2023العدد 193ملف إعلامي

اتجاهات الصحافة الغربية حيال القضايا العربية بين الحرفية والأيديولوجية والعنصرية

بينما كان العالم يقف مشدوهًا على أطراف أصابعه، يتابع بحسرة الخسائر الهائلة، التي نجمت عن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، في 6 فبراير 2023، واستمرت توابعه في حصد المزيد من الضحايا ومراكمة الدمار، كانت صحيفة “تشارلي إبدو” الفرنسية الساخرة تنشر كاريكاتيرًا صادمًا أجج الكثير من المشاعر السلبية وفاقم المرارات.

يصور الكاريكاتير مشهد الدمار والركام الذي خلّفه الزلزال في تركيا تحديدًا، والذي نجم عنه سقوط عشرات آلاف الضحايا ومئات الآلاف من المصابين والمشردين، تحت عبارة تقول: “لا داعي لإرسال دبابات”، والمعنى واضح بكل تأكيد؛ أي أن الصحيفة ترى أن الأتراك يستحقون القتل، وأن الزلزال المدمر أعفى الفرنسيين، أو الغربيين عمومًا، من مؤنة إرسال الدبابات لقتلهم.

تجسد تلك الممارسة الإعلامية جانبًا مُظلمًا من جوانب الأداء الإعلامي الغربي، الذي أخذ يبرهن في مواضع عديدة على انقطاعه عن الرشد والسلامة المهنية خصوصًا في مقاربته لشؤون العالم الثالث وتحديدًا العالم العربي والإسلامي.

ومن خلال تلك الممارسة، استطاعت “تشارلي إبدو” أن تُعمِّق الصورة السلبية لعديد الممارسات الإعلامية الغربية غير المهنية حيالَ منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، بعدما تورطت في العقد الماضي في أزمة نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم )، وهي الأزمة التي اشتعلت بسببها أنماط متباينة من الاحتجاج في عواصم إسلامية وعربية عديدة، وقادت، للأسف الشديد، إلى واقعة الهجوم الدموي على مقر الصحيفة في باريس، في 2015.

سيمكن القول إن “تشارلي إبدو” مجلة ساخرة، وإن السخرية أحد فنون العمل الصحفي المُهمة، وأن هذا الفن يقبل سجية عمل تعتمد المبالغة والهزل الشديد أحيانًا، لكن تلك الحجة لا يمكن أن تصمد أمام ميراث هائل من المعايير والأكواد التي تحتم على العمل الصحفي، بشتى فنونه، أن ينتظم وفق قواعد محددة، تحترم حقوق الإنسان، وتتوخى الحرص في الحفاظ على مشاعر الضحايا وذويهم والجمهور عمومًا.

تدخلات ملغومة:

ولا تقتصر أخطاء المنظومة الإعلامية الغربية في مقاربتها للشؤون العربية والإسلامية على التجاوزات الحادة في ملف حقوق الإنسان وأخلاقيات العمل المهني، لكنها تتجاوز ذلك إلى صلب مفهوم الصحافة ومعاييرها الصارمة والخاصة بمسألة الدقة.

وفي هذا السياق، تحفل الممارسات الإعلامية الغربية بالعديد من المخالفات المهنية الزاعقة والمؤثرة، ففي 4 فبراير 2011، كانت مصر تغلي على فوهة بركان انتفاضة 25 يناير، وفيما كانت كل الاحتمالات واردة وكل السيناريوهات مطروحة، نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية المرموقة تقريرًا سيحظى باهتمام عالمي وتأثير واضح، وسيسهم لاحقًا بقدر في مآلات الأحداث، التي قادت إلى إطاحة الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك”، بعد هذا التاريخ بأيام، ومن ثم تغيير وجه الحياة في البلاد.

أما التقرير الذي كان له تأثير قنبلة صاعقة، فقد تحدث عن أن ثروة مبارك وعائلته خارج البلاد تناهز 70 مليار دولار أمريكي، وهو رقم كان له إيقاع السحر على هؤلاء المحتجين، الذين خرجوا في عموم البلاد مطالبين أولًا بإصلاحات، ثم ما لبثوا أن ضاعفوا طلباتهم لتكون إطاحة النظام برمته.

وعندما نقرأ تقرير “الجارديان” المشار إليه فلن نجد أي إثبات على أن مبارك امتلك تلك الثروة، وسنتمكن فقط من رصد معالجة خاطئة أو مضللة لقصة صحفية متهافتة تعتمد على إفادتين من كاتب وأستاذ علوم سياسية، من دون أي قدر من الجدارة أو الاستحقاق يمكن أن يساعدهما على تقدير ثروة مبارك المزعومة.

لقد جرت تحقيقات كثيرة في ملف ثروة مبارك وعائلته وأركان نظامه، وصدرت أحكام بالإدانة رافقتها تقديرات لحجم الأموال المختلسة أو المهربة أو المهدرة، لكن أحدًا لم يثبت، بأي وجه من الوجوه، صحة هذا الرقم البالغ 70 مليارًا أو يقترب منه من قريب أو بعيد.

ورغم أن “الجارديان” نفسها نقضت الخبر لاحقًا، وتحدث مسؤولون بها عن معالجة صحفية خاطئة لمعلومات غير مؤكدة، فإن أحدًا لم يبحث بروية عن السبب الذي جعل المجال الإعلامي الغربي ينتج مثل هذه الممارسة الصارخة.

الحس العنصري:

لا يقدم الإعلام العربي تجربة مهنية كافية في مجال الالتزام بالقواعد المهنية والأداء الصحفي الجيد والمعياري، وتتورط وسائل الإعلام العربية على اختلاف مسمياتها في الانحيازات الإعلامية الحادة والصادمة، وربما تسوغ هذا التورط لاحقًا باعتبارات بنيوية تحكم السياسة والإعلام في منطقتنا، أو حتى تراجعه وتعتذر عنه، لكنها لم تسعَ أبدًا إلى: تقديم دروس في الإعلام، وضبطه، وتنظيمه، وضمان وفائه بالمعايير للآخرين، كما يفعل الغربيون.

وفي مواكبته للأزمة الأوكرانية التي تتفاعل راهنًا، سقط معظم الإعلام الغربي في مستنقع التحيز، بحيث يمكن القول إنه: “لم يترك خطيئة إعلامية شخصتها الأكاديميات وعينتها الأدلة الإرشادية من دون أن يرتكبها بإصرار وشغف”.

لقد كانت المشاهد التي تجسد معاناة النازحين الأوكرانيين جرَّاء الحرب الروسية- الأوكرانية صادمة بكل تأكيد، وهو أمر قد يسوغ التعاطف مع هؤلاء الضحايا حتى في التغطيات الإعلامية التي تتوخى الموضوعية، لكن ما حدث في هذا الصدد كان صادمًا؛ إذ ترافق هذا التعاطف مع نزعة عنصرية ممجوجة طالت العرب تحديدًا.

فقد رصدت بعض مراكز البحث المرموقة، ووسائل الإعلام الغربية الكبرى، هيمنة الحس العنصري على قطاع مُعتبر من تغطيات الأزمة الأوكرانية، التي يمكن تلخيص مقاربتها في هذا الشأن في عبارة ترددت كثيرًا بصياغات مختلفة وبدلالة واحدة مَفادها: “كيف يحدث ذلك لمواطنين أوروبيين بيض البشرة ويمتلكون سيارات، وليسوا من مواطني الشرق الأوسط أو أصحاب البشرة السمراء؟”.

وضمن هذه المقاربة الصادمة والخطرة في آنٍ، سنجد تنميطًا مُغرضًا يتلاعب بالصفات؛ فيستخدم في الحالة الأوكرانية وصف “مقاتل من أجل الحرية”، بدلًا من التنميط الشرق أوسطي السائد… أي “الإرهابي”.

وستظهر تغطيات كاملة تحرض على العنف ضد الروس (عسكريين، ومدنيين)، أو تسوغ مشاركة المدنيين في أعمال القتال، وتسميها “بطولة”، أو تؤطر فكرة أن “أوروبا أكثر تحضرًا من أن تشهد حربًا”، متناسية ما جرى خلال الحربين العالميتين، وما تبعهما من جولات الغزو والقصف لدول في القارة وخارجها من قبل قوى غربية.

انحيازات تاريخية:

لطالما تعرض الإعلام الغربي للنقد والهجوم على مدى عقود خلت؛ وقد حدث ذلك مبكرًا جدًا حين ظهر الانحياز السافر لمصلحة إسرائيل في صراعها مع العرب في المقاربات الإعلامية الغربية، وحين تم تحصين هذا الانحياز بقوانين وقواعد تحت لافتة كبيرة برَّاقة اسمها “معاداة السامية”.

ورغم ذلك النقد والهجوم، الذي استند في بعض الأحيان إلى ذرائع وجيهة وتمتع بأدلة دامغة، فإن هذا الإعلام الغربي لم يفقد الكثير من بريقه وتأثيره، بل ظل في مفاصل عديدة قادرًا على الإلهام، خصوصًا عند تحقيق الاختراقات الكبرى في كشف وقائع الفساد، وعند التصدي لنقد النظم الغربية وكشف ما قد تنطوي عليه من عوار.

وفضلًا عن ذلك، فقد تحولت الممارسات الإعلامية الرشيدة التي انطوى عليها الإعلام الغربي إلى أدلة ومعايير انتظمت في مساقات أكاديمية، وطورت ميراثًا كاملًا من القواعد ضمن ما عُرف بـ “التنظيم الذاتي”، وهو ميراث ظل منهلًا للتعلم والتطوير في مناطق مختلفة من العالم ومنها منطقتنا بطبيعة الحال.

لكن الإعلام الغربي تلقى عديد الضربات أخيرًا، وهي ضربات أثرت تأثيرًا واضحًا في مصداقيته وقدرته على الإقناع، وقد توزعت تلك الضربات على مساري الإعلام “التقليدي” و”الجديد”، حيث تورطت منابر إعلامية عديدة في المسار الأول في انحيازات حادة، وأظهرت ميولًا عنصرية في تغطية الحرب الروسية- الأوكرانية. ومن جانب آخر فإن وسائل “التواصل الاجتماعي” التي تُدار بواسطة شركات غربية كبرى، وتخضع لمتابعة قانونية من الحكومات والمؤسسات التشريعية في الغرب، تورطت بدورها في أخطاء لا تُحصى.

من بين تلك الأخطاء: ما يتعلق بشيوع المعلومات الزائفة والتضليل، وانتهاك الخصوصية، وإثارة الكراهية، فضلًا طبعًا عن الدور السلبي الخطير الذي لعبته في مواكبة أزمة جائحة “كورونا”، إلى حد أن تلقت اتهامات أممية بمساهمتها في مفاقمة مخاطر الجائحة وتعويق عمليات الوقاية.

وفي الشأن السياسي، بدا أن تلك المنظومة الآخذة في الاتساع والمتعاظمة في التأثير، تتأثر أيضًا بتوجهات سياسية؛ حيث لعبت أدوارًا ملتبسة ومشبوهة في عمليات سياسية رئيسة، وعشرات الانتخابات في دول عديدة، وصولًا إلى ما بات واضحًا من أنها اُستخدمت من أجل تعزيز فرص تيارات سياسية معينة على حساب تيارات منافسة.

لقد استدعت تلك التطورات مراجعة لافتة في الجسم (السياسي، والثقافي، والإعلامي الغربي)، وظهرت علامات على اعتراف بهذا العوار الذي ضرب المنظومة الإعلامية بمساريها الرئيسين، ورغم أن تلك المراجعة لم تثمر تغيرًا جوهريًّا في هذا الصدد، فإن الاعتراف بالخلل يبدو مهمًّا وضروريًّا، وربما يعزز الأمل في محاولات جادة لتجاوز هذا القصور.

وبسبب ذلك، تصاعدت أصوات بعض النقاد والإعلاميين في دول العالم الثالث، الذين يرون أن الموضوعية وعدم الانحياز في الممارسات الإعلامية مجرد خرافة، وهؤلاء يؤكدون أن وسائل الإعلام كلها منحازة بدرجة أو بأخرى، بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك حين يصرون على أن الانحياز قيمة مُستساغة، وربما “ضرورية”، في العمل الإعلامي، سواء كان في مبحث الرأي أو مجال الخبر.

والشاهد أن هذا التوجه غير سليم، ولا يخدم مصلحة الجمهور أو الحقيقة أو مهنة الإعلام، حتى لو وجد ذرائعه في أن الغرب الذي رفع لواء المهنية والموضوعية في العمل الإعلامي يمارس انحيازاته ويخرق قواعده لتحقيق مصالح سياسية أو مكاسب مالية؛ إذ يجب أن يظل الالتزام بالمعايير المهنية في العمل الإعلامي شرطًا ضروريًّا وفضيلة يجدر الحرص عليها في مختلف الأوقات وتحت أي ظروف.

احتكار معلوماتي:

لم يكن بوسع المعتمدين على الإعلام لمعرفة تطورات قضية عالمية خطيرة وحساسة مثل: الحرب الروسية- الأوكرانية، أن يستفيدوا من المنابر الإعلامية المتاحة في تكوين فكرة موضوعية عن تطورات هذا الحدث المهم.

فعلى مدى شهور طويلة باءت محاولات الكثيرين للولوج إلى موقع “سبوتنيك” الإخباري الروسي بالفشل، بينما لم يكن بوسعهم الاطلاع على موقع “روسيا اليوم” إلا بعدما تظهر لهم عبارة تقول: “موقعنا يتعرض لهجوم كبير… نرجو الانتظار لنحولك إلى الصفحة المطلوبة”.

صحيح أن معالجة الأزمة الأوكرانية في موقع “روسيا اليوم” منذ شنت موسكو حربها على أوكرانيا تُقدم إلى الجمهور تحت عنوان “العملية العسكرية الروسية لحماية دونباس”، وهو أمر يشير إلى درجة من درجات الانحياز، الذي يستخدم وصفًا غير دقيق، بغرض مساندة موقف موسكو في الحرب، لكن محاولات إسكات الصوت الروسي في هذه الأزمة تبدو واضحة للعيان ولا تحتاج جهدًا كبيرًا لإثباتها.

وفي نهاية العام الماضي، أعلن مجلس “الدوما” الروسي (البرلمان) أن محرك البحث “جوجل” حذف قناة المجلس على موقع الفيديوهات “يوتيوب، وفي محاولته لشجب هذا الإجراء، قال رئيس المجلس “فياتشيسلاف فولودين”: “إن هذا دليل آخر على انتهاكات واشنطن لحقوق المواطنين وحرياتهم… إنها محاولة لاحتكار المعلومات”.

منذ اندلعت تلك الأزمة الطاحنة التي يقاسي العالم آثارها العميقة والمؤلمة، لم تتوقف المحاولات من أطرافها عن استخدام وسائل الإعلام لتحقيق أهدافها، وفي جميع الأحوال لا يمكن ادعاء أن أحد هذه الأطراف تبني سياسة رشيدة خلال مواكبته الإعلامية للأزمة، أو وفر وسيلة مشروعة، أو غير مشروعة؛ لبث دعايته وإسكات صوت الطرف الآخر.

لكن الغرب الذي يخوض غمار تلك الأزمة متسلحًا بأدوات إعلامية واتصالية فائقة القدرة والتأثير، سيسخر كل طاقته لهزيمة روسيا في الإعلام، وبينما هو يمضي في إستراتيجيته تلك، سيطوي عالم وسائط “التواصل الاجتماعي” الرائجة تحت أجنحته، وسيوفر للوسائط “التقليدية” الفرص اللازمة لشن معركتها الدائمة ضد “الأنموذج الشمولي” للخصم الروسي، وسيستخدم أدواته القانونية والتنظيمية من أجل “تأميم المجال الاتصالي الدولي” لصالح روايته وقضيته في تلك الحرب وما وراءها من منازلة إستراتيجية ضد روسيا البوتينية.

فقدان الإلهام:

لطالما ظل الأنموذج الإعلامي الغربي مصدرًا للإلهام للكثيرين في بلادنا، سواء فيما يتعلق بقدر الحريات التي يتمتع بها، أو بتطوره المهني الاحترافي، أو بالآليات المتوازنة التي تحكم عمله؛ فتُبقي له قدرًا من الحرية والانفتاح كبيرًا، وترسي قواعد واضحة لتنظيمه، وتحفظ حقوق الآخرين من تعدياته في آنٍ واحد.

ومع ذلك، فإن المنظومة الإعلامية الغربية كثيرًا ما تورطت في مشكلات كبيرة، وارتكبت أخطاء صارخة، وأظهرت ميولًا مناوئة تمامًا لما استقرت عليه الأدبيات الغربية في التنظير للممارسة الإعلامية وتنظيم أدائها وتقويم انفلاتاتها.

وفي هذا الإطار تحديدًا برزت مشكلة الميول العنصرية، التي تعكس تأثرًا بهذه التوجهات التي تتزايد للأسف في بعض المجتمعات الغربية، وتشير إلى أن هذا التأثر استطاع للأسف النفاذ إلى عديد المعالجات الإعلامية في وسائل إعلام غربية مرموقة.

وفي هذا الصدد لا يمكن نسيان مشهد المصورة الصحفية المجرية “بيترا لازلو”، التي كانت تنقل وقائع إلقاء الشرطة القبض على بعض اللاجئين السوريين، الذين حاولوا دخول البلاد بطريقة غير مشروعة في عام 2015، وحين لاحظت أن لاجئًا سوريًّا ونجله الطفل استطاعا الفرار من أيدي رجال الشرطة، ما كان منها إلا أن قامت بعرقلته؛ ليسقط الرجل فوق طفله، ويتم إلقاء القبض عليه.

لقد بات المواطن العادي في منطقتنا على سبيل المثال، يعرف الكثير من الزلات والأخطاء الكبيرة التي وقع فيها إعلاميون غربيون وحملت إساءات عنصرية لبلداننا ومواطنينا، بل ويتداولها مع آخرين عبر وسائط “التواصل الاجتماعي” كدليل على تلك النزعة العنصرية المتجذرة لدى بعض الغربيين، والتي تظهر في وسائل إعلام لطالما تباهت بأدائها الاحترافي وخضوعها للمعايير واحتفائها بالقيم.

ترتكز معظم هذه المقاربات الإعلامية الغربية العنصرية على فكرة متكررة، مفادها: “أن هؤلاء الأوكرانيين يشبهوننا تمامًا، وهم ليسوا من الشرق الأوسط، ولم يأتوا إلينا من أفغانستان أو سوريا أو العراق، فكيف يحدث لهم ذلك؟”.

لقد تم تسليط الضوء على هذه النزعة العنصرية البغيضة المتزايدة من قبل وسائل إعلام أخرى أو نُقاد أو منظمات مجتمع مدني، كما اعتذر عدد من وسائل الإعلام التي تورط بعض العاملين فيها في هذا الخطل، لكن تلك الانتقادات والاعتذارات لم تكن كافية لمسح الإهانة أو التغاضي عن هذه المخالفات التي ترقى إلى حد الجرائم.

والشاهد أن مختلف وسائل الإعلام في العالم يمكن أن تقع في الأخطاء، وأننا لسنا في وضع يمكننا من إعطاء النصح والدروس للآخرين حين نتحدث عن معايير الإعلام وقيمه، لكن مع ذلك لا يبدو من المُستساغ أن تكون في موضع الإلهام ثم تتورط إلى هذا الحد في تلك المخالفات العنصرية والمهنية البغيضة.

على المنظومة الإعلامية الغربية أن تُخضع نفسها لمراجعة واجبة تتقصى من خلالها الأسباب التي قادتها إلى هذا الكم الكبير من المخالفات المهنية والأخلاقية التي تسندها اعتبارات أيديولوجية ونسق ثقافي متعالِ.

اظهر المزيد

ياسر عبدالعزيز

باحث في الشأن الإعلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى