عن مساندة فتياتها ونسائها لممارسة حقوقهن الرياضية، فسقطت حواجز كثيرة كانت قائمة في الماضي ولم يعد لها وجود الآن وباتت ممكنة كل الأحلام الرياضية النسائية العربية.
وتبقى المشكلة الحقيقية هي أن كل المحاولات السابقة لكتابة حكاية المرأة العربية والرياضة اختصرت هذه الحكاية الجميلة في عدد الميداليات والبطولات التي فازت بها اللاعبات العربيات في مختلف الألعاب لدرجة أن أي حديث عن المرأة العربية والرياضة مهما كان جديدًا يبدو قديمًا ومكرَّرًا وليس فيه أي جديد؛ لأنه يحوي نفس الأسماء ونفس الميداليات ونفس الرؤية أيضًا. وعلى الرغم من أهمية هذه الميداليات والبطولات التي ترمز لقوة وإصرار وإرادة اللاعبة العربية، فإن الحكاية أكبر وأجمل من أي ميدالية أو بطولة، فبعد التعليم والعمل وغيرهما، كانت الرياضة أحدث مجال تنتصر فيه المرأة العربية وتنال الكثير من حقوقها، وكانت طريقًا طويلًا مليئًا بالأشواك والموانع والأسوار؛ حيث كان رجال عرب كثيرون شديدي الإخلاص للبارون الفرنسي “دي كوبرتان” مؤسس اللجنة الأوليمبية الدولية 1894، الذي كان يرى أنه من الخطأ السماح للمرأة بممارسة الرياضة؛ لأنه أمر غير عملي وغير جذاب وغير جميل أيضًا، ورفض الرجل أن تشارك المرأة بأي شكل وفي أي لعبة في أول دورة أوليمبية 1896 . وأمام بعض الضغوط، وافق كوبرتان على استحياء بمشاركة النساء في لعبتي (التنس، والجولف) في الدورة الأوليمبية الثانية 1900، وظل كوبرتان ومن معه تتغير أفكارهم وأحكامهم حتى نالت نساء العالم كل حقوقهن الأوليمبية.
وعبر 90 عامًا، منذ 1932 في مصر وحتى 2022 في العراق، كانت وطالت رحلة المرأة العربية مع الرياضة، رحلة لم يكن من أهدافها الفوز أو الانتصار على أي أحد إنما فقط إثبات الحقوق، وحين قررت (نعيمة دلال، وسلمى زكي) ممارسة الملاكمة في مدينة رأس البر المصرية في 1932، لم تكن الاثنتان تبحثان أو تحلمان بأي بطولة ولم تكن أي منهما تعتزم منافسة أي أحد، لكنهما فقط أرادتا التأكيد على أنه من حق الفتاة المصرية أن تمارس أي رياضة تهواها لمجرد أن تستمتع بها دون شرط أن تصبح إحدى بطلاتها. وقد اختارت نعيمة وسلمى الملاكمة بالتحديد باعتبارها اللعبة القاسية التي لم يكن أي أحد وقتها يتخيل أنها تناسب الفتيات والنساء. أما (هازة حسن، وبيمان طه)، فقد قررتا في 2022 ممارسة الرياضة مع 130 امرأة في السليمانية شمال العراق لمقاومة المرض والتعب والاكتئاب. وإذا كانت نعيمة وسلمى قد اختارتا الملاكمة قبل 90 عامًا كنوع من التحدي لأنها لعبة غير شائعة لدى النساء، فإن هازة وبيمان اختارتا تسلق الجبال بنفس التحدي الذى كان منذ 90 عامًا لأنه ليس شائعًا؛ ولأن مَن قررن مشاركة هازة وبيمان لم تكن لديهن أي خبرة سابقة في تسلق الجبال إنما أردن فقط هذا التحدي، وبينهن كانت المريضة بالسرطان أو ضحية العجز والوحدة والاكتئاب، ورغم الرفض والمعارضة والسخرية في البداية، استطاعت سيدات السليمانية المقاومة والانتصار سواء على المرض أو على الساخرين والمعترضين.
وقبل أن تنجح نساء العراق في تسلق جبال السليمانية لمقاومة الخوف والحزن والاكتئاب والمرض، كانت هناك اللبنانية “جويس عزام”، التي كانت لديها منذ ولادتها مشاكل في الرئة ومفاصل الساقين، وكانت زميلاتها في المدرسة يسخرن منها طول الوقت فقررت أولًا أن تجري لتثبت لنفسها وليس للآخرين أنه لا شيء مستحيل أمام إرادة وإصرار الإنسان، ثم قررت في 2012 أن تبدأ تسلق قمم العالم من باب التحدي ومقاومة الظروف والمرض، ونجحت بالفعل في تسلق ثلاث قمم في (أمريكا اللاتينية، وأمريكا الشمالية، وأوروبا)، وتوقفت جويس بعدها لاستكمال دراستها فنالت بكالوريوس الهندسة المعمارية في بيروت ثم الماجستير وبعده الدكتوراه في روما، وعادت لاستكمال رحلة عنادها فتسلقت جبل كليمنجارو في إفريقيا، ثم كان نجاحها الأكبر حين تسلقت في 2019 قمة إيفرست أعلى قمة في العالم في رحلة صعود استغرقت 57 يومًا لتصبح أول امرأة عربية تنجح في ذلك، ولم تكتفِ جويس بذلك، إنما نجحت أيضًا في الوصول إلى القطبين الجنوبي والشمالي؛ لتكون أول امرأة عربية تنجح في ذلك ورابع امرأة في العالم . أما بعد تسلق نساء العراق لجبال السليمانية، كانت هناك المصرية “منال رستم” التي صعدت لقمة إيفرست بعد 60 يومًا، ومثل جويس درست منال الهندسة أيضًا، ومثلها أيضًا قررت خوض هذا التحدي الصعب الذى قد يعجز عن تحقيقه كثير من الرجال؛ فكانت أول رياضية مصرية تتسلق جبل مون بلان وسط جبال الألب، وسبق لها تسلق (جبال سانت كاترين في مصر، وكليمنجارو في كينيا، وتوبكال في المغرب، وجبل شمس في عمان) . وكانت أيضًا بطلة الجري المصرية الوحيدة التي شاركت في 13 سباق للماراثون منها الخمسة سباقات الأشهر والأهم ( نيويورك، وبرلين، وشيكاجو، وبوسطن، ولندن)، والمصرية الوحيدة التي شاركت وجرت في سباق ماراثون سور الصين العظيم، وأصبحت بعد ذلك حريصة على المشاركة في حملات عالمية دفاعًا عن حقوق نساء العالم وضد أي تمييز أو تفرقة أو اضطهاد.
واستكمالًا لحكايات التحدي الرياضي والإنساني على طريقة المرأة العربية، حكت الشيخة “نعيمة الصباح” في 2012 كرئيس للجنة رياضة المرأة الخليجية عن فتيات سلطنة عمان اللاتي شاركن في سباق الطواف العربي وأبحرن في الخليج 15 يومًا متصل، وقالت الشيخة نعيمة الصباح وقتها: “أن ما جرى من بطلات سلطنة عمان هو شيء مبهر وجميل، لكنه ليس غريبًا على أهل سلطنة عمان صاحبة التاريخ الحافل والطويل في البحر والإبحار”. أما “دانية عقل” فكانت أيضًا صاحبة حكاية جميلة للتحدي وإثبات قوة وإرادة المرأة السعودية والعربية، ففي 2021، نجحت البطلة السعودية دانية في أن تصبح أول سائقة سعودية وعربية تفوز ببطولة كأس العالم للراليات الصحراوية. ومثل دانية كانت السعودية أيضًا “مشاعل العبيدان”، التي تألقت في سباقات الراليات في أوروبا وكانت من العشرة الأوائل في بطولة إسبانيا للراليات الصحراوية، وسبقت (دانية، ومشاعل) سائقات عرب أخريات مثل: المصرية “يارا شلبي”، والفلسطينيات (ميسون الجيوسي، وبيتي سعادة، ومرح زحالقة، ونور داوود).
وإلى جانب هذه المشاوير النسائية العربية الحافلة بالتحدي والنجاح أيضًا التي لا يذكرها أحد حين يتحدث عن أي نجاحات وإنجازات رياضية للمرأة رغم كل معانيها ودلالاتها، هناك أيضًا نجاحات حقيقية وكثيرة للمرأة العربية في الإدارة الرياضية بمختلف زواياها وروافدها. وفي المغرب كانت البداية لتلك الحكايات، ففي عام 2007 ، أصبحت “نوال المتوكل” وزيرة للرياضة في المغرب، أول امرأة عربية تتولى هذا المنصب وكان ذلك تكريمًا لكونها أول رياضية عربية وإفريقية تفوز بميدالية أوليمبية ذهبية، بل أول ميدالية أوليمبية على الإطلاق إلى جانب نجاحات رياضية أخرى كثيرة جدًا، وبعد وزارة الرياضة في بلادها، أصبحت نوال المتوكل أيضًا في 2012 أول امرأة عربية تشغل منصب نائب رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية ومرشحة دائمة لأن تصبح أول امرأة في العالم تترأس اللجنة الدولية. وبعد المغربية نوال المتوكل كأول وزيرة رياضة عربية، أصبحت التونسية “ماجدولين الشارنى” أول وزيرة للرياضة في بلادها، وخلفتها في الوزارة “سنية بالشيخ”. وبعدهما كانت “ولاء البوشي”، التي تولت وزارة الرياضة في السودان. وبعد ولاء السودانية شغلت اللبنانية “فارتينيه أوهانيان” وزيرة للرياضة في بلادها. وأخيرًا الجزائرية “سليمة سواكري”، التي تم تكليفها كوزيرة منتدبة لرياضة النخبة الجزائرية و”سهام العيادي” في تونس.
وغير المنصب الوزاري، هناك في البحرين الشيخة “حياة آل خليفة”، التي ترأست هيئة المرأة والرياضة التابعة للجنة الأوليمبية الدولية في قارة آسيا، وسبق ذلك تولي الشيخة حياة رئاسة أكثر من اتحاد رياضي إلى جانب عضوية مجلس الشباب والرياضة في البحرين. وفي السعودية هناك الأميرة “ريما بنت بندر آل سعود”، التي تولت رئاسة الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، وأحد أو أهم نجاحات الأميرة ريما كان إدراج التربية البدنية للفتيات في المناهج المدرسية بالمملكة العربية السعودية. وفي المغرب هناك “بشرى حجيج”، التي كانت أول امرأة عربية تتولى رئاسة اتحاد قاري رياضي بعدما ترأست الاتحاد الإفريقي للكرة الطائرة، إلى جانب منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي للانضباط. ونجحت الشيخة “فاطمة بنت هزاع بن زايد آل نهيان” في إدارة أكاديمية فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية، وفازت بجائزة المرأة العربية للريادة والتميز الرياضي التي قدمها المجلس العربي للمسؤولية المجتمعية برعاية جامعة الدول العربية. وأصبحت التونسية “مها الزاوي” المسؤولة عن الرجبي النسائي في الاتحاد الإفريقي للعبة. وتولت الأردنية “راندة النابلسي” إدارة لجنة المرأة في الاتحاد الدولي للسيارات. كما أصبحت الفلسطينية “هنا ثلجية” مدير للاتصالات والعلاقات العامة بالفيفا. ونجحت العمانية “سناء البوسعيدية” في قيادة حركة الرياضة النسائية في سلطنة عمان بالعديد من برامج الرياضة ومشروعاتها حتى أصبح الحلم واقعًا وحقيقة. وأصبحت “أسيل الحمد” أول سعودية تنضم للاتحاد الدولي للسيارات، وقبل ذلك كانت أول امرأة أيضًا في الاتحاد السعودي للسيارات، وأول سعودية تقود سيارة وتشارك في سباقات الفورميولا 1، وهناك نماذج أخرى وحكايات كثيرة جدًا تؤكد نجاح المرأة العربية وقدرتها على الإدارة الرياضية بمنتهى الحسم والقوة والشجاعة أيضًا.
وبعد مغامرات إثبات الذات والبحث عن الحقوق ونجاحات حقيقية للمرأة العربية في الإدارة، كانت هناك أيضًا نجاحات المرأة العربية في التدريب، وهناك رواية للأديبة الكبيرة “سلوى بكر” بعنوان (فيلة سوداء بأحذية بيضاء)، وبطلة الرواية هي “عفت زين” طالبة التربية الرياضية التي تعيش في حي الزيتون بالقاهرة وتحلم بأن تصبح مدربة جمباز ناجحة ومشهورة، وتستعرض سلوى بكر كل التحديات والأزمات التي واجهتها فتاة مصرية في السبعينيات وأجهضت حلمها بأن تكون مدربة، فمجتمع مصر في سبعينيات القرن الماضي لم يكن يقبل فكرة الفتاة أو المرأة التي تمتهن أو تحترف التدريب، ويكفي فقط أنه مسموح لها باللعب وليس أكثر من ذلك، وتغير كل ذلك الآن وليس في مصر فقط إنما في كل البلدان العربية، وأصبح هناك كثير من النساء اللاتي مارسن التدريب الرياضي في مختلف الألعاب. وكانت المصرية “هبة علي” صاحبة واحدة من أكبر هذه النجاحات بعدما أصبحت أول مدربة عربية تتولى تدريب منتخب غير عربي في لعبة جماعية، فقد تولت هبة تدريب المنتخب الأسترالي لكرة اليد النسائية في 2018، ونجحت هبة في تغيير شكل وأداء المنتخب الأسترالي، الذي كان لسنين طويلة من أضعف منتخبات آسيا، وكانت هبة قبل أستراليا تتولى تدريب نادي الجزيرة الإماراتي الذي قادته هبة للفوز بمختلف البطولات المحلية في الإمارات إلى جانب الفوز بالبطولة العربية عام 2013، وانتقلت هبة بعدها من تدريب الجزيرة إلى تدريب نادي الظفرة، وكانت نجاحاتها مع نادي الجزيرة ثم نادي الظفرة سببًا لأن يستعين بها الاتحاد الإماراتي لكرة اليد والاستعانة بخبراتها وتجاربها الناجحة لتطوير كرة اليد النسائية في الإمارات.
وبعد هبة، أصبحت “سارة البهبهاني” أول مدربة تنس في الكويت. وفي العراق أصبحت “تانيا مصطفى رسول” مدربة للفروسية ، كما أصبحت العراقية أيضًا “زينب الفيلي” أول مدربة للتايكوندو بعدما تخطت الكثير من الحواجز والعقبات، وبعدما فازت الجزائرية “صورية حداد” بالكثير من البطولات والميداليات أهمها الميدالية الأوليمبية البرونزية في الجودو في دورة بكين 2008، أصبحت المديرة الفنية للمنتخب الجزائري للناشئات. وفي السعودية أصبحت “مي المطيري” مدربة معتمدة لمختلف الفنون القتالية وعلى رأسها الكيك بوكسينج، ومثلها أصبحت السورية “عزة عطورة” أشهر مدربة في بلادها للكيك بوكسينج بعدما فازت بالكثير من الجوائز الدولية في هذه اللعبة.
وإذا كانت “فاطمة رياض” قد نجحت في تدريب فريق النجمة البحريني لكرة السلة، فقد سبقتها في مصر “نادية عبد الحميد”، التي سخر منها الكثيرون حين قررت ممارسة لعبة الملاكمة، وأصبحت بطلة مصر ست سنوات والخامسة على العالم، وعاد الكثيرون يسخرون منها مرة أخرى حين اعتزلت اللعب، وقررت أن تصبح أول مدربة ملاكمة للرجال، ثم أصبحت المدربة المساعدة لمنتخب مصر للرجال وبعدها قادت منتخب الشباب لميدالية برونزية في دورة (بوينس أيريس) الأوليمبية للشباب وميداليتين في بطولة العالم، وللمرة الثالثة سخر منها الجميع حين قالت أنها: “تحلم بمكانة عالمية في دنيا الملاكمة”، ثم أصبحت أصغر محاضر دولي، والمرأة الوحيدة حاليًّا في الاتحاد الدولي للملاكمة ومدربة الملاكمة الوحيدة في العالم من فئة الأربع نجوم، وقد فازت نادية أيضًا بجائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي لتصبح أول امرأة عربية تفوز بالجائزة وأول مدربة أيضًا، وفازت بنفس هذه الجائزة أيضًا الأميرة “ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود” تقديرًا لإسهاماتها في تأسيس الرياضة النسائية السعودية. وفي السعودية أيضًا كانت “رشا الخميس” مثل نادية عبد الحميد في مصر، وإلى جانب الملاكمة مارست أيضًا كرة القدم والتنس والجري وتسلق الجبال، وبعد حصولها على ماجستير في السياسة ودكتوراه في الإدارة في كاليفورنيا، نالت رشا شهادة رسمية لتدريب الملاكمة وأصبحت مدربة معتمدة من الاتحاد السعودي للملاكمة.
أما في كرة القدم، فلم تغب أيضًا فتيات ونساء العرب، وبعدما مارست العربيات كرة القدم كلاعبات، أصبحت هناك من يقمن بالتحكيم الكروي أيضًا مثل: (شيماء منصور، وسارة سمير) في مصر، و”كريمة خاضري” في المغرب، و(سوار الدلهومي، ودرصاف القنواتي) في تونس، و”سهام بهبهاني” في الكويت … وكثيرات غيرهن . ونفس الأمر في التدريب الكروي أيضًا مثل:” أماني بوكاري” في تونس، و”زينب البروري” في المغرب، و”هناء مهدي” في فلسطين، ووسط الكثيرات التي اقتحمن مجال التدريب الكروي العربي تبقى السودانية “سلمى الماجدي” أول امرأة عربية مارست التدريب الكروي لفرق الرجال، وأول امرأة إفريقية أيضًا، فقد كانت تصطحب شقيقها الصغير لتدريبات أشبال نادي الهلال في أم درمان، ووقعت في غرام التدريب وأصبحت تطيل الجلوس مع نفسها وتتخيل أنها تقود فريقًا رجاليًّا وتضع له الخطط وتكتيك اللعب، وكبرت سلمى ودرست التدريب ونالت شهادات دولية ونجحت في ممارسة التدريب الرجالي وكسرت كل القواعد والحواجز وفرضت احترامها على الجميع، واختارتها البي بي سي في 2015 واحدة من أكثر مئة امرأة تأثيرًا في العالم.
ومثل سلمى الماجدي كانت “فايزة حيدر” أول من قامت بتدريب فريق رجالي لكرة القدم في مصر، فبعد أن لعبت فايزة الكرة في أكثر من نادٍ في مصر وفي الإمارات، قررت احتراف التدريب الكروي وقادت الفريق النسائي لنادي الطيران للفوز بالدوري الذي سبق أن فازت به كلاعبة، وبعد دورة تدريبية في إسبانيا ثم دورة أخرى إنجليزية نالت فايزة بعدها شهادة اعتمادها كمدربة من الاتحاد الإنجليزي كأول مدربة أو مدرب مصري يحقق ذلك، ثم قررت فايزة تدريب الرجال لا النساء فقط، وفي 2020 أصبحت المديرة الفنية للرجال في نادي “جولدي” كأول امرأة مصرية تقوم بذلك، وتحدثت عنها مجلة “فرانس فوتبول” كأول مصرية تتمرد على الاحتكار الرجالي للتدريب الكروي، وأكدت وكالة أنباء رويتر أن قوة فايزة وشخصيتها وموهبتها أجبروا الرجال على احترام فايزة كامرأة تقودهم، وقالت القناة التليفزيونية الألمانية “إيه أر دي”: “أن فايزة تكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الكرة المصرية والعربية”. كما أصبحت “رشا نوري” أول مدربة كروية للرجال في ليبيا اعتمدها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، و”فدوى شرنان” في المغرب، و(نعيمة لعوادي، وراضية رتول، ونعيمة بوهني) في الجزائر.
وأخيرًا- وبعد ذلك كله- يبقى الحديث عن نجاح الفتاة والمرأة العربية كلاعبة، وبعدما استقر العالم على أن الميدالية الأوليمبية هي الجائزة الرياضية الأهم والأكبر والأشهر لأي لاعب أو لاعبة، يصبح من الضروري التوقف أمام بطلات العرب الفائزات بالميدالية الأوليمبية الذهبية، والبداية كانت 8 أغسطس 1984 حين فازت المغربية “نوال المتوكل” بالميدالية الذهبية في دورة لوس أنجلوس في سباق جري 400 متر حواجز، وكانت نوال أول بطلة عربية تحقق ذلك. وفي 1992، وفي دورة برشلونة، فازت البطلة الجزائرية “حسيبة بولمرقة” بذهبية سباق 1500 متر، وكانت أول ميدالية للجزائر. وفي دورة أتلانتا ،1996 فازت البطلة السورية “غادة شعاع” بذهبية السباعي وكانت الميدالية الأولى لسوريا. وفي دورة سيدني 2000، فازت البطلة الجزائرية “نورية بنيدة” بذهبية 1500 متر. وفي دورة لندن 2012 فازت البطلة التونسية “حبيبة الغريبي” بذهبية 3000 متر حواجز، وهي الميدالية الأولى لتونس. وفي دورة طوكيو ،2020 فازت فريال أشرف بأول ميدالية ذهبية نسائية لمصر في الكاراتيه. وكثرت وتوالت الميداليات الأوليمبية الفضية والبرونزية لبطلات العرب مثل: ( عبير عبد الرحمن، وسارة سمير، وهداية ملاك، وجيانا فاروق) من مصر، و(نزهة بيدوان، وحسناء بنحاسي) من المغرب، و(ثريا حداد) من الجزائر، و(مريم يوسف جمال، ورود جيبيت) من البحرين ، و(مروى العمري، وإيناس بو بكري) من تونس.
وكانت كثيرة هي بطولات وانتصارات بطلات العرب في مختلف الألعاب ومسابقاتها سواء على المستوى الدولي أو القاري، ووسط عشرات حكايات عربية جميلة للنجاح والانتصار، يمكن على سبيل المثال التوقف أمام التونسية “مريم الميزوني”، التي حطمت في السباحة 89 رقمًا قياسيًّا وتم تكريمها إفريقيًّا ودوليًّا. والمصرية “عبلة خيري”، التي كانت في 1974 أصغر سباحة في العالم وفي التاريخ تعبر المانش، وهي في الثالثة عشر من عمرها. والتونسية “أنس جابر”، التي كانت أول لاعبة تنس عربية تصل إلى نهائي بطولة “ويمبلدون”. والمصرية “نور الشربيني”، التي تم اختيارها أعظم لاعبة إسكواش في التاريخ.