يشهد النظام الدولي الراهن حالة من عدم الاستقرار والفوضى برزت معالمها منذ بداية العقد السابق، ولكنها تجلت بوضوح في السنتين الأخيرتين عبر جملة من المعطيات، أبرزها تراجع الدور الأمريكي في ظل الإدارات الأخيرة وتفضل هذه الإدارات الابتعاد عن الأزمات التي تنطوي على شبهة التورط العسكري والإنفاق المالي، حيث أصبح حساب التكاليف هو المعيار الأساسي لأي نشاط خارج الحدود الأمريكية.
وتزامن هذا التطور مع بروز قوى عديدة تسعى لأن يكون لها أدوار فاعلة في السياسات الدولية، انطلاقًا من الاعتقاد بأن موازين القوى العالمية لم تعد كما كانت سابقًا ما يستدعي إعادة ترتيب الأوضاع الجيوسياسية العالمية بما يتوافق مع هذه التطورات المستجدة، وتكشف التحركات الصينية والروسية عن هذا التوجه بشكل ٍصريحٍ وواضح،
لكن بعيدًا عن مزاعم ودعاوى القوى المختلفة، يحتاج التحوّل إلى نظام عالمي جديد، أو تغيير في تراتيب مكوناته إلى ما هو أبعد من ادعاء طرف، أو مجموعة أطراف باتوا يمتلكون الحق في صياغة هذا النظام والتحكم بفعالياته ومخرجاته، ذلك أن الريادة والمكانة العالمية تحتاجان إلى جملة من الترتيبات والإجراءات، ينتج عنها اعتراف ضمني وصريح يمنح الشرعية للدور والأدوار الجديدة، فهل هناك ما يؤيد هذه التوجهات؟.
التخبط الاستراتيجي
تميز العقد الأخير في السياسة الدولية بظاهرة التخبط الاستراتيجي في المراكز الرئيسية، وخاصةً لدى قادة النظام الدولي_ الولايات المتحدة الأمريكية_ حيث غلب على السياسيات الدولية الاندفاع المحكوم بالانحياز الشديد في بعض الملفات، والحسابات الاستراتيجية الضيقة نتيجة غياب الرؤية لدى مختلف الفاعلين الدوليين، دون الاقتصار على طرف بعينه.
وإذا كانت الولايات المتحدة راكمت خلال مرحلة إدارة “ترامب” وقد تغلغلت كثيرًا في التخبط الاستراتيجي، فإن من يدعون منافستها، لم ينجُ من فقدان الرؤية وغياب البعد الاستراتيجي في سياساتهم، التي تميزت بـ:
- القفز مباشرة إلى جني الثمار، ويمكن القول أن:”هذه السمة لصناع القرار في السنوات الأخيرة حضرت مع “دونالد ترامب” الذي تعامل بذهنية صانع الصفقات التجارية، وليس صانع سياسات في بيئة دولية معقدة تنطوي على منافسة بين الفاعلين ووجود استراتيجيات متضاربة، الأمر الذي يستدعي وجود وعي استراتيجي حاضر ودائم”.
تعاطف “ترامب” مع ملفات السياسة الدولية بمنطق اللااستراتيجية، لم يلتزم بالاستراتيجية التي أقرها في بداية عهده، وراح يتعامل مع كل ملف من ملفات السياسة الخارجية بالفُرقة وحسب المزاج، وبابتزاز الكثير منهم بأمنهم القومي، ما لم ينفذوا شروط “ترامب” التي تتعلق جميعها بتقديم الأموال للإدارة الأمريكية تحت عنوان المساهمة في تكاليف الحماية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لهم، وكانت نتيجة ذلك:
فقدان حلفاء أمريكا ثقتهم بها، وبدأ بعضهم رحلة البحث عن بدائل أخرى، مثل احتمال عودة اليابان للتفكير بإحياء صناعة الأسلحة لحماية أمنها القومي وسط بيئة معادية، وحيث توجد مشاكل وخلافات حول الحدود البحرية والمياه الإقليمية مع كل من( الصين، روسيا ) وفي أوروبا ارتفعت الدعوات لصياغة أمن أوروبا بعيدًا عن الاعتماد على القوّة الأمريكية، في ظل تهديدات الرئيس “ترامب” بالانسحاب من ألمانيا، كما أن دول الخليج العربي التي طالما اعتبر تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا تاريخيًا، بدأت تبحث عن خيارات أخرى لحماية أمنها في مواجهة إيران التي لا تخفي أطماعها في منطقة الخليج.
ساهم التخبط الأمريكي بفتح الباب أمام قوى دولية وإقليمية لإحياء مطامحها في المنطقة مادامت الظروف مناسبة، وهو ما تسبب في تحويل بعض مناطق النزاعات إلى برميل بارود قابل للانفجار وتهديد الأمن والسلم الدولي.
- ويدخل في إطار التخبط الاستراتيجي السياسات المتسرعة التي يتبعها بعض الفاعلين الإقليميين والدوليين لملء الفراغ الناتج، حسب تقديرات هذه الأطراف، عن انسحاب الولايات المتحدة من مناطق نفوذها، وخاصةً في الشرق الأوسط، والمثالان الروسي والتركي في سورية وليبيا مؤشران قويان على تخبط استراتيجي، وإن كان يعاكس النموذج الانسحابي الأمريكي، ويقوم على توسيع دائرة النفوذ، لكنه يؤدي إلى ذات النتائج، وخاصةً تكريس الفوضى ورفع وتيرة الأزمات في المنطقة لسببين:
- لأن هذا التمدد يفوق قدرات هذه الأطراف على هضمه وإدارته، فالرهان على ضعف المناطق المتدخل بها غير كافٍ للحصول على أدوار معترف بها عالميًا، كما أن المهم كيف يستطيع اللاعب تحويل مخرجات تدخله لصالحه بدل أن يغرق في مستنقع الصراع في مواجهة قوى محلية تدعمها أطراف منافسة؟، والأهم من كل ذلك هل تملك هذه الأطراف الموارد الكافية لإدارة ساحات تدخلها؟، وهنا لا تكفي القوّة العسكرية وحدها التكفل بهذا الأمر ما لم تكن مسنودة بقوة مالية ودبلوماسية، وهنا أيضًا يصح المثالان التركي والروسي رغم أن تركيا حققت في الآونة الأخيرة بعض النجاحات في ليبيا، وتسعى إلى تحقيق مكاسب في البحر الأبيض المتوسط، إلا أن قدراتها لا تمكنها من حسم الصراع لمصلحتها، كما أن احتمالات استنزافها في ليبيا وانزلاقها إلى حرب مدمرة مع الدول المتشاطئة على البحر المتوسط تبدو كبيرة.
وروسيا رغم النجاحات العسكرية التي حققتها في مناطق تدخلها من أوكرانيا إلى سورية وليبيا، إلا أنه في جميع الحالات عجزت عن تحويل انتصاراتها العسكرية إلى نتائج سياسية، وكلما طال أمد فشلها في ذلك، تصبح احتمالات غرقها في هذه المناطق واردة بشكل ٍكبيرٍ.
- لأن هذه الأطراف بنت استراتيجياتها على فرضية خاطئة وهي انحدار القوّة الأمريكية وتقهقرها، إذ ثمّة فرق كبير بين مغادرة السياسات التداخلية النشطة، وبين تراجع القوّة والإمكانية، حيث لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية القوة الأولى في العالم على كافة الصُعد، ورغم ما يقال عن الصعود الصيني، إلا أنه من غير المرجح أن تتفوق الصين على القوّة الأمريكية، ولا حتى تتساوى معها في المدى المنظور، حتى تصبح هي القوّة الأولى وتتراجع الولايات المتحدة عن مرتبة القوى الأولى في العالم، ولا تزال لدى الولايات المتحدة القدرة على استنزاف خصومها وإغراقهم بالأزمات، ويكفي أنها لا زالت قادرة على تهديد الصين في أجوائها ومياهها الإقليمية، وتفرض عليها عقوبات تؤثر على اقتصادها بشكلٍ كبيرٍ.
التحول في مفاهيم العلاقات ومعايير التوازنات.
شهد مفهوم القوّة في العلاقات الدولية تغيرات هائلة في معناه وشموليته، وقد ساهمت التغيرات التقنية والتكنلوجية والتطور الرقمي في هذا التغير بقدر ما ساهمت في تعقيد العلاقات بين الدول.
وإلى وقت قريب في مطلع تسعينيات القرن الماضي، كانت القوّة أو القدرة العسكرية تمثل المعيار الأول للقوة المستخدمة في تحليل العلاقات الدولية، إلا أن حادثة سقوط الاتحاد السوفيتي، كشف حقيقة أن القوّة العسكرية المجردة لم تعد وحدها العنصر الوحيد في مفهوم القوّة، وقد التقط المفكر الأمريكي “جوزيف ناي” هذا التحوّل ويقوم بتوسيع المفهوم ليشمل” القوّة الناعمة” ؛ لكي يتلاءم مع طبيعة البيئة الجديدة للعلاقات الدولية التي يتزايد فيها حجم العلاقات الاقتصادية والسياسية، وترتكز على البعد الثقافي والقيم السياسية وجاذبيتهما، ومن خلال هذه التوليفة، تستطيع الدولة تحقيق أهدافها والوصول إلى ما تريده دون استخدام “القوة العسكرية الصلبة”.
بالتوازي مع ذلك ظهر مفهوم “القوّة الذكية” كأحد تطورات مفهوم القوّة، والمقصود منه المواءمة بين القوتين “الصلبة والناعمة”، ومعرفة السياقات التي يجب استخدامها فيها والتوقيت المناسب لذلك، وتُظهر التجارب العالمية صعوبة في تحقيق هذا النمط الجديد؛ بسبب التغيرات المتسارعة في الوقائع والتخبط في استراتيجيات الفاعلين.
غير أن أحدث تطورات مفهوم القوّة تمثلت “بالقوة الإلكترونية”، فقد شكّل التطور الإلكتروني مفهوم القوّة بشكل جديد، ومع انتشار الأنترنت وتوسعه، أصبح واحدًا من أهم العناصر المؤثرة في النظام الدولي، وساهم في التأثير باتجاهات الأحداث والتحكم بمساراتها، سواءً على المستوى المحلي للفاعلين، أو على مستوى العلاقات الدولية وتصنيف الفاعلين الدوليين.
وتمتاز القوّة الإلكترونية بأنها قوّة رخيصة وغير مكلفة، أما فعاليتها فهي توازي، في بعض الأحيان، فعالية حاملات الطائرات وأكثر أنواع الأسلحة فتكًا، فقد ساهم هذا النمط في إحداث ثورات عالمية كان الربيع العربي أحدها، كما ساهم في تغييرات مهمة على كافة المستويات (السياسية والعسكرية والاقتصادية).
لازال العالم يتذكر التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية سنة 2016 لصالح المرشح الجمهوري” دونالد ترامب”، والنتائج المذهلة المتمثلة في توجيه السياسة الأمريكية بما يخدم الصعود الروسي، أو يمنحه فرصة لبلورة قدراته ما كانت لتتوفر مع إدارة ديمقراطية، أي مع وصول المنافس “هيلاري كلينتون” ذات الخبرة الأعمق في الاستراتيجيات الروسية.
وبواسطة القوّة الإلكترونية تم في عام 2012 تعطيل أجزاء كبيرة من البرنامج النووي الإيراني، حوالي 1600 جهاز كمبيوتر، عبر فيروس ” ستاكس نت”، وقد تبنت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية هذا الهجوم، وبرزت أيضًا ظاهرة القرصنة الإلكترونية وسرقة بطاقات الائتمان واختراق مواقع اقتصادية وبنوك، فضلًا عن فضح أسرار الحكومات ونشر وثائق سرية تدين أنشطتها، مثلما فعلت جماعة ” ويكيليكس”.
وقد أسهمت التطورات التكنلوجية في ظهور أنماط جديدة من الأسلحة، وخاصة ًالطائرات المسيّرة، ذات التكاليف المنخفضة والقادرة على إحداث تأثير كبير وتغيير مسارات الحروب، في أكثر من مكان في العالم، وقد بدأ استخدامها بكثافة في ساحاتٍ كثيرةٍ نظرًا لفاعليتها ومنافسة القوى للأسلحة التقليدية ذات الكلفة العالية.
ساهمت هذه التغيرات في تغيير معايير القوّة، وادخال عناصر جديدة لتعريف القوّة ليشتمل على توليفة تقوم على القوّة التكنلوجية والرقمية والمالية، بالإضافة إلى عناصر القوّة الصلبة، وقد كان نتيجة ذلك إحداث تغيرات في بنية النظام الدولي وترتيب الفاعلين في إطاره.
- دخول دول جديدة، رغم صغر حجمها وضآلة قوتها العسكرية، على خط الفاعلين الدوليين، وذلك إما لامتلاكها القوّة التكنولوجية، مثل دول شرق أسيا، أو لامتلاكها المال مثل دولة الإمارات العربية.
- تعزيز حضور الفاعلين غير الدوليين في فضاءات الفاعلية الدولية، وخاصةً الأفراد والمنظمات والشركات، وباتت هذه الأطراف تملك أشكالًا متعدّدة من القوّة والتأثير، وقد أبرزت الثورات والتمردات التي حصلت في العقد الأخير أهمية استخدام الفضاء الإلكتروني من قبل الأفراد وتأثير ذلك على مسار الأحداث عبر نشر الصورة ضمن نطاقات أوسع على مستوى العالم، واحتلت شركات مثل ” أيفون وهواوي” مكانة مميزة بين الفاعلين المؤثرين في الزمن الحاضر.
والنتيجة أنه لم تعد القوّة العسكرية تحتكر مساحة الفعالية في التأثير الدولي، بل أنها أصبحت اليوم لا تمثل الأولوية الأولى، فهناك معايير وقوى أخرى تأتي قبلها، مثل القوة الاقتصادية والقوة التكنولوجية، أي أننا أمام تراجع واضح للمعايير التقليدية لمفهوم وموضع القوة.
لكن ذلك لا يلغي حقيقة مهمة، وهي عدم كفاية عناصر القوّة وحدها لتحديد موازين القوّة في النظام الدولي الحالي، بل القدرة على تحويل القوة الاقتصادية والتقنية إلى قوة سياسية على المسرح الدولي، إذ قد تمتلك الدولة قدرات هائلة على أكثر من مستوى لكنها تتبع سياسات لا تستطيع من خلالها إبراز قوتها مثل حالة أوروبا، التي تتبع سياسة الاكتفاء والابتعاد عن السياسات التداخلية والتأثير في مجريات الأحداث العالمية.
على ضوء ما سبق، يرتسم ميزان قوى جديد لم تعد فيه الولايات المتحدة المهيمن الحصري بل تضطر إلى تقاسم قوتها مع قوى منافسة، ورغم بروز روسيا والصين في عملية تحدي القوّة الأمريكية، إلا أن التوازن الجديد أشمل من ذلك، وبات يشمل أطراف كثيرة تملك عناصر القوّة، على المستوى الإقليمي والدولي، وإن كان ميزان القوى لم يستقر بعد، إلا أن مؤشرات عديدة تدل على تأثيرات قادمة لدول مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وحتى دول أصغر من هذا الحجم.
تجاهل أسس التحالفات.
تتهم أغلب القراءات التي تهتم بمتغيرات قيم السياسة الدولية سياسات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، في إحداث هذه التغيرات، وخاصةً على مستوى العبث بالتحالفات التي قامت منذ الحرب العالمية الثانية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، أي “حلف الناتو”، والتحالف الأمريكي في الشرق الأوسط، وكيف أثرت هذه السياسات في إضعاف هذه التحالفات وتهميشها نتيجة تجاهل الإدارة الأمريكية لأسس هذه التحالفات القائمة على حفظ الأمن في أوروبا والشرق الأوسط نظرًا لأهمية هذه المناطق للمصالح الأمريكية؟.
غير أن الواقع يثبت أن تغيرات المصالح الأمريكية هي التي فرضت هذا النمط من التعاطي، بدليل أن “دونالد ترامب” أكمل سياسات الديمقراطيين وإدارة “باراك أوباما” التي بدأت في تفكيك علاقاتها مع المناطق السالفة الذكر، بذريعة انخفاض قيمتها الجيوسياسية بالنسبة لتوجهات أمريكا في القرن الحادي والعشرين، فلم تعد أوروبا تشكّل السوق المفضلة للمنتجات الأمريكية مقابل صعود جنوب شرق أسيا التي استقطبت الجزء الأكبر من الاستثمارات الأمريكية، كما أدى ظهور النفط الصخري وتحقيق الولايات المتحدة الاكتفاء الذاتي إلى تراجع أهمية التحالف مع دول الخليج.
سبق هذه التغيرات تغيير في طبيعة التحالفات وتحوّلها من تحالفات عسكرية إلى تحالفات ذات طبيعة اقتصادية مثل:( النافتا، والاتحاد الأوروبي، سيان تجمع دول البريكس، وغيرها).
ونتج عن هذه التغيرات أن أصبحت التحالفات أكثر مرونة، وذات طبيعة وظيفية، فالتحالفات قد تكون جزئية ومؤقتة وتتعلق بقضية معينة وتنتهي بانتهائها، وقد تتحالف الأطراف في موضوع محدّد وتختلف إلى حد التناقض في موضوع آخر، أمثلة ذلك كثيرة في النظام الدولي المعاصر، على سبيل المثال : تبدو العلاقات الروسية الإيرانية في سورية علاقات تحالف عسكري في مواجهة الأطراف المعارضة لنظام الحكم والأطراف الداعمة لها، لكن بين الطرفين خلافات كبيرة، حتى في الرؤية السياسية للحل في سورية، كذلك التحالفات القائمة في ليبيا، بعض أطراف التحالفات يختلفون بينهم في ساحات وقضايا أخرى.
الأرجح أن التحالفات القادمة ستكون موضعية ومتحركة، ولن يدوم أي تحالف لعقود أو سنوات طويلة، وستتركز حول قضايا محدّدة في الغالب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على زيادة تعقيد العلاقات بين الدول، وخاصةً في مرحلة ما بعد انتشار وباء “كوفيد_19” وما أحدثه من تأثيرات عميقة في الواقع الدولي والعلاقات الدولية.
خاتمة
يمر النظام الدولي بمرحلة تغيرات كبرى، فلم تعد القوّة فيه حكرًا على طرف، أو قلة من الدول، بل يمكن القول أن القوّة أصبحت موزعة على طيفٍ واسعٍ من الفاعلين، دول وغير دول، ويشهد العالم انتقالًا إلى طور جديد من التطور التقني والرقمي بشكل متسارع ومكثف، وهذا ما يفسر حالة الارتباك التي تسود النظام الدولي
ورغم إيجابيات حالة توزيع القوّة في كونها تلغي هيمنة طرف أو أطراف محدّدة على تفاعلات النظام الدولي، إلا أن ثمّة مخاطر تلوح في الأفق في ظل الوضع الفوضوي الذي يسود العلاقات الدولية في ظل تفكّك القواعد الناظمة للنظام الدولي الحالي وعدم القدرة على السيطرة على المتغيرات المتسارعة والاتفاق على قواعد لإدارة هذه المرحلة.