2022العدد 189ملف عربي

التداعيات الخطيرة للانقسامات الفلسطينية استثمار إسرائيلي وإضرار بصورة الشعب الفلسطيني

شكّلت الخلافات والانقسامات والتنافسات البينية في الساحة الفلسطينية -والتي تأخذ أحيانًا شكل التنازع -مصدرًا من مصادر إضعاف واستنزاف الحركة الوطنية الفلسطينية، وتبديدًا لطاقتها الكفاحية، كما شكّلت عاملًا مهمًّا من العوامل التي تشيع الإحباط في أوساط الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

من جهة أخرى، فإن تلك الأوضاع سهّلت، أو شجّعت، وغطّت على انتهاج إسرائيل سياسة البطش ضد الفلسطينيين، ولامبالاتها إزاء معاناتهم، عبر سياساتها القمعية والعنصرية، وضمنها مصادرة الأراضي وهدم البيوت والاعتقال الإداري والقتل وتعزيز الاستيطان والإمعان في محاولات تهويد القدس، وفوق كل ذلك تعمّدها الحطّ من مكانة السلطة وزعزعة صورتها أمام شعبها، علمًا أن إسرائيل تنتهج كل ذلك في واقع من الاحتلال المريح والمربح في ظل وجود سلطة فلسطينية محكومة بقواعد وقيود اتفاقات أوسلو 1993، بما في ذلك اتفاق التنسيق الأمني، وحال الإلحاق الاقتصادي.

  وفي الواقع فإن علاقات الاختلاف والانقسام والتنافس والتنازع أضحت بمثابة سمات مستدامة في الحركة الوطنية الفلسطينية، أو في النظام السياسي الفلسطيني-مع الأسف- بخاصة بسبب تحولها من حركة تحرر وطني إلى سلطة تحت الاحتلال مباشرة أو بشكلٍ غير مباشر؛ حيث حركة فتح أضحت تشتغل وفقًا لاعتبارها سلطة في الضفة الغربية، وحركة حماس أضحت تشتغل باعتبارها سلطة في قطاع غزة منذ الانقسام الذي صاحبه اشتباكات عنيفة بين منتسبي الحركتين في صيف العام 2007، ومعلوم أن اعتبارات السلطة غير اعتبارات حركات التحرر الوطني.

هكذا، ففي غضون15 عامًا لم تفلح كل الجهود الفلسطينية والعربية التي بُذلت لرأب الصدع بين الحركتين /السلطتين الرئيستين (أي فتح وحماس)، المهيمنتين على الموارد، وعوامل القوة، وعلى الحقل السياسي الفلسطيني، رغم كل الاتفاقات التي تم عقدها والتوقيع عليها في (مكة وصنعاء والقاهرة والدوحة وغزة)، وكانت آخر تلك المحاولات جرت في صيف العام 2020 بيد أن نصيبها كان الفشل أيضًا، ونجم عنها خيبة أمل كبيرة؛ إذ تم الإطاحة بها بعد معاودة علاقات التنسيق الأمني مع إسرائيل أكتوبر 2020 بقرار من القيادة الفلسطينية (أي قيادة المنظمة وفتح والسلطة)، التي كانت أوقفته قبل عدة أشهر، وقد تفاقم هذا الأمر بعد عدول الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” في أبريل/نيسان 2021 عن قراره إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني، وهو القرار الذي كان تم اتخاذه في يناير/كانون الثاني من العام المذكور.

مصادر التأزم في الحياة السياسية الفلسطينية

ولعل مصدر الأزمات السياسية الحاصلة في الساحة الفلسطينية، إنما يكمن في استعصاء الخيار السياسي القائم على التسوية وحل الدولتين بوسائل المفاوضات، والذي نجم عنه عقد اتفاق أوسلو 13/9/1993، وإنشاء السلطة الفلسطينية 1994، التي تمظهرت كمجرد سلطة حكم ذاتي محدود، أو كسلطة على شعبها فقط، وهو ما تمثل بتحول الحركة الوطنية الفلسطينية من حركة تحرر وطني إلى سلطة تحت الاحتلال. وبديهي فإن هذا التحول الكبير أدى إلى تهميش منظمة التحرير الفلسطينية، والأخطر من ذلك التحول من السردية المؤسسة القائمة على النكبة 1948 بإقامة إسرائيل ولادة قضية اللاجئين، إلى السردية القائمة على احتلال إسرائيل للضفة والقطاع 1967، فيما بدأ معه كأن الصراع بدأ منذ ذلك الاحتلال.

ثمة هنا ملاحظتان أساسيتان، الأولى: ومفادهما أن ثمة مصادر أخرى ذاتية لذلك الاختلاف والانقسام والتنازع بالطبع ضمنها غياب تقاليد القيادة الجماعية، وتهميش الإطارات الشرعية، وضعف المبنى الديمقراطي في العلاقات الداخلية، وتحكم فصيل أو اثنين بمسار العمل الفلسطيني، وهيمنة فصيل معين على منظمة التحرير الفلسطينية، وارتباط هذا الفصيل أو ذاك بأجندات خارجية؛ بحكم الارتهان للموارد.

 والثانية: وتفيد بأن إسرائيل كانت أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت الفلسطينيين، ولو بشكلٍ غير مباشر، إلى حال الاختلاف والانقسام؛ لتملصها من الاستحقاقات المطلوبة منها في اتفاق أوسلو، وتقويضها له (وهو ما تبين في مفاوضات كامب ديفيد2 منذ العام 2000)، كما أنها لعبت دورًا كبيرًا في إضعاف هيبة السلطة والنيل من مكانتها إزاء شعبها من خلال استمراراها في اقتحام المدن التي تخضع لسيطرتها، وهدمها البيوت، ومصادرتها الأراضي واعتقال الناشطين أو قتلهم.. مثلما جرى في حي الشيخ جراح في العام 2021، ومثلما جرى في عمليات الاغتيال التي تنفذها القوات الإسرائيلية في قلب المدن الفلسطينية كما جرى في مدينة نابلس، شباط/فبراير/2022.

وكانت القيادة الفلسطينية اتخذت على الدوام مواقف كثيرة المرونة، بل إنها تنازلت كثيرًا مقابل سياسة الابتزاز والتعنت والتملص التي انتهجتها إسرائيل إلى درجة أن كل ذلك أدى إلى إضعافها أمام شعبها وإثارة الغضب ضدها، ومثلًا: فهي أزاحت روايتها المؤسسة، ومبرر وجودها كما قدمنا، وأضحت تتحدث عن الاستقلال في جزء من أرض فلسطين لجزء من شعب فلسطين في جزء من حقوقه، كما باتت تتحدث عن المقاومة الشعبية والمشروعة مع تجنب أية مواجهة شعبية أو غير شعبية مع إسرائيل، ومع ذلك فإن إسرائيل لم تكتفِ بذلك، إذ ظلت تطلب منها مزيدًا من التنازلات والإملاءات؛ بحيث استنزفت الفلسطينيين وأنهكتهم وأشاعت الخلافات بينهم وبين قيادتهم، كما بين فصائلهم.

التشويش على طبيعة القضية الفلسطينية

بيد أن أهم ما يفترض ملاحظته هنا أيضًا، هو أن قيام السلطة الفلسطينية مع الحرص الشديد من قبل القيادة الفلسطينية على الظهور أمام الرأي العام العالمي بكل المظاهر أو بكل الرموز التي تظهر بها الدولة الطبيعية، أسوة بالدول الأخرى، مع (علم ونشيد ورئيس وحكومة وسفارات وموازنات وأجهزة خدمية وأمنية) شوش على صورة القضية الفلسطينية وطبيعتها في الخارج أمام الحكومات وأمام الرأي العام العالمي، وخلق التباسات بشأن طبيعتها، وروايتها التاريخية عن ذاتها.. هكذا بات ثمة التباس فيما إذا كانت قضية فلسطين تتعلق بالنكبة وتشريد الفلسطينيين وإقامة إسرائيل على حسابهم، أو أن الأمر يتعلق بنزاع على بقعة أرض هنا أو هناك بين “الدولتين”، هل هو يتعلق بالحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني؟ أم المسألة تتعلق فقط بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين؟ ثم هل تعريف الشعب الفلسطيني يقتصر على فلسطينيي الضفة والقطاع؟ أم ثمة فلسطينيون في مناطق 48 وفي بلدان اللجوء والشتات؟ وماذا بخصوص قضية اللاجئين وحق العودة؟.. هكذا، فربما إنه بسبب  كل ذلك لم تعد قضية فلسطين، ومواجهة التحدي الذي تمثّله إسرائيل_ تحظيان بالاهتمام ذاته الذي كانتا عليه في عقود سابقة، لا دوليًّا ولا عربيًّا. 

الاستثمار الإسرائيلي

في هذا الإطار فقد اشتغلت إسرائيل( اليمينية والعنصرية والمتطرفة) على الاستثمار بهذا التشوش الحاصل بطبيعة القضية الفلسطينية، وبانقسامات واختلافات ومنازعات الفلسطينيين، وأتى ضمن ذلك اعتبارها كل فلسطين من النهر والبحر أرضًا لها، وتعزيز رؤيتها لذاتها دولة يهودية، كما جرى في سَنِّها قانون “إسرائيل كدولة يهودية” الذي أقرَّه الكنيست 2028، والذي يجعل لليهود فقط حق تقرير المصير في إسرائيل، مستثنيًا الفلسطينيين حتى من مواطني إسرائيل من ذلك الحق، أيضًا فإن إسرائيل استثمرت في إظهار خلافات الفلسطينيين، وضعف مبناهم الديمقراطي، ومنازعاتهم، بوصفهم غير مؤهلين لحكم أنفسهم، وبأنه لا يمكن الثقة بهم في السلام، مدللة على ذلك بتحول قطاع غزة إلى إقليم خارج السيطرة، مع إنتاج صواريخ.

وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن ادعاءات إسرائيل، ففي المحصلة فإن كل تقديمات القيادة الفلسطينية لم تقنعها لإثبات أهليتها للشراكة مع إسرائيل، وكعربون ثقة لتسهيل إقامة الدولة الفلسطينية المفترضة، بل إنها باتت تعرض نفسها كضحية لكفاح الفلسطينيين، و«تطرف» قيادتهم، على حدّ زعمها، في سياق حرصها على استعادة مكانة الضحية في صراعها مع الفلسطينيين، الذين احتلوا هذه المكانة في الضمير العالمي، وتبديد هذا الإنجاز الذي حققوه بتضحياتهم.

نتيجة لكل ما تقدم فإن قضية الفلسطينيين اختفت أيضًا عن جدول أعمال الإسرائيليين ذاتهم، بعد أن كانت سببًا أساسيًّا في إثارة الخلافات والانشقاقات السياسية والحزبية والمجتمعية والأخلاقية بينهم، سيما بوجود واقع من الاحتلال المريح والمربح بعد إقامة السلطة، بعد أن تحررت إسرائيل عبرها من العبء الأخلاقي والسياسي للاحتلال المباشر، ومعلوم أن مثل تلك الخلافات كانت تظهر سابقًا مع بروز تيارات اليسار في السياسة، وما بعد الصهيونية في الثقافة، وأحزاب مثل (ميريتس وشينوي)، وحركات من مثل «السلام الآن»، و «هناك حد»، و «بيتسيلم». كما كانت تظهر باحتدام التناقض بين مختلف التيارات الإسرائيلية، بين (اليسار واليمين، والشرقيين والغربيين، والمتدينين والعلمانيين).

وينتج من ذلك أن المسار الذي انتهجته القيادة الفلسطينية، بغض النظر عن نواياها، ساهم هو الآخر بخدمة التيارات اليمينية- القومية والدينية في إسرائيل- التي باتت تزايد على اليسار في الهدوء الذي جلبته سياساتها غير المتهاودة مع الفلسطينيين للإسرائيليين، أي في قدرتها على إخضاع الفلسطينيين من دون مقابل. ومعلوم، فوق كل ما تقدم، أن الأمر وصل بإسرائيل أيضًا إلى حدّ التجرؤ على مصارعة القيادة الفلسطينية على شعبها، بمبادرتها بين حين وآخر بعديد من بوادر «حسن النية» إزاء فلسطينيي الضفة، في معزل عن أية توافقات سياسية مع قيادتهم، وقد شمل هذا الأمر إزالة الكثير من الحواجز التي كانت تحدُّ من التواصل بين المناطق الفلسطينية، ومنح الفلسطينيين تصاريح دخول لقضاء فترة العطل والأعياد في إسرائيل، وتسهيل إعطاء تصاريح عمل للعمال الفلسطينيين للعمل في المؤسسات الإسرائيلية، وتراخيص وتصاريح للتجار ورجال الأعمال الفلسطينيين لتسهيل تنقلاتهم وأعمالهم، وكان مشهد المتجمهرين على أحد مكاتب العمل في غزة (أواخر 2021)، التي تتلقى طلبات عمل في إسرائيل، جد مؤسفًا ولافتًا.

تهميش قضية فلسطين عربيًّا ودوليًّا

أيضًا فإن التداعيات المضرة للاختلاف والانقسام والتنازع في الساحة الفلسطينية أدت إلى تهميش القضية الفلسطينية على الصعيد العربي، وإزاحتها عن جدول الأعمال تقريبًا، بحيث غابت تقريبًا مصطلحات أو مفاهيم الصراع العربي- الإسرائيلي، وباتت المسألة تتعلق بمجرد صراع فلسطيني – إسرائيلي، لكن ليس على الكليات، وإنما على الجزئيات، فقط؛ بحيث باتت المسألة تتعلق ببناء مستوطنة هنا أو هناك، أو بتخفيف الإجراءات التسلطية الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وتخفيف القيود على دخول الفلسطينيين إلى القدس، وتخفيف السيطرة على المعابر، وتحسين معاملة الفلسطينيين.

وبديهي في هذا السياق أن التحولات والاستقطابات والمحاور على الصعيدين (العربي والإقليمي) أسهمت في تهميش القضية الفلسطينية، إذ بات ثمة محاور عربية متنافسة أو متنازعة، كما باتت كل دولة عربية مشغولة بأوضاعها الداخلية، وبالتحديات الخارجية التي تواجهها.

ولا بد هنا من التذكير بدور إيران التي أسهمت سياساتها في العالم العربي بإثارة مخاوف كبيرة، وبخلق محاور مختلفة، وتهميش القضية الفلسطينية، بحيث باتت- بتدخلاتها وميلشياتها الطائفية والمذهبية المسلحة، خصوصًا في المشرق العربي (سوريا ولبنان والعراق وحتى اليمن)- لا تقل خطورة عن إسرائيل؛ بخاصة أنها استطاعت في العقدين الماضيين، تقويض البنى الدولتية والمجتمعية في البلدان المذكورة أكثر مما استطاعت إسرائيل في سبعة عقود، والمشكلة أن كل ذلك حصل مع ادعاءات إيران باعتبارها قضية فلسطين قضيتها المركزية، ومع كل ادعاءاتها عن الصراع مع إسرائيل، ودعم المقاومة، وكلها ذرائع لتغطية محاولاتها تعزيز نفوذها في المشرق العربي، الذي عكس نفسه بأثار خطيرة ومدمرة على ما شهدنا في (العراق وسوريا ولبنان واليمن).

هكذا تمت إزاحة قضية فلسطين من سلم الأولويات في الأجندة الدولية والإقليمية والعربية من الناحة العملية، رغم بقائها مجالًا للادعاء والتوظيف والمزايدة في الخطابات السياسية لهذه الدولة أو تلك.

تبعًا لما تقدم، فلعل تلك المعطيات الفلسطينية والعربية والإقليمية هي التي شجّعت محاولات الإدارة الأمريكية (سيما في عهد إدارة دونالد ترامب) لتغيير، أو تفكيك مبنى قضية الفلسطينيين، وتشديد الضغوط على قياداتهم؛ لفرض الإملاءات عليها، ما يسمح- ربما- بخلق واقع جديد على هذا الصعيد، قد يفتح على أفقٍ آخر لعلاقة إسرائيل مع دول المنطقة، يختلف تمامًا عما كان سابقًا، أي منذ إقامة إسرائيل.

مصداقية القيادات الفلسطينية على المحك

وإذا أخذنا العام الماضي 2021، مثلًا كعينة على ضعف الإدارة الفلسطينية التي أضرت بقضية الفلسطينيين وبصدقية قياداتهم، فسنجد عديد من المحطات.. هكذا، فرغم أن ذلك العام شهد اندلاع هبّة شعبية عارمة عمّت كل فلسطين الجغرافية (أيار/مايو)، من النهر إلى البحر، كما شهد إزاحة بنيامين نتنياهو من موقعه كرئيس لحكومة إسرائيل، ورحيل إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” صاحب خطة “صفقة القرن”، الذي شكَّل كابوسًا ثقيلًا على القيادة الفلسطينية، سيما بتعمده عزلها، وبتقديماته السياسية الهائلة لصالح إسرائيل. بيد أن ذلك العام شهد أيضًا، تعذّر قدرة الفلسطينيين على استثمار تضحياتهم وبطولاتهم، أو استثمار التغيرات الدولية والإقليمية؛ بسبب ضعف إمكاناتهم، وتخلف إدارتهم لأحوالهم.

وعليه، فقد شهدنا في العام الماضي انكفاء جهود المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وإقلاع السلطة عن إجراء انتخابات تشريعية، لتجديد شرعيتها واستنهاض أحوالها، وقيام إسرائيل بشنّ حرب جديدة مدمرة على قطاع غزة (هي الرابعة من نوعها في غضون 13 عامًا). كما شهدنا تمنّع الإدارة الأمريكية الجديدة (إدارة بايدن)- رغم مرور عام على مجيئها- عن القيام بأي جديد للفلسطينيين يعدل أو يقوم ما فعلته إدارة ترامب، بل إنها واصلت الحماس لاتفاقات التطبيع، التي شهدت سخونة زائدة في ذلك العام، كما شهدنا مؤخرًا انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني وسط مناخ من الاختلاف والانقسام.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رئيس المنظمة والسلطة وحركة فتح) أصدر مرسومًا (في كانون الثاني/يناير2021)، أعلن فيه الشروع في تنظيم عملية انتخابية متكاملة، تبدأ بالانتخابات التشريعية، وتتم في 22/5/2021، ثم بالانتخابات الرئاسية، وتتم في 31/7/2021، وصولًا إلى المجلس الوطني، على أن يتم في 31/8/2021، كثمرة للحوارات التي جرت بين الفصائل الفلسطينية، سيما الفصيلين الأكبرين والمهيمنين على امتداد العام 2020 (بين القاهرة وبيروت وإسطنبول ورام الله وغزة). بيد أن الرئيس محمود عباس أجهض هذه العملية بإصداره مرسومًا آخر بتأجيلها (أواخر أبريل/نيسان2021)؛ معللًا ذلك برفض إسرائيل تمكين الفلسطينيين إجرائها في القدس.

ومؤخرًا ذهبت القيادة الفلسطينية، وهي قيادة المنظمة وفتح، نحو عقد دورة اجتماعات للمجلس المركزي (الـ 31)، في ظروف غير مواتية، رغم المعارضة لهذا القرار، ورغم عدم التمهيد له، ورغم تفاقم الخلافات في الساحة الفلسطينية، علمًا بأن ذلك تم بعد ثلاثة أعوام على غياب، أو تغييب المجلس المركزي.

 الأخطر من ذلك تعمد إحلال، أو تنصيب المجلس المركزي كإطار قيادي وتشريعي بديل للمجلس الوطني، وتمت ترجمة ذلك في إعطائه صلاحية انتخاب رئيس للمجلس الوطني، من دون حضور ذلك المجلس، وانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة وهو ليس من اختصاصه، وفي تعارض مع النظام الداخلي لمنظمة التحرير، إضافة إلى تعمد القيادة الفلسطينية عقد الاجتماع بعد تحللها من التوجه نحو تنظيم انتخابات للمجلسين الوطني والتشريعي والرئاسة.

قصارى القول، فإن كل المؤشّرات تؤكّد أن المسار الذي تواصل القيادة الفلسطينية السير فيه أسهم في إضعاف أرصدة القوة( الكامنة والظاهرة) لدى الفلسطينيين، وحتى أنه يهدّد بالتشويش على عدالة قضيتهم، على كل الصُعُد، واللافت أن ذلك كله يحصل رغم الانزياح في الرأي العام العالمي لصالح قضيتهم؛ ما يضعف من قدرتهم على الاستثمار في ذلك.

اظهر المزيد

ماجد كيالي

بــاحــث فلسطيــني - سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى