2018العدد 175ملف خاص

العلاقات العربية الصينية في ضوء مبادرة الحزام والحرير “رؤى وتوجهات»

مقدمــــة

في إطار اهتمام الصين لتدعيم العلاقات الثنائية مع الدول العربية، عقد الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني – العربي بالعاصمة بكين في يونيو 2018، حيث افتتح الرئيس الصيني “شي جين بينج” الاجتماع بحضور أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية ووزير خارجية مصر سامح شكري، إضافة إلى عديد من وزراء خارجية الدول العربية.

ومن ثم يتضح أنّه حدث تحوّلٌ استراتيجي في السياسة الخارجيّة الصينيّة، حيث حدد الرئيس الصيني إطارًا لسياسة بكين خلال الأعوام الثلاثين القادمة لجعلها في مركز أقرب إلى صدارة العالم في القرن الحادي والعشرين، ولاسيما بعد خطاب الرئيس الصيني في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2017، وهذا ما تؤكده الإحصائيّات الاقتصادية بأنه سيحدث تحول في ميزان القوى الاقتصادية العالمية لصالح الدول الصاعدة اقتصاديًا وتحديدًا قارة آسيا، ليصبح هذا القرن آسيويًا بامتياز في ظل ما ستحققه اقتصادات دولها – خاصة الصين – من معدلات نمو وطفرات تنموية عالية وذلك بحلول عام 2050.

ولهذا تسعى الصين إلى تعزيز استثماراتها وتدعيم علاقاتها الاقتصادية مع كل دول العالم خاصة ذات الأهمية الجيواستراتيجية بهدف تأمين احتياجات الصين الاقتصادية المتسارعة من الطاقة ومواكبة النمو المطرد للاقتصاد الصيني، ولاسيما بعد طرحها مبادرة بناء الحزام والطريق عام 2013، والتي تمثل  الطموح الجيو – سياسي الذي يعزز سياسة “حزام واحد، طريق واحد” الصينية، بهدف إعادة خلق الممر التجاري القديم “طريق الحرير”، الذي ربط الصين بوسط آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.

وفي هذا السياق خصصت البنوك الحكومية الصينيّة حتى الآن 250 مليار دولار للبنية التحتية للنقل والبناء، ويُمكن أنْ تصل الاستثمارات في «حزام واحد، طريق واحد» عند الاكتمال إلى 4 تريليونات دولار، وذلك وفقًا لتقرير معهد بيترسون للاقتصاد الدولي([1])، ومن المتوقع أن تسفر مبادرة الحزام والحرير نشاطًا تجاريًا تفوق قيمته 2.5 تريليون دولار خلال 10 سنوات، وسيتم تنفيذه خلال ثلاث مراحل زمنية: أولاً التعبئة الاستراتيجية حتى نهاية 2016، ثانيًا التخطيط الاستراتيجي حتى عام 2021، وأخيرًا التطبيق الاستراتيجي من عام 2021 إلى 2049.([2])

أولا :آليات تدعيم العلاقات العربية الصينية

تكمن الأهمية الاستراتيجية لمكانة بكين في الاقتصاد العالمي من خلال المؤشرات الاقتصادية المتميزة للاقتصاد الصيني، حيث أبرز موقع Trading Economics أن حجم الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الصيني بلغ 6.8% في يناير 2018، وهو نفس المعدل في الربع الأخير من عام 2017، وبقراءة تحليلية لمعدل الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الصيني منذ عام 2015-2017 يتضح نمو الاقتصاد بنسبة 6.9% في عام 2017، وهو أعلى بكثير من الهدف الرسمي البالغ 6.5%، بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي 7% وذلك في يناير 2015، وهذا ما يتضح في الشكل التالي:([3])

China GDP Annual Growth Rate

Description: China GDP Annual Growth Rate

ومن ثم  استطاعت بكين خلال الآونة الأخيرة تطوير علاقاتها مع الجانب العربي من خلال رؤى وتوجهات جديدة في مستوى التعاون السياسي والتجاري والاقتصادي، ولاسيما في ضوء تطورات الأحداث السياسية والتغيرات الإقليمية التي شهدتها المنطقة العربية، حيث تمكنت الصين في ضوء مبادرة بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن 21 تدعيم مستوى العلاقات البينية مع الدول العربية، وتشكيل معادلة التعاون (1+2+3) المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كمحور رئيس، ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار، و3 مجالات ذات تقنية متقدمة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة لتعزيز التعاون في الطاقة الإنتاجية.

حيث أكدت الإحصائيّات الصادرة عن مركز الدولة للمعلومات التابع للجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح أن حجم التجارة بين الصين والدول بـ«الحزام والطريق»، بلغ 1.44 تريليون دولار بزيادة نسبتها 13.4 في المائة في عام 2017 مقارنة بعام 2016، وهو ما يشكل قرابة 36.2 في المائة من حجم تجارة الصين في العام الماضي.([4])

ومن جانب آخر بلغ حجم استثمارات المؤسسات الصينيّة المباشرة المتراكمة في البلدان الواقعة على طول «الحزام والطريق» 60 مليار دولار، شملت مجالات الزراعة والتصنيع والبنية التحتية والعديد من المجالات الأخرى.

كما تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، بينما تعد الدول العربية أكبر مصدر نفط للصين وثامن أكبر شريك تجاري، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين ودول العالم العربي بنسبة 11.9% في عام 2017، كما بلغ حجم التبادل التجاري 191 مليار دولار في عام 2017، أما في عام 2016 فبلغ 171 مليار دولار أمريكي.

حيث تعددت الآليات السياسية ومنها:

1– وثيقة الصين تجاه الدول العربية  2016:

في مطلع العام 2016 أصدرت الحكومة الصينيّة وثيقة رسمية هي الأولى من نوعها التي تصدر حول سياسة الصين تجاه الدول العربية، استعرضت خلالها الروابط التاريخية التي تجمع الصين بالدول العربية، ومجالات وآفاق التعاون المشترك بين الجانبين.

وذلك حرصًا منها على توضيح المبادئ التي تلتزم بها لتطوير العلاقات الصينيّة العربية في شتى المجالات، وتعد الوثيقة أول وثيقة رسمية توضح السياسات الصينيّة تجاه الدول العربية ما يدل على مدى اهتمام الصين بعلاقاتها مع الدول العربية.

وفي هذا الإطار اتخذت السياسة الصينيّة بمبدأ التشاور لتعزيز البناء المشترك بين الجانبين الصيني والعربي لـ «مبادرة الحزام والطريق» ([5])، حيث تمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين، ومن جانب آخر أصبحت الدول العربية أكبر مورد للنفط الخام للصين وسابع أكبر شريك تجاري لها، وتجاوبت مع المبادرات الصينيّة التي تدعو إلى المشاركة في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن 21.([6])

ولاشك أن هناك خطوات سابقة اتخذتها بكين لتدعيم العلاقات البينية بين الصين والدول العربية قبل إصدار الوثيقة ومنها:

2– منتديات التعاون الإقليمي  Regional Cooperation Forum:

ومن أهمها منتدى التعاون الصيني– العربي China–Arab states cooperation Forum الذي تأسس في عام 2004، وأصبح إطارًا للتعاون الجماعي يشمل مجالات عديدة، وفي العام 2010 تمت إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة بين الصين والدول العربية، الأمر الذي أدخل التعاون الجماعي الصيني العربي إلى مرحلة جديدة من التطور والتقدم النوعي على نحو شامل.

3– الحوار الاستراتيجي بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية:

تعتبر منطقة الخليج العربي من المناطق الاقتصادية التي باتت على اهتمام السياسة الصينيّة في الآونة الأخيرة، مما يحقق تنوع التوزيع الجغرافي للاستثمارات الصينيّة من جانب، ويحقق أسواقًا رائجة للسلع الصينيّة من جانب آخر، ولهذا تم إقرار «خطة العمل للحوار الاستراتيجي بين جمهورية الصين الشعبية ودول أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2014-2017)» التي حددت أهداف التعاون بين الجانبين في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والطاقة وحماية البيئة وتغير المناخ والثقافة والتربية والتعليم والصحة والرياضة وغيرها، وذلك للإسراع بوتيرة عملية المفاوضات حول إنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، نظرًا لما لديهما من مميزات التكامل الاقتصادي القوية.

وفي هذا الإطار قامت الصين بتوقيع العديد من العقود مع نظيراتها الخليجية وتحديدًا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شملت العقود مجالات النفط والبناء وتجارة السلع مستفيدة من وجود منطقة التجارة العربية الحرة لنقل السلع الصينيّة دون عوائق جمركية من دبي إلى بقية الدول العربية، وتعد دبي واحدة من أهم المناطق الاقتصادية للصين بمنطقة الخليج، حيث يوجد بها نحو 5 آلاف شركة صينيّة، فيما تركزت الاستثمارات الصينيّة بالخليج في قطاع المقاولات والنفط، فضلاً عن تحول الصين إلى واحدة من أهم الدول المستوردة للنفط الخليجي وتحديدًا من المملكة العربية السعودية، حيث سجل حجم التبادل التجاري بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي حوالي 165 مليار دولار أمريكي في عام 2015.

4– منتدى التعاون الصيني – الأفريقي:

(FOCAC) (Forum on China–Africa Cooperation)

يعتبر منتدى التعاون الصيني– الأفريقي الإطار الرئيس للتشاور والحوار بين الصين والقارة الأفريقية، وقد تأسس بمبادرة صينيّة وعقد مؤتمره الوزاري الأول ببكين في الفترة من 10 إلى 12 أكتوبر 2000، جدير بالذكر أن حجم التجارة بين الصين والدول الأفريقية بلغ 170 مليار دولار أمريكي، عام 2017 بزيادة 14 بالمائة على أساس سنوي، حيث بلغ 149.2 مليار دولار أمريكي في عام 2016، لتصبح الصين أكبر شريك تجاري للدول الأفريقية لثماني سنوات على التوالي.

حيث تزايدت الواردات الصينيّة من أفريقيا بنسبة 33%، لتصل قيمة الواردات إلى 75.3 مليار دولار أمريكي، أما صادراتها فارتفعت لتصل قيمتها إلى 94.7 مليار دولار أمريكي بنسبة 3 بالمائة على أساس سنوي.([7])

من جهة أخرى سجلت تدفقات الاستثمارات الصينيّة المباشرة غير المالية في أفريقيا 3.3 مليار دولار أمريكي في عام 2016، وشملت قطاعات البناء والتعدين وتجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية وغيرها، كما وقعت الشركات الصينيّة على عقود لمشروعات جديدة بقيمة 82 مليار دولار أمريكي في أفريقيا في العام الماضي بزيادة 8%، لتصبح أفريقيا ثاني أكثر سوق للشركات الصينيّة.([8])

ثانيا مجالات مبادرة الحزام والحرير

استطاعت السياسة الخارجيّة الصينيّة تدعيم علاقتها مع الدول العربية في ضوء مبادرة الحزام والحرير من خلال العديد من المجالات المختلفة ومنها:

1– الفضاء السيبراني:

ظهرت أهمية الفضاء السيبراني الاستراتيجية كقضية تتعلق بالأمن القومي في ظل تزايد الاعتماد الدولي عليه فيما يتعلق بتسيير عمل البنية التحتية الكونية للمعلومات‏ من جانب، هذا بالإضافة لكونه يُمثل «الذراع الرابعة للجيوش الحديثة» من جانب آخر، ولهذا استطاعت السياسة الصينيّة استثمار تفوق الاقتصاد الرقمي لديها في تدعيم التعاون مع الدول العربية، ولاسيما أن حجم الاقتصاد الرقمي في الصين بلغ (27.2) تريليون يوان، وهو ما يمثل (32.9%) من الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2017، ومن ثم أصبح الاقتصاد الرقمي محورًا جوهريًا للنمو الاقتصادي الصيني، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن الأكاديمية الصينيّة للمعلومات والاتصالات التابعة لوزارة الصناعة والمعلومات الصينيّة.([9])

وفي هذا الإطار تم تدعيم التعاون بين الصين والعديد من الدول لتعزيز التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي، وذلك خلال المؤتمر العالمي الرابع للإنترنت الذي عُقد في ديسمبر 2017 في مدينة هانغتشو الصينيّة، حيث تشمل المبادرة تحسين الاتصال بالإنترنت وجودته، والتحول الرقمي والتعاون في التجارة الإلكترونية علاوة على تقديم المزيد من الدعم لشركات الإنترنت الناشئة، كما تهدف المبادرة إلى تعزيز شفافية السياسات الاقتصادية الرقمية.([10])

2– طريق الحرير الفضائي:

في ضوء التعاون العربي الصيني في مجال الفضاء، أعلنت الصين نجاحها في إطلاق أول قمر اصطناعي جزائري للاتصالات في ديسمبر 2017؛ مما يمثل تطورًا في الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية في مجال الفضاء، ولهذا أطلق عليه «طريق الحرير الفضائي»، لما له من أبعاد استراتيجية.

وفي هذا الإطار تم بحث إقامة «المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا» والتشارك في بناء «مركز التدريب العربي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية»، وبحث مشروع تشغيل نظام «بيدو» الصيني لتحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية في الدول العربية، جدير بالذكر أن نظام «بيدو»، استطاع تقديم خدمات اتصالات إلى 30 دولة على طول مبادرة الحزام والطريق، أي الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن 21، من بينها السعودية وباكستان وفيتنام، ومن المخطط أن يتم إطلاق 18 قمرًا اصطناعيًا في عام 2018 لتغطية دول مبادرة الحزام والطريق بما فيها الدول العربية، ويحقق ارتباط أكثر من 30 قمرًا اصطناعيًا، لتغطية أنحاء العالم وذلك بحلول عام 2020.([11])

3– الاستثمارات النفطية:

استطاعت الصين تدعيم استثماراتها النفطية مع الدول العربية، حيث تمتلك الدول والمناطق الواقعة على الحزام والطريق موارد كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، حيث يشكل احتياطي النفط المكتشف 57% من الإجمالي العالمي، والغاز الطبيعي المكتشف 78% من الإجمالي العالمي، ومن الجدير بالذكر أن مجموعة بترو تشاينا الصينيّة استثمرت ما يزيد على 51 مليار دولار أمريكي في الدول والمناطق الواقعة على الحزام والطريق حتى نهاية 2016، حيث قامت شركة شمال الصين الصناعية بالتعاون مع شركات نفطية أخرى لإدارة 6 مشاريع في الدول الواقعة على الحزام والطريق، بما فيها مصر والعراق وكازاخستان وميانمار، حيث يبلغ احتياطي هذه المشاريع نحو 1.3 مليار طن، ويتجاوز حجم التجارة 60 مليون طن سنويًا.([12])

وفي هذا الإطار سعت بكين إلى تفعيل التعاون الاستراتيجي مع المملكة العربية السعودية ودفع التكامل الاستراتيجي بين مبادرة الحزام والطريق الصينيّة وخطة رؤية المملكة 2030 من خلال التعاون في مختلف المجالات عن طريق اللجنة المشتركة عالية المستوى الصينيّة – السعودية  ([13])، ولاسيما أن حوالي 70% من إجمالي حجم الصادرات السعودية من النفط الخام اتجهت إلى آسيا في العام الجاري، وتعد الصين أكبر دولة لاستيراد المنتجات السعودية.([14])

أما في دولة الإمارات العربية المتحدة فقد قامت شركة هواشين الصينيّة بتوقيع اتفاقية رسمية مع شركة أبو ظبي للبترول الوطنية في 20 فبراير 2017،  وحصلت من خلالها على 4% من حقوق تطوير حقول النفط في الإمارة، لمدة 40 سنة، كما تم التوقيع على اتفاقية طويلة المدى للتزويد بالنفط بحجم 10 ملايين طن سنويًا، وعلى أساسها يتم تزويد الصين بـ13 مليون طن من النفط الخام كل عام.

ومن الجدير بالذكر أن شركة هواشين الصينيّة ثامن أكبر شركة عاملة في مجال الطاقة في الصين – وهي الشركة الخاصة الوحيدة ضمن أقوى 10 شركات طاقة في الصين، وتعد في المرتبة 229 لعام 2016 على «قائمة أقوى 500 شركة في العالم» لمجلة «فوربس» الأمريكية.

وفي كازاخستان استطاعت شركة هواشين توقيع اتفاقية بين الصين وكازاخستان في نهاية العام 2016، للتوصل إلى اتفاقية النقل الحديدي للنفط والغاز، حيث تم النفط والغاز المسال عبر السكك الحديدية من كازاخستان إلى الصين في 12 يناير2017.([15])

كما قامت الصين بتدعيم استثماراتها في ميناء جوادر بباكستان، حيث يتميّز بموقعه الاستراتيجي على مضيق هرمز حيث يمر ثلث نفط العالم من خلاله، وقد أعلنت الصين استثمار نحو 4.5 مليار دولار في لوجستيات المشروع بميناء جوادر.

وتقدّر تكلفة الاستثمار السنوي في المشروع الصيني بنحو 150 مليار دولار سنويًا؛ حيث ينقسم المشروع إلى حزام برّي وطريق بحري، ويقع جوادر ضمن خطة الحزام البري الذي يتكون من 6 طرق رئيسة أشهرها طريق قطار لندن الذي يقطع 18 ألف كيلومتر ويمر بتسع دول (الصين، كازاخستان، روسيا، بلاروسيا، بولندا، ألمانيا، بلجيكا، بريطانيا، وفرنسا).([16])

وفي إطار تدعيم التعاون الاقتصادي بين بكين وإسلام آباد تم تدشين الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، والذي يبلغ إجمالي استثماراته 46 مليار دولار، وسيتم إنجازه على ثلاث مراحل مُتعاقبة، حيث تهدف باكستان الحصول على شبكة كبيرة في مجالات «النفط –الطاقة –الطرق- الاتصالات»، وهذا ما يتّضح في الخريطة رقم (1).

ومن ثَمَّ أسفر تعزيز التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي إلى العديد من المنافع المشتركة للدول والمناطق الواقعة على الحزام والطريق.

4– العقاقير الطبية:

أصبحت تجارة العقاقير بين الصين والدول تشكل مجالاً كبيرًا لتدعيم التعاون بين بكين والدول العربية، حيث بلغت قيمة تجارة واردات وصادرات الصين من العقاقير 997 مليون دولار أمريكي في منتصف عام 2017، منها 319 مليون دولار أمريكي لتجارة العقاقير مع الدول والمناطق الواقعة على طول «الحزام والطريق» بارتفاع قدره 35.1%، لتحتل 31.95% من الإجمالي.  

خريطة رقم (1)

الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني

وفي الفترة ما بين يناير إلى سبتمبر من 2017 بلغ حجم الواردات والصادرات من العقاقير بين الصين والدول والمناطق على طول «الحزام والطريق» 115.8 ألف طن بزيادة 25.3 في المائة ليحتل 50.35% من إجمالي التجارة الصينيّة للعقاقير.

ولقد تصدرت بنجلاديش، باكستان، والمملكة العربية السعودية، تايلاند، فيتنام، ماليزيا، الهند، إيران، سنغافورة، إندونيسيا، العشر مراتب الأولى بين أكبر دول «الحزام والطريق» في تجارة العقاقير مع الصين، وبلغ حجم تجارة العقاقير مع هذه الدول 87.99 في المائة لحجم تجارة العقاقير بين الصين والدول والمناطق على طول «الحزام والطريق».([17])

خاتمة

لقد حققت مبادرة بناء الحزام والطريق منذ عام 2013 وخلال خمس سنوات «إنجازات متميزة» في جميع المجالات المختلفة، ولاسيما أن حجم التجارة بين الصين والدول ذات الصلة بـ«الحزام والطريق» بلغ 1.44 تريليون دولار أمريكي، بزيادة نسبتها 13.4 في المائة في عام 2017 مقارنة بعام 2016.

ومن ثم يمكن القول إنَّ التعاون العربي الصيني يحقق فوائد للطرفين، فإذا كانت الصين تسعى لتدعيم دورها «في النظام الاقتصادي العالمي»، وتقدم رؤيتها للعلاقات الاقتصادية الدولية لتحقيق العدالة والتكافؤ بين مختلف دول العالم، فإن الدول العربية تعمل على تنمية استثماراتها الاقتصادية وتطوير البنية التحتية مع الصين بما يحقق فوائد للطرفين.


([1])Robbie Gramer , “China’s railway from the Pacific to London showcases the country’s turn toward Europe at a time of tension with the United States”, foreign policy, January 4, 2017:    

([2]) د. سمر إبراهيم محمد “تصاعد مكانة الصين في الاقتصاد الدولي”، دورية آفاق آسيوية، العدد الأول، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة ، مايو 2017، متاح على الرابط:

http://www.sis.gov.eg/Story/142454?lang=ar

([3])            China GDP Annual Growth Rate , Trading economics site,18-1-2018 ,Available At:

https://tradingeconomics.com/china/gdp-growth-annual

([4]) تقرير صيني: في عام 2017 … حصاد وافر للتعاون التجاري الصيني- العربي في إطار مبادرة الحزام والطريق، 18/7/2018، منتدى التعاون الصيني العربي متاح على الرابط:

http://www.cascf.org/ara/zagx/gjydyl/t1578213.htm

([5]) د. سمر إبراهيم محمد، “تصاعد مكانة الصين في الاقتصاد الدولي”، مرجع سابق.

([6]) النص الكامل: وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية، صحيفة الشعب اليومية، 14/1/2016، متاح على الرابط:                       http://arabic.people.com.cn/n3/2016/0114/c31664-9003499.html

([7]) 170 مليار دولار حجم التجارة بين الصين وأفريقيا في عام 2017، وكالة شينخوا،  27/2/2018، متاح على الرابط:                                       http://arabic.news.cn/2018-02/27/c_137003215.htm

([8]) د. سمر إبراهيم محمد “تصاعد مكانة الصين في الاقتصاد الدولي”، مرجع سابق.

([9]) الاقتصاد الرقمي يمثل 32.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وكالة شينخوا، 16/4/2018، متاح على الرابط:                                   http://arabic.news.cn/2018-04/16/c_137114952.htm

([10]) إطلاق مبادرة بشأن التعاون الاقتصادي الرقمي في إطار مبادرة الحزام والطريق، صحيفة الشعب اليومية، 4/12/2017، متاح على الرابط: http://arabic.people.com.cn/n3/2017/1204/c31660-9300282.htm

([11]) طريق الحرير الفضائي، وكالة شينخوا الصينية، 12/12/2017، متاح على الرابط:

http://arabic.news.cn/2017-12/12/c_136820154.htm

([12]) الصين تعزز التعاون في مجالي النفط والغاز الطبيعي ضمن مبادرة الحزام والطريق، وكالة شينخوا، 28/11/2017، متاح على الرابط:

http://arabic.people.com.cn/n3/2017/1128/c31659-9298036.html

([13]) الرئيس شي يؤكد على الالتزام بتعميق التعاون الاستراتيجي مع السعودية، شينخوا الصينية، 17/11/2017، متاح على الرابط:                             http://arabic.news.cn/2017-11/17/c_136758233.htm

([14]) الصين تعزز التعاون في مجالي النفط والغاز الطبيعي ضمن مبادرة الحزام والطريق، وكالة شينخوا، 28/11/2017، متاح على الرابط:

http://arabic.people.com.cn/n3/2017/1128/c31659-9298036.html

([15]) شركة هواشين الصينية ترفع استثماراتها في الدول الواقعة على الحزام والطريق، 17/5/2017، متاح على الرابط:     http://arabic.cctv.com/2017/05/17/ARTI8oiBQoGIRhFUYXOS9xaL170517.shtml

([16]) إسلام المنسي، الحزام والطريق: الصين ولعبة السيطرة على مفاصل العالم، 14/5/2017، متاح على الرابط:

https://www.ida2at.com/belt-and-road-china-and-the-game-of-controlling-the-world

([17]) تجارة العقاقير بين الصين ودول «الحزام والطريق» ترتفع إلى 319 مليون دولار 22/11/2017، متاح على الرابط:                    http://arabic.people.com.cn/n3/2017/1122/c31659-9295681.html

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى