2020العدد 183ملف سياسي

مواقف “ترامب” تجاه القضايا العربية وتداعياتها

كثيرًا ما تثير أطماع الدول في الموارد المائية الخاصة بدول الجوار العربي أزمات سياسية قد تُشعل الحروب، وتُكثر النزاعات بين الدول على خلفية تقاسم المياه في مناطق تعاني شحًّا فيها ومنها الشرق الأوسط الذي تشكّل الصحاري ( 87%) من مساحته فيما تقع( 50%) من موارده المائية المتجددة خارجه، فبين بعض الدول العربية وجاراتها خلافات عديدة تكوّن أرضية خصبة لنشوب نزاعات وصراعات مسلحة في المستقبل.

أدار “ترامب” أزمة الكورونا 19 باضطراب، حتى بات نصيب أمريكا (الدولة العظمى الوحيدة) هو ربع عدد الإصابات والوفيات على مستوي العالم، ويعود ذلك إلى حد كبير؛ لعدم أخذ إدارة “ترامب” لأزمة الكورونا على محمل الجد ولم تكن إدارته للسياسة الخارجية أقل سوءًا، فقد كانت إدارة استعراضية متقلبة لالتقاط الصور لاستغلالها انتخابيًا (ولعل صورته مع رئيس كوريا الشمالية خير تعبير عن ذلك)، والهدف من علاقات “ترامب” مع الدول الأخرى ليس الأمن القومي لأمريكا ولكن لأمن “ترامب”! ، ولا شيء ينسي النهج العبثي لسياسة “ترامب” الخارجية التي كانت بلا هدف ويشوبها عدم الاستقرار، ولم تسهم في تطوير مصالح الولايات المتحدة في الخارج، بل أزّمت علاقات الولايات المتحدة مع مختلف دول العالم، وعرّضت الشعب الأمريكي لامتحانات صعبة في الداخل، خرج منها الشعب الأمريكي والضمير الأمريكي مثخنين بالجراح واهتزت صورتها في الخارج، وأصبحنا أمام واقع أمريكي جديد يتسم بالانفصام الداخلي.

وقد انتهت الدورة الرئاسيّة الأولى لـ “ترامب” عام (2017م – 2020م) ،وبدأ يستعد لانتخابات الدورة الرئاسية الثانية على أمل أن يُعاد انتخابه، وقد وصف “جورج ويل” في مقالة له في صحيفة “واشنطن” بوست بتاريخ (29يوليو 2020م ) بعنوان له دلالته وهو (انتخاب “بايدن “سوف ينهي كابوسنا القومي الثاني) ، والمفارقة أن قائل هذا القول كاتب ينتمي لطائفة المحافظين في الخريطة السياسية الأمريكية وله مواقف محافظة تجاه القضايا الداخلية والخارجية (د. عبدالمنعم سعيد – الكابوس الأمريكي – الأهرام 5/8/2002م).

فقد اختار “ترامب” الأسلوب السوقي والشعبي على حساب الحقوق والقيم ، فقد ركّز على السلوك الابتزازي الموجه للدول الأخرى، سواء كانوا حلفاء للولايات المتحدة أو غيرهم. وإجمالًا غيرت الولايات المتحدة في عهد “ترامب” عقيدتها الاستراتيجية وتخلّت عن المبادئ الحقوقية التي منحتها شرعية الدول العظمى. فقد أصبحت تتدخل في شؤون الدول دبلوماسيًا وسياسيًا وعسكريًا تحت غطاء من مقولة الحرب المشروعة ؛ لتغيير كل ما يتنافى مع المصالح الأمريكية الراهنة، ويبدو أن سياسة “ترامب” تجاه المواقف الإسرائيلية، ذهبت إلى أبعد ما كانت الإدارات السابقة قد وصلت إليه من انحياز، فإدارة “ترامب” أصبحت تعمل ؛ لتكون لإسرائيل اليد الطويلة التي تصل إلى العرب في أي مكان، وتطالب العرب في نفس الوقت بالتّعامى المتزايد عن العدوان الإسرائيلي المتزايد على العرب، ولا تنظر إدارة “ترامب” إلى مصلحة أي دولة عربية، إلاّ في إطار نظرتها إلى استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، التي تضع أمن إسرائيل في المرتبة نفسها مع أمن الولايات المتحدة.

وإذا كان من المفترض أن المنصب الرئاسي له متطلباته والتزاماته التي يجب الحرص عليها بالنسبة لدولة عظمى، وفي مقدمتها الحفاظ على صورتها الخارجية كنموذج يُحتذي به، والابتعاد عن المواقف المُبتذلة أو التي تحاكي مواقف الدول المستبدة، فإن إدارة الرئيس “ترامب” في أدائها في الأمم المتحدة (كنموذج). نجد مثلًا تصريح “لنيكي هايلى” تقول في مستهل مهمتها كممثل للولايات المتحدة لدى هذه المنظمة الدولية قولها “أنها ستضرب بالحذاء كل من سيجرؤ على انتقاد أو ملاحقة إسرائيل، وهو قول فيه تجاوز لا يليق بقوة عظمى وحيدة، من المفترض أنها تقدم النموذج الذي يحتذي به ، والذي يتسق مع الأعراف الدبلوماسية المتوافق عليها. فهل حصلت “نيكي” على توجيهات رئاسية في هذا الشأن؟ إن أي دبلوماسي يمثل أي دولة في الأمم المتحدة أو غيرها، لا يجرؤ على استخدام مثل هذه العبارات المُبتذلة التي تقترب من لغة “البلطجة السياسية”، إلاّ إذا كان قد أُذنَ له بممارستها، وهو أسلوب على أيّة حال يذكر بالأسلوب الذي اتبعه “خروشوف” وقت أن كان رئيسًا للاتحاد السوفيتي، عندما خلع حذاءه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووضعه أمامه على المنضدة وتوعد به مندوبي الدول التي تنتقد سياسة بلاده.

ونظرًا لتعدد مواقف إدارة “ترامب” بالنسبة للقضايا العربية فإننا سنكتفي لضيق المجال  بتحليل بعض هذه القضايا.

أولاً: النزاع العربي الإسرائيلي:

يلاحظ أن الرئيس “ترامب” في إدارته لتطورات هذا النزاع أنه يتعامل معه كما لو كان يدير أحد شركاته ، حيث أن المحرك الأساسي هو معيار المكسب والخسارة  لحساب إسرائيل.  وكان يركز في اتخاذ القرارات المتعلقة بهذا الصراع بحصرها في دائرة ضيقة اختار أعضاءها وفقًا معاييره الشخصية بغض النظر عن خلفياتهم السياسية أو المؤسسية (سامح راشد- السياسة الدولية “رقم 209 ” يوليو 2017م).

ففي تشكيلة لفريقه الرئاسي المعني بهذا النزاع، كان لافتًا اختيار أربع شخصياتٍ يهوديةٍ وثيقة الصلة ” بترامب” ، ولهذا لم يكن هناك مبالغة في وصف هذه المجموعة بـ “الخلية اليهودية العائلية” وهم “جاسون جرين بلات” المسؤول عن إدارة ملف المفاوضات الفلسطينية، و”ديفيد فريدمان” السفير الأمريكي في “تل أبيب”، وكلاهما يقدمون تقاريرهم مباشرةً لصهر الرئيس “جاريد كوشينر” مستشار “ترامب” السياسي وصهره، ويضاف إليهم بشكل غير رسمي “رونالد لورد” رئيس المؤتمر اليهودي. ولهذا لم يكن مفاجئًا أن تأتي مواقف “ترامب” تجاه إسرائيل بالانحياز الكامل ،وإنّه لم يكن بالعمى السياسي، كما ستبين في عرضنا للقضايا الفرعية التالية:

  1. مسألة القدس:

إن أطماع إسرائيل في القدس ليست أمرًا جديدًا فنجد مثلًا أن “ناعوم جولدمان” الزعيم الصهيوني يتحدث في كتابه الصادر منذ أكثر من عقد والمعنون (إلى أين تذهب إسرائيل؟) مثلًا عن أولوية حق اليهود في القدس، وفي نفس الوقت لا ينكر حق الديانات الأخرى في هذه المدينة المقدسة، لكنه يرفض فكرة تدويلها، كما جاء في قرار الأمم المتحدة، كما يرفض الاقتراح العربي بوضع نظام خاص لها، ويحاول جاهدًا من خلال ما كتبه في التقليل من أهمية حق العرب والمسلمين والمسيحيين التاريخي في القدس، ويدعم حق اليهود وحدهم فيها، على أساس أنه يتمتع بالأولوية بين كافة المطالب المتعددة قائلًا: “أنّه لابد لأيّة تسوية من أن تعترف بهذه الأولوية وتوافق عليها… وهكذا”.

ومن المعروف أنّه بعد حرب 1967م  قامت إسرائيل من طرفٍ واحدٍ باتخاذ القدس الموحدة عاصمة لها، وبدأت تطالب مختلف الدول بنقل مقار سفاراتها من (تل أبيب إلى القدس). إلاّ أنّ مختلف الإدارات الأمريكية المتتالية ظلت تحجم عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ؛لشعورها أن ذلك سيثير غضب الشعوب العربية الإسلامية لمكانة القدس الروحية لديها.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه الدستور الأمريكي عن أن السياسة الخارجية من صميم واختصاص رئيس الجمهورية تبعًا لمبدأ توازن السلطات، وإذا اعترض رئيس الجمهورية على تشريع أقره “الكونجرس” عندئذ يسقط قرار “الكونجرس”، ما لم يؤكد “الكونجرس” بمجلسيه في تصويت جديد وبأغلبية الأصوات نفس القرار ، وهو ما يسمونه Sense”  Congress” رأي “الكونجرس” ،التشريع في هذه الحالة أي (رأي “الكونجرس ” يعتبر قرارًا مخففًا غير ملزم للرئيس بوجوب تنفيذه، وذلك تبعًا لمبدأ توازن السلطات، وهذا ينطبق على القرار الذي صدر في عام 1996 م بنقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب إلى القدس)، والذي لم ينفذه الرؤساء الأمريكيون السابقون على الرئيس “ترامب” سواءً كانوا جمهوريين أم ديموقراطيين انتظارًا لحلٍ شاملٍ لمشكلة النزاع العربي الإسرائيلي وعلى ضوئه يتحدد الوضع النهائي لمدينة القدس وغيرها من المسائل المتفرعة عن هذا النزاع.

وتجدر الإشارة هنا أن الرئيس “ترامب” قرر في بداية رئاسته تجميد هذا القرار وكان ذلك من أبرز وعوده الانتخابية الأولى ثم عاد واتخذ في( مايو 2018م) قرارًا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وسط احتفالٍ كبيرٍ حضرته ابنته وزوجها “كوشينر”  دون الأخذ في الحسبان الاعتبارات الأخلاقية والقانونية، فلم تكن مواقف العرب والمسلمين من مدينة القدس تعني كثيرًا لدى “ترامب”، فهو كرجل أعمال سابق يسعى دومًا لعقد الصفقات الكبرى، وضرب عرض الحائط بالقرارات الدولية ذات الصلة.

ورغم أن قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقدس قضت بأنها مدينة دولية يتعين أن  تديرها منظمة الأمم المتحدة، وهو قرار للمفارقة وافقت عليه إسرائيل خلال التصويت على قرار التقسيم عام 1948 م ، وقامت إسرائيل بعد حرب 1967 م  بضم الجزء الشرقي من مدينة القدس رغم أن السكان العرب فيها كان يشكلون أغلبية سكان هذا الجزء على مدى القرن الماضي، ولكن إسرائيل قامت بضمها واتخذت القدس (الموحدة) عاصمة لها.

  • حول أطماع إسرائيل في الضفة الغربية:

لقد استطاعت إسرائيل أن تتموضع في المنظور الاستراتيجي الأمريكي على أساس أنها تخدم المصالح الأمريكية وتحميها، وأن تكون إدارة التأديب والترويض والسيطرة على المنطقة بأسرها حفاظًا على المصالح، وأنها لكي تحقق هذه الأهداف يجب أن تظل الأقوى عسكريًا، وهو ما تم تحقيقه.

وفي هذا الإطار فإن إعلان القادة الإسرائيليين عن نيتهم ؛ لضم الضفة الغربية، وهو ناجم عن شعور قادتها بفائض القوة لديهم، الذي حرك رغبتهم في الضم ولتكبير مساحة الأرض الواقعة تحت سيطرتها ؛ لتتسق مع قوتها النسبية. وفي الحقيقة أن المساعدات العسكرية الأمريكية المتواصلة لإسرائيل، أصبحت تشكل خطرًا شديدًا ليس على دول المنطقة العربية فقط، وإنما بالنسبة لأمريكا نفسها. فسوف يجئ وقت ستجد أمريكا نفسها غير قادرة على كبح جماح الأطماع الإسرائيلية، وسوف تجد الولايات المتحدة أنها تُدخل نفسها في نزاعات مع دول لم يكن من أهدافها من البداية أن تكون طرفًا في مثل هذه النزاعات معهم.

وقد أيدت إدارة “ترامب” في البداية التوجه الإسرائيلي نحو ضم الضفة الغربية لإسرائيل، ولكن “ترامب” قرر إرجاء التأييد العلني لهذا القرار لعدة اعتبارات من بينها:

  1. اعتراض المملكة الأردنية القوية على هذا الاتجاه والتحذير من تداعياته السلبية على اتفاق السلام مع إسرائيل وعلي العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة، إضافةً لرفض أغلب الدول العربية لهذه الصفقة، ورفض السلطة الفلسطينية القاطع لها وتجميدها كل علاقاتها مع إسرائيل.
  2. اعتراض شرائح كبيرة من المسيحيين الأنجليين على هذا الاتجاه. فالمسيحيون الأنجيليون يشكلون قاعدة انتخابية كبيرة بالنسبة لـ”ترامب”، وما يهتمون به تحديدًا “هو تحقيق السلام مع إسرائيل”، وقد أبدي جانب منهم اعتراضه علي اتجاه “نيتانياهو” لضم الضفة الغربية، لأن تداعياته – في تقديرهم – ستحدث اضطرابات في المنطقة، ولو أعلن “ترامب” تأييده العلني له، فأن ذلك سيؤثر سلبًا على دعمهم لـ”ترامب” في الانتخابات الرئاسية القادمة، وسيفقد الكثير من أصواتهم، وهو أمر حيوي بالنسبة لـ”ترامب” في الانتخابات الرئاسية ووصلت الرسالة التحذيرية لـ”ترامب”، فقرر إتباع أسلوب الصمت تكتيكيًا انتظارًا لموعد الانتخابات، وهو ما يفسر تصريح “بومبيو” أن مسألة ضم الضفة الغربية هي “شأن إسرائيلي”، الأمر الذي يضف نوعًا من الغموض على موقف “ترامب” النهائي. وفي اعتقادنا أنه لو نجح “ترامب” في الانتخابات فإنه سيفصح عن تأييده للتطلعات الإسرائيلية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن: سعي إسرائيل الحثيث لانتزاع اعتراف الفلسطينيين بـ “يهودية الدولة” هي الأداة التي تجعل الدولة – في نظرها – قادرة على سن القوانين الرامية إلى مصادرة أراضي العرب باعتبار أن الاستيطان اليهودي استيعاب الهجرة اليهودية وهي قيمة أساسية في أساس المصلحة العامة لدولة إسرائيل ولو تناقض ذلك مع حقوق المواطنين غير اليهود، وضمنها حقوق الملكية كما أن “يهودية الدولة”، كهدف قيامها وأساسه جعلت إسرائيل ترفض تطبيق حق عودة اللاجئين، مع أنّها رسميًّا وافقت على قرار التقسيم وإقامة دولة يهودية من المفترض أن يكون ما يقرب بعد نصف سكانها من العرب قبل أن تعمل على تهجيرهم، واحتلال أرض الدولة الفلسطينية أيضًا، وهدم القرى العربية. وأسطورة “الشعب اليهودي” التي تجاوزها العصر ومطالبة الشعب الفلسطيني بالاعتراف بـ “يهودية الدولة” هي محاولة للجاني ؛ لانتزاع اعتراف الضحية لإقرار بمشروعيّتها التاريخية.

ولم يكن” Wendy R. Sherman” في مقاله بمجلة “السياسة الخارجية،” مبالغًا عندما وصف إدارة الرئيس “ترامب” للسياسة الخارجية بأنه دمّرها؛ لتبنيه مواقف تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وفي شرحه لرؤيته تفصيلًا أوضح أنه “في العديد من القضايا تتكون سياسة “ترامب” الخارجية بشكل أساسي من سلسلة من التغيرات الخالية من أي هدف أو معنى أو استراتيجية يمكن تمييزها… ونتيجة لإخفاقات “ترامب”، فإن الشرق الأوسط أصبح أبعد ما يكون عن السلام. فقد كانت خطة السّلام التي وضعها صهر “ترامب” “جاريد كوشينر” سريّة للغاية، ولا يوجد هدف واضح لسياسات “ترامب” بخلاف التقارب الشخصي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نيتنياهو”…. ومن الجدير بالملاحظة أن بعض العسكريين الإسرائيليين لم يتقبلوا فكرة الضم لأنها ستشكل أعباء أمنية إضافية على إسرائيل، كما أن عددًا آخر من الإسرائيليين اعترضوا عليها ؛لأنها ستغير الطابع اليهودي والديموقراطي لإسرائيل .

  • حول صفقة القرن:

يري بعض الكتاب أنها صيغة لدفع الفلسطينيين للتنازل عن حقهم السيادي في إقامة دولتهم مقابل حفنة من الدولارات سيدفع العرب معظمها. ويضغط الجانب الأمريكي على الجانب الفلسطيني بشتى الطرق ؛ للتخلي عن أي مرجعيات دولية بشأن إقامة الفلسطينيين في اجتماعٍ خاصٍ عقده في مجلس الأمن بتاريخ (23/7/ 2019 م )، أعلن “جاسون جريد بلات” محامي “ترامب” الخاص والمفاوض الدولي، دعا فيه إلى نسيان قرارات الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي.

فالصفقة تستهدف تغييب الحديث بأي شكل عن أي دولة فلسطينية والإبقاء على المستوطنات الإسرائيلية، ومنح الفلسطينيين مواطنة من الدرجة الثانية، في ظل نظام التفرقة العنصرية، وإنهاء أي مظاهر للسلطة الفلسطينية، والمفارقة أن مجموعة من اليهود الأمريكيين المؤثرين في صنع القرار في البيت الأبيض انتقدوا علنًا في منشور مفتوح خطة “ترامب” لتجاهلها الحل السياسي، ودافعت بقوة عن حل الدولتين، ومؤكدة أن الأهم بالنسبة للفلسطينيين هو إقامة كيان للدولة الفلسطينية قبل الحديث عن الأوضاع الاقتصادية، وأن الخطة مجرد سراب وخليط مشوه من مبادرات سابقة (رضا شحاته، فقه أم سلام مراوغ، ش. ع 179 – خريف 2019م).

وتعددت أشكال الضغط على الجانب الفلسطيني سواء من قطع المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين “الأنروا” وإغلاق القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وهذا للإجراءات وغيرها تشكل – في تقديرنا – ملامح شرق أوسط جديد تسعي إدارة “ترامب” لتحقيقه، وهو موقف يمثل خطرًا على المنطقة العربية بأسرها.

وإدارة “ترامب” بمواقفها الهوجاء والمتناقضة مع قرارات الشرعية الدولية، تضيف صفحةً سوداء إلى سجل المواقف الأمريكية السابقة المنحازة لإسرائيل، وتعقد الجهود لإقامة سلامٍ عادلٍ وشاملٍ، وستعرض شعوب المنطقة للمزيد من المآسي وقد يقود ذلك إلى تجدد الانتفاضة وحدوث مواجهات مسلّحة، رغم ارتفاع تكاليفها وعظم تضحياتها، ولكن للصبر على الظلم الفادح حدود.

إن بقاء إسرائيل يعتمد بشكلٍ حاسمٍ على الدعم السياسي والمساعدات العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تقدّمها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يشجع إسرائيل على عدم احترام مبادئ القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان، ويدفعها إلى استخدام أسلوب غطرسة القوة، ولعلها تعلم أن عنصر القوة هو بطبيعته عنصر متغير في العلاقات الدولية.

ثانياً: بعض مواقف إدارة “ترامب” من الأزمة السورية.

يمكن القول إجمالًا أن: المواقف الأمريكية من الأزمة السورية أسهمت في إطالة أمدها وتعقيدها، فكلما وصلت إلى نقطةٍ حاسمةٍ تبشر ببداية حل سياسي لها، تسارع “واشنطن” إلى إحداث عقبة أمام هذا الاحتمال وإعادة الأزمة إلى المربع الأول، وظهر ذلك بوضوح في التعامل مع معضلة “إدلب”.

ومثال آخر وهو اتهام الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيماوية فقد أوردت تقارير لم يتم التأكد من صحة مضمونها، تفيد بهجوم الأسلحة الكيماوية ضد مدنيين سوريين في مطلع 2017م وإبريل 2018م ، واتهمت المعارضة والدول المتدخّلة في الأزمة السورية، الحكومة السورية بالضلوع في هاتين العمليتين. وقامت إدارة “ترامب” بتنفيذ هجوم عسكري على قاعدة الشعيرات، تتمثل في قيام قوة بحرية مكونة من ثلاث قوى دولية (أمريكا، فرنسا، بريطانيا) مُشكلة من ست مدمرات وغواصة في (13/4/2018م) بذريعة اتهام النظام السوري باستخدام أسلحة كيماوية في “منطقة دوما” وسارعت الولايات المتحدة بهذا الهجوم ومتجاهلة مطالبة الحكومة السورية بإيفاد لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الوقائع المنسوبة إليها ومصدر الغاز المستخدم.

واتصالًا بمثل هذه المواقف التي تدعي البحث عن العدالة، فلا ينسَ السوريون تحرك عشرات الشاحنات يوم (13/11/2017م) لنقل مئات المقاتلين المتطرّفين المنتمين ل”داعش” بأسلحتهم من “مدينة الرقة” وتحت حماية جوية أمريكية محكمة بحجة أنهم سلّموا أنفسهم طواعية، وبالتالي لا ينطبق عليهم أحكام معاهدة “جنيف” بشأن أسرى الحرب. وهو أمر يثير التساؤل المبرر، لماذا قامت “واشنطن” بتوفير الحماية للمتطرفين على هذا النحو السّافر رغم أنهم ارتكبوا جرائم عديدة ضد الشعب السوري؟!!.

وتجدر الإشارة إلى حادث سقوط إحدى طائرات العالمية عام 1998م على إحدى المدن الهولندية وتسببت في دمار واسع النطاق في الأرواح والممتلكات، واتضح أنها اقلعت من مطار” شيبول “الهولندي وكان على متنها 20 طنًا من غاز السارين المدمّر للأعصاب والقاتل، وكانت هذه الشحنة مرسلة من الولايات المتحدة إلى مركز البحوث البيولوجية في بلدة “نس تسونيا” التي تبعد 25 كم عن “تل أبيب”، وهو مركز متخصص في إنتاج غاز الأعصاب القاتل ويعتبر أساسًا للبرنامج الإسرائيلي للأسلحة الكيماوية والبيولوجية وقد كتبت صحيفة (هآرتس) في عددها بتاريخ (4/10/1998م) أنه يوجد بهذا المركز 300 فرد يعملون به من بينهم 120 عالمًا وحوالى 100 فني، ويتم الاحتفاظ في مختبراته السرية المعروفة باسم (بي 3) التي تصنع السموم القاتلة بفيروسات وجراثيم بكتيرية. ورغم أن إسرائيل سبق أن وقّعت على اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيماوية لكنها لم يصدق عليها حتى تاريخه (حسب ما لدينا من معلومات) وتم التعتيم على هذا الحادث وتداعياته بشكلٍ كاملٍ.

ومثال آخر نجده في خطوة اكُتشفت مؤخرًا عن  أطماع إدارة “ترامب” في نفط سوريا، أنه تم السماح للقيادي الكردي “مظلوم عبيدي ” بتوقيع اتفاق مع شركة أمريكية لاستثمار نفط شرق الفرات، وهو ما يعتبر خطوة سياسية تمهّد للاعتراف بالإدارة الذاتية الكردية وضمان بقاء الجيش الأمريكي بحجة حماية النفط، مما يشجع هذا الجزء من سوريا على الابتعاد أكثر فأكثر عن سيطرة الحكومة السورية، وقد يمهد لانفصال الأكراد. وقد أعرب “بومبيو” وزير الخارجية الأمريكي عن دعم “واشنطن” لهذه الخطوة وواصفًا توقيع اتفاقه مع شركة أمريكية على أنّه أفضل وسيلة لمساعدة الجميع في هذه المنطقة”.

ويلاحظ أن هذا الاتفاق تم توقيعه دون المرور عبر موافقة الحكومة السورية التي مازالت السلطة المركزية، ويُعدّ انتهاكًا واضحًا لسيادتها على أراضيها، ويعمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها دمشق، ففي الوقت الذي يتم فيه تطبيق قانون “قيصر” على سوريا، يتم فيه توقيع مثل هذا الاتفاق الذي لم تلتزم فيه “الإدارة الذاتية الكردية” ببنود الاتفاق الذي أبرم في( أكتوبر 2019م).

وما تقدم على أية حال يوضح عينة لسياسات إدارة “ترامب” المتخبطة تجاه الأزمة السورية وإطالة أمدها والأمثلة السابقة هي جزء من مجموعة أمثلة، الأمر الذي جعل كتاب أمريكيين في مجلة “فورن بوليسي” يصفون سياسة “ترامب” بأنها عدوانية وتزيد من اشتعال الصراعات بالتدخل المباشر الذي يتسم بتعبير الاستهدافات والخصوم، ولا تتخذ أي سياسات لمعالجة هذه الصراعات بل تتبع سياسات “الفوضى” غير الخلاقة إذا ما استعرنا بشكل معكوس ما عرف باسم سياسات (الفوضى الخلاقة)Foreign Policy” 16.4.2018″ التي انتهجتها “واشنطن “من قبل في الشرق الأوسط.

والسؤال هو هل تحاول إدارة “ترامب” أن تنسي شعوب المنطقة ما فعلته أمريكا بالشعب العراقي باستخدام اليورانيوم المنصّب في قذائفها التي ظلت تلقيها على هذا الشعب؟، أو سياسة الأرض المحروقة التي طبقتها في فيتنام، وهل تناست إدارة “ترامب”، ما تداركته إدارة “أوباما” في احدى عمليات اتهام النظام السوري باستخدام الغاز الكيماوي، كان مصدره غاز السارين التركي ولذا أحجم عن توجيه ضربةً لسوريا في حينه.

ثالثاً: تداعيات انسحاب “واشنطن “على الاتفاق النووي مع إيران.

لقد أشاع “ترامب” الاضطراب على المستوى الدولي بإعلانه انسحاب بلاده من عدد من الاتفاقيات الدوليّة الهامة، ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية متوسطة المدى، واتفاقية المناخ الدولية وغيرها، بحجة أن هذه الاتفاقات عرقلت مصالح أمريكية، فضلاَ عن زعزعة الاتفاقيات التجارية الهامة مع (كندا والمكسيك)، وتغيير جوهر سياسات الهجرة الأمريكية وتسيسها، باستبعاد رعاية عدة دول منها، وبصفةٍ خاصةٍ من الدول العربية والإسلامية. وفي كل هذه المواقف وغيرها خاض معارك ضيقة وشخصية حاول فيها أن يثبت أنه رئيس يختلف عن “باراك أوباما” ويبرز عنه، وسيطر عليه هاجس إعادة عظمة أمريكا مجددًا.

كما تم انسحاب “واشنطن” من الاتفاق النووي مع إيران والذي كشف بوضوح أن الولايات المتحدة مثالية في بياناتها ومريبة في تطبيقها. فقد التزمت الصمت في نفس الوقت عن إسرائيل النووية والتي تتبني موقفًا معلنًا قائمًا على الغموض الاستراتيجي، رغم أنه ما من شكٍ في كونها قوة نووية تمتلك ما بين 100 إلى 400 سلاحًا نوويًا، وتوفر لها ترسانة للردع الاستراتيجي، تشجع إسرائيل على التصرف بعدوانية والتوسع في الأراضي الفلسطينية المحتلّة  وهناك توافق عام في المنطقة بأن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل يمنحها قدرات هجومية فائقة تستغلها في إضعاف جيرانها واستمرار عدوانها على دولهم وابتلاع أراضيهم المحتلة، وجعل إسرائيل تتخيل نفسها كحوت كبير في بركة تضم أسماكًا صغيرةً.

وفي الواقع أن الهدف الأساسي من انسحاب “ترامب” من الاتفاق النووي هو توفير الأمن المطلق لإسرائيل، علمًا بأنه – في تقدير الخبراء أن إيران لن تكون قادرة على إنتاج قنبلة نووية – إذا كان لديها الرغبة في ذلك إلا بعد عدة سنوات، وهي في الواقع تهدف لحماية نفسها من تهور القيادة الإسرائيلية وتهديداتها المتواصلة لإيران.

وليست الأزمة الإيرانية الأمريكية سوى تمهيد لإعادة ترتيب الأوضاع السياسية في المنطقة واستخدامها في نفس الوقت كفزّاعة لدول الخليج العربي بصفةٍ خاصةٍ، لابتزاز أموالها في اطار تجارة التهديد والحماية التي برع فيها “ترامب”، وفي الإمكان التوصل لاتفاق وضمانات دولية لحماية دول الخليج العربية إذا ما تم تحقيق اتفاق بينها وبين إيران تضمنها  الأمم المتحدة والقوى الكبرى.

لقد أدي موقف إدارة “ترامب” من إيران إلى أحداث توتر وقلق غير عادي في المنطقة العربية في غياب الجهود لإيجاد حل سلمي لهذه المعضلة. ولتذكر أن المواقف السياسية المتطرّفة تهزم غاياتها وتشعل نارًا قد تنتهي بالتهامها والحاق ضررًا بالغًا بأطرافها. والمفارقة الكبرى أن “ترامب” بعد إحداثه هذه الانتكاسات، يصرح يوم (8/8/2020م) أنه لو نجح في الانتخابات الرئاسية القادمة فإنه سيسعي لعقد اتفاقات مع “إيران وكوريا الشمالية”!!

وعلى الجانب الإيراني أن يعدل سياساته الإقليمية تجاه دول الجوار والالتزام لمبادئ حسن الجوار معها وإلا ستستمر جميعها في حالة من الاستنزاف على حساب نهضة وتطور شعوبها.

 رابعاً: التغاضي الأمريكي عن التغّول التركي في الجغرافيا السياسية العربية.

      إن الصمت الأمريكي المريب عما تقوم به تركيا في المنطقة العربية من تغّول في الجغرافيا السياسية العربية الذي وصل مداه إلى ليبيا، ونعتقد أنه مدى لا يمكن أن يتم على هذا الشكل دون ضوء أخضر من “واشنطن”. ولعلنا نتأمل في دلالة مشاركة فرقاطة التركية في مناورات بحرية مع بعض القطع البحرية الأمريكية من بينها حاملة الطائرات “ايزنهاور” في البحر الأبيض المتوسط خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليو  2020م.

وهل يعقل أن تقوم تركيا علنًا بنقل جيش من “المرتزقة” والمتطرفين بالطائرات من سوريا إلى ليبيا، قدّروا بـ 17 ألفًا من دون أن تتلقى مباركة وضوء أخضر من “واشنطن” لعملية ستؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، وإلى إضعاف مختلف الأطراف المتنازعة.. فهل هذا ما تهدف إليه” واشنطن”؟.

إن قراءة و متابعة مسيرة الأحداث في المنطقة العربية نجد أنّه في مقدمة أسباب اندفاع “أردوغان” وتغوله في المنطقة العربية ابتداءً من سوريا ومرورًا بالعراق وانتهاءً بليبيا هو شعوره بأن إدارة “ترامب” لن تعترض على تحركه وستغض النظر على انتهاكاته الصارخة، بل قد نذهب إلى حد القول دعمه من وراء الستار، تارةً للوقوف بوجه الوجود الروسي في المنطقة وتارةً أخرى لإزعاج الاتحاد الأوروبي ورغبة “ترامب” في تفككه. ألم يشجع بريطانيا على الانسحاب منه، ولا يمكن لمراقب سياسي أن يتجاهل سكوت الولايات المتحدة عن اتخاذ خطوات جادة فاعلة ومؤثرة على الموقف التركي وهي قادرة على وقف العربدة والتمدد التركيين على هذا النحو، والذي يهدف إلى الاستيلاء على الغاز الطبيعي الموجود في المياه الإقليمية لكل من “قبرص واليونان”، واكتفاء الولايات المتحدة باعتراضات كلامية لا تعني إلا أن ما تفعله تركيا يوافق هواها. (رجائي عطيه الأهرام في 27/7/2020م).

إن عدم إلقاء والولايات المتحدة بثقلها في ملف الأزمة الليبية يعتبره بعض المسئولين الأوروبيين سلوكًا ينم عن سوء النية، فإدارة “ترامب” تعتبر ليبيا مشكلة أوروبية ،وتري أن كل أزمةٍ كبيرةٍ يقع فيها الاتحاد الأوروبي هي مكسب لـ “واشنطن ” (منال لطفي، الأهرام 27/7/2020م). ألم يصرّح “ترامب” بعد لقاءه بـ”أرودغان”، أنّه حليف عظيم لحلف الناتو وشريك استراتيجي، ويبدو أن إدارة “ترامب” – بعد صفقة شراء تركيا منظومة الدفاع (أس 400) الروسية – حريص على عدم فقد هذا الحليف، ورغم أن تركيا تخرج أحيانًا عن الخطوط المتفق عليها مع “واشنطنً”، فإن إدارة “ترامب” لا تفرّط بهذا الحلف مهما وصلت درجة الخلاف معه. وقد أظهرت الفترة الماضية أن تركيا لا تريد أن تكون خصمًا لإيران أو عدوًا لها، ولكن التمدد التركي في سوريا والعراق يزعج إيران، قد يتطور – في نظر” واشنطن”، إلى صدام محتمل بينهما، وهو هدف تتطلع إليه بشوق، وهو ما يفسر استمرار تركيا توسيع دوائر حركتها الخارجية، بعد أن لاقت تشجيعًا غير مُعلن ؛لأن ذلك من شأنه أن يحقق لـ “واشنطن” مزايا وأهداف استراتيجية في المنطقة العربية، كما تأمل أن يحقق ذلك استعادة أنقرة كاملة وإبعادها عن روسيا وإيران، احتمال وقوع صدام بين “أنقره وموسكو” إن عاجلًا أو آجلًا وهو ما تأمل فيه “واشنطن” في النهاية.

وإجمالًا فإن تطلعات أنقره لاستعادة الهيمنة على المنطقة العربية والتي اكتسبت بطموحات عثمانية جديدة وغلّفتها برداء إسلامي بتبني لبعض قوى الإسلام السياسي في المنطقة، يعّبر في نفس الوقت عن رغبةٍ تركيةٍ ثأريةٍ تاريخيةٍ مكتومةٍ من العرب بصفة عامة، وهو ما يصب في خانة مصلحة “واشنطن” و” تل أبيب”، ويغرق العالم العربي في مزيد من الصراعات واستنزاف قواها.

وختامًا فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو، وهل بعد كل هذه العربدة التي تقوم بها “واشنطن” وبعض حلفائها في المنطقة العربية وفي مقدمتها تركيا، ترى  أملًا في أمريكا كقوة إيجابية في المنطقة. وهل مازالت لها مصداقية؟! لقد أدت مواقف إدارة “ترامب” لفقدان” واشنطن” للفضائل التي صنعت بعض نجاحها أو لنُقل قبولها الجزئي في السابق. وانقسام العالم العربي، والذي لم تكن “واشنطن” بعيدة عن حدوثه، قد يجعل بعض الدول العربية تأمل في نجاح “ترامب” في الجولة الثانية والبعض الآخر يراه ممثلًا لسياسات تتسم بالضحالة والانتهازية ،أوقعت العالم العربي في عدة مآزق. والعيب فينا في النهاية.

إن مواقف “ترامب” تجاه بعض القضايا العربية توضح أن همّه الأول والأخير كان تقديم كل الدعم والتأييد غير المحدود لإسرائيل، ليس فقط لدعم أمنها، فهي ليست مهددة من أي طرف عربي، كما تروّج ولكنه لدعم عدوانها وتوسعاتها فهي الطرف المعتدى دومًا.

والدعوة لإدارة “ترامب” أن تتخذ مواقف أكثر تماشيًا مع مصالحها القديمة وربما يتمشى أيضًا مع مصالح باقي دول المنطقة فالأمن المطلق لإسرائيل معناه انعدام الأمن للدول العربية، والسماح بتوسّعها على حساب العرب سيؤدي في النهاية إلى انفجار المنطقة.

ومن الناحية الأخرى، إن ما تقدم لا يعني إعفاء الأنظمة العربية من مسئولياتها القومية وتناسي تآمرها ضد بعضها البعض، وهو ما حفّز إسرائيل ودول الجوار الأخرى وتصاعد أطماعها التوسعية في المنطقة العربية.

اظهر المزيد

د. مصطفى عبدالعزيز

دبلوماسي سابق وكاتب مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى