2020العدد 183عروض كتب

جدل الحرب والأحلاف في صناعة الشرق الأوسط الجديد

تعيش تركيا لحظة دولية هامة حيث تخطو نحو إعادة تجديد عناصر قوتها الاستراتيجية، وتجديد القوة الاستراتيجية هي العملية الجيوستراتيجية الطويلة التي تعيد خلق تأسيس علاقات الدولة والمجتمع إقليميًا وعالميًا، وفي قول آخر هي عملية مجتمعية معقدة؛ لبناء قومية جديدة تسمح ببزوغ اللاعب الإقليمي الدولي.

أما العناصر الرئيسية الأولى للقوة التركية الجديدة يمكن تلخيصها في التالي ،إن أنقرة تتبع استراتيجية تخطيط دفاع مزدوج المسار ، وذلك بالإبقاء على دورها الرئيسي في جهود الدفاع الصاروخي الباليستي في منظمة حلف شمال الأطلسي بالإضافة إلى المجلس التركي وهو منظمة دولية تضم الدول التي تتحدث التركية ، وتم تأسيسها في(13 أكتوبر 2009) ،وكانت في الأصل( أذربيجان وتركيا وكازاخستان وقيرغيزيا) ،والغرض منها تشكيل كيان يوحد الدول الناطقة باللغة التركية على غرار تكتلات دولية مثل: (الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية) هذا بالإضافة إلى “القوس الهلالي الإفريقي ” ، ويهدف إلى تحقيق نفوذ عسكري أمني وتجاري وتمويلي يشمل (الصومال والسودان ومصر وليبيا )على وجه الخصوص _فمنذ عام 2005 الذي يعتبر عام إفريقيا في تركيا بالتزامن مع سياسة الانفتاح التركية تجاه إفريقيا ازداد الارتباط مع الدول الإفريقية حتى أصبحت تركيا شريكًا مهمًا في التنمية والتجارة والاستثمار في إفريقيا.

أما عن الكتاب فهو مكون من عدة موضوعات هامة تهم القارئ العربي والباحث العربــــــي منها:

الموضوع الأول: بعنوان (الحلف العسكري الإسرائيلي الأمريكي) ، وهنا يشير الكاتب إلى التقارب الأمريكي الإسرائيلي على جميع الأصعدة( عسكرية وسياسية واجتماعيـــة…).إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” تبحث مع دول عربية عديدة إمكانية إقامة حلف عسكري في الشرق الأوسط يكون قادرًا على مواجهة أيران ، وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل ، وهناك إشارات في صحيفة “وول ستريت جورنال” ، أنه من أجل تحقيق هذا الهدف تُجري الولايات المتحدة مباحثات مع كل من :(المملكة العربية السعودية ، والإمارات ومصر والأردن) ومن المفترض ان يكون هذا التحالف ببنيته وقواعده ، التي تنظم العلاقات بين أعضائه شبيه تمامًا بحلف شمال الأطلسي ، وسوف يؤخذ من الناتو بشكل خاص ” مبدأ الدفاع الجماعي ” أي أن الهجوم ضد أحد أعضاء الحلف سيعيد هجومًا ضد الحلف بأجمعه ، كما نقلت الصحيفة أن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات معًا ، كذلك مصر والأردن تنظر إمكانية إنشاء حلف عسكري لمواجهة أيران وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل ، وستكون دول أخرى لاحقًا قادرة على الانضمام إلى هذا التحالف العسكري، لكن الولايات المتحدة أو إسرائيل لن تكون جزء منه.

وهناك إشارة أيضًا أن الدبلوماسيين العرب وضعوا شرطين آخرين:

  • الأول: أنهم على استعداد للتعاون بشكل وثيق مع إسرائيل إذا ما أوقفت الأخيرة بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
  • الثاني: أن موقفهم يتوقف على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقوم بنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس، وهذا ما أعلنت إدارة الرئيس “دونالد ترامب ” في وقت سابق عن النية الأمريكية ما أثار احتجاجات لدى الفلسطينيين وفي الشرق الاوسط.

ومن ناحية أخرى _فمنذ نشأت فكرة إقامة دولة إسرائيلية على أرض فلسطين، والولايات المتحدة الأمريكية تقدم لها كل أنواع الدعم المادي والمعنوي؛ لكى تتفوق على الدول العربية المحيطة بها، وتصبح قوة وأداة تحقق أهداف الغرب في المنطقة والتي تتحد في تجزئة العالم العربي بفصل المشرق العربي عن مغربه، ولا تكون قاعدة متقدمة لردع التهديدات الموجهة للمصالح الأمريكية والغربية ولتحد من خطر المد الشيعي في المنطقة.

لذلك فإن التهاون بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ممتد منذ إنشائها حتى الآن سواء من خلال تحقيق المصالح المتبادلة، أو توقيع اتفاقيات غير معلنة ، أو من خلال اتفاقيات تحدد بأسلوب دبلوماسي مع إنشاء لجان لمتابعتها.

الموضوع الثاني: الذي يتحدث عنه الكاتب هو موضوع بعنوان( حرب سوريا الديمقراطية) ، ونختص بداية ًبالحديث عن أيران وسوريا ، حيث أنهما حلفان استراتيجيان وقدمت أيران دعمًا كبيرًا للحكومة السورية في الحرب الأهلية السورية بما في ذلك الدعم اللوجستي والتقني والمالي ، وتدريب الجيش السوري وإرسال بعض القوات المقاتلة الإيرانية لسوريا. تَعتبر أيران بقاء الحكومة السورية ضمانًا لمصالحها الإقليمية ، وقد أعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية “على خامنئى” في سبتمبر 2011 حكمًا للجهاد لصالح الحكومة السورية ،ووفقًا لفريق الأمم المتحدة في مايو 2012 زودت أيران الحكومة السورية بالأسلحة خلال السنة السابقة على الرغم من فرض حظر على صادرات الأسلحة من الجمهورية الإسلاميـــــة ، وقد استولت السلطات التركية على الصناديق والشاحنات في فبراير 2012.

أما عن تدخل الجامعة العربية في حل الأزمة السورية، فقد طرحت مبادرة بالإجماع تقضى بأن تبدأ المعارضة حوارًا مع النظام لتشكل حكومة وطنية ، ويسلم” بشار الأسد” لاحقًا كامل صلاحياته إلى نائبه بالتعاون مع هذه الحكومة لإنهاء الأزمة ، وقد رحب المجلس الوطني السوري بالمبادرة ، غير أن الحكومة رفضتها.

ثم بعد ذلك استخدمت روسيا والصين حق ” الفيتو ” للمرة الثانية في قرار عربي يدين العنف ويدعم خطة الجامعة العربية لتسوية الأوضاع غير أن تصاعد العمليات العسكرية من جهة ، وفشل المبادرات العربية والدولية من جهة ثانية ، لم يوقف تفاقم الأزمة وبعد مرور السنين انضم الاتحاد الروسي إلى الحرب في سوريا وذلك في سبتمبر 2015 ، حيث وافق مجلس الاتحاد الروسي على النداء الذي وجهه الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين “؛ للسماح باستخدام القوات الروسية في الخارج _على وجه الخصوص_ ، فإنه ينص على استخدام القوة الجوية في سوريا لصالح الحكومة السورية وقد اتخذ قرار بالإجماع من (162) وغياب وامتناع صوت واحد ، وفي عام 2016 أعلنت السلطات السعودية والتركية عن خطتها للتدخل برًا في الأزمة السورية وبينتا أن خطتها هي دعم الجيش السوري الحر وقوات المعارضة الأخرى في سوريا ، وقالت السعودية أن الجيش السعودي والجيش التركي سيدعمان الجيش الحر ضد “داعش” ولن تدعمه في حربه ضد قوات النظام السوري ، وفي أغسطس 2016 دخلت الدبابات التركية برفقة مقاتلين من المعارضة إلى مدينة جرابلس السورية ؛لتبدأ عملية أطلقت عليها اسم ” درع الفرات ” والتي قالت أن هدفها الأساسي تطهير الحدود التركية من تنظيم الدولة وإقامة قوات سورية ديمقراطية من جرابلس.

وانتهت عملية “درع الفرات “في (29 مارس 2017 ) بإعلان من الأمن القومي التركي، وقال رئيس الوزراء التركي:” إن العملية حققت أهدافها وانتهت وأنه من الممكن فيما بعد شن عملية مشابهة في حال كان هنالك خطر على أمن بلاده”.

أما عن الآثار الاقتصادية على سوريا فقد كان للأزمة السورية دور كبير في تراجع الاقتصاد السوري على المستويين الجزئي والكلي، فعلى المستوى الاقتصادي الكلي تراجع حجم الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة عام 2016 خلال عام 2013 ليصبح (33،45 مليار دولار أمريكي ) بعد ما كان حوإلى( 60،19 مليار دولار ) في عام 2010 ، كما أصبح معدل التضخم عام 2013 ( 89،62% ) بعد ما كان( 4،4% ) في العام 2010.

وتغيرت أسعار صرف الليرة السورية مقابل الدولار عدة تغيرات خلال سنوات الحرب السورية حتى وصلت عام 2017 إلى حدود( 500 ليرة) مقابل الدولار الواحد أي عشرة أضعاف سعر الصرف قبل بداية الحرب في 2011 ، وهذا بالطبع أثّر سلبيًا على أسعار السلع وخاصةً المستوردة، وزاد من معاناة سكان البلاد بالعموم.

الموضوع الثالث: في الكتاب فعنوانه (تركيا وحلف الناتو ) حيث تبحث هذه الدراسة تطور دور حلف الناتو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ إنشائه وحتى نهاية عام 2013 ، وقد استندت الدراسة إلى فرضية مفادها أن هناك علاقة ارتباطية بين تنامى التهديدات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبين تنامى دور حلف الناتو في هذه المنطقة ، وقد خلصت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن هذا الدور قد مر بمرحلتين تاريخيتين المرحلة الأولى: التي استمرت منذ إنشاء الناتو عام 1949 وحتى نهاية الحرب الباردة عام 1990 ، وقد اتسمت بغياب التفاعل بين الناتو وقضايا المنطقة.

وعلى العكس من ذلك شهدت المرحلة الثانية: والتي بدأت منذ نهاية الحرب الباردة وحتى نهاية عام 2013 تنامت سلطات الحلف في المنطقة تجسد من خلال العديد من المؤشرات كبناء الشراكات الأمنية مع عدد من دول المنطقة.

الموضوع الرابع: فعنوانه (الحلف السعودي الأمريكي والإماراتي) ، حيث شكلت أحداث (11 سبتمبر 2001 ) في الولايات المتحدة الأمريكية نقطة هامة جدًا في تاريخ العلاقات الدولية إذ فرضت هذه الأحداث تداعيات على جميع دول العالم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، كما ساهمت هذه الأحداث في ظهور مفاهيم ومصطلحات جديدة في السياسية الدولية مثل ” محور الشر ” ،” الحرب على الإرهاب ” وغيرها من المفاهيم التي هدفت أساسًا إلى التأثير في السياسة الدولية ودفعها باتجاه تحقيق أهداف أحادية القطبية الأمريكية وهيمنتها المنفردة على العالم (سياسية واقتصادية وعسكرية).

هذا وكان هناك ضغط من جانب الإدارة الأمريكية على السعودية للعدول عن مواقفها الرافضة للمساعدة في حملة الولايات المتحدة ضد ما تسميه بالإرهاب ؛ مما دفع السعودية إلى المبادرة بإحياء وتنشيط علاقاتها السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية مع دول أخرى في العالم وعلى رأسها( الصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي )؛ فدعت إلى الإسراع في تنفيذ خطوات منطقة التجارة الحرة بين المجموعتين الخليجية والأوروبية.

وقد كانت للاعتبارات الاستراتيجية لعلاقات الصين مع المملكة العربية السعودية ، والمتمثلة برغبة الصين في زيادة فعالية دورها الاقتصادي والأمني والسياسي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بينما قامت القيادة في المملكة بعدة زيارات إلى الدول الأسيوية الفاعلة مثل اليابان هذا إضافة إلى روسيا وألمانيا وفرنسا ، وتم الاتفاق من خلالها على عقد اتفاقيات تجارية خاصةً الاتفاقيات في مجال بيع النفط اعتبرها المحللون السياسيون رسالة واضحة لواشنطن لإحياء سياسة توازن القوى على الصعيد الدولي ، وإن السعودية تمتلك القدرة والإمكانات التي تؤهلها للعب دور فعال سواء على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط ، أو على مستوى العالم الإسلامي ،أو على المستوى الدولي عمومًا من خلال علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية مع العديد من الدول الفاعلة في النظام الدولي.

أما عن دور السعودية في أمن واستقرار المنطقة، فقد تنامى الدور السعودي على الصعيد الإقليمي وخصوصًا بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة بعد أحداث 11 سبتمبر حتى الحملة الأمريكية على الإرهاب، حيث لعبت المملكة دورًا واضحًا في التعامل مع المتغيرات الإقليمية التي نتجت عن هذه الأحداث (حدث في الحرب على أفغانستان عام 2001 وكذلك الحرب على العراق عام 2003).

هذا وقد عانت المملكة من التطورات الإقليمية التي نتج عنها إعلان الولايات المتحدة عن نيتها للهجوم على أفغانستان ضمن الحملة الأمريكية على الإرهاب، فقد استطاعت المملكة بلورت موقف يتوافق مع ثوابت سياستها الخارجية، فلم تقدم أي تسهيلات أو قواعد عسكرية بشكل مباشر للولايات المتحدة في حربها ضد أفغانستان ، كما رفضت قتل الأبرياء والجني على الشعب الأفغاني ،إلا أنها أكدت وقوفها بجانب الولايات المتحدة في مطاردة الإرهابيين والقضاء عليهم.

وتواصل الموقف السعودي الثابت في ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، مع بداية التحضيرات الأمريكية لغزو العراق_ حيث رفضت السعودية تقديم دعم غير محدود لهذا الغزو خصوصًا في ظل التوتر الذي شهدته العلاقات الأمريكية السعودية خلال عام 2002 حتى أوائل عام 2003.

أما بالنسبة لدولة الإمارات فتعتبر ثاني أهم شريك تجارى للولايات المتحدة في المنطقة ، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو (10 مليارات دولار) في عام 2005 إلى نحو (13 مليار دولار) عام 2006 ، فيما بلغ حجم التبادل التجاري خلال العشر الأولى من عام 2007 نحو( 10،3 مليار دولار )، ويميل الميزان التجاري بين البلدين بشكل واضح لصالح الولايات المتحدة الذي ارتفع حجم الفائض التجاري لها نحو( 7 مليارات )عام 2005 إلى( 10،3 مليارات) عام 2006فيما بلغ الفائض خلال العشر الأولى عام 2007 نحو (8،3 مليارات دولار) وتشير الإحصاءات إلى وجود نحو (720 ) شركة أمريكية عاملة في الإمارات.

أما عن دور الإمارات في احتواء التوتر والأزمات في المنطقة، فقد لعبت الدبلوماسية الإماراتية خلال الفترة الماضية دورًا محوريًا في العمل على احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات على صعيد المنطقة أو خارجها ، وسعت بشكل دؤوب ومستمر؛ لتعزيز برامج مساعدتها الإنسانية والإغاثية والإنمائية والاقتصادية المباشرة أو غير المباشرة للعديد من الدول النامية.

و قد أكد الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان ” أهمية الارتباط بين أمن منطقة الخليج والأمن العالمي حيث قال:” أنه على المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة إدراك أن أمن واستقرار الخليج العربي مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالأمن العالمي ، لذلك فإن وضع رؤية شفافة وواضحة تخدم كل الأطراف من أجل السلام والاستقرار والتنمية والبناء لدول وشعوب المنطقة مطلب حيوي ، كما أكد أهمية الشراكة الخليجية – الأمريكية باعتبارها حجر الأساس لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها ، وشدد على أهمية العمل على إبقاء منطقة الخليج بمنأى عن أي أخطار أو مهددات ، وما يقتديه ذلك من ضرورة العمل على توفير ضمانات كي لا يتحول البرنامج النووي الإيراني إلى خطر محتمل لأمن دول الخليج والمنطقة بوجهٍ عام ، وأكد الموقف الخليجي بضرورة إبقاء منطقة الخليج العربي ، بما لها من أهمية استراتيجية.

هذا وتثمن الولايات المتحدة دومًا المواقف الإماراتية الداعمة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ، وقد أثبتت الإمارات أنها قوة إقليمية ذات وزن عالمي على المستويين السياسي والاقتصادي ، خاصةً عندما ترتبط ارتباطًا وثيقًا برسالة ديناميكية تحشد وتوجه وتجعل من الفعل تطلعًا إلى المستقبل.

فدولة الإمارات تكتسب أهمية خاصة في الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط ليس فقط لأنها تلعب دورًا في إرساء عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة، وإنما أيضًا لما تمثله من نموذج تنموي ناجح في المنطقة.

إن هذا التعاون الذي تقوم به دولة الإمارات يتجلى في ظل غياب منظومة العمل الجماعي العربي وتحللها تحت وطأة الأحداث التي تمر بها دول عربية رئيسية عدة منذ عام 2011، ما هدد بنشر الفوضى ووفر فرصة للقوة الإقليمية الطامعة في توسيع النفوذ والسطو على ثروات الشعوب العربية ومقدراتها ، الأمر الذي تداركته بسرعة القيادتان (الإماراتية والسعودية )، حيث وظفتا كل موارد قوتهما الشاملة في صالح الأمن الوطني للدولتين ولبقية دول مجلس التعاون والشعوب العربية.

وعلى مدار السنوات الماضية اتسمت العلاقات السعودية الإماراتية بوضوح الرؤيا والثبات أمام التحديات على مر العصور، فهي تعتبرها الأمان لشعوب الخليج والأمن القومي الخليجي، وضمانًا أساسيًا لحماية المصالح الحيوية للعالمين العربي والإسلامي في ظل المخططات المعادية للمنطقة، والتي صاغتها دوائر أجنبية تستهدف المنطقة، وينفذها بعض من يوالونها في الداخل.

ففي ظل ما تتعرض له المنطقة العربية من تجاوزات ومعارضات تفرضها المصالح الإقليمية والدولية يظل الرهان الحقيقي حاليًا وفي المستقبل معلقًا على التعاون السعودي الإماراتي من أجل حماية المنطقة مما يحاك ضدها، خاصة أن الثقل الإسلامي والدولي الذي تمثله المملكة العربية السعودية، من شأنه أن يدفع إلى نجاح أي تعاون ثنائي أكثر فاعلية على الساحتين الدولية والإقليمية.

هذا بالإضافة إلى أن العلاقات القوية والاستراتيجية بين الإمارات والسعودية أصبحت تمثل شرطًا للسلام الإقليمي بسبب قدرة البلدين على إعادة هندسة الأمن الإقليمي لمنطقة الخليج العربي في ظل غياب عربي خليجي، وتأسيس معادلة إقليمية أمنية جديدة تتعامل مع المتغيرات والتجاذبات الإقليمية والدولية الخطيرة.

وعلى كل فعن مستقبل العلاقات الأمريكية السعودية ، فمن المرجح أنها لن تعود كما كانت ، ولن تؤثر أكثر مما هي عليه ؛ ذلك لأن الولايات المتحدة أوصلت رسالتها ، وسيعود التقارب مع المملكة من جديد ، ولن تترك السعودية تفتح أسواقها للصين ، العدو الأول للولايات المتحدة ولا لتركيا أيضًا العدو الإقليمي لإسرائيل ، ومن ثم فلا خيار للولايات المتحدة إلا بالمحافظة على مصالحهم مع المملكة العربية السعودية ولكن ما هي مصلحة السعودية؟ بالطبع مصلحة المملكة العربية السعودية يتمثل في تعدد الحلفاء وتشبيك المصالح.

اظهر المزيد

غادة مختار توفيق

باحثة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى