2019الإنسحاب الأمريكي من سورياالعدد 177

الرابحون والخاسرون من الانسحاب الأمريكي من سوريا

ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في المنطقة منذ عام 2014 وحتى 2017م، وكان ظهور هذا التنظيم بالشكل الذي ظهر به وباتباعه سياسة إدارة التوحش التي اعتمدها كخطة مفصلية في تغيرات جغرافية وديمغرافية في المنطقة بشكل عام، وفي الشمال الشرقي لسوريا بشكل خاص، حيث تشجعت قوات كردية ذات طموح انفصالي أبرزها قوات سوريا الديمقراطية، والتي شجعتها ومولتها بالمال والسلاح والتدريب الولايات المتحدة وكذلك حزب الاتحاد الكردستاني، القريب من النظام السوري. أيضا عززت تركيا وجودها بالمنطقة عبر القوات التركية “درع الفرات”، وفى مرحلة تالية قوات “غصن الزيتون”، وبالتالي كثفت روسيا عبر تحالفها مع الحكومة السورية والحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الشيعية عملياتها لتعزيز سيطرتها وبقائها بهذه المنطقة، والحقيقة فإنه لم يوقف هذا الطموح أو على الأقل يحجمه إلا ظهور وكثافة الوجود الأمريكي في معظم أماكن شمال شرق سوريا حيث إنه في نفس العام الذي ظهرت فيه داعش (2014) بدأت الولايات المتحدة في تشكيل تحالف دولي بهدف معلن هو مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وبدأ هذا التحالف بإنشاء أول قاعدة عسكرية في سوريا.

ومن ثم بدأت القوات الأمريكية عملياتها البرية في سوريا أواخر عام 2015 حيث وصل عدد من عناصر الوحدات الخاصة إلى مناطق شمال وشرق البلاد لتشكل تحالفًا مع ميليشيات محلية وفصائل معارضة للنظام ضد الدولة الإسلامية “داعش”. وازداد عدد القوات الأمريكية بشكل تدريجي في سوريا اعتبارا من 2016 ليصل تعدادها رسميا إلى 2000 جندي يتمركزون في قواعد عسكرية بمناطق شرق وشمال البلاد، وأخذت هذه القوات والقواعد في الانتشار والتمدد لتصل إلى تسعة عشر قاعدة تشمل تقريبا معظم بقاع سوريا من جنوبها إلى شمالها. قاعدة التنف في الجنوب السوري بالقرب من المثلث الحدودي للعراق والأردن مع سوريا في منطقة صحراوية تتبع محافظة حمص، قاعدة الزكف على بعد 70 كيلومترًا إلى الشمال الشرقي من قاعدة التنف، قاعدة عسكرية في حقل العمر النفطي بالقرب من بلدة الشحيل في ريف الزور، قاعدة تل سمن وتقع شمال مدينة الرقة، قاعدة الجلبية وتقع في ريف حلب الشمالي بالقرب من الحدود التركية، قاعدة خراب عشق في ريف حلب الشمالي قرب الحدود التركية، قاعدة منبج في ريف حلب الشمالي، قاعدة عين عيسى شمال مدينة الرقة، قاعدة ديريك في محافظة الحسكة بأقصى الشمال الشرقي، قاعدة كوباني في جبل مشتنور شمال شرق مدينة منبج بالقرب من الحدود التركية، قاعدة سيرين شرق نهر الفرات، قاعدة الطبقة المجهزة بمهابط للطائرات المروحية، قاعدة تل تمر في مدينة تل تمر بالحسكة، القاعدة العسكرية في صباح الخير لهبوط الطيران الحربي، قاعدة مطار الرميلان بالحسكة قرب الحدود مع تركيا والعراق، قاعدة الشدادي بين محافظتي الرقة ودير الزور قرب نهر الخابور بالقرب من الحدود العراقية، قاعدة تل البيدر بالحسكة، قاعدة تل أبيض بالرقة قرب الحدود التركية.

مع تباشير هزيمة داعش في الربع الأخير من عام 2017، اتضحت نوايا اقتسام الشمال السوري وبالتحديد منطقة شمال شرق سوريا، بين القوى المتصارعة فيها وعليها، وبدأ يعكف كل طرف على تنفيذ مخططاته ومشاريعه في مناطق نفوذه، لكن ما هي هذه المنطقة وما هي أهميتها؟

منطقة شمال شرق سوريا، هي منطقة غنية وسكانها مهمشون تاريخيًا، وتشمل هذه المنطقة محافظات دير الزور، الرقة، الحسكة، ريف حلب الجنوبي، ريف حلب الشرقي، ومساحتها تزيد عن 40% من مساحة سوريا، وقبل الأحداث السورية في عام 2011 كانت هذه المنطقة تمد الاقتصاد السوري بحوالي نصف موارده حيث 42% من المساحة قابلة للزراعة، وتنتج 58% من إجمالي محصول القمح، و78% من محصول القطن، 72% من محصول الذرة، وبها 41% من رؤوس الأغنام، كما تنتج آبار النفط فيها 360 ألف برميل يوميًا، أي نحو 95% من كامل الإنتاج السوري، وبالرغم من ثراء هذه المنطقة فإن سكانها قبل الأزمة السورية وأحداث عام 2011 عانوا أسوأ الأوضاع الاقتصادية حسب تقرير (الفقر في سوريا 1996-2004).

ونتيجة لما تقدم وأيضا للأهمية الجيوسياسية لهذه المنطقة نعود للقول إن هذه القوى المتصارعة على المنطقة يمكن وطبقا لآخر خريطة نفوذ تصور الشكل كالآتي:

  • تسيطر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة على مناطق شرق الفرات وشماله من الحدود التركية إلى الحدود العراقية شرقًا مع نتوءين من كل من منبج والطبقة، حيث عبرت تلك القوات النهر وبسطت سيطرتها.
  • تسيطر قوات الحكومة السورية والميليشيات الإيرانية على المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات من منبج إلى البوكمال، مع بعض النتوءات شمال النهر عند بلدة حطلة وتحافظ على وجود لها في مركزي مدينتي الحسكة والقامشلي.
  • يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على بلدات شمال نهر الفرات إلى الشرق من دير الزور، وجيبين كبيرين في الصحراء أحدهما شمال النهر على الحدود العراقية والآخر جنوب النهر بمحاذاة مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية.
  • تسيطر قوات درع الفرات المدعومة من تركيا على بلدة جرابلس ونواحيها، نقطة دخول نهر الفرات إلى سوريا إضافة إلى منطقة الباب.
  • تهيمن الوحدات الكردية على معظم المراكز الحضرية الرئيسية في منطقة شمال شرق سوريا، وهي مدن القامشلي والرقة والطبقة ومنبج وتل أبيض وعين العرب (كوباني) وعامودا والدرباسية والشداوي والصور والبصيرة وغيرها، في حين تقتسم السيطرة على مدينة الحسكة مع قوات الحكومة السورية وبعض الميليشيات المحلية، وتسيطر قوات الحكومة على مدن دير الزور والميادين والبوكمال.

عندما تأكد شبه نهاية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” سواء من العراق أو سوريا، أصبح لتركيا مطالب محددة سواء في غرب العراق أو في شمال سوريا بشكل عام أو في شمال شرق سوريا بشكل خاص، تمحورت هذه المطالب أساسًا في المطالبة بتفكيك قوات سوريا الديمقراطية الكردية أصلا “قسد” وهي تمثل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في هذه المناطق، خاصة شمال شرق سوريا، هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية وهي شرق الفرات فكان المطلب التركي هو السماح لها بعملية عسكرية للسيطرة على المناطق الكردية فيها والتي يوجد بها عدد من القوات العسكرية الأمريكية، تقدر بنحو 2500 جندي أمريكي، وعدد آخر من القوات الخاصة الفرنسية والبريطانية، كانت مهمتهم الرئيسية هي قتال مسلحي عناصر الدولة الإسلامية “داعش”، هذه المنطقة – شرق الفرات –تمثل مساحة كبيرة تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بعد أن حررتها من تنظيم داعش، وكانت أهم مطلب لتركيا وحتى قبل أن يعلن ترامب عزمه الانسحاب الأمريكي من سوريا.

وفى 19 ديسمبر 2018 أعلن البيت الأبيض قرار الرئيس دونالد ترامب بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، بقرار منفرد، كما أعلن البيت الأبيض أن هذا يمثل تحولاً كبيرًا في السياسة الأمريكية بالمنطقة، خاصة وأنه تمت هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية داعش في كل من العراق وسوريا.

وبالطبع لم يكن هذا القرار مفاجئًا، فقد كان أحد وعود ترامب الانتخابية، وكان قد ذكره مرات عديدة ولكنه تراجع عن تنفيذه أكثر من مرة تحت وطأة ضغوط المؤسسات الأمنية الأمريكية، وعلى رأسها البنتاجون، هذه المؤسسات التي اعتبرت أن الانسحاب سوف يقوض جهود التحالف في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، كما كان يعارض هذا القرار أعضاء في الكونجرس الأمريكي سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين، محذرين من عودة داعش مرة أخرى، وملء الفراغ الناتج عن الانسحاب الأمريكي بين كل من إيران وروسيا.

وكانت مجموعة الصراع الدولية الأمريكية (ICG) قد نشرت في بيان لها في 5 ديسمبر أي قبل إعلان ترامب أن الانسحاب “المتسرع” من شمال شرق سوريا، من شأنه أن يطلق قوى متنافسة تتصارع لتحقيق مصالح وامتيازات، وقد حذر البيان من أن عدم وجود اتفاق مسبق متفاوض عليه يمكن أن يهدد بنشوء صراع متصاعد، كما صدر تقرير في نفس يوم إعلان ترامب أي في 19 ديسمبر من مركز دراسات الحرب الأمريكي (ISW)  جاء في مطلعه (لم تهزم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في العراق أو في سوريا).

وبعد صدور قرار ترامب وصفته صحيفة نيويورك تايمز بأنه قرار منفصل عن أي سياق استراتيجي، أو سبب منطقي، وأنه كلف وزير الدفاع الأمريكي منصبه، وأثار جدلا واسعًا من قبل حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا.

ورأت التايمز “أن الانسحاب سيكون له وقع مختلف على الأطراف بحسب مصالحها في الوجود الأمريكي في المنطقة، وبحسب علاقاتها مع الولايات المتحدة.

وإذا حاولنا وضع قائمة بالرابحين والخاسرين في معادلة الانسحاب الأمريكي، وهنا يمكن حصر الرابحين، التي تجيء تركيا على رأسهم من حيث رغبتها في التخلص من قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ومجمل القوات والمليشيات الكردية – عدو تركيا الأول – وذلك من الشمال السوري المتاخم لحدودها الجنوبية، وخاصة الشمال الشرقي والذي تعتبره تركيا من صميم أمنها القومي. هذه القوات – سوريا الديمقراطية – والتي كانت الولايات المتحدة الأمريكية حليفا داعما لها منذ عام 2015، سوف تترك بعد الانسحاب تحت رحمة تركيا، حتى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يخف نواياه بتدخل عسكري في الشمال السوري بما يوحي بأنه على استعداد لتنفيذ ضربة أو ضربات ضد القوات الكردية هناك، فتركيا تنوي السيطرة ليس على منبج فقط وإنما على منطقة كردستان السورية بأكملها.

هذا فيما يخص تركيا، التي كانت ومنذ بداية الأزمة السورية ضد نظام بشار الأسد، وتدعم في مواجهته كل معارضي النظام السوري حتى الفصائل والمليشيات الإرهابية منها.

أما حلفاء النظام السوري والرئيس بشار الأسد فلا أحد ينكر أن الانسحاب الأمريكي سوف يصب في مصلحة هؤلاء الحلفاء العسكريين، وسيزيد من إحكام سيطرتهم على المناطق التي كانت خاضعة للسيطرة الأمريكية أو سيطرة حلفائها وخاصة قوات سوريا الديمقراطية ” قسد”، وبالتأكيد فإن أهم حلفاء الدولة السورية وبشار الأسد والتي تأتي على رأس هذه القائمة هي إيران، باعتبارها الحليف الأول لسوريا في حربها ضد المعارضة والمليشيات والفصائل الإرهابية التي تشارف على إنهاء عامها الثامن في مارس القادم.

وبالتأكيد أيضا لا يمكن تغافل روسيا التي كانت ولا تزال الحليف الأقوى لسوريا، لكن سيكون مكسبها – سوريا – من هذا الانسحاب الأمريكي، أقل نسبيا نظرًا لأن وجودها في سوريا يقتصر على الدعم العسكري لتوفير الحماية للدولة والنظام السوري، مقارنة بالوجود الإيراني الذي يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك بشكل أكثر تشعبا ليصل إلى حلفاء لها بلبنان والعراق، فضلاً عن امتلاكه لأفق استراتيجي أكثر اتساعا.

وهناك رابح آخر هو رأس النظام السوري المؤيد من روسيا وإيران، ولم تكن الولايات المتحدة تعترف بشرعيته، والذي يزيل الانسحاب الأمريكي عقبة أمام امتدادات قواته على الأراضي السورية.

هذا لا يجعلنا نتناسى رابحًا يتغافل الكثيرون عن ذكره أو الإشارة إليه وهو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” خاصة وكما سبق أن ذكرنا أن مركز دراسات الحرب الأمريكي (ISW)  ذكر في تقرير له يوم إعلان ترامب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا (لم تهزم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها “داعش” في العراق أو في سوريا)، فالتقرير يتخوف من أن جيوب التنظيم قادرة على لملمة نفسها مرة أخرى، وأن آلاف المقاتلين الدواعش مازالوا موجودين في مناطق متفرقة من البادية السورية والقرى، بالإضافة إلى شبكة لسيطرتهم من خلال طرق وأنفاق تمتد لأطراف المدن السورية أيضًا.

أما الخاسرون في هذه المعادلة السورية دون وجود للقوات الأمريكية فلا جدال أن أولهم وعلى رأسهم الشعب الكردي في هذه المنطقة، فانسحاب القوات الأمريكية يعني فقدان هذا الشعب حليفه الأساسي الذي موله ونظمه ودربه وسلحه وحماه، وبانسحابه يكون قد تركه معلقًا بين مطرقة تركيا عدوه التاريخي المتأهب دائما للانقضاض عليه والتخلص منه، وبين سندان النظام السوري الذي يعتبر أن الأكراد انضموا في خلال الأزمة إلى زمرة المعارضة المسلحة التي عملت ضد النظام خلال ما يقرب من ثمانية أعوام، هذا وقد قالت قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر الآن على ضفة نهر الفرات اليسرى، والممثلة للأكراد في اليوم التالي مباشرة لقرار ترامب بالانسحاب من سوريا “إن سحب القوات والمسئولين الأمريكيين من المنطقة، سيكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار العالمي، وأن ذلك سيؤدي إلى خلق فراغ سياسي وعسكري في المنطقة، وترك شعوبها بين مخالب القوى والجهات المعادية” خاصة وأن دمشق تصر على أن تسلم قوات سوريا الديمقراطية المناطق الغنية بالنفط في الضفة اليسرى من الفرات إلى الحكومة السورية، وتنسحب طواعية إلى الشمال، وعندئذ يضعها الجيش السوري تحت حمايته، بالإضافة إلى خسارة الأكراد لعوائد كبيرة من آبار النفط.

أما إسرائيل فإنها تأتي في المرتبة الثانية من الخاسرين، كنتيجة منطقية للانتصار الإيراني، فإن إسرائيل تعتبر هذا التواجد – الإيراني- خطرًا رئيسيًا يهدد وجودها وأمنها، حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ناتنياهو قال في اليوم التالي لقرار ترامب بالانسحاب من سوريا “إن إسرائيل ستصعد معركتها ضد القوات المتحالفة مع إيران وسوريا، بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا”.

 وإذا كانت إسرائيل تتوجس من تقليل نفوذها السياسي في المنطقة بعد الانسحاب الأمريكي إلا أن ما يطمئنها –من ناحية أخرى – هو الضمان الروسي الحاسم بالحفاظ على أمنها.

أما الخاسر الأكبر من الانسحاب الأمريكي فهو الشعب السوري في شمال البلاد وخاصة الشمال الشرقي، فيرى البعض أن انسحاب القوات الأمريكية قد يفتح الطريق للقوات الحكومية السورية للسيطرة على هذه المناطق والتي يتخوف سكانها الأصليون بالإضافة إلى ملايين الذين نزحوا وهاجروا إلى هذه المناطق من أنهم سيتكبدون ربما أهوالا وخيمة على الصعيد الإنساني.

بناء على كل ما تقدم يمكن استخلاص النتائج التالية:

أولاً: أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من شمال سوريا وخاصة من الشمال الشرقي قد اُتخذ دون الرجوع للمساعدين الرئيسين وأهمهم بالتأكيد وزير الدفاع جيمس مايتس “الذي استقال”.

ثانيًا: أن هذا القرار هو امتداد السياسة الانكماشية التي يريد الرئيس الأمريكي اعتمادها، خاصة في الشرق الأوسط ككل كمرحلة جديدة وليس فقط في سوريا أو إيران أو تركيا، مقابل طور جديد في التركيز على تهديدات يعتبرها الرئيس الأمريكي أكثر خطورة وجدية، تأتي من الصين في أقصى الشرق ومن روسيا، ونسبيا من الهند الصاعدة اقتصاديا بقوة.

ثالثًا: اعتقاد ترامب أن أمريكا تتحمل الكثير من الأعباء لتهدئة الصراعات وتسويتها وحماية مصالح قوى ودول أخرى ولكنهم جميعا لا يقدرون ما تفعله بلاده، ولا يدفعون ثمنًا مناسبًا للجهود والتضحيات الأمريكية، وكان أكثر وضوحًا حين قال “على الآخرين أن يحاربوا من أجل أنفسهم، وأن الأعداء المحليين لداعش عليهم أن يتحملوا العبء الأكبر، بعيدًا عن أي إسهام أمريكي مباشر”.

إذًا نصل إلى السؤال الأهم ” ما هي أهم تداعيات الانسحاب الأمريكي؟”.

فمن الثابت والمؤكد وطبقًا لنظرية ملء أو سد الفراغ، أنه عند انسحاب القوات الأمريكية من هذه المناطق، ستقوم قوة أو أكثر بملء هذا الفراغ إن صراعًا أو اتفاقًا، ويمكن حصر هذه القوى التي من المحتمل أن تسد أو تملأ هذا الفراغ في تركيا وروسيا وإيران والدولة السورية، أما السيناريو الأسوأ هو عودة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” حيث إن الكثير من التقارير تؤكد أن الانتهاء من هذا التنظيم سيستغرق وقتًا أطول بكثير، لأن هناك خلايا سرية لهذا التنظيم، لا يُتوقع أن تختفي بين عشية وضحاها، وهي تتخفى في جيوب صحراوية في شمال نهر الفرات على الحدود العراقية وفى جنوبه.

اظهر المزيد

عصام عاشور

كــاتب وبـــاحث مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى