تحظى سوريا بمكانة جيوسياسية مهمة في الخريطة السياسية العربية والإقليمية، ويزيد من أهميتها ما تتمتع به من تنوع في الهوية الإثنية والطائفية والمذهبية ومن تعقيد في البنية الاجتماعية السياســـية ، الأمر الذي جعل منها مساحة ملائمة لتفاعل مصالح إقليمية دولية عديدة متصارعة على أرضها ، وهذا الواقع انعكس انعكاسًا كليًّا على الأوضاع السياسية والاجتماعية في سوريا قديمًا وحديثًا ، بحيث أن أي تغيرات سياسية في سوريا لا تتوقف عادة ضمن حدودها ، بل تكون شديدة التأثير سياسيًّا واجتماعيًّا في محيطها الجغرافي العربي والإقليمي .
فما كان للثورة السورية أن تصبح أزمة إقليمية دولية لولا تدخل عدة أسباب وعوامل جيوستراتيجية في الخريطة السياسية والأمنية العربية والإقليمية والدولية ساعدت في تحويلها من ثورة شعبية ضد النظام السوري _ إلى أزمة إقليمية دولية أكثر منها سورية ، فعلى المستوى السوري الداخلي تتعلق هذه الأسباب بطبيعة النظام السياسي القائم ، والمعارضة السورية ، وكذلك تعقيدات البنية الاجتماعية وتكويناتها المتنوعة الإثنية والمذهبية التي وضعت في قلب الصراع المذهبي والطائفي .
أما عن الكتاب فهو مكون من ثلاثة فصول: الأول منه، يتحدث أولًا عن محددات السياسة الروسية تجاه الأزمة السورية ، حيث تأتي أهمية سوريا بالنسبة لروسيا انطلاقًا من العلاقات التاريخية التي جمعت البلدين ، والمصالح الاستراتيجية الروسية في سوريا ، وأيضًا في مستوى التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري الذي بلغ ذروته بين الجانبين خصوصًا بعد وصول كلٍ من الرئيس “فلاديمير بوتين” للسلطة في روسيا ، والرئيس السوري “بشار الأسد” للسلطة في سوريا .
فكما قلنا إن المصالح الروسية في سوريا ذات طبيعة سياسية وعسكرية واقتصادية واستراتيجية ، وتعد أهم المصالح الروسية في سوريا ، كما يذهب العديد من المراقبين ، هي الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في ميناء طرطوس ولهذه القاعدة أهمية كبيرة وقد عملت موسكو على توسيعها وتطويرها .
واذا أرادت روسيا أن تطمح إلى لعب دور جيوسياسي أكبر في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط ، فيأتي ذلك عن طريق سوريا حيث تمثل موطئ القدم الأكثر أهمية في المنطقة بالنسبة لهـــــــا ، بالإضافة إلى موقع سوريا المطلِّ على البحر المتوسط وإسرائيل وتركيا والعراق ولبنان والأردن.
ثم ينتقل الكاتب بحديثه إلى محددات السياسية الأمريكية تجاه الأزمة السورية ، فعلى خـــــــــــــلاف ( إيران وكوريا الشمالية والعراق ) لم تدرج واشنطن سوريا ضمن الدول المعادية للولايات المتحدة أو ما تسميه ” محور الشر ” الذي تألف من الدول الثلاثة المذكورة ، وحتى بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ، لم تستهدف واشنطن النظام السوري ذاته بل إن سياسة المحفظين الجدد وتوجهاتهم استهدفت السياسة الخارجية السورية ، ودور سوريا المركزي في القضايا العربية المهمة ، حيث قامت قيادة بوش (الابن) بالضغط على القيادة السورية لوقف حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية ، وتقليص الدور السوري في لبنان ، وفك الارتباط مع إيران ، وقد أدى الضغط الأمريكي على النظام السوري بعد احتلال العراق ، والذي عبر عنه بشكلٍ خاص قانون ” محاسبة سوريا ” وشروط “كولن باول ” إبِّان زيارته دمشق في مايو2003 م ، حالة من اتفاق شعبي حول النظام السوري ورفض شروط واشنطن .
وفى عام 2004 م ، صنفت إدارة بوش (الابن) سوريا ضمن ” الدول المارقة ” وفي العام نفسه أقر الكونجرس الأمريكي قانون محاسبة سوريا؛ بسبب دعمها الإرهاب من وجهة النظر الأمريكية .
فسوريا بالنسبة للولايات المتحدة متورطة في دعم الإرهاب ، من خلال دعم حزب الله اللبناني وحركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني ، فالإدارة الأمريكية تعتقد أن لديها مصلحة استراتيجية في نشوء سوريا ما بعد الأسد ، إذ أن سوريا وفقًا لهم لا تزال تُشكّل تهديدًا للاستراتيجية الأمريكية والمصالح الأمنية في الشرق الأوسط ، وأنها طورت برامج يشتبه أنها أسلحة دمار شامل ، وعززت علاقاتها السياسية والعسكرية مع الدول ” المارقة ” حسب التصنيف الأمريكي ، مثل إيران وكوريا الشمالية .
ومع تسلُّم الرئيس الأمريكي أوباما مقاليد الحكم في الولايات المتحدة عام 2009 شهدت العلاقات الأمريكية السورية نوعًا من الانفتاح ، من خلال استخدام لغة مخالفة تمامًا عن الأدبيات التي اُستخدمت في عهد الإدارة السابقة وعادت سوريا للتعويل على دور أكثر فعالية للولايات المتحدة.
وقد تطور الموقف الأمريكي من النظام السوري أثناء الثورة بالتدريج وغلب عليه طابع الارتباك والتردد تجاه بدائل التعامل معه ، وهو أمر منطقي بالنظر إلى التحديات التي يفرضها بقاء النظام أو تغييره تجاه التقدم في أي من الملفات التي يمتلك النظام السوري قدره كبيرة على التأثير فيها ، وقد عادت دوائر الاهتمام بالأزمة السورية في واشنطن لمربع الجدل المتجدد حول بدائل الحركة نحو سوريا .
لكن هذه المرة تحت وطأة متغير جديد وهو ثورة شعبية تم عسكرتها وتطورت إلى أزمة إقليمية دولية في بلدٍ محوري في الشرق الأوسط ، وبما يحمله ذلك من فرص ومخاطر على المصالح الأمريكية في المنطقة ، حيث برز داخل دوائر صنع القرار الأمريكي من يتبنى مبدأ التدخل العسكري ، وبين من يعارضون ذلك ويميلون لبدائل أخرى ، ومع هذا الجدل الذي بدأ بعد التدخل الدولي في ليبيا ، سن الكونجرس تشريعًا لا يسمح للرئيس منفردًا استخدام القوة العسكرية أو إعلان الحرب على سوريا .
وتعد الأزمة السورية اختبارًا قاسيًا للولايات المتحدة ، وأزمة تهدد مصالحها في المنطقة ، ويبدو أن الولايات المتحدة غير قادرة على بلورة سياسة واضحة تجاه هذه القضية المعقدة والمتشابكة الأطراف بتقاطعها مع مصالح قوى إقليمية ودولية أخرى ، مثل إيران ، وروسيا ، والصين ، وارتباطها بتعقيدات محلية وإقليمية وأمنية وأخرى متعلقة بحالة الصراع التاريخي بين سوريا وإسرائيل .
وبالنسبة للمواقف العربية من الأزمة السورية فمثلًا بالنسبة لمصر فقد مر الموقف المصري بعدة مراحل نتيجة التغيرات التي طرأت على الساحة المصرية ، فكان الموقف المصري تجاه الأزمة السورية في مرحلة الإخوان المسلمين أقرب إلى الموقف الأمريكي والذي تمثل في دعم المعارضة السورية ودعوة الرئيس المصري السابق “محمد مرسي” للجهاد وإسقاط النظام السوري الذي وصفه بالدكتاتوري ، إلا أنه بعد ثورة 30 يونيو 2013، والإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر ، ووصول الرئيس “عبد الفتاح السيسي” للحكم تمثل الموقف المصري في رفض القاهرة لسقوط الدولة السورية وهدم أركانها بحجة التخلص من النظام السوري ، حيث عملت الإدارة المصرية على التنسيق مع روسيا في موقفها من الأزمة السورية ، كما دعمت القاهرة الموقف الروسي في الحرب على الإرهاب والجماعات المتطرفة لا سيما تنظيميِّ داعش والنصرة .
أما الفصل الثاني، فعنوانه( السياسة الروسية الأمريكية تجاه الأزمة السورية) ، حيث تباينت ردود الفعل الدولية_ لا سيما الموقفان الروسي والأمريكي تجاه الثورة السورية والتي اندلعت منتصف مارس 2011 م، فبالنسبة للموقف الروسي فقد جاء موقف موسكو تجاه الأزمة السورية حاسمًا وأكثر وضوحًا منذ بداية الاحتجاجات ، وذلك على الغرار من الموقف الروسي تجاه الثورات العربية الأخرى الذي شابه نوع من التأني والغموض ، ففي الحالة السورية اتَّسم الموقف الروسي بالإصرار الصريح على تأييد النظام السوري ، وتجلى ذلك في استخدام روسيا حق “الفيتو” أربع مرات متتالية في مجلس الأمن ضد مشروعات وقرارات تدين النظام السوري .
وتبرر روسيا موقفها بأنها تحافظ على الدولة السورية ، وأجهزتها ، وتأكيدها على ضرورة الإصلاح والحلول السياسية والدبلوماسية للأزمة ، ودعم الحوار بين الأطراف السورية للتوصل إلى حل وتسوية للأزمة ، ورفضها لأى تدخل عسكري دولي في سوريا تفاديًا لتكرار الحالتين العراقية والليبية .
أما بالنسبة للموقف الأمريكي ، فقد جاء موقف واشنطن تجاه الأزمة السورية باهتًا ومتدرجًا مع طبيعة وتطور الأحداث على أرض الواقع حالة كحال الموقف الأمريكي من الثورات العربية الأخرى والذي شابَهُ نوعٌ من التخبط والارتباك ، ففي الحالة السورية ، اتسم الموقف الأمريكي بشكلٍ عام بالتعامل مع التداعيات ولا يتسم بالقوة المعتادة ، إذ أن الولايات المتحدة وبعد ما جرى لها في أفغانستان والعراق باتت تبحث عن نتائج مضمونة لأي عمل عسكري تقوم به ، حتى لو لم تكن في المقدمة ، وفضلت القيادة في الصفوف الخلفية كما حدث في الحالة الليبية ، فضلًا عن أن أي عملية عسكرية في منطقة تقع إسرائيل في قلب استراتيجيتها تعد بالنسبة لواشنطن مغامرة إلا أن ذلك لا يعني أنها تريد الإبقاء على نظام الأسد وإنما تسعى لتغييره عبر استراتيجية مختلفة لما جرى في ليبيا نظرًا لاختلاف الخصوصية السورية ، من خلال دفع النظام إلى الانهيار من الداخل ، عبر سلوك يعتمد على التصعيد التدريجي للعقوبات .
ولذا يحاول الكاتب في هذا الفصل إلى تتبع سياسة روسيا والولايات المتحدة تجاه الأزمة السورية باعتبارها أكثر الأطراف الدولية تأثيرًا في الأزمة ، ويمكن القول أن سياسة كل من موسكو وواشنطن تجاه الأزمة شابها شيء من التحدي؛ لأسباب ودوافع مختلفة ، لكن ما يبدو على السطح متشابهًا، هو في الواقع أكثر اختلافًا في العمق ، حيث تحتل روسيا والولايات المتحدة وضعية خاصة لكل منهما، وبما يخدم استراتيجية ومصالح كل منهما في الشرق الأوسط بشكلٍ عام والوطن العربي بشكلٍ خاص .
هذا ويبدو أيضًا أن سوريا بدأت تتحول لتكون نقطة تلاقي (روسي- أمريكي) ، بعد أن كانت نقطة خلاف وتوتر على امتداد السنوات الماضية ، فكلٌ من موسكو وواشنطن يتملكهما الرهبة من وصول تيارات الإسلام السياسي بنسختها الجهادية إلى السلطة في سوريا ، حيث أدى صعود ” تنظيم الدولـــــــة ” وتمدده في سوريا والعراق وإعلانه قيام ” دولة الخلافة ” إلى تقارب كبير في الرؤية بين واشنطن وموسكو لطبيعة الصراع في المنطقة ، وقد عبر هذا التقارب في اتجاه واشنطن إلى تبني المقاربة الروسية للصراع في سوريا ودعم المنطقة بإعطائها الأولوية لمواجهة خطر التنظيمات الجهادية ، مقابل اتجاه روسيا إلى تبني المقاربة الامريكية القائمة في جوهرها على تحقيق توازن قوي في المنطقة عبر استخدام لعبة الإسلام ” الشيعي ” الذي تقوده إيران في مواجهة الإسلام ” السني ” الذي تمثله تركيا والسعودية ، ومما يؤدي إلى احتواء القوى الإقليمية الكبرى الثلاثة في المنطقة فضلًا عن ضمان أمن إسرائيل وتفوقها ، وتأمل موسكو في أن يؤدي هذا التقارب في الرؤى إلى تحقيق انطلاقة جديدة في العلاقة مع واشنطن ، وإعادة تفعيلها كما جرى التعبير عنها في لقاء جمع بين وزيرة الخارجية الأمريكية “هيلاري كلينتون” مع نظيرها الروسي “سيرجى لافاروف” في موسكو عام 2009 ، وتجاوز التوتر الذي ساد العلاقات بين الطرفين إذ أن الولايات المتحدة حتى لا تحبذ مثل هذه الدبلوماسية الروسية الفاعلة في التعامل مع الأزمة السورية ، لكن يبدو أن المشكلة لدى واشنطن تكمن في كيفية تمرير هذا الأمر على حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة دون أن يظهر تواطؤ أو عجز الإدارة الأمريكية مع و أمام روسيا وإيران ، وكذلك بأن إيران التي تخشى فقدان نظام الأسد وقدرتها على التواصل الجغرافي مع حزب الله اللبناني لن تحبذ ذلك أيضًا لكن إذا كان النظام السوري على وشك الانهيار والسقوط فما من شك في أن طهران تفضل حلًا روسيًّا على أي حل أمريكي أو غربي أو حتى عربي أو تركي للأزمة السورية .
أما الفصل الثالث، من الكتاب فعنوانه (تداعيات السياستين الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية على النظام الدولي والأمن الاقليمي) ، حيث يشير الكاتب أن الأزمة السورية فرضت ارتباكًا هائلًا وما زالت في سياسة الدول الإقليمية والعربية ، هذه السياسة باعدت بين الدول ، ومن شأنها أن تعيد رسم خريطة التفاعلات والتحالفات الإقليمية ، ففي ضوء تطورات الأوضاع السياسية في المنطقة بشكلٍ عام وما يتعلق بالأزمة السورية بشكلٍ خاص ، وفى ضوء التطورات الدولية والإقليمية التي لها علاقة بالشأن السوري ، يمكن الخروج باستنتاج أن هناك معطيات تؤكد ظهور ملامح لخارطة جديدة من التحالفات في إقليم الشرق الأوسط .
وقد يشهد النظام الإقليمي الجديد في إطار هذه التحالفات التي ستترتب على ضوء الصورة النهائية لتسوية الأزمة السورية إلى إخلال في موازين القوى لصالح دول غير عربية ، وتراجع دور بعض الدول لصالح أخرى .
وبالتالي باتت الأزمة السورية تمثل نقطة اشتباك إقليمي ودولي ، وتهيمن على مجمل التحركات السياسية والعسكرية والإقليمية والدولية ، وتشكل نموذجًا للعلاقة في إطارها التصارعي بين النظامين الدولي والأقليمي ، إذ تمثل الأزمة أبرز الفروع في سلسلة الأزمات في ملف إقليمي معقد متشابك ، وباتت قضية حاضرة في كل الأزمات الإقليمية ، وسيكون مصير الحرب المشتعلة فيها ، أو التسوية المنشودة لها ، هو الذي سيحدد مصير الأزمات الأخرى في المنطقة ، كذلك فإن استمرار الصراع يعني استمرار التأزم مع طهران ، ويندد بمخاطر حرب إقليمية تشترك فيها إسرائيل ، إضافة إلى التورط التركي الكبير في الأزمة ، وقد يؤدي إلى تورط ” الناتو ” عسكريًّا وهو أمر قد لا ترغب به الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون .
هذا وقد وضحت حالة الصراع حول سوريا ، وتشكيل محورين أساسيين يتألف الأول دوليًّا مـــــــن ” الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ” ، ويضم إقليميًّا ” تركيا وإسرائيل والسعودية وقطر ” بينما يستند الآخر دوليًّا إلى قوتين كبيرتين ” روسيا والصين ” ، ويمتد في الجغرافية السياسية إقليميًّا ليشمل ” إيران وسوريا والعراق وحزب الله ” .
وكلا المحورين يعتبران إفرازات ونتائج الأزمة السورية ستحدد طبيعة المرحلة القادمة ، إما تعزيز للنفوذ والهيمنة الأمريكية أو تراجع كبير لها ، إذ بات يُنظر إلى الأزمة باعتبارها تمثل نقطة تمهيد للتحول في النظام الدولي ، فروسيا تعتقد أن نجاحها في المحافظة على مصالحها في سوريا ، في ظل سياسة أمريكية مترددة مؤشرًا مهمًا على بداية التحول في النظام الدولي ، وعودتها لتأدية دور مؤثر في الساحة الدولية كقوة عالمية ، ألا أنه يمكن القول بأن المتغيرات الدولية لا تشير إلى تراجع كبير لمكانة الولايات المتحدة ، بقدر ما تشير إلى صعود أقطاب أخرى منافسة ” روسيا والصين ” .
إذ أن التحدي الأكبر الذي يواجه النظام العربي يتمثل في قدرته على إبقاء تماسكه ووقف مخطط تذويبه في إطار جغرافي أوسع بات يعرف في الأدبيات الدولية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، وذلك في تغيب مسمى الوطن العربي أو النظام العربي فضلًا عن صراعين آخرين مزدوجين ومتلازمين ، صراع تفكيكه لصالح نظام آخر بديل وهو نظام الخلافة الإسلامية الذي طرحه تنظيم داعش وصراع آخر يتمثل في تقسيمه داخليًّا إلى دويلات وكيانات مذهبية وعرقية وطائفية .
ولهذا فإن مستقبل النظام العربي يرتبط بشكلٍ كبير بالأزمة السورية والحرب على داعش ومن الصعب التوقع بإعادة ترميم وتفعيل النظام العربي دون الوعي بمأل مشروع داعش فضلًا عن الإفرازات الأمنية الأخرى في ظل تطورات وتداعيات الأزمة السورية وما قد تتركع من تصدعات ، ما يعني أن النظام العربي أمام موجة شبه مؤكدة من التغيير لكن آفاق هذا التغيير لا تزال غير محـــــــدودة ، وسوف يتوقف حتمًا على ما سوف تؤول إليه الأزمة السورية ، ومستقبل الصراع الدائر في الثورات العربية .
وأخيرًا فإن مستقبل الأوضاع في سوريا ، أضحت تندد باشتباك أوسع أو حرب إقليمية ، إذ تمثل الأزمة السورية أحد الفروع المهمة ضمن سلسلة الأزمات والقضايا في ملف إقليمي شامل معقد ومتشابك ، فقد أصبحت سوريا الآن قضية حاضرة في كل الأزمات الإقليمية وسيكون مصير الحرب المشتعلة بها ، أو التسوية المنشودة لها هو الذي سيحدد مصير الأزمات الأخرى في المنطقة ، كذلك فإن استمرار الحرب يعني استمرار التأزم مع طهران ، ويعني مخاطر حرب إقليمية تشترك فيها إسرائيل ، إضافة إلى التورط التركي الكبير في الأزمة السورية ، ما قد يؤدي إلى تورط حلف الناتو عسكريًّا في المنطقة ، وهو أمر لا ترغب به الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون