في الماضي كان الناظر إلى ( لبنان) عبر فترينة بيروت ينبهر بما يراه، فقد كان يرى في( لبنان) مركزًا إعلاميًّا يتمتع بحرية تعبير غير عادية ودور نشر نشطة، وبلد مفتوح على دول العالم، ومَعبر ومقصد للعرب من مختلف الدول العربية، وتحوَّل( لبنان) في عيون الكثير منهم إلى (مثال يُعجب كل واحدٍ منهم بجانب أو أكثر فيه)، منهم مَنْ يعجبه الاقتصاد الحر وسيادة المبادرة الفردية، ومنهم ما يعجبه الحداثة والتغرب، ومنهم من لا يُخفي إعجابه بحريه التعبير والتعددية السياسية التي يتمتع بها اللبنانيون، فضلًا عن حريه المعارضة والتظاهر والقدرة على انتقاد الحكام والرؤساء دون خشيه أو خوف. و( لبنان) يكاد أن يكون البلد العربي الوحيد الذي يتواجد فيه رؤساء سابقون ورؤساء حاليون يتعاشون بشكلٍ طبيعي([1]).
فماذا حدث لـ(لبنان)؟ فالوضع الراهن أصبح مغايرًا لهذه الصورة البرَّاقة تمامًا، وهو ما دفع الكاتب اللبناني (نصري الصايغ) إلى أن يعبر عن ألمه لما حدث ويحدث في( لبنان) بقوله أنَّنا:
“نعاني في( لبنان) من بؤسٍ سياسي غير مسبوق، أبواب الجحيم مفتوحة وتزداد انفتاحًا، شيء من جهنم نعيشه – أقصد بكل يوم، كل ساعة وكل دقيقة- لعنة كبرى أن تكون لبنانيًّا، اللبنانيون صاروا بلا لبنان، لبنانهم الماضي انقضى،( لبنان) الحاضر ينتفون ما تبقى منه (صار أشلاء)، يتناوبون على ما تبقى منه كالكلاب المسعورة،(لبنان) المستقبل وهم ( ما فينا يكفينا) لا رغبة في ترداد معزوفة السقوط في الهاوية، لا رغبة في تذكير اللبنانيين بما ارتضوه من دین مسموم يدينون به، لا رغبة باستضافة ما هو أبدع من (الكورونا) ألف مرة. لا يعقل أن ينتهي (لبنان) على أيدي هؤلاء الكورونيين، من دون أن تصيبهم صفعة يستحقونها من دون أذية أو لكمة أو ضربة على جلافة ضمائرهم”([2]).
وهي مقتطفات من مقال يعاني كاتبه من بؤس أوضاع ( لبنان) الراهنة، كما يعبر عن معاناة شريحة عريضة من اللبنانيين من مختلف الفئات والطوائف، وبدوره يذهب (المطران إلياس عودة)، وهو على رأس المرجعية الأرثوذكسية إلى حد قوله في أحد عظاته:
” لن يستقيم الوضع في( لبنان) إلَّا عندما تصبح المراكز التي يتولاها اللبنانيون تخصّ الوطن بأسره، لا طائفة هذا الموظف أو ذاك المسؤول، وعندما يعمل هؤلاء من أجل خير ( لبنان) واللبنانيين لا من أجل مصلحة الطائفة أو المذهب. أمَّا القامات والرجالات الكبار فينسحبون بعزةٍ وكرامة وهذا عندما يقترفون خطأً دون تشويش على القضاء أو خروج على القانون”.
وبهذا القول الصريح – وعلى هذا النحو – فإنَّه يدعو أقطاب الطبقة السياسية والمسؤولين عن تردي الوضع اللبناني الراهن( بالتنحي طواعية) فيرتاحون ويريحون، في عبارات محكومة في حدتها وتجاوزاتها، وتقل كثيرًا على ما احتوته جدران مباني (بيروت) وغيرها من عبارات أكثر حدة وإساءة في حق أهل الحكم بلا استثناء.
ولبنان يمر بمرحلة مراجعة شعبية لمجمل الوضع الراهن، وانتقل من المراجعة الصامتة التي تحكمها الخشية على الجود، وانتقلت إلى مرحلة انكسار حاجز الخوف والصمت وإلى تعبير القوى الشعبية بقوة عن عدم الثقة بالقيادات السياسية الراهنة، وتمثل ذلك في المظاهرات الشعبية التي ضمَّت مختلف فئات الشعب اللبناني، والمطالبة بتشكيل حكومة (انتقاليه، إنقاذيه) حكومة كفاءات واختصاصيين لإدارة الأزمة بعيدًا عن الخيارات الطائفية التي جرت في الماضي وكلها أمل إذا تم ذلك أن تضع اللبنة الأولى في صياغة مستقبل( لبنان) واللبنانيين. ولكن الجميع فوجئ بتعثر جهود الرئيس اللبناني (سعد الحريري) – المكلف بتشكيل هذه الحكومة-، والتي تصطدم بصعوبات ومآزق متعددة، وسنحاول أن نتعرض لبعضها – نظرًا لضيق المجال – وسنكتفي بـ(المأزق الطائفي، مأزق الموقع الجغرافي، المأزق الناجم عن تنامي دور حزب الله والمأزق الاقتصادي)؛ لنتوصل إلى تفهّم مجمل أهم العقبات التي يصادفها الرئيس المكلف :
أولًا: المأزق الطائفي :
يُعاني( لبنان) منذ تأسيسه كدولة مستقلة من المشكلة الطائفية، التي تسببت عدة مرات في إثارة الاضطرابات بل والمواجهات المسلحة التي كان أبرزها الحرب الأهلية الذي استغرق (خمس عشرة) سنةً، فلبنان رغم صغر مساحته الجغرافية، وقلة عدد سكانه، يضم عددًا كبيرًا من الطوائف، حيث يوجد السنة والشيعة ( الجعفرية أو الاثنى عشرية) و(الإسماعيلية والدروز)، ويوجد من الطوائف المسيحية (الموارنة والكاثوليك والأرثوذكس)، ومتنوع الطوائف الفرعية داخل هذه الطوائف الرئيسيَّة، ومن حيث التنوع العرقي يوجد (العرب والأرمن والأكراد).
ورغم أنَّ الميثاق الذي وقّع عام 1943 م من مختلف الطوائف، مثَّل بداية طيبة لخلق مشروع دولة ومجتمع تعدّدي، تتعايش طوائفه معًا وتندمج تدريجيًّا، إلَّا أنَّ عدم قدرة النظام السياسي على تطوير نفسه وفقًا للمتغيرات، وحرص قادة مختلف الطوائف على امتيازاتهم في إطار المحاصصة الطائفية، وظل النموذج اللبناني عبارة عن مجموعة أقليات، من حيث (الذهنية والممارسة) حتى بين من هم أكبر عددًا وأقصد (الشيعة)، أو أكثر نفسًا وأقصد (السُّنة)، أو أكبرها قانونًا وهم (الموارنة)، فالكل يخاف على امتيازاته إذا تمَّ تجاوز التقسيمات الطائفية الراهنة، وأكثر هذه الطوائف هم (الموارنة)، حيث تتملكهم عقدة الخوف المبالغ فيها، ولا يعدم قادة الطوائف الأخرى بدورهم من إثاره العقبات أمام فرص إلغاء الطائفية السياسية وما تمثله من تقسيم مفتعل للمجتمع اللبناني.
وتجدر الإشارة هنا إلى (المادة 96 ) من نظام الموظفين، والتي تقول:” أنَّه في توزيع الوظائف والتعيينات يؤخذ بعين الاعتبار تطبيق المادة (95) من الدستور”. فهذا النص التشريعي – كما لاحظ (إدمون رباط) – قد استغل نصًّا دستوريًّا غايته المصلحة العامة فجعل من الطائفية الوظيفية قاعدةً عامة، بل إنَّه أشار إلى أنَّ اجتهاد مجلس شورى الدولة في هذا الأمر قد انتهى إلى إقرار قاعدة تقول: ” أنَّه حتى إذا كانت هناك مباريات لشغل وظيفة ما، فإن هذه المباريات لا تحول دون تطبيق المادتين(95 و 96) المذكورتين. وروى الدكتور (إدمون رباط) حادثة شهدها بنفسه عندما كان عضوًا بلجنة مكلفة باختيار عدد من الشباب المتقدمين لشغل وظائف في وزارة الخارجية، فرفضت اللجنة تعيين شاب شيعي كان ترتيبه الثالث… وفضَّلت عليه شابًا من طائفة أخرى كان ترتيبه السابع عشر… آخذًا بمبدأ (طائفية الوظائف)([3]).
وربما يكون مما ساعد على ذلك، أنَّ زعماء كل طائفة وجدوا استمرار هذا الوضع ملائمًا؛ لتحقيق مصالحهم الخاصة، نظرًا لاعتمادهم على أصوات أبناء طوائفهم للوصول إلى مقاعد البرلمان، والمضي بالتالي في الطريق التقليدي الذي يفتح لهم أبواب المستقبل السياسي. فكلنا يعرف في( لبنان) أنَّ مصلحة كل رجلٍ سياسي منه تقضي بأن ينطلق في سعيه إلى السلطة من نطاق طائفته أولًا، وإن رُفض زعيم سياسي معين من قبل طائفته يُعني هذا نهاية حياته السياسية ([4]). يُضاف إلى هذا أنَّ اللبناني عمومًا – إلى أي طائفة انتمى – كان أقل ولاءً لوطنه منه لطائفته وزعمائه الروحيين والسياسيين، وقد أشار الكاتب اللبناني (حازم صاغية) إلى هذا الوضع بقوله :
“إنَّ( لبنان) عاد في (أواخر الستينات) خصوصًا حتى عام 1975 م، حين نشبت الحرب الأهلية، إلى بداية استخدام تعبير(الساحة اللبنانية) محل الوطن أو البلد، والساحة هنا مرادفة للاستباحة، وهي التي أتاحت للأنظمة المجاورة أن تحارب؛ لتوسيع نفوذها في هذه الساحة، أمَّا الوطن اللبناني ووفق ما أشاعه دعاة (الساحة) فليس سوي الانعزال والتبعية للغرب وعدم اتفاق السكان اللبنانيين على معنى (الوطن)”([5]) .
وبدوره يُذكّرنا المفكر اللبناني (منح الصلح): “بأنَّ خطر الطائفية السياسية لا تنحصر في أنَّها أم الفتنة الدموية فحسب، بل أنَّها منبع للسموم التي تدخل في جسم الأمة في حالتي السلم والحرب معًا، والذي يصل في النهاية إلى إقامة (كيانات) لا (أوطان) وشتان ما بينهما من فوارق وآفاق مستقبلية.
فالمواطن اللبناني العادي من كل الطوائف، انهكته سياسة الأحزاب الطائفية، وأدرك أنَّ القيادات الطائفية استغلته ماديًّا ونفسيًّا وضللته سياسيًّا، وباعت له الأحلام الوهمية، والشعب اللبناني هو الذي دفع، ومازال يدفع الثمن غاليًا، وإنَّ الذين استفادوا من استمرار هذا الوضع المهترئ هم الزعماء الطائفيون. ومن هنا كانت مطالبة الجماهير اللبنانية بضرورة تشكيل حكومة لبنانية جديدة من اختصاصيين، اعتمادًا على مبدأ الكفاءة والأسس العلمية لقاعدة الاختيار للقيادة والإدارة والابتعاد – إن لم يكن التخلي عن الطائفية والحزبية في هذا الاختيار.
ثانيًا: مأزق الموقع الجغرافي :
ووسط هذه الظروف وجد( لبنان) نفسه أيضًا أمام مأزق الموقع الجغرافي وتداعياته. فلبنان يقع في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتحدّه (سوريا) من الشرق والشمال، وإسرائيل من الجنوب، بينما يحدّه البحر الأبيض المتوسط من الغرب، وكلا الدولتين تفوقان( لبنان) من ناحية مقومات القوة على مختلف المستويات، مما يجعلها عرضة للضغوط والأطماع التوسعية، ويضاعف من هذا التأثير أنَّ مكونات المجتمع اللبناني (الدينية والمذهبية والعرقية) لها امتداد على جوانب الحدود المشتركة، بل أنَّ بعضها المذهبي يمتد تأثيره من دولة كـ(إيران) على أحد مكوناته وهو (المكون الشيعي) وتوجهاته وسنتناول باختصار تأثير الدولتين (سوريا وإسرائيل) على تطور الأوضاع في لبنان.
تأثير (سوريا):
إنَّ فهم الموقف السوري من( لبنان) لا ينفصل عن فهم العلاقة التاريخية الجغرافية بينهما، فسياسة الدول ترتبط عادة بجغرافيتها، والدول لا تختار جيرانها، وكم من دولة مَثَّل موقعها الجغرافي مأزقًا لها نتيجة طموحات جيرانها ، فحدود( لبنان) مع (سوريا) (الشرق والشمال) يبلغ طولها (278) كم من أصل (570) كم، هي مجمل حدود( لبنان) أي أنَّها تشكل (49%) مما يعني أنَّ نصف حدود( لبنان) هي مع (سوريا) ، أمَّا بالنسبة لطول الحدود السورية البالغة (2413) كم، فإنَّ حدود( لبنان) مع (سوريا) تشكل (11.5%) منها، إلَّا أنَّه بالنسبة للواجهة البحرية السورية فتتمثل في حيزٍ ضيق على البحر بطول (183) كم، بينما يحتل( لبنان) واجهة بحرية تمتد لنحو (210) كم، ونتيجة لهذا الواقع أصبحت (بيروت) هي المنفذ البحري لـ(حمص، حماه)، و(إنطاكية والإسكندرونة) هما المنفذان البحريان لـ(حلب)، ومن هنا فإنَّ الأحداث التي تقع في (سوريا) ولبنان يكون لها تأثير متبادل في البلدين بحكم الجوار الجغرافي المباشر والامتداد (البشري والاقتصادي والسياسي)، وبالتالي كانت (سوريا) تمثل مرجعية أساسية للبنان كما عملت (سوريا) بدورها في مختلف العهود، وبصفةٍ خاصة في عهد (حافظ الأسد)، على عدم قبول دعاوى حياد( لبنان) أو انحيازه، واستطاعت (سوريا) إحداث تغيير وتعديل في التوازنات السياسية في لبنان، وتدخلت فيه لوضع حد للحرب الأهلية بناءً على استنجاد (الموارنة) بها، وكان الوجود العسكري في( لبنان) الذي اقترب من ثلاثة عقود يعتبر في تقدير القيادة السورية وقتئذٍ نوعًا من سد الثغرات المحيطة بدفاعاتها وخطوطها الحصينة – لاسيما في منطقة البقاع اللبنانية التي تعتبر البطن الرخو لسوريا، وباضطرار (سوريا) للانسحاب من( لبنان) عام 2005 م بموجب قرار مجلس الأمن دخلت العلاقات بين البلدين في مرحلة جديدة، اعتبرها بعض اللبنانيين (حقبة الاستقلال الثاني للبنان).
ثم جاءت حرب إسرائيل على( لبنان) عام 2006 م وتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن، وأدى إلى إبعاد (حزب الله) عن مسرح عمليات المنطقة الواقعة بين (الخط الأزرق ونهر الليطاني ولبنان)؛ بسبب تركيبته الطائفية والعرقية ومؤسسته الطائفية، التي أدت إلى تفتيت حقله السياسي واستقواء كل طائفة أو مذهب بظهير إقليمي أو دولي أو كلاهما، وهو ما جعل( لبنان) ساحة مفتوحة ومكشوفة؛ لتصفية الحسابات العربية والإقليمية، بل والدخول في أزمات مع بعض الدول الخليجية نتيجة للعلاقة الوثيقة بين (حزب الله وإيران). والدرس الذي ربما لم يتعلمه معظم اللبنانيين بعد هو أنَّ الخارج لا يتدخل لمصلحة أي طائفة من الطوائف اللبنانية، بل لمصلحته الذاتية، ولإثارة الخلافات بينها وخلق أوضاع تمكنه من الاستمرار في التدخل.
تأثير الجوار الجغرافي المباشر لإسرائيل :
تعتبر إسرائيل( لبنان) في محيط أمنها المباشر؛ لوجود (حزب الله) فيه وقيامه بعملياته الرئيسة انطلاقًا من الأراضي اللبنانية كما أنَّ مخازن أسلحته توجد بها.
ومن ناحية أخرى، فقد ظلت إسرائيل تستهدف (لبنان)؛ لإفشال نموذجه للتعايش مع مختلف الأديان والمذاهب والأعراق، فعملت على إثارة الفرقة والخلافات بين مكوناته، فمنذ أن قامت إسرائيل وهي تروّج لمقولة: ” أنَّه ليس في العالم العربي قومية بل طوائف، فهناك (مسلمون ومسيحيون وسُنة وشيعة ودروز)، ومن حق اليهود إقامة (دولة يهودية) مثل حق غيرهم في أن يكون لهم كياناتهم. وحتى اليوم مازالت إسرائيل لا تنفك عن ترديد هذه الدعوى، وتعمل على تحويلها إلى واقع حيثما تستطيع، وفي إذاعتها الموجهة إلى البلاد العربية وعلى الأخص إلى (لبنان)، فإنَّها تضرب باستمرار على وتر أنَّ لكل طائفة كيانها المستقل ومصالحها المستقبلة، ومصيرها المنفصل عن مصير الطوائف الأخرى. وفي هذا الإطار تَكرَّر وصف المنطقة العربية بأنَّها (شرق أوسطية) متعددة الأعراق والأديان والقطاعات وأنَّ العروبة و الإسلام مجرد خطَّين في نسيجه.
وقد تكررت اعتداءات إسرائيل على( لبنان) وتطور الأمر إلى حد قيامها بغزو( لبنان) عام 1982 م واحتلال عاصمته، وتحتفظ إسرائيل بما تدعي أنَّه حقها في الاعتداء على( لبنان) بذريعة مهاجمة (حزب الله) المرتبط بـ(إيران) والذي يحظى بعلاقات جيده مع (سوريا) ، وأصبح( لبنان) معرض باستمرار للتهديد الإسرائيلي المتواصل، وأخر حروبها على( لبنان) في (يوليو 2006 م)، وتصدى لها حزب الله بكفاءة نسبية وأجبرها على الانسحاب، ولكن هذا الحرب أدى إلى خلاف حاد بين (سوريا ولبنان) من ناحية ودول الخليج العربية من ناحية أخرى، حول دور (حزب الله) الذي تسانده إيران، فضلًا عن المفردات الكلامية التي استخدمت في توصيف هذا الحرب من بعض الأطراف الخليجية. ولبنان في وضعه الحالي أصبح مجتمعًا منقسمًا ودولة ضعيفة، وكل طائفة لبنانية لها مرجعها خارج دائرة (الدولة) تستمد منه الدعم، مما يضعف جهود بناء وطن ودولة، وتستثمر إسرائيل هذا الانقسام وتسعى لتعميقه.
المأزق الثالث : معضلة الجيش اللبناني ونزع أسلحة جميع المليشيات وباستثناء (حزب الله).
هناك نزوع إلى اعتبار أنَّ التشيع في أصوله الحديثة في إيران هو مسألة إيرانية، في حين يغيب عن النقاش أنَّ العرب في (جبل عامل) في لبنان، ومنطقة (الإحساء) في السعودية، وفي البحرين، هم من قاموا في البدايات الأولى بنشر الفكر الشيعي في إيران، كما ساهم عدد من الفقهاء العرب – وبعضهم من( لبنان) – في تأسيس المرحلة الأولى للثورة الإيرانية.
ولم يكن غريبًا أن يتأثر (حزب الله)، الذي أقيم عام 1982 م بأفكار وشعارات الثورة الإيرانية، وتكشف الأدبيات السياسية له أنَّ أغلبها مستعار أساسًا من الخطاب الثوري الإيراني، وبالمقابل تنظر (إيران) إلى هذا الحزب على أنَّه الحامل الأمين لرسالتها.
وأصبحت (إيران) أكثر تأثيرًا وأكثر اهتمامًا بما يجري في لبنان، وزادت من دعمها لـ(حزب الله) على كافة المستويات، وأتاح (الواقع اللبناني) الرسمي الهش لـ(إيران) التعامل المباشر مع مختلف القوى غير الرسمية من شخصيات وأحزاب وقوى ومنظمات (سياسية ودينية) متنوعة، وكان منطلق هذه العلاقة هو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مما جعل( لبنان) في عين العاصفة.
وفي أعقاب الحرب الأهلية اللبنانية، اتّخذ قرار بنزع أسلحة جميع المليشيات التي كانت تعج بها (لبنان)، واستثنى من هذا القرار (حزب الله) بحجة أنَّه يتصدى للاعتداء الإسرائيلي المتكرر، ولكن (الحزب) استثمر ذلك في فرض وتوسيع نفوذه في الداخل اللبناني من ذلك مثلًا قيامه بالاستيلاء على مراكز تيار المستقبل (حزب سعد الحريري) (مايو 2009 م)، ثم سلَّمها للجيش اللبناني وتحرش قواته بـ(الدروز) والذي كانت حصيلته (80) قتيلًا.
بل وأحيانًا يقوم (حزب الله) بعمليات عسكرية ضد إسرائيل دون تشاور مسبق مع أركان الدولة اللبنانية، وفي مقدمتها الجيش اللبناني على نحو ما حدث عام 2006 م.
وأظهرت هنا الوقائع وغيرها أنَّ لسلاح المقاومة الذي يتمسك به (حزب الله) تأثير على المعادلة السياسية اللبنانية، وأسهم في زيادة التوتر المذهبي في أوساط الطوائف الإسلامية([6]).
إلَّا أنَّه بعد اغتيال (رفيق الحريري) تغيَّرت بالتدريج مواقف عددًا كبيرًا من الشخصيات والقيادات السياسية اللبنانية، لتصبح أكثر سلبية تجاه (إيران)، مع دعوتها إلى الكشف عن التدخل في شؤون( لبنان) الداخلية، ومع ذلك استمرت (إيران) في التشديد على دعم مواقف (حزب الله) المقاومة، التي يمثلها مع تأكيد رفضها المساس بسلاحه ورفض القرار (1559) الذي ينص على تجريده (2/8/2005 م)، وكانت (إيران) قد نجحت من قبل في إقامة علاقة استراتيجية مع (سوريا) ومستوي أقل نسبيًّا مع (لبنان). واعتبر ذلك أحد الاختراقات الهامة لـ(إيران)، والتي أعطتها موضع قدمٍ مهم في المنطقة العربية وقريب من إسرائيل.
ولقد استطاع هذا الحزب القيام بدور هام في كبح جماح إسرائيل وهذا يُحسب له، و بالمقابل فإنَّ سعيه لإحكام سيطرته على الأوضاع السياسية الداخلية وعرقلة تشكيل الحكومة ومهام الرئيس المكلف بذلك، حقق شبه استقلالية عن الكيان اللبناني . فقد صار لديه هاتفه الخاص ومصرفه الخاص ومدارسه الخاصة وحوزاته الخاصة، وضمانه الاجتماعي الخاص، دون أن يستغني عن الضمان الرسمي، وسيطرته على (المطار والمرفأ)، وله نوابه في مجلس النواب اللبناني والحدود البرية للبلاد، وأمنها وقواته الخاصة.
وفي الوقت الذي يستمر فيه الأمين العام (حسن نصر الله) في الإعلان – دون تردد أو حرج – “أنَّ ولائه للمرشد الأعلى لـ(إيران)”، وأصبح (حزب الله) على هذا النحو بمثابة (دولة داخل دولة)، ثم حدث تطور غير عادي، بحدوث شراكة غير مسبوقة مع النصف الأقوى في (المارونية السياسية) ([7]) الممثلة بشخص الجنرال (ميشال عون) رئيس الجمهورية، و(حزب الله) الذي أعلن بدوره عن استعداده لدعم رئيس الجمهورية بالثلث النيابي الضامن، وترديد عدة مصادر لبنانية أنَّ الهدف من ذلك دعم فرص النائب (جبران باسيل) المحسوب على (ميشال عون) ووريثه السياسي والساعي للترشح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة.
المأزق الرابع: يتبنى اقتصاد خدمات في بيئة غير مستقرة داخليًا وإقليميًّا.
الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد السوق الحر الذي يعتمد بشكلٍ رسمي على الخدمات (السياحة ، تجارة الترانزيت ، صادرات زراعية وصناعية محدودة ، تحويلات المغتربين) وهو اقتصاد يتطلب ضرورة توافر بيئة داخلية هادئة ومحيط إقليمي مستقر وكلاهما غير متوافر حاليًا.
فاستمرار الأزمة السورية حتى الآن وتجاوزها عقد من الزمن كان له تداعياته السلبية على الأزمة اللبنانية. فمصالح( لبنان) الحيوية من (اقتصادية واجتماعية وعائلية) ذات ارتباط وثيق بـ(سوريا)، ولكن الحدود المشتركة أصبحت مغلقة، وكان القادة السياسيون في السابق يسعون في طلب التدخل السوري في قضاياهم ونزاعاتهم الداخلية، وهو وضع لم يُعد قائمًا، ف(سوريا) الآن مبعدة عن (لبنان)، ومنشغلة بهمومها الداخلية، وقد تدفق (مئات الآلاف) من اللاجئين إلى الأراضي اللبنانية. وقد استضاف( لبنان) قرابة (50) ألف لاجئ سوري وهو رقم كبير مقارنة بقدرات( لبنان) وموارده الاستيعابية المحدودة. إضافة إلى ذلك فإنَّ العلاقات اللبنانية الخارجية تعقدت نتيجة مواقف (حزب الله)، وعلاقته الوثيقة بـ(إيران)، وكان( لبنان) يعتمد في تهدئة أوضاعة الداخلية وتخفيف ضغوطها على أجواء التفاهم مع دول الخليج العربي وبصفةٍ خاصة المملكة العربية السعودية ودعمها المالي لـ( لبنان) وقت الأزمات.
ثم جاء تدمير (مرفأ بيروت)عام (4/8/2020 م)؛ ليزيد من الضغوط الاقتصادية والمالية والاجتماعية على( لبنان)، فقد أدى هذا الانفجار إلى مقتل (200) مدني وإصابة أكثر من (ستة الآف) أخرين بجراح، فضلًا عن تدمير أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية (قرابه نصفها)، ولم يتم حتى الآن التوصل إلى المسؤول عن ذلك، وعن من يقف وراء هذه الجريمة، ويري البعض أنَّ ذلك يعود لضغوط سياسية وأنَّ هناك من يسعى؛ لطمس الحقيقة وقطع الطريق على التحقيق؛ لكشف المتسببين في هذه الجريمة، ويخشى اللبنانيون أن يلقى تحقيق (مرفأ بيروت) نفس المصير الذي انتهت إليه جرائم الاغتيالات السياسية، وفي اعتقاد البعض أنَّ التحقيق الجاد في هذه الكارثة والوصول إلى المسؤولين عنها من شأنه صياغة أبرز تجربة قضائية بعيدة عن التدخلات، وتعيد الثقة في القضاء اللبناني ككل.
ومجمل هذه الأوضاع ترتب عليها تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية وتدهور قيمة العملة اللبنانية إلى درجةٍ غير مسبوقة، فضلًا عن صعوبة استرداد المودعون لودائعهم الدولارية أو غيرها من المصارف اللبنانية، وكل ذلك في ظل استفحال أزمة كورونا وانتشارها بمعدلات نسبية كبيرة في وقتٍ يعجز فيه القطاع الصحي عن توفير الحد الأدنى من خدمات الرعاية، كما أنَّ مكافحة الفساد ووقوفه عائقًا في وجه المطالب الإصلاحية وإيجاد بيئة إيجابية بين الدول ممثلة بسلطاتها (التشريعية والإجرائية والقضائية)، والسعي الجاد لمحاربة الفساد ودوره في تخويض العدالة، وهناك شعور عام في( لبنان) بأنَّ هناك أطرافًا تعرقل مسيرة العدالة وجهود التحرك الشعبي الإصلاحية، والتي حالت دون إرساء الحوكمة الرشيدة في نظام الحكم، وقد وضح ذلك في قضية تفجير (مرفأ بيروت).
وفي تقدير شرائح كبيرة من الشعب اللبناني أنَّ المناصب الكبرى مازالت فرصة للإثراء على حساب البلد والمصلحة العامة، ولم يكن للمآسي والآلام والجراح النافذة أن تردع هذه القيادات أو تَسهم في الحد من هذا السلوك الذي استشرى حتى أصبح وكأنَّه (قيمة) من القيم السائدة في لبنان، وأشعر فئات لبنانية بأنَّهم أصبحوا أمام حاله الوطن المستباح، والذي ضاعت فيه الحدود بين الحرية والفوضى، بين الربح المعقول والجشع الذي لا يراعي مصلحة الوطن والمواطن، وأصبح( لبنان) دولة على شفا الإفلاس والانهيار نتيجة السياسات التي اتبعتها النخبة السياسية، والتي تسببت بالكثير من المآسي للشعب اللبناني ودفعوا ثمنها في الماضي غاليًا في الحرب الأهلية . وأمام حالة الضعف والإنهاك التي أصابت مختلف القوى المحلية، لقيت مبادرة الرئيس الفرنسي (ماكرون) الترحيب والقبول؛ لإيجاد مخرج من الأزمة ولكنها تعثرت في التطبيق نتيجة تعثر جهود (سعد الحريري) الرئيس المكلف بتشكيل حكومة إنقاذ غير تقليديه.
خلفيات تعثر تشكيل حكومة جديدة:
- لم يستطع (سعد الحريري) الرئيس المكلف بتشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين (غير حزبيين)، وهو أمر يخشاه العديد من السياسيين اللبنانيين الذين استغلوا أوضاع الماضي لمصالحهم الذاتية وهي التي أصبحت تتحكم في إيجاد مخرج من الأزمة الراهنة
ولا تزال جهود تشكيل هذه الحكومة منذ قرابة أربعة أشهر؛ بسبب تباينات حول وحدة معايير اختيار أعضاء هذه الحكومة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
- وتردد مصادر لبنانية أنَّ جلسة المشاورات الأخيرة التي جرت بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف، اصطدمت بحائطٍ مسدود؛ لأن الأول أصرَّ على أن يُسمي وحده الوزراء المسيحين، وبالمقابل فإنَّ (سعد الحريري) يرى أنَّه وحده صاحب الحق في اختيار الوزراء سواءً المسيحيين منهم أو المسلمين – لاسيما في هذه الظروف العصيبة والاستثنائية، التي يرمي فيها الرئيس المكلف إلى ضرورة أن تكون مرجعية اختيار الوزراء هي كفاءاتهم وليس انتماءهم الطائفي أو الحزبي.
- وتجدر الإشارة إلى أنَّ الخلاف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف انحصر في اختيار وزراء( المالية والداخلية والعدل)، ورغبة الرئيس (عون) و(جبران باسيل) رئيس حزبه – أن يتم اختيار الوزراء المسيحيين الذين رشحوهم. وفي الواقع أنَّ بقاء أزمة تشكيل الوزارة الجديدة محصورة في هذه القرارات أو الرغبة في زيادة عدد الوزراء، بينما يرى (سعد الحريري) أن تقتصر هذه الحكومة على (18) وزيرًا بما فيها الوزارات الثلاثة، وتعود إلى أنَّ (سعد الحريري) يرى في وزارة المالية أنَّها تمثل ثِقل خاص نظرًا للظروف المالية المتعثرة التي يمر بها (لبنان)، واقترح (حزب الله) توسيع الوزارة المقترحة؛ لاسترضاء (جبران باسيل) وهو أمر سيقود لتشكيلات الماضي الطائفية وسيزيد من تعقيد الأزمة. كما أنَّ الوزارات الثلاثة لها علاقة مباشرة بقضايا الفساد، فضلًا عن وجود عدد من الملفات القضائية العالقة، والتي تحتاج لمتابعة جدية بعيدًا عن المناكفات السياسية والتدخلات الطائفية.
ويبدو أنَّ اعتراض البعض على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب، هو الخشية من أن تذهب مثل هذه الحكومة إلى كشف عورات الماضي، وبالتالي مسؤولية رؤوس وأقطاب سياسيين عن الوضع الراهن.
وترى مصادر أنَّ تشكيل الحكومة الجديدة- في فترة استثنائية- يجب أن يقترب من المعايير التي يضعها المجتمع والمؤسسات الدولية حتى يتسنى تقديم المساعدات لـ(لبنان)، وهو ما عبَّر عنه البطريك (بشارة الراعي) بقوله:
” أنَّ وضعنا غير طبيعي في( لبنان) والبرهان أنَّهم لا يستطيعون تأليف حكومة بعد عام من التخبط ورغم أنَّنا مررنا بثورة واستقالة حكومة ثم وباء (كورونا)، بعدها حكومة (حسان دياب)، ولم تكن مقبولة داخليًّا ولا خارجيًّا فاستقالت. بعدها السفير (مصطفى أديب)، الذي لم يتمكن من تأليف حكومة فاعتذر، وجاء الرئيس (سعد الحريري) ولم يتمكن أيضًا، في وقت تهدم نصف بيروت ووقع الضحايا والدولة بدت غير معنية إلَّا بالتناحر على الحقائب والحصص وكأنَّنا نعيش في عالم آخر” وقال الراعي: ” ليس السبب الداخل فقط إنَّما ارتباطات خارجية “.
وبدوره عبَّر المجلس الأعلى لـ(طائفة الروم الملكيين الكاثوليك) عن “استهجانه للمماطلة في تأليف الحكومة في حين أنَّ الهوة تزداد بين شعب يذل على أبواب (المصارف والمستشفيات والصيدليات والمدارس)، وقوى سياسية تتصارع على المحاصصة وترفض التنازلات والانفتاح والتعاون مع الدول والمؤسسات الداعمة لـ(لبنان) عبر السير في المبادرة الفرنسية واختيار اختصاصيين أكفاء ونزهاء، يخضعون لحساب الضمير قبل أي معيار آخر من التبعية، في وقت يزداد خطر الانهيار الكامل، ويعاقب الشعب اللبناني بفعل عدم محاسبة أداء المسؤولين خلال السنوات الماضية “.
الختـــــــــــام :
- إن الأزمة التي يمر بها( لبنان) حاليًا ليست أزمة عارضة، بل أزمة تراكمية أوضحنا بعض مآزقها وتداعياتها، ونعتقد أنَّ أخطرها هو نظام المحاصصة الطائفية أو الاستخدام السياسي والديني للطائفية، وهو ما يتطلب تقليص مساحتها تدريجيًّا وفي مختلف القطاعات، وأن يطبق اللبنانيون منظومة جديدة من العادات والممارسات اللاطائفية، وقد يتطلب ذلك الدعوة لعقد اتفاق ( طائفي جديد)؛ لوضع أسس ومبادئ جديدة تحقق لهم الأمن والأمان وتعيد إليهم الأمل في المستقبل.
- إنَّ كارثة الطائفية في (لبنان)، متجذرة في بنى (سياسية ودينية واجتماعية وفكرية)، والمطلوب هو تجذير هويات ذات علاقة أوثق بالدولة الحديثة في مكانها مثل (المواطنة والوطنية)، وهذا يتطلب صوغ وعي سياسي، فصوغ المطالب بلغة طائفية، سيقود إلى ما يشبه الإحتراب، وتفسح المجال للوصاية والتدخلات الأجنبية
- فضلًا عن أنَّه من الصعب فصل الأزمة الراهنة عن تأثيرات القوى الإقليمية والدولة على مسارها، فهذه الأزمة تتأثر بالأوضاع الجيوسياسية وصراعاتها في المنطقة – لاسيما تلك المتعلقة بالصراع بين (إيران) من ناحية و(الولايات المتحدة وإسرائيل) من ناحية أخرى.
- إنَّ ( لبنان) دخل في أعلى مراحل التأزم السياسي والمجتمعي، التي تستوجب التفكير في عقد مؤتمر دولي ترعاه الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية؛ لبحث سبل حماية( لبنان) وشعبها، فانفجار الوضع في( لبنان) لن يقتصر بتداعياته السلبية عليه، بل على المنطقة العربية بأسرها ويهدد أمنها.
(*) كاتب مصري ومساعد وزير الخارجية الأسبق -القاهرة
([1]) – منح الصلح ، مصر والعروبة ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979 ص 299 – 300
([2]) نصري الصايغ (اللعنة الكبرى أن تكون لبنانيًّا ) مقال نشر في موقع 180 ، وأعيد نشره بصحيفه الشروق –القاهرة بتاريخ 3(/2/2021 ) م ص 6
([3]) المحاضر الكاملة لجلسات هيئة الحوار الوطني ـ الجلسة الثالثة 22/10/1975 م
([4]) كراسات الكسليك بيروت الكراسة الثالثة بعنوان بين علمنه الدولة وإلغاء الطائفية السياسية ـ ص 7
([5]) حازم صاغيه ( (سوريا) و النظام محتارون من نحن ) صحيفة الشرق الأوسط ـ لندن بتاريخ 27/1/2021 م ص 21
([6]) سلمان تقي الدين ” هل أصبح( لبنان) دوله فاشله أم في طريق الانهيار ” مجله شؤون عربية العدد رقم 1309 خريف 2009 م ص 40 وما بعدها.
([7]) د. رضوان السيد ” المشكلة اللبنانية وحلولها العجابيئة ” صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 1/1/2021 م