2023العدد 196ملف عربي

الدور العربي في السودان ملامح الدور وفرص التأثير في الأزمة

ظل الدور العربي في السودان مشهودًا طوال فترة الاستقلال الوطني السودانية، حيث كان للقاهرة ودول الخليج تأثيرات متنوعة القوة والتأثير على الصُّعد (السياسية، والاقتصادية) في السودان، ساعد عليها عدم الاستقرار السياسي الممتد في السودان نتيجة عجز الطبقة السياسية تاريخيًّا عن إدارة التنوع السوداني على المستويين (العرقي، والقبلي)، وكذلك العجز عن التنمية الاقتصادية رغم الموارد الطبيعية الضخمة.

وقد كشفت الحرب الراهنة ضرورة استمرار الدور العربي في السودان على جميع الصعد وعلى مسار كافة الملفات، ولكن بشروط ومحددات دعم مجهودات وقف الحرب  الجارية أولًا والتوافق على عملية سياسية تمهد الطريق نحو بلورة شروط استقرار سياسي ممتد، وكذلك تقديم العون الإغاثِي والإنساني وأيضًا المساعدة في إعادة الإعمار بعدما تدمرت عاصمة البلاد (الخرطوم) تدميرًا شبه كامل.

في هذا السياق، لابد من إلقاء نظرة على ملامح الدور العربي في الفترة الماضية، وفرص استمراره، وكذلك طرح فرص تأثيره في هذا الموقف المأزوم الذي لايجد حتى الآن ضوءًا في نهاية النفق، ولا خارطة طريق يمكن أن تصنع هذا الضوء.

أولًا : مجهودات وقف الحرب

اصطدمت مجهودات وقف الحرب في السودان -التي تجاوزت نصف العام- بعدد من العوامل منها: الصراع السياسي الداخلي بين منظومات النظام القديم (السياسية، والتنظيمية، والاقتصادية)، وهي المنظومات المنتمية إلى نظام البشير، وتم تهديد مصالحها على نطاق واسع بعد ثورة ديسمبر ١٩١٨. وعلى صعيد موازٍ، فإن القوى السياسية والشبابية التي قادت التفاعلات الثورية ساعية إلى تدشين دولة ديمقراطية حديثة في السودان، قد افتقدت الخبرة والكفاءة اللازمة لإدارة التفاعلات الحرجة والبالغة التعقيد، وذلك تحت مظلة ضغوط من المكون العسكري بجناحيه ومطامعه في حيازة السلطة على نحو مطلق، الجناح الأول: هو الجيش القومي، الذي تسللت إليه قوى إيدلوجية منتمية للإسلام السياسي، هي مرجعية نظام البشير، مارست أعمالًا عسكرية على الأرض لدعمه، وذلك بغرض رئيس هو تقويض فرص إزاحة نظام البشير وقواعد مصالحه. أما الجناح الثاني: فهو قوات الدعم السريع، التي يملك قائدها وأسرته علاقاتٍ ونفوذًا  محليًّا ناتجًا عن ترتيبات حماية نظام البشير واستمراره، وكذلك نفوذًا إقليميًّا ترتب على كلٍ من حربي (اليمن، وثورة ليبيا)، التي تحولت إلى صراع واشتباكات مسلحة بين أطراف قبلية شارك “آل دقلو” وقواتهم القبلية في تفاعلاتها.

هذا المشهد المعقد تلعب فيه الانقسامات (العرقية، والقبلية، والجهوية) في السودان دورًا كبيرًا في صناعة الاستقطابات السياسية الحادة والثأرية، وهو ما أنتج  مشروعات سياسية متناقضة المصالح، لم يتم بشأنها حوارٌ جاد يملك مصداقية، ولم تؤسس بطبيعة الحال توافقًا سياسيًّا واجتماعيًّا على طول تاريخ دولة الاستقلال السوداني  يمكن أن يكون رافعة الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية.

في هذا السياق، تدخلت أقطاب دولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في التفاعلات السودانية الداخلية سواء قبل الحرب أو بعدها في محاولة للعبور نحو ترتيب عقد الانتخابات المؤسسة لبناء شرعيات سياسية جديدة، أو وقف الحرب السودانية ولكنها لم تحقق نجاحًا حتى الآن؛ وذلك نظرًا للظلال التي تحيط بالدور الأمريكي فيما يتعلق بترتيب أوضاعه الجيوسياسية في إفريقيا والبحر الأحمر تحت مظلة الصراع الدولي الراهن، وكذلك طبيعة اتجاهات واشنطن في الإقليم من حيث اعتمادها على الآليات الإفريقية فقط في حل الأزمة، وهو ماترتب عليه تجاهل التنوع العرقي السوداني المؤثر في مجريات التفاعلات السودانية، فضلًا عن تجاهل العلاقات العضوية بين (مصر، والسودان). ويمكن القول، إن احتياج الولايات المتحدة  للموارد الطبيعية خصوصًا الصمغ العربي الأساسي في الصناعات الغازية والغذائية الأمريكية، وكذلك تأمين مصالحها في خليج غينيا والمرتبطة بالنفط يجعل تحركات الولايات المتحدة في الأزمة السودانية محل شكوك كبيرة.

نتيجة التأثير الجيبولتيكي للسودان في محيطه الجغرافي، وكذلك تأثيره في أمن  واقتصادات البحر الأحمر، حاولت  أطراف عربية محاولة وقف الحرب الدائرة حاليًّا، حيث برزت مجهودات مصرية وسعودية منفردة أحيانًا وكذلك ممارسة أنواع من التشبيك الإقليمي والدولي أحيانًا أخرى، وذلك طبقًا لما يرد تفصيله كالتالي :

  1. دور الجامعة العربية :

تفاعلت الجامعة العربية فورًا بعد اندلاع الاشتباكات السودانية؛ إذ تم عقد اجتماع للمندوبين الدائمين في مقر الجامعة العربية بشأن هذه الاشتباكات، كما عَقدت ثلاثة اجتماعات طارئة لبحث المشكل السوداني على مستوى وزراء الخارجية العرب، كما رحبت بأية مبادرات محلية لحل المشكل السوداني، وبالفعل تلقت بعض المبادرات من فواعل سودانيين، كما كانت فاعلًا رئيسًا في مؤتمر دول جوار السودان الذي عقد في يوليو ٢٠٢٣، كمنظمة إقليمية إفريقية شريكة للاتحاد الإفريقي في حل المشكلات الإفريقية، فيما بلورت الجامعة العربية أيضًا مجهودًا لتوفير منصة للحوار السوداني السوداني في أكتوبر الماضي، ولكن يبدو أن هذا المجهود لم يتبلور بعد ([1])

  • مصر :

في الشهر الأول من الاشتباكات العسكرية التي اندلعت في السودان في ١٥ أبريل الماضي، قدمت القاهرة أربع مبادرات لوقف إطلاق النار، حيث حاولت مصر ألا تكون منفردة في هذا المجهود حتى يكتسب زخمًا عربيًّا وإقليميًّا من ناحية ويخاطب كل أطراف النزاع الداخلي من ناحية أخرى، وذلك بتوافر قنوات الاتصال مع كل طرف، وكذلك للتخفيف من حالة التنافس الإقليمي المحيطة بالمشكل السوداني .

تم إعلان المبادرة المصرية الأولى في ١٦ أبريل، أي بعد يوم واحد من الحرب، وتضمنت ست نقاط هي: وقف إطلاق النار طبقًا لجدول زمني يتيح انسحاب قوات الطرفين من الشوارع والمنشآت، على أن تقوم لجنة من الإتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي لمراقبة هذه العملية، وتكوين لجنة أخرى لطرفي المكون العسكري السوداني بشأن استئناف مباحثات عملية الدمج بينها، وإزالة نقاط الخلاف التي تسببت في وقوع الاشتباكات. أما على المستوى السياسي، فقد اقترحت المبادرة تكوين لجنة عربية إفريقية تكون مهامها تقريب وجهات النظر، وذلك عبر ترتيب اجتماع في عاصمة محايدة يتم التوافق عليها لتدشين اتفاق سياسي بين الأطراف المتصارعة([2]). وقد طورت مصر هذه المبادرة لتصطحب معها شركاء إقليميين من الدول؛ حيث طرحت دولة جنوب السودان كشريك  أولًا، ثم طرحت دولة الإمارات ثانيًا، ولكن هذه المجهودات المصرية لم تجد لها رافعًا دوليًّا -خصوصًا من جانب الولايات المتحدة- وهو ما انعكس سلبيًّا على موقف كل من (إثيوبيا، وكينيا، ومنظمة الإيجاد) من المبادرة .

في يوليو ٢٠٢٣، تم طرح المبادرة المصرية الثالثة، وهي مبادرة دول جوار السودان وذلك بعد ثلاثة أشهر من الحرب التي فشلت فيها كل مجهودات وقف إطلاق النار؛ حيث عقد في القاهرة مؤتمرٌ لكل الدول التي تملك جوارًا مباشرًا بالسودان؛ لبحث الأزمة ومحاولة وضع أسس حل لها وهي (ليبيا، وتشاد، وإثيوبيا، وإرتيريا، وجنوب السودان، وإفريقيا الوسطى)، وتباحث زعماء هذه الدول في أربع نقاط طرحتهم المبادرة المصرية كما وردت على لسان الرئيس “عبد الفتاح السيسي” في افتتاح المؤتمر، وهذه النقاط هي: الحاجة إلى وقف إطلاق نار مستدام في السودان وتوفير أسس بناء السلام، وكذلك السعي لإنشاء ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات الإغاثية المطلوبة للمدنيين المتضررين المحتاجين إليها، فضلًا عن ضرورة وضع إطار للمفاوضات تشارك فيه كل القوى السياسية السودانية؛ وذلك لتدشين نهج شامل يوفر منصة للحوار والمشاركة السياسية بين مختلف أصحاب المصلحة من السودانين، مع توفير آلية اتصال للتواصل مع الأطراف المتحاربة لتسهيل المفاوضات وبناء إجراءات الثقة.([3]) 

  • دول الخليج :

لعبت دول الخليج تاريخيًّا وبشكل عام أدورًا متنوعة القوة والتأثير في المجالين (السياسي، والاقتصادي) السوداني، وذلك قبل وبعد الحرب السودانية؛ حيث برز منبر جدة في الأسبوع الثاني للحرب بمبادرة أمريكية سعودية، حيث يأتي تزايد الدور العربي في السودان من عدة عوامل، أبرزها: عدم قدرة المجموعة الإفريقية على التحرك بديناميكية عالية في ظل ما ينتاب عددًا كبيرًا من دُولها من مشكلات داخلية، بينما الصراع بين قوات الجيش والدعم السريع يتطلب توافر قدرات فنية لدى من يريدون وقفه، فإثيوبيا لا تزال تجربة الحرب في تيغراي ماثلة في الأذهان، والسلام في دولة جنوب السودان مترنح ويواجه أزمة هيكلية لن تسعف قيادته على امتلاك مرونة كافية للحركة حيال الصراع الدائر في السودان .

في هذا السياق، نجح منبر جدة في أن يضمن وجود ممثلين لطرفي الصراع العسكري على الأرض وهما(الجيش القومي، وقوات الدعم السريع)، كما نجح المنبر في الوصول إلى عدد من الهدن الإنسانية -خصوصًا في جولة ١١ مايو- التي تم فيها الاتفاق على انسحاب الدعم السريع من الدور السكنية للمواطنين السودانيين والمستشفيات، ولكن هذا المنبر لم ينجح حتى جولته الأخيرة في نوفمبر ٢٠٢٣ في التوصل لإقناع المتحاربين بوقف إطلاق للنار مستدام، بل أن حتى الهدن الإنسانية التي تم التوصل إليها عبر عدد من جولات التفاوض قد تم خرقها في كثير من الأحيان، ولم يكن وقت أي منها القصير ملبيًا لاحتياجات المدنيين المحاصرين في العاصمة السودانية من أجل التزود بالمؤن الضرورية لضمان الحق في الحياة.

وفي هذا السياق، برز دور لدولة قطر تأسيسًا على محاولتها التاريخية في حل معضلة دارفور، وذلك باتفاق الدوحة  ٢٠١١، حيث أبرمت تحالفًا مع القاهرة فيما يتعلق بتوفير المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب السودانية،([4]) ويبدو هذا الدور الخليجي يجيء منسجمًا مع السياسيات الخليجية تاريخيًّا في السودان؛ ذلك أن  المملكة العربية السعودية، ودولتي (قطر، والإمارات)، فضلًا عن الكويت، مارسوا نوعين من التفاعلات مع السودان أولها: الاستثمارات في مجالي (الزراعة، والتعدين) خصوصًا، والثاني: مِنح ومساعدات نقدية لإسناد الاقتصاد السوداني. 

ثانيًا : التفاعل العربي الإفريقي في الأزمة السودانية

أعطت الولايات المتحدة مساحةً لدور إفريقي في الأزمة السودانية  منذ اندلاعها على مسألة ترتيبات السلطة في مايو ٢٠١٩، وقد نجح هذا الدور في تأسيس شراكة بين (المدنيين، والعسكريين) بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية إلا مع انفجار الأوضاع على المستوى السياسي منذ أكتوبر٢٠٢١، فقد فشلت الآليات الإفريقية في تهدئة الأوضاع ومن ثم أخفقت مبادرتها لوقف الحرب، والتي بدأت في محاولة لتطويق المبادرات المصرية لوقف إطلاق النار؛ حيث وضعت رئيس جنوب السودان في مجهود مشترك مع كل من رئيسي جيبوتي “إسماعيل جيله”، وكينيا “وليم روتو” في مبادرة لاحقة على المبادرة المصرية الأولى في ١٦ أبريل الماضي، ثم دعت مبادرة مجموعة الإيجاد في يونيو 2023، إلى تعيين لجنة رباعية مؤلفة من قادة (كينيا، وإثيوبيا، وجنوب السودان، وجيبوتي)، برئاسة الرئيس الكيني “وليم روتو”؛ لمتابعة وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية، والحوار السياسي، بهدف إعادة انتقال السودان إلى الديمقراطية.

ومع انعقاد اللجنة الرباعية يوم الاثنين 10 يوليو 2023، في أديس أبابا بإثيوبيا، اتخذت خطوات من شأنها تدويل الأزمة السودانية وتكوين قوة تدخل داخل الخرطوم؛ لحماية المدنيين عبر تدخل قوات إيساف التابعة لمنظمة شرق إفريقيا الإقليمية، وذلك بهدف تأمين الوقف المستدام لإطلاق النار، مع الاتفاق على استكمال الانتقال السياسي للسلطة بحلول أغسطس 2023. وقد لاقت هذه الدعوة رفضًا من رئيس المجلس السيادي السوداني الفريق “عبد الفتاح البرهان” مبررًا بظهور تحيز نحو “الدعم السريع” من قبل الرئيس الكيني، الذي توجد علاقات اقتصادية بينه وبين الدعم السريع .

في هذا السياق، برز تقدير موقف أمريكي أنه مع تفضيل القوى الكبرى المهتمة بالسودان بالابتعاد عن التدخل المباشر في الصراع السوداني، فإنه يمكن لكل من (مصر، والسعودية، ودولة الإمارات) أن يمارسوا دورًا في حل الأزمة السودانية على اعتبار أنهم خلطة منفتحة على التنوع الموجود في التفاعلات الدولية، حيث يصعب تصنيف أيِّ من (مصر، والسعودية، والإمارات) في صف قوة دولية بعينها بصورة قاطعة، وجميعها لديها علاقات جيدة مع القوى الفاعلة على الساحة الدولية، وكل منها تملك مساحة جيدة من الحركة دون أن تحسب على قوة واحدة.

وطبقًا لهذا التقدير الأمريكي من أهم الخبراء في الملف السوداني، فإن تمدد الدور العربي للمساهمة في التهدئة وتثبيتها ثم وقف إطلاق النار وصولًا إلى مرحلة الترتيبات اللاحقة، والتي تتكون من شق أمني وآخر سياسي؛ لمعالجة الأزمة من جذورها_ تتطلب أعلى درجة من الدبلوماسية المرنة، حيث يمكن للعرب المساهمة في تأسيس مرحلة بناء الثقة لاسترداد النشاط السياسي في التعامل مع تفاعلات الأزمة السودانية، والتي ظلت تقريبًا حكرًا على الدائرة الإفريقية خلال الفترة الماضية على الرغم من العجز الفاضح الذي لازم هيئاتها في وضع حد سريع لصراعات سياسية ومسلحة قديمة في القارة ([5]) .

ثالثًا: محددات الدور العربي لوقف الحرب السودانية

إن نجاح أي دور عربي في السودان لوقف الحرب والوصول لاتفاقية وقف إطلاق نار مستدامة يمكن البناء عليها لتوفير منصة حوار سياسي سوداني داخلي يتطلب الانتباه إلى  التالي :

أولًا : ضرورات ومحددات يجب أن تؤطِّر هذا الدور ومنها: استقرار كل الأطراف (الدولية، والإقليمية، والمحلية) على ضرورة توحيد المنابر، والتخلص من حالة التنافس العربي الإفريقي التي وراؤها إرادة غربية بالأساس، خصوصًا أن هناك تقديرًا سودانيًّا محليًّا يرى أن تعدد المنابر بشأن محاولة اختراق الأزمة السودانية لن يجدي نفعًا، وأن توحيد المبادرات هو أهم خطوة نحو حل الأزمة السودانية، وذلك طبقًا لتصريحات رئيس الوزراء الأسبق د. عبدلله حمدوك، وكذلك تحالف الحرية والتغيير  ([6])؛ حيث  تبلور الاتجاه المحلي السوداني في ضرورة توحيد المنابر في ضوء أن الأطراف العربية تمثل بذاتها قنوات اتصال وتأثير على أطراف الصراع السوداني. 

ثانيًا : تأسيس منصة عربية مشتركة منوط بها هذا الدور، لايتم تعويقها من أطراف إفريقية هي وثيقة الصلة بالأطراف الغربية عمومًا والأمريكية خصوصًا.

ثالثًا: وجود إرادة عربية في التنسيق وليس التنافس في الملف السوداني؛ ذلك أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط المترتب على حرب غزة له تداعيات مؤثرة على المصالح العربية مجتمعة خصوصًا فيما يتعلق بأمن البحر الأحمر، الممر الملاحي الناقل للنفط الخليجي أو في منطقة القرن الإفريقي التي تمركزت فيها الاستثمارات الخليجية خلال العقدين الأخيرين بكثافة كبيرة.

رابعًا: أن أي دور سياسي عربي إذا تم التوافق عليه لابد وأن يتضمن دورًا إغاثيًّا وإنسانيًّا مكثفًا ومخططًا لا يعتمد فقط على المناهج التقليدية في تقديم الإمدادات، لكن يجب أن يتطور ليشمل زيادة الأحواز العمرانية في مدن الشمال السوداني وبورسودان عبر البناء فيها  كمنطقة إغاثية آمنة  من ناحية، ونقاط ارتكاز جديدة لعمليات بناء سلام في السودان، وذلك في ضوء ما لحق بالعاصمة السودانية من دمار، وكذلك تداول مسألة بناء السلام المستدام في السودان وإعادة الإعمار عبر توافق وتنسيق عربي يراعي مصالح كل طرف دون تغول من أي طرف على الآخر.

إجمالًا: يبدو لنا أن برزَ دورٌ عربي تنافسي في منطقتي (القرن الإفريقي، والمحيط الهندي) خلال العقدين الأخيرين، قد دشنت عملية إضرار شامل بمصالح مجمل النظام العربي بما يشكل دعمًا لقدرات أطراف إقليمية غير عربية، وكذلك اختراق من جانب العامل الدولي، كان له تأثير على القدرات الشاملة للمنطقة. من هنا فإني أقترح نموذج مؤتمر برلين الأوربي (١٨٨٤-١٨٨٥)؛ لتطبيقه في المحيط العربي أي التوافق على تقسيم مناطق النفوذ بين الدول العربية بما يشكل احترامًا لمصالح الأطراف على قاعدة لا ضرر ولا ضرار بدلًا من الممارسة التنافسية التي أوقعت المنطقة في حالة فوضى مسلحة وتنامي لأدور إقليمية غير عربية على حساب المصالح العربية.


([1]) تصريحات للأمين العام المساعد للجامعة العربية متاح على : https://2u.pw/KJ1c5Ux[1]

([2]) تغطية قناة الحدث متاح على : https://www.youtube.com/watch?v=dV_r6TyCGPY

تم الاطلاع عليه في ١٠\١١\٢٠٢٣ الساعة ٨ صباحًا

([3]) د. حمدي عبد الرحمن، قراءة في دلالات قمة جوار السودان بالقاهرة، مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية متاح على https://acpss.ahram.org.eg/News/20947.aspx:

([4]) تصريحات لوزير الخارجية المصري “سامح شكري” متاح على : https://2u.pw/2mSOxzU

([5]) Alex De Waal,How the Israel-Hamas war is destabilizing the Horn of Africa,available on: https://responsiblestatecraft.org/israel-hamas-africa/

([6]) -تصريحات للقيادي السوداني في تحالف الحرية والتغيير بابكر فيصل – متاح على: https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=09112023&id=01f7b10c-ca2d-4049-8fb6-df601a60f0be

اظهر المزيد

د.أماني الطويل

كاتبة وباحثة ،مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى