2018العدد 173دراسات

ما وراء داعش: العودة الأمريكية المتصاعدة والتوازنات الدولية والإقليمية في العراق وسوريا

جاء إعلان رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” في يوليو 2017 بانتصار قواته في مدينة الموصل، وتحريرها من تنظيم “داعش”، ليثير تساؤلات حول السيناريوهات المحتملة لمستقبل العراق، لاسيما أن نتائج تحرير تلك المدينة تشكل محددًا أساسيًا للتفاعلات الإقليمية بل والسياسية الداخلية بين المكونات السنية والشيعية والكردية في العراق، هذا في حين طرأت تحولات جوهرية على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مع تولي إدارة الرئيس دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية مقارنة بسلفه باراك أوباما، خاصة المعركة الدائرة ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، والتي تُعد مقدمة لتحولات استراتيجية بعيدة الأمد في ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط.

فالقرار الذي أصدره الرئيس ترامب بإجراء زيادة ملحوظة في عديد القوات الأمريكية المشاركة في المعركة ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، والزيادة النوعية في الأسلحة المقدمة إلى القوات الكردية والعربية المحلية الحليفة لتحرير مدينة الرقة السورية، كلها تُنذر بحدوث تنافس جيوسياسي قوي على النفوذ قد يستمر لسنوات، وقد يؤدي إلى تشكيل مراكز جديدة للنفوذ، وبؤر صراع جديدة في سوريا والعراق والشرق الأوسط،([1]) وبالتالي فإن التطلعات الأمريكية الجديدة في عهد ترامب، تطلعات باحثة عن إعادة الأمجاد الأمريكية من جديد وخاصة تعزيز المكانة الأمريكية في العالم.([2])

أولاً: التوازنات الدولية والإقليمية والوجود العسكري الأمريكي في العراق وسوريا

تختلف عودة الوجود العسكري الأمريكي إلى العراق بشكل مباشر وتدريجي في مرحلة ما بعد يونيو 2014 التي سيطر فيها تنظيم “داعش” على مساحات واسعة من هذا البلد، عن سابقتها خلال الغزو الأمريكي في مارس 2003، ويكمُن الاختلاف في أن الوجود العسكري الأمريكي هذه المرة جاء بناء على طلب من حكومة بغداد للمساعدة في الحرب على الإرهاب، ما يُضفي الشرعية على القوات الأمريكية بالعراق.

حيث اعتمدت الولايات المتحدة سياسة التدرج في العودة إلى العراق، ابتداءً من انطلاق عملية “الحل المتأصل للإرهاب” لمواجهة داعش في مرحلة ما بعد 10 يونيو 2014، وذلك عبر إرسال قواتها على شكل دفعات بين حين وآخر، وقد كانت الدفعة الأولى 170 جنديًا في يونيو 2014، وانتهى العام ليصل حجم القوات إلى 1550 عسكريًا، وخلال عام 2015 واصلت الولايات المتحدة زيادة حجم قوتها على شكل دفعات حتى وصل عددها إلى ما يقرب من 4000 عنصر يتوزعون بين مدربين وفنيين ومستشارين عسكرين وأمنيين وقوات خاصة، وشهد عام 2016 زيادة في عدد القوات الأمريكية على شكل دفعات تتراوح بين 300 – 500  عنصر ليصل العدد إلى أكثر من 6000 عسكري، فضلاً عن أن هناك ما يقارب من 1800 عنصر إضافي لا تعدهم وزارة الدفاع الأمريكية ضمن قواتها لمحاربة داعش، ويتواجدون في السفارة الأمريكية في بغداد، وعادةً ما يكلفون بمهام مؤقتة وسرية عديدة.([3])

وتُشير التقديرات إلى أن عدد القوات الأمريكية في العراق سيتزايد خلال الفترة المقبلة في ظل توجه إدارة الرئيس دونالد ترامب، لتكثيف التواجد الأمريكي في العراق، بعد أن تم تخويل وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس سلطة اتخاذ القرار بشأن زيادة القوات الأمريكية في العراق وسوريا دون الرجوع إلى البيت الأبيض، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، وبشكل عام لم تكن عودة القوات الأمريكية إلى الساحة العراقية بشكل مباشر إلا نتيجة لعدة متغيرات، يتمثل أهمها فيما يلي:([4])

*  أهمية العراق استراتيجيًا وسياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا للولايات المتحدة الأمريكية.

*  تزايد النفوذ الإيراني في العراق الذي بدأ مع مرحلة الاحتلال الأمريكي، وقد بلغ ذروته في مرحلة تالية للانسحاب الأمريكي، وهو أمر ذو أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة التي تحمّلت تكاليف الحرب والاحتلال، وكانت النتيجة أن تحل محلها إيران.

*  المسعى الروسي للتواجد المباشر في المنطقة، فقد نجحت موسكو بالفعل في تعزيز تواجدها بسوريا، كما تعمل على التواجد في الساحة العراقية.

*  يتطلب سياق الحرب على الإرهاب من الولايات المتحدة الأمريكية التدخل لمواجهة تنظيم داعش في العراق، مرتكزًا على “التسرع” بالانسحاب العسكري من العراق عام 2011، مما أدى إلى عودة نشاط الجماعات الإرهابية، وأضاعت الجهود الأمريكية بتحقيق الاستقرار في العراق قبيل الانسحاب منه.

ومن جهة أخرى، نجد أننا أمام انخراط عسكري أمريكي أيضًا في المسألة السورية، ليس فقط بسلاح الطيران، بل كذلك بقوات برية يزداد عددها باطّراد، وقواعد أرضية ثابتة، وتعزيزات بأسلحة أكثر تطورًا، وقد ظهرت بوادره بتغلغل القوات الأمريكية في البادية وعينها على منطقة التنف، وإقامتها مواقع عسكرية متأهبة بالقرب منها، فمن جهة يهدّد نشر الولايات المتحدة منظومة راجمات صواريخ متطورة من نوع “هيمارس” في منطقة التنف السورية، ووجود مقاتلين أميركيين ونرويجيين، جيش الأسد وحلفاءه الإيرانيين، ومن جهة أخرى، توجيه رسالة إلى موسكو مفادها أن واشنطن لن تُسلّم الحدود السورية– العراقية– الأردنية إلى قوات توالي سلطة الأسد وإيران، ومن ثمّ الحؤول دون الإمساك بمقاليد طريق سريع يربط بين دمشق وبغداد وطهران، ما يشير إلى أن واشنطن قرّرت منع روسيا، وخصوصًا حليفها الإيراني، من السيطرة وإدارة الرقة بعد “داعش”، ما استدعى أن تُعلن روسيا تعليقها لاتفاق (منع الاشتباك) الذي يهدف إلى منع وقوع حوادث جوية مع قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سماء سورية.([5])

ووفق ذلك، أصبحت طبيعة التوازنات الدولية والإقليمية للدول المعنية بالصراع في العراق خاصة الموصل، إحدى أهم العوامل التي بمقتضاها ستشكل خريطة العراق الجديدة وربما خريطة منطقة المشرق العربي بأكملها، ويأتي دور إيران في العراق ليشكل بالنسبة لإيران أهمية جيوسياسية، من حيث موقعها الجغرافي المتاخم للحدود السورية، وما يعنيه ذلك من أهمية بالنسبة لبحثها عن موطئ قدم في منطقة الحدود العراقية – السورية بما يضمن ممرًا جغرافيًّا لمشروعها الإقليمي الممتد من الحدود العراقية – الإيرانية، ثم إلى الداخل العراقي، وصولًا إلى الحدود العراقية – السورية، والعبور داخل الأراضي السورية عبر مدن الساحل، وصولاً إلى لبنان حيث حزب الله الشريك اللبناني الرئيسي لإيران، وبالتالي فإن ضمان إيران لنفوذها في محافظة نينوى وتحديدًا الموصل، كفيل بعرقلة أية تحالفات إقليمية أو دولية تكون الموصل مسرحًا لها، هذا فضلًا عن رغبة طهران في وأد مشاريع الأقلمة العراقية إذا تم طرحها مستقبلاً، لاسيما فيما يتعلق بمنح السنة حق الإدارة الذاتية لمحافظاتهم ومدنهم، وعرقلة سيناريوهات جعل مدينة الموصل بمحافظة نينوى النموذج السني الأول لمشروعات الأقلمة في مرحلة ما بعد داعش، لأن ذلك سيقطع تواصل مشروعها الإقليمي من الناحية الجيوسياسية الذي يمر بمحافظات الغرب العراقية ذات الغالبية السنية.([6])

على الجانب الآخر، يأتي الدور التركي والواضح أنها تتحرك إزاء التطورات في العراق وسوريا مدفوعة بجملة من الأهداف، أولاً: تريد تركيا الحد من نفوذ الأكراد وترى أنهم حققوا مكاسب كبيرة من الحرب على “داعش” والدعم الذي تلقوه من الغرب، وأنقرة كانت على الدوام متخوفة من حلم قيام دولة كردية، لا سيما أنه يوجد في أرضها أكبر عدد من الأكراد في المنطقة، وفي هذا الإطار فإن تحركات أنقرة في معارك العراق وسوريا تبقى موجهة بالأساس لمنع تمدد الأكراد،([7]) وكذلك لضرب قواعد حزب العمال الكردستاني التركي. ثانيًا: ترى أنقرة أن إيران تعزز نفوذها في العراق وسوريا، وتشارك بشكل مباشر في الحرب الدائرة فيهما، وهو أمر مقلق لها بسبب التنافس الكامن بين البلدين. وثالثًا: تشعر تركيا بقلق أمني نتيجة تدفق اللاجئين على أراضيها، إضافة إلى مخاوفها من العمليات الإرهابية سواء من “داعش” أو من حزب العمال الكردستاني. رابعًا: أن تركيا إردوغان ترى أنه في ظل التنافس الإقليمي واشتعال الطائفية في المنطقة، فإن لديها دورًا تلعبه بوصفها بلدًا سنيًا كبيرًا، وخصوصًا إزاء أزمتي سوريا والعراق.([8])

هذه الحسابات التركية وضعت أنقرة في دائرة الاحتكاك مع روسيا وأمريكا، ففي موضوع الأكراد هناك شد وجذب بين تركيا وحليفها الأمريكي، إذ بينما تتحرك أنقرة لمنع تعزيز الأكراد لقوتهم ونفوذهم على حدودها، فإن واشنطن تعتبرهم حليفًا أساسيًا في استراتيجيتها لمحاربة “داعش” وتمدهم بالسلاح والتدريب، هذا الأمر أدى أحيانًا إلى “اشتباك” كلامي، وخصوصًا عندما كانت تركيا تهاجم مواقع الأكراد، بدلاً من مهاجمة مواقع “داعش”، هذا إلى جانب رغبة تركيا في حجز مكان لها في تسويات مرحلة ما بعد القضاء على داعش في العراق، فالتواجد العسكري على الأرض يوفر لها ورقة ضغط إقليمية على إيران التي تعتبر التواجد التركي في كل من العراق وسوريا معرقلاً لمشروعها الإقليمي، كما يوفر لها ورقة ضغط دولية وتحديدًا في علاقتها مع الولايات المتحدة التي تتأرجح بين التعاون والتوتر على وقع علاقة الأخيرة بالمتغير الكردي في المنطقة.([9])

ثانياً: دوافع وأهداف الوجود الأمريكي في العراق

يثير تزايد أعداد القواعد العسكريّة الأمريكيّة في العراق خلال السّنوات الثّلاث الماضية، تساؤلاتٍ ملحّةٍ حول الغايات والأبعاد السّياسيّة والعسكريّة التي ترسمها واشنطن في البلد الذي انسحبت منه أواخر العام 2011، وقد صار معلومًا عدد هذه القواعد الأمريكيّة والبريطانيّة المعلن عنها رسميًّا والتي أعادت انتشارها في العراق, ولكنّ السّؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي دوافع وأهداف هذا التّواجد الممتدّ من بغداد إلى الحدود العراقيّة عبر الصّحراء إلى أعماق الأردن وسوريّا والموصل، ثمّ إقليم كردستان؟

ألمح وزير الدّفاع الأمريكيّ أشتون كارتر في 4 ديسمبر 2016، إلى إمكانية استمرار التّواجد الأمريكيّ العسكريّ في العراق، وقال: إنّ الجيش الأمريكيّ وشركاءه الدّوليين يحتاجون للبقاء في العراق حتّى بعد الهزيمة المرتقبة لتنظيم الدّولة الإسلاميّة في الموصل,([10]) كما أضاف كارتر في اجتماع بولاية كاليفرونيّا الأمريكيّة “إنّ هناك الكثيرَ ممّا يجب عمله بعد طرد (داعش) من العراق للتّأكّد من تحقيق انتصارٍ كاملٍ”, وهذا تصريحٌ واضحٌ بأنّهم يريدون بعد داعش البقاء في العراق لمراحل زمنيّة طويلة ولأهداف مهمّة جدّاً.([11])

كما أنه من المؤکّد أنّ للولايات المتّحدة الأمريكيّة أهدافًا استراتيجيّةً وراء إرسالها لقواتِ أمريكية إلى العراق، مع أنّها تذرّعت بذريعة الإرهاب للعودة إلى العراق مجدّدًا، وهذا يكشف بأنّ تواجدهم لغاياتٍ أخرى تنسجم مع تطلّعات أمريكا في رسم الخارطة السّياسيّة للمنطقة وإعادة توزيع النّفوذ، وتقاسم التّواجد الدّوليّ فيها, لذا صرّح وزير الدّفاع الأمريكيّ “أنّ سياسة الحكومة الأمريكيّة في زمن الرّئيس “ترامب” هي إرسالُ مزيدٍ من القوّات العسكريّة إلى العراق، وأنّ بقاء هذه القوّات يحدده الجانبُ الأمريكيّ”, ويأتي فی هذا السّياق قرارُ الرّئيس الأمريكيّ ترامب في 27 أبريل 2017 بمنح صلاحياتٍ واسعةٍ، وحرية القرار للبنتاجون في تحديدِ عددِ القوّات الأمريكيّة اللازمةِ في العراقِ، وفي تحديدِ مناطقِ الانتشار، ونوع الفعّاليات التي تقوم بها،([12]) كما تبرز ترتيبات الإدارة الأمريكية من خلال اللقاء الذي عقدته اللجنة المشتركة الأمريكية –العراقية، وناقشت اللجنة التصورات والمقترحات التي تمثل مرتكزات السياسة الأمريكية  لعراق ما بعد داعش، ومن ثم قُدمت إلى حيدر العبادي رئيس وزراء العراقي. وهي على النحو الآتي:([13])

أولاً: بقاء القوات الأمريكية وزيادة أعدادها لفترة لا تقل عن خمس سنوات.

ثانيًا: التعاون الأمني والاستخباراتي وتأهيل الأجهزة الأمنية العراقية.

ثالثًا: قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتدريب القوات العراقية المسلحة بكل صنوفها.

رابعًا: إعادة تأهيل القوات العراقية المسلحة من حيث التنظيم والتسليح.

خامسًا: إعادة تأهيل المناطق المتضررة.

هذه المقترحات تُبين بأن العراق لا يزال له أهمية عسكرية وأمنية واستخبارتية لدى صانع القرار السياسي في واشنطن، وما أدل على ذلك، تلك القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في العراق ما بعد عام 2003، كقاعدة الأسد، وقاعدة بلد وتاجي والحبانية، وقاعدة قيارة، وقاعدة في مطار أربيل ومطار بغداد ومطار حرير، وقاعدة معسكر بعشيقة وكرم لس قريب حمدانية، وقاعدة سد الموصل، وفي المستقبل القريب قد يكون للولايات المتحدة الأمريكية قواعد عسكرية أخرى في سبايكر وكركوك وتلعفر.

فعلى الرغم من الضغوط “الإسرائيلية” لتصعيد المواجهة مع إيران في سوريا، إلا أن العراق قد يكون جاذبًا للعمل الأمريكي لأسباب كثيرة أولها أنه وإن كان مركز تفوق النفوذ الإيراني، إلا أنه نقطة ضعف إيران، وإذا فقدت إيران العراق فسوف تخسر كثيرًا في سوريا ولبنان وربما أيضًا في اليمن، كما أن العراق هو ساحة تفرد للعمل العسكري الأمريكي دون أي وجود للشريك الروسي، لكن الأهم أن سوريا ليست دولة مصالح استراتيجية واقتصادية للولايات المتحدة على حسب ما أكد نائب الرئيس الأمريكي السابق، فالعراق هو بلد الثروة الحقيقية حسب ما لفت الأنظار إلى ذلك الرئيس دونالد ترامب، والذي انتقد بشدة أثناء حملته الانتخابية الانسحاب الأمريكي من العراق دون جني ثمار الأثمان الهائلة التي دفعت هناك، لكنه وبعد أن أصبح رئيسًا عاد ليتحدث عن تلك الأثمان وعن الخطر الإيراني في العراق، عندما حذر من خطورة تنامي النفوذ الإيراني في العراق على المصالح الأمريكية، وغرّد مهاجمًا السياسة الإيرانية من بوابة العراق لا من غيرها معتبرًا أن إيران “تستحوذ بسرعة على المزيد والمزيد من العراق، حتى بعد أن أهدرت الولايات المتحدة هناك 3 تريليونات دولار”.([14])

ومن ذلك، يتضح في المحصلة أن مواصفات وخبرات أغلب صانعي القرار الأمريكي الجدد ترجح اهتمامهم بقضايا الشرق الأوسط الساخنة في المقام الأول، فثمة مؤشرات على تفضيلهم الحلول العسكرية على العمل الدبلوماسي، وشكلت الخطوة العملية الأمريكية في التمركز بمدينة منبج وغربها لمنع دخول القوات التركية والمعارضة السورية الحليفة لها بهدف الحيلولة دون اشتباك حلفائها المتحاربين، تموضعًا عسكريًا جديدًا، بل في الواقع هو تموضع سياسي إستراتيجي وخطة يمكن تحليلها على عدة مستويات: إنها مؤشر على رغبة أمريكا باستبعاد الدور الإيراني وتجميد الدور التركي لجعله بمثابة المساند فقط في العملية العسكرية، كمستوى أولي، أما المستوى الثاني من فهم التمركز العسكري فيكمن في الاعتماد على القوات ذات الغالبية الكردية كحليف وشريك أساسي في معركتي الرقة ودير الزور، المستوى الثالث لتفسير الحدث يكمن في أنه جاء كبداية لتعاون روسي – أمريكي لمحاربة داعش، وربما تدريبًا عمليًا مشتركًا لمكافحة الإرهاب، عبر استعراض المستويات الثلاثة السابقة من التحليل يمكن أن نستنتج ملامح الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في سوريا والعراق.([15])

فبعد أن تم تحييد وتقييد تركيا على جبهة منبج، وربما تحصين هذا الموقع الإستراتيجي أمام تمدد تركيا مستقبلاً، ستواصل أمريكا التعاون مع القوى الأخرى على الأرض من جهة، وتقلل من دور الواحدة تلو الأخرى كهدف في نهاية المطاف، فقد سبق وأعلن الأمريكان بأن وجودهم في منبج كافٍ، وليس ثمة داعٍٍ لتقدم قوات أخرى، هذا ما ترجم تمامًا بعد أيام قليلة في عملية سد الطبقة بغرب محافظة الرقة.([16])

وميدانيًا فإن العدد ونوعية الأسلحة وكذلك بناء القواعد والتمركز الكثيف في قاعدة عين الأسد بغرب العراق، كلها مؤشرات على بقاء أمريكي طويل الأمد في مناطق العرب السنة وفي محيط الحدود العراقية – السورية المشتركة، حيث إن الإسراع في الإعلان عن نشر المزيد من القوات الأمريكية بطريقة تقليدية ورسمية، والكشف عن إنشاء قواعد ثابتة للمدفعية، فضلاً الاستعانة بالمارينز من الوحدة رقم (11)، كلها دليل على سياسات عسكرية تقليدية قادمة مع احتمال البقاء لأطول فترة ممكنة، ما يعزز افتراضنا بتثقيل الجهد العسكري أيضًا، وهو الاهتمام الكبير بالمناورات وفعاليات التمرين العسكري “حسم العقبان 2017″، المتقدم على مستوى الشرق الأوسط، التي انطلقت في 19 مارس 2017، في مياه دولة الكويت بمشاركة ست دول خليجية والولايات المتحدة الأمريكية.  إذ تأتي هذه التدريبات بالتزامن مع زيادة حدة التصريحات الموجهة ضد سياسة إيران، ومقدمة لخطوات عملية عسكرية أوسع في محيط مياهها الإقليمية، خاصة بعد دخول حاملة الطائرات جورج بوش إلى مياه الخليج.([17])

ثالثاً: الحدود العراقية – السورية والتوازنات الدولية والإقليمية

يبدو أن صراع السيطرة على الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وقوات الحشد الشعبي التي تعلن ولاءها لإيران، ليست عسكرية فحسب وإنما تحمل أبعادًا سياسية وتوسعية في المنطقة، هذا من جانب، ومن جانب آخر إنّ إسناد تأمين الحدود للميليشيات بدل القوات النظامية خطوة غير محسوبة النتائج على مستوى الأمن الوطني العراقي، فهي تعرض المعطيات العسكرية الناتجة عن سحق وهزيمة داعش في الموصل للنقض بسبب تداخل الأهداف بين ما هو عراقي وبين ما هو إيراني، فمطاردة فلول تنظيم داعش الهاربة من الموصل هدف وطني عراقي يُراد من خلاله القضاء بشكل كلي على التنظيم الإرهابي، أما الوصول إلى الحدود السورية وتأمين طريق بري إليها فهما يصبان في المصلحة الإيرانية.([18])

وعلى وقع المعارك التي شهدتها مدينة الموصل منذ أكتوبر 2016، شهدت الحدود العراقية السورية الممتدة عبر صحراء الأنبار وصولاً إلى مدينة الموصل، سباقًا وصراعًا محتدمين بين القوات الأمريكية وحلفائها من جهة وقوات الحشد الشعبي من جهة أخرى، وذلك للسيطرة عليها، ففي 28 مايو 2017 أعلنت قوات الحشد الشعبي،([19]) عن بلوغها منطقة الحدود مع سوريا على مستوى قرية أم جريص الواقعة ضمن قضاء سنجار، ويعتبر وصولها إلى الحدود تطوّرًا مهمّا في مسار الحرب ضد داعش الذي انحسرت سيطرته على المناطق العراقية في عدد من الجيوب المعزولة، فيما استعادت القوات العراقية مناطق حدودية لتقطع على مقاتليه طرق التواصل والإمداد بين معاقله ومواطن سيطرته على طرفي الحدود العراقية السورية، هذا يعني أنّ لمعركة الحدود أبعادًا استراتيجية تتجاوز العراق بحدّ ذاته وتتصل بصراع النفوذ الذي تخوضه إيران وتشترك فيه تركيا والولايات المتّحدة، وبوصول قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، تكون الأخيرة قد كسبت جولة في الصراع بوضعها اليد على مناطق بالغة الأهمية لتأمين خط الربط والتواصل بينها وبين سوريا عبر الأراضي العراقية.([20])

إلا أن المفاجأة جاءت عندما تراجعت قوات الحشد الشعبي بشكل مفاجئ عن خطتها للسيطرة على الحدود العراقية – السورية، وأعلنت تعهدًا واضحًا بتسليم مواقعها لقوات الشرطة العراقية، وقد جاء ذلك بعد يومين من إعلان الحشد الشعبي العراقي أن قواته مستعدة لدخول الأراضي السورية لمحاربة داعش، وأن القوات ستتابع أي وجود له خارج العراق يهدد الأمن العراقي، ومن هنا نجد أن هذا التراجع يرجع إلى اكتشاف قوات الحشد الشعبي معطيات ميدانية تمنع من استمرارها في مغامرة التقدم للسيطرة على مواقع جديدة في محيط منطقة البعاج التي شهدت مقتل الجنرال شعبان نصيري أحد أبرز قادة الحرس الثوري الإيراني، وأن إدارة الرئيس دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لا يمانعان في تورط الحشد الشعبي في معارك منطقة البعاج الصحراوية عند الحدود السورية، حيث إنها مناطق صحراوية قاحلة، يمكن أن تضيع فيها جيوش كاملة، وهي معاقل تقليدية للجماعات المتشددة، التي تعرف طرقها ومداخلها بشكل تفصيلي، كما أن اكتشاف الحشد الشعبي للفخ الأمريكي دفع قياداته إلى التراجع بشكل سريع متعللين بأن دورهم يقف عند تحرير المواقع وتسليمها للقوات العراقية التي يتحركون تحت غطائها،([21]) وأن تقدمها في مناطق صحراوية مكشوفة قد يسهل على طائرات التحالف الدولي قصفها خاصة بعد ضربة التنف، إذ حاول حزب الله اللبناني فتح طريق من جنوب سوريا إلى إيران عبر الاقتراب من قاعدة التنف الجوية جنوبي سوريا، في محاولة لاستثمار الوضع الأمني في العراق وسوريا للتقدم بسرعة إلى الحدود للسيطرة عليها وتأمين العبور الإيراني من العراق إلى سوريا إلى لبنان ضمن حلم الهلال الشيعي.([22])

لكن الطائرات الأمريكية قصفت مقاتلي الحزب وحلفاءه، وهي رسالة ذات مضمون قوي من قبل الإدارة الأمريكية لخصومها في سوريا والعراق، وبحسب خبراء عسكريين، فإنّ الضربة التي لم تكن سوى عمل محدود يراد من خلاله توجيه رسائل للفاعلين المحليين والإقليميين، وقد أظهرت مدى أهمية المناطق الحدودية في التفكير الاستراتيجي الأمريكي الذي يمتد إلى مرحلة ما بعد تنظيم داعش في سوريا والعراق، وعملية ترتيب النفوذ داخلهما، كما أظهرت مدى جدية واشنطن في منع أي قوى عاملة بالوكالة لمصلحة إيران من السيطرة على مناطق الحدود ونقاط التواصل بين بلدان الإقليم، وهي رسالة في نفس الوقت لإيران بأن الخط اللوجستي الجيو استراتيجي الذي تطمح له من طهران إلى بيروت مرورًا ببغداد ودمشق هو أضغاث أحلام، ولن يسمح لإيران ببناء إمبراطوريتها في الشرق الأوسط.([23])

رابعاً: التوازنات الدولية والإقليمية في العراق وسوريا بعد “داعش”

تُريد الولايات المتحدة الأمريكية منع أي تواصل بين إيران والحكومة السورية يُمكن أن يُسهل وصول السلاح من طهران لدمشق عبر المرور بالأراضي العراقية، لذا تحاول قدر الإمكان أن لا تسمح للحشد الشعبي والحكومة السورية بالسيطرة على حدود البلدين المشتركة،([24]) فلن تكون الحدود بين العراق وسوريا منطقة استقرار على المدى القريب، فهي كالملفات الأخرى ستخضع لمفاوضات كبيرة بين البلدين المعنيين (العراق وسوريا) وأميركا وإيران، فلدى الولايات المتحدة قاعدة التنف التي لا تُريد لها أن تتعرض لأي خطر، كما لا تُريد أن تُسيطر أية قوات غير القوات التي تدعمها على الحدود.([25])

ومن جهة أخرى، يبدو أنّ هناك ترحيبًا سنيًّا وكرديًّا ببقاء القوّات الأمريكيّة في مرحلة ما بعد “داعش”، إذ رأى من يناهض سياسة إيران في العراق أنّ الحل الوحيد للحدّ من نفوذ الجمهوريّة الإسلاميّة والجماعات المسلّحة التي تدعمها، يكمن في إيجاد قوّات أمريكيّة قادرة على ضبط الأمن وتحييد انتشار فوضى السلاح والميليشيات في البلاد، كما تساند بعض الحكومات المحلية خارج إقليم كردستان فكرة بقاء القواعد العسكرية الأمريكية وخاصة في المناطق المتشنجة أمنيًا، وذلك لغرض الحفاظ على الأمن والتمهيد لجلب الاستثمارات وإعادة البناء في مناطقها، فقد أشار نائب محافظة صلاح الدين شمال بغداد، عمار حكمت البلداوي “ندعم بقاء القوات الأمريكية في قواعدها العسكرية في المحافظة في إطار الاتفاقية العراقية – الأمريكية المنعقدة عام 2008، لأن ذلك يأتي بالمزيد من الاستقرار لمحافظتنا، وندعو إلى تفعيل بنود الاتفاقية كاملة، ونثمن جهود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في دعمه وإسناده للقوات العراقية في تحرير أراضي محافظتنا والعراق بأجمعه”، وأضاف “أن هناك أكثر من قاعدة للأمريكان في محافظة صلاح الدين التي شهدت منذ عام 2003 دورات متعددة من الاقتتال والعنف وأن معظمها سقطت بيد داعش عام 2014، ومنها قاعدة بلد، جنوبيّ المحافظة، وقاعدة سبايكر في مدينة تكريت.([26])

هذا في حين أشار تقرير لمجلس الأطلنطي في مايو 2017 تحت عنوان “تقرير مجموعة عمل مستقبل العراق” أشرف على إعداده فريق بحثي يرأسه السفير الأمريكي السابق في العراق ريان كروكر، وضم أكثر من ستين شخصية من جنسيات وتخصصات مختلفة، عملوا لفترة طويلة قاموا خلالها بتنظيم زيارات ميدانية ولقاءات عمل داخل العراق والولايات المتحدة وأوروبا وجرى فيها مقابلة عدد كبير من المسؤولين الرسميين والأفراد والمنظمات والجهات المدنية الفاعلة، بهدف تقديم ملف متكامل إلى إدارة الرئيس الأمريكي ترامب يحدد لها خياراتها المستقبلية في التعامل مع ملف مصالحها في العراق.([27])

وتبدو الكثير من المؤشرات الواردة في هذا التقرير إيجابية  بالنسبة للعراق، فقد بدأ بالتأكيد على أن هدف واشنطن هو “أن يصبح العراق مستقلاً ومستقرًا ومزدهرًا، يحيا في سلام داخل حدوده مع جيرانه، ويعكس حكمًا شرعيًا وفعالاً، ويميل بقوة إلى التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”، وتضمن الإشارة إلى أهمية بناء حكومة عراقية فعالة كأساس لإنهاء فشل الدولة وكسب ثقة الشعب العراقي، ومنع التطرف العنيف من البروز مرة أخرى، وربط استقرار العراق باستقرار الشرق الأوسط والعالم، بل إن الموقع الجغرافي للعراق بين إيران والسعودية قد يجعل أي انهيار للوضع في هذا البلد سبيلاً إلى حرب مباشرة بين هاتين الدولتين ستكون مجهولة العواقب.

إلا أن الحوافز المشجعة التي ستقدمها واشنطن لبغداد، حسب ما يضمه التقرير، ليست مجانية أو بلا مقابل، فما يميز هذا التقرير هو كشفه الصريح عن عدد من الرسائل التي يجب أن توجه إلى  صانع القرار العراقي من قبل إدارة ترامب في حال أخذها بما ورد فيه ومنها:([28])

* عدم السماح لإيران بأن تكون اللاعب الرئيسي في العراق على حساب مصالح الولايات المتحدة، وتظهر هذه الرسالة جلية في الإشارات المتكررة لخطر النفوذ الإيراني في العراق على مصالح واشنطن، كون إيران تُعد العراق خط دفاعها الأول، وتستغل نفوذها فيه لتحقيق مكاسب عدة في المنطقة، فيشير التقرير إلى أن “مصالح واشنطن في الشرق الأوسط تقوضها الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران، كما أنها تشكل في بعض الحالات تهديدًا مباشرًا للأمريكيين في المنطقة”، وأنه “من خلال موازنة الطموحات الإيرانية واستعادة العراق للاستقرار يمكن للولايات المتحدة أن تؤثر بشكل إيجابي على التطورات عبر عدد من الدول ذات الأهمية الاستراتيجية في الشرق الأوسط”، لذا يدعو بطريقة عرض الصفقات  واشنطن إلى “أن تضع نفسها كشريك أكثر جاذبية للعراق من إيران من خلال التركيز على الفوائد التي يمكن أن تجلبها للشراكة والتي لا تستطيع إيران تقديمها”.

*  أمريكا غير مستعدة لمغادرة العراق بعد هزيمة داعش، وتبدو هذه الرسالة واضحة من خلال دعوة الإدارة الأمريكية إلى اعتماد استراتيجية معززة للدبلوماسية العامة هدفها إقناع السكان في العراق “بأن الولايات المتحدة تسعى لدعم الاستقرار والنمو في البلاد”، وإقناع الشعب الأمريكي بأن “الجهود الأمريكية المستقبلية في العراق لا تمثل عودة إلى أيام بناء الأمم، فبدلاً من ذلك يجب أن تفسر الاستراتيجية باعتبارها مشاركة استراتيجية، بهدف حماية المصالح الأمنية الأمريكية”، كما تتضح بالدعوة إلى عدم إنهاء التحالف الدولي المشكل الآن لمحاربة داعش بعد هزيمة التنظيم عسكريًا، بل الحرص على استمراره وديمومته، فواشنطن لا تريد تكرار تجربة الانسحاب من العراق كما حصل في عام 2011 اعتقادًا منها أن انسحابها في المرة الأولى ترتب عليه خسارة بغداد وجنوب العراق لصالح إيران ووكلائها، وخسارة شماله وغربه لصالح تنظيم داعش، وأن تكرار الانسحاب سوف يقود إلى نفس النتيجة على حساب مصالح واشنطن والأمن القومي الأمريكي.

* لا تشعر بالأمان هذا ما يريد أن يقوله واضعو التقرير لصانع القرار في بغداد، فهزيمة داعش العسكرية لا تعني نهاية التهديد، بل سيتحول من تهديد فوق الأرض إلى تهديد تحت الأرض هدفه زعزعة الأمن في العراق، وأن تجاهل مصالح واشنطن أو إجبارها على الانسحاب يعني عودة التهديد مرة أخرى من خلال جولة أخرى من الحرب الأهلية، لذا تتطلب هزيمة التنظيم الدائمة المحافظة على حضور أمريكي “قوي عسكري ودبلوماسي وعلى مستوى المساعدة المقدمة للعراق”.

*  تقسيم العراق غير مستبعد من الطاولة، تبرز هذه الرسالة من عدم اتخاذ التقرير موقفًا صريحًا من النوايا الانفصالية لبعض الأطراف العراقية، ودعوة  واشنطن إلى البقاء على الحياد وترك هذه الأطراف تقرر ما تضعه من أهداف، وهذا ينطوي على رسالة كامنة بأن أوراق واشنطن للتأثير في الشأن العراقي كثيرة، وأن احترام مصالحها ليس مجالاً للتفاوض.

خاتمة :

تسعى إيران وروسيا وأميركا وحتى القوات الكردية “قسد” إلى تأمين مصالحها وتعظيم مكاسبها في مرحلة ما بعد القضاء على “داعش”، بينما تبقى تركيا أسيرة قلق بالغ يتملّكها بهذا الصدد، كونها لم تُدعَ إلى المشاركة في معركتي الموصل والرقة، وهو ما قد يُفقدها فرصة حجز مقعد على طاولة المفاوضات التي ستُناقش مصير المنطقة برمّتها بعد القضاء على “داعش”، وفي هذا السياق، نقلت محطة “خبر ترك” التلفزيونية في 22 يوليو 2017 عن إبراهيم كالين، الناطق الرسمي للرئاسة التركية، قوله: “سنكون حاضرين بقوة في منطقة إدلب مع الروس، وفي الغالب روسيا وإيران ستكونان حول دمشق، ويجري إعداد آلية تشمل الأميركيين والأردن في الجنوب في منطقة درعا”، ويبدو أن التفاهمات حول مناطق “خفض التوتر” ربما تُتيح لتركيا إطلاق عملية عسكرية في شمال غربي سورية، تحمل عنوان “درع العاصي”، تشمل جانبًا من ريف حلب الغربي، وكامل محافظة إدلب، ومن غاياتها مراقبة المنطقة الأولى من بين المناطق الأربع، كما تهدف أنقرة من وراء العملية إلى وأد أي محاولة من الوحدات الكردية لتوسيع نطاق سيطرتها حول مدينة عفرين في شمال غربي مدينة حلب.

على خلفية كل ھذا تبدو المساحة الممتدة من الحدود السورية – العراقية وجنوبًا إلى الحدود الأردنية، ساحة لمواجهة استراتيجية لن تقرر مستقبل الوضع السوري والعراقي فحسب، بل مستقبل التوازنات الإقليمية في ظل حدود الدور الإيراني، ورسم الأدوار والحصص الأمريكية والروسية في المنطقة، وكلھا تطورات لا تبشر بقرب تسوية سياسية بقدر ما تضيف مزيدًا من الزيت والتعقيدات إلى الحروب المستعرة والمستنقع المفتوح، وتوسع دائرة الترابط بين أزمات المشرق، من حدود العراق الشرقية إلى شاطئ المتوسط، وقد تكرس تقسيمًا غير معلن لبلاد الشام لا يقف عند حدودھا.


([1]) التداعيات والفرص الاستراتيجية للحملة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لتحرير الرقة، مركز الإمارات للسياسات، 18 أبريل 2017:

http://www.epc.ae/sites/default/files/2017-05/%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8% B1%20%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%B5%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9%20%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A9.pdf

([2]) للمزيد حول الآراء والتصريحات المتعلقة بالاستراتيجية الأمريكية في العراق، انظر:

James Jeffrey, After ISIS, the U.S. Military Could Help Keep Iraq Stable, The Wall Street Journal, 16 April 2017:  https://www.wsj.com/articles/after-isis-the-u-s-military-could-help-keep-iraq-stable-1492366154

([3]) د. مثنى العبيدي، ما وراء داعش: دوافع العودة الأمريكية المتصاعدة إلى العراق، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 15 يونيو 2017:                          https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/2906

([4]) المرجع السابق نفسه.

([5]) صراع الأجندات في الرقة والبادية السورية، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 11 يوليو 2017:

https://harmoon.org/archives/5924

([6]) صافيناز محمد أحمد، لماذا تأخر تحرير الموصل؟.. تعقيدات مرحلة ما بعد داعش، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 15 يونيو 2017:                             http://acpss.ahram.org.eg/News/16321.aspx

([7]) للمزيد حول الموقف التركي، انظر:

James F. Jeffrey and Soner Cagaptay, Trump Needs Political-Military Plan for ISIS, THE CIPHER BRIEF, 1 MARCH 2017: https://www.thecipherbrief.com/column/network-take/trump-needs-political-military-plan-isis-1089.

([8]) عثمان ميرغني، الدور التركي المزدوج في سوريا والعراق، جريدة الشرق الأوسط، 27 أكتوبر 2016.

([9]) صافيناز محمد أحمد، لماذا تأخر تحرير الموصل؟.. تعقيدات مرحلة ما بعد داعش، مصدر سابق.

([10]) العراق بعد القضاء على داعش … واشنطن تريد البقاء، جريدة الأخبار اللبنانية، 5 ديسمبر 2016:

http://al-akhbar.com/node/269130

([11]) محمّد صادق الهاشميّ، التّواجد العسكري الأمريكيّ في العراق بعد داعش، موقع آفاق، 5 مايو 2017:

http://afaq.tv/news/read/47060-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%91%D9%88%D8%A7 %D8%AC%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D9%91+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82+%D8%A8%D8%B9%D8%AF+%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4+%D9%85%D8%AD%D9% 85%D9%91%D8%AF+%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82+%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%85%D9%8A%D9%91

([12]) المرجع السابق نفسه.

([13]) أمريكا والعراق ما بعد داعش، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 8 فبراير 2017:

([14]) د. محمد السعيد إدريس، استراتيجية أمريكية جديدة للصراع مع إيران في العراق، المركز العربي للبحوث والدراسات، 15 مارس 2017:                                                 http://www.acrseg.org/40466

انظر أيضًا: د. ماجد السامرائي، موقع العراق في الخارطة الجديدة للمنطقة، جريدة العرب اللندنية، 23 مايو 2017: 

http://www.alarab.co.uk/article/%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A1/109900/%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%B7%D8 %A9 %D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%84 %D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9.

([15]) آزاد أحمد علي، الخطوط العامة للإستراتيجية الأمريكية الجديدة، موقع رووداو، 25 مارس 2017:

http://www.rudaw.net/arabic/opinion/25032017

([16]) المرجع السابق نفسه.

([17]) المرجع السابق نفسه.

([18]) الحدود العراقية السورية وجه آخر للصراع الإقليمي والدولي، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 2 يونيو 2017:                                              http://rawabetcenter.com/archives/47349

([19]) للمزيد انظر، صافيناز محمد أحمد، إيران والولايات المتحدة: من سيحسم معركة الحدود العراقية- السورية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 19 يونيو 2017: http://acpss.ahram.org.eg/News/16323.aspx

([20]) الحدود العراقية السورية وجه آخر للصراع الإقليمي والدولي، مصدر سابق.

([21]) هل إدارة ترمب تقدر على إيران؟، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 3 يونيو 2017:

([22])- تواجد قوات الحشد الشعبي في التنف: الأهداف والمعطيات، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 31 مايو 2017:                                               http://rawabetcenter.com/archives/47290

([23]) هل إدارة ترمب تقدر على إيران؟، مصدر سابق.

([24]) سباق عسكري للسيطرة على الحدود السورية العراقية: واشـنطن تصر على منـع أي تواصل إيراني، موقع مجلة العصر، 18 مايو 2017:                                           http://alasr.ws/articles/view/18653

([25]) التحالف بقيادة أمريكا استهدف قوات موالية للأسد بغارات جوية قرب التنف، CNN العربي، 18 مايو 2017:

https://arabic.cnn.com/middle-east/2017/05/18/us-airstrikes-syrian-regime-forces

([26]) مصطفى سعدون، هل ستكون لأميركا قواعد عسكريّة في العراق، المونيتور، 31 مارس 2017:

http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/03/iraq-usa-security-mosul-iran-military-base.html

([27])Ryan Crocker and Dr. Nussaibah Younis, Report of the Task Force on the Future of Iraq Achieving Long-Term Stability to Ensure the Defeat of ISIS (Washington, DC: The Atlantic Council, May 2017):                                                                                                                   

http://www.atlanticcouncil.org/images/publications/Future_of_Iraq_Task_Force_0531_web.pdf

([28]) المرجع السابق نفسه.

اظهر المزيد

شريف مبروك

باحث في الشؤون السياسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى