2022العدد 192ملف دولى

قضية تايوان ومستقبل العلاقات الأمريكية الصينية

شهدت العلاقات بين كل من (الولايات المتحدة، والصين) حالات مد وجزر في ظل تعاقب الإدارات الأمريكية المختلفة سواء على مستوى الجمهوريين أو الديمقراطيين على حد سواء، إلا أنها لم تشهد منعطفات حادة تستوجب القطيعة أو المواجهة إلا بعد وصول الرئيس الأمريكي الأسبق “دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض عام 2016، وبعد أن أصبحت الصين  قوى عظمى منافسة للولايات المتحدة.

لم يتخل الرئيس الأمريكي الحالي “بايدن” بالكامل عن نفس السياسات التي انتجها سلفه إزاء بكين؛ ففي 2 مارس 2021، أصدر بايدن التوجيه الإستراتيجي المؤقت الذي يتضمن رؤية إدارته، والتي اعتبرت الصين التحدي الأكبر للنظام الدولي، حيث لم تخف الصين رغبتها في إعادة تشكيل النظام العالمي وإعادة تموضعها في موقع القيادة لتكون منافسًا لأمريكا، وهو ما تسعى الأخيرة تحديدًا لاحتوائه.

وجدير بالذكر أن الصين قد تمكنت من التغلب على العديد من المشاكل والتحديات على الصعيدين (الداخلي، والخارجي) في عصر الحرب الباردة، وشقت طريقها نحو التحديث والصناعة، واستطاعت أن تحتل المركز الاقتصادي الثاني عالميًّا وتشير بعض الدراسات إلى أنه من المتوقع أن يحتل اقتصادها  المركز الأول عام 2030.

ولعل المسألة الأهم في التجربة الصينية هي تركيزها على بناء الصين، وعدم ترويجها لنظامها الاشتراكي أو نموذجها الأيديولوجي دوليًّا، أو محاولة فرضه على العالم.

وفي الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة تراجعًا واضحًا في أكثر من ميدان، فإن بعض الخبراء الإستراتيجيين في الصين يطرحون السؤال التالي: لو كنا مكان الولايات المتحدة الأمريكية، وحرمنا الدول الأخرى من الوصول إلى المكانة التي تحتلها لتصبح ندًا لنا، ألن يشكل هذا مصدرًا للتوتر بينها وبين الدول التي تسعى إلى تحقيق ذلك؟ ويعتقد الصينيون –عن حق– أن الأمريكيين ليس لديهم أي سبب مشروع للتدخل في شؤون الصين ومحاولة عرقلة تقدمها ونموها وتموضعها لتكون ندًا لأمريكا، وهو الطموح الذي تسعى الولايات المتحدة تحديدًا لاحتوائه.

ومن هنا يتطرق هذا المقال لمشكلة تايوان وكيف أصبحت تحتل بؤرة الاهتمامات الأمريكية والصينية الراهنة؟ ونتناول الأهمية الإستراتيجية لتايوان، ثم نستعرض أخيرًا لسيناريوهات مستقبل العلاقات الأمريكية الصينية.

كيف احتلت مشكلة تايوان بؤرة الاهتمامات الأمريكية الصينية؟

احتلت قضية تايوان مكانًا ملحوظًا في خطاب الرئيس الصيني “شي جين بينج” أمام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، حيث أكد مجددًا أن “حل قضية تايوان مسألة تخص الصينيين (وحدهم)”. وذكر أن الصين ستواصل سعيها من أجل إعادة التوحيد السلمي، لكنها لن تتعهد أبدًا بالتخلي عن استخدام القوة، وأن الصين تحتفظ بخيار اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لذلك.

وفي الواقع هذه ليس المرة الأولى التي تعلن فيها الصين إمكانية استخدام القوة؛ إذ يشير قانون مناهضة الإنفصال لعام 2005 إلى إمكانية إعادة التوحيد في أي وقت تختاره الصين سواء بالوسائل السلمية أو بالقوة.

وتنص المادة الثامنة من هذا القانون على ما يلي: في حال قيام القوات الانفصالية لاستقلال تايوان بالتصرف تحت أي اسم أو بأي وسيلة تسبب في انفصال تايوان عن الصين، أو في حال وقوع أحداث كبرى تنطوي على انفصال تايوان عن الصين، أو كانت هناك احتمالات بالسعي لاستنفاذ جهود إعادة التوحيد السلمي بالكامل، يتعين على الدولة استخدام الوسائل غير السلمية وغيرها من الإجراءات الضرورية لحماية سيادة الصين وسلامة أراضيها، ومن ثم تعتبر بكين قضية تايوان وثيقة الصلة بقضايا الأمن القومي الصيني والوحدة الوطنية الصينية.

 وفي أغسطس 2022 وقبيل انعقاد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، نشر مكتب شؤون تايوان التابع لمجلس الدولة والمكتب الإعلامي لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية، ما أسماه “ورقة بيضاء” بعنوان “مسألة تايوان وإعادة توحيد الصين في العصر الجديد”، وجوهر الورقة البيضاء هو أن تايوان جزء من الصين، وهي ملتزمة بشدة بإعادة التوحيد.

وتنص الورقة البيضاء على ما يلي:

الاعتراف بامتلاك البر الرئيسي (الصين الأم)، وتايوان لأنظمتهما الاجتماعية وأيديولوجياتهما المميزة. وفي هذا الصدد فإن مبدأ “دولة واحدة ونظامان” وهو الحل الأكثر شمولًا لهذه المشكلة.

كما حظيت قضية تايوان باهتمام صانعي القرار السياسي في الولايات المتحدة؛ حيث أعرب وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” عن انزعاجه من التصريحات الصينية بشأن تايوان، وعبر عن إعتقاده بأن “بكين ستسرع خطواتها للإستيلاء عليها”. كما أضاف بلينكن أن: “الوضع القائم منذ أربعة عقود، والذي تعترف فيه الولايات المتحدة بصين واحدة في نفس الوقت، الذي تزود فيه الجزيرة بأسلحة للدفاع عن نفسها _قد ساعد في ضمان عدم اندلاع نزاع بين الولايات المتحدة، والصين حول تايوان”.

ومضيفًا أن: “القرار الذي اتخذته الحكومة في بكين بأن الوضع القائم لم يعد مقبولًا، وأنهم يريدون تسريع العملية التي سيواصلون من خلالها إعادة التوحيد”.

كما أوضح أن الصين استخدمت الإكراه وجعل الحياة صعبة بطرق متنوعة في تايوان، على أمل أن يؤدي ذلك إلى التعجيل بإعادة التوحيد، وإنه في حال عدم نجاح ذلك تتمسك الصين بإمكانية استخدام القوة لتحقيق أهدافها.

وقد سعت واشنطون إلى التأثير على موقف حلف شمال الأطلسي(الناتو) حيال مشكلة تايوان، حيث اعتبر الحلف أن الصين تشكل تحديًا لمصالح “دول الناتو وأمنها”، وذلك ضمن خريطة الطريق الإستراتيجية الجديدة التي اعتمدها خلال قمته في مدريد، وأضاف أن طموحات الصين المعلنة وسياساتها القسرية تتحدى المصالح والأمن وقيم دول الناتو.

كما لوحظ تناقض التحركات الأمريكية إزاء قضية تايوان مع تصريحات واشنطن وتعهداتها بشأن صين واحدة، ففي عام 2018 أصدر الكونجرس قرارًا يعرف بـ(قانون السفر إلى تايوان)، يتيح سفر المسؤولين الأمريكيين إلى تايوان واستقبال واشنطن مسؤولي الحكومة التايوانية فضلًا عن قرارات أخرى ذات صلة بتعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية وعقود التسليح مع تايوان بغض النظر عن اعتراضات بكين. وتعد زيارة “نانسي بيلوسي” رئيس مجلس النواب الأمريكي من العوامل التي أدت إلى زيادة حدة التوتر القائم بين كل من (واشنطن، وبكين)، حيث أكدت خلال زيارتها أن الكونجرس الأمريكي بشقيه (الديمقراطي، والجمهوري) ملتزم بأمن تايوان وحقها بالدفاع عن نفسها” ضاربة عرض الحائط بتحذيرات بكين. وفي المقابل كان مجلس الشعب القومي الصيني قد أصدر قانونًا لتعزيز العلاقات مع تايوان، مع التأكيد برفض استقلالها والاستعداد لاستخدام القوة العسكرية لمنع الانفصال إذا دعت الضرورة لذلك.

ومن جانبه أكد المكتب الرئاسي في تايوان”إن الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي لن تتخلى عن سيادتها أو تتنازل عن الحرية والديمقراطية، وإن شعبها يعارض بوضوح سياسة بكين الخاصة بإدارتها وفقًا لمبدأ “بلد واحد ونظامان””. لافتا إلى “إن الحفاظ على السلام والإستقرار في مضيق تايوان والمنطقة مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجانبين، وإن اللقاء في ساحة المعركة ليس خيارًا”.

وقد جاء هذا البيان ردًا على ما ورد في خطاب الرئيس الصيني “شي جين بينغ” في افتتاح مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم من أن “حل قضية تايوان يعود إلى الشعب الصيني، وأن بكين لن تتخلى أبدًا عن حق استخدام القوة مع الجزيرة”، كما ندد بكل نزعة انفصالية وتدخل بشأن تايوان التي تعتبرها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.

الأهمية الإستراتيجية لتايوان.

ترجع الأهمية الإستراتيجية لتايوان إلى احتكارها صناعة الرقائق الإلكترونية الدقيقة على مستوى العالم (السيارات، والآلات الزراعية،… وغير ذلك)، حيث تنتج تايوان حوالي 92% من إجمالي الرقائق الإلكترونية المتقدمة([1]).

وجدير بالذكر أن صناعة السيارات الأمريكية التي تعتمد بشكلٍ أساسي على الرقائق الإلكترونية، قد توقعت خسارة إيرادات تقدر بنحول 210 مليارات دولار، بعد أن أدى تباطؤ إنتاج المصانع الناجم عن جائحة فيروس كورونا إلى نقص في توريد رقائق السيارات؛ حيث أن أى تدمير لهذة الصناعة سيترتب عليه توقف ثلثي إمدادات العالم من  هذه الرقائق، وعليه فإن أفضل طريقة لكسر هذا الاحتكار يتمثل فى زيادة الإنتاج في أماكن أخرى، بما في ذلك في الولايات المتحدة. ولعل قانون صناعة الرقائق الذي تم تمريره أخيرًا بدعم من الحزبين (الجمهوري، والديمقراطي)، يعد خطوة جيدة لمحاولة السيطرة على هذا الإحتكار.

تصاعد التوترات بين بكين وواشنطن:

تصاعد التوتر مؤخرًا بين كل من (واشنطن، وبكين) تجسد ذلك في التصريحات التي أدلى بها الرئيس الصيني، والذي أكد أن “بكين ترفض منطق الحرب الباردة في العلاقات الدولية، وتنتهج سياسة خارجية مستقلة وسلمية، وتعارض بحزم جميع أشكال الهيمنة والسياسات القائمة على القوة، وتعارض التدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية كما تعارض ازدواجية المعايير”. وأضاف أن “الصين لن تسعى إطلاقًا إلى الهيمنة، ولن تنخرط في (أنشطة) توسعية”. كما شدد الرئيس الصيني على أن حل قضية تايوان يعود إلى الشعب الصيني، وأن بكين لن تتخلى أبدًا عن استخدام حق القوة مع الجزيرة، وندد بكل نزعة انفصالية وتدخل بشأن تايوان التي تعدها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.

ومن جانبها أكدت واشنطن أنه في حالة غزو الصين لتايوان فإن القوات الأمريكية ستدافع عن الجزيرة؛ حيث تتعامل واشنطن مع بكين من منظور أنها العدو، وتتعامل معها بوصفها التهديد الأول والأكبر والمباشر للحضارة الأمريكية ولهيمنة واشنطن على العالم خلال الحقبة المقبلة، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات الأمريكية الصينية، ومن ثم إلى انعدام الثقة وسوء الفهم المتبادل بين الجانبين.

وتجدر الإشار إلى قيام عدة مسؤولين وخبراء أمريكيين بالتحذير من النهج الاستعدائي للصين وتداعياته السلبية على المصالح الإستراتيجية الأمريكية، حيث طالبوا الإدارة الأمريكية بضرورة العمل على مد جسور العمل والتفاهم والتنسيق مع الصين، والعمل على ترشيد توجهاتها العالمية، وتقنين تطلعاتها الإستراتيجية بدلًا من النظر إليها كأنها العدو الأوحد، الأمر الذي ينذر بحدوث مواجهة بين الجانبين.

وفي هذا الإطار ينتقد البعض السياسة الأمريكية الراهنة حيال تايوان ويدعون واشنطن إلى الالتزام بسياسة الصين الواحدة، في ضوء ما يرونه من ميل أمريكي للتورط في مواجهة خطيرة مع الصين. ويرى هذا الفريق من الخبراء أيضًا أن أفضل طريقة لضمان الأمن التايواني وتشجيع التفاعل بين (بكين، وتايبيه)، هي تأكيد التزام واشنطن بالسيادة الصينية وقطع كل العلاقات العسكرية مع تايوان والإصرار على التزام الجزيرة بسياسة صين واحدة([2]).

ويرى بعض المراقبين السياسيين أن تبني مقاربة أمريكية تعاونية مع بكين سيؤدي إلى تعزيز المكاسب الأمريكية الإستراتيجية في منطقة مهمة كالقارة الآسيوية، كما يعينها على المساهمة في الحفاظ على السلم والازدهار فيها بأقل كلفة ممكنة، إذ أنه سيؤدي إلى تقليص مخزون واشنطن الهائل من الوجود العسكري والكلفة الاقتصادية في المنطقة وعبر المحيط الهادئ، فضلًا عن أنه سيجنب الأمريكيين أضرارًا وخسائر هائلة يمكن أن تتأتى من خلال التسرع في استعداء الصين وتعجل الصدام معها.

السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الصينية – الأمريكية:

توترت العلاقات الأمريكية الصينية في الفترة الأخيرة، حيث وصلت إلى درجة غير مسبوقة من الشد والجذب في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي” على رأس وفد أمريكي لتايوان خلال شهر أغسطس2022؛ لتصبح أول مسؤولة أمريكية رفيعة المستوى تزور تايوان منذ عام 1997.

وقد أثارت هذه الخطوة غضب السلطات الصينية والتي أطلقت جملة من التحذيرات لواشنطن قبيل الزيارة. هذا بالإضافة إلى ما أعلنته كل من( وزارة الدفاع الصينية، وجيش التحرير الشعبي) من اتخاذ تدابير عسكرية للرد على الزيارة؛ فقد أشار بيان صادر عن قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني أن “سلسة من التدريبات ستجري في البحر والجو المحيط بتايوان”. كما أكدت وزارة الدفاع الصينية أن ” الجيش الصيني سيجري مناورات عسكرية وتدريبات مهمة” مشيرة إلى أن “الجيش الصيني في حالة استعداد قتالي”؛ حيث سينفذ عمليات عسكرية محددة الهدف لإحباط تدخل القوى الخارجية وخطط استقلال تايوان الانفصالية. وعليه فقد أطلق المسؤولون الصينيون تحذيرات لشركات الطيران المدني بعدم الإقتراب من المجال الجوي قرب تايوان، حيث حددوا ست مناطق على أنها “مناطق خطر” .

وفي وقت لاحق ظهرت مؤشرات مقاربة تصالحية بين الجانبين، تجسدت في اللقاء الذي جمع بين وزيري الخارجية (الأمريكي، والصيني) على هامش اجتماعات الدورة السنوية (77) للجمعية العامة في نيويورك، حيث تم خلال هذا اللقاء التأكيد على أهمية الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة وإدارة العلاقات بين كل من (الولايات المتحدة، والصين).

في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس دعا وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” إلى اتخاذ حل سلمي لأزمة تايوان مؤكدًا “يجب أن نكافح بحزم أنشطة تايوان الانفصالية، وأن نتخذ خطوات قوية من أجل التصدي للتدخل الخارجي”. كما أشار وزير الخارجية الصيني في وقت لاحق إلى أن الرئيس الأمريكي والصيني يسعيان إلى “إنجاح العلاقات الصينية الأمريكية” وإلى “الابتعاد عن النزاع والمواجهة”.

وخلال لقائهما الأول على هامش اجتماع مؤتمر مجموعة العشرين- والذي عقد بأندونسيا- أعرب الرئيسان الأمريكي “بايدن”، والصيني”بينغ” عن أملهما في أن تتمكن الدولتان المتنافستان من إدارة خلافهما.

  ومن جانبه أشار الرئيس الصيني “شي جين بينغ” خلال لقائه بنظيره الأمريكي إلى أن “العالم وصل إلى مفترق طرق ويتوقع أن تعالج الدول مشاكلها بشكلٍ صحيح”. وأضاف أنه “يستبعد أنه تكون لدى الصين خطط وشيكة لغزو تايوان، وأن الدولتين تتقاسمان الكثير من المصالح المشتركة، وأن بكين لا تسعى لتحدي واشنطن وتغيير النظام القائم”. ومن ناحيته أوضح الرئيس الأمريكي”بايدن”: “أنه ينبغي وضع حواجز أمان للعلاقات بين البلدين؛ لضمان ألا تتحول المنافسة بينهما إلى نزاع.”

وعليه فإن كلًا من (الولايات المتحدة، والصين) لديه دوافع قوية لتجنب المواجهة وتغليب المقاربة التصالحية.

تتمثل العوامل التي تؤدى إلى تغليب المقاربة التصالحية المرحلية بين الجانبين فيما يلي:

  1. عزوف الصين عن المواجهة العسكرية، والذي يرجع بالأساس إلى إدراك بكين بأن مستوى قواتها العسكرية لم يصل بعد إلى مستوى القوات الأمريكية.
  2. وجود مصالح مشتركة بين البلدين يصعب تجاوزها؛ إذ تعد الصين أكبر دائن للولايات المتحدة.
  3. الحيلولة دون سيطرة الصين على إنتاج الرقائق الدقيقة؛ حيث أنه في حالة استلاء الصين على تايوان سيكون لذلك تداعياته السلبية على إنتاج الرقائق، وقد ينتهي الأمر بسيطرة الصين على مصانع الرقائق الدقيقة أو تدميرها في الصراع العسكري. في كلتا الحالتين سيترتب على ذلك كارثة اقتصادية عالمية.
  4. عزوف الولايات المتحدة عن الانخراط في حروب عسكرية؛ حيث أن انخراطها في حروب فاشلة -كما حدث بالنسبة لأفغانستان والعراق- قد أدى إلى استنفاد مواردها الاقتصادية ناهيك عن الخسائر البشرية، هذا بالإضافة إلى معارضة الرأي العام الأمريكي بشكلٍ عام للانخراط الأمريكي في الحروب.
  5. مواجهة الإدارة الأمريكية الراهنة للعديد من التحديات الداخلية وفي مقدمتها الإرهاب الداخلي وتنامي التيار اليميني المتطرف.

خلاصة القول: أنه من المرجح أن الجانبين سوف يسعيان إلى الحفاظ على الوضع الراهن في تايوان لتجنب الانجرار إلى حرب كارثية، وعلى الرغم من استشعار الإدارة الأمريكية الراهنة مخاطر الإخلال بالوضع الراهن في الجزيرة فإنها لا ترغب في الانخراط في حرب مع الصين، في الوقت الذي تنشغل فيه بمواجهة العديد من التحديات وفي مقدمتها تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية على المصالح الأمريكية.


([1]) The U.S. Has a Microchip Problem. Safeguarding Taiwan Is the Solution,The Atlantic , Jason Matheny, 3/10/2022

([2])  انظر في هذا الشأن كتاب بشير عبد الفتاح المعنون “تجديد الهيمنة الأمريكية”، أوراق الجزيرة رقم 18 الدار العربية للعلوم ناشرون ومركز الجزيرة للدراسات، الطبعة الأولى عام 2010، ص 29-30

اظهر المزيد

د. مصطفى عبدالعزيز

دبلوماسي سابق وكاتب مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى