2022العدد 192ملف دولى

تداعيات قوة تفاعل الأحداث على النظام الدولي وعلاقات القوى الراهنة

لا يقتصر وصف العالم بأنه قرية كونية على كون الأحداث تنتقل بسرعة إلى كل أرجاء العالم فور وقوعها، لكن لأن أي حدث في العالم بات يؤثر بدرجة أو أخرى بأجزاء كبيرة من العالم، نتيجة تشابك وتعقد المصالح، وكذلك بالنظر لتأثير أي حدث على موازين القوى التي تم ضبطها بدقة في مرحلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وجرى تصميم إستراتيجيات الفاعلين المهيمنين للحفاظ على هذه الأوضاع وضمان دوام استمراريتها.

غير أن الأحداث، التي جرت في العقد الأخير، كشفت بجلاء عن عملية تأثير وتأثر معقدة في ظل ولادة ديناميكيات سريعة جدًا ويصعب السيطرة عليها، لدرجة لم تعد بإمكان فاعل دولي، ولا حتى تحالف من الفواعل الدولية، مهما كانت قدراته في التأثير بالتفاعلات الناتجة عن هذه الأحداث، التي تأتي متزامنة في سياق من التحول العميق والمتسارع في هيكل توزيع القدرات الاقتصادية والعسكرية، ما ينعكس حتمًا على أنماط العلاقات الدولية.

تمثل الحرب الأوكرانية المثال الأشد سطوعًا على هذه الحقيقة، فمنذ بدايتها تحوّلت أزمة دولية بامتياز بسبب مسها للمصالح العليا لكثير من دول العالم، كما أن استمرارها آخذ في تشكيل ضغط على علاقات القوى الدولية وعلى النظام الدولي وتفاعلاته، الأمر الذي يطرح السؤال عن المآل الذي ستصل له التداعيات المترتبة على هذا الحدث، الذي يمكن وصفه بالكوني، جراء ما أفرزه من فرز واستقطاب عالميين.

تصدّع النظام القديم:

يرى الكثير من دارسي العلاقات الدولية أن النظام الدولي الحالي المؤسس على القواعد، لم يعد- لا على مستوى فلسفته ولا هيكليته- مناسبًا للعصر الحالي، بدليل حالة العطالة التي وصل لها منذ أكثر من عقدين، واهتراء آلياته التشغيلية، أو ضعف فعاليتها إلى حدٍ بعيد، وكثرة الانتقادات له والمطالبة باجتراح صيغ جديدة أكثر مرونة وقدرة على استيعاب التطورات الحاصلة في البنية الدولية، واستجابة للمخاطر التي ترتبها هذه التطورات.

لم تؤدِّ الأحداث السابقة إلى تغيرات جوهرية في هيكلية النظام الدولي وتفاعلاته، رغم انتهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وتوسع جغرافية العولمة، حيث بقي العالم محكومًا بقواعد قديمة تعود مخرجاتها بالفائدة على عدد محدود من دول العالم، فيما كان المأمول أن يُعاد النظر في توزيع القوة في النظام الدولي على أسس جديدة غير تلك التي حكمت العالم في مرحلة سابقة، فمثلًا انتظرت مناطق (إفريقيا، وآسيا، والشرق الأوسط) أن يكون لها وزن ضمن هيكلية جديدة للنظام الدولي تقوم لا على أساس امتلاك أسلحة الدمار الشامل، بل على أساس أوزان قوتها من منطلق إسهامها في التجارة الدولية عبر ثرواتها ومعابرها الإستراتيجية، على أمل أن تحقق لها هذه العناصر مزايا في منظومة القرار والفعالية الدولية، لا أن يُصار إلى تهميشها عبر تركيز القوة في عدد محدد من الأطراف، أو الخضوع لتوافقات هذه الأطراف أو منافساتها لإعادة توزيع السيطرة.

تولّد عن هذا الوضع إشكالية تمثلت في عدم القدرة على ضبط نسق التداخل بين مختلف الفواعل الدوليين، وأخذت المدخلات العديدة التي يتعرض لها النظام الدولي تهدّد بإعادة صياغة المشهد الجيوسياسي في العالم وأجندات السياسة الخارجية للفاعلين الدوليين الأساسيين، ويرى دارسو العلاقات الدولية، أن صناع السياسة الخارجية يراقبون بحذر ما يدور في المشهد الدولي، من جراء العديد من المدخلات، التي يرى الكثيرون أنها باتت تؤثر على استدامته.

لقد كشفت الأحداث الأخيرة عن تحول في موازين القوى، لكن هذا التحول ينطوي على مخاطر إذا لم يجرِ على أسس توافقية، ذلك أن العلاقات الدولية تقيم ضمن مستوى من الكثافة والتنوع في أنماط التفاعل، ودرجة كبيرة من الاعتماد المتبادل، وبالتالي فإن أي تغير في نسق العلاقات الحالية سيترتب عليه خلخلة في بنية هذه العلاقات وفك الترابط الذي نشأ في المراحل السابقة، وهو ما يبدو أن العالم دخل في بدايته، من خلال العقوبات التي تتعرض لها روسيا، وإخراج أوكرانيا من الدورة الاقتصادية العالمية، والتأثير الكبير لذلك على أسواق المواد الغذائية والمواد الأولية والطاقة.

أنماط العلاقات بين الفاعلين:

تؤشر مسارات العلاقات بين الفاعلين الدوليين على أثر التغيير الذي أنتجته الأحداث الحاصلة في السياق الدولي ونسق العلاقات القائم بين الفاعلين:

انهيار سياسات أوروبا الروسية: لعل أحد أهم المتغيرات الحاصلة في السياسة الدولية يتمثل في  انهيار السياسة التي اتبعتها دول أوروبا تجاه روسيا منذ بداية هذا القرن والقائمة على جعل روسيا شريكًا اقتصاديًّا، وتطوير العلاقات التبادلية معه، إلى حد وصل إلى الاعتماد الكلي على الغاز الروسي، وواردات المواد الغذائية، وبالتالي انكفاء أوروبا عن البحث عن بدائل لهذه الموارد، من منطلق أنها تحصل عليها بأسعار أقل، فقد شكل الغاز الروسي موردًا طاقويًّا رخيص الثمن ومضمون، طالما يتم استيراده غالبًا ضمن أنابيب بعيدًا عن مخاطر الشحن البحري الذي قد يواجه مخاطر التوقف في حال اندلاع الأزمات والحروب.

ومن أهم مؤشرات تأثر العلاقات بين الفاعلين نتيجة الأحداث الدولية، قرار أوروبا وقف التفاعل مع روسيا، وتجميد ألمانيا مشروع نقل الغاز من روسيا، ثم بعد ذلك تم الإعلان عن تخصيص مبالغ ضخمة للإنفاق العسكري، ورفعت أغلب دول أوروبا ميزانيات التسلح ونسب الإنفاق على الأسلحة؛ لترقية قدراتها واستعداداتها العسكرية لحماية الأمن والسلام في القارة.

تراجع الإستراتيجية الأمريكية تجاه الصين: أدى حدث غزو روسيا لأوكرانيا إلى تغيير كبير في مسارات الإستراتيجية الأمريكية، وخاصة إستراتيجية التركيز على المحيط الهادي، الذي ينطوي على عنصر احتواء الصين بوصفها أهم المنافسين الجيوسياسين لواشنطن، حيث وجدت أمريكا نفسها مضطرة إلى توجيه جزء أكبر من قواتها إلى أوروبا وتأجيل تنفيذ برامجها في الهادي.

الأكثر من ذلك، أثَّر حدث الحرب الروسية في خارطة التحالفات التي صنعتها واشنطن لتطويق الصين، فلم تستفد من تحالفها الرباعي مع كل من (اليابان، وأستراليا، والهند)، إذ بدأت الهند في الاستقلال عن هذا التحالف لصالح روسيا بالنظر للعلاقات التاريخية بين الطرفين واعتمادها بدرجة كبيرة على السلاح والطاقة الروسيين، الأمر الذي يضعف الموقف الأمريكي في الحفاظ على النظام الدولي تحت هيمنتها، فالقوتان الآسيويتان الكبيرتان، ورغم حالة العداء بينهما، تبدوان خارج أُطر التأثير الأمريكي.

الصين وإعادة الحساب: كشف تفاعل الصين مع الحدث الأوكراني عن تمسك بكين بالنسق الدولي الحالي، الذي يتيح لها- ونتيجة فارق القوى بينها وبين اللاعبين الآخرين- فرصة مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية قيادة العالم، فالصين لم تصطفِ مع روسيا، وليس لها مصلحة في ذلك، فروسيا التي تناضل من أجل تغيير النظام الدولي الحالي، لا يتناسب ذلك مع مصالح الصين التي اقتربت كثيرًا من الحصول على رتبة القطب الدولي الثاني، لذا يهمها البقاء على النظام الحالي وآلياته، وقد عبر وزير خارجية الصين عن ذلك في مؤتمر صحفي عقده في 7 مارس 2022، وهو “أن الصين تحافظ على النظام العالمي، وتعمل لتدعيم قيم التنمية المستدامة والتعاون والسلام وتعزيز الثقة وحل النزاعات بالحوار، وتحرص على الانفتاح في الاقتصاد العالمي بدون مواجهات بين كتل في العالم”.

هل أخطأت روسيا حساباتها عندما اعتقدت أنها ستكون مدعومة من الصين في حربها الأوروبية؟، يبدو أن تقديرًا خاطئًا سيطر على حسابات صانع القرار الروسي، إذ سبق الغزو بأيام صدور بيان روسي صيني مشترك في 4 فبراير، كان عبارة عن صرخة مشتركة تطالب بمراجعة النظام الدولي الذي استقر منذ نهاية الحرب الباردة والقائم على الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم، والتي يستند إليها الأمن والسلام والتعاون في كوكب الأرض.

لكن تصريحات “ديمتري ميدفيديف” نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، والتي أكد فيها أن روسيا تبني “نظامًا عالميًّا متساويًا” للمستقبل، وأنها تصارع وحدها في مواجهة حلف شمال الأطلسي والغرب_ تثبت اكتشاف روسيا المتأخر لهذه الحقيقة.

إعادة ترتيب العالم.

إذا كان من المؤكد أن الحرب الروسية على أوكرانيا لن تستطيع أن تنتج بالقوة، نظامًا دوليًّا جديدًا، كما وعد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، لكن من الواضح أنها بدأت بإنتاج حالة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية، حيث غالبًا ما كان النظام الدولي محكومًا بالأقطاب، قطبان ثلاث أكثر أو أقل، وصولًا إلى المرحلة الراهنة حيث تربعت الولايات المتحدة الأمريكية على عرش القوة بوصفها القطب الأوحد للنظام الدولي، بعد أن ظلت محور ارتكاز النظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

غير أن هذا النظام بات يعاني من خلل عميق كشفته عدم الفاعلية التي وصل لها، والتي تمثلت في عدم استقرار نسق التفاعلات التي قننتها مؤسسات النظام الدولي، وقد برز ذلك بشكلٍ جلي في الصراع الذي شهدته مؤسسات ومجالس الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، وعدم قدرة هذه المؤسسات- وخاصة مجلس الأمن- على ضبط وإدارة الصراعات العالمية في وقت انخرطت فيه القوى الدولية المؤثرة والفاعلة في هذه الصراعات، وأصبحت أحد أطرافها، مثلما حصل في أزمات سوريا وليبيا، ومؤخرًا الحرب الأوكرانية.

في ظل هذا الواقع، وجراء الفوضى والاضطرابات السياسية، ونمط العلاقات بين القوى الأساسية والفاعلة في النظام الدولي، بدأت تتمظهر حالة، أطلق عليها بعض الإستراتيجيين تسمية” العالم يعيد ترتيب نفسه”، وهو ما تعبر عنه التحالفات المتناقضة، وتصميم أنساق علاقات تتضارب مع ما تم إرساؤه في السنوات السابقة، حيث لم يعد الغرب هو مصدر الفاعلية والمتحكم الأساسي بالتفاعلات الدولية، في ظل بحث الأقاليم الفرعية عن خيارات جديدة في علاقاتها الدولية، ومحاولة صناعة خرائط تفاعلية جديدة.

الشكل البارز لشبكات العلاقات الجديدة، أنها ليست تحالفات بالمعنيين (السياسي، والعسكري)، بقدر ما هي علاقات قطاعية موضعية، يستطيع الفاعلون من خلالها تحقيق مصالحهم، دون الاضطرار للارتباط بالنظام الليبرالي المهيمن على تشكيل العلاقات الدولية في العقود الأخيرة، ومن جهة، ثورة النظم الفرعية على النظام المركزي المربوط من قبل الأقطاب، بعد أن أدركت وحدات هذه النظم قوتها وفعاليتها وتأثيراتها في النظام الدولي عمومًا.

هذا الشكل الجديد من العلاقات، والذي يرجح أن يستمر في التبلور والنضوج، سيفرض توازنات قوى جديدة، لم يسبق أن اختبرتها النظم الدولية في مراحل سابقة، وتتمثل في تغير الميزان الإستراتيجي الدولي، عبر تحوّل قوى صاعدة- ليست بالضرورة عسكرية ولا نووية- إلى فواعل مؤثرة في مسارات الأحداث، مثلًا: القوى المنتجة للطاقة والمعادن، أو الغذاء، أو التي تمتلك فوائض مالية، وهي التي كانت في الغالب قوى مهمشة أو في أحسن الأحوال، وفي حال تم ترقيتها، يتم اعتبارها قوى محمية باعتبارها جزءًا من المِلاك الجيوسياسي العالمي للقطب أو الأقطاب الحاكمة.

هذا التمرد، الذي كان أحد مخرجات الحرب الأوكرانية، يصعب تصور أنه مجرد حالة مؤقتة ستنتهي بانتهاء الحرب، وخاصة إذا خسرت روسيا الحرب، إذ رغم أنه وليد الصراع الدولي، إلا أنه لم يعد مرتبطًا بشكل نهايات هذا الصراع، بعد أن وعت الأطراف الدولية، أو النظم الفرعية حجم تأثيرها في التفاعلات الدولية، وبالتالي بدأت تطالب بأن يكون لها أوزان تتناسب وحجم هذا التأثير في النظام الدولي، ومع أن تراتبية القوى في هذا النظام ستبقى على حالها- وفق تقديرات دولية- إلا أن تعريف القوى هو المتغير الجديد في العلاقات الدولية، فلم يعد امتلاك القنبلة النووية المعيار المركزي للقوة، ذلك أن هذا النمط من القوة من غير الممكن تفعيلها واستخدامها، فيما أشكال وأنواع مختلفة من القوة تتدخل في تسيير شؤون حياة البشرية بشكلٍ يومي، وتجعل الفاعلين الكبار ضعاف أمام احتياجاتهم للطاقة والمواد الأساسية والغذائية.

الشرق الأوسط في خريطة التفاعلات الدولية:

بالنظر للأهمية الجيوسياسية التي يتمتع بها الشرق الأوسط، وما يملكه من عناصر تأثير اقتصادية وإستراتيجية، فقد شكل بؤرة اهتمام القوى الفاعلة عالميًّا، التي عبرت عن اهتمامها من خلال التركيز الدبلوماسي على المنطقة، وتحويل جزء من طاقاتها ومواردها الدبلوماسية لإدارة علاقاتها مع دول المنطقة، وخاصة دول الخليج التي تملك مكانة مركزية في أسواق الطاقة العالمية.

ساهم إدراك دول المنطقة لفاعلية أدوارها في السياسة الدولية، في صياغة مواقف تمنحها قدرة تساومية مع الفاعلين الدوليين الكبار، وقد برز ذلك بوضوح في أثناء زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية ولقائه القادة العرب، حيث بدا واضحًا تغير الموقف الأمريكي تجاه الحلفاء عبر محاولة صياغة خطاب مختلف يرتكز على تقدير واشنطن لأهمية تحالفها مع دول المنطقة وتأكيدها الالتزام بحمايتها باعتبارها جزءًا أصيلًا من الإستراتيجية الأمريكية الكبرى.

ولعل الدافع لهذا الموقف الأمريكي، الخشية من تغلغل صيني في الشرق الأوسط، وإدراك واشنطن حقيقة أن الصين باستثماراتها الضخمة قادرة بسهولة على تعبئة أي فراغ يحدث نتيجة التوتر في العلاقات الأمريكية-السعودية أو في منطقة الخليج عمومًا، ولم يكن الموقف الأمريكي نتيجة تقديرات، بل ثمة وقائع رصدتها وراقبتها واشنطن جيدًا، في ظل خلافاتها مع دول الخليج، ومحاولاتها تهميش علاقاتها معها، الأمر الذي نتج عنه بداية تحرك باتجاه الخيار الشرقي لهذه الدول، الأمر الذي دق جرس الإنذار لدى دوائر القرار في واشنطن، محذرة من تبدلات جيوسياسية خطرة في الشرق الأوسط.

وفي ظل ذروة الصراع الدولي، وفي سياق العلاقة المتوترة بين واشنطن والخليج، جاء قرار “أوبك +” بخفض إنتاج النفط مليوني برميل يوميًّا؛ ليؤكد المخاوف الأمريكية من خروج منطقة الخليج من النسق التحالفي الذي جمعها بواشنطن في العقود الماضية، بالتزامن مع زيارة للرئيس الصيني إلى السعودية ولقائه مع القادة العرب، في حين ترى دول الخليج هذه الإجراءات ليس هدفها الانحياز إلى أحد أطراف اللعبة الدولية، بقدر ما الهدف منها حماية المصالح الوطنية بالدرجة الأولى، وهي قرارات سيادية يحق اتخاذها بناءً على تقديرات وطنية.

لكن تحليل السلوك الخليجي يكشف عن قراءة عميقة للتطورات الدولية ورؤية بعيدة المدى ترى وجود تغيير في نظام اللعبة الدولية يشكل فرصة لبناء تحالفات جديدة لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإعادة ترتيب أوراقها وأولوياتها بما يحقق مصالحها الوطنية وأمنها الإقليمي بالدرجة الأولى، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال توسيع الخيارات لهذه الدول وإدارة العلاقات الإقليمية والدولية بطريقة وأسلوب جديدين عبر استثمار أوراق القوة وتوظيفها بشكلٍ جيد في اللعبة الدولية.

يعزز التوجه الخليجي الاتجاه الآخذ في الظهور والإعلان عن نفسه، والذي يسعى للدفع بنمط جديد من العلاقة بين مراكز النظام الدولي والنظم الفرعية، متسلحة بالأدوار التي تقوم فيها، ورافضة لنمط العلاقة القديم الذي يحصر القوة التقريرية في العلاقات الدولية بيد المراكز- الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن- في حين أن أدوار الآخرين تكميلية، أو في أحسن الأحوال، مساعدة، ولكنها غير مقررة.

هذا المسار من المرجح- كما أسلفنا- أن يستمر في الصعود في المرحلة المقبلة، وسيصبح لزامًا إعادة التفكير في آليات النظام الدولي التشغيلية وهياكله وقواعده الناظمة، من المؤكد أن هذا التغيير لن يكون مطابقًا للرؤية الروسية للتغيير، والتي تركز على مصالح موسكو بالدرجة الأولى، وليس استجابة لها، بقدر ما هو تعبير عن الطموحات الناشئة للكثير من دول الأطراف وأدوارها التي تم اختبارها جيدًا في الأزمات الدولية وأثبتت فعاليتها جدواها.

اظهر المزيد

غازي دحمان

كــاتب ســـوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى