2020العدد 182ملف دولى

إخفاقات تعامل إدارة ترامب مع جائحة كوفيد-١٩ الملامح والتداعيات

اتسمت سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب للتعامل مع جائحة كوفيد-١٩ بالضعف والتخبط منذ بداياتها على المستويين الداخلي والخارجي على حد سواء، حيث أضحت الولايات المتحدة الأمريكية تتقدم دول العالم في عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد بإجمالي ١,٧٤٨,٠٠٠ أمريكي بحسب تقديرات صحيفة نيويورك تايمز في ٣٠ مايو ٢٠٢٠، ويتزايد عدد الإصابات بنحو ٢٠ ألف مصاب يوميا. وقد تجاوز عدد الوفيات ١٠٠ ألف وفاة بنهاية مايو بسحب تقديرات الصحيفة الأمريكية، ليتخطي بكثير عدد الأمريكيين الذين قتلوا في حرب فيتنام، التي استمرت لأكثر من عقد، والذين يقدرون بحوالي ٥٨,٢٢٠ بحسب الأرشيف الوطني الأمريكي.

 فمع بداية انتشار الفيروس أخفقت الإدارة الأمريكية في توفير ملايين الاختبارات، والمعدات الطبية الوقائية اللازمة للعاملين في مجال الرعاية الصحية، والتي هي ضرورية لمجابهة الأزمة، بالإضافة إلى تقليل ترامب من الأزمة حتى تفاقمها. ورغم تزايد عدد المصابين والوفيات فقد مارس الرئيس مزيدا من الضغوط على حكام الولايات بإنهاء سياسة التباعد الاجتماعي، وعودة العمل والنشاط الاقتصادي، في تعارض واضح مع توصيات عديد من خبراء الأوبئة ومسئولي قطاع الصحة الأمريكي، وعدد من الحكام الديمقراطيين والجمهوريين؛ لأن رفع التدابير المفروضة بالعديد في وقت يتزايد فيه عدد الإصابات والوفيات وعدم توافر المستلزمات الضرورية للتعامل مع الجائحة سيؤدي إلى مزيد من انتشار العدوي بين الأمريكيين.

ضعف أداء الإدارة الأمريكية داخليا

تأخرت إدارة دونالد ترامب في التعامل مع انتشار فيروس كورونا المستجد في الولايات الأمريكية، رغم تحذيرات الوكالات الاستخباراتية الأمريكية مع بداية انتشاره داخل الصين من مخاطره العالمية، واحتمالات انتقاله إلى الولايات المتحدة. فمع بدايات انتشار الفيروس قلل الرئيس الأمريكي من الخطر الذي يمثله على الأمريكيين، وقد وصف المخاوف الأمريكية بشأن الفيروس بأنها “خدعة” ديمقراطية جديدة، مثل خدعة محاولة عزله. وترجع إخفاقات الإدارة الأمريكية في التعامل مع جائحة كوفيد-١٩ إلى جملة من الأسباب، يتمثل أبرزها فيما يلي: –

أولا- انهاء مهام فريق الأمن الصحي العالمي والدفاع البيولوجي بمجلس الأمن القومي. أمر ترامب في ربيع عام ٢٠١٨ مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون بإنهاء مهام الفريق الذي أنشأه الرئيس السابق باراك أوباما بعد تفشي مرض الإيبولا لقيادة التنسيق الفيدرالي والاستعداد لتفشي الأمراض المعدية بالولايات المتحدة. وبإنهاء مهام هذا الفريق فقدت الحكومة الفيدرالية الاستجابة الفاعلة للتعامل مع الجائحة، حيث كانت أهميته تتمثل في أنه يساعدها في دولة مترامية الأطراف على القيادة المركزية في حال حدوث أزمة. ويمكن لتلك القيادة أن تضمن أن جميع الوكالات الفيدرالية تبذل قصارى جهدها، وتعمل من أجل مجموعة واحدة من الأهداف، بما كان يوحد جهود الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات للتعامل مع الجائحة، والسيطرة على مستوى انتشار الفيروس، وبالتالي تقليل عدد الإصابات والوفيات.

ثانيا- تخفيض المخصصات المالية للقطاع الصحي. في إطار مساعي الرئيس ترامب إلى تقليل الانفاق الأمريكي على كثير من القطاعات الأمريكية الحيوية، فإنه كان يدعو بصورة متكررة إلى خفض المخصصات المالية لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، وكذلك لوكالات الصحة العامة الأخرى. فضلا عن أن الإدارة لم تستثمر في رفع قدرات الحكومة الفيدرالية للاستجابة إلى تفشي الأمراض. وقد أدي عدم اهتمام الإدارة الأمريكية بالتأهب للأزمات الصحية الطارئة إلى اخفاقاتها المتعددة في التعامل مع تفشي الجائحة بصورة متسارعة في الولايات الأمريكية.

ثالثا- عدم اتخاذ الإدارة الأمريكية إجراءات احترازية والاستعداد لمجابهة جائحة كوفيد- ١٩ قبل بدايات انتشار الفيروس بين الأمريكيين. فرغم تقديرات الاستخبارات الأمريكية بأن الولايات المتحدة قد تشهد أزمة مع انتشار فيروس كورونا المستجد بالولايات الامريكية، ودعوات الخبراء والمتخصصين في المجال الطبي بضرورة توفير الاحتياجات الطبية اللازمة لمواجهة سيناريو ارتفاع عدد المصابين والوفيات جراء الإصابة بالفيروس، لم يتخذ الرئيس ترامب الإجراءات الاحترازية اللازمة لعرقلة تمدد انتشار الفيروس بين الأمريكيين، والعمل على سد النقص لدي الحكومة الفيدرالية والولايات في الاحتياجات الطبية للتعامل مع ارتفاع عدد المصابين بالفيروس. ورغم تقدم البنية الصحية الأمريكية فإنها لم تكن مجهزة للتعامل مع تزايد الأعداد من مصابي فيروس كورونا المستجد.

قدر باحثون في جامعة كولومبيا أن الإدارة الأمريكية لو كانت اتخذت إجراءاتها الاحترازية الخاصة بالتباعد الاجتماعي قبل أسبوع من التنفيذ الفعلي لها، فقد كان بإمكانها تقليل نسب الإصابة بفيروس كورونا المستجد على الصعيد الوطني بحوال ٦٢٪، والوفيات نتيجة الإصابة بالفيروس بنسبة ٥٥٪.

رابعا- نقص الاحتياجات الطيبة للتعامل مع تزايد عدد المصابين بالفيروس. تعاني المستشفيات الأمريكية منذ بداية جائحة كوفيد-١٩ من نقص في معظم الإمدادات والمستلزمات الطبية والوقائية الضرورية (أجهزة التنفس والأقنعة والقفازات والأثواب الوقائية). وكذلك معاناة الطواقم الطبية في الصفوف الأمامية من نقص تجهيزات الوقاية لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد. ولا يوجد نظام طوارئ وطني لتوفير إمدادات جديدة بالسرعة المطلوبة. فعلي سبيل المثال أعلن حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو في بدايات انتشار الفيروس أن ولايته ستحتاج إلى ٤٠ ألف سرير للعناية المركزة، في حين أن لديها ثلاثة ألاف فقط.

وذهبت بعض التقارير الأمريكية في بدايات انتشار الفيروس داخل الولايات الأمريكية وارتفاع أعداد المصابين في وقت تواجه فيه المستشفيات نقصا حادا في الاحتياجات الطبية الوقائية إلى أن بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية يعيدون استخدام الأقنعة، وهو الأمر الذي من شأنه زيادة عدد المصابين، وتفاقم أزمة انتشار الفيروس بدلا من مواجهتها.

خامسا- ارتفاع نسب الإصابة بالأمراض المزمنة بين الأمريكيين، أرجعت بعض التحليلات الطبية ارتفاع معاناة الأمريكيين من الجائحة، وكذلك ارتفاع عدد الوفيات مقارنة بعدد من الدول الأوروبية الأخرى، إلى تنامي عدد الأمريكيين من ذوي الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة. فما يقرب من ١١٪ من الأمريكيين مصاب بمرض السكري مقارنة بـ٥٪ في إيطاليا أو فرنسا. ويعاني أكثر من ثلث الأمريكيين البالغين من السمنة مقارنة بأقل من ربع نظرائهم في ألمانيا. كما أن عبء أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي في الولايات المتحدة أعلى بكثير مما هو عليه في دول أوروبا الغربية.

تراجع الدور القيادي الأمريكي لمواجهة الجائحة

في تحول صارخ للدور القيادي العالمي للولايات المتحدة الأمريكية، وأخذ زمام المبادرة كما كانت تفعل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لمواجهة الأزمات الدولية، لم تبدِ إدارة الرئيس دونالد ترامب اهتماما بتوحيد الجهود الدولية لتوفير استجابة عالمية للتعامل مع جائحة كوفيد -١٩. وقد كان ذلك أمرا متوقعا، حيث أبدت الإدارة الأمريكية منذ وصول ترامب إلى سدة الحكم في العشرين من يناير ٢٠١٧، ورفعه شعار “أمريكا أولا” وتبني سياسات أمنية واقتصادية قومية وأكثر حمائية، رغبة في تقليل الالتزام الأمريكي بالعمل الدولي الذي كانت تقوده منذ سبعة عقود من خلال العديد من المنظمات الدولية، التي كانت وراء تأسيسها، والتي كانت تعكس تقليديا إرادتها السياسية.

فمع اشتداد الجائحة عالميا، وانتظار المجتمع الدولي قيادة الولايات المتحدة للجهود الدولية للاستجابة للجائحة التي تهدد الصحة والاستقرار والأمن الدوليين غاب الدور الأمريكي في مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وفي باقي المنظمات الدولية ولا سيما منظمة الصحة العالمية التي كانت في أمس الحاجة إليه لتوحيد جهودها لتكون أكثر فاعلية لمواجهة تفشي الجائحة. وبدلاً من استخدام النفوذ الأمريكي لتنظيم استجابة المجتمع الدولي للجائحة، والضغط من أجل اتفاق عالمي على سبيل المساعدة في تخصيص الموارد، ورعاية استجابة طويلة الأمد في العلاجات واللقاحات، أعطى ترامب الأولوية للمصالح الوطنية، لكونه يري أن المنظمات الدولية تهديدا للسيادة الوطنية للدول.

وفي ظل عدم اقتناع الرئيس الأمريكي بفاعلية المنظمات الدولية، وسوء إدارة منظمة الصحة العالمية لجائحة كوفيد-١٩ أعلن ترامب بتجميد التمويل الأمريكي للمنظمة، والذي يصل إلى ما يقرب من ٥٠٠ مليون دولار، والانسحاب من المنظمة لكونها ارتكبت أخطاء عدة تسببت في وفاة الألاف. وقد قال في أحد إحاطاته الإعلامية شبه اليومية التي يقدمها من البيت الأبيض بشأن الجائحة أن المنظمة قدمت معلومات خاطئة حصلت عليها من الصين، وأن المنظمة تأخرت في التحذير من خطر فيروس كورونا. كما أنها فشلت في الحصول على المعلومات الكافية بشأن الفيروس ونشرها بطريقة شفافة.

تعتبر الولايات المتحدة الممول الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية، سواء من خلال المساهمات المقدرة والتبرعات. ولسنوات عديدة تم تحديد المساهمة المقدرة لواشنطن بنسبة ٢٢٪ من جميع الاشتراكات المقررة للدول الأعضاء، وهو أقصى نسبة مسموح به. وخلال العقد المنصرم كانت المساهمة المقدرة للولايات المتحدة مستقرة إلى حد ما، وتتذبذب ما بين ١٠٧ مليون دولار و١١٩ مليون دولار.

وقد كانت الولايات المتحدة وراء فشل عديد من المنظمات والتجمعات الدولية في التوصل إلى صيغ تعاونية لمواجهة الجائحة، حيث أدي الإصرار الأمريكي إلى التأكيد على الأصول الصينية للفيروس إلى فشل اجتماع لمجلس الأمن الدولي، وكذلك جهود منظمة الأمم المتحدة لتوحيد الاستجابات الدولية لمواجهة الفيروس، حيث فشل المجلس في التوصل إلى إعلان مشترك أو قرار بشأن الفيروس، لإصرار واشنطن على أن ينص صراحة على أن الفيروس نشأ في مدينة ووهان الصينية.

كما عرقلت الإدارة الأمريكية إصدار وزراء صحة مجموعة العشرين بياناً مشتركاً لتعزيز تفويض منظمة الصحة العالمية وإمدادها بموارد إضافية لتعزيز دورها الدولي في مواجهة فيروس كورونا المستجد،وكذلك فشل اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع الكبار (G7) (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وكندا) حول الجائحة في التوصل إلى استجابة مشتركة حول التعامل معها بسبب إصرار الولايات المتحدة التي تتولي رئاسة المجموعة، على استخدام تسمية “فيروس ووهان”.

تداعيات التعامل الأمريكي مع الجائحة

أدت الإخفاقات المتعددة للإدارة الأمريكية في التعامل مع جائحة كوفيد-١٩ داخليا وخارجيا إلى جملة من التداعيات، والتي يتمثل أبرزها فيما يلي:

أولا- تراجع شعبية الرئيس الأمريكي ومستويات الثقة به بين الأمريكيين: بعد فترة من ارتفاع شعبية ترامب في أعقاب تخطيه إجراءات عزله في بداية العام الجاري (٢٠٢٠)، فإنها في تراجع منذ بداية جائحة كوفيد-١٩، ولا سيما بعد تخطي حصيلة الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورنا المستجد إلى ١٠٠ ألف حالة. فتشير معظم استطلاعات الرأي إلى رفض ما يزيد عن نصف الأمريكيين الذين تشملهم تلك الاستطلاعات طريقة تعامل الرئيس مع تفشي الجائحة.

وقد أدي تعامل ترامب مع الجائحة من منطلق تعزيز فرص فوزه بولاية ثانية، وتقديمه معلومات مضللة إلى الأمريكيين بشأن الفيروس، ومهاجمته وأنصاره لوسائل الإعلام التي تُقدم معلومات تختلف عن ما يعلنه_إلى تراجع نسبة ثقة الأمريكيين في طريقة تعامله مع أزمة انتشار الفيروس بين الأمريكيين، وفيما يصرح به بشأنها.

ثانيا- تراجع فرص فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية: شكلت جائحة كوفيد-١٩ تحديات غير مسبوقة للانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجري في الثالث من نوفمبر ٢٠٢٠، حيث أدى تزايد الخسائر الأمريكية نتيجة انتشار الفيروس بالولايات الأمريكية، وتصدر الولايات المتحدة الدول من حيث عدد المصابين بالفيروس، وكذلك الوفيات جرّاء الإصابة به، وما خلفته الجائحة من خسائر اقتصادية وارتفاع نسبة البطالة الأمريكية إلى مستويات غير مسبوقة منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن المنصرم وتهديد الصحة العامة، إلى أن أصبحت التهديدات التي تمثلها القضية السياسية الأبرز في الحملات الانتخابية للرئيس ترامب، والمرشح الديمقراطي جون بادين، والقضية الانتخابية الأولي التي على أساسها سيصوت الناخب الأمريكي في انتخابات نوفمبر المقبل.

وعلى عكس كثير من التوقعات التي كانت تشير إلى أن فرص الرئيس ترامب للفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة قوية بعد أن حقق العديد من المكاسب الاقتصادية مع نهاية عامه الثالث بالبيت الأبيض والتي كانت محور خطابه الأخير لحالة الاتحاد أمام الكونجرس بمجلسيه، فقد قللت إخفاقات الرئيس الأمريكي للتعامل مع الجائحة من فرص فوزه في الانتخابات القادمة، في مقابل ارتفاع نسبب التأييد الشعبي لمنافسه الديمقراطي، والذي يتفوق عليه في أغلب استطلاعات الرأي بحوالي ٦٪.

ثالثا- قلق الجمهوريين من خسارة الأغلبية في مجلس الشيوخ: أثارت الطريقة التي يتعامل بها ترامب مع تفشي جائحة كوفيد-١٩، وتدهور الاقتصاد الأمريكي وتراجع شعبية الرئيس الأمريكي في استطلاعات الرأي الأمريكي مخاوف المشرعين الجمهوريين الذين يتمتعون بالأغلبية في مجلس الشيوخ، من خسارة تلك الأغلبية في الانتخابات التي ستجرى في الثالث من نوفمبر بجانب خسارة منصب الرئاسة. حيث يري العديد من الجمهوريين أن الإحاطات الإعلامية شبه اليومية التي يجريها الرئيس ترامب وفريق إدارة أزمة الجائحة، والتي تخطي بمتابعة شعبية تفوق الأحداث الرياضية الكبرى داخل الولايات المتحدة، بدلا من أن تكون فرصة لتعزيز شعبيته، فإنها ألحقت أضرارا جسيمة بمكانته السياسية؛الأمر الذي دفع العديد من المشرعين الجمهوريين أن ينتقدوا كثيرا من تصريحات وسياسيات الرئيس الأمريكي حيال الجائحة؛أملا في تعزيز فرص فوزهم في الانتخابات التي ستجري في الثالث من نوفمبر المقبل.

رابعا- تصادم مستمر بين ترامب وحكام الولايات، وخاصة تلك التي يحكمها ديمقراطيون: منذ بداية الجائحة والعلاقات بين الرئيس وحكام الولايات تشهد مرحلة من التوتر المستمر، ولا سيما مع كثير من الانتقادات التي يوجهونها لترامب لتأخره في التعامل مع الجائحة، وضغوطه عليهم لإعادة فتح الاقتصاد الأمريكي مجددا، بينما يري عدد من الحكام الديمقراطيين والجمهوريين أن ولاياتهم لا تزال غير قادرة على إعادة فتح اقتصاداتها مرة أخرى لنقص جزئي في قدراتها لإجراء ما يكفي من الفحوصات والاختبارات.

خامسا- احتدام الصراع بين الولايات المتحدة والصين:أضافت جائحة كوفيد-١٩ بُعدا جديدا لمصادر التوتر بين واشنطن وبكين، حيث تشهد العلاقات بين الدولتين صراعا محتدما منذ اليوم الأول للرئيس ترامب في البيت الأبيض، وهو الأمر الذي دفع كثيرون إلى الحديث عن احتمالية أن تكون هناك حرب باردة جديدة بين الولايات المتحدة والصين. فمع انتشار الفيروس بصورة متسارعة في معظم دول العالم، وتزايد عدد الإصابات والوفيات بين الأمريكيين اتهم ترامب السلطات الصينية بمساعدة من منظمة الصحة العالمية بحجب الحقائق فيما يتعلق بالفيروس وأشار إلى أن الحكومة الصينية ربما سمحت بانتشار المرض، وهدد بأن تدفع بكين ثمنا باهظا بسبب ذلك. وفي المقابل اتهم المسئولون الصينيون إدارة ترامب بـالجهل المتعمد، وسوء إدارة الجائحة، ومحاولة ابتزاز بكين.

وقد أثار الهجوم اليومي المتبادل بين الولايات المتحدة والصين حول فيروس كورونا المستجد ومحاولات كل منهما الاستفادة من إخفاقات تعامل الأخرى مع الجائحة_مخاوف خبراء الأمن القومي الذين يخشون من أن حربا باردة جديدة تختمر بين القوتين العظميين خلال تلك الأزمة العالمية، والتي سيكون لها تداعيات بعيدة المدى، فهي ستطيل مدة بقاء الوباء، وتعمق الأزمة الاقتصادية العالمية، وتفتح الأبواب أمام منافسات جيوسياسية جديدة.

خلاصة القول:اتسمت استجابة الرئيس دونالد ترامب لجائحة كوفيد-١٩ بالكثير من الإخفاقات، حيث فشل في جمع الأمة، أو توفير قيادة فعالة للسلطة التنفيذية، وتنسيق الاستجابة المطلوبة بين الوكالات الفيدرالية التي تتطلبها البلاد في ظل تلك الأزمة. وقد استخدم الإحاطات الإعلامية شبه اليومية وقت ذروة الجائحة في زيادة الارتباك بين الأمريكيين وتقديم المعلومات المضللة، وهو الأمر الذي سيكون له تأثيرات على فرص فوزه بولاية رئاسية ثانية في انتخابات الثالث من نوفمبر القادم. لكن النظام الفيدرالي الأمريكي لم يسمح بتدهور الأوضاع إلى مستويات كارثية،حيث اتخذت كامل الولايات والمسئولون المحليون الدور الأكبر للتعامل مع الجائحة،وتحقيق التوازن بين عمليات الإغلاق والحاجة إلى استمرار الاقتصاد، وقيام الولايات بكثير من المهام التي كان يتوجب أن تقوم بها الحكومة الفيدرالية مع اشتداد الأزمة. 

اظهر المزيد

عمرو عبدالعاطي

باحث متخصص في الشئون الأمريكية-موسسة الأهرام-القاه...

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى