2021العدد 188ملف عربي

تونس وتمدد المرحلة الاستثنائية

مقدمة

تمر قرابة خمسة أشهر على اتخاذ الرئيس التونسي “قيس سعيّد” للتدابير الاستثنائية، يوم 25 يوليو 2021، التي أزاح بها رئيس الحكومة هشام المشيشي وعلَّق بها عمل البرلمان ورفع بها الحصانة البرلمانية، التي كان يتمتّع بها كل النواب ورئيسهم “راشد الغنوشي”، الذي يرأس أيضًا حزب حركة النهضة الإسلامي، الذي يملك أكبر عدد من مقاعد البرلمان .

وجاءت هذه التدابير الاستثنائية استجابة لمطالب شرائح متعددة من أبناء الشعب المهمش والمفقر، الذي ضاق ذرعًا بما آلَ إليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي ومن ضيق العيش والبطالة وتفشِّي الفساد والتطبيع مع الإفلات من العقاب، وبعد انقضاء نحو شهرين عن هذه التدابير الاستثنائية التي لاقت إجماعًا شعبيًّا تقريبًا، باعتبار أنها أراحت التونسيين من حكومة وبرلمان فاشلَين تسبّبا في أزمة شاملة وتزايدت مطالب التخلص منهما، جاء المرسوم الرئاسي رقم 117 في 22 سبتمبر، الذي غيّر فيه قيس سعيّد النظام السياسي البرلماني المشوّه، الذي جاء به دستور 27 يناير 2014 ، والذي أجمعت كافة القوى السياسية و مكونات المجتمع المدني على أنه أعاق عمل السلطات الثلاث، ولم يترك طرفًا يحكم أو يقوم بواجبه الذي اصطفاه الشعب من أجله .

مرحلة انتقالية تاريخية

وبإصدار هذا المرسوم الذي أَسّس مرحلة انتقالية هامة في تاريخ تونس، انقسم التونسيون إلى صفين: الأكبر فيه يساند رئيس الجمهورية في كل خطواته ويرى أنه خلَّص البلاد من طغمة فاسدة جوّعت التونسيين وهددت وجود الدولة بعد أن عطّلت مؤسساتها وجعلتها على شفا الإفلاس .

ويرى الصف الثاني، وهو أقل مقارنةً بالصف الأول، ويضم خاصة من كانوا في الحكم وبعض الحقوقيين وبعض التشكيلات اليسارية- أن ما قام به رئيس الجمهورية يتناقض مع مبدأ عدم المساس بالحقوق والحريات، إضافة إلى أن مركزية جميع السلطات بين يديه بما فيها التشريعية وممارستها بواسطة مراسيم إلى جانب السلطة الترتيبية العامة دون إمكانية رقابتها والطعن فيها.

وإذا كان صحيحًا أن رئيس الجمهورية “قيس سعيّد” أعطى لنفسه من خلال المرسوم 117 صلاحيات جديدة ومنها: إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعيّة في شكل مراسيم، وممارسة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ، ويتولى  إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي- فإن ذلك سيكون ظرفيًّا وفِي انتظار الانتهاء من عملية “التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب بالفعل هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء، ويقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي بينها، ويكرس دولة القانون ويضمن الحقوق والحريات العامة والفردية، وتحقيق أهداف ثورة 17 ديسمبر 2010 في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، ويعرضها رئيس الجمهورية على الاستفتاء للمصادقة عليها”.

وينكر خصوم الرئيس جمعه لكل السلطات بيده وضربه للحريات وحقوق الإنسان من خلال فرض الإقامة الجبرية والمراقبة الإدارية المسبقة على السفر على عديد الشخصيات السياسية والحقوقية ومن قطاعات عديدة .

هذه الإجراءات اتخذها الرئيس سعيد في إطار حربه على الفساد، التي جعلها من أولى أولويات مسار التصحيح .

وبدت هذه الاتهامات لأنصار الرئيس وعديد المراقبين محاولات يائسة  من خصومه للضغط عليه ولدفعه إلى التراجع عن إجراءاته وقراراته، لكنهم لم يفلحوا في ذلك رغم محاولاتهم الاستنجاد بأصدقائهم في دول كثيرة وتسخيرهم لأموال كثيرة؛ لتوظيف مجموعات ولوبيات ضغط لتأليب الرأي العام المحلي، وخاصة الدولي ضد سياسات رئيس الجمهورية، وإظهاره في صورة الدكتاتور الذي ضرب الحريات العامة والخاصة وهدَّد حرية التعبير وجمع كل السلط بين يديه . 

الرئيس سارع إلى رفع إجراءات قيود السفر والإقامة الجبرية واشترط أن يتم ذلك بقرارات قضائية، وحاول الخروج من انتقادات معارضيه من خلال حرصه على طمأنة الرأي المحلي والدولي من خلال تصريحات واضحة ودقيقة قائلًا ” لا مجال للعودة إلى الوراء، لا مجال للمساس بحقوق الإنسان إطلاقًا ولا مجال للمساس بالحقوق والحريات؛ لأنّنا لن نقبل بذلك أبدًا وإذا كانت حصُلت هناك تجاوزات فالقانون هو المرجع”، وفق ما صرح يوم غرة سبتمبر 2021 عند لقائه عميد المحامين وكاتب عام رابطة حقوق الإنسان ونائب رئيسها، مؤكدًا أنّه ضدّ انتهاك الحقوق والحرّيات.

ويلاحظ المراقبون أن رئيس الجمهورية قيس سعيد (فَقِيه القانون الدستوري)، أخرج خصومه من الحكم دون مواجهات كبيرة بل فقط بجرة قلم، اعتمادًا على الدستور، الذين صاغوه حسب المقاس، ومارسوا به الحكم كما شاؤوا .

قيس سعيد فكك أقفال الدستور وكل القنابل التي حواها ووجد لنفسه مدخلًا تسلل منه؛ ليحقق فجأة ما حلمت به كل القوى الوطنية التي كانت تصر على تغيير النظام السياسي، الذي كبَّل الحياة السياسية وأنتج سلطات متناطحة لم تقدر على قيادة البلاد، وفسحت المجال لحكومات الهواة لممارسة الحكم وهو ما خلّف عشرية من الخراب في كل المجالات، ورغبة شعبية في التخلص من حزب النهضة وكل من والاها ووضع يده في يدها.

إن اصطفاف جزء كبير من التونسيين وراء قيس سعيد بعد 25 يوليو، لم يكن لحكمته أو لبرامجه ورؤاه لتطوير البلاد؛ بل فقط لأنه حرر البلاد من حكم النهضة وأنقذ البلاد من الإفلاس.

ولكل هذا فإن مساندي قيس سعيد – في حركته التصحيحية- لم يركزوا كثيرًا على المس من الحريات وحقوق الإنسان، التي يثيرها خصومه في الداخل والخارج، واعتبروا أن ما قام خلال الفترة الاستثنائية مباحٌ للتمهيد لمحاسبة كل الفاسدين والمفسدين الذين أضروا بالبلاد.

وينفي أنصار قيس سعيد ما ينسب إليه من ضرب الحريات ومصادرة الرأي المخالف، ويؤكدون أنه كان يسمح لخصومه بالتظاهر في الشارع كل ما طالبوا بذلك بل ويوفر لهم الحماية الأمنية. 

ولا تبدو المعركة بين قيس سعيد وخصومه من الإسلاميين ومن تحالف معهم- معركة حريات وحقوق إنسان وديمقراطية؛ باعتبار أن الديمقراطية السابقة كانت زائفة ومغشوشة ولم يكتمل بناؤها، إضافة إلى أن الإسلاميين والإخوان بصفةٍ عامة لا يؤمنون في ثقافتهم وعقليتهم بالديمقراطية وبالدولة المدنية، عكس ما يصرحون به لكسب تأييد الرأي العام في الداخل، وخاصةً في الخارج، الذي حاول التنظير للإسلام الديمقراطي وفشل في ذلك وبدأ في مراجعة قناعاته.

إن المعركة الحقيقية اليوم في تونس هي معركة بين أنصار الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة وبين دعاة دولة الخلافة المقنّعة، التي تريد العودة بالتونسيين إلى قرون ماضية وتريد تأسيس مشروع مجتمعي متخلف.

لا للرجوع إلى الوراء

تسود قناعة لدى الرئيس وكل أنصاره إنه لا مجال للرجوع إلى الوراء وأن ورقة منظومة الحكم السابقة بكل مؤسساتها وأشخاصها انتهت بلا رجعة .

ويبدو أن النهضة وصلتها هذه الرسالة، وفهمتها بطريقة أخرى جعلتها تستقوي بالخارج وتتجه إلى تحريك الشارع في محاولة استعراضية لقوتها والظهور بندية أمام ” شعب الرئيس” لكنها لم تنجح ، رغم أنها معروفة تاريخيًّا ومنذ نصف قرن على نشأتها بقدرتها على تجييش الشارع  .

ولم يخل خطاب قيادات النهضة ، حتى وهم في الحكم ، من التهديد باستعمال العنف ضد خصومهم وهو ما تجلى في التهديد بسحل خصومهم في شارع “بورقيبة”، وأيضًا بامتلاكهم لمئات الانتحاريين، وهي تصريحات مسجلة وتمت على مرأى ومسمع من الجميع .

ولا يستبعد أن تلجأ النهضة إلى العنف كلما وجدت نفسها خارج الحكم وقد بدأت أولى مؤشرات ذلك تبرز بإيقاف مجموعة من أنصارها المشاركين في تظاهرة يوم 14 نوفمبر 2021، وكانوا يحملون سكاكين وأسلحة بيضاء وقوارير مولوتوف .

وفِي الوقت الذي يستعد فيه رئيس الجمهورية لتنفيذ إصلاحاته وإنجاح الحركة التصحيحية التي تعهد بها، وفِي انتظار استكمال مشروعه الديمقراطي المختلف -تعمل حركة النهضة ومن معها من خصوم الرئيس على افتعال معارك واهية ستضعفهم وتزيد في حصارهم شعبيًّا .

ويؤمن معارضو النهضة وحلفاؤها بأن من كان سببًا في الخراب يصعب أن يتحوّل دون مقدمات إلى منقذ للبلاد، ويتساءلون ما الذي منع النهضة وشركاءها من القيام بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وإرساء منوال تنموي عادل يقطع مع الفساد وإطلاق إصلاحات سياسية تضمن الاستقرار في الديمقراطية عندما كانوا في الحكم ؟

معركة القضاء

تتالى معارك الرئيس قيس سعيد مع خصومه،  وتتأجج كلما تطول الفترة الاستثنائية وتتمدد،  دون أن يعلن الرئيس عن موعد انتهائها، رغم مطالبة عديد القوى السياسية من أنصاره ومعارضيه بضرورة وضع سقف لها .

ويسعى معارضو قيس سعيد إلى تصيّد أخطائه، وافتعال أحداث للتأثير على صورته والتقليص من شعبيته ومحاولة تأليب التونسيين ضده، وبالتالي إرباكه ودفعه إلى تعطيل قراراته الإصلاحية والتصحيحية .

وفِي هذا الصدد اختلق معارضو الرئيس معركة وهمية مع السلطة القضائية بِناءً على تصريح له اعتبر فيه أنه “لا يمكن تطهير البلاد إلا بتطهير القضاء”، ودعوته وزيرة العدل إلى إعداد مشروع قانون يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء .

وتم الترويج إلى أن الرئيس يريد الهيمنة على السلطة القضائية، وإلغاء المجلس الأعلى للقضاء وحل مكتبه الحالي .

واعتبر رئيس المجلس الأعلى للقضاء “يوسف بو زاخر”: ” أن إلغاء المجلس الأعلى للقضاء بمرسوم هو إلغاء للضمانات الممنوحة للقضاة وإلغاء للباب المتعلق بالسلطة القضائية في الدستور وله تأثير مباشر على  باب الحقوق والحريات باعتبار أن القاضي هو الحامي للحق والحرية”.

وأكد بو زاخر أن “المجلس الأعلى للقضاء لا يقف ضد إصلاح القضاء عمومًا داعيًا إلى أن يكون ذلك بطريقة تشاركية، مبينًا أن وجود مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء هو ضمانة للقضاة والسلطة القضائية المستقلة وإلغاء المجلس هو عودة إلى الوراء” .

هذا الافتراء دحضته وزيرة العدل “ليلى جفال”، التي أكدت حرص الوزارة على “تكريس العمل التشاركي في مختلف المشاريع التي تهم منظومة العدالة، التي تحتاج إلى إصلاح حقيقي يشارك فيه القضاة”.

إنهاء السلطة الموازية

وإذا كان معارضو رئيس الجمهورية يهاجمونه ويضغطون عليه باستعمال الشارع عبر تحركات احتجاجية متتالية إضافة إلى استعمال وسائل التواصل الاجتماعي و ” الجيوش الإلكترونية ” المدفوعة الأجر- فإنه يواجههم بالنصوص القانونية التي تسحب البساط من تحت أقدامهم وتقوّض ما بنوه طيلة عشرية وما استعملوه لبسط نفوذهم من خارج السلطة الرسمية .

ومن أهم النصوص الصادرة بعد 25 يوليو نجد الأمر الرئاسي، الذي بموجبه تم إلحاق هياكل وزارة الشؤون المحلية بوزارة الداخلية ، وهو أمر جاء ليكون إقفالًا لتحركات قام بها الرئيس منذ 25 يوليو2021، تاريخ تفعليه للفصل 80 من الدستور وتعزز أكثر مع صدور الأمر الرئاسي رقم 117 في 22 سبتمبر الفارط، الذي بموجبه علقت كل أبواب الدستور باستثناء التوطئة والبابين (الأول والثاني).

هاتان الخطوتان أنهى بهما الرئيس بتتابع «الإطار القانوني والدستوري» للسلطة المحلية أي للبلديات ومجالسها، التي كانت النهضة وحلفاؤها يعتمدون عليها كسلطة موازية تهدف إلى ضرب السلطة التنفيذية وتحييدها؛ لتكون السلطة المحلية أقوى من السلطة المركزية .

 وبتعليقه للعمل بالباب السابع من الدستور الخاص بالسلطة المحلية يكون الرئيس قيس سعيد قد علق بشكلٍ غير مباشر سلطة المجالس البلدية وصلاحياتها، قبل أن يعلن بشكلٍ صريح عبر هيكلة حكومة بودن عن موقفه من البلديات وهو موقف رافض لها ليس فقط لهيمنة خصومه السياسيين على المجالس البلدية،النهضة… وغيرها؛ بل لاعتباره أن هذه المجالس تشتت سلطة الدولة التي جمعها في 25 يوليو بيده، وما باقي التحركات إلا للتدرج في إنهاء تجربة الحكم المحلي كما صيغت في دستور 2014.

حكم محلي ينتقده الرئيس بشدة ويعتبره من أبواب الفساد السياسي وتوزيع المغانم، ولكن الدافع الفعلي لرفض الرئيس للسلطة المحلية الراهنة هو أنها تتناقض مع جوهر «النظام السياسي» الذي يتبناه، وهي الديمقراطية القاعدية وعملية الاختيار من القاعدة إلى القمة.

توظيف ملف النفايات

حاول معارضو الرئيس -وخاصة أنصار حزب النهضة- توظيف الاحتجاجات التي شهدتها مدينة عقارب من محافظة صفاقس حول مكب النفايات بالترويج أن الرئيس  أخطأ في التعاطي مع أول ملف اجتماعي يواجهه منذ 25 يوليو والمتمثل في المعالجة الأمنية لملف مكب عقارب ، واتهموه بمسؤولية ما حدث أثناء الاحتجاجات والمواجهات .

وفي المقابل رأى مراقبون أن أحداث مكب النفايات كانت رد فعل من أنصار النهضة وحلفائها على قرار رئيس الجمهورية بإحالة مشمولات وزارة الشؤون المحلية وإلحاق هياكلها المركزية والجهوية إلى إشراف وزارة الداخليّة،  وتعليق العمل بالفصل السابع من الدستور الذي يعنى بالسلطة المحلية، والذي كان العديدون يرون أنه خلق سلطة موازية، وأنه يهدد بتفكيك أركان الدولة .

قرار الرئيس أحدث قلقًا في صفوف عددٍ كبير من رؤساء البلديات، وتخوفات من أن تكون خطوة أولى للتراجع عن مسار تركيز السلطة المحلية، الذي أقره دستور 2014 أو الإلغاء التام لها.

وقد تجلَّى ذلك في بيانات رئيس جامعة البلديات “عدنان بو عصيدة”، القريب من النهضة، والذي تهجم على رئيس الجمهورية وهو ما جعل عددًا من رؤساء البلديات يعارضونه

ومن جهة أخرى لا يخفى على أحد أن حركة النهضة المسيطرة على البلديات مع حلفائها تضررت من قرارات الرئيس حول البلديات والحكم المحلي، وهو ما جعلها توظف أحداث مكب النفايات بمدينة عقارب؛ لتصفية حساباتها مع رئيس الجمهورية وتحمله مسؤولية كل ما حدث .

وكانت المدينة شهدت أحداث عنف ومواجهات بين المواطنين و قوات الأمن التي التجأت إلى استعمال الغاز ضد المتظاهرين، الذين رشقوها بالحجارة وأحرقوا بعض المنشآت .

النهضة انتهت واتحاد الشغل يقلب المعادلة

وأمام فشل النهضة في تغيير المعادلة بواسطة الشارع وصفحات التواصل الاجتماعي الممولة، وبتأسيس تحالف جديد تحت يافطة ” مواطنون ضد الانقلاب”- جاء موقف اتحاد الشغل (أكبر المنظمات الوطنية في تونس)؛ داعمًا لخيارات رئيس الجمهورية وحركته التصحيحية، وكشف أمين عام اتحاد الشغل “نور الدين الطبّوبي” أنه شدد في اتصال له مع  الرئيس قيس سعيد على “ضرورة الإسراع بمواصلة مسار 25 يوليو (تموز)؛ ليكون فعلًا فرصة تاريخية للقطع مع عشرية غلب عليها الفشل” في حين دوّن سامي الطاهري، الناطق باسم الاتحاد على صفحته على موقع فايسبوك “لا لعودة المجلس النيابي المجمد الذي عانى منه التونسيون الأمرَّين، يلزم خطوة إلى الأمام الآن واليوم، وأي تأخير هو فرصة للمستنصرين في الخارج”، وهو يقصد حركة النهضة التي لن تكون حاضرة في الحوار الوطني الذي يستعد رئيس الجمهورية إطلاقه مع بعض الأحزاب والمنظمات الوطنية التي تعمل من أجل وحدة البلاد ورقيها.

تخوفات مشروعة

ورغم أن الرئيس تجاوز التفكير في خصومه وانكب على تنفيذ مشروعه الجديد، الذي سيكون بناؤه مختلفًا عن الديمقراطية التقليدية، فإن الكثيرين من أنصاره ومساندي حركته التصحيحية باتوا متخوفين من الضبابية وبطء اتخاذ أولى خطوات الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي، وتأخره في التشاور والحوار مع الأحزاب و المنظمات الوطنية وعدم مبادرته بإنهاء الفترة الاستثنائية، ويؤكدون أن الالتفاف الشعبي الكبير حول خيارات الرئيس قد يتغير إذا تواصلت الضبابية، ولم يتغير شيء على الميدان في ظل حراك اجتماعي كبير وقرب حلول ” موسم الاحتجاجات الكبرى”، الذي تعيشه البلاد في كل نهاية عام منذ أكثر من أربعين عامًا.

التخوفات من بطء الرئيس في حسم الملفات الكبرى يرتبط أيضًا بخشية أن تجمّع المعارضة صفوفها و تحاول قلب المعادلة بتوظيف الحراك الاجتماعي ومنسوب الإحباط المرتفع لدى نسبة كبيرة من التونسيين، وخاصة من الطبقات المفقرة والمهمشة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى