2021العدد 186ملف دولى

العلاقات الروسية – الأوروبية في العقد الأخير وتداعياتها على المنطقة

حافظ الكيان الروسي على عداء متفاوت الدرجات مع جيرانه الأوروبيين منذ الحقبة القيصرية ،على تنوعاتها، مرورًا بقيادته للاتحاد المُلقب بالسوفيتي، ووصولًا إلى عودة الكيان الروسي محطمًا إلى المربع الأول ليحمل تسمية جمهورية روسيا الاتحادية، وذلك بعد انهيار المعسكر الاشتراكي الذي قادته محافظة، كروسيا فقط، على أطماع القياصرة كما البلاشفة، كل بمفرده، في السعي إلى مد النفوذ السياسي والعسكري في الدول التي تشكل الحزام المحيط بها جغرافيًّا على أقل تقدير.

وعلى الرغم من تحالف متأخر قام بين الاتحاد السوفيتي وبقية الدول المحاربة للنازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، بعد أن كان “ستالين” قد وقَّع معاهدة عدم اعتداء مع هتلر، بدأت الخلافات منذ الساعات الأولى لسقوط النظام النازي بيد الحلفاء، وكان جُلّها يتمحور حول اقتسام تركة النازية في ألمانيا و في الدول التي احتلتها.

وعلى الرغم من توصل القوى التي ربحت الحرب إلى اتفاقيات عدة حددت لكل منها نطاق سيطرة جغرافية وسياسية وعسكرية، إلا أن التوترات سرعان ما انبثقت من بين أسطر الاتفاقيات الدبلوماسية، لتشكل حجر الأساس لما أُطلق عليه بالحرب الباردة.

بعد تشكل الاتحاد الأوروبي في صيغته البدائية في مطلع خمسينات القرن الماضي، قامت العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والدول الأوروبية الأعضاء على قاعدة الثنائية ولم يتعامل أو يتعاون السوفييت مع الاتحاد ومؤسساته على أنواعها البتة. وكان السوفييت ،الذين سيطروا على عدد من دول أوروبا الوسطى والشرقية، ينظرون عمومًا إلى أوروبا الغربية كملحق سياسي وعسكري للقوة الأمريكية، وقد تجلّى ذلك خصوصًا مع انضمام دول الاتحاد الأوروبي إلى معاهدة حلف شمال الأطلسي الذي كانت المواجهة مع القطب الاشتراكي، وعلى رأسه الاتحاد السوفيتي، هي من أهم أسباب تواجده. ولم يتطور مسار هذه العلاقات الثنائية مع كل دولة على حدة إلى العلاقات المؤسساتية إلا مع حصول “البيريسترويكا” مع وصول “ميخائيل غورباتشوف” إلى قصر الكرملين في عملية أطلقت مسار تهيئة ؛لفرط عقد الاتحاد السوفييتي فعليًّا. وقد قام “غورباتشوف” بأول زيارة لرئيس سوفييتي إلى البرلمان الأوروبي في مقره الفرنسي في مدينة ستراسبورغ، حيث ألقى خطابًا اعترفت بموجبه موسكو بأن الاتحاد الأوروبي هو عنصر من عناصر القانون الدولي.

مع انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991 برعاية من الرئيس “بوريس يلتسين” توقع المراقبون الغربيون بأن تميل موسكو لاعتناق الخط الليبرالي سياسيًّا واقتصاديًّا، وبالتالي، تزول أسباب الحرب الباردة ويتم حل الحلف الأطلسي وإعلان دول وسط أوروبا محايدة لتعزيز السلام والتعاون في المنطقة. لكن انتخابات 1993 التي خسرها التيار الديمقراطي في روسيا وتقدمت فيها التيارات القومية المتطرفة، أجهضت هذا التوقع.

 كما أن انشغال أوروبا مع مؤسساتها بالتحضير للدستور الأوروبي وابتعادها الملحوظ عن الاستثمار في إصلاح الاقتصاد الروسي المنهار، قد أديا إلى تطور اتجاه قومي روسي اعتمد أساسًا على عملية إعادة تدوير جزء كبير من شخصيات النظام السابق من القادة الشيوعيين على شكل أصحاب أعمال ورؤساء مصارف خاصة وملاّك قطاعات منهارة بيعت من قبل الدولة الاتحادية بأقل الأثمان مما أتاح تكوّن ثروات ضخمة لا أسس اقتصادية صحيحة لها ولا شفافية مالية في بنيتها.

 بالمقابل، فهذا لم يمنع من توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية أوروبية روسية، ولم يَطُل التفاؤل لتأتي حرب موسكو على الشيشان سنة 1994، بمذابحها وانتهاكاتها الموصوفة بحق المكون الشيشاني، الذي سعى للاستقلال عن روسيا وتشكيل جمهوريته أو حكمه الذاتي. وقد أدت هذه السياسة الدموية التي تبنتها موسكو بحق الشيشان وتحويل أراضيها إلى حقل تجارب عسكرية_ إلى الدفع بالمؤسسات السياسية الأوروبية إلى إدانة سياسات موسكو والسعي إلى تجميد التعاون المشترك في أكثر من مجال معها.

حلّ إذًا الجمودُ في العلاقات محلَّ التعاون والتفاؤل، واستمرت حالة الشك سائدة فيما سيلي من حقبة دبلوماسية بين روسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي كمؤسسة جامعة. 

وبالتالي، فلم تكن العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي في حالة مستقرة أبدًا بعد هذا التاريخ وخصوصًا بعد انتهاء حرب الشيشان الثانية سنة 1999، والتي تُوّجت بتدمير مدينة غروزني-عاصمة الجمهورية- بشكلٍ شبه كامل.

وخلال سنوات التسعينات من القرن الماضي أيضًا، كانت حروب البلقان التي وقفت فيها روسيا إلى جانب القيادة المتشددة الصربية وتحملت بالتالي مسؤولية مواجهة دول الأطلسي التي اختارت دعم استقلال جمهوريات يوغسلافيا السابقة ورفضت الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات الصربية  في البوسنة أو في كرواتيا، والتي صُنّفت كجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.

في السنوات الأولى من الألفية الثالثة، أثار غضب موسكو أيضًا قيام الاتحاد الأوربي بتنفيذ عملية توسعة كبرى عبر ضم دول وسط وشرق أوروبا، التي كانت إلى تاريخ قريب تقبع تحت هيمنة موسكو.

 من جهة أخرى، شعرت روسيا بالاستفزاز الذي اعتبرته بعض صحافتها بأنه يُقارب إعلان الحرب من خلال قيام حلف شمال الأطلسي بإقامة قواعد جديدة مجهزة بأحدث التكنولوجيا الحربية في بولندا كما في دول البلطيق. لقد اعتبرت موسكو أن هذه الخطوة تشكل حصارًا غير معلن لها عسكريًّا وجغرافيًّا واقتصاديًّا، مما زاد من تعميق الفجوة في العلاقات الباردة أصلًا. ومن وجهة نظر روسية، فالاتحاد الأوروبي كما حلف شمال الأطلسي لم يأخذا بعين الاعتبار مصالح ومخاوف موسكو من خلال سياسة التوسع والضم هذه. وخلال السنوات التي تلت عملية التوسعة هذه، عرفت العلاقات مزيدًا من الخيبة والتوتر وفترات أخرى من الانتظار والأمل.

محاور النزاعات الروسية مع أوروبا:

وفي أيامنا هذه تتميّز العلاقات بتوتر شديد رغم الهدوء النسبي الظاهر. وقد وصل هذا التوتر إلى مستويات متقدمة صارت نتائجها تنعكس على مجمل العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين جمهورية روسيا الاتحادية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي مجتمعة أو دولها بشكلٍ منفرد وبنسب مختلفة. وتتوزع مشاهد النزاع السياسي بين روسيا وأوروبا على أربعة محاور رئيسة وهي (دعم موسكو للحركات الانفصالية في أوروبا، ودعمها أيضًا لليمين المتطرف، وزعزعة الاستقرار السياسي عبر الضخ الإعلامي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ونشر الشائعات، وأخيرًا، محاولة شراء بعض الذمم السياسية والإعلامية). فقد توضّحت العلاقات الجيدة التي تنسجها مع أحزاب ذات نزعات انفصالية كالكتلة المطالبة باستقلال إقليم” كتالونيا” عن أسبانيا. كما حاولت موسكو التقرب من الأحزاب الانفصالية الأسكتلندية دون نجاح يُذكر. ودعمت موسكو أحزاب اليمين المتطرف الأوروبي ماليًّا وسياسيًّا وإعلاميًّا. ومنها التجمع الوطني الفرنسي ورابطة الشمال الإيطالية. وجنّد “الكرملين” مئات الأفراد للعمل ضمن جيشه الإلكتروني لاختراق وسائل التواصل أو إغراقها بالشائعات. وأخيرًا، وجد الروس لهم موطئ قدم لدى بعض البرلمانيين الأوروبيين في بلدانهم أو على مستوى البرلمان الأوروبي لمحاولة التأثير داخليًّا على قرارات الدول أو مجرد التشويش. وقد وردت أسماء بعينها في محاضر تحقيقات صحفية جادة في فرنسا وفي ألمانيا على سبيل المثال. وقد مُورست الطريقة بأريحية أوسع، مع إعلاميين لعبوا دورًا في تأسيس مشوّه لإعجاب الطبقات الشعبية في بعض الدول الأوروبية بحزم وجدية الرئيس فلاديمير بوتين.

وإلى جانب النزاعات ذات الهوية السياسية داخل أوروبا والتي تؤثر روسيا من خلالها على استقرار الاتحاد، هناك صراع عسكري على أطراف الاتحاد ويمس دولة صديقة له على الرغم من عدم انضمامها إليه ولا إلى الحلف الأطلسي الذي يمثل ذراعه العسكرية، وهي أوكرانيا. فالروس يحتلون شبه جزيرة القرم ويسخرون من أية رغبة أوروبية للحوار حول هذا الانتهاك للقانون الدولي. كما أنهم يساعدون قوات تابعة لهم، وبفاعلية وتأثير، على زعزعة استقرار “كييف” عسكريًّا من خلال الهجوم الانفصالي شرق أوكرانيا في إقليم “دونباس” الذي تقطنه غالبية “وسوفوني” حيث تُجمِع التحاليل الرصينة لباحثين روس وأوكرانيين، على أن الرغبة النهائية تكمن في ضم الجمهورية الأوكرانية كاملة إلى روسيا الاتحادية أو إخضاعها لحكم تابع والهيمنة على كل عناصر الحياة فيها كروسيا البيضاء حاليًا.

من جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى بعض الملفات التي عرفت العلاقات فيها تقدمًا إيجابيًّا. فعلى مستوى العلاقات الخارجية، كان هناك تقارب مع السياسة الأوروبية تجاه الجمهورية الإسلامية في إيران. وبعد أن انتهت أعمال قمة “سامرا” في 17 و18 مايو / أيار سنة 2007، التي جمعت الاتحاد الأوروبي بروسيا، وصل التوافق على تقييم العلاقة مع إيران بين الروس والأوروبيين إلى درجة تضامنت فيها موسكو مع الاتحاد الأوروبي وتم الطلب بكل مشترك من قبل كلا الطرفين إلى الممثل الأوروبي للسياسة الخارجية حينذاك “خافييه سولانا” بأن يسافر إلى طهران ويتفاوض مع الإيرانيين لتحسين العلاقات باسم الروس والاتحاد الأوروبي متكافلين متضامنين. وبالطبع، لم يدم هذا الاستثناء وإن تكرر التعاون بين الطرفين أثناء مفاوضات النووي الإيراني التي سبقت التوقيع على اتفاقية فيينا سنة 2015، ولكنها كانت محدودة الفترة والفعالية. كما حصل تقدم نسبي فيما يخص الملف البيئي. فقد مارست السلطة الروسية بنجاح الدبلوماسية البيئية حيث وافقت على اتفاقية كيوتو لعام 1997، في حين لم تلتزم بها لا الصين ولا الولايات المتحدة، اللتان تعتبران من أكبر الدول الصناعية التي تلوّث الهواء بغاز الكربون. وعلى الرغم من عدم إمكانية التحقق من الملف الروسي وحقيقة الالتزام البيئي للصناعات الروسية، خصوصًا في ضوء تخلفها التقني المشهود له، إلا أن المبادرة بالتوقيع وبالتصديق على الاتفاقية منح الدبلوماسية الروسية تقدمًا ملموس على مستوى التقارب مع أوروبا. كما عرفت العلاقات مجالات تعاون مفتوحة أساسها التعاون العلمي، كما أبحاث الفضاء والطب، والصناعي كما في حقل الطيران والصناعات البتروكيميائية، وفي مجال البُنى التحتية كما في الطرق وسكك الحديد والمطارات. ويعتقد الطرفان بأنه من الممكن التركيز على تطوير العلاقات البينية في مجال الطاقة استخراجًا واستثمارًا ونقلًا، حيث القيام بترشيد هذا الملف من الكتلتين يساعد على بناء مستقبل بيئي واقتصادي مواتٍ للغاية يساعد الأجيال القادمة في القارة الأوروبية على الاستفادة من بيئة أنظف ومن مردود اقتصادي أكبر.

انعكاسات على المنطقة العربية:

في ضوء سعيها لامتلاك أوراق ضغط وإزعاج تجاه الغرب عمومًا، ومن خلال نظرة استراتيجية تأخذ العامل “الجيوسياسي” بعين الاعتبار، لم تتوقف موسكو عن تطوير علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية في إيران على كافة الأصعدة. والبلدان يتحالفان في معالجة بعض الملفات التي تنعكس نتائجها على المشهد العربي كالملف السوري تحديدًا، والملف اليمني نسبيًّا. وعلى الرغم من محاولة موسكو الظهور بمظهر الصديق غير المقلق لعددٍ كبير من الدول العربية خصوصًا في منطقة الخليج، إلا أن حساباتها الإيرانية تتقدم على مصالحها النسبية مع العرب، أو بالأحرى هي تثق بأن تعزيز علاقاتها مع إيران لن ينعكس سلبًا على علاقاتها مع بقية الدول العربية التي تتعرض لضغط من طهران متنوع الأشكال.

الوضع الاقتصادي في جمهورية روسيا الاتحادية منهك نسبيًّا مقارنة بأضعف الاقتصاديات الأوروبية. يُضاف إلى هذا خلل في البنى التحتية في عموم البلاد، وارتفاع مستوى الفساد وارتباطه الحثيث بأعلى مستويات المسؤولية السياسية. كلها عوامل أدت إلى تطور الاحتجاجات الشبابية التي تخرج عن أي تأطير حزبي أو سياسي. ويبدو أن سعي روسيا الاتحادية للقيام بأدوار عسكرية خارجية يراد منه أساسًا تعزيز الشعور القومي والالتفاف والتلاحم حول الكرملين. أي أنها بالمحصلة طريقة أثبتت نجاحها في صرف الانتباه عن المشاكل الهيكلية الحقيقية في الداخل الروسي على مختلف الأصعدة. وهذه المبادرات العسكرية ليست محصورة بموسكو فعموم الدول ضعيفة النظام الديمقراطي أو معدومة هذا النظام تسعى لفتح جبهات خارجية تؤجج المشاعر الوطنية وتحجب الرؤية عن المشاكل الداخلية الحقيقية. ولكن ما هي كانت الدوافع المباشرة للتدخل الروسي في سوريا؟

إضافة إلى أن ذهنية القيادة الروسية المتأتية من مخابرات النظام الشيوعي لا تسامح الغرب على دوره غير المباشر في تفتيت الاتحاد السوفييتي، كما يحتفظ الروس بذاكرة الفيل فيما يخص إخراجهم عنوة من أفغانستان عبر الدعم الغربي للمجاهدين، فهم بالتالي شعروا بمسؤولية من سبق بوتين إلى الكرملين في الخضوع للرغبات الأطلسية خصوصًا بعد غزو العراق سنة 2003، وإسقاط النظام الليبي سنة 2011. ومنذ ذاك التاريخ عقدوا العزم على العودة وبقوة إلى المشهد العالمي عبر دورهم المتضخم في سوريا أساسًا، فتعزز الدعم السياسي لنظام دمشق الذي اعتبروا سقوطه خطًّا أحمرا قبل أن يتحول هذا الدعم إلى تدخل عسكري مباشر سنة 2015، لوقف تقدم القوات المعارضة للنظام باتجاه دمشق والتحول بعدها إلى قوة سيطرة أساسية في سوريا، ربطت بها كل الإدارات والمنافذ والمصادر. ومن خلال تحقيق توازن غريب في الشراكة مع إيران من جهة وتركيا من جهة وإسرائيل من جهة ثالثة، فقد تمكَّنت الدبلوماسية الروسية من لعب الدور الحاسم في إدارة الملف السوري، وصار الكلام عن إيجاد حل سياسي في سوريا يعتمد أساسًا على الرغبة الروسية أكثر منه على أي دور أوروبي أو أمريكي ،أو حتى على قرارات مجلس الأمن. وقد نجحت موسكو بالعودة الواثقة إلى المشهد الدولي وبفرض أجندتها من خلال تدخلها المباشر في سوريا معتمدة على ضعف أوروبي في السياسة الخارجية وعلى استقالة أمريكية عمومًا من شؤون المنطقة العربية منذ عهد الرئيس باراك أوباما، إلا فيما يخص أمن إسرائيل.

ليبيًا، وبعد أن تحالفت روسيا مع الثورة المضادة ضد حكومة الوفاق من خلال إرسال الأسلحة والمرتزقة، تحسن التنسيق بينها وبين أنقرة التي كانت تقف على الضفة الأخرى من هذا الملف، مما سرّع في إيجاد حل وسط للأزمة الليبية. بالمقابل، أعادت موسكو التأكيد على أهمية دورها السياسي والعسكري مع إرسال إشارة تنبيه واضحة إلى الغرب بأنها أصبحت عنصرًا وازنًا في العلاقات الإقليمية في المتوسط على الأقل. وعمومًا، تسعى موسكو لكي تكون علاقاتها السياسية بشكلٍ رئيسي مثمرة مع مجمل الدول العربية بأساليب متنوعة. فإما تخضعها لإرادتها المباشرة كما يحصل في سوريا، أو تؤمن الدعم السياسي لها، أو تشكل لها سوقًا مزودًا بالخبرات التقنية.

وبالمحصلة- من النادر فعلًا- أن تتوتر العلاقات مع السلطات العربية، خصوصًا أن التسلطية التي تميّز القيادة الروسية لا تزعج عددًا من القادة في المنطقة عمومًا.

وختامًا، تجدر الإشارة وبجلاء ووضوح إلى أن بعد النظر الروسي في السياسة وفي العلاقات الدولية الذي يمتدحه بعض المعجبين بالنظام القائم هناك ليس إلا عبارة عن ترجمة لشعور غالب في القيادة الروسية بالارتياح والتحكم بالزمن، وهو العامل الرئيسي في حسم النزاعات السياسية، والابتعاد عن التسرع في تغيير عناصر الملفات ولو شعرت بحاجة الآخرين لذلك. والسبب، يرتبط بواقع عملي هو وعدم التسرع بسبب أن نتائج الانتخابات، وإن وقعت، فهي محسومة على العكس من دول أوروبا الأخرى عمومًا التي لدى قياديها حسابات انتخابية متلاحقة.

اظهر المزيد

د. سلام الكواكبي

باحــث سوري في العلوم السياسية - فرنسا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى