2021العدد 186ملف ثقافي

محمد عبدالوهاب 120 عاماً على ميلاده عرض وتحليل لبعض أعماله

يا مفرحني

في سنة 1945 استدعى الموسيقار محمد عبدالوهاب المطرب الشاب جلال حرب الذي لمع اسمه والذي يعتبر أهم تلامذة محمد عبدالوهاب قبل عبدالحليم حافظ ، واتفق معه على أن ينتج له فيلمًا سينمائيًّا (الحب الأول) اختار أن تكون بطلته المطربة الكبيرة رجاء عبده (اعتدال عبدالمسيح). وكان اعتقاد جلال حرب-كما قال شخصيًّا- أن ملحن أغاني الفيلم سيكون محمد عبدالوهاب فكان رد “الأستاذ” بأنه سيشاركه التلحين وأنه (أي جلال حرب) سيكون الملحن الأساسي لأغانيه، فطلع علينا بأشهر أغانيه(ظهرت في الفيلم) “هي هي” والدويتو الذي اشترك فيه مع رجاء عبده بشاره واكيم “اجزخانة السعادة ” الذي يبدأ بعبارة” يا سلام الحب ده جنة”، وقد اشتهرت هاتان الأغنيتان في الأربعينات والخمسينات من القرن المنصرم. ولحَّن المنتج محمد عبدالوهاب إحدى أعظم أغنيات رجاء عبده :اشهدوا يا ناس، وأعظم أغنية غناها جلال حرب: يا مفرحني يا مبكيني وطبقت شهرة الفيلم الآفاق بعد أن ظهر في عرضه الأول في 26/3/1945 في سينما كورسال، وأقدم هنا تحليلًا لأغنية ” يا مفرحني يا مبكيني” وهي من نظم مأمون الشناوي.

بداية الأغنية

تبدأ الأغنية بمقدمة موسيقية تمهيدية قصيرة على إيقاع الرومبا ومن مقام النهاوند ثم يبدأ غناء المذهب بجملة رائعة لامعة ومبهرة تبدأ من الدرجة الخامسة ونزولًا على السلم  الملون الكروماتيكي أي المكون من تتابع أنصاف الصوت وذلك على كلمات:

يا مفرحني يا مبكيني   بتلوعيني وتهنيني

التسلسل الكروماتيكي لهذه الجملة الموسيقية لم يرد في تاريخ التلحين العربي إلا نادرًا. وسجل هذا التسلسل في جملة “أتاري طيري لايف لغيري” وتعاد على عبارة “مسكين يا قلبي مظلوم في حبي” من أغنية محمد عبدالوهاب “مشغول بغيري وحبيته” 1944 م. ولن يكون قد استعمل هذا السلم الموسيقي الملون على كلمات لأول مرة في هاتين الأغنيتين فإنه(السلك الملون) موجود في بعض أغاني محمد عبدالوهاب ولكن بصفة غناء يا مفرحني ممدود على حرف من حروف العلة أشبه بالتدريب الصوتي(vocalise)، وذلك في عبارة “ولا قادر قلبي يسلاك” في مونولوج “كلنا تحت  القمر”  1928 م. فعلى “الألف” الممدودة في كلمة ” يسلاك” ينفذ المطرب الملحن هذا السلم الملون صعودًا من القرار إلى الجواب مرورًا بجميع أنصاف الصوت الثلاثة عشر، ونجد نفس الشئ في مونولوج “أهون عليك”  1928 م عند عبارة “روحي تهون” ، فعلى” الواو” الممدودة يتسلق صوت المطرب على جميع أنصاف الصوت من القرار إلى الجواب(13 نصف صوت)، وإذا كان غناء السلم كاملًا على أنصاف الصوت لا يُشكِّل أيه صعوبة عند الذي يملك صوتًا كصوت محمد عبدالوهاب، فإن التلحين على الكلام على هذا المقام في غاية الصعوبة؛ لأن تتابع أنصاف الصوت ينزع عن اللحن طابع إنتمائه المقامي فلا تدري على أي مقام يأتي، ولكن في الأغنيتين المذكورتين (يا مفرحني ومشغول بغيري) يستطيع الملحن_ بحرفية عالية الحفاظ على طابع المقام (النهاوند) في الحالتين بل إظهاره بوضوحٍ شديد، النهاوند المرصع أي ذو الدرجة الرابعة المرفوعة نصف صوت.

بعد المذهب تأتي لازمة موسيقية مذهلة بثرائها وجمالها الميلودي وتبدأ بجملة لانجدها إلا عند كبار الملحنين الكلاسيكيين الأوروبيين . الإنطلاق من الدرجة الخامسة إلى الأولى فالثانية والثالثة صعودًا، وهذا البناء الميلودي نجده بكثرة في القرن التاسع عشر(العصر الرومانتيكي)، وجاء من الغناء الغجري(Tzigame) ودخل بكل ترحاب إلى الأغنيات الكلاسيكية لهذا العصر حتى “رضا يشوف” في القرن العشرين في مجموعات أغانيه التي حملت إسم “رومانس”، ونرى هذه التركيبة عنده بوضوح في الحركة الأولى من الكونسرتو الثاني للبيانو والأوركسترا، ونجده أيضًا عنده الرومانسي العربي الكبير “محمد الموجي” في جملة “لو كنت يوم أنساك” في بداية أغنية عبدالحليم حافظ التي تحمل نفس الاسم وتأتي على قرار المقام وبشكلٍ مرسل وتتكرر في المقطع عند جملة ” طول بعدك ولا مرة فاتوني”، وفي المقطع الثاني عند عبارة “لا للي قاسيته كان على بالي” على جواب المقام وموقعه. ونعود إلى اللازمة الرائعة التي تستحق أن تكون بتوقيع “شوبرت” أحد أعظم أقطاب موسيقى القرن التاسع عشر الرومانتيكي، والتي تقودنا إلى المقطع الأول الذي يستمر على مقام النهاوند، المقام الأساسي للأغنية.

المقطع الأول

تأتي أول جملة على عبارة “تحرمني ليه من جمالك” التي تتكرر على العبارة الثانية “اسقيني من كاس وصالك” بعد جملة قصيرة أوركسترالية رائعة تفصلها عن الأولى.  هذه الجملة الثانية المكررة تقودنا إلى لازمة من مقام البياتي بعد التلميح له عند “كاس وصالك” وهذه أحب الوسائل لدى الملحن في لعبته المفضلة، التركيب(Systhese) أو تلاقي وتزاوج الحضارة الموسيقية الغربية مع العربية وذلك على جملة ” أحلى ليالي الغرام” على مقام البياتي. هذه الجملة تلعب دورًا هامًا إلى جانب الدور الذي ذكرناه عاليًا.

فإذا كان الغناء (لغاية تغير المقام) على مقام النهاوند يعتمد على التعبير الموسيقي والغنائي- وهذا من شيم الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية- أضف إلى ذلك إيقاع الرومبا، نتفاجأ في جملة “أحلى ليالي الغرام” بالطابع التطريبي الذي يطرأ على اللحن والذي يأتي على إيقاع  الوحدة الكبيرة العربية، وهكذا يحدث الملحن التفاعل الحضاري البناء بين الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية والموسيقى العربية مستعملًا أحد أهم عناصر كل من الحضارتين( التعبير عند الأولى والتطريب عند الثانية)، وتأتي المفاجأة الثانية: فكما ظهر مقام البياتي فجأة محدثًا كل هذا التفاعل، يختفي فجأة أيضًا عند عبارة ما بين عذابي وعذابك”، حيث يتوقف الإيقاع ليعود بعد ذلك مقام النهاوند على عبارة “ياما بتنساني” بجملة رائعة على إيقاع الفوكس وتتبعها مباشرة الجملة الملونة الكروماتيكية المذهب على عبارة:

          بتموتني وبتحييني    يا مفرحني يا مبكينيي

على إيقاع الرومبا.

المقطع الثاني

ندخل من دون تحضير على مقام العجم (الماجور) بجملة لحنية مشرقة ومبهجة على إيقاع الفوكس تعاد على عبارة “كلما فكر يوم أنساك”، وتعاد بطريقة التتالي(Sequence) عند عبارة ” وإزاي أقدر أنسى هواك”، وعند “وأنا مشغول وبفكر فيك” تحدث مفاجأة  تحويل المسار المقامي وعودة النهاوند (المينور) بسلاسة محيرة ونشتمّ رائحة الجاز عند جملة ” في الغصن لما يميل” ، وعندما يصل في العبارة التالية ” ، وفي كل معنى جميل” وعند كلمة “جميل” المكررة يتوقف الإيقاع وتأتي جملة “ياما بتنساني” التي تتحول في هذا المقطع إلى “جزئية مضافة” إلى المذهب تأتي بعدها الجملة الرائعة اللامعة الملونة الكروماتيكية على عبارة:

يا مفكرني يا منسيني    يا مفرحني يا مبكينيي

لتختتم الأغنية، ويتبعها كنقطة نهائية تألفان كلاسيكيان للختام على الدرجة الخامسة ثم الأولى يعزفها البيانو فقط _هنا يكشف لنا البناء الموسيقي المتين للأغنية جسر بثلاث قناطر(دعامات) الجملة الملونة الكروماتيكية التي تأتي في البداية ثم في الوسط ثم في النهاية؛ لتدعيم البناء الموسيقي.

في الليل لما خلي

يعتبر هذا المونولوج أحد أهم الاعمال الموسيقية في تاريخ الموسيقى العربية من ناحية التعبير والتصوير الموسيقيين ومن ناحية اللحن والغناء ومعروفة قصة الملحن عندما جاء إلى راعية أمير الشعراء “أحمد شوقي” يعلن عن بداية تلحينه قصيدة من قصائد العامية وأنها ستعجبه كثيرًا فكان رد أمير الشعراء: “يا محمد أنا بقيت من الماضي بصّ إلى المستقبل ولحن لأبناء سنك وللمستقبل”، فكانت هذه التحفة التعبيرية التصويرية والإلقائية الفريدة.

أول ما يلفت الانتباه في هذا العمل هو التفكير البنائي في اللحن الذي يظهر منذ بدايته، في المقدمة الموسيقية، وأقول مقدمة استهلال موسيقي وذلك للتفكير الموسيقي الواضح في بناء هذه المقدمة.

تبدأ المقدمة بلحن مؤثر تعزفه الوتريات من دون القوس بطريقة النقر على الأوتار، على المقام المؤثر البياتي، وتعيد الفرقة كاملة المقدمة ولكن مع إضافة في وسطها وتستعمل الوتريات هنا القوس في العزف بعدها نستمع إلى الفيولونسيل (تشلو) المنفرد مع الناي في جملة مرسلة يتخللها نقرتين على الوتريات وفي النهاية تعيد الفرقة كاملة للجملة الأولى من المقدمة من دون الإضافة التي وردت في الجزء الثاني منها. إذن المقدمة من أربعة أجزاء:

  1. نقر على الوتريات
  2. إعادة الجزء الأول مع إضافة في الوسط وعزف الوتريات بواسطة القوي مع التخت
  3. سولو تشلو مع الناي بشكلٍ مرسل (وهذه إحدى بدايات استعمال التشلو في الموسيقى العربية)
  4. إعادة الجزء الأول على كل الفرقة من دون الإضافة وتجدر الإشارة إلى أن الجمل الموقعة تعتمد على إيقاعها الداخلي دون الاستعانة بآلات الإيقاع المعروفة.

وتلعب هذه المقدمة دورًا هامًا في البناء الداخلي العام للأغنية في نهايتها كما سنرى، وفي تدعيم البناء الموسيقي.

 يبدأ الغناء المعبر والمؤثر “والحراق” بمناجاة ليلية بإظهار كل كلمة بعمق معناها موسيقيًّا وغنائيًّا وإنسانيًّا، ويدخل الإيقاع الداخلي (من غير آلة إيقاع) عند جملة “ما تعرف المبتلى” (ثلاثة أضلاع تبيه لفالس). نصل إلى إحدى الذري التعبيرية التصويرية عند عبارة “سكون ووحشة وظلمة وليل مالوش آخر” جملة مرسلة، حيث ينطق كلمة سكون طويلة برهبة وخشوع وهدوء تام وتأتي كلمة “ووحشة” متوترة وسريعة مقتضبه جدًا بشكلٍ مفاجئ تكسر الهدوء السابق، ويعود الهدوء عند كلمة “وظلمة” التي تنزع فتيل التوتر ثم “وليل مالوش آخر” حيث يمد المطرب الملحن غناءه على حرف العلة (الياء) في “وليل” للتعبير عن طول الليل الذي ” مالوش آخر” كل هذا على مقام البياتي، وعند كلمة الساهر في جملة “ده النوم يا ليل نعمة يحلم بها الساهر” يدخل مقام النهاوند على حرف العله (الألف) في كلمة الساهر لكن لا نلبث أن نسمع مفاجأة مقامية، ففي وسط كلمة “الساهر” التي بدأت على النهاوند يتحول المقام إلى الراست تبدأ بعده لازمة موسيقية نسمع فيها لأول مره في الموسيقى العربية آلة الكاستانيت الأسبانية تنتهي هذه اللازمة على مقام النهاوند وتأتي على إيقاع 4/3 ذي الأضلاع الثلاثة (فالس)، وتأتي مفاجأة مقامية ثانية، فبعد أن تمهد اللازمة للغناء على مقام النهاوند يدخل المطرب بجملة “الفجر شأشأ” (شقشق) على مقام الراست طريقة التصادم المقامي وهي الوسيلة المفضلة في المدرسة الموسيقية الرومانتيكية الكلاسيكية الأوروبية في القرن التاسع عشر، وتتخلل هذه الجملة الغنائية لغاية “أدهم بغرة جميلة ” لازمة تلفت الانتباه فهي تتألف من أربعة حروف موسيقية تتوالى أول مره صعودًا وتتألف من جزء من السلم الموسيقي الملون الكرومانتيكي المكون من تتابع أنصاف الأصوات، أعادة اللازمة تأتي على نفس الحروف الأربعة الملونة معكوسة الاتجاه من فوق إلى تحت وتعود معكوسة صعودًا في المرة الثالثة ويقف الإيقاع. “هنا فواح عالغصون” تأتي في نهايتها لازمة على التشلو المنفرد مع الناي للتعبير عن “بكاء المضاجع ” تتبعها جملة من أروع الجمل التعبيرية :” ليه نشتهي النوم عيون ” مستغلًا حرف العلة (الياء) في كلمة “ليه” ؛ ليقدم استعراضًا صوتيًّا تعبيريًّا مدهشًا. بعد”سواهي هواجع” تعاد لازمة التشلو مع الناي، كل هذا على مقام الراست . ويعود المقام الأساسي البياتي عند جملة ” ودوح غرق في الشجون ودوح ما شافش المواجع”. هنا يظهر التفكير البنائي التأليفي الموسيقي المتمين في هذا العمل: يأتي الجزء الأول من القسم الرابع من المقدمة كلازمة لعبارة ” يا ليل أنسني سمعته والشوق رجعلي وعاد” مع تطويل في كلمة “ليل”؛ لتصوير طوله يأتي بعدها الجزء الأوسط من المقدمة يتبعه “وكل جرح وساعته” لغاية نهاية المونولوج حيث نسمع المقدمة كنهاية للأغنية. إذن قسمت المقدمة الموسيقية (من دون الإضافة في الوسط) إلى ثلاثة أقسام استعملها في نهاية الأغنية كلوازم وكعمود يربط أول الأغنية بآخرها؛ لتدعيم أقسامها في بناء موسيقي غنائي تصويري تعبيري نادر مستعملًا نفس المادة اللحنية.

هذه أهم المناطق التصويرية والتعبيرية في الأغنية المليئة من أولها لآخرها بصور أخرى كثيرة استعمل الملحن للتعبير عنها الفكر الموسيقي البنائي الفذ والموهبة اللحنية المتفوقة وصوته المتمكن إلى أقصى حدود التمكن في التعبير والتصوير والأداء وقدرته الهائلة في استغلال كل حرف من كلمات الأغنية لهدف التصوير والتعبير خاصة حروف العلة التي يمد عليها اللحن والصوت على طريقة التدريب الصوتي (vocalize)؛ ليصل بالتعبير والتصوير الموسيقيين إلى ذروتها الفنية، مستغلًا كل ما تعلمه من مدرسة التجويد القرآني العظيمة.

من غير ليه: عمل من أعمال المقاومة الفنية .

في الثالث من تموز/يوليو سنة 1989 دعاني النادي الثقافي المصري لأتكلم عن أغنية محمد عبدالوهاب الجديدة” من غير ليه” التي رسم كلماتها الفنان الرسام “مرسي جميل عزيز” فكانت هذه الأفكار وهذه الدراسة.

“المرة الألف أعلن ندمي لسبب تسرعي على إبداء رأيي في كل أغنية جديدة يتحفنا بها موسيقار القرن “محمد عبدالوهاب”. ففي كل مرة أنسى أنه من المستحيل أن أسبر أعماق أعمال محمد عبدالوهاب من المرة الأولى بل العاشرة، فكما حدث معي في أغنية “أنده عليك” التي لم تعجبني إطلاقًا في المرة الأولى، واكتشفت أنها تحفة موسيقية ومنجم موسيقي بعد سماعي لها للمرة العشرين، ولم أتجرأ على الإمساك بالقلم لكتابة تحليل موسيقي وإحصائي لها إلا بعد سماعي لها للمرة الخمسين (وقد أثبت هذا الكلام في تحليلي الموسيقي للأغنية) أقول كما حدث مع ” أنده عليك” حدث مع “من غير ليه” التي لم تعجبني من المرة الأولى. فكانت كل مره استمع إلى الأغنية من جديد تكشفت لي نواح ٍإبداعية عميت عن رؤيتها في المرات السابقة.

مقام الأغنية

مقام الأغنية نهاوند على درجة الطول (Sol). لماذا أقول هذا ولا أقول مقام فرحفزا؟ أولًا من الواضح أن سبب ذلك كون الموسيقار محمد عبدالوهاب أخذ النهاوند المريح لصوته(في العمرية الحالية) وهو نهاوند الصول.

 ثانيًا أن جميع السكك المقامية والتلوينات المقامية الداخلة في تطويرات البناء اللحني للأغنية هي سكك مقامية وتلوينات مقامية لمقام النهاوند بالذات وليس الفرحفزا وهذا ما يدعونا إلى القول بأن “مقام الأغنية هو النهاوند المصور على درجة الصول (الخامسة من السلم الموسيقي)”.

مقدمة الأغنية

مقدمة الأغنية على غير عادة محمد عبدالوهاب في أغنيات للمطربيين الذين أعطاهم ألحانه في السنوات الأخيرة وأقصد (عبدالحليم حافظ، وفايزه أحمد، ووردة، ونجاة)، المقدمة هنا قصيرة ولا تشكل مقطعًا موسيقيًّا كاملًا كما في “أنده عليك” و “في يوم وليلة” أو “بعمري كله حبيتك” أو “فاتت جنبنا” أو “وقدرت تهجر”، حيث يلخص الملحن مقامات الأغنية كلها في هذه المقدمة وحيث أن المقدمة عبارة عن لوحة موسيقية “أوركسترالية” كبيرة تسبق الغناء وتفتح الستارة أمامه . إذ المقدمة هنا قصيرة وتلعب دور التقديم لمقام الأغنية ومزاجها العام وهي من جزئين:

الجزء الأول: مرسل، فاستمتع فيه بالتأمل الموسيقي الرائع والتلوينات المقامية النابعة من نفس مقام النهاوند وهي الترصيع في أثناء تلحين النسب الموسيقية، هذه النسب التي تشكل أهم طريقة للتطوير اللحني عند محمد عبدالوهاب

الجزء الثاني: من المقدمة موقع ويبدأ بتنغيم لحني قد تسمعه وتمر به مرور الكرام ، لكن هنا أعظم مزايا محمد عبدالوهاب وهي التطوير الموسيقي المنطلق من الفكرة الموسيقية الواحدة، فالجملة الأساسية في الجزء الموقع هي نفس الجملة التي وردت في بداية الجزء المرسل ولكنها مقلوبة وهذه هي الطريقة في التطوير المستعملة في أعمال باخ وغيره من الموسيقيين العظام في الكتابة البوليفونية لقالب الفوجا(وغيره) في مدرسة الباروك التي سبقت المدرسة الكلاسيكية ، ونجدها خاصةً في عمل باخ العبقري “الهاربيكورد المعدل جيدًا” في توطئاته وفوجاته الثماني والأربعين.

المذهب

بعد المقدمة القصيرة والمركزة هذه والمحتوية على العنصر اللحني الأساسي الذي يشكل الأعمدة الأساسية للبناء الموسيقي للأغنية- كما سنرى لاحقًا- يبدأ الغناء أو المطلع الغنائي وسنسميه إصلاح المذهب؛ لأن قسمًا كبيرًا منه سيتكرر بشكلٍ مذهب مع أن الصياغة اللحنية أقرب إلى قالب المونولوج المقيد، حيث المادة الموسيقية في الأغنية ترد بشكل سرد لحني من أول الأغنية إلى آخرها مع تكرار جزء من المطلع الغنائي في آخر المقطعين الأول والثاني.

 هذا المذهب يعيدنا في البداية إلى الجزء المرسل من المقدمة بتأمله وهدوئه وعمقه الموسيقي مع تعميق أكثر في اللحن إذ يبدأ المذهب بمسافة كبيرة (قفزة صوتية) على مقام النهاوند على كلمة “جايين” تطعم فورًا بالدرجة الثالثة من مقام العجم (الدرجة الأساسية فيه) وقبل أن نبحث سبب هذا التطعيم المفاجئ في أول الجملة نفاجأ بأن هذه الجملة “جايين الدنيا” ما هي إلا نفس أول جملة من الجزء الموقع في المقدمة، ولكنها مصورة أي منقولة من مقام المقدمة (صول نهاوند) إلى مقام ( دو نهاوند).

 إن هذه التطعيمات والتلوينات السريعة داخل المقام الواحد تشكل إحدى أعظم صفات محمد عبدالوهاب الملحن، وتتوالى التغيرات والتلوينات المقامية منذ بداية الغناء “نمشيها بغربة ليالينا” مقام النواثر(النهاوند مع الدرجة الرابعة منوعه نصف صوت) بعد ذلك يسيطر مقام الراست ابتداءً من ” زي ما رمشك خد لياليا” حتى نهاية المذهب الذي يتحول إلى السوزناك القريب جدًا من الراست وأحد تنوعاته -عند النهاية- هذا الخروج عن القواعد التقليدية للتلحين العربي التي تنص على إنهاء اللحن على نفس المقام الذي يبدأ عليه، دشنه محمد عبدالوهاب مسيرة تطور التلحين العربي في قصيدة “يا جارة الوادي (أحمد شوقي 1928)، حيث قفل القصيدة على مقام البياتي المصور وليس على البياتي ساسي فأقام الدنيا حين ذاك ولم يقعدها.

 إن هذا الخروج عن القواعد التقليدية يؤدي هنا وظيفتين هامتين الأولى: هي الإشراف الذي يضفيه هذا الانتقال المقامي على المذهب والتغيير المهم في المزاج الموسيقي والخروج من منطقة التأمل العميق إلى منطقة إنفعالية وجدانية أقل تأملًا وأكثر مرحًا وإشراقًا.

 الوظيفة الثانية :التي يؤديها هذا الانتقال المقامي هي توسيع قاعدة الانطلاق للتلوينات المقامية المقبلة، فبدلًا من أن تكون التلوينات المقامية نابغة فقط من السكة المقامية للنهاوند تصبح عندنا قاعدة إنطلاق أخرى للتلوينات المقامية، وهي السكة المقامية النابغة من مقامي الراست والسوزناك.

المقطع الأول

المقطع الأول يعود بنا إلى المقام الأساسي(النهاوند) ويعتمد التطوير الموسيقي في هذا المقطع بشكلٍ أساسي على استعمال النسب الموسيقية (السيكانس أو التتالي)، كما نفاجأ بالجملة أو التنغيم الذي بدأ به الجزء الموقع من المقدمة والذي استعادة عند جملة “جايين” في بداية المطلع الغنائي الذي هو بدوره الجملة نفسها التي يبدأ بها الجزء المرسل من المقدمة ولكنه مقلوب، هذا التتغيم يرد هنا عند جملة “بحر عينك يا حبيبي غريق”. هذه الطريقة الفذة في البناء الموسيقي التي يستعملها محمد عبدالوهاب دائمًا تؤدي وظيفة هامة جدًا وهي تقوية التماسك الداخلي واللحمة الداخلية في البناء اللحني وذلك باستعمال نفس العناصر اللحنية بشكلٍ جسور(كباري) داخل اللحن، ويستمر التدفق اللحني إلى “تهت وتاهت دنيتي فيه” ثم التساؤل الموسيقي الرائع :”دنيتي غنوه؟ لأ … تنهيدة؟ …لأ” إلى أن يأتي الجواب الرد: “دنيتي حبك” فينطلق الإشراق بالتلوين المقامي المفاجئ( الإنتقال إلى مقام الراست الوردي بعد النهاوند الرمادي)_ هنا نصل إلى جزء تصوري رائع تصوير الحلم الوردي، فيبقى مقام الراست المشرق ويضاف إليه إيقاع السماعي الدارج 4/3 (إيقاع الفالس)؛ ليضيف الإحساس بالرقص والطيران والخفة “وأحلم لو غمضت عينيا.. أحلام حلوه .. كثيرة وردية” ولكن.. أنا بشوفك بلقاك أحلى من الأحلام، كل الأحلام” .

انتقال إلى مقام البياتي الشجي وتلوينه بالشوري مع طابع الطرب العميق المصور المعبر؛ ليضع الثقل في الحقيقة والواقع الذي هو أحلى من الأحلام، ويستمر هذا المزاج لغاية ” وأما بفكر” حيث يدخل مقام النوا أثر بشكلٍ مفاجئ مدخلًا معه طابع التوتر والقلق. هذا الكسر المقامي المفاجئ ليحدد أبعاد وحدود هذا الجزء؛ ليكتمل بذلك هذا المشهد الثلاثي للوحات :

  1. وأحلم لو غمضت عينيا مقام الراست :تصوير للحلم الطائر
  2. وأما بشوفك  مقام البياتي : تصوير للواقع الجميل
  3. وأما بفكر مقام نوا أثر : تصوير للقلق والتوتر

نعود بعد ذلك إلى المذهب المتجزأ إبتداءً من “وزي ما جينا” لتستقر بعد ذلك على مقام الراست- السوزناك، وهنا تظهر لنا الحكمة والحنكة من إنهاء المذهب على مقام السوزناك. المقطع الثاني: يأتي على مقام الهزام الذي يرتكز على الدرجة الثالثة من مقام السوزناك، هنا تلوح لنا صفة نادرة من صفات موسيقار القرن محمد عبدالوهاب وهي التفكير الجدلي(الديالكتيكي) الموسيقي الفذ عند هذا العبقري أن الخروج عن التقاليد التلحينية التي تجلَّت في قفلة على المقام السوزناك في مذهب معظمه ملحن على مقام النهاوند يؤدي وظيفة كبيرة وهي تقوية العلاقة التقليدية في الإنطلاق من مقام نهاية المذهب( السوزناك ) إلى مقام المقطع الثاني (الهزام) الذي تربطه بالسوزناك علاقة نستطيع أن نسميها علاقة رحم.

المقطع الثاني

وينطلق إيقاع الزار (الأيوب) على مقام الهزام.هل نحن في حلقة ذكر أم في مولد أم في حلقة توشيحات صوفية؟! إن الموسيقيار ينطلق من شعر الغزل الإنساني” كل ما فيك يا حبيبي حبيبي .. شعرك ليلي … جبينك قمري .. حبك رحلة عمري وقدري ..”؛ ليصل مع إيقاع الزار ومقام الهزام إلى أسمى درجات الغزل: الغزل الصوفي في الجمال الرباني، ولنذكر بيت الغزل العبقري لابن الفارض:

قلبي يحدثني بأنك متلقي   روحي فداك عرفت أم لم تعرف

إن هذا المقطع بمقامه الهزام وإيقاعه الزار وتدفقه اللحني الغزير وطابعه اللحني، إن هو إلا توشيح صوفي ينطلق منه محمد عبدالوهاب من الغزل الإنساني ليصل إلى الغزل الرباني. إن العمق الصوفي هو الطابع المسيطر والطاغي على هذا المقطع الرائع، وبجملة من النهاوند يقطع هذا الموسيقي العبقري هذا التدفق الصوفي (لحنًا وإيقاعًا)؛ ليعيدنا إلى واقعنا الإنساني “خايف طيور الحب تهجر عشها وترحل بعيد” ونلاحظ  تصوير كلمة “بعيد” كيف تبتعد عن الجملة الموسيقية كلها بقفزة لحنية رائعة، ونلاحظ أيضًا أنها نفس قفزة كلمة “جايين ” في بداية المطلع الغنائي. جملة موسيقية تذهلنا ببساطتها وعمق جمالها اللحني والإنساني: السهل الممتنع.

ومن جديد إنطلاق جديد إلى مقام جديد( البياتي والتعمق) في سكة هذا المقام بتلوين من مقام الصبا عند جملة ” خايف لبكرا يجينا تاخدنا من ليالينا.. سكة عذاب” للتعبير عن القلق العميق والخوف، ثم تتوالى المقامات الواحد تلو الآخر( نهاوند ،بياتي ، نهاوند بياتي) لنعود إلى النهاوند إلى مجتزأ المذهب ” وزي ما جينا ” لينهي بذلك المقطع الثاني بقفلته على مقام  الراست -السوزاناك.

المقطع الثالث

وتبدأ رحلتنا الوجدانية مع المقطع الأخير بمقدمة ذات لحن طويل النفس وهي صفة أساسية لجمل محمد عبدالوهاب اللحنية، ويعود مقام النهاوند للسيطرة على السير اللحني للأغنية “مش معقول أبدًا يا حبيبي” .

 ومن منجم لحني فاحش الثراء من مقام النهاوند ننتقل إلى منجم آخر من نفس المقام “روح يا حزن روح” حيث تبدأ هذه الجملة بنفس التنغيم الذي سمعناه في جملة “بحر عينيك” في المقطع الأول وهي نفس التنغيم الذي ورد في بداية المطلع الغنائي مصورًا عند جملة “جايين الدنيا” وهو نفس التنغيم الوارد في بداية القسم الموقع من المقدمة العامة الذي هو بدوره نفس التنغيم الوارد في القسم المرسل من المقدمة ولكن مقلوبًا_ وبهذا تنظم خاصة الأنا في”إذا صح رفع عددها إلى خمس تنضم لتدعيم البناء الداخلي للحن ان جملة ” روح يا حزن روح” تشكل بداية الذروة الانفعالية والوجدانية واللحنية والدرامية للأغنية، جملة طويلة في منتهى الجمال اللحني الذي يأخذ بنفس المستمع، وكان محمد عبدالوهاب لا يكتفي بهذا التصعيد المفاجئ لجملة النهاوند الأولى في جملة “روح يا حزن روح” فيزيد التصعيد الدرامي والانفعالي بلازمة موسيقية من نفس مقام النهاوند، ويأتي هذا الجزء إلى جانب كونه دليلًا على أن محمد عبدالوهاب منجم لا ينضب من الألحان الرائعة والمتماسكة البنيان والصياغة والهندسة إلى أقصى حد، يأتي هذا الجزء دليلاً لا يقبل الشك في كون محمد عبدالوهاب نادر التفكير الموسيقي وذو مقدرة عبقرية في صياغة المقامات وتشبيكها ببعض بشكلٍ لا يدع مجالًا للشك في عبقرية البناء الموسيقي عنده. فبعد لازمة النهاوند العظيمة تأتي جملة ” على بيتنا بالحب النجوم متجمعة” خليطًا من البياتي والنهاوند ويبقى هذا الزواج السعيد بين البياتي والنهاوند حتى “علي كل شباك ألف شمعة مولعة”، حتى يفصل محمد عبدالوهاب ،بمقدرة فنية فائقة ، يفصل النهاوند نهائيًّا ليبقى البياتي وحده ليلقى بعدها بمفاجأة جديدة وهي الإبعاد النهائي لمقام البياتي والعودة إلى النهاوند عند ” ويا حزن قوللي منين بقى حتجينا” مستعملًا  بذلك كل إمكانيات الصياغة اللحنية لهذين المقامين المحببين له النهاوند والبياتي لتعود جملة ” روح يا حزن روح” ولازمة النهاوند  جسرًا يربط أول المقطع بوسطه وبأخره، دلالة جديدة على عبقرية البناء الموسيقي الداخلي المتين؛ لينطلق بعد اللازمة إلى جملة من النهاوند جديدة ” يا عيون قلبي يا أحلى عيون”، ويجد من جديد من الألحان لا ينضب لينتهي الغناء بجملة مذهلة “لولا الحب ما كان في الدنيا ولا إنسان” التي تبدأ بنفس تنغيم “روح يا حزن روح” وهي نفس تنغيم “بحر عينيك” ونفس تنغيم بداية المذهب الغنائي “جايين” وهي نفس تنغيم أول جملة موسيقية في بداية القسم المرسل من المقدمة مقلوبًا، فتكتمل بذلك الأعمدة الذي يقف عليها هذا البناء الموسيقي الكبير تنغيم موسيقي صغير من أربعة حروف موسيقية في بداية الأغنية تنمو منه كل الأغنية، فيعاد مقلوبًا في بداية القسم الموقع ثم في كلمة “جايين” من بداية المطلع الغنائي ثم في جملة “بحر عينيك” من المقطع الأول ثم في جملة “روح يا حزن روح” وجملة “لولا الحب” من المقطع الثالث؛ لنقف بذلك أمام دلالة جديدة وليست أخيرة على عبقرية البناء الموسيقي عند محمد عبدالوهاب، وتأتي أخيرًا اللازمة إياها من مقام النهاوند واضعة النقطة النهائية في هذا الصرح الموسيقي الغنائي الكبير.

 أمام هذه التفاصيل المذهلة لهذا العمل الموسيقي الضخم أدعو المستمع؛ كي لا يفقد فرصة الاستمتاع بهذه الأغنية الرائعة، أدعوه إلى عدم التسرع بالحكم عليها، وأنا واثق من أني بعد سماعها عشرات المرات المقبلة سأكتشف فيها أشياء وأشياء لم ألحظها في أثناء كتابتي لهذه الدراسة، فهذا هو محمد عبدالوهاب وعلى عبقرية ذات المفعول البطيء والأكيد تربينا منذ صغرنا وسيظل بالنسبة لنا المدرسة العظيمة التي ستواكب تطور موسيقانا للأجيال والقرن المقبلة.

في حديث شيق عن أغنية ” من غير ليه” والأجواء الموسيقية العامة التي ظهرت فيها وقال محمد عبدالوهاب: “لا يكفي أن نقف أمام التدهور الفني المريع الذي بلغنا حاليًا لنصفه أو نشير إليه بالإصبع بل علينا أن نقاوم”.

ونحن نرى أن “من غير ليه” هو عمل رائع من أعمال المقاومة الفنية الموضوعية (وهي كبيرة جدًا كما رأينا) تحولت إلى أن تكون ظاهرة وقوة دفع أحدثت في القاهرة بالذات صحوة لدى المستمعين والموسيقيين الجادين على السواء، ونأمل ألا يمر وقت طويل حتى نبدأ بقطف ثماره ليس في مصر وحدها بل في كل العالم العربي.

هوامش حول الأغنية

في أثناء حياة مجدي العمروسي الصديق العزيز وصاحب مؤسسة صوت الفن ومديرها العام ومحاميها الرسمي – رحمه الله- كنت كثير التردد عليه في مكتبه؛ لنتناقش في شؤون الموسيقى وشجونها وعندما ظهرت ” من غير ليه”  وتسجيلها في الأسواق، كان في منتهى  السعادة من النتيجة التجارية للتسجيل، ولكن في سنة 1991 ظهرت أغنية “لولاكي” لعلي حميدة، فطبقت شهرتها الآفاق وغطت على ” من غير ليه” تجاريًّا وعند المستمعين مما جعل مجدي العمروسي يقلق ليس فقط من الناحية الفنية بل وخصوصًا من الناحية التجارية. قال لي ذات مرة :”تخيل يا مايسترو مبيعات “من غير ليه” انخفضت بينما تعدت “لولاكي” مليون نسخة “، فأجبته :”مهلًا يا أستاذ مجدي وانتظر قليلًا”.

توفي محمد عبدالوهاب في تلك الفترة 4/5/1991 ، وسافرت بعدها بأيام في رحلة فنية إلى اليابان لمدة أربعين يومًا أقمت فيها مع فرقتي 25 حفلة في مختلف المدن اليابانية.

ولما عدت عاودت الاتصال بالأستاذ مجدي العمروسي سائلًا:” ما هي أخبار “من غير ليه”؟”، أجابني:” لقد حصل كما أنت توقعت لقد توقفت مبيعات “لولاكي” وارتفعت مبيعات ” من غير ليه” فقلت له : يا أستاذ لا يصح إلا الصحيح”.

وهكذا وضع التاريخ وبسرعة كل من هاتين الأغنيتين في مكانها التي تستحقه: دخلت “من غير ليه” تاريخ الموسيقى العربية بينما احتلت “لولاكي” مكانها بين زميلاتها من الأغاني لسنة 1991 فقط ، إن التاريخ لا يرحم ولا يجامل.

اظهر المزيد

سليم سحاب

قائد اوركسترا وناقد وباحث ومؤرخ موسيقي - لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى