في التصعيد الشامل ضرر للجميع، نظرًا لأنه يصعب توقع محطته الأخيرة، ويمكن القول بأن حالة عدم الاستقرار والتلويح بالقوة أو بمزيد من القوة، قد يسفر عن انفجارات غير مقصودة جرَّاء اتخاذ أي طرف خطوات استباقية لما يرى أنه هجوم محتمل.
بداية، يجدر بنا أن نوضح أن الجانب الإسرائيلي لا يمكن الحديث عنه ككتلة واحدة؛ ففي مقابل عائلات المحتجزين والأسرى التي حاول رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” اختراقهم، وفي مقابل معارضة قوية ترى بأنه أخفق أمنيًّا، ولا مصداقية له ولا أهلية ويجب رحيله فورًا_ يرى رئيس حكومة الحرب، أن من مصلحته الشخصية امتدادَ المواجهات الإقليمية لكي تتورط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع، وهو ما من شأنه تخفيف الانتقادات على العدوان على غزة. ومن ناحية أخرى، تأجيل لانفجار الخلافات الداخلية في إسرائيل حول التجنيد، وحول مصداقية نتنياهو وأهليته للاستمرار في القيادة.
ويجب الأخذ في الاعتبار هنا إلى أن الائتلاف الحكومي يسيطر على الكنيست، ولذا لن يكون في المتناول توفير أغلبية تسحب الثقة أو توافق على انتخابات مبكرة في ظل استطلاعات رأي تؤكد فقدان الائتلاف الأغلبية، بل واختفاء بعض الأحزاب مثل: حزب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش حال إجراء الانتخابات فورًا، جراء عدم تجاوز نسبة الحسم، وفق ما جاء في استطلاع رأي نشرته معاريف نهاية شهر فبراير 2023، لكن الانشقاقات الداخلية في الحكومة، وكذا ضغط الشارع من شأنه أن يحول الدفة، ويغير المسار.
ما هي أهداف إسرائيل الرئيسة بقيادة نتنياهو من استمرار العدوان على غزة للشهر الخامس؟ وهل تحركات الولايات المتحدة وتصريحاتها المتتالية بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية تهدف إلى الترطيب والتخدير أم يمكن إجبار تل أبيب على السير قدمًا نحو تحقيقها كركيزة لاستقرار المنطقة أو على الأقل عدم انفجار الأوضاع وفتح جبهات أخرى غير غزة بشكل شامل؟ وكيف تتعامل القوى العربية والإقليمية مع هذا التصعيد وتلك المخططات والجرائم؟
محفزات الانفجار إسرائيلية الصنع:
إن التقييم الموضوعي للعدوان على غزة يجب أن يبدأ من سياسات حكومة نتنياهو في الضفة الغربية، وتكرار الاعتداءات والاقتحامات للحرم القدسي، وهو ما حذرت منه أغلب الدول العربية مرارًا في بيانات رسمية وتصريحات علنية، فضلًا عن التأكيد على خطورة تلك الممارسات في أية مباحثات مباشرة، أو غير مباشرة، ويعبر عن رغبة حكومة نتنياهو في التغطية على فشلها والهروب للأمام بتوريط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع.
ويمكن الارتكاز في هذه الفرضية إلى مؤشرات محددة من بينها:
- تقييم “إيهود أولمرت” رئيس الوزراء السابق، الذي كتب في هارتس تحت عنوان “ليس نصرًا مطلقًا، بل استسلام تام لأوهام المسيحانيين” (المقصود طائفة تؤمن بالمسيح وتعتبر نفسها يهودية تأسست في القرن التاسع عشر لاستيعاب من تم إجبارهم من اليهود على تغيير ديانتهم): “إن احتلال غزة وزرع المستوطنات بها ليس الهدف الأساسي لسموتريتش وبن جفير، بل إن الهدف الأساسي هو جعل غزة منصة لانطلاق الحرب الكبرى”. إلى هنا ينتهي كلام أولمرت.
- تشكك قطاع عريض من الإسرائيليين في إمكانية تحقيق المعادلة الصفرية التي يسميها نتنياهو “النصر التام”، وتدمير حماس أو إجبارها على الاستلام، وفي نفس الوقت الإفراج عن المحتجزين والأسرى بالقوة. وهو ما عبر عنه أيضًا جنرالات سابقون في جيش الاحتلال منهم “إسحق بريك”، الذي تنبأ بوقوع 7 أكتوبر قبلها بعدة أشهر ولم يلتفت إليه أحد، خاصة وإن حماس بعد كل المذابح التي تعرض لها القطاع ظلت تديره للشهر الخامس بدون انقطاع من خلال دفع 200 دولار لمنسوبيها، وفرض الأمن حتى في شمال القطاع، ومحاولة ضبط الأسعار، والتصدي للصوص المنازل الخالية، بجانب جهود سيزيفية للدفاع المدني، ومحاولات تنظيم العمل في المستشفيات، وغيرها من الخدمات المتاحة بأقل الإمكانيات.
- من المؤشرات المقلقة لصانع القرار والرأي العام في إسرائيل على حد سواء، فشل الحكومة الإسرائيلية في إعادة المهاجرين النازحين من شمال وجنوب إسرائيل (نحو 200 ألف إسرائيلي نازح) في ظل عدم ردع حزب الله سياسيًّا، أو عسكريًّا، وكذلك الاعتراف بمقتل نحو 600 جندي وضابط منذ 7 أكتوبر، بل وقتل عدد من المختطفين بعد الوصول إليهم في غزة؛ حيث تم إعدامهم ميدانيًّا على يد قوات جيش الاحتلال، التي ظنت أنهم فلسطينيون-على الرغم من أنها طلبت مرارًا من المقاومين الاستسلام- وهو ما يتماهى مع حالة الاحتفاء بمن ينفذون إعدامًا ميدانيًّا، فلسطيني جريح لا يمثل خطورة يخلق حالة من الانفلات عبر عنها تصفية إسرائيلي جريح من مسافة قصيرة على يد إسرائيلي آخر اعتقد أنه فلسطيني. وفي هذا توسعة لرقعة الصراع والفوضى التي كانت في البداية موجَّهة لحماس ومسلحيها، ثم انتقل إلى مرحلة مواجهة “حيوانات بشرية”، كما تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي “جالانت” عن سكان غزة، وأخيرًا استقر للرغبة في الاشتباك مع الجميع من خلال البندقية الأمريكية.
- تحمل قرارات منع المصلين من الضفة الغربية ومن فلسطيني الـ 48 من الصلاة في الأقصى في رمضان، مع استثناءات لمن تجاوز السبعين أو الستين؛ استفزازًا لمشاعر كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين، حتى ولو كان المبرر المعلن هو الخشية من رفع صور السنوار أو أعلام حركة حماس؛ لأن هذه الصور واللافتات تستطيع النساء حملها وكذلك المسنين. وهي استفزازت قد تؤدي إلى استهداف مصالح الولايات المتحدة من خلال ذئاب منفردة مما يؤدي إلى توريطها أكثر في الجهد العسكري.
- بنظرة تحليلية للتحول النوعي في مواجهة إيران، سيجد المراقب أن الصدام اقتصر في البداية على ضربات للمليشيات في سوريا، أو حتى عمليات منسوبة للموساد ضد المشروع النووي الإيراني، لكن تل أبيب باستهدفها خطوط غاز في إيران دخلت مرحلة جديدة من المواجهة؛ لأن الغاز من ناحية يعد مصدرًا أساسيًّا للاقتصاد الإيراني، ومن ناحية أخرى يمس حياة المواطن الإيراني بشكل مباشر، ولا يقتصر تأثير استهدافه على قوات نظامية أو مليشيات تابعة لإيران، كما كان الحال في أغلب المواجهات السابقة. وهو ما عبر عنه المحلل الإسرائيلي للشؤون العسكرية “رون بن يشاي”، حين اعتبر أن مغزى الاستهداف هو توجيه رسالة إلى 83 مليون موطن إيراني يحتاجون للطاقة والخدمات المرتبطة بها؛ وبذلك يعاني المواطن الإيراني كما يعاني المواطن الإسرائيلي، الذي ترك منزله في الشمال أو في الجنوب وبات مضطرًا -في إيلات وغيرها من المدن- إلى الركض للملاجئ كلما دوت صفارات الإنذار. ويضع قادة الحكومة الإسرائيلية في أذهانهم أن الدخول في مواجهة شاملة مع إيران سيورط الولايات بالضرورة، سواء بمبادرة أمريكية أو بتصعيد طهران لهجمات أذرعها ضد القواعد الأمريكية في المنطقة.
رفض أمريكي مكتوم وقلق عربي مشروع:
في المقابل، يمكن رصد مؤشرات تنم عن مراجعات في الولايات المتحدة لدعمها الكامل لحكومة نتنياهو، حيث تم تأكيد الأنباء، التي كشفتها واشنطن بوست وعدد من الوسائل الإعلامية الأخرى، بشأن خطة وفق جدول زمني للاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف الحرب، وملاحقة عدد من المستوطنين المتورطين في العنف.
ويمكن التدليل على طبيعة التوجس الإسرائيلي من تضرر التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة بما ذهبت إليه “أورلي أزولاي” المحللة السياسية في يديعوت أحرونوت، حيث حذرت المسؤولين الإسرائيليين: “بهدوء، وبهدوء، تخسر إسرائيل الولايات المتحدة، وفي أحد الأيام سوف يستيقظ الطرفان ويكتشفان أنهما لم يعودا على نفس القارب، ولا يوجد شاطئ آمن، لم يكن من قبيل الصدفة أن فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على مستوطني الضفة الغربية بسبب جرائم العنف التي ارتكبوها ضد القرويين في الضفة الغربية، وهذه ليست سوى البداية”. ويجدر بنا هنا أن نشير إلى ملاسنات بين جفير والإدارة الأمريكية، وإلى سوابق تخلت فيها الولايات المتحدة عن شركاء لها في فيتنام، وأفغانستان، بل وعدد من الدول العربية حين تم استهدافها في العمق بميليشيات إيرانية.
ويوضع في الحسبان في هذا الصدد عند تفسير التردد الأمريكي محوران أساسيان:
- تفضل الولايات المتحدة أن تخوض الصراعات المسلحة برفقة بريطانيا ضمن تحالف دولي، ومن الواضح أن الرأي العام العالمي غير متعاطف في أعقاب جرائم الحرب الإسرائيلي في غزة والضفة مع أفكار من هذا النوع، بل وفي ظل مرور واشنطن ولندن بعام الانتخابات في كلا البلدين، فإن الظروف الداخلية الأمريكية والبريطانية غير مهيئة لهذا، بعد أن ظلت الإدارة الأمريكية لسنوات تمهد لمغادرة الشرق الأوسط وتركيز جهدها على جبهة الشرق الأقصى وحرب أوكرانيا.
- صدور فيتو عربي استباقي –ضد توسعة رقعة الصراع واللهيب- بإجماع الآراء؛ حين دعت الدول العربية مرارًا في المحافل الدولية لوقف الممارسات الإسرائيلية الخطيرة حتى قبل تولي الحكومة الإسرائيلية الحالية، ومن النماذج على هذا: تأكيد المجموعة العربية، ومجموعة منظمة التعاون الإسلامي في رسالة وجهتها عام 2021 إلى رئاسة الجمعية العامة. وفي أعقاب تولي حكومة نتنياهو (في ديسمبر 2022)، وتصعيدها ضد المقدسات وضد الفلسطينيين في الضفة، ثم السعي للتجويع والإبادة بهدف التهجير وتصفية القضية بدءًا من غزة_ ساندت ودعمت الدول العربية الرؤية المصرية الحاسمة والمبكرة الرافضة للتهجير؛ لكونه “حلًا إسرائيليًّا” سيؤدي إلى تصفية القضية، وكذلك لكونه سيمثل بداية لمرحلة أخطر من الصراع حين تسعى التجمعات الفلسطينية للعودة مجددًا لأراضيها أو السعي للثأر من جرائم الاحتلال. ويمكن القول بأن إصرار الدول العربية على إدخال شاحنات الإغاثة إلى القطاع وإسقاط وعد وزير دفاع نتنياهو الجنرال “يؤاف جالانت” بعدم إدخال أي شيء لغزة_ كان له تأثيره على المشهد؛ حيث ساهم في تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه، وإفشال المخطط الإسرائيلي الساعي لتوريط مصر أو تصدير المشاكل إليها، وهو ما يتم بإصرار إسرائيلي فج يمكن للمراقب تتبعه بسهولة.
في سياق محاولات نتنياهو لتوريط الإدارة الأمريكية وتوسعة رقعة المواجهة، فقد تم توجيه سهام مسؤولية الفشل في الحسم العسكري إلى: مصر، وقطر، وتركيا، وجنوب إفريقيا، والأمم المتحدة وأمِينها العام، ووكالة غوث، وتشغيل اللاجئين التابعة لها (الأونوروا)، بل وتم التلويح بأن روسيا متداخلة، وأنه يجب التعامل مع الحرب الإسرائيلية كما يتم التعامل مع أوكرانيا، على الرغم من أن الوقائع لا تخدم الرواية الإسرائيلية؛ لأن الغرب يساند أوكرانيا ضد روسيا باعتبار أنها “تحتل” جزء من أوكرانيا، بينما إسرائيل تدعو الغرب لكي يساندها في “احتلالها للأراضي الفلسطينية”!. وقد عبر عن هذا مقال رأي للمحلل الإٍسرائيلي “إيتمار إيخنار” تحت عنوان “إننا نحارب نفس العدو، على الرغم من أن السياسيين في إسرائيل لا يعرفون هذا.. عامان على الحرب في أوكرانيا” ذكر فيه: يعاني الناس في الدولتين من الحرب، ولا يعرف أحد متى ستنتهي، المسيرات التي تهاجم أوكرانيا مشابهة لتلك التي تصل إلى إيلات، ويجب زيادة التعاون لتأمين وصول مساعدات الولايات المتحدة.
ونرى أن إحجام الولايات المتحدة عن المساندة المباشرة الصريحة في استهداف الجبهات المؤجلة (اليمن، سوريا، العراق، وبالطبع لبنان)، سيزيد من معدلات الهجرة العكسية في إسرائيل، لكنه في الوقت نفسه سيدفع الساسة في إسرائيل، وأغلبهم من أحزاب نفعية (قادة الليكود، والأحزاب الحريدية لهم مواقف متناقضة كثيرة فيما يتعلق بالانسحاب من الأراضي المحتلة أو الاستعداد للاعتراف بدولة فلسطينية) _ إلى التراجع عن وعودها طالما تأكدت أن ثمة مصلحة في مسار آخر مخالف.
الخلاصة:
- تواجه إسرائيل واقعًا متغيرًا وسيناريوهات غير مسبوقة؛ حيث وجدت نفسها في مواجهة مع دول عديدة صديقة -حتى في قلب أوروبا، وداخل مصفوفات الرأي العام الأمريكي- تجد صعوبة بالغة في تصديق “الرواية الإسرائيلية” (بشأن رد فعلها على 7 أكتوبر)، والدفاع عنها. وهي بشكل أو بآخر ستعاني من تبعات اقتصادية، واجتماعية لإصرارها لخمسة أشهر- حتى كتابة هذه السطور- على العدوان والعقاب الجماعي سواء في (الضفة، أو غزة، أو المقدسات الإسلامية والمسيحية).
- الانقسام داخل حكومة الحرب الإسرائيلية حول أولويات الهجوم على غزة، وكذلك الانقسام حول قدرة نتنياهو وجهوزية الجيش الإسرائيلي جعل “توريط الولايات المتحدة” طوق نجاة يسعى إليه نتنياهو؛ لكي تخوض واشنطن معارك كبرى إقليمية بالوكالة وينشغل الجميع بالأحداث غير المسبوقة والتوتر الدولي -خاصة وأن الخلافات الداخلية في إسرائيل تفاقمت حول أهداف الحرب والأولويات، وكيفية تعويض الخسائر في القتلى والإصابات في ظل تجدد احتجاجات العلمانيين على رفض شريحة كبيرة من المتدينين أداء الخدمة في الوقت الذي تتضاعف فيه فترة الخدمة لقوات الاحتياط لأربعة أضعاف.
- يرغب نتنياهو وبحسابات ضيقة توريط الولايات المتحدة وإطالة أمد الحرب سعيًا للإفلات من العقاب أو تأجيله على خلفية قضايا الفساد والمحاكمة المنتظرة بشأن التقصير يوم 7 أكتوبر، متمنيًا أن يتمكن جيش الاحتلال من تحقيق إنجازات إستراتيجية تعزز موقفه التفاوضي، أو الضغط على مصر أو قطر لكي تقبل القاهرة بالتهجير، ولو جزئيًّا، أو تقوم مع الدوحة بالضغط على حماس لتحسين شروط التفاوض لكي تبدو تل أبيب منتصرة أو على الأقل منتصرة في أغلب جوانب المواجهة. وفي نفس السياق، يروج نتنياهو أن نجاح الحملة ضد غزة تحتاج إلى شهور طويلة وربما سنوات، وهو ما لن يتحقق سوى بدعم أمريكي أكبر؛ لكي يجعل لنفسه خط رجعة مفاده أنه لم يتمكن من تحقيق الإنجازات الإستراتيجية والوعود بسبب تخاذل الولايات المتحدة وضغوط دولية وعربية.
- شهية الولايات المتحدة غير مفتوحة لمزيد من التوريط في ظل وجود منافسات ومخاوف تجاه الصين، وفي مواجهة كوريا، وبالطبع الدب الروسي الجريح؛ بسبب الحصار والضغط العسكري والمالي من الولايات المتحدة والغرب بعد اندلاع الحرب مع أوكرانيا.
- تدرك الدول العربية خطورة مخططات التهجير من غزة حاليًّا والضفة لاحقًا، التصعيد الشامل على أمنها القومي وتبعات هذا اقتصاديًّا وأمنيًّا؛ لذا تصرُّ بالتعاون مع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية على تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه، ولجم العدوان، وإنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، وإيجاد أفق لحل القضية الفلسطينية يقضي بإنهاء الاحتلال والانتهاكات في القدس وقيام دولة فلسطينية، كركيزة لاستقرار المنطقة، ووقف مخاطر توسعة رقعة القتال وفتح جبهات جديدة، ولهذه المواقف تأثيرها البالغ في المعادلة وفي أية قرارات على الأرض.
- تتورع الحكومة الإسرائيلية بعد مراجعة الولايات المتحدة عن فتح جبهة مع لبنان، وعن مواجهة مع إيران، وعن تجاهل مطالب مصر بعدم اجتياح محور (فيلادلفيا، ومنطقة رفح)، واستجابت لعدد من المطالب في مرحلة التفاوض نظرًا لاحتياجها للعواصم العربية في ترتيبات اليوم التالي للحرب من حيث إعادة الإعمار وقبلها طبيعة توجهات الإدارة في غزة.
- أية مواجهات واسعة النطاق في الشرق الأوسط، تتوق إليها القوى المتطرفة في إسرائيل؛ لترميم شعبيتها المتراجعة، ولتتجاوز بها خلافات إسرائيل الداخلية، هي بمثابة حافة الهاوية، وقد تستغلها عناصر داعشية وتنظيمات جامحة أو حتى ذئاب بشرية؛ لتحقيق مكتسبات وامتدادات لقوى إقليمية أخرى، وهو ما من شأنه إدخال المنطقة إلى مستنقع شديد الخطورة، لذا يجب إجهاضها وفضحها بكافة السبل وأولها لغة المصالح مع القوى الدولية الفاعلة، مع استغلال الخلافات الداخلية في إسرائيل بتحفيز العناصر والقوى الأقل تطرفًا وجموحًا أو الداعمة للسلام، بالبدء على سبيل المثال في تطبيق المبادرة العربية للسلام على مراحل تواكب اعتراف إسرائيلي بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 67، بشكل يوفر لها حاضنة شعبية أكبر.