2018العدد 174دراسات

كرة القدم كراية قومية .. دراسة في الاستعارة السياسية

تمهيد

في أحوال كثيرة كان المنشغلون بالسياسة ينظرون إلى جمهور كرة القدم باندهاش، ويتمنون لو تمكنوا من أن تصنع السياسة تلك الجاذبية التي تمتلكها الكرة، وتستقطب هذه الأعداد الغفيرة المعلقة عيونها بـ “الساحرة المستديرة”، لكن العلاقة بين المجالين لم تقف عند هذا الحد، بل راح كل منهما يستعير الكثير من الآخر، وكأنهما يتبادلان المواقع والمواضع رغم ما بينهما من اختلاف شديد. فمخططو مباريات الكرة، أو المدربون الفنيون، يلبسون أحيانًا حلل الجنرالات أو كبار الساسة حين يجهزون اللاعبين للمباريات الحاسمة كما يُجهز الجنود الذاهبون إلى ميادين القتال، أو الدبلوماسيون المستعدون لخوض تفاوض مرهق حول قضية جوهرية، والسياسيون يستخدمون طرق اللعب التي أهدت العلوم الاجتماعية “نظرية المباريات” في التفكير والتدبير، وبعضهم، إن لم يكن أغلبهم يتلاعب بالجمهور، أو يلعب معه وهو واع تمامًا لما يفعله.

ويحيط بهذه الاستعارة المتبادلة تصور ينظر إلى كرة القدم باعتبارها لم تعد مجرد لعبة تسلية أو لتقضية وقت الفراغ، ولم تعد كذلك تمرينًا جسديًا خالصًا. فعلى المستوى الفردي صارت كرة القدم نشاطًا إنسانيًا بارزًا، له سحره الخاص، حتى أن بوسعها أن تغير من حال الذي يتفاعل معها، فتحول الغرباء إلى صحاب، وتجعل من الآلاف بل الملايين عائلة واحدة تشجع فريقًا معينًا، ويتوحد شعورها نحوه في اللحظة نفسها، عابرًا الهويات السياسية الأخرى، بل بمكنتها أن تحول التعساء إلى سعداء، والعكس، والعقلاء إلى مجانين، والعكس.([1]) وعلى المستوى الكلي صارت الكرة مع الأيام ظاهرة اجتماعية متكاملة الأركان، تعبر في جانب منها عن سيكولوجية شعب معين، لتكشف لنا عما إذا كان متراخيًا كسولاً أو مقاتلاً مثابرًا، لا يسلم بالهزيمة ولا يعرف اليأس، وبذا يمكن أن ينظر إليها أو استعارتها، حتى ولو كعنصر مساعد في تحليل “الشخصية القومية”، لاسيما مع ندرة الدراسات العربية في هذا الخصوص.

ويعبر الأديب الأورجوياني إدوارد جوليانو عن هذا في عبارة بليغة تقول: “أنا ألعب إذاً أنا موجود: أسلوب اللعب هو طريقة وجود تكشف لمحة فريدة عن كل المجتمعات وتؤكد حقها في الاختلاف. أخبرني كيف تلعب وسأخبرك من أنت. لسنوات عدّة، لُعبت كرة القدم بأساليب مختلفة، وتعبيرات فريدة خاصة بشخصيات كل شعب، ويبدو أن الحفاظ على هذا التنوع أكثر من ضروري اليوم وذلك أكثر من أي وقت مضى” … عندما خرجت إنجلترا من تصفيات كأس العالم 1994 خرجت صحيفة “الديلي ميرور” لتقول: إنها نهاية العالم”.([2])

أولاً: عمق الاهتمام بكرة القدم واتساعه

 لم يقتصر الاهتمام بكرة القدم على شباب يافعين متيمين بالمباريات ونجومها، إنما خضعت لتأملات وشهادات أعمق من هذا بكثير لدى المثقفين،([3]) ففي كتابيه “أساطير” و”لذة النص” بدا الكاتب والناقد الفرنسي شغوفًا بالرياضة وفلسفتها العميقة، والعلامات ومختلف الشفرات الكامنة فيها. وكان الروائي والشاعر والسينمائي بيير باولو بازوليني، يقول: “لو لم أصبح شاعرًا لكرست حياتي لكرة القدم”. وطالما تحدث نجيب محفوظ عن أنه كان لاعب كرة قدم موهوبًا في صباه، وكان ينظر إليها باعتبارها أشمل من أن تكون مجرد لعبة،([4]) ويقول هنا: “كثيرون ممن شاهدوني في ذلك الوقت تنبأوا لي بالنبوغ في كرة القدم، وبأنني سألعب لأحد الأندية الكبيرة، ومنها إلى الأولمبياد مع المنتخب الوطني  .. لم يأخذني من الكرة سوى الأدب، ولو كنت داومت على ممارستها فربما أصبحت من نجومها البارزين”.

وقد فاجأنا الشاعر محمود درويش بما يبين أن الكرة تأخذ الناس من كل شيء، حتى من الحرب، فأثناء حصار الفلسطينيين في بيروت عام 1982 وبينما كان الطيران الإسرائيلي يقصف المدينة، فإذا بوقت بث مباريات كأس العالم يعطي فرصة لالتقاط الأنفاس، لتستعار الكرة في تنافسها السلمي المدهش بديلاً للحرب المدمرة المرعبة، حيث يقول: “كرة القدم .. ما هذا الجنون الساحر، القادر على إعلان هدنة من أجل المتعة البريئة؟ ما هذا الجنون القادر على تخفيف بطش الحرب وتحويل الصواريخ إلى ذباب مزعج؟ وما هذا الجنون الذي يعطل الخوف ساعة ونصف الساعة، ويسري في الجسد والنفس كما لا تسري حماسة الشعر والنبيذ، واللقاء الأول مع امرأة مجهولة؟ وكرة القدم هي التي حققت المعجزة خلف الحصار، حين حركت الحركة في شارع حسبناه مات من الخوف، ومن الضجر”.([5])

ثم يعود درويش، الذي وصف كرة القدم بأنها “أشرف الحروب “في المونديال اللاحق الذي انعقد عام 1986، “ماذا نفعل بعدما عاد مارادونا إلى أهله في الأرجنتين؟ مع منْ سنسهر، بعدما اعتدنا أن نعلّق طمأنينة القلب وخوفه، على قدميه المعجزتين؟ وإلى منْ نأنس ونتحمّس بعدما أدمناه شهرًا تحوّلنا خلاله من مشاهدين إلى عشّاق؟”.([6])

إنها حالة تشبه تلك الفرصة التي كان يمنحها الخاطفون المنتمون لحركة “توباك أمارو” الماركسية، الذين اقتحموا السفارة اليابانية في العاصمة البيروفية في ديسمبر من عام 1996 لرهائنهم كي ينسوا مأساتهم بعض الوقت، حين يلعبون معهم الكرة في مكان الحصار، فبينما كان العالم كله حائرًا في تحديد مصير الرهائن، فإذا بالصور التي التقطتها طائرات الهليوكوبتر المحاصرة للسفارة تبين أن الخاطفين يلعبون مع المحتجزين مباراة كرة قدم في الحديقة الخلفية للسفارة، وهو الوقت الوحيد الذي كان للطرفين فيه حرية الحركة، وربما المزاح، وترك التفكير في المصائر والمستقبل،  قبل أن تقتحم قوات الأمن البيروفية المكان في نهاية العام التالي، لتجهز على جميع أفراد المنظمة، وتنقذ المحتجزين فيما عدا شخصًا واحدًا. وكانت منظمة “فارك” الكولومبية  الماركسية تسمح لرهائنها بالتريض بلعب كرة القدم في الأدغال، أو الجلوس لمشاهدة المباريات.([7])

وكان الروائي ألبير كامو، يوصف بأنه “مجنون بكرة القدم”. وقد رصد صديقه آبيل بيتوس اعترافًا بتتيمه بالكرة، وقال: “كرة القدم مثل المسرح تبقى بالنسبة لكامو جامعته الحقيقية، وأنه لو خُيّر بينها وبين الأدب لاختار كرة القدم”. وفي عام 1930 كان كامو يحرس مرمى فريق كرة القدم بجامعة الجزائر، بعد أن كان قد اعتاد اللعب كحارس مرمى منذ طفولته، لأنه المكان الذي يكون فيه استهلاك الحذاء أقل. فكامو، ابن الأسرة الفقيرة لم يكن قادرًا على ممارسة ترف الركض في الملعب: وكل ليلة كانت الجدة تتفحص نعل حذائه وتضربه إذا ما وجدته متآكلا”.([8])

ثانيًا: كرة القدم والتفاعل الاجتماعي ـ السياسي

وتعبر كرة القدم في جانب أعم وأشمل عن صيغة للتفاعل الاجتماعي الخلاق، الذي يقوم على قدر من العدالة النسبية لا تطاوله الظروف العادية للبشر، لاسيما في أي بلد تغيب فيه العدالة عن كل شيء تقريبًا، ولهذا يمكن استعارة منطقها لإفهام الجماهير بعض الاختلال الذي تعاني منه الحياة السياسية.

فمهما اختلفت الإمكانيات بين الفرق فكل منها تمثل بعدد محدد من اللاعبين، يخضعون لتحكيم محايد، ويمكن للصغير منهم أن يهزم الكبير، والضعيف أن ينال من القوي، ومن في ذيل القائمة يسقط من يعتلي صدارتها، وهذه الخاصية في حد ذاتها تلهب خيال المعارضين الضعفاء في النظم السياسية التسلطية والشمولية، وهم يرددون خلف أسطورة الكرة الهولندية يوهان كرويف في معرض تعليقه على إمكانية أن يهزم الفقير الغني، والضعيف القوي في كرة القدم: “إنه أمر ممكن جدًا، أنا لم أر خزانة ممتلئة بالنقود تحرز هدفًا في أي مباراة من قبل”.

ففي كرة القدم فقط يمكن لفريق محدود الإمكانيات أن ينتصر على فريق يمتلك قدرات هائلة، لكن في الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية التي تجري في ظل النظم غير الديمقراطية لا يمكن لأحد أن ينافس الحزب الحاكم مثلاً أو الرئيس المعاد انتخابه. فالانتصار في الشكل الأول يصبح ممكنًا، ويصبح في الشكل الثاني مستحيلاً، إلا لو استعرنا وطبقنا الآليات المستخدمة في الأولى على الثانية.

في مباريات الكرة أنت أمام فريقين متساويين في العدد، وزمن نزالهما محدد لا يتم تجاوزه إلا بمقدار ما يضيع من وقت، وبينهما حكم يتحري العدل والإنصاف على قدر ما تسعفه قدراته البشرية، وفوقهما لوائح منضبطة، وتقع المنافسة على الهواء أمام جمهور يتابعهما مباشرة من المدرجات أو أمام الشاشات، وهو أيضا حكم على اللعب.

وفي الثانية يجري كل شيء أحيانًا في الظلام وبلا أي ضمانات للعدل، ولا تكافؤ فرص بين المتنافسين في أي شيء، لا في ركائز القوة المادية، ولا في القدرة على الوصول إلى الجمهور, ولا حتى في الطرف الذي يحكم بينهم، والذي يتباهى أحيانًا بانحيازه المسبق لطرف على حساب البقية.

في مرات قليلة تمت رشوة حكام كرة قدم، أو تواطأ فريق مع آخر لإيذاء منافس ثالث، لكن هذا لم يبق مستورًا، بل كشفه الناس من أول لحظة، واستهجنوه وحوسب من اقترفوه. وفي كل المرات بالدول التي تعاني من الاستبداد تتم رشوة حكام السياسة، وينجزون سرقتهم في ليل بهيم، وبينما يخرج اللاعبون المتواطئون والحكم المنحاز من الملعب ورؤوسهم على صدورهم من الخزي، نجد لاعبي السياسة يتبجحون ويشمخون بأنوفهم، ويخرجون ألسنتهم من وراء ظهور الناس، وهم يرددون عبارات فخيمة عن العدل والنزاهة والاستقامة والجدارة.

هذه المضاهاة بين السياسة والكرة تعدت فكرة المقارنة بين الطريقة التي يلعب بها الفريق والقوانين التي تحكمه وبين النظام السياسي غير الديمقراطي، ووصلت إلى مقارنة بين الكرة وبين التنظيم الدولي برمته، فعشية افتتاح مونديال 2006 قام السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي أنان بعقد مقارنة بينه وبين المنظمة الدولية، لتنتهي في صالح هذا المهرجان الكروي الكبير حيث تضمن قوانينه مساواة بين الدول ويجري بينها تنافس عادل تحكمه الموهبة والعمل الجماعي، وهما قيمتان إيجابيتان على العكس من قيم كثيرة سلبية تحكم عمل الأمم المتحدة، بما جعل عنان يبدي غيرة من المونديال، ويتمنى لو تحذو العلاقات الدولية حذوه.

ووصل الأمر بالبعض إلى أن يقول إن جوهر كرة القدم يتشابه بل يتطابق مع جوهر السياسة، لأن كليهما قائم على المنافسة والصراع، وأن بطولة الكأس تشبه الصراع الصفري في السياسة، التي يعني أن يأخذ طرف كل شيء ويحرم خصمه من أي شي، أما بطولة الدوري فتتطابق مع التنافس المتعادل أو متعدد الأقطاب. وأن إدارة المباراة تشبه إدارة العلاقات الدولية، أو حتى إدارة الحروب، التي تعتمد على دراسة نقاط قوة وضعف الخصم قبل المعركة، ثم العمل على شل حركته، لهزيمته في النهاية.

ثالثًا: الاستعارة بين الكرة والسياسة

تأخذ الاستعارة أحيانًا شكل التماهي بين اللاعب والسياسي أو المحارب، فقد كان اللاعب المجري في برشلونة ساندرو كوكسيس يسمَّى صاحب “الرأس الذهبي”، لتصويباته الدقيقة برأسه نحو المرمى، حتى أن الناس كانوا يقولون إن رأسه هي الأفضل في أوروبا بعد رأس الزعيم البريطاني ونستون تشرشل.([9]) وأثناء بطولة كأس العالم 1990، كتب الروائي المصري عبد الحكيم قاسم عنوانه “ميلا أيها الكاميروني” شبه فيه هذا اللاعب الأفريقي الفذ بسبارتكوس محرر العبيد أيام الإمبراطورية الرومانية، وهو ما يمثل استعارة صارخة بين الرياضة والسياسة، وبين الأولى والحرب أيضًا، والأهم منها هو ربط كرة القدم بقضية التحرر الإنساني.

واهتم بعض علماء السياسة وممارسيها بمناقشة علاقتها بالألعاب الرياضية بوجه عام. فها هو السيناتور الأمريكي الراحل ويليام فولبرايت يأتي على ذكر كرة القدم في سياق كتابه ذائع الصيت “ثمن الإمبراطورية” الصادر عام 1989، وهو يناقش مخاطر الصراع الأمريكي ـ السوفيتي وقت أن كانت الحرب الباردة تلفظ أنفاسها الأخيرة، حيث رأى أن هذا الصراع لا يمكن أن يكون مماثلاً للتنافس حول من تكون له الكلمة العليا في ملعب لكرة القدم، ثم لاحظ أن التنافس الدولي لا يدعو للسرور في ظل سباق التسلح وامتلاك أسلحة الدمار الشامل، بينما لا يؤذي التنافس الرياضي أحدًا، بل يستمتع به الجميع.

لكن هناك وجهة نظر تطرح تطابقًا في الاستعارة المتبادلة بين المجالين في حالات سياسية معينة، حيث يمكن “في كرة القدم أن نصنع من أنصاف الموهوبين نجوم سوبر كما نصنع من أنصاف الساسة طغاة وأنصاف آلهة .. في كرة القدم لم نعرف التعدد في أدوار البطولة .. هناك احتكار لأدوار البطولة الكروية، كما في السياسة حيث لم نعرف الديمقراطية .. عندما نخسر في كرة القدم فهناك مؤامرة من الحكام أو أرضية الملعب، تمامًا مثلما نخسر في السياسة فهناك عالم يتآمر علينا ولا يحب لنا الخير والسلام .. وفي كرة القدم كما في السياسة نحول الانتصارات الصغيرة إلي معجزات خارقة وغالبًا ما ننسب المعجزة الوهمية إلى فرد سواء كان لاعبًا أو سياسيًا”.([10])

غير أن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى آخرين يعتبرون العلاقة بين الكرة والسياسة مفتعلة، ويحذرون من خطرها. وهم لا ينكرون، بتوجههم هذا، وجود علاقة بين الكرة والسياسة، ولكنهم يرفضون اعتبارها أمرًا طبيعيًا ناهيك عن أن يكون بديهيًا، لأن ما هو طبيعي في نظرهم هو التعامل مع كرة القدم، وأي لعبة أخرى، بوصفها مجرد رياضة لا أكثر ولا أقل. فهي في نظر هؤلاء ليست سياسة، ولا ينبغي أن تكون، ولا يجوز التعامل معها بوصفها صورة مصغرة للدولة، ولا تعبيرًا عن انتماء وطني أو كبرياء قومي. ولا يصح اختزال الدولة في أقدام ورؤوس أحد عشر لاعبًا في ملعب للكرة وفي مباراة مدتها تسعون دقيقة. ومن السخف أن يكون فوز هؤلاء اللاعبين مصلحة وطنية للدولة، والعكس. كما أن التشبيه بينهما في موضوع المنافسة باعتبار أن الكرة والسياسة تقومان على التنافس، يبدو مجرد زعم ضعيف لأن التنافس في الكرة سلمي، والعنف هو الاستثناء، والأمر ليس كذلك في السياسة التي تعرف مستويات متفاوتة من العنف تبدأ باللغة المستخدمة في إدارة الخلاف وتنتهي بالاغتيال والتفجير.([11])

وألقى الروائي والناقد الإيطالي الكبير أمبرتو إيكو عدة محاضرات حول اللعبة، ونشر دراسات سيمائية بعد مونديال 1990، حيث رآها علامة من العلامات التي ترتكز على الكذب، لأنها رغم زيفها وسطحيتها تؤخذ على محمل الجد، وتكون لها أحيانًا عواقب خطيرة، حين تحدد بعض مسارات التنافس الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي، وترتبط بالقوة والهوية.

ويتساءل جوليانو، الذي تعامل مع كرة القدم على أنها مرآة للعالم التي تقدم ألف حكاية وحكاية مهمة فيها بعض معاني المجد والاستقلال والحب والبؤس: أهي أفيون الشعوب؟([12]) ليستعيرها محل “الدين” وفق التصور الماركسي، حيث العبارة الشهيرة لكارل ماركس التي أراد بها فضح توظيف الدين في تخدير عقول الفقراء كي لا ينتفضوا مطالبين بحقوقهم، فقال: “الدين أفيون الشعوب”، ثم  يقول جوليانو: “عبادة الكرة هي الشعوذة التي يستحقها الشعب، فالغوغاء المصابة بمس كرة القدم تفكر بأقدامها، وهذا من خصائصها، وفي هذه المتعة التبعية تجد نفسها، فالغريزة البهيمية تفرض نفسها على الجنس البشري، والجهل يسحق الثقافة، وهكذا تحصل الدهماء على ما تريد”.([13])

ووصل الأمر إلى أن نجد من يدخل الكرة في مساحة “الحلال” و”الحرام”، فجعل أصلها وثني، وأنها قد تم نشرها بين المسلمين لإفسادهم، وتضييع أوقاتهم، وتبديد طاقاتهم، وإلهائهم عن ذكر الله، اللهم إلا إذا كان المقصود من لعبها هو تعلم الكر والفر في ساحة الجهاد.([14])

لكن عالم الدين المصري الشهير الشيخ محمد متولي الشعراوي ذهب إلى معنى أكثر حصافة حين قال: “حكموا اللعب بقانون الجد، وحكموا الجد بقانون اللعب”، وكان يقصد أن الإجراءات والأداءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا تحكمها قواعد مستقرة ومنضبطة وعادلة وشفافة، بينما تتوافر مثل هذه القواعد في الألعاب الرياضية، وهو في نظره من قبيل المفارقة اللاذعة بين الكرة والسياسة.([15])

ويلمس الفيلسوف المصري د. حسن حنفي هذه المفارقة، حين يجعل الكرة والسياسة في موضع متناقض، أو يقيم منافسة بينهما، هي محل رفض لديه، حيث يحل التحزب للنوادي محل التحزب السياسي، ويصنف الناس بين الولاء للنوادي ورموزها وألوانها بدلا من الولاء للأحزاب وشعاراتها، وما زاد الطين بلة نشوء ظاهرة “الألتراس”  ultrasحيث الشباب شديدو الولاء لأنديتهم الرياضية، يرتدون زيًا معينًا له لون واحد، ويطلقون هتافات خاصة، ويقومون بحركات مميزة، كما كان الأمر في الشباب السياسي، القمصان الخضر في حزب مصر الفتاة، التنظيم السري في جماعة الإخوان، شباب الطليعة الوفدية وربما أيضا شباب الحزب النازي، مع الفارق.([16])

 وفي ظل التسلطية السياسية راح الشباب “ينخرطون في تشجيع الفرق الرياضية لاسيما كرة القدم ثم تشكيل فرق الألتراس كنتاج للعولمة وثورة المرئيات والرقميات، والتي تحولت بفعل موت السياسة والقمع إلى أحزاب سياسية بل وصلت إلى حد أن أصبحت أقرب إلى الطوائف ذات اللغة الخاصة، والشعارات، والانضباط التنظيمي الصارم، وقدرة قادتها على الحشد، والتعبئة، وتوظيف الطاقات الجيلية الشابة، في التشجيع للفريق، والتأثير على إدارة الفرق الرياضية، وعلى مجالس إدارات الأندية والمدربين واللاعبين، والأخطر أنها تمارس ضغوطا ثأرية على السلطة السياسية، والأمن .. ظاهرة الألتراس هي الوجه الآخر الموازي لسعي بعض المنظمات الدينية والسلفية لتديين المجالين العام والخاص، والسياسة في مصر، وتضييق دائرة الأنشطة الشبابية والجماهيرية في إطار التدين المذهبي المسيس، ومن ثم وجد غالبهم في الألتراس ملاذًا وفي كرة القدم مجالاً واسعًا لاستيعاب طاقاتهم”.([17])

ومع هذا فإن التناقض في السمات والخصائص والآليات لا يعني الافتراق التام بين المجالين، لا في الواقع ولا في التصورات الافتراضية، لا في الحقيقة ولا في المجازات. فالذين يستعيرون الكرة في عالم السياسية، ويستعيرون السياسة في عالم الكرة، لن يكفوا عن فعل هذا، لاسيما في ظل وجود عوامل تزيد من تعميق تواجد كرة القدم كظاهرة اجتماعية سياسية، ربما أولها هو التعويل عليها في تخفيف حدة الخلاف بين الشعوب عبر ما تسمى بـ “دبلوماسية الرياضة”، وكذلك في حوار الحضارات وتعزيز التعارف بين البشر، وبناء نمط جديد من العلاقات الدولية، والمساهمة في إيجاد مجال بديل للتنافس الدولي بعيدًا عن التناحر والاقتتال والحروب، كما أنها صارت قوة ناعمة للدول، فدولة مثل البرازيل حظيت ولا تزال باحترام شديد في العالم كله لبراعة منتخبها الوطني.

بل إن كرة القدم يمكن أن تفلح في صناعة صورة لا تتمكن من تشكيلها آلاف الخطب والكتب والوعظ المباشر. ففي وقت تُرسم فيه صورة سلبية للمسلمين في أوروبا نظرًا لما ترتكبه الجماعات والتنظيمات الإرهابية من أعمال عنف دموي، لاسيما بعد استهدافها المنظم والمتواصل لمدن أوروبية، نجد أن براعة لاعب واحد هو المصري محمد صلاح في صفوف فريق ليفربول الإنجليزي تجعل جمهور الفريق ينشد في تبتل:

“إن كان جيدًا كفاية بالنسبة لكم

فهو كذلك بالنسبة لي

إن سجل بعض أهداف أخرى

سأصبح مسلمًا أنا أيضًا

إن كان جيدًا كفاية بالنسبة لكم

فهو كذلك بالنسبة لي

جالسًا في مسجد

هناك حيث أريد أن أكون”.

ثم نجد شبلاً إنجليزيًا، لا يدين بالإسلام، ينجح في إحدى التدريبات بتسديدة ناجحة لضربة جزاء، يجري فوق البساط الأخضر، ثم يسجد لله شكرًا، تمامًا كما يفعل صلاح، بعد إحرازه الأهداف.

ورغم من أن الاتحاد الدولي “فيفا” يحظر تدخل السياسة في أمور الكرة، فهناك من يرون في هذه العلاقة أمرًا طبيعيًا بل بديهيًا، لأن الكرة هي الرياضة الجماعية الأكثر شعبية التي تتنافس فيها فرق وطنية يلعب كل منها باسم دولته. وتبدأ المباراة بعزف الموسيقى الوطنية لدولتي الفريقين المتنافسين اللذين يرفع كل منهما العلم الوطني، كما أن هذا العلم يرفرف عادة في مدرجات المشاهدين، وبذا تبقى العلاقة ثابتة وفوق هذا الاجتهاد الذي يرى أصحابه أنه ما من ظاهرتين يتقاطع فيهما الانتماء إلى الوطن والمصلحة الوطنية، مثل كرة القدم والسياسة.([18])

والحضور السياسي في مباراة كرة قدم ليس جديدًا، بل صار سمة ظاهرة، فعلى سبيل المثال هناك من تتبع تاريخ العلاقة بين السياسة وكرة القدم في مصر، بدءًا بدور الاحتلال البريطاني، ومولد الأندية الشهيرة، وصعود أهل الحكم والقصر إلى المواقع والمناصب الكروية.([19]) وعلى مستوى أوسع التقط الظاهرة نفسها كتاب بعنوان الجوانب الجيوسياسية في كرة القدم،  Geopolitique du Football, Bruxelleوالذي صدر عن أحد المراكز الاستراتيجية الفرنسية، وشاركت في إعداده نخبة من الباحثين، وحرره باسكال بونيفيسن حيث تم التعامل مع هذه اللعبة على أنها متابعة الحرب بوسائل أخرى، وهذا هو الوصف الذي كان المنظر الاستراتيجي كلاوزفتش قد أطلقه على السياسة.

فقد صارت كرة القدم التي تستعير من الاقتصاد لغته حين تتحدث عن احتكار الكرة، وربح النقاط وخسارتها والرهان والعلامة الكاملة والحسابات المفتوحة، الظاهرة الأكثر كونية في عصر العولمة، وهي تبدو أشمل من اقتصاد السوق وعملية الدمقرطة، وباتت إحدى الأدوات القوية في الدبلوماسية الدولية، حيث يمكن، في رأي هؤلاء، أن تساهم في توحيد شطري كوريا أو دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما يمكن لها أن تكون أحد وسائل تحقيق الوحدة الوطنية في البلاد متعددة الأعراق واللغات والديانات، حين تتضافر مختلف الجماعات حول المنتخب الوطني، الذي يعد رمزًا تعلق عليه الأمة بعض آمالها، خاصة إذا كان يضم تحت لوائه لاعبين ينتمون إلى هذه الجماعات.

رابعًا: الاستعارة بين كرة القدم والحرب

  يحفل الخطاب الرياضي بالاستعارة المستمدة من الحرب، لاسيما حين يسعى المعلق الرياضي إلى إضفاء حيوية ومتعة على المباراة، فينتج العديد من الاستعارات، سواء كان واعيًا أم غير واع، بغية إمتاع المتلقي وشد انتباهه.([20]) وربما لهذا، ولأسباب أخرى تتعلق بجوهر اللعبة نفسها،  قال إيكو: “كرة القدم طريقة لعمل الحرب بوسائل أقل دموية مما تعودناه”، وهي مسألة يعززها جوليانو أيضًا بقوله: “في كرة القدم، وهي طقس حربي مهذب، يكون 11 رجلاً يلبسون سراويل قصيرة هم سيف المنطقة، المدينة أو الأمة. يخلّص هؤلاء المحاربون غير المسلحين ومن دون دروع، الجمهور من شياطينه ويعيدون تثبيت إيمانه: في كل مواجهة بين طرفين، تدخل العداوات القديمة والشغف القديم الذي ينتقل من الآباء للأبناء، تدخل في المعركة. تنقلب كرة القدم، وهي استعارة للحرب، إلى حرب حقيقية أحيانًا. ولا يعود الموت الفجائي اسمًا لطريقة مأساوية في تحديد نتيجة مباراة تعادل. هذه الأيام، أصبح التطرف في التشجيع في كرة القدم يحتل مكانًا كانت تحتله في السابق الحماسة الدينية، والغيرة الوطنية والشغف السياسي. وكما يحصل أحيانًا مع الدين والوطنية والسياسة، تجعل كرة القدم التوتر يحتدم وتُرتكب العديد من الفظاعات باسمها”.

وهذا “النسق العسكري” للاستعارة، توزع على أربعة ألوان من الاستعارة، الأول متعلق بالفضاء واتجاهاتِه (المعسكر – الميدان – المعترك – الجبهة الأمامية –  الوسط – الخلف) والثاني يتمثل في استعارة الوسيلة (النهج التكتيكي – الدفاع – الهجوم – الحملة المضادة والمنظمة والسريعة) والثالث هو استعارة المنفذ والضحية (الكتيبة – جندي الخفاء – رأس حربة – الخصم) ثم استعارة النتيجة (الانتصار – الفوز – الظفر باللقب).([21])

 ويترجم خطاب التعليق الرياضي بنية الحرب موزعًا إياها على عناصر خماسية ثابتة تناظرها عبر شبكة معجمية واسعة، وهو ما يمكن شرحه تفصيلاً في الجدول التالي:([22])

  البنية الأساس للحرب البنية الاستعارية للتعليق الصحفي الرياضي لكرة القدم
بداية التخويف المناورة – التهديد – جس النبض – الضغط على حامل الكرة …
    وسط غزو مساحة العدو الهجوم – بناء العمليات – المباغتة – الحملة المنظمة/السريعة – الرمية – التسديد – الضربة …
الدفاع عن الموقع التكتل الدفاعي – التراجع – صد المحاولة – تأمين المنطقة الخلفية – التحصين – الحائط البشري …
الهجوم المضاد المباغتة – المرتدات المضادة – الحملة المضادة – بناء العمليات الهجومية من الخلف …
نهاية الانتصار/الهزيمة الهزيمة – الانهيار – الانتصار – الفوز – الظفر باللقب – سحق الخصم …

وهذه الخاصية الجيوسياسية لكرة القدم ليست جديدة، فها هو جوليانو يقول: “عند سور مستشفى للمجانين، في ميدان مقفر في بيونس أيرس، كان بعض الفتيان الشقر يتقاذفون كرة بأقدامهم.

سأل طفل:

ـ من هؤلاء؟

أخبره أبوه:

ـ إنهم مجانين، إنجليز مجانين.

الصحفي خوان خوسيه دي سويثا ريبللي. يتذكر هذه الحادثة من طفولته. ففي الأزمنة الأولى كانت كرة القدم لعبة مجانين في منطقة ريو دي لابلاتا (الأرجنتين وأورجواي). ولكن في أوج التوسع الإمبراطوري صارت كرة القدم سلعة بريطانية للتصدير لا تقل شهرة عن أقمشة مانشستر أو القطارات أو قروض مصرف باريتجز أو مذهب حرية التجارة”.([23])

لكن حديث هذا الرجل عن الجنون لا يخلو من معنى، وإن كان هو لم يقصد الأمر على النحو الذي رأيناه في الأزمة السياسية التي اندلعت بين مصر والجزائر عام 2009 إثر شحن إعلامي كبير سبق وصاحب وأعقب مباراة فاصلة بين منتخبي البلدين في تصفيات كأس العالم 2010، أو التطور الأكثر ضراوة، حين كانت كرة القدم الشرارة التي أدت إلى انفجار الاحتقان بين السلفادور وهندوراس فوقعت حرب بين البلدين قُتل فيها أكثر من 4000 قتيل، معظمهم مدنيون، ومعهم 10 آلاف مشوّه و120 ألف مشرد، ودُمرت مئات البيوت والمنشآت. فقبل المباراة حظرت حكومة هندوراس على السلفادوريين تملك أراضٍ بها، وطردت بعضهم وهم من الإقطاعيين الذين عاشوا فيها أجيالاً، وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتبادلت وسائل الإعلام سجالاً شحن النفوس بالغل، وحين فرضت تصفيات بطولة كأس العالم لعام 1970 على البلدين خوض مباراة فاصلة في المكسيك لتحديد الفريق الذي سوف يتأهل إلى المباراة النهائية، بعد أن تبادلا الفوز على أرضيهما. وانتهت هذه المباراة بفوز السلفادور 3/2 في الوقت الإضافي، فنزل الهندوراسيون إلى الشارع وهاجموا فقراء السلفادوريين المقيمين عندهم، لتتطور الأمور إلى  حرب شاملة، استمرت أربعة أيام.([24])

خامسًا: اعتبارات تبادل الاستعارة بين كرة القدم والسياسة

ينبع ارتباط التصورات والاستعارات السياسة بكرة القدم من خمسة أشياء، الأول: أن العملية السياسية تبدو معقدة للغاية، نظرًا لتداخلها الشديد مع حقول معرفية ونشاطات إنسانية أخرى، ويأتي التحليل ليبسطها عبر نماذج تأخذ أشكالاً مختلفة تتراوح بين الكلام اللفظي الصرف والحسابات الرياضية الدقيقة، وهي أنها عملية تتسم بالشمول، إلى حد كبير، إذ أن كل النشاطات البشرية قابلة للتسييس عندما تدخل في صميم اهتمامات السلطة السياسية.

ويمكننا في ركاب هذا تحليل القيم الاجتماعية والسياسية الكامنة في بطولة الدوري العام،([25]) لندرك أنها مليئة بالعبر والعظات، وتقدم لنا لوحة عريضة مرصعة بمشاهد عدة يمكنها إن تجاورت أو توازت أو حتى تتابعت أن تشرح لنا، وتكشف لنا، جانبًا من الخصال الاجتماعية للشعب في هذه اللحظة من تاريخه، منها ما هو إيجابي، وهو ليس بالقليل، ومنها نشر ثقافة اعتباطية وعشوائية تركن إلى أن الفائز فريق محظوظ، ويهزم خصومه عن طريق الصدفة، وأن هناك تواطؤًا لصالحه، وتوجد مؤامرة على منافسيه. وهناك أيضا الانحياز إلى التحايل على حساب الحقائق الجلية ومنها أن المثابر ينتصر ولو بعد حين، وأن الإيمان بالتراكم  يدفعنا إلى الأمام.

والثاني هو تبادل المنافع والتأثير، التي لا تخلو من تبادل الاستعارات، بين الكرة والسياسة، وهي مسألة تختلف وفق طبيعة النظام السياسي، ففي النظم الديمقراطية يوجد تمايز بين الرياضة وفرقها وبطولاتها ونجاحاتها وبين العمل السياسي والحزبي، بحيث “لا تؤثر الرياضة في العمليات السياسية، والمنافسة الحرة بين الأحزاب والسياسيين، ولا تؤثر الهزيمة أو النصر على مآلات العمليات السياسية وشعبية الطبقة السياسية الحاكمة، إلا نادرًا واستثناء. أما في النظم السياسية الشمولية والتسلطية لا تزال للرياضة بعض الدور النسبي وبعض التأثير على مكانة بعض السياسيين من حيث الشهرة والذيوع والمكانة خاصة بعض ذوي الاهتمامات الرياضية لبعض الفرق الوطنية أو القومية في هذا الصدد”.([26])

أما في الدول الشمولية والتسلطية تلعب الرياضة وكرة القدم عديدًا من الأدوار السياسية التي يستخدمها رجال السياسة، ومن بينها “توظيف الرياضة في بناء الهويات القومية، وتحقيق التماسك الجماعي، والولاءات الكبرى باسم الوطنية، أو القومية، من خلال قدرة الفرق القومية على استقطاب الولاءات ما فوق الأولية القائمة على القبيلة والعشيرة والدين والمذهب واللغة والعرق والمنطقة والشرائح الاجتماعية المتصارعة، واستعمال كرة القدم كمصدر للتعبئة الوطنية والاجتماعية، وإحدى قنوات استقطاب الاهتمامات العامة للجماهير خارج المجال السياسي، والتعامل مع الفرق الكبرى بديلاً للانشغال بالحياة الحزبية”.([27])

كما يمكن النظر إلى كرة القدم أو استعارتها في تحليل طبيعة السياق الذي يحيط بالنظام السياسي برمته، فعلى سبيل المثال، يرى الصحفي البريطاني بارني روناي أن كرة القدم ضاربة بجذورها داخل المجتمعات البريطانية الصغيرة، وأن أندية الدوري الممتاز هي امتداد لكنيسة الحي الذي ذهب إليه الأجداد، أو الحانة التي اعتادوا الذهاب إليها ليلاً، وأن كرة القدم كانت هي الحصن الأخير ضد الفكرة التاتشرية الأصلية التي لا تعترف بشيء اسمه المجتمع، في إشارة لحقبة الثمانينات التي زادت فيها النزعة النيوليبرالية.([28])

ولم يكن رئيس أورجواي  خوسيه باييه، ذو المرجعية اليسارية، يمزح حين وضع  كرة القدم ضمن خطة إعادة التأهيل البدني لأطفال بلاده، والتي كانت بحاجة إلى ثورة حقيقية، لترتبط اللعبة بقرارات مجانية التعليم، وتعميم تدريس التربية البدنية. وسمحت تغييرات باييه بخوض لاعبي الكرة في أوروجواي غمار دوري عمالي نظمته القوى الشيوعية المحلية انطلق مع بداية العشرينيات، وبعد أقل من عقد واحد كانت أورجواي تتسيد العالم في كرة القدم، وتتقدم على التوازي في التنمية والنمو بما جعلها تتصدر وقتها قارة أمريكا اللاتينية في مستوى معيشة الفرد.

كما وجدنا امتزاج الاشتراكية بالكرة في الأساليب التي تحكم العمل في نادي “تشي جيفارا الاجتماعي الشبابي”، قرب مدينة قرطبة الأرجنتينية، والذي يقوم بتنمية النشء، وتحسين الأوضاع المعيشية والثقافية للمجتمعات متوسطة الحال في الإقليم.([29])

والثالث أن كرة القدم من الممكن أن تمنح اللاعبين الذين لهم اهتمامات سياسية القدرة على أن يلعبوا دورًا سياسيًا بارزًا، سواء أثناء ممارستهم اللعبة، أو بعد اعتزالهم. فعلى سبيل المثال، أعطت كرة القدم الليبيري جورج ويا الذي لعب لفريق “إيه. سي. ميلان” وفاز بجائزة أفضل لاعب في العالم عام 1995، رأسمالاً اجتماعيًا، وقدرات مادية فارقة نسبة إلى مواطني بلاده، وكذلك صيتًا وذيوعًا واسعًا.

وقد كسب سيلفيو بيرلسكوني صاحب نادي ميلان الانتخابات وصار رئيس وزراء إيطاليا تحت شعار “قوة إيطاليا” المأخوذة من مدرجات ملاعب كرة القدم، حين وعد بأن ينقذ البلاد من أزمتها مثلما أنقذ فريق ميلان. واستغل نجم كرة القدم البرازيلية رونالدينيو غاوتشو الذي حصل على لقب أفضل لاعب في العالم 2005، شهرته في الانضمام إلى صفوف الحزب الجمهوري البرازيلي، الذي يعد الذراع السياسية للكنيسة العالمية لملكوت الله الإنجيلية، ودخل بقوة في المساهمة في مشاريع الحزب، ومقترحاته على المستويين المحلي والفيدرالي.([30])

 والرابع هو أن كرة القدم لم تعد لعبة بل عملية اجتماعية واقتصادية وسياسية وفنية متكاملة إلى جانب كونها مباراة رياضية، فهناك حكومات تُعنى بالكرة إما إرضاء لشعوبها أو سعيًا إلى خداعها واستغلال فوز يحققه الفريق الوطني لأغراض سياسية. فالحكومات المأزومة مثلاً، أو التي تفتقد الشرعية أو المشروعية أو كلتيهما، تسطو على فوز المنتخب الوطني لكرة القدم لبلدها وتنسبه لنفسها أو لسياستها وتحوله إلى نصر وطني. والمثل الصارخ على هذا ما فعلته الحكومات العسكرية في أمريكا اللاتينية في ستينيات وثمانينات القرن العشرين، خصوصًا في البرازيل والأرجنتين. فالعسكريون الذين استولوا على السلطة في البرازيل عام 1964 استغلوا فوز منتخب بلادهم بمونديال 1970 لتثبيت حكمهم، وكان فوز الأرجنتين بمونديال 1978 نقطة تحول باتجاه إضفاء شرعية على الحكم العسكري للبلاد، الذي سعى إلى إقناع هذا الشعب بأن فوز منتخبه الوطني على بريطانيا في مونديال 1986 بهدفين يعتبر تعويضًا عن الهزيمة العسكرية للجيش الأرجنتيني في حرب الفوكلاند.([31])

وما سبق هو نوع من استعارة كرة القدم في ساحة السياسة كإنجاز، أو أحد الأسباب المكسبة للشرعية أو المعززة لها، لكن هناك استعارة أكثر عمقًا ورمزية، تتمثل في التعامل مع كرة القدم كراية، فاللاعب “ينطلق بالكرة بين قدميه، ولون العلم الوطني على صدره، مجسدًا الأمة لاقتحام الأمجاد في ميادين معارك بعيدة”.([32])

وربح الإيطاليون مونديالي 1934 و 1938 باسم الوطن وموسوليني، وكانوا يهتفون قبل كل مباراة “تحيا إيطاليا”، ثم يحيون الجمهور، بالتحية التي تعارف عليها الفاشيون، حيث يبسطون راحات أيديهم المرفوعة. وأعدم هتلر فريق دينامو كييف أثناء الاحتلال الألماني لأوكرانيا لأنه رفض الامتثال لأوامر الطاغية بالانهزام أمام منتخب ألمانيا، وفاز عليه. أما موسوليني فقد أرسل برقية من ثلاث كلمات إلى منتخب إيطاليا قبل خوضه المباراة النهائية لمونديال 1934 ضد المجر تقول: “الفوز أو الموت”.([33])

وشكل الصليب الأحمر في باراجواي فريقًا لكرة القدم جاب الأرجنتين وأورجواي ليجمع أموالاً لعلاج مصابي الحرب التي اندلعت عام 1934 بين بارجواي وبوليفيا على منطقة حدودية مقفرة.

وأرسلت حكومة الجمهورية الباسكية فريقها ليجوب فرنسا فيجمع أموالاً لمساعدة المنكوبين من الحرب التي شنها فرانكو على الجمهورية. وفعل فريق برشلونة الأمر نفسه فأبحر إلى أمريكا وسقط رئيسه صريعًا عام 1937 برصاص رجال الدكتاتور، الذي لم يكن أقل اهتمامًا بتوظيف كرة القدم في تحسين صورة نظام حكمه من خلال فريق ريال مدريد، حيث راح يربح البطولة تلو الأخرى، ويبهر العالم بطريقة لعبه، حتى أن أحد قادة نظام فرانكو وقف ذات يوم أمام الفريق وقال: “أناس كانوا يكرهوننا في السابق صاروا الآن يفهموننا بسببكم”. وكانت كرة القدم واحدة من أوسع الأبواب التي عادت بها ألمانيا إلى العالم بعد قطيعة أعقبت هزيمة النازي في الحرب العالمية الثانية، حين شاركت في مونديال 1954.([34])

وحين فازت البرازيل بمونديال 1970 أهدى دكتاتورها الجنرال مديتشي اللاعبين نقودًا، ووقف أمام المصورين حاملاً الكأس بيديه، بل ضرب الكرة برأسه، ثم مضى في خطوة عسكرية إلى الأمام تصحبه أغنية: “إلى الأمام أيتها البرازيل” التي وضعت خصيصًا للمنتخب، ليتحول إلى الموسيقى الرسمية للحكومة، فيما كان التلفزيون يعرض صورة بيليه وهو يطير فوق العشب، وتحته عبارة “لم يعد بإمكان أحد وقف البرازيل”.

وفي الأرجنتين استخدم الجنرال فيديلا صورة كيمبس المندفع كإعصار للهدف نفسه، بعد أن أنفق مئات الملايين من الدولارات حتى تكون المناسبة أسطورية، لعلها تحسن صورته. وحين فازت بلاده بمونديال 1978، وكان على بعد كيلومترات قليلة من الملعب الذي شهد المباراة النهائية مركز للتعذيب والإبادة في إحدى المدارس العسكرية، وكانت الطائرات تلقي بالمعتقلين المعارضين أحياء في البحر، ويتم اغتيال آلاف مؤلفة من الأرجنتينيين دون أن يتركوا أثرًا، لكن كل هذا تمت التعمية عليه مؤقتًا في ضجيج انتصارات الفريق، وتصفيق المعلقين الذين كانوا مجبرين على هذا، وسيل تصريحات مجاملة لحسن الضيافة من كبار رجال الفيفا ومن سياسيين مدعوين من بينهم وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.([35]) وعين دكتاتور شيلي بونشيه نفسه رئيسا لنادي كولو كولو ذي الشعبية الكبيرة. وفعل الجنرال جارسيا ميزا في بوليفيا الأمر نفسه، حيث صار رئيسًا لنادي ويليسترمان.([36])

وفي أوج حرب الاستقلال الجزائرية، وتحديدًا عام 1958، شكلت الجزائر منتخبا ارتدى فانلة بلون العلم الوطني، لكن الحصار لم يمكنه من اللعب سوى مع المغرب، التي عاقبها الفيفا بالحرمان من اللعب عدة سنوات، فاضطر الفريق الجزائري إلى اللعب مع بعض فرق الجمعيات الخيرية في العالم العربي وأوروبا الشرقية، وكان من بين أعضاء الفريق لاعبون محترفون في فرق فرنسية عاقبتهم بقسوة، ولم ترفع العقوبة إلا بعد استقلال الجزائر عام 1962.

ولم تقتصر استعارة كرة القدم في السياسة على الواقع، بل ذهبت إلى توظيفها في تخيل المستقبل السياسي، أو التنبؤ به، ففي عام 2015 صدرت رواية في القاهرة لكاتب سياسي مصري هو أحمد الصاوي، توسل فيها بلعبة كرة القدم ليطلق الخيال حول حدث سياسي كبير قد يقع حين تجد مصر نفسها في يوم من الأيام في مواجهة إسرائيل من أجل العبور إلى المونديال، ليتخذ من هذا الحدث فرصة لسرد التأثير النفسي والاجتماعي والسياسي على اللاعبين والمدربين والجمهور المتحمس للعبة، أي موقف كل هؤلاء من التطبيع مع إسرائيل عبر كرة القدم.

ويتعلق الاعتبار الخامس بدخول كرة القدم في حيز التصورات والأفكار والأوهام التي تطرحها بعض الأيديولوجيات. فعلى سبيل المثال يرى الفيلسوف البريطاني  سايمون كريتشلي أن الاشتراكية هي الاتجاه السياسي الذي يليق بالكرة، نظرًا لأنها تربط الحرية الفردية بمصلحة المجموع، وهي مسألة تمضي عليها اللعبة فوق البساط الأخضر، إذ أن اللاعب يتصرف ويبدع بحرية لكن ضمن الفريق، ويعتمد النجم الكبير على بقية رفاقه، ومن دونهم ليس بوسعه أن يكون فعالاً. وقد كان بيل شانكلي المدير الفني لفريق ليفربول خلال ستينيات القرن العشرين يتبنى فكرة الاشتراكية الإنسانية بمفهومها الأشمل في طريقة إدارته للفريق، وعلاقته أيضًا بالجمهور، وكان يتصرف ليس كسياسي بالطبع ولكن وفق منظومة قيم أو أسلوب حياة يقوم على الإيمان بأن الفوز أو النجاح لا يمكن إدراكه إلا في إطار المجموع.

لكن الأمر لم يقف عند القيم العامة أو طريقة العيش، على نحو ما يعتقد شانكلي، بل دخلت الأيديولوجيا لتشكل طريقة اللعب، وتشكيل الفريق. فالنموذج السوفيتي أخضع المنتخب الوطني لتنوع واختلاف القوميات واللهجات، بحيث يأتي الفريق ممثلاً لكل القوميات التي يتشكل منها الاتحاد السوفيتي متسع الأرجاء. في المقابل كان هناك محاولة كي تعكس طريقة اللعبة الأيديولوجية الشيوعية، عبر الإيمان بشمولية أدوار اللاعبين في الملعب، وإعطاء مفاهيم جديدة لاستغلال المساحات، وتنوع المهارات التي يمكن لأي لاعب القيام بها في إطار المجموع.

وتماهت كرة القدم مع بعض التصورات النسوية، وهو ما تطرحه اللاعبة الأمريكية السابقة جويندلن أوكسنهام في كتابها “تحت الأضواء وفي الظلام”، التي تشرح فيه ما يدور في العالم السري لكرة القدم النسائية في الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والبرازيل، وكيف تعاني اللاعبات في مواجهة نظام ذكوري قاسٍ، وتفرقة واضحة بين الجنسين، إلى جانب صور ذهنية تقلل من شأن النساء، وقبلها منظومة قوانين مجحفة بالسيدات، وقواعد مغايرة للعبة، لا تعطي وزنًا للكرة النسائية.

وتمت استعارة كرة القدم برمتها كمجال للتعبير عن التعصب السياسي والاجتماعي، أو مثلت تكئة لهذا، وهي حالة نراها في بلدان عديدة، حيث يحقر مشجعو كل فريق من مشجعي غيره. ويمكن هنا عرض مثلين صارخين. ففي إيطاليا نجد أنه عندما بدأ فريق نابولي يلعب أفضل كرة قدم استعاد سكان شمال البلاد صورًا قديمة للتعصب والعنصرية ضد الجنوبيين، فكانوا يرفعون لافتات مهينة لهم في استادات ميلان وتورين تقول: “أيها النابوليين، أهلاً بكم في إيطاليا” أو “إننا نعتمد عليك يا بركان فيزوف”، أي ينتظرون من البركان أن يجرفهم ويميتهم جميعًا، ثم ينشدون:

 “يا للرائحة الكريهة

حتى الكلاب تهرب

النابوليون قد وصلوا

آه للملونيين للمزلزلين

لا يمكن حتى للصابون أن ينظفهم

نابولي أيتها البراز، نابولي أيتها الطاعون

أنت عار على إيطاليا كلها”.([37])

ويحدث الأمر نفسه مع فريق بوكا جونيورز الأرجنتيني، الذي يشجعه الريفيون والسود، فيتأفف منهم سكان بوينس أيرس، ويطلقون عقائرهم بغناء كريه في المدرجات:

“الكل يعرف أن البوكا في حداد

فجميعهم سود، جميعهم قحاب

لابد من قتل هذا الروث

لابد من رميهم إلى نهر ريتشاويلو”.([38])

لكن استعارة كرة القدم كمجال للتعصب وبث ثقافة الكراهية دخل إلى مساحات أشد قتامة، حيث ارتبط بالنزوع العنصري ضد السود. ففي سنة 1921 أصدر الرئيس البرازيلي إيبيتاسيو بيسوسا مرسومًا يقضي بعدم إرسال اللاعبين السود للمشاركة في بطولة كأس أمريكا اللاتينية حتى لا يسيئوا إلى البلاد. لكن رغم أنف السلطة فرضت مهارة اللاعبين السود والخلاسيين أنفسهم مع تقدم السنين، وصارت كرة القدم وسيلة للحراك الاجتماعي لديهم، بل وحيازة ثروات هائلة, والتحول إلى نجوم عالميين.([39])

ووقع الأمر نفسه في أوروبا، فبعد أن كان هناك انحياز للاعبين بيض البشرة، أخذ الأجانب يزحفون على الأندية الأوربية، حتى وجدنا فريق تشيلسي تحت إدارة الإيطالي جيانلوكا فياللي ينزل إلى أرض الملعب خاليًا من أي لاعب بريطاني. ووضع فريق أرسنال قائمة لاعبين أساسيين واحتياطيين كاملة من غير البريطانيين عام 2005، تحت قيادة الفرنسي آرسين فينجر. وصولاً إلى مشاركة 27 لاعبًا من 22 جنسية مختلفة من الفريقين في مباراة واحدة بين بلاكبيرن ووست بروميتش في يناير 2011.([40])

إن هذه الاعتبارات الخمسة، تجعل الاستعارة المتبادلة بين كرة القدم والأفكار والممارسات السياسية قائمة، ولها ما يبررها، حتى لو كان هناك من يعتقد أن العلاقة واهية بين المجالين. وتبقى الكرة أشبه بتمرين، يمكن أن نطبقه على مجالات أخرى، لقيام الاستعارة السياسية في أنشطة وممارسات لا حصر، وأن هذا أمر لا فكاك منه، مهما حاول البعض أن يضيق الخناق على السياسة لتصير مقتصرة على المعاني والمفاهيم والتصرفات المرتبطة بالسلطة العليا، والعلاقات بين الدول.


([1]) لمزيد من التفاصيل، انظر: أيمن جادة، “لماذا كرة القدم؟”، بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2018، الطبعة الأولى.

([2]) إدوارد جوليانو، “كرة القدم في الشمس والظل”، ترجمة صالح علماني، بيروت، دار طوى، 1995، الطبعة الأولى، ص170.

([3]) حول علاقة المثقفين بكرة القدم انظر: أشرف عبد الشافي، “المثقفون وكرة القدم”، القاهرة، دار صفصافة للنشر والتوزيع، 2010، الطبعة الأولى.

([4]) رجاء النقاش، “صفحات من مذكرات نجيب محفوظ”، القاهرة، دار الشروق، 2011، طبعة دار الشروق الأولى، ص38.

([5]) محمود درويش، “ذاكرة للنسيان”، رام الله، منشورات وزارة الثقافة بالتعاون مع دار الناشر، 1997، ص139.

([6]) رضا غنيم، “نجيب محفوظ، محمود درويش، أحمد فؤاد نجم .. وكرة القدم”، موقع “رصيف 22″، 19 مارس 2017، https://raseef22.com/culture/2017/03/19/%D9%86%D8%AC%D9%8A.

([7]) خالد يوسف، “أممية الأفيون: حكايات كرة القدم خارج الملعب”، موقع “منشور”، 7 نوفمبر 2017، https://manshoor.com/life/football-and-nationalism/.

([8]) إدوارد جوليانو، مرجع سابق، ص50.

([9]) إدوارد جوليانو، مرجع سابق، ص31.

([10]) كامل عبد الفتاح، “كرة القدم والسياسة”، صحيفة “الوفد” 7 سبتمبر 2018.

([11]) د. وحيد عبد المجيد، “المونديال والسياسة .. أي علاقة؟”، جريدة “الاتحاد”، 15 يونيو 2006.

([12]) إدوارد جوليانو، مرجع سابق، ص: 29.

([13]) المرجع السابق نفسه.

([14]) انظر: ذياب بن سعد الحمدان الغامدي، “حقيقة كرة القدم”، الرياض، طبعة خاصة، 1429 هـ، الطبعة الأولى.

([15]) مقابلة مع الأستاذ محمد بدر، وهو من مرافقي الشيخ الشعراوي لسنوات طويلة.

([16]) د. حسن حنفي، “الكرة والسياسة”، صحيفة “المصري اليوم”، 1 مارس 2012.

([17]) نبيل عبد الفتاح، “السياسة والرياضة: ملاحظات أولية”، صحيفة “الأهرام”، 11 فبراير 2016.

([18]) د. وحيد عبد المجيد، “المونديال والسياسة .. أي علاقة؟”، مرجع سابق.

([19]) د. ياسر ثابت، “حروب كرة القدم”، القاهرة، دار العين، 2010، الطبعة الأولى.

([20]) لمزيد من التفاصيل انظر: أمين البلالي، “استعارات الحرب في الخطاب الرياضي: مقاربة معرفية”، الدار البيضاء، نور نشر، 2017.

([21]) هشام فتح، “عنف الاستعارة الصحفية: التعليق الرياضي المغربي نموذجا: في

http://hichamfath.blogspot.com.eg/2015/01/blog-post.html.

([22]) المرجع السابق.

([23]) إدوارد جوليانو، مرجع سابق، ص24-25.

([24]) إدوارد جوليانو، مرجع سابق، ص113-114، وانظر كذلك: موقع قناة “العربية، 17 نوفمبر 2009،

https://www.alarabiya.net/articles/2009/11/17/91534.html.

([25]) راجع: عبد الرحمن فهمي، “الكورة والسياسة”، القاهرة، مطبوعات الشعب، 1987، الطبعة الأولى.

([26]) نبيل عبد الفتاح، مرجع سابق.

([27]) المرجع السابق نفسه.

([28]) خالد يوسف، “أممية الأفيون: حكايات كرة القدم خارج الملعب”، مرجع سابق.

([29]) المرجع السابق.

([30]) وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) 21 مارس 2018.

([31]) وحيد عبد المجيد، المرجع السابق.

([32]) إدوارد جوليانو، مرجع سابق، ص169.

([33]) المرجع السابق، ص61.

([34]) المرجع السابق، ص85.

([35]) المرجع السابق، ص131.

([36]) المرجع السابق، ص120.

([37]) المرجع السابق، ص149-150.

([38]) المرجع السابق، ص150.

([39]) المرجع السابق، ص38.

([40]) خالد يوسف، “أممية الأفيون: حكايات كرة القدم خارج الملعب”،  مرجع سابق.

اظهر المزيد

د. عمار على حسن

روائي وباحث في علم الاجتماع السياسي - القاهرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى