2020العدد 184فكر وإعلام

الحالة الإعلامية العربية بين تعثر الإعلام التقليدي وانفلات الإعلام الافتراضي

ضغوط غير مسبوقة، ومشكلات لا مثيل لها، وتضييقات مهنية ومالية واجتماعية وتقنية لم تكن على بال أو خاطر الإعلام العربي. صحف ومواقع خبرية وقنوات إذاعية وتلفزيونية عربية تصارع من أجل البقاء، ولو كان البقاء على هامش “الترند” أو محسوبًا على “شاهد قبل الحذف” أو حتى مفتئتًا على “بوست” متداول هنا أو “تغريدة” قابعة على رأس الأكثر تغريدًا هناك. البعض يرى أنَّ شهادة وفاة الصحافة العربية المثقلة بأحوالها جاري تحريرها، البعض الآخر يمسك بتلابيب محاولات الإنقاذ الرسمية وقبلات الحياة الموسمية التي تضمن شهيقها وزفيرها لبعض الوقت، حتى الصحافة التي لحقت بركاب المنصات الرقمية باتت تعاني الأمرين تارة بسبب ما فرضه “كوفيد-19” من تضييق وتقييد، وأخرى تحت وطأة الزحف السريع والغزو العنيف للإعلام الافتراضي المتحلل من كل قاعدة أو قيمة أو ميثاق أو إيمان بمصلحة جماعية أو مراعاة لأمن قومي أو حفاظ على نسيج اجتماعي، إنَّه عصر الإعلام الفردي الافتراضي.

دور محوري افتراضيًا:

افتراضيًا، يلعب الإعلام دورًا محوريًا في أوقات الأزمات والكوارث. ومع أزمة كورونا وكارثتها الحياتية التي ألقت بظلالها على كل كبيرة وصغيرة، شاء القدر أن يحظى الإعلام بفرصة ذهبية للعودة إلى الحياة، فمازال هناك قدر من الإيمان بين القاعدة الشعبية بأنَّ الإعلام “التقليدي” هو الملجأ والملاذ في البحث عن معلومة ذات مصداقية أو معرفة بالخدمات المقدمة في حالات الطوارئ. لكن سرعان ما عاود الإعلام التقليدي فقدان الدور الذي استعاده أمام طوفان الإعلام الافتراضي حيث الإثارة والغرابة والخبر والخبر المضاد والخبر المفبرك والرأي والرأي الآخر والرأي الهدام والمؤامرة والمؤامرة المضادة ، وفيض لا ينضب من الإعلام الهائم في سموات مفتوحة بلا قواعد أو قيود أو غايات معلنة.

ما أعلنه صندوق الأمم المتحدة للسكان في الصيف الماضي هو أنَّ تعداد الدول العربية بلغ نحو (377) مليون نسمة، منهم نحو (129) مليون شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين (15 و34 )عامًا، الغالبية المطلقة من هذه الملايين العريضة لا تعتبر الإعلام التقليدي مصدرًا للأخبار ،ربما يسمعون خبرًا بالصدفة البحتة أثناء مرورهم في غرفة الجلوس حيث الأم تشاهد نشرة الأخبار، أو يتغلغل إلى آذانهم تحليل دون استئذان أثناء تواجدهم في وسيلة مواصلات أو مكان عام، لكن الإعلام التقليدي ليس هدفهم أو وسيلتهم أو منصتهم أو في مرمى اهتمامهم إلاَّ باستثناءات لا تكاد تُذكر.

مستقبل الأخبار:

الكتاب الصادر عن دار نشر جامعة” كامبريدج” 2017 م للمؤلفتين “لين كلارك” و”ريجينا مارتشي” تحت عنوان (الشباب ومستقبل الأخبار) يشير إلى أنَّ الشباب حول العالم ينظرون بشكلٍ متنامي ومتصاعد إلى الأخبار باعتبارها شيئًا يتم تشاركه عبر شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الافتراضي وليس منتجًا يتم إنتاجه وتوزيعه فقط عبر مؤسسات إخبارية مهنية. وشباب العالم العربي ليس استنثاءً، بمن في ذلك ملايين الشباب القابع حول خط الفقر وفي مخيمات اللاجئين وصفوف المتحاربين.

وبحسب ورقة صادرة عن تقارير التنمية البشرية العربية التي يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2019 م تحت عنوان (الشباب في المنطقة العربية) فإنَّ أعدادًا متزايدة من المواطنين العرب باتت متصلة بشبكة الإنترنت، ووصلت النسبة إلى نحو (49) في المئة من السكان2017 م. كما أنَّ أعدادًا متزايدة باتت متفاعلة وناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، والنسبة الأكبر منها شباب أعمارهم تقل عن (30) عامًا.

وإذا أضيف إلى ذلك الواقع المرجح لكفة الإعلام الافتراضي حقيقة مريرة تشير إلى أنَّ الجانب الأكبر من مؤسسات الإعلام العربي على اختلاف أنواعها وأنماط ملكياتها ظلت تعمل خلال العقد الماضي بأقل هامش يذكر من التخطيط الإستراتيجي والرؤى الاستشرافية لمستقبل بات واضح أنَّه رقمي باقتدار، وافتراضي بامتياز، تكون صورة الإعلام العربي قد وضحت وليتها لم تفعل.

الاستقطاب والانتقاء:

ما فعلته السياسة وتشتت المصالح وتناثر الأهواء انعكس استقطابًا وانتقاءً وانتفاءً للصالح العربي العام على المنصات الإعلامية على مدار العقد والنصف الماضيين. أحداث ما يسمى بـ”الربيع العربي” في عام 2011 م ،والعقد الذي تلاها أدت إلى استقطاب ديني وسياسي واجتماعي غير مسبوق على المنصات الإعلامية التقليدية، بما فيها الرسمية أو المحسوبة على الدول امتلاكًا أو انتماءً. مرارة الاستقطاب أدت إلى تصنيف الغالبية المطلقة من المنصات الإعلامية التقليدية كلًا بحسب ميل سياسي أو هوى ديني أو تبعية مالية أو كل ماسبق. تلونت الأخبار بالميول، وتشكلت البرامج بالأهواء والغايات، حتى الأعمال الدرامية سقط الكثير منها في هوة تشكيل وتوجيه الرأي العام لغايات بعينها ولترجيح كفة جماعة دون غيرها.

مرارة تسييس التفاصيل وتديين الأخبار واستقطاب العقول تجرعها الجميع بدرجات متفاوتة وبأشكال بعضها مباشر لدرجة الفجاجة والبعض الآخر ملتو لدرجة الشياكة. أستاذة الإعلام في الجامعة الأمريكية في القاهرة تشير في ورقة لها عنوانها  ” أنَّ الربيع العربي كان له تأثير قوي فى طبيعة الأخبار في المنطقة العربية”، إذ أثرت الأوضاع السياسية والأزمات الاقتصادية قبل أحداث 2011 م على الإعلام ككل، وبدلًا من تمكين المواطنين بالمعلومات، كانت وسائل الإعلام تسيطر عليها القوى السياسية والاقتصادية التي تركت المواطنين عالقين، ومن هنا كان للتغيرات السياسية التي أحدثتها أحداث 2011 م تأثير مهم فى أنظمة الإعلام العربية ــ لاسيما التي شهدت ثورات وتحديات سياسية واقتصادية واجتماعية”. وترى الأستاذة : “أنَّ التغيرات السياسية التي هزَّت المنطقة العربية غيَّرت العادات الاستهلاكية الإعلامية للمواطنين العرب بشكلٍ عام، وفي مجال الأخبار بشكلٍ خاص تقول: “مثلًا أصبح المصريون أكثر انخراطًا في الأخبار، لكن أدت المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام إلى التركيز على القصص السلبية التي تكون أحيانًا مهمة، لكن الإفراط في التغطية وتكرار الأخبار السلبية أثر سلبًا على أنماط المتابعة، وأصبح معظم وسائل الإعلام يصب التركيز على الأحداث المثيرة؛ لأنها النوعية التي تثير فضول القارئ، وكلما زادت الإثارة زادت نسبة المشاهدة وزاد إقبال المعلن على القناة أو الصحيفة. لكن في نهاية الأمر يصاب المشاهد بعسر المتابعة ويصاب الإعلام بارتباكٍ شديدٍ”.

عُسر المتابعة والارتباك:

وإذا أضيف إلى (عسر المتابعة) و(ارتباك الإعلام) مكون الإعلام الافتراضي الذي نما وتشعَّب وتوَغَّل وتغوَّل يكون وضع الإعلام عربيًا بالغ الصعوبة. الأثير الافتراضي العربي صار متخمًا في السنوات القليلة الماضية بكم مذهل من التغريد والتدوين والصور والفيديو التي تتحدث عن “الحقيقة”، لكنَّها حقيقة فردية تختلف باختلاف المدون والمغرد والمصور، وهي ألوان قد تكون سياسية أو دينية أو اجتماعية، أو ألوان ناجمة عن جهل بأثر ما يفعل من تلوين للحقيقة.

تلوين الحقيقة مهنة للبعض، ويمكن القول أنَّ الجماعات الإرهابية وتلك ذات الأيديولوجيات المتطرفة والمتشددة متخصصة في تلوين الحقائق وتطويع المعلومات في الإعلام الافتراضي حتى تستقطب المتابعين وتجند المقاتلين وتصنع لنفسها قاعدة شعبية ولو افتراضية تستعين بها في حروب الجيل الرابع. لكن يظل تلوين الحقائق هواية وملكة وربما أيضًا هوى يتبعه كثيرون على أثير الإعلام الافتراضي.

الأبواب المفتوحة دون حساب:

وحين فتح الإعلام الافتراضي أبوابه على مصاريعها أمام الجميع لم يتصور أحد أن تتحول أداة دمقرطة المعلومات ووسيلة تمكين الجميع من مصادر الثقافة ومناهل العلم إلى  معاول منفلتة تمامًا من ألفها إلى يائها. المسألة لا تتعلق بكبت الحريات أو قمع التعبير عن الرأي أو سلب الإنسان حقه في الحصول على المعلومة، لكنَّها تتعلق بتحول الملايين إلى صُنَّاع لحقيقة قد تكون صادقة أو نصف صادقة أو غير صادقة على الإطلاق، لذلك فإنَّ الحديث عن “ثقافة استخدام الإعلام الافتراضي” أو “قواعد التدوين والتصوير في المنصات الإعلامية” أو “أخلاقيات النشر والمشاركة” حاليًا تبدو عديمة الفائدة، وذلك بعد ما أُطلقت يد الجميع على الأثير الافتراضي.

التمكين الافتراضي:

الخطأ الأكبر كان التركيز على التمكين الافتراضي ـــ كان هو الغايةــ ولم يكن الوسيلة للتثقيف أو التحسين أو التعليم أو توسيع المدارك. كانت الغاية هي حصول كل مواطن على “وصلة إنترنت”!

وصلة الإنترنت جعلت من الأخبار الكاذبة سمة، ومن المفبركة صناعة، ومن الصور المركبة فنًا، ومن الأثير العنكبوتي مرتعًا لكل من هب ودب، دون قاعدة أو قيمة أو ضبطًا أو ربطًا وزاد من طين المرتع المفتوح على مصراعيه بلّتان: الأولى: لعنة الـ”شير” ــ المشاركةــ وإعادة التغريد، والثانية: لجوء العديد من المنصات الإعلامية التقليدية للإعلام الافتراضي كمصدر للمعلومة أو معين للإثارة أو موضوع للنقاش، وهو ما يعكس إفلاسًا وانهيارًا في القلب والقالب.

وإذا كان عذر معيدي التغريد ومشاركي التدوين والصور من “إنستجرام” و”سناب تشات” وغيرهما هو عدم التخصص في أصول البحث عن الحقيقة والتيقن مما يقال والتأكد من المصداقية، فإنَّ وسائل الإعلام التقليدي لا حجة لها أو مبرر. الغالبية المطلقة من وسائل الإعلام التقليدي من صحف ومواقع خبرية وقنوات تليفزيونية وإذاعية باتت تفتئت على محتوى الإعلام الافتراضي. أعتى وأكبر وأعرق هذه الوسائل الإعلامية يخصص صفحات وساعات لاستعراض ما يرد على أثير الإعلام الافتراضي، وبالطبع ما أحلى العرض “الأمين” حيث العهدة على الراوي ومسؤولية الكذب أو الفبركة أو إشعال الفتنة أو الترويج لأكاذيب أو الاستقطاب أو تمويه الحقائق لا تقع على ناقل التغريدة أو التدوينة أو الصورة، لكنَّها تقع على صاحبها، ألا وهو المدون أو المغرد أو صحاب صفحة “الإنستجرام أو السناب تشات أو التيك توك”.

ناقل الكذب كاذب:

باتت منصات الإعلام التقليدي تتبع مبدأ “ناقل الكفر ليس بكافر”، لكن حين يتحول “نقل الكفر” إلى نشر للكذب والتمويه والاستقطاب والفبركة فإنَّه يصبح نقلًا له وتأكيدًا عليه ومشاركة فيه.

ما يجري في الإعلام الافتراضي من فوضى معلوماتية عارمة وعشوائية فكرية ضاربة مصحوبًا بما يموج به الإعلام التقليدي من أزمات وجودية بدأت بضياع البوصلة، ومرت بتأجيل مستمر للتحديث والمواكبة ومعه علاقة مميتة بالأنظمة السياسية، ووصلت حاليًا إلى مرحلة يمكن وصفها بالإفلاس أو شبهه أمور جعلت الإعلام العربي في حيص بيص.

إفلاس العديد من المنصات التقليدية الفكري أو المادي أو كليهما، مع الاعتماد على الإعلام الافتراضي المنفلت بطبيعته مصدرًا للإثراء والإنعاش ساهم في تعميق الاستقطاب وتجذير التسييس وتسهيل الدق على أوتار الجميع بين مؤيد ومعارض ولا مبال. أمَّا الحقيقة فتظل هي الضحية المجهولة التي يتحدث الجميع باسمها ولا يلق أحد بالًا لها.

روشتات الإنقاذ:

الصورة المتشائمة تقول: “أنَّه قد مضى عصر كتابة روشتات الإنقاذ”، وقد ساهمت أوضاع “كوفيد-19” الصعبة في صعوبة الموقف، فالحديث حاليًا عن تدريب الصحافيين للتعامل مع الصحافة باعتبارها صناعة شاملة تبدأ بالخبر وتمر بنقله بأمانة وجودة لا تخلوان من جاذبية بالصوت والصورة والكلمة والتحليل أمر أقرب  ما يكون إلى الحلم. وفي الوقت نفسه، فإنَّ المقاومة المستميتة والتمسك بتلابيب الصحيفة الورقية دون أذرع افتراضية، أو القناة التليفزيونية التي لا تُمكّن المشاهد من اختيار ما يشاهد في الوقت المناسب له، ولن تقوى على الصمود طويلًا في وجه الطوفان الافتراضي                   والتعويل على مساندة الدولة؛ لإبقاء الصحافة التقليدية على أجهزة التنفس الصناعي ربما يكون ممكنًا اليوم، لكن ماذا عن الغد؟ ــ لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية المريعة التي فرضها الوباء في موجته الأولى ويلوح بما هو أفظع منها في هبته الثانية!

حتى وصفة تحول الصحافة التقليدية إلى الموضوعات المعمقة بديلًا عن الأخبار التي يتم تداولها افتراضيًّا وقت حدوثها صارت صعبة في زمن صعب. فالاستثمار في كوادر صحافية مدربة وتتمتع بقواعد وقيم مهنية وأخلاقية معتبرة هذه الآونة يحتاج إلى إيمان عميق بقيمة الإعلام الرصين صاحب الرسالة السامية، وهو الإيمان الشحيح  في هذه الأوقات الصعبة.

اللحاق بالرقمنة:

خبراء التحول الإعلامي الرقمي حين يتحدثون عن إنقاذ الإعلام التقليدي واللحاق بالرقمنة لا يقصدون أن يكون للصحيفة موقعًا إلكترونيًا أو للقناة التلفزيونية صفحة على “فايسبوك” أو أن تبث المحطة الإذاعية على “يوتيوب”، لكن القصد هو تحول تقنيات ومحتوى وغايات الإعلام التقليدي؛ لينتهج منهج الرقمنة الفكري والتقني. هي تقنية مصحوبة بثقافة مختلفة وإدارة واعية باحتياجات المتلقي والإمكانات الرقمية والتطورات السريعة الحادثة في هذا المجال، مع نفض غبار الإنكار والاعتراف بأنَّ متلقي الأمس لم يعد هو متلقي اليوم، وأنَّ شعارات “الأمن القومي” و”مصلحة الوطن” و”مؤامرات الخارج” و”أجندات الأعداء” لم تعد تروع الكثيرين ــ طالما ليست مصحوبة بقرائن وبراهين.

الإنكار والتظاهر :

استمرار الإنكار والتظاهر بأنَّ “كله تمام” وأنَّ ما يقدم على منصات الإعلام التقليدي (وجزء معتبر منه منقول من الافتراضي دون تدقيق) يعني كذلك تجاهل قاعدة عريضة قوامها ملايين الشباب وجيل الوسط العربي. هذه الملايين لجأت إلى مواقع التواصل الاجتماعي في أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة بحثًا عن التعبير والتواصل والحرية الفكرية. اليوم يبدو نمط استخدام هؤلاء للإعلام الافتراضي مختلفًا، فوقت أحداث ما يسمى بـ”الربيع العربي” كانت اليد العليا لـ “فايسبوك” و”تويتر”، وهما المنصتان اللتان استوعبتا واحتضنتا كمًا هائلًا من النقد الشديد للأنظمة السياسية. اليوم انتقلت موازين القوة الشبابية في الإعلام الافتراضي إلى منصات أخرى أكثر سرّية مثل “واتس آب” و”تلغرام” و”فايبر” وأخرى تعتمد على الصورة مثل “سناب تشات” و”تيك توك” و”إنستجرام”.

الإعلام في العالم كله يمر بأزمات تتراوح بين الطارئة بفعل “كوفيد-19” وقيودها وبين الكارثة المروعة ــ وأغلب الظن أنَّ إعلام العالم العربي يقع تحت بند التصنيف الأخير ولكن بدرجات متفاوتة، حيث لحق البعض بركب الإعلام الافتراضي قبل البعض الآخر.

فرص ضائعة:

وتظل المسألة عربيًا أبعد من مجرد لحاق بالعالم الافتراضي. لقد فوتنا فرصة التثقيف الإعلامي سواء التقليدي أو الافتراضي، وضيعنا مهلة تعليم النشئ أسس التعامل مع المنصات الافتراضية، وأغرقنا في غياهب نظريات المؤامرة والأجندات الوهمية حتى إذا جاءت الأخطار الحقيقية لم تجد إلا آذانًا غير صاغية وقلوبًا غير مصدقة.

من جهةٍ أخرى، فقد صنع الإعلام الافتراضي من “المؤثرين” و”المؤثرات” نجومًا ونجمات بغض النظر عن محتوى ما يقدمونه سلبًا أو إيجابًا، وبات لهم تأثير كالسحر على الملايين، وهو تأثير يفوق في حجمه ما تصنعه سنوات التعليم المتحجر، ويزيد فى وقعه ساعات وصفحات البث والنشر التقليدي، وأصبح العالم العربي مصابًا مرتين، مرة في إعلامه التقليدي الذي ينازع للبقاء على قيد الحياة، والافتراضي الذي يرتع دون ضابط أو رابط. أمَّا النتائج، فتبقى في علم الغيب أو فقه الأثير أو شرع القوى العظمى التي تملك وتدير “فايسبوك” و”تويتر” و”إنستجرام” وأخواتها.

اظهر المزيد

أمينة خيري

كاتبة صحفية في جريدة الحياة الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى