أولًا : مقدمــــــــــــة
يخطئ من يعتقد أن الهدف الإستراتيجي لسد النهضة -على النحو الذي تردده إثيوبيا وبشكل معلن- يقتصر على التنمية بتوليد الكهرباء لتوفير الطاقة، بل إنه في الحقيقة يتجاوز ذلك ليتزاوج مع هدف إستراتيجي آخر غير معلَن ” سياسي بامتياز”، يتمثل ـ بحكم إثيوبيا كدولة منبع في السعي نحو الهيمنة وفرض السيطرة على كلٍ من (مصر والسودان) عبر التحكم في مياه النيل بالمنح والمنع، على نحو يؤثر سلبا على الحياة والوجود بكل منهما، ويلحق بهما أضرارا جسيمة تتجسد على الأرض في تغيير الجغرافيا السياسية وتوازن القوى في المنطقة. وهى أمور في مجملها، تفرز تداعيات أمنية واقتصادية خطيرة تطال المنطقة العربية والقارة الإفريقية، وتستوجب تحركًا نشطًا وفاعلًا لاحتوائها ووأدها أو على الأقل الحد من آثارها السلبية .
ثانيًا : الركائز الأساسية لسياسات (مصر والسودان ) بصدد أمنها القومي المائي :
يمكن اختزال الركائز الأساسية لسياسة مصر المائية في أنها تنطلق من الالتزام بالحفاظ على أمنها القومي المائي في إطار دول حوض النيل؛ ربطا بمبادرة دول حوض النيل، وبما قد تنتهي إليه اتفاقية “عنتيبي” التي لم تخرج بعدُ إلى حيز النفاذ الفعلي لتباين المواقف والرؤى بصدد أمرين حيويين: الأول، يتعلق بمبدأ الإخطار المسبق. والثاني، يتعلق بمبدأ التصويت بالإجماع عند اتخاذ القرارات .
تتمحور سياسية مصر المائية حول أربع ركائز أساسية: ( تعزيز العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، الحرص على إقامة مشروعات مشتركة، عدم المساس بالحقوق المائية التاريخية وفقًا لمبادئ القانون الدولي والاتفاقات الثنائية والثلاثية المبرَمة بين الأطراف ذات الصلة في اتساق مع الأعراف الدولية، الحصول على إيرادات أكثر من مياه النيل حيث تعاني مصر من الفقر أو الشح المائي ( احتياجات مصر الفعلية 114 مليار متر مكعب في العام)). هذا مع الأخذ في الاعتبار أن نهر النيل الأزرق ليس نهرًا داخليًا – يبلغ طوله 6700 كم – بل نهرًا دوليًا بامتياز بالدول المتشاطئة عليه، طبقا للقانون الدولي والمواثيق والاتفاقات الدولية ذات الصلة، على نحو يترتب عليه بالنسبة للدول المتشاطئة حقوقٌ تُصان لا تُهدر، والتزامات واجبة الوفاء لا تُغفل. ومن ثم فإن مبدأ ” السيادة ” لأي من الدول المتشاطئة على النهر في هذا الصدد ليس مطلقا ، وإنما ” السيادة مشتركة ” ومقيدة بتأمين تلك الحقوق وإنفاذ تلك الالتزامات.
ثالثًا : العوامل الحاكمة للعلاقة بين الدول المتشاطئة على النيل الأزرق كنهر دولي :
- أحكام القانون الدولي للمجاري المائية نيويورك 1977 : وينص في مادته الخامسة على الاستخدام المنصف والعادل. وفي مادته السادسة على معايير لتطبيق المادة الخامسة ومحورها الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول النهر ( من بينها عدد سكان الدول الثلاثة 250 مليون نسمة ، احتياج مصر والسودان هو المياه، واحتياج إثيوبيا هي الكهرباء ). وفي مادته السابعة على عدم التسبب في إحداث ضرر ذي شأن .
- الاتفاقات ( الثنائية والثلاثية أو المتعددة) ذات الصلة : ـ
- اتفاقية 1902: مُبرَمة بين بريطانيا ( عن مصر والسودان ) وإثيوبيا، وتتضمن بموجب تعهد من ملك الحبشة بعدم إقامة مشروعات، أو أي عمل على النيل الأزرق ونهر السوباط، تعترض سريان النيل إلا بموافقة بريطانيا( مصر والسودان)، وهو مبدأ أو شرط الإخطار المسبق.
- اتفاقية 1906: مبرمة بين بريطانيا وفرنسا، وتم بموجبها الإقرار بما تضمنته اتفاقية 1902 .
- اتفاقية 1925: خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا أقرَّتا بموجبها الحقوق المكتسبة لمصر والسودان.
- اتفاقية 1929: مبرمة بين مصر وبريطانيا (تمثل كينيا، تانزانيا، السودان و أوغندا)؛ لتنظيم استفادة مصر من بحيرة فيكتوريا، وتتضمن إقرار دول حوض النيل بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وأن لمصر حق الاعتراض في حالة إنشاء هذه الدول لمشروعات جديدة على النهر وروافده .
- اتفاقية 1959: مُبرَمة بين مصر والسودان، وتتضمن تقاسم مياه النيل بين مصر والسودان؛ لتعكس الحقوق المكتسبة كمية الأمطار من (1600 – 2000) مليار متر مكعب، حصة مصر حاليًا 55،5 مليار، والسودان 5 ،18 مليار متر مكعب، أي هناك فائض ضخم غير مُستغَل .
- اتفاق 1993: تفاهمات والتزامات بين مصر(مبارك)، وإثيوبيا (زيناوى) على عدم قيام أي من الدولتين بنشاط يتعلق بمياه النيل يسبب ضررا بمصالح الدولة الأخرى، التشاور والتعاون بين البلدين بغرض إقامة مشروعات مشتركة تزيد من حجم التدفقات المائية وتقليل الفواقد.
- اتفاق إعلان المبادئ 2015: مبرم بين رؤساء الدول الثلاثة، وتضمن عددًا من المبادئ على خلفية القانون الدولي والاتفاقات المُبرَمة المشار إليها بين الأطراف ذات الصلة. يؤسس الإعلان للمصالح المشتركة فيما يتعلق بسد النهضة في إطار أوسع يشمل رؤية مستقبلية لعلاقات تتنامى وتتعاظم في مجالات عديدة، ومن أبرز هذه المبادئ (التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادي، عدم إحداث ضرر ذي شأن، الاستخدام المنصف والعادل، التعاون في عملية الملء الأول، بناء الثقة، تبادل المعلومات والبيانات، أمان السد ودراسات بيئية واجتماعية، احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، الحل السلمي للنزاعات عبر آليات محددة، آليات تنسيق دائمة لملء ولتشغيل السد .
- الحقوق التاريخية المكتسبة : وهي ليست بدعة، وإنما معترف بها في ترتيب حقوق الدول، حيث وردت في قانون البحار وقانون الأنهار الدولية بموجب اتفاقات، كما أقرت محكمة العدل الدولية مبدأ الاعتراف بالحقوق التاريخية المكتسبة في كثير من النزاعات. وفي هذا الصدد يمكن الاسترشاد بتجارب ناجحة لدول متشاطئة على نهر دولي في قارات مختلفة ومنها القارة الإفريقية .
رابعًا : خلفية تاريخية عن فكرة سد النهضة :
واقع الأمر، أن الإدارة الأمريكية إبان فترة بناء السد العالي في منتصف الخمسينات اتخذت موقفا معاديا لمصر؛ بسبب أساسـي من بين أسباب أخرى هو توجهها الإستراتيجي آنذاك للاتحاد السوفيتي مستهدفة إنفاذ مشروع السد العالي، وذلك بعد أن دفعت الولايات المتحدة البنك الدولي للإنشاء والتعمير نحو رفض تمويل بناء السد، نظرًا لعزوف مصر آنذاك عن قبول شروط سياسية حددتها تلك الإدارة ترتبط بوضعية ومستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية، وإمعانًا في الضغط على مصر والنيل منها تم طرح فكرة إنشاء سد على النيل الأزرق في إثيوبيا، وتولى الأمر مكتب الاستصلاح الأمريكي بوزارة الخارجية الأمريكية بدءًا من عام 1956 وحتى عام 1964 خلال فترة حكم هيلاسياسي ، حيث تم إجراء مسح للنيل الأزرق دون الرجوع لمصر خلافا لاتفاقية 1902 ، واتفاقية 1929 . توقف المشروع عام 1974 من جراء الانقلاب العسكري في إثيوبيا في ذلك العام، حيث تولى هايلي مريام السلطة في البلاد، وتبني نظاما يساريا موالٍ للاتحاد السوفيتي.
شهدت الفترة من 2009 حتى 2011 مسحًا لموقع السد مرة أخرى، وتم تعديل تصميم هيكل السد بواسطة المهندس “جيمس كليستون” عام 2010، وتم وضع حجر الأساس بواسطة “زيناوي” في أبريل 2011 مع إسناد المشروع لشركة “ساليني” الإيطالية بالأمر المباشر بدلا من شركة “واي بلير” الأمريكية، التي سبق أن تم التعاقد معها بقيمة 4،8 مليار دولار .
تجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا استغلت فترة ثورة 25 يناير 2011 بمصر والتطورات التي لحقت عقب ذلك بثورة 30 يونيو 2011 ، في تواطؤ – مسبق وغير معلن – ولمدة عامين تقريبا مع نظام البشير ذي التوجه المعادي لمصر آنذاك للمضي في البدء في إنفاذ المشروع دون إخطار مصر؛ لفرض مشروع السد كأمر واقع. وقد جاء تواطؤ نظام البشير على خلفية التزلف لإثيوبيا بحكم إطلاعها بدور محوري في قضايا السودان الساخنة آنذاك وهي الحروب الأهلية في أطراف السودان ، وقضية جنوب السودان سواء في إطار منظمة الإيجاد أو المنظمة الأم أي (الاتحاد الأفريقي). كانت السعة التخزينية المقررة آنذاك 16،5 مليار متر مكعب وموقع السد على بُعد من (20 – 40) كم من الحدود السودانية في منطقة بنى شنقول السودانية الأصل، وقد تم تغيير سعة تخزين السد بزيادتها الى 74 مليار متر مكعب، وبارتفاع للسد 170 متر، وعرض 1800 متر ، وطول حوالي 5 كيلو متر وبتكلفة تصل إلى حوالي 5 مليار دولار. ومن المعروف أن بإثيوبيا 29 سدًا من بينهم 13 سدًا على النيل الأزرق ولا يؤثر أي منها على مصر .
هذا وتشير بعض المصادر إلى أن التكلفة الحقيقية للسد لاستكماله على النحو المنشود ليتم البدء في تصدير الكهرباء قد تتجاوز 8 مليار دولار؛ ونظرا لتعذر إسهام مؤسسات التمويل الدولية والدول المانحة في تمويل بناء السد، ربطًا بالاعتبارات التي أثارتها مصر في إطار القانون الدولي والاتفاقات الدولية ذات الصلة، فقد لجأت إثيوبيا لما يصفه البعض بالوصفة الإثيوبية والتي تعتمد أولا على مصادر داخلية للتمويل، من أبرزها : (قروض من البنوك الإثيوبية بفوائد منخفضة ، إصدار سندات حكومية ، خصم من رواتب الموظفين، إسهامات الإثيوبيين في الخارج). وتعتمد ثانيًا على مصادر خارجية تتمثل في شركات وصناديق خاصة من أبرزها: ( الصندوق الصيني وشركات صينية لتصبح الصين أحد أكبر المساهمين بشكل غير مباشر، فضلًا عن شركات إيطالية – ساليني صاحبة العقد 4،8 مليار دولار- وفرنسية ، وأخرى ألمانية ، وقد نجد أيضا إسرائيلية) . هذا وتنتهج إثيوبيا نهجا آخرًا بتحويل بعض الاستثمارات الأجنبية الموجهة من دول خارجية – ومن بينها دول بالخليج – إلى قطاعات اقتصادية إنتاجية وخاصة قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، وذلك بشكل غير مباشر، وإلى قطاعات البناء والتشييد والطاقة الكهرومائية وأعمال الربط الكهربائي المرتبطة بالسد.
ومن المعروف أن الاستثمارات الصينية في هذا الصدد تقدر بما يقرب من ثلاثة مليار دولار، وتحتل السعودية المرتبة الأولى من بين دول الخليج باستثمارات في إثيوبيا تُقدر بحوالي 5 مليار دولار تليها الإمارات العربية بحوالي 4 مليار دولار، وكذا دولة قطر، تتركز جميعها في قطاعات الأمن الغذائي سواء كان الزراعي أو الحيواني ( تبلغ الاستثمارات المصرية في إثيوبيا حوالي 2 مليار دولار)، بل إن البنك الدولي يساهم بشكل غير مباشر في إطار تلك الوصفة في سد النهضة؛ إذ يقوم بتمويل كل من خط نقل عال الجهد والطريق السريع الكهربائي الشرقي بين إثيوبيا وكينيا كجزء من مجمع الطاقة بشرق إفريقيا .
خامسًا : تقدير الموقف الإثيوبي بصدد مفاوضات سد النهضة :
تنتهي قراءة الموقف الإثيوبي بصدد مفاوضات سد النهضة، أنه يتأسس على رؤية خاطئة في مخالفة صريحة وانتهاك واضح للمواثيق وللقوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة. تدور تلك الرؤية حول محورين: الأول، تدَّعي إثيوبيا في إطاره أن الاتفاقات ذات الصلة تمت في عهد الاستعمار، وقد تغيرت الظروف ومن ثم لا تعترف بتلك الاتفاقات، وهو ادعاء يدحضه أن إثيوبيا في جميع الاتفاقات الُمبرَمة في عهد الاستعمار كانت دولة مستقلة ذات سيادة، وأن الاتفاقات التي أُبرمت في غير ذلك العهد كانت جميع أطراف التعاقد دول مستقلة ذات سيادة. والمحور الثاني ، تدَّعي فيه إثيوبيا ، أن النيل الأزرق نهر داخلي، وأنها بحق السيادة تمتلك المياه والأرض وتوفر تمويلًا ذاتيًا وتنتج الكهرباء منه كمصدر للطاقة، وأنه يمكنها بذلك أن تجعل من النهر بحيرة إثيوبية . ويدحض ذلك أن حق السيادة على نهر دولي ليس أُحاديًا أو مطلقًا وإنما السيادة مشتركة بين الدول المتشاطئة عليه، كما أنه حق مقيد بمنظومة المواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة، وأن عضويتها في المجتمع الدولي تستوجب الالتزام باحترام الحقوق والواجبات التي تنظمها أحكام تلك المنظومة الواردة بكل منها.
من ناحية أخرى فإن اتفاقية 1902 هي اتفاقية حدود تم في إطارها ضم منطقة بني شنقول المقام عليها السد إلى إثيوبيا استجابة لرغبة “مينليك الثاني” إمبراطور الحبشة آنذاك أحد أطراف الاتفاقية طمعا في توسيع إمبراطوريته ، وخاصة مع ما تردد آنذاك بأن تلك المنطقة غنية بالذهب، وذلك في مقابل ما تضمنته الاتفاقية من نصوص بصدد مياه النيل. واقع الأمر أن إثيوبيا يستعصي عليها التحلل أو التبرؤ من اتفاقية 1902؛ لكونها اتفاقية حدود، خاصة وأن الاتحاد الإفريقي أقر مبدأ الالتزام بقدسية الحدود المتوارثة عن الفترة الاستعمارية، بل حال التمسك بالتحلل أو التبرؤ يتعين على إثيوبيا إعادة مناطق لديها كانت في الأصل لدول أخرى ومنها منطقة بني شنقول السودانية والأوجادين الصومالية. وهنا تجدر الإشارة إلى ما أعلنه السودان رسميا في 4 مايو 2021، أنه قد يلجأ لإعادة النظر في سيادة إثيوبيا على منطقة بني شنقول ، إذا استمرت إثيوبيا في التنصل من الاتفاقات الدولية خاصة اتفاقية 1902، التي ألزمتها بعدم إنشاء أي أعمال على النيل الأزرق .
إن النهج الإثيوبي بصدد التصرفات الأحادية، وفرض الأمر الواقع في قضايا المياه أوالحدود، يحاكي النهج التركي في التعامل مع سوريا والعراق بصدد نهري دجلة والفرات، والنهج الأمريكي مع المكسيك في نهر دولي يجمعهما، والنهج الإسرائيلي في سياسات عامة بصدد القضية الفلسطينية وجميعها تتعارض مع الشرعية الدولية وتسبب أضرارا جسيمة للدول المتأثرة بهذا النهج. واقع الأمر أن هذا النهج الإثيوبي يمكن رصده كنهج مبدئي تتمسك به إثيوبيا كدولة منبع مع دول مصب بالجوار الإثيوبي تتشارك معها في أنهار دولية، أو في مناطق حدودية بالجوار، ويجسد أطماعًا أثيوبية ذات صبغة استعمارية: (بالنسبة للسودان، منطقة بني شنقول حيث سد النهضة، ومنطقة الفشقة المحتلة جزئيًا حاليِّا بعد تحرير معظمها مؤخرا وهي سودانية باعتراف إثيوبيا باتفاقات 1902 ، 1903 ، 1972)_ هذا ولم تزل إثيوبيا ( الأمهرة المسيطرة على نظام الحكم القائم حاليا ) تدَّعي أن لها حقوقَا تاريخية بها . أما بالنسبة لدول الجوار الإثيوبي الأخرى فنجد الصومال، ضمت إثيوبيا منطقة أوجادين قسرًا عام 1954 خصمًا من الصومال ، وأقامت سدودًا على نهري جوبا وشيبل. وبالنسبة لجيبوتى، أقامت إثيوبيا أربعةَ سدود على نهر الأواش. وبالنسبة لأريتريا، أقامت إثيوبيا سدًا على نهر عطبرة. وبالنسبة لكينيا ، أقامت إثيوبيا أربعة سدود على نهر أومو) .
سادسًا : مخاطر وأضرار ســـد النهضـــــة :
تتجسد هذه المخاطر وتلك الأضرار في كوارث ذات طبيعة أمنية واقتصادية واجتماعية وبيئية مدمرة تهدد الحياة والوجود لدولتي المصب .
- على مصــــــر :-
- تبلغ حصة مصر الحالية 55،5 مليار متر مكعب تمثل حوالي 68 % من إجمالي الموارد المائية، ومع انخفاض فترة التخزين وارتفاع نسب البخر، يصل الفاقد إلى ما مجمله حوالي 20 مليار متر مكعب .
- تأثر حوالي 3 مليون فدان بالتبوير لينعدم الإنتاج الزراعي، وتأثر أكثر من 10 مليون مزارع من حيث انقطاع سُبل كسب العيش والحياة. خسارة أو فقد خمسة مليار متر مكعب من المياه يعني خسارة مليون فدان أي ما يعادل من (3 ـ 4) مليار دولار سنويا .
- تقليل إمدادات الكهرباء بنسبة من 25 % الى 40 % .
- تراجع قدرة السد العالي على إنتاج الكهرباء، وانخفاض منسوب المياه في بحيرة ناصر .
- إحداث فجوة غذائية وارتفاع نسبة البطالة، والتأثير على خصوبة التربة والثروة السمكية .
- مخاطر وأضرار ســـد النهضـــة على الســـــودان : ـ
كما يمكن اختزال الأضرار والمخاطر التي تحيق بالسودان في أن السد يسلب السودان أمنه المائي ويعرضه للهلاك غرقًا وعطشًا ، خاصة وأن السد يقع في منطقة حدودية بما لا يدع له فرصة لاستقبال المياه حال الخطر، كما أنه ليس للسودان بحيرات لتصريف المياه، ومن المعروف أن السد تم بناؤه في منطقة بني شنقول، وهي أرض سودانية محتلة من إثيوبيا في عهد الدولة المهدية. هذا ويَحظُر اتفاق 1902 على إثيوبيا إقامة منشآت مقابل السماح لها بإدارة الإقليم وجزء كبير بالتالي من مياه النيل الأزرق تنبع من الإقليم الذي تمتد حدوده لبحيرة تانا وتصل لمصر والسودان. وتتجسد تلك المخاطر في إمكانية وصول المياه إلى سد الروصيرص في 8 ساعات، وإلى سد سنار في يوم أو يومين ونصف ، وللخرطوم في ثمانية أيام ليحدث في كل منهما وبمنطقة كل منهما تدميرًا وهلاكًا وغرقًا. هذا فضلًا عن أن من بين الأضرار حجب الطمي مما يؤثر على خصوبة التربة وتآكلها وزيادة الجزر النيلية وتعرية السواحل، وقد تضرر السودان بالفعل من الملء الأول ( والملء الثاني الفاشل)، اللذين تم كلاهما بنهج أحادي، حيث عانى المواطنون السودانيون من نقص المياه، ونقص في الطاقة بنسبة 50% ، تأثَّر المزارعون في محيط سد (الروصيرص ومروى) في ري أراضيهم، وغرق وتدمير منازل. ويتعين وجود اتفاق مُلزِم حول كمية المياه المتدفقة من سد النهضة وتبادل المعلومات، وألا يفقد سد مروى 30 % من الطاقة الكهربائية التي يولدها .
سابعًا :التباين الحالي بين موقف مصر والسودان مع الموقف الإثيوبي :
- الموقف الإثيوبي الحالي بصدد المفاوضات والمتعنت والجالب لهذه المخاطر و تلك الأضرار، يتمحور حول التمسك بخطوط استرشادية لقواعد ملء وتشغيل السد، بشكل جزئي ومرحلي، مع إمكانية تغييرها مستقبلا بمجرد الأخطار، دون مراعاة لأي مطالب لمصر والسودان، مع رفض التقيد بكمية معينة من المياه بعد انتهاء ملء الخزان وتشغيله_ وهو موقف يتسم بمخالفات واضحة وانتهاكات صريحة للمواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة بما فيها اتفاق إعلان المبادئ .
- بينما يتمحور الموقف الحالي المصري / السوداني ، حول ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم عادل ومتوازن لقواعد ملء وتشغيل السد، يراعي مصالح الأطراف الثلاث، وذلك في اتساق تام مع المواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة بما فيها اتفاق إعلان المبادئ .
واقع الأمر، أن النقاط المحورية محل الخلاف تدور حول أربع قضايا رئيسة:
- أن أي اتفاق عادل ومتوازن يتعين أن يحقق مصالح الأطراف الثلاث .
- الالتزام بمبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن لدول المصب .
- ضرورة احترام مبدأ الاستخدام المنصف والعادل .
- التأكد من أعلى درجات الأمان والسلامة طبقا للمعايير الدولية مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الاجتماعية والبيئية ( معامل الأمان الحالي 1،5 من 10 ، ويعد منخفضا للغاية ).
وفى هذا الصدد تجدر الإشارة إلى مسار واشنطن الذي اضطلعت فيه الولايات المتحدة والبنك الدولي بدور الميسر/ الوسيط ، حيث خلص إلى مشروع اتفاق يعد نموذجا للأخذ أو الاحتذاء به ، فهو مشروع يتسم بأنه شامل مستدام بصدد قواعد ملء وتشعيل السد، شاركت فيه الدول الثلاثة قانونيًا وفنيًا، ولكن تملصت إثيوبيا من التوقيع عليه، وقد تضمن “خطة لملء السد على مراحل، تتأسس على ربط عملية الملء بكميات المياه المتدفقة والمتغيرة من سنة لأخرى، ولا يعتمد على عدد سنوات الملء والكميات المخزنة كل عام بشكل محدد وثابت، وحدد آلية لإجراءات التعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء عملية الملء، وأخرى مماثلة أثناء عملية التشغيل، وثالثة للتنسيق والمراقبة ومتابعة التنفيذ وتبادل المعلومات والبيانات، وآلية لفض المنازعات، فضلًا عن مطلب استكمال دراسات أمان السد والدراسات الخاصة بالآثار البيئية والاجتماعية للسد .
ثامنًا : تقدير الموقف الحالي :
يواجه الأمن القومي المصري السوداني تحديات جِسام، تتمثل أولًا، في تعثر مفاوضات سد النهضة على نحو أضحت معه تراوح مكانها وتدور في حلقة مفرغة ، في وقت تلوح فيه بالأُفق مخاطر وأضرار جسيمة تهدد الحياة والوجود بدولتي المصب من جرَّاء الموقف الإثيوبي القائم على تصرفات أُحادية تفرض أمرًا واقعًا. ويشكل هذا الموقف بتداعياته انتهاكا واضحا وصريحا للمواثيق والقوانين الدولية والاتفاقات الثنائية والثلاثية ذات الصلة. وتتمثل ثانيًا، في تطور مستحدث مؤخرا يتمثل في تصاعد حالة التوتر بين السودان وإثيوبيا إلى حد الصدام المسلح على منطقة الفشقة الحدودية بين البلدين ،على نحو تتهدد معه وحدة أراضي السودان وسلامته الإقليمية أمام أطماع استيطانية أثيوبية في أراضي سودانية. وتتبنى إثيوبيا نفس النهج في التعامل مع هذا التطور ونظيره في سد النهضة؛ بانتهاك واضح وصريح أيضا من جانب إثيوبيا للمواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة (خاصة اتفاقيتي 1902 ، 1903). وحيث أن الأمن القومي المصري ، والأمن القومي السوداني وجهان لعملة واحدة وأن كلا البلدين عمق استراتيجي للآخر، استوجب الأمر تضافر جهودهما وتوحيد مواقفهما في مواجهة هذه التحديات، سواء على مسار اللجوء إلى كافة وسائل وطرق فض المنازعات بالطرق السلمية، أو اللجوء عند المقتضي إلى خيارات أخرى من بينها استخدام القوة – بمفهومها الواسع – أو التلويح بها ولكن في إطار الالتزام بالمواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية .
واقع الأمر، في الوقت الذي لم تزل فيه أزمة سد النهضة تراوح مكانها، وتدور المفاوضات بشأنها في حلقة مفرغة_ ترفض إثيوبيا الوساطة ، التي طُرحت كأحد آليات فض النزاع بالطرق السلمية رغم ورودها – أي الوساطة- بالمادة العاشرة من إعلان المبادئ لعام 2015 كأحد تلك الآليات، كما أنها إحدى الآليات الواردة أصلا في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. ويُعد الرفض الإثيوبي للوساطة خروجا عن وجوب احترام المواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة وخاصة إعلان المبادئ 2015 .
لقد قامت إثيوبيا في إطار النهج الأحادي وفرض الأمر الواقع بعملية الملء الأول 2020 والملء الثاني 2021، غير عابئة بما يسببه كل منهما من أضرار جسيمه، تهدد الوجود والحياه لشعوب ودولتي المصب، رافضة أية مقترحات أو مبادرات للوساطة أو آليات أخرى في إطار فض المنازعات بالطرق السلمية سواء الواردة في القانون الدولي أو في المادة العاشرة من إعلان المبادئ لعام 2015 من أبرزها: (مقترح الوساطة الرباعية ، وآلية اجتماع الرؤساء) ، الأمر الذي حدا بكل من مصر والسودان إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي في إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة (المواد من 33 – 37) من منطلق ضرورة لفت نظر مجلس الأمن بأن تواصل الموقف الإثيوبي المتعنت بتصرفاته الأحادية ورفض إثيوبيا لمقترحات الوساطة لكسر حالة الجمود التي أصابت المفاوضات الثلاثية على مدى عشر سنوات منهم سنتان تحت رعاية الاتحاد الإفريقي ، مع المضي في عمليات الملء الأول والثاني منفردة؛ يمثل انتهاكًا واضحًا للمادة الخامسة من إعلان المبادئ، ويتضمن تهديدا للأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وأنه عندئذ يتعين على مجلس الأمن تحمل مسؤولياته في هذا الصدد، خاصة وأن مصر قد تلجأ مضطرة إلى خيارات أخرى.
لقد سبق لجوء مصر والسودان إلى مجلس الأمن تحركات نشطة وفاعلة على المستوى الثنائي والمتعدد لمصر والسودان مع أعضاء المجتمع الدولي من الدول والمنظمات الإقليمية، ومن أبرزها:(الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية). وكانت محصلة هذه التحركات تجاوبًا دوليًا مع مطلب مصر والسودان -وخاصة من جانب هاتين المنظمتين الإقليميتين- نحو ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزِم لعملية الملء والتشغيل منصِف وعادل يحقق المصالح المشتركة للأطراف الثلاث، وهو ما انعكس على كلمات المندوبين في مجلس الأمن؛ ربطًا بضرورة استئناف المفاوضات تحت رئاسة الاتحاد الإفريقي وتوجهِّهِ نحو تقوية دور الخبراء والمراقبين تجنبًا للجوء إلى خيارات أخرى من جانب أطراف بالأزمة للحفاظ على أمنهم القومي .
تاسعًا : التحركات العربية بصدد أزمة سد النهضة :
لقد كان هناك تحركات عربية على المستوى الثنائي والمتعدد ( الجامعة العربية ) في إطار السعي لإحداث انفراجة في الأزمة؛ حفاظًا على الأمن والاستقرار، وتأمين المصالح الاقتصادية العربية في منطقة القرن الإفريقي وخاصة في إثيوبيا، من منطلق أن الأمن القومي لكل من مصر والسودان والمهدد من جانب إثيوبيا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي الممتد للقارة الافريقية ( يتواجد ما يقرب من نصف عدد الدول العربية في القارة الإفريقية بإجمالي من حيث العدد يتجاوز نصف الشعب العربي )، كما يشمل منطقة البحر الأحمر التي شهدت حديثا مولد مجلس الدول العربية والإفريقية المتشاطئة على البحر الأحمر بهدفيه الأمني والتنموي ، ويُعد بحيرة عربية إفريقية بساحله الشرقي العربي من جانب وبساحله الغربي الإفريقي من جانب آخر، وذلك للوصل وليس للفصل بين المنطقة العربية والقارة الإفريقية. ومن هنا يمكن رصد تحركات على المستوى الثنائي من جانب كل من (السعودية والإمارات العربية) تجاه إثيوبيا في إطار زيارات متبادلة على مستوى رفيع تطرقت لموضوع سد النهضة في إطار السعي نحو إحداث انفراجة في الأزمة، وأخرى على مستوى الجامعة العربية في قرار صدر بالإجماع بدعم موقفي مصر والسودان – وهما من الدول العربية الإفريقية- بصدد أمنهما المائي ، بل وبالتحرك تجاه مجلس الأمن من أجل تأمين التوصل لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد على النحو المنشود؛ لوأد تلك المخاطر والمهددات للأمن والاستقرار، وللمصالح الاقتصادية العربية ذات البعد الإفريقي، بما يستوجب تعاونا بين المنظمتين الأم أي الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي عبر المشتركة القائمة بينهما.
ولعله من حسن الطالع ، فشل إثيوبيا في تخزين الكمية المستهدفة في الملء الثاني، سواء تلك التي كانت في البداية تقدر بحوالي 13،5 مليار متر مكعب أو تلك التي خفضتها لاحقًا إلى 6،9 مليار متر مكعب ، إذ أن ما تم تخزينه في الملء الثاني بالفعل أقل من 3 مليار متر مكعب، وهو الأمر الذي تأكد معه أن هناك تقاعسًا متعمدًا من جانب الشركة الإيطالية المنفذة في تعلية الحاجز (الممر) الأوسط للسد إلى 13 متر، وإنما فقط إلى ستة أمتار تكفي لتخزين أقل من 3 مليار فقط، وهو أيضا الأمر الذي أعاد الشكوك حول ضعف معامل الأمان ومدى وجود تصدعات وتشققات في جسم السد تستوجب تأجيل الملء الثاني للعام القادم لمعالجة هذه العيوب الخطيرة.
وقد انعكست هذه العيوب الخطيرة على فشل آخر في تعذر تشغيل التوربينين السفليين لتوليد الكهرباء إذ يتطلب ذلك تخزين على الأقل 4 مليار متر مكعب، بل هناك من المعلومات التي تشير إلى أن العمل في التوربينات لم يكتمل بعد ، وفي محطة الكهرباء أو في شبكة وكابلات نقل الكهرباء( ربما لعجز في عمليات التمويل ). ويتردد بقوة علميا بأن السد مُبالغ في حجمه إذ يجب ألا تتجاوز بحيرة التخزين 30 مليار متر مكعب وليس 74 مليار متر مكعب، وأنه لن يولد أكثر من ألفي ميجاوات وليس 6،5 ألف ميجاوات، ولن تتجاوز عدد التوربينات التي يمكن تشغيلها 8 توربين وليس 16 توربينًا كما هو مخطط، فضلًا عن أنه معرض للانهيار مع أول فيضان غزير. ويتسق ما تقدم مع تقرير لجنة الخبراء الدولية الأولى ( تضم 4 خبراء من إنجلترا وألمانيا وفرنسا وجنوب إفريقيا)، والتي عاينت سد النهضة عام 2012، وسلمت تقريرها في مايو 2013، وأكدت على أنه سد بلا دراسات .
وهى أمور في مجملها تدفع وتحث الدول العربية- وخاصة دول الخليج- على التحرك في الإطار الثنائي تجاه إثيوبيا بشكل أكثر فاعلية وإيجابية؛ لتغيير مواقفها ونهجها في التعامل مع الأزمة؛ حفاظًا على مقتضيات الأمن القومي العربي والإفريقي والمصالح العربية في القارة الإفريقية ومنطقة البحر الأحمر المرتبط بالأمن في منطقة الخليج ، مستثمرة في هذا الصدد الفترة الحالية الممتدة للعام القادم بعد فشل الملء الثاني ، وتحرك الجزائر وهي دولة عربية أفريقية بمبادرة من جانبها للتوسط في تسوية الأزمة، خاصة وأنها دولة ذات وزن وتأثير كبير على مجريات الأمور الإفريقية والعربية ، وقد يتعزز ذلك بأن تحرك الجزائر جاء ولو جزئيا استجابة لطلب من إثيوبيا التي تعاني ضغوط من أوضاع سياسية متأزمة واقتصادية متدهورة واجتماعية متصارعة ، ومواقف دولية غير مواتيه تجاه تلك الأوضاع. واقع الأمر إن على إثيوبيا أن تغير من موقفها جذريا طوعا (أي ارتضاءًا عبر مسار تفاوضي جاد وقانوني) ؛ تجنبًا لدفعها نحو تغييره جبرًا أي (اقتضاءًا وفي ذات الإطار القانوني) ، عبر خيارات أخرى تحقق هذا الهدف .
عاشرًا : مجمل القــــول :
في اليقين أن المتتبع لأزمة سد النهضة عن كثب من جوانبها الثلاث القانونية والفنية والسياسية ، يمكن أن يوجه لإثيوبيا إدانة صريحة وإتهام واضح بأنها: أولًا ، دولة مارقة بمخالفتها وعدم احترامها للمواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة ، ومن بينها ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الانسان – خاصة بند الحق في الحياه . وثانيًا ، أنها تمارس نوعًا من الإبادة الجماعية لحياة بشرية ونباتية وحيوانية بما قد تسببه من أضرار جسيمة تصل إلى حد المساس بالأرواح والأرض والممتلكات وسبل كسب العيش؛ بالغرق والجوع والتعطيش والتبوير، وهي أمور في المجمل تستوجب – حال أن تم استنفاذ وسائل فض النزاع سلميًا طبقًا لاتفاق إعلان المبادئ وإحاطة مجلس الأمن بتطورات الأوضاع والمهددات- اللجوء إلى خيارات أخرى من بينها حق الدفاع الشرعي عن النفس ( الحياة والوجود ) طبقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، خاصة وأن الموقف الإثيوبي المتعنت والنهج الأحادي بتداعياته الخطيرة على الحياة والوجود لشعبي ودولتي المصب يعد نوعًا من العدوان الذي يتعين درؤه وإجهاضه، وبما يتسق والمحافظة على الأمن القومي المصري والسوداني في ارتباطه بالأمن القومي العربي والإفريقي، وتأمين المصالح العربية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة .