2021العدد 188دراسات

التكامل الاقتصادي العربي : المسار والتحديات

مقدمة:

لقد شهد العالم قيام تكتلات اقتصادية إقليمية سواءٌ بصيغتها التقليدية خلال عقد الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين،أو بصيغتها الجديدة التي شهدها النصف الثاني من عقد الثمانينيات من نفس القرن، ويعود إنشاء هذه التكتلات إلى مجموعة من العوامل التي تدفع دولة ما أو مجموعة من الدول إلى تكوين تكتل اقتصادي أو الانضمام إلى تكتل اقتصادي قائم بالفعل قصد تحقيق أهداف اقتصادية وتنموية تعود بالنفع على كل البلدان المشتركة بنفس التكتل الاقتصادي.

وقد أخذت الدعوة للتكامل الاقتصادي تتوسع وتزداد أهميتها في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، فازداد عدد الدول التي اعتمدت سياسة التكامل الاقتصادي في العالم سواءٌ كانت هذه الدول متقدمة أو دول نامية مثل الدول العربية.

وليس هناك من شك في أنّ تحقيق التكامل الاقتصادي العربي تُجابهه عقبات وتحديات عديدة منها ما هو دولي ومنها ما هو إقليمي، مثل: مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومشروع الشرق الأوسط الكبير ثم المشروع الأورو-متوسطي، بالإضافة إلى التحديات البينية العربية سواءٌ منها التحديات السياسية والاقتصادية وكذا التحديات التنموية والبنيوية العربية، وهو ما سوف نتناوله في هذه المقالة الأكاديمية.

المبحث الأول:- مسار التكامل الاقتصادي العربي:

المطلب الأول :- مراحل مسار التكامل الاقتصادي العربي:

أصبح التكامل الاقتصادي العربي من الموضوعات القديمة والمتجددة في الأدبيات الاقتصادية؛ حيث شهدت المنطقة العربية سلسلة من المحاولات المتعاقبة من أجل إقامة تكامل اقتصادي فيما بينها انطلاقًا من الأعوام التي أعقبت تأسيس الجامعة العربية حتى الآن، ولم يتوقف الحديث ولم تنقطع محاولات إقامة تكامل عربي قوي يحفظ مصالح أعضائه ويعزز من قدراتهم التنموية ويمنحهم موقفًا تفاوضيًّا أقوى في المحافل الدولية.

ويمكن تقسيم وتلخيص تجربة التكامل الاقتصادي إلى المراحل التالية:

  • المرحلة الأولى:- بعد الحرب العالمية الثانية حتى نهاية الستينيات :

كان تاريخ البدء في مسيرة التكامل الاقتصادي العربي هو تاريخ إنشاء الجامعة العربية في 23 مارس 1945، الذي تمثّل في خلق الأجهزة الاقتصادية الفنية لإرساء قواعد التعاون الاقتصادي([1]).

واشتمل التعاون الاقتصادي العربي خلال فترة الخمسينيات على إبرام العديد من الاتفاقيات الجماعية التفضيلية، وإقامة المجالس الوزارية واللجان الدائمة والتي أُنشئت لتحقيق الأغراض الاقتصادية التي نص عليها ميثاق الجامعة ومحاولات بناء التكامل الاقتصادي، وكان من أهم اتفاقيات التعاون الاقتصادي المشترك ما يلي([2]):

  • اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت بين دول الجامعة العربية التي أقرها مجلس الجامعة في سبتمبر .1953
  • اتفاقية إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1957.
  • إنشاء السوق العربية المشتركة عام 1964، التي كانت محصورة في أربع دول عربية هي (الأردن، مصر، العراق، سوريا).

تمثل هذه الاتفاقيات أول مدخل للتعامل التجاري التفضيلي كأساس للتعاون الاقتصادي، إلَّا أنَّ قرار إنشاء السوق العربية المشتركة واجهته الكثير من المعوقات التي كانت تعبر عن واقع حال الدول العربية حديثة الاستقلال، كاختلاف السياسات الاقتصادية الوطنية، وإتباع سياسات جمركية وحمائية معوقة للتجارة البينية، بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية الهيكلية المتمثلة بالتفاوت في مستويات التنمية الاقتصادية ومعدلات النمو، واختلاف النظم السياسية وغياب الالتزام السياسي… إلخ .

  • المرحلة الثانية:- فترة السبعينيات والثمانينيات:

دخل التعاون الاقتصادي العربي المشترك مطلع السبعينيات مرحلة جديدة من مراحل تطوره بفعل مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية، التي حدثت خلال تلك الفترة من أبرزها تعديل أسعار النفط العالمية عام 1974([3])، وبدأ التفكير خلال هذه المرحلة بوضع استراتيجية للعمل الاقتصادي العربي المشترك والتنمية الاقتصادية العربية.

لقد كان الشعور بعدم تحقيق تقدم ملموس على صعيد التكامل الاقتصادي العربي بعد أكثر من ثلاثة عقود على انطلاق مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك -حافزًا قويًّا لتكريس القمة الحادية عشر المنعقدة في عمان 1980 للشؤون الاقتصادية؛ حيث تم خلالها المصادقة على عدد من الوثائق الهامة تتمثل هذه الوثائق في: (وثيقة استراتيجية العمل الاقتصادي العربي، ميثاق العمل الاقتصادي الوطني وعقد التنمية العربية المشتركة، الاتفاقية الموحدة لاستثمار الأموال العربية في الدول العربية، إنشاء المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ضد المخاطر السياسية).

ونظرًا لعدم تطور المبادلات التجارية البينية بين الدول المنخرطة في التكامل وعدم إنجاز أية خطوات حقيقية في الواقع الملموس لبناء مستوى من مستويات التكامل الاقتصادي الإقليمي – دفع الدول العربية لإبرام اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري عام 1981، والتي دخلت حيز التنفيذ اعتبارًا من أواخر عام 1982، وهي عبارة عن إعلان نوايا للتفاوض حول القيود المفروضة على التجارة العربية سواءٌ للتجارة في السلع المصنعة ونصف المصنعة، أو إعفاء السلع الزراعية كلية من الرسوم الجمركية وفقًا لما سبق الاتفاق عليه في إطار اتفاقية “الترانزيت” عام 1953([4]).

كما شهد عقد الثمانينيات ظهور المجالس التعاونية الثلاث ويتعلق الأمر بـ:

  • مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981 بين 6 دول عربية هي (الإمارات العربية المتحدة، البحرين، عمان، قطر، الكويت والسعودية)، وهو مجلس مغلق.
  • مجلس التعاون العربي في فبراير 1989 بين (الأردن، العراق، مصر واليمن)، وهو مفتوح العضوية.
  • اتحاد المغرب العربي في سنة 1989 بغية تشجيع المشاريع المشتركة وإقامة سوق موحدة بين كل من (الجزائر، تونس، المغرب، ليبيا، وموريتانيا)، وهو مجلس مغلق العضوية.

فمختلف العقبات التي سادت فترة السبعينيات والثمانينيات لم تصل الدول العربية بالعمل الاقتصادي العربي المشترك إلى المستويات التكاملية المطلوبة، وقد كان أبرز هذه العقبات: ضعف التزام العديد من الدول العربية بالاتفاقيات المعقودة في إطار جامعة الدول العربية، والقرارات المنعقدة من قبل مؤسسات العمل الاقتصادي العربي المشترك- أدت إلى عدم زيادة التبادل التجاري بين دول السوق العربية المشتركة ولا بين مجموع الدول العربية.

  • المرحلة الثالثة:- فترة التسعينيات حتى الوقت الراهن:

أمام التطورات الاقتصادية التي حدثت في العقد الأخير من القرن العشرين من بروز العولمة الاقتصادية وإنشاء المنظمة العالمية للتجارة وتنامي التكتلات الاقتصادية، قد فرضت على العالم العربي خيارين لا ثالثَ لهما: إما التكتل لخلق قوة عربية فاعلة في مواجهة التحديات المختلفة التي أفرزتها وتفرزها هذه التطورات، وإما قبول التهميش بسبب فقدان السيطرة على القرار الوطني الاقتصادي والسياسي فيما لو بقيت الدول العربية تتعامل انفراديًّا مع العالم الخارجي.

ولمواجهة انعكاسات تلك التطورات على التجارة العربية، فإنَّ الدعوة إلى إقامة منطقة تجارة حرة عربية كبرى قد حظيت باهتمامٍ كبيرٍ على مختلف الأصعدة الرسمية، وخلال مؤتمر القمة العربية الذي عُقد في عمان يومي (21 -22) يونيو 1996، كلَّف المؤتمر المجلس الاقتصادي والاجتماعي للدول العربية باتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو الإسراع في إقامة منطقة التجارة الحرة وفقًا لبرنامج عمل وجدول زمني، وهكذا جاء قرار إنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورة انعقاده التاسع والخمسين (17- 19) فبراير 1997  بالموافقة على إعلان منطقة التجارة الحرة العربية([5]).

المطلب الثاني :- معيقات إخفاق التكامل الاقتصادي العربي:‏

يتفق الخبراء والمختصون والدارسون العرب على تحديد جملة من العوائق والعقبات، أدت إلى فشل التكامل الاقتصادي العربي([6])، أهمها:‏

أ-عوائق اقتصادية:‏

  1. إن آثار التبعية العربية للاقتصاد العالمي لم تقتصر على إعاقة نمو وتطور أنماط الإنتاج التقليدية، بما تشتمل عليه من قوى إنتاجية وعلاقات إنتاج، بل كرست إضافة إلى ذلك واقعًا اجتماعيًّا- اقتصاديًّا شديد التعقيد، يمكن تسميته بـ(التكوين الاقتصادي -الاجتماعي) المشوه أو متعدد الأنماط، الذي يضم كل التكوينات الاقتصادية المعروفة في التاريخ، ويتسم هذا الاقتصاد غير المتوازن بانعدام التجانس بين البُنى المنتمية إلى مراحل اقتصادية مختلفة. ونشير في هذا المجال إلى أن البنى الاجتماعية-الاقتصادية للبلدان العربية هي حاصل جمعي وعشوائي لأنماط اقتصادية مختلفة، مع عدم تمتع أي من هذه الأنماط القائمة بالسيطرة على الأسلوب الإنتاجي، وما دام أنَّ هذه التركيبة الانتقالية/ التعايشية هي المسيطرة على الاقتصاد تبقى البنية الاجتماعية الاقتصادية انتقالية أيضًا_ وبالتالي يظل الطابع الأساسي للاقتصادات العربية طابعًا انتقاليًّا كذلك، وهو أمر يتطلب إحداث تغيير سريع وجوهري في الهياكل الاجتماعية -الاقتصادية متعددة الأنماط والتي تُشكّل عائقًا موضوعيًّا كبيرًا أمام التطور المطلوب([7]).‏
  2. محاولة الاقتباس الآلي والتقليد الشكلي لتجارب التكتلات الاقتصادية الأخرى في العالم (من حيث الهياكل الإدارية وحيثيات القرارات وليس من حيث التطبيق طبعًا)، كتجربة السوق الأوروبية المشتركة دون النظر إلى الإمكانيات الفعلية لواقع البلدان العربية ومدى ملاءمة تلك التجارب للظروف (التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية). وعلى هذا النحو سعى كل قطر عربي -حتى الأقطار الصغرى- في إقامة وحدات صناعة الحديدية؛ حيث أن هذه الصناعة قد أصبحت رمز الاستقلال الاقتصادي باعتبار الدور التاريخي الذي لعبته في أوروبا، والأمر على هذا النحو في الصناعة النووية والصناعة البتروكيماوية على سبيل المثال.‏
  3. غياب التصور الشامل، الذي يحدد الأهداف والوسائل والبرامج الزمنية للتنفيذ بصورة واضحة، مما أدى إلى عجز الفنيين والخبراء عن تقديم توصيات محددة وملزمة للأطراف كافة، كما انعكس هذا الغموض في عدم وضوح الأهداف المرحلية.‏
  4. غياب التنسيق التجاري والإنتاجي بين هذه الأقطار لتصريف منتجاتها في الأسواق العالمية، واندفاعها في الوقت عينه للتحصيل من البلدان الغربية واليابان على التجهيزات ذاتها والتقانة ذاتها والسلع والمواد الكمالية والاستهلاكية ذاتها.‏
  5. لقد أرجأت بعض الأقطار العربية تطبيق ست عشرة مادة من قرارات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية الرامية إلى تقليص التعريفات الجمركية وإزالتها وإلى تحرير المبادلات، وذلك حماية لمواردها من القطع الذي تحصل عليه من الإيرادات الضريبية الناشئة عن التعريفات الجمركية.‏
  6. غياب الجزاءات التي يمكن اتخاذها ضد الأقطار الأعضاء التي تنتهك القرارات المشتركة، والتي لا تفي بالتزاماتها الناتجة عن اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية واتفاقية السوق العربية المشتركة، مما يزيد من حجم العوائق الاقتصادية على طريق التكامل المطلوب.‏
  7. غلبة الاتفاقيات الثنائية وضعف فاعلية الاتفاقيات متعددة الأطراف، الأمر الذي يزيد من حجم الصعوبات التي تواجه الجهد العربي المشترك.‏
  8. تكاثر المؤسسات المالية والنقدية العربية مع نقص في التنسيق بين الأقطار العربية في الميدان المالي_ يضاف إلى ذلك حدة التناقضات القائمة بين مصارف التوظيفات العربية أو الصناديق العربية ذات الأنشطة المالية والبنكية في البلدان الغربية، وبين الحاجة الماسة والمتزايدة للتمويل والإعانات ضمن الأقطار العربية.
  9. بالنسبة للاستثمارات العربية داخل الوطن العربي، فهي تصطدم بعوائق ناشئة عن البنى الاقتصادية المجزأة والمفتتة من جهة، وبجملة من المصاعب الملازمة للهياكل الأساسية والتداخلات الروتينية والقرارات الاعتباطية وآليات العمل البدائية في الدول المضيفة من جهة أخرى، إضافة إلى حالة الطرق ورداءة وسائل النقل والتخزين وأجهزة الاتصالات والموانئ والمطارات وتجهيزات الطاقة والمياه وضعف الخدمات الفورية مع محدودية آفاق السوق المحلية؛ بسبب انخفاض مستويات الدخل الفردي (في أغلب الدول العربية)؛ أو بسبب سوء توزيعه بين المواطنين أو لقلة السكان أصلًا في البلد المضيف للاستثمارات المالية، يُضاف إلى ذلك كله غياب الأسواق المالية، التي تسهل عمليات الاكتتاب أو تقوم بتسييل الأوراق النقدية عند الحاجة.‏
  10. عدم الاستقرار الاقتصادي في عددٍ كبيرٍ من الأقطار العربية؛ بسبب الاضطرابات والتضارب في التوجهات الاقتصادية والسياسات الاستثمارية، وافتقارها إلى قوانين موحدة أو منسقة لتنظيم الاستثمارات؛ أو بسبب الغموض العام في نصوص القوانين وفي تفسيراتها.‏
  11. إن الدراسات المتخصصة بتوجهات الاستثمار الخاص الوافد إلى بعض الأقطار العربية، تشير إلى أن الخيار الأول عند القطاع الخاص هو الاستثمار في العقار (بما في ذلك بناء العمارات التجارية وتأجيرها، وشراء أراضٍ وإعدادها للبناء ثم عرضها للبيع، في أجواء مشحونة بالمضاربات.. وغيرها) وقد تركزت مثل هذه الاستثمارات في أقطار معينة بالذات، مثل (لبنان، مصر، المغرب). والمجال الآخر الذي تميل رؤوس الأموال الخاصة إلى الاستثمار فيه- كخيارٍ ثانٍ- هو قطاع وثيق الارتباط بالقطاع العقاري، وهو النشاط السياحي، بما في ذلك إنشاء فنادق ومطاعم وأندية الترفيه. وإنَّ تفضيل أصحاب الرساميل لهذه الأنواع من التوظيفات لرؤوس أموالهم، هو أمر مفهوم، ذلك أنها لا تتطلب معارف علمية ولا مهارات، ولا إعداد أكاديمي طويل، ولا هي عرضة لمخاطر الخسارة الكبيرة، بل تدرُّ في معظم الأحوال الاعتيادية أرباحًا مضمونة إلى حدٍ كبيرٍ.‏
  12. حالات التضخيم الذي تسبب تدهورًا مستمرًا في قيمة العملة الوطنية واضطرابات كبيرة في أسعار الصرف، إضافة إلى الارتباط النقدي بدوائر النقد العالمي ومناطقه الشهيرة كالدولار والإسترليني والفرنك الفرنسي، ولقد تعززت هذه التبعيات النقدية بصورة عميقة ومتينة مع ازدياد الطلب العالمي على النفط العربي، والتخفيض الفعلي للدولار الأمريكي، الذي ترتبط به عائدات النفط العربي الضخمة، مما يوقع خسائر كبيرة في القدرات الحقيقية للأموال العربية النفطية.‏
  13. من عوائق الاستثمارات المالية العربية (في الوطن العربي) وجود تعددية في الأجهزة المشرفة على عمليات الاستثمار، أو افتقار تلك الأجهزة إلى دليل واضح لتنفيذ الإجراءات المتعلقة بالترخيص للاستثمارات العربية الوافدة.
  14. إذا كان القطاع الخاص يعاني من التأثيرات السلبية لكل هذه العوائق، فإن المشروعات المشتركة تكابد هي الأخرى مجموعة من المشكلات الخاصة بها، رغم كونها مشروعات تم إنشاؤها بموجب اتفاقيات بين الدول، ووقعها مسؤولون وأصحاب قرار([8]).‏

ب-عوائق سياسية:‏

إن غياب الإرادة السياسية اللازمة كان هو العامل المباشر الأساسي، الذي أدى إلى تواضع ومحدودية النتائج التي حققها العمل الاقتصادي العربي المشترك (اللازم للتكامل) منذ بدايته في ظل الجامعة وقت إنشائها في عام 1945م حتى الآن، وإلى عدم تحقيق هذا العمل للأهداف المقصودة منه، التي نصت عليها وتضمنتها اتفاقاته ومواثيقه العديدة، والذي حد من فاعليته وعرقل تطويره.‏

و في هذا السياق يرى أحد الباحثين العرب، “أنه على الرغم من وجود بعض العوامل الأخرى التي أوجدت آثارًا سلبية في هذا العمل الاقتصادي العربي المشترك، إلَّا أنه كان من الممكن علاج هذه الآثار والتغلب عليها جميعًا، بل كان من الممكن أيضًا استبعاد هذه العوامل الأخرى نفسها، وإذا كانت الإرادة السياسية العربية قد التزمت التزامًا حقيقيًّا ومخلصًا بهذا العمل الاقتصادي العربي المشترك وعملت على تحقيق متطلباته على نحو حقيقي وفعال؛ فلأنها كانت ستعمل عندئذٍ على إزاحة هذه العوامل والقضاء عليها، ومن هنا استمرار العوامل الأخرى المعرقلة للعمل الاقتصادي العربي المشترك يمكن إرجاعه- إلى حدٍ كبيرٍ- إلى غياب الإرادة السياسية اللازمة لهذا العمل”([9])؛ لأنه حتى في حال تطبيق الاتفاقيات والقرارات المتعلقة بالتكامل الاقتصادي العربي، فإن استمرار تطبيقها غالبًا ما يتأثر بما يحدث من تقلبات طارئة في العلاقات السياسية بين الحكومات أو حكام الأقطار العربية الأعضاء. والواقع أن “هذه الحقائق العديدة ليست كلها سوى مظاهر وآثار لغياب الإرادة أو ضعف الإرادة السياسية اللازمة؛ لتحقيق العمل الاقتصادي العربي المشترك ونجاحه، وهي تشير في مجملها إلى أن البلدان العربية لا يتوافر لديها ما يلزم لعملية التكامل الاقتصادي من إرادة سياسية”([10]).‏

المبحث الثاني :- تحديات إقليمية : مشاريع أوسطية ومتوسطية .

المطلب الأول :- مشاريع أوسطية.

 الفرع الأول :- مشروع الشرق الأوسط الجديد.

لعل أخطر ما يواجه الوطن العربي ليس فقط الحؤول دون تكامله السياسي والاقتصادي، وإنما تلكمُ المحاولات التي تسعى لطمس الهُوية العربية، وقد تعددت الصيغ التي جرى بها طرح هذا المفهوم الدخيل، ويُعدّ مؤتمر “مدريد”، الذي عُقد عام 1991 بمثابة عملية انطلاق لترسيم “خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط”، وفي مؤتمر مدريد طُرحت فكرة السوق الشرق أوسطية بمبادرة إسرائيلية وأمريكية مع الجماعة الأوروبية والبنك الدولي، ويُعد “شيمون بيريز” رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق من أشهر الداعين لهذه الفكرة، فقد ركّز عليها في خطابه الذي ألقاه في المؤتمر السنوي لحزبه حزب العمل في أيلول/سبتمبر1991، وتحدث عن التكامل بين ثلاثة عناصر متوفرة في الشرق الأوسط  وهي: (وفرة موارد المياه التركية، وسعة السوق الاستهلاكية المصرية، ومقدرة التكنولوجيا الإسرائيلية)، وخلُص إلى أن اتحاد هذه العوامل الثلاثة ممولة بفوائض نفط الخليج العربي، تستطيع أن تحقق لإسرائيل ما تريد، ويجعلها جزءًا من المشروع الاقتصادي الشرق أوسطي الجديد، فيتعزز عندئذٍ أمنها ويتحقق رخاؤها، ثم عاد فوسَّع الفكرة عام 1993 من خلال كتابه “الشرق الأوسط الجديد”، الذي تُرجم إلى اللغة العربية أكثر من مرة في (عمان بالأردن).

الفرع الثاني :-مشروع الشرق الأوسط الكبير .

إن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي دعى إليه المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي “جورج دبليو بوش” عن طريق اللجنة الأمريكية للأمن القومي في القرن الواحد والعشرين، وهي لجنة استشارية فيدرالية، تعرف باسم لجنة “هارت – رودمان”، والتي شُكّلت تحت إشراف وزير الدفاع وحظيت برعاية مباشرة من الرئيس الأمريكي والكونغرس بحيث انتهت من وضع تقرير كبير في شباط 2001 بعنوان “البيئة الأمنية الكونية الجديدة في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين”. وقد تضمن التقرير عددًا من الدراسات والأبحاث عن المناطق المختلفة في العالم ومن بينها ما يسميه التقرير/ الوثيقة “الشرق الأوسط الكبير”. ([11])

وقد يكون من المناسب الإشارة إلى أن التقرير يُعِّرف منطقة الشرق الأوسط الكبير بأنها “تلك المنطقة التي تضم كلًا من (العالم العربي، إسرائيل، تركيا، آسيا الوسطى، القوقاز، ومنطقة شبه القارة الهندية)، وتمثل هذه المنطقة كما جاء في التقرير “أكبر مستودع للطاقة في العالم”، كما “أنها ساحة نزاع بين عدة قوى طموحة تسعى لفرض الهيمنة على المنطقة”. ” للولايات المتحدة حلفاء فاعلون في هذه المنطقة، كما أن لها مصالحًا ذات أهمية، إلى جانب ذلك فإن المنطقة تشهد تطورًا واسع النطاق لأسلحة الدمار الشامل، ولم يكن من قبيل الصدفة، أن شهدت هذه المنطقة حربًا كبيرة للولايات المتحدة وذلك في عام 1991، كما أنها المنطقة الوحيدة بالعالم التي تتجه الولايات المتحدة إليها؛ لتوسيع نطاق انتشارها العسكري وذلك منذ نهاية الحرب الباردة”([12])

المطلب الثاني :- المشروع الأورو-متوسطي:

عَرفت المنطقة الأورو- متوسطية اتفاقيات تعاون عديدة طوال عدة عقود من الزمن، كان أبرزها: (مع تركيا في العام 1963، ومالطا في العام 1972، وقبرص 1973، والحوار العربي – الأوروبي في العام 1973). وعلى مستوى التعاون الأوروبي – العربي، الذي يعود إلي عام 1969 وذلك من خلال اتفاقية التعاون المبرمة مع كل من (تونس و المغرب)، بحيث فتحت السوق الأوروبية إمكانية دخول المواد والمنتجات المصنعة أو نصف مصنعة لهذين البلدين دون فرض رسوم جمركية أو برسوم جمركية مخفضة بالنسبة للسلع الزراعية، غير أن ضعف القاعدة الصناعية في هذين البلدين أفقدهما هذه المزايا، وتم إبرام اتفاقيات التعاون عام 1976 مع أربع دول عربية وهي (الأردن، سوريا، لبنان، ومصر)، ولم تبدأ فكرة الشراكة الأورو-متوسطية بالتبلور إلا في عام 1992، عندما أصدرت دول الاتحاد الأوروبي- تحت تأثير (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا)- وثيقة سُميت “السياسة المتوسطية المتجددة” على لسان المفوض الأوروبي “مانويل مارين”، التي شملت جوانب عديدة للتعاون المالي ودعم الإصلاحات البنيوية لدول جنوب البحر الأبيض المتوسط والبدء بسياسة انفتاح وإصلاح اقتصاديين”([13]).

ثم تلى هذا الوثيقة / البيان اجتماع المجلس الوزاري الأوروبي، الذي عقد عام 1994 في اليونان، والذي دعى فيه اللجنة الأوربية بتقديم ورقة عمل تبين فيها المبادئ الأساسية لصياغة سياسة أورو- متوسطية، وقد تمَّ إقرار هذه الورقة في القمة الأوروبية التي عُقدت في ألمانيا خلال نفس العام، والتي وضعت أُسسًا عامة لسياسة أوروبية متوسطية ثم صياغتها لاحقًا في وثيقة/إعلان مؤتمر برشلونة، يومي (27-28 ) نوفمبر 1995 في برشلونة بمشاركة 27 دولة- ثلاث دول منها ليست متوسطية وهي (ألمانيا، بريطانيا والسويد).

الفرع الأول : الرؤية المتوسطية :

إن الاهتمام الأوروبي بمنطقة حوض البحر المتوسط اهتمام قديم انطلق من مسوغات حضارية؛ لأن حوض المتوسط كان مهدًا لحضارات كبرى مختلفة، وكان غرض رواد الفكر الأوروبي الحديث السعي إلى رفع شأن الحضارة اليونانية – الرومانية؛ حيث ظهرت أطروحة المتوسط كفضاء جغرافي وتاريخي وحضاري واقتصادي و كعالم متميز في منتصف القرن العشرين، وكان هناك من المفكرين العرب من تناول فكرة التوجه المتوسطي ولكن في إطار كتلة عربية جماعية  وليست كدول منفردة .

لقد عادت فكرة المتوسطية مجددًا إلى صدارة الاهتمام الدولي بعد أن كانت درجة الاهتمام بها قد تراجعت خلال العقود الأخيرة؛ بسبب أحداث طغت على الساحتين (الإقليمية و الدولية)، وتتسع فكرة المتوسطية لجميع الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط و خاصة الدول العربية، التي تطل على شواطئه الجنوبية إلى جانب الدول الأوروبية التي تطل على شواطئه الشمالية.

وتتطلع أوروبا من خلال طرح فكرة المتوسطية ومحاولة تحقيقها إلى هدف استراتيجي يتجسد في تنظيم العلاقة المتوسطية في شكل منظمة على غرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا رغم أنها راودت الأوروبيين منذ زمن إلَّا أنها تأجلت؛ بسبب حرب الخليج الأولى والثانية وكذلك سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الأمور في الشرق الأوسط ، فإن مؤتمر “برشلونة” قد أخرجها إلى حيز الوجود بهدف إيجاد تجمع إقليمي منافس تؤدي فيه أوروبا الدور المحرك والرئيس، وخاصة في ظل التصور الأوروبي الذي تبلور في التسعينيات يرتكز على مبدأ أنَّ استقرار أوروبا مرتبط باستقرار جنوب المتوسط .

وقد اكتست قضية الأمن في منطقة حوض المتوسط أهمية محورية؛ حيث يُشكِّل الهاجس الرئيس للتوجهات الأوروبية نحو الجنوب في إطار العلاقات بين الشمال والجنوب ([14]).

الفرع الثاني :- انعكاسات الشراكة الأورو-متوسطية على التكامل الاقتصادي العربي:

إنّ للشراكة  الأورو-متوسطية انعكاسات متعددة على الوحدة العربية، من أهمها:

  1. إن تقسيم العرب في علاقتهم مع أوروبا إلى ثلاثة أقسام: دول متوسطية انخرطت في الشراكة عام 1995، ودول مجلس التعاون الخليجي التي عَقدت اتفاقية التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي في العام 1988 وتحاول تطوير التعاون إلى شراكة، ودول خارج السياقين السابقين.
  2. إنّ مشروع الشراكة الأورو-متوسطية يقوم على أساس نفي وجود الهوية العربية الموحدة، وفي المقابل يعد الجانب الأوروبي نفسه طرفًا واحدًا متكاملًا بالرغم من وجود دول فيه غير متوسطية، فهو لم يراعِ ترابط المصالح السياسية والتاريخية والأمنية والاستراتيجية والاقتصادية بين الدول العربية، وبينها جميعًا وبين الدول الأوروبية، وقد غاب عن بعض الأوروبيين أنّ المفهوم الاستراتيجي للمتوسطية يشمل العالم الأورو– متوسطي من (هلسنكي إلى مسقط)، وأنّ هذا العالم له مصالح مشتركة وما يحدث في جزء منه يؤثر في باقي الأجزاء، كما أنّ في هذا التوجه نوعًا من التوازن في العلاقات الأوروبية – العربية، يضمن عدم تجزئة النظام الإقليمي العربي.
  3. يحاول الجانب الأوروبي تكريس مركزيته حيال العالم العربي، ففي الوقت الذي يُمثل الاتحاد الأوروبي في مشروع الشراكة بمؤسساته العليا- أي المفوضية الأوروبية العليا- فإنه لا يتعامل مع جامعة الدول العربية كمؤسسة جامعة للعرب، إذ تحضر كطرف مراقب.
  4. إنّ الاتحاد الأوروبي يتعامل مع الدول العربية غير المتوسطية من زاوية مختلفة للتعامل مع الدول المتوسطية، فهو يركز مع الدول المتوسطية على إقامة منظومة (اجتماعية – اقتصادية – سياسية – ثقافية – فكرية)، بينما يركز مع الدول العربية الخليجية على الأولويات الاقتصادية والتجارية التي تتعلق بالنفط والاستثمارات والمشاريع والأسواق.
  5. ينطوي المشروع على خطر تخصيص اقتصاد الدول المتوسطية غير الأوروبية للمنتجات أو القطاعات الاقتصادية التي تحتاجها أوروبا ( السياحة وشؤون الصيد والفواكه )، إضافة إلى خطر نقل أضرار تلوث البيئة إلى دول جنوب وشرق البحر المتوسط.

وعلى الجانب الآخر، ينبغي القول أنّ الدول العربية تفتقر إلى سياسة موحدة حيال أوروبا، ففي الوقت الذي ترى فيه الدول العربية المغاربية فوائد اقتصادية كبيرة لمشروع الشراكة، ترى الدول العربية المشرقية أنّ الشراكة مع أوروبا يجب أن لا تكون في إطار المقاربات الاقتصادية ومشاريع التنمية فقط، بل يجب أن تكون من خلال دور أوروبي فاعل في التسوية العربية – الإسرائيلية، في حين تخشى الدول العربية الخليجية من سياسة أوروبية مغايرة للقيم والسلوكيات الثقافية والاجتماعية، التي تشكّل مجتمعة الهوية الحضارية لشخصية منطقة الخليج.

المبحث الثاني :- التحديات البينية العربية:

المطلب الأول :- التحديات السياسية والاقتصادية:

الفرع الأول : التحديات السياسية:

في تحليل أكاديمي للدكتورة سميحة فوزي ([15]) عن الدوافع السياسية التي تقف وراء انخفاض مستوى التعاون العربي – بما فيه التجارة البينية -حددت ثلاثة عناصر:

أولها: عدم رغبة القادة السياسيين لتحقيق مزيد من التعاون الاقتصادي، نتيجة لعدم شعورهم بأن هذا الاتجاه يدعم أوضاعهم السيادية.

ثانيها: عدم التمكن من إنشاء الأطر المؤسسية الإقليمية الكفؤة التي تحقق ذلك.

والحقيقة هي أن هذه الأطر موجودة من الناحية الشكلية إلا أن الأهم من ذلك هو تفعيلها، لكن هذه الفعالية تظل منخفضة جدًا في المؤسسات والتنظيمات بين الدول العربية.

ثالثها: عدم قبول القادة السياسيين طواعية التنازل عن جزء من السيادة القطرية في سبيل قيام أحد الأعضاء بدور القيادة التي تعطي دفعه قوية لمزيد من التجارة البينية بين الدول العربية، مثل ما حدث من (فرنسا وألمانيا) في حالة الاتحاد الأوروبي.

ويرى إسكريبانو([16]) أن سبب عدم التحقق من المكاسب الاقتصادية للتعاون الإقليمي، قد يعود إلى عدم وصول معظم القادة العرب إلى مواقعهم عن طريق الانتخابات الحرة الديمقراطية، وقد يصدق ذلك بالنسبة لعديد من الدول العربية، إلَّا أننا لا نعتقد أن الاختيار الديمقراطي للقيادة شرط ضروري أو كافٍ لضمان زيادة التجارة البينية بين الدول العربية، حيث يمكن توافر الإرادة السياسية للتعاون الإقليمي البنَّاء في ظل اختيار غير ديمقراطي للقيادة السياسية.

وقد ذهب كلٌّ من “أجراوال و فوجارتى” ([17]) من أن نجاح التعاون الإقليمي يعتمد على قوة التزام الأطراف المنخرطة فيه بفوائد هذا التعاون، الذي يميز هويتها، وعلى قوة الترتيبات المؤسسية التي تتم في إطار هذا التعاون، كما أن تنمية التجارة البينية والصيغ الأخرى من التكامل الاقتصادي يتطلب تنمية الثقة المتبادلة بين القيادات السياسية والتعلم من تجارب الآخرين.

إذن، كان غياب الإرادة السياسية اللازمة العامل المباشر الأساسي، الذي أدى إلى تواضع ومحدودية النتائج التي حققها العمل الاقتصادي العربي المشترك (اللازم للتكامل) منذ بدايته في ظل الجامعة وقت إنشائها في عام 1945م حتى الآن، وإلى عدم تحقيق هذا العمل للأهداف المقصودة منه، التي نصَّت عليها وتضمنتها اتفاقاته ومواثيقه العديدة، والذي حد من فاعليته وعرقل تطويره.‏

الفرع الثاني:-التحديات الاقتصادية:‏

أولًا: إن آثار التبعية العربية للاقتصاد العالمي لم تقتصر على إعاقة نمو وتطور أنماط الإنتاج التقليدية، بما تشتمل عليه من قوى إنتاجية وعلاقات إنتاج، “بل كرست إضافة إلى ذلك واقعًا اجتماعيًّا- اقتصاديًّا شديد التعقيد، يمكن تسميته بـ (التكوين الاقتصادي – الاجتماعي متعدد الأنماط)، الذي يضم كل التكوينات الاقتصادية المعروفة في التاريخ، ويتسم هذا الاقتصاد غير المتوازن بانعدام التجانس بين البنى المنتمية إلى مراحل اقتصادية مختلفة، ونشير في هذا المجال إلى أن البنى الاجتماعية- الاقتصادية للبلدان العربية هي حاصل جمعي وعشوائي لأنماط اقتصادية مختلفة، مع عدم تمتع أي من هذه الأنماط القائمة بالسيطرة على الأسلوب الإنتاجي، وما دام أن هذه التركيبة الانتقالية/ التعايشية هي المسيطرة على الاقتصاد، تبقى البنية الاجتماعية الاقتصادية انتقالية أيضًا، وبالتالي يظل الطابع الأساسي للاقتصادات العربية طابعًا انتقاليًّا كذلك، وهو أمر يتطلب إحداث تغيير سريع وجوهري في الهياكل الاجتماعية  -الاقتصادية متعددة الأنماط والتي تُشكل عائقًا موضوعيًّا كبيرًا أمام التطور المطلوب”([18]).‏

وقد أشار إلى هذه المسألة الهامة التقرير الصادر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالقول: “إن دول المجلس بالمقارنة بالدول النامية تُعتبر دولًا غنية بسيولتها النسبية، فقيرة بهياكلها الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك فهي تواجه تحديًا كبيرًا وصعبًا إلى جانب التحديات الأخرى من حيث أن مصدر سيولتها النقدية غير متجدد وعليها أن تُحدث تطورًا سريعًا في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية قبل نضوب مصدرها التمويلي الوحيد وهو النفط”([19]).‏

كل ذلك يعني: “أن تشويه التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي للأقطار العربية، بفعل الهيمنة الغربية السافرة في الماضي، خلق اقتصادات عربية متشابهة في تبعيتها، ومتشابهة في وظائفها، ولكنها متنافرة وغير متكاملة فيما بينها”([20]).

ثانيًا: محاولة الاقتباس الآلي والتقليد الشكلي لتجارب التكتلات الاقتصادية الأخرى في العالم (من حيث الهياكل الإدارية وحيثيات القرارات وليس من حيث التطبيق طبعًا)، كتجربة السوق الأوروبية المشتركة دون النظر إلى الإمكانات الفعلية لواقع البلدان العربية ومدى ملاءمة تلك التجارب للظروف التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعلى هذا النحو سعى كل قطر عربي حتى الأقطار الصغرى_ في إقامة وحدات صناعة حديد، حيث أن هذه الصناعة قد أصبحت رمز الاستقلال الاقتصادي باعتبار الدور التاريخي الذي لعبته في أوروبا، والأمر على هذا النحو في الصناعة النووية والصناعة البتروكيماوية على سبيل المثال.‏

ثالثًا: غياب التصور الشامل، الذي يحدد الأهداف والوسائل والبرامج الزمنية للتنفيذ بصورةٍ واضحة، مما أدى إلى عجز الفنيين والخبراء عن تقديم توصيات محددة وملزمة للأطراف كافة، كما انعكس هذا الغموض في عدم وضوح الأهداف المرحلية.‏

رابعًا: غياب التنسيق التجاري والإنتاجي بين هذه الأقطار لتصريف منتجاتها في الأسواق العالمية، واندفاعها في الوقت ذاته للحصول من البلدان الغربية واليابان على التجهيزات ذاتها والتِّقانة ذاتها والسلع والمواد الكمالية والاستهلاكية ذاتها.‏

خامسًا: لقد أرجأت بعض الأقطار العربية تطبيق ست عشرة مادة من قرارات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية([21]) الرامية إلى تقليص التعريفات الجمركية وإزالتها وإلى تحرير المبادلات، وذلك حماية لمواردها.

سادسًا: غياب الجزاءات التي يمكن اتخاذها ضد الأقطار الأعضاء التي تنتهك القرارات المشتركة، والتي لا تفي بالتزاماتها الناتجة عن اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية واتفاقية السوق العربية المشتركة، مما يزيد من حجم العوائق الاقتصادية على طريق التكامل المطلوب.‏

سابعًا: غلبة الاتفاقيات الثنائية وضعف فاعلية الاتفاقيات المتعددة الأطراف، الأمر الذي يزيد من حجم الصعوبات التي تواجه الجهد العربي المشترك.‏

ثامنًا: تكاثر المؤسسات المالية والنقدية العربية مع نقص في التنسيق بين الأقطار العربية في الميدان المالي_ يضاف إلى ذلك حدة التناقضات القائمة بين مصارف التوظيفات العربية أو الصناديق العربية ذات الأنشطة المالية والبنكية في البلدان الغربية، وبين الحاجة الماسة والمتزايدة للتمويل والإعانات ضمن الأقطار العربية.‏

تاسعًا: بالنسبة للاستثمارات العربية داخل الوطن العربي، فهي تصطدم بعوائق ناشئة عن البنى الاقتصادية المجزأة والمفتتة من جهة، وبجملة من المصاعب الملازمة للهياكل الأساسية والتداخلات الروتينية والقرارات الاعتباطية وآليات العمل البدائية في الدول المضيفة من جهة أخرى_ إضافة إلى حالة الطرق ورداءة وسائط النقل والتخزين وأجهزة الاتصالات والموانئ والمطارات وتجهيزات الطاقة والمياه وضعف الخدمات الفورية مع محدودية آفاق السوق المحلية؛ بسبب انخفاض مستويات الدخل الفردي (في أغلب الدول العربية)؛ أو بسبب سوء توزيعه بين المواطنين أو لقلة السكان أصلًا في البلد المضيف للاستثمارات المالية_ يضاف إلى ذلك كله غياب الأسواق المالية، التي تسهل عمليات الاكتتاب أو تقوم بتسييل الأوراق النقدية عند الحاجة.‏

عاشرًا: عدم الاستقرار الاقتصادي في عددٍ كبيرٍ من الأقطار العربية؛ بسبب الاضطرابات والتضارب في التوجهات الاقتصادية والسياسات الاستثمارية، وافتقارها إلى قوانين موحدة أو منسقة لتنظيم الاستثمارات؛ أو بسبب الغموض العام في نصوص القوانين وفي تفسيراتها.‏

المطلب الثاني:-التحديات التنموية والبنيوية  العربية:‏

الفرع الأول :-التحديات التنموية :

الفقرة الأولى :انخفاض مستوى التنمية:

تتصف جميع الدول العربية بأنها دول نامية، صحيح أن بعضها (مثل الإمارات والسعودية) ارتفع فيها متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعًا كبيرًا، وصحيح أن البعض الآخر يمتلك قطاعًا صناعيًّا متطورًا أو قطاعات أخرى حديثة، إلّا أن السمة العامة للدول العربية هي أن اقتصاداتها مازالت نامية، بل إن كثيرًا من الدول المصنفة “الأقل تقدمًا والأشد فقرًا “- بحسب تقارير البنك الدولي– هي دول عربية، ومن ناحية أخرى، فإن التجارة البينية العربية منخفضة جدًا حيث تعادل نحو 10% فقط من إجمالي تجارة العرب الدولية، ناهيكم عن انخفاض درجة التكامل الاقتصادي العربي.

ولا يرجع هذا الوضع إلى تشابه الهياكل الإنتاجية وعدم تنوع الإنتاج، كما تنص على ذلك النظرية الإستاتيكية للتكامل الاقتصادي، حيث ثبت إمكان تحقيق هذا من منظور ديناميكي، وإنما يرجع – في جزء منه – إلى انخفاض درجة النشاط الاقتصادي، وتخلف العديد من اقتصادات الدول العربية، وهذا الانخفاض مع هذا التخلف يؤديان إلى انتشار سلوكيات التوجه إلى الداخل، والتوجس خيفةً من عدم عدالة توزيع المكاسب الاقتصادية المتوقع تولدها من نمو التجارة البينية والتكامل الاقتصادي.

أنه مع الارتقاء إلى درجة أعلى في سلم التنمية، تصبح الدولة – بصفةٍ عامة عربية كانت أو غير عربية- أكثر استعدادًا لمزيد من التعاون مع العالم الخارجي سواءٌ في مجال التجارة البينية أو تكامل الأنشطة الاقتصادية الأخرى.

ولذلك يجب أن تعمل النظم العربية المختلفة على الإسراع بعملية التنمية الاقتصادية في داخل كل منها، والتي تتطلب بصورة عامة، تطبيق قواعد الحكومة الرشيدة ومن بينها المساءلة العامة على كافة المستويات، وإشراك جميع فئات الشعب في مجالات العمل والتنمية مع تمتعها بثمار التنمية بدون استبعاد، ثم تأتي بعد ذلك السياسات الاقتصادية السليمة، والسلوكيات والمؤسسات المواتية، ومحاربة الفساد مع وضع الحوافز السليمة للحسابات الاقتصادية الرشيدة والتعاون البناء.

الفقرة الثانية:- ضعف انخراط القطاع الخاص:

إن المستفيد النهائي من التكامل الاقتصادي العربي وثماره هو المواطن العربي، إلّا أنَّ التوجه نحو التكامل الاقتصادي العربي قد اعتمد بصورة أساسية على الجهود الحكومية، وربما كان سبب ذلك الفلسفة الإنمائية التي اُعتمدت في الماضي على القطاع العام وتهميش القطاع الخاص، أما التوجه في السنوات القليلة الماضية، فتعتمد الإدارة الاقتصادية في معظم البلاد العربية على القطاع الخاص وقوى السوق، ومن ثم يصبح من الضروري إشراك القطاع الخاص بصورة مؤسسية فاعلة في الجهود الرامية إلى تحقيق مزيد من التكامل الاقتصادي العربي. ومن الناحية الأخرى، يجب أن تسهم مؤسسات القطاع الخاص في هذا الاتجاه، وأن تكون مجموعات ضاغطة لها صوت مسموع؛ لتحقيق هذا الهدف الذي فيه مصلحة الجميع.

الفرع الثاني:- التحديات البنيوية والتنظيمية :

الفقرة الأولى :- عدم تفعيل المؤسسات والاتفاقيات:

لا يكفي أن توقع الدول العربية اتفاقيات إنشاء مؤسسات أو ترتيبات تجارية معينة، ولكن من الضروري أن تكون هذه المؤسسات والمنشآت فعّالة في أداء عملها، وأن يكون لديها الإمكانات لذلك، مع وجود آليات لوضع القرارات موضع التنفيذ.

الفقرة الثانية:-عدم الاهتمام بالتتابع والبرمجة الزمنية:

إن سهولة تطبيق اتفاقيات التجارة بين الدول العربية يتطلب وضع برامج زمنية لخطوات محددة، ويجب أن يكون تتابع هذه الخطوات منطقيًّا وسليمًا_ غير أنه في كثير من الحالات، توقع الدول العربية لهم اتفاقيات، وتعتمد إنشاء مؤسسات دون أن تهتم بوضع برامج زمنية للتنفيذ، مع عدم تحديد المسؤولية عن ذلك، ودون توفير الإمكانات الضرورية لوضع هذه الاتفاقيات والمؤسسات موضع التنفيذ، ومن ثَم لا تتناسب الإنجازات مع ما ورد في الاتفاقيات.

الفقرة الثالثة :- العقبات التقنية:

تقف بعض الاشتراطات التقنيّة – في حالات ليست قليلة– حائلًا دون نمو التجارة البينية للدول، وقد ذكر التقرير السنوي للتجارة البينية بين الدول الإسلامية الصادر في عام 2006 عدة عقبات تقنية ولوجستية تواجه التجارة البينية الإسلامية – تنطبق على حالة الدول العربية – أهمها:

  • مشاكل الوصول إلى الأسواق المتعلقة بالتعريفة الجمركية وأشباهها، والعوائق غير التعريفية مثل (التقييد الكمي للواردات، والمواصفات الفنية).
  • مشاكل متعلقة بالبنية الأساسية، والنقل البري والبحري، والخدمات المعاونة الميسرة للتجارة الدولية.
  • عدم مطابقة المواصفات والمقاييس للمستويات المتعارف عليها.
  • نقص المعلومات عن الأسواق والفرص التجارية.
  • تَعقُّد الإجراءات الإدارية في الدول المختلفة.
  • قلة المعلومات المؤهلة لتزاوج الشركات والأعمال، وعدم ملاءمة الترويج للمنتجات بين الدول الإسلامية.
  • قلة خبرات العاملين في مجالات التجارة الدولية.
  • عدم ملاءمة الأدوات التمويلية اللازمة لتنمية التجارة البينية بين الدول الإسلامية مثل: ترتيبات الإقراض وضمانات القروض، والتأمين على التجارة، وارتفاع تكلفة تمويل الصادرات وقلة توافره، ونقص حصيلة العملات الأجنبية في بعض الدول الإسلامية التي تعاني من عجز موازين مدفوعاتها.

خاتمة:

لعل أخطر ما يواجه الوطن العربي، ليس فقط الحؤول دون تكامله السياسي والاقتصادي وإنما تلكم المحاولات التي تسعى لطمس الهوية العربية وفرض مفهوم إقليمي الهدف الأساسي منه غرس الكيان الصهيوني في الجسد العربي، والتطبيع معه.

وذلك من خلال مشاريع شرق أوسطية ومتوسطية بدءًا بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي جاء به” شيمون بيريز”، ثم مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي دعى إليه المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي “جورج دبليو بوش” عن طريق اللجنة الأمريكية للأمن القومي ، التي انتهت إلى وضع تقرير كبير في 2001  “بعنوان البيئة الأمنية الكونية الجديدة في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين”، وقد تضمن التقرير عددًا من الدراسات والأبحاث عن المناطق المختلفة في العالم ومن بينها مشروع الشرق الأوسط الكبير .

كما تمت دعوة أوروبا لمشروع الشراكة الأورو- متوسطية، الذي يقوم على أساس نفي وجود الهوية العربية الموحدة، بل أكثر من ذلك، فإن هذه الشراكة تدفع إلى التطبيع الاقتصادي والسياسي والثقافي مع إسرائيل، كما أن هذا المشروع غير متكافئ بين الطرف الأوروبي والعربي، فالجانب الأوروبي يعتبر نفسه طرفًا واحدًا متكاملًا بالرغم من وجود دول فيه غير متوسطية- بينما يكون حضور جامعة الدول العربية كمراقب -بالإضافة إلى أن الدول الأوروبية تتعامل في الواقع مع الدول العربية بشكلٍ منفرد أي كل دولة على حدة.                            

كما تم ذكر التحديات البينية التي تواجه التكامل الاقتصادي العربي، والتي تشمل التحديات السياسية والاقتصادية والتحديات التنموية والبنيوية العربية مثل: انخفاض مستوى التنمية، وضعف انخراط القطاع الخاص، وعدم تفعيل المؤسسات والاتفاقيات، وعدم الاهتمام بالتتابع والبرمجة الزمنية.

ويظل التساؤل الأكثر إلحاحًا إلى متى سيظل العرب يخططون لاستراتيجيات النهضة العربية والتنمية العربية المشتركة وتظل مجردَ حبرٍ على ورق ؟ وأهم هذه الاستراتيجيات، “استراتيجية مجلس الوحدة الاقتصادية العربية(2000-2020)”، التي أقرها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في اجتماعه الثالث والسبعين المنعقد في بغداد 7/6/2001، التي تناولت محاور هامة نذكر منها :

(استكمال منطقة التجارة الحرة العربية، إقامة اتحاد جمركي عربي، إقامة منطقة استثمارية عربية، برنامج تحرير الاستثمار، تطوير الأسواق المالية العربية والربط بينها، إقامة منطقة تكنولوجية عربية، تحقيق الترابط مع مراحل التكامل النقدي، إقامة منطقة مواطنة عربية).


([1]) حربي محمد موسى عريقات، “التكامل الاقتصادي العربي وتحديات ظاهرة العولمة”، مجلة بحوث اقتصادية عربية، العدد 20، 2000 ، ص . 62

([2]) التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005، الجزء الثالث عشر، ص: .02

([3]) نفس المرجع السابق، الجزء الثالث عشر، ص:03 .

([4]) محسن الندوي، تحديات التكامل الاقتصادي العربي في عصر العولمة، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت لبنان، طب 1 ، 2011 ص:113

([5]) محسن الندوي، تحديات التكامل الاقتصادي العربي في عصر العولمة، مرجع سابق، ص:114

([6]) شقير محمد لبيب ، الوحدة الاقتصادية العربية: تجاربها وتوقعاتها، بيروت مركز دراسات الوحدة العربية، 1986، ج2، ص913-915

([7]) الجراد خلف محمّد ،“تأثير البنية الاجتماعية الاقتصادية على العملية التنموية في العالم الثالث والوطن العربي”. في مجلة شؤون اجتماعية، التي تصدر عن جمعية الاجتماعيين بالشارقة، السنة 9، العدد 36، (شتاء 1992م/ 1413هـ)، ص37-69.‏

([8]) المؤسسة العربية لضمان الاستثمار في الدول العربية، سلسلة دراسات اقتصادية واستثمارية، الكويت، د.ت، ص:21‏

([9]) شقير محمد لبيب ، الوحدة الاقتصادية العربية… ج2،  مرجع سابق ، ص919‏

([10]) حماد مجدي، “المنظمات الإقليمية ومسألة الوحدة”، مرجع سابق، ص118‏

([11])  مجلة السياسة الدولية ، العدد 139 ، يناير – كانون الثاني 2000 ، ص 296-302

([12]) المصدر نفسه، ص 296 .

([13]) المجذوب أسامة ،” العولمة و الإقليمية مستقبل العالم العربي في التجارة الدولية” ، مرجع سابق، 2001 ،  ص: 65

([14]) عبد الفتاح الرشدان “العرب و الجماعة الأوروبية في عالم متغير”، مركز الإمارات للدراسات و للبحوث الاستراتيجية، الإمارات العربية،  الطبعة الأولى: 1998 ص: 58

([15])  أحمد جلال وهوكمان، محرران، “الاندماج الاقتصادي العربي”، المركز المصري للدراسات الاقتصادية، القاهرة. 2004

([16])  – Escribano, G., “Euro-Mediterranean Versus Arab Integration: Are they Compatible”, International Conference on Arab Development Challenges of the New Millennium, Rabat. 2000

([17]) – Aggrawal, V. K. and E. A. Fogarty. “Between Regionalism and Globalization: European Union Interregional Trade Strategies”, in Aggrawal and Fogarty, eds., EU Trade Strategies between Regionalism and Multilateralism, Palgrave. , 2004.

([18]) مجلة شؤون اجتماعية، التي تصدر عن جمعية الاجتماعيين بالشارقة، الإمارات العربية، السنة 9، العدد 36، (شتاء 1992م/ 1413هـ)، ص37

([19]) مجلس التعاون لدول الخليج العربية: نظامه وهيكله التنظيمي وانجازاته، الأمانة العامة ،الرياض، السعودية، ص137.‏

([20]) مجدي حمّاد “المنظمات الإقليمية ومسألة الوحدة”،مجلة المستقبل العربي، السنة 11، العدد 121، مارس 1989، ص97

([21]) أخذا في الاعتبار أن المجلس غير ممثلة فيه جميع الدول العربية  وتقتصر عضويته على ثماني دول عربية بالإضافة إلى سوريا المعلقة عضويتها حاليًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى